زكاة مال الإجارة المنتهي بالتمليك.
19 محرم 1438
د. عبدالله بن منصور الغفيلي

بسم الله الرحمن الرحيم

قبل بيان الحكم نعرف بالإيجار المنتهي بالتمليك.
وفيه فرعان:
الفرع الأول: التعريف الإفرادي:
أولا: تعريف الإجارة:
تعريف الإجارة لغة بأنها: مصدر أجر يأجر إجارة، وآجر يؤجر إيجاراً، وهي مشتقة من الأجر وهو الجزاء على العمل، ويطلق على ثواب العمل، قال ابن فارس: "الهمزة والجيم والراء أصلان يمكن الجمع بينهما بالمعنى، فالأول: الكراء على العمل، والثاني: جبر العظم الكسير-إلى قوله-: فهذان أصلان، والمعنى الجامع بينهما أن أجرة العامل كأنها شئ يجبر به حاله فيما لحقه من كد فيما عمله". أ.هـ.(1) .
تعريف الإجارة اصطلاحا: عرفت بتعريفات كثيرة لعل من أجمعها تعريفها بأنها: عقد على منفعة مباحة معلومة من عين معينة أو موصوفة في الذمة مدة معلومة أو عمل معلوم بعوض معلوم(2).

ويتبين من التعريف أن الإجارة قسمان:
1-إجارة أعيان.
2-إجارة أعمال.

ثانيا: تعريف التمليك:
أولاً: تعريف التمليك لغة: بأنه مصدر ملك يملك تمليكا، والتمليك جعل الغير مالكا للشيء، قال ابن فارس: "الميم واللام والكاف أصل صحيح يدل على قوة في الشيء وصحة"(3).

ثانيا: عرف التمليك اصطلاحاً كما عرف لغة بأنه: جعل الغير مالكاً للشيء، والمقصود هنا تمليك الغير عينا بعوض معلوم(4).

 الفرع الثاني: تعريف الإجارة المنتهية بالتمليك باعتباره مركباً:
يعد عقد الإجارة المنتهية بالتمليك عقدا حديثا(5)، فلم يعرّف في كتب الفقهاء المتقدمين وإنما عرّفه المعاصرون بعدة تعريفات منها:
تعريفه بأنه: تمليك المنفعة ثم تمليك العين نفسها في آخر المدة(6).
ويؤخذ عليه الإجمال في بيان حقيقة العقد، فأوضح منه أن يعرف عقد الإجارة المنتهية بالتمليك بأنه: عقد على إيجار عين معلومة، تدفع أجرتها على أقساط في مدة معينة، يتبعها تمليك للعين نفسها بمقتضى العقد الأول، أو بعقد جديد مقابل عوض معلوم أو بدون عوض(7).
ويتبين من التعريف أن للإجارة المنتهية بالتمليك صورا منها:
1-عقد إجارة مقرونة بهبة السلعة للمستأجر في نهاية المدة، فيتملك المستأجر السلعة بلا ثمن، ويكتفي بأقساط الإجارة المتقدمة.
2-عقد إجارة مقرونة ببيع السلعة للمستأجر في نهاية المدة، فيتملك المستأجر السلعة بثمن يقابل الملكية.
3-عقد إجارة مقرونة بوعد من المؤجر للمستأجر ببيع أو هبة السلعة له في نهاية المدة، فيخير المستأجر عند انتهاء الإجارة في تملك السلعة بعقد جديد، أو عدم تملكها(8).

 زكاة مال الإجارة المنتهية بالتمليك
  اختلف فقهاء العصر في حكم الإجارة المنتهية بالتمليك وذلك بناء على اختلاف صورها مع اختلافهم فيما بني عليه من مسائل(9)، إلا أني لا أرى ذلك مؤثراً في بيان حكم زكاة المال المؤجر؛ لأن المؤجر مالك للعين المؤجرة، سواء قلنا بصحة العقد أو فساده؛ لذا فإن حكم زكاة العين المؤجرة إيجاراً منتهياً بالتمليك يتخرج على حكم زكاة المستغلات، وقد تقدم بيانها وترجيح عدم وجوب زكاتها، وإنما تجب الزكاة فيما غل منها بعد حولان الحول على الغلة(10)، ولم تجب الزكاة في كامل القيمة وإنما وجبت في الأجرة؛ لكون العين المؤجرة لم تعد للتقليب بالبيع والشراء، وإنما للاستغلال، مما يحول دون تحقق وصف العروض التجارية فيها(11) .
فيجب على مالك العين المؤجرة وهو المؤجر زكاة أقساط الأجرة التي يستلمها إذا حال عليها الحول بعد قبضها، فإن شق ضبط حول كل قسط لها فيمكنه تحديد وقت معين يزكي فيه ما اجتمع  له من مال زكوي من تلك الأقساط.  
-----------------
(1) معجم مقاييس اللغة 1/62، وانظر لسان العرب4/10.
(2) وهو تعريف البهوتي من الحنابلة في كتابه الروض المربع2/249 وهو من أجمع التعاريف لاشتماله على نوعي الإجارة المذكورين.
(3)معجم مقاييس اللغة 5/ 351، .     
(4)ينظر معجم المصطلحات الاقتصادية ص 126.    
(5) نشأ عقد الإجارة المنتهية بالتمليك في انجلترا عام 1846م، في بيع الآلات الموسيقية حيث يحق للمستأجر تملك العين المستأجرة عند سداد القسط الأخير، ثم تطور العقد فانتقل من الأفراد إلى المصانع والمؤسسات فكانت مؤسسات سكك الحديد تشتري المركبات ثم تؤجرها إيجارا منتهيا بالتمليك إلا أن انتقال السلعة يكون بعقد جديد ومقابل ثمن إضافي، ثم تطور العقد وتعددت صوره وانتقل للبلاد العربية و الإسلامية أواخر القرن الهجري الماضي. انظر الإجارة المنتهية بالتمليك في ضوء الفقه الإسلامي ص49.
(6)مجلة مجمع الفقه الإسلامي، العدد الخامس4/2612.     
(7) ينظر: التأجير المنتهي بالتمليك للدكتور سلمان الدخيل ص19، الإجارة المنتهية بالتمليك في ضوء الفقه الإسلامي ص48     
(8)ينظر التأجير المنتهي بالتمليك ص105.
(9)وقد صدر قرار مجمع الفقه الإسلامي في ذلك برقم110، في دورته الثانية عشر، وكان مما جاء في القرار مايلي:
 أولاً: ضابط الصور  الجائزة والممنوعة ما يلي:
أ-ضابط المنع: أن يرد عقدان مختلفان، في وقت واحد، على عين واحدة، في زمن واحد.
ب-ضابط الجواز:
1-وجود عقدين منفصلين يستقل كل منهما عن الآخر، زماناً بحيث يكون إبرام عقد البيع بعد عقد الإجارة، أو وجود وعد بالتمليك في نهاية مدة الإجارة، والخيار يوازي الوعد في الأحكام.
2-أن تكون الإجارة فعلية وليست ساترة للبيع.
3-أن يكون ضمان العين المؤجرة على المالك لا على المستأجر وبذلك يتحمل المؤجر ما يلحق العين من ضرر غير ناشئ من تعد المستأجر أو تفريطه، ولا يلزم المستأجر بشيء إذا فاتت المنفعة.
4-إذا اشتمل العقد على تأمين  العين المؤجرة فيجب أن يكون التأمين تعاونياً إسلامياً لا تجارياً ويتحمله المالك المؤجر وليس المستأجر.
5-يجب أن تطبق على عقد الإجارة المنتهية بالتمليك أحكام الإجارة طوال مدة الإجارة وأحكام البيع عند تملك العين.
6-تكون نفقات الصيانة غير التشغيلية على المؤجر لا على المستأجر طوال مدة الإجارة .أهـ، مجلة مجمع الفقه الإسلامي العدد12، ج1/695.
(0 ) يراجع كتاب نوازل في الزكاة للباحث نفسه.
(11) يراجع كتاب نوازل في الزكاة للباحث نفسه.