أحكام المسن في الصيام 1/ 2
22 رمضان 1436
منى عبد الرحمن الحمودي

الصوم فرضه الله تعالى على هذه الأمة كما فرضه على من قبلها من الأمم، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة:183].

 

فالله تعالى شرع لعباده صيام شهر رمضان، وجعله أحد أركان الإسلام، فكان لزاماً على كل مسلم أن يتعلم من أحكامه ما يكون به على بينة من الأمر.

 

وأوجب مسائل العلم ما احتاج المسلم إليه من إقامة دينه وأحكام عبودية ربه وفرائضه عليه.

 

والمُسِنُّون مكلَّفون بما أمر الله به من أحكام، ولكن المسنين تتفاوت قدراتهم الجسدية والعقلية بوجه عام، فحكم صومهم يختلف بحسب هذا التفاوت.

 

لذا سوف أتعرض لموضوع أحكام صيام المسن من خلال خمس مسائل:
1-    صيام المسن.
2-    تغير حال المسن.
3-    الصيام عن المسن.
4-    المسن إذا نذر أن يصوم.
5-    إذا قبّل المسن وهو صائم.

 

المسألة الأولى: صيام المسن.

وذلك من خلال أربعة أوجه:
الوجه الأول: المسن الذي لا يخشى الهلاك أو الأذى الشديد.
الوجه الثاني: المسن الذي يخشى الهلاك أو الأذى الشديد.
الوجه الثالث: المشاق التي تلحق بالمسن وكيفية قضاء الصيام بالنسبة له.
الوجه الرابع: حكم صيام من رخص له الفطر في رمضان.

 

الوجه الأول: المسن الذي لا يخشى الهلاك أو الأذى الشديد.

المسن هو: من جاوز سن الخمسين مع اختلاف في ظهور علامات الشيخوخة من مسن لآخر بحسب اختلاف العوامل الاقتصادية، والاجتماعية، والصحية، والوراثية(1).
فالمكلف الذي بلغ من العمر خمسين سنة ويتمتع بكامل قدراته الجسدية والعقلية فإن صيام شهر رمضان واجب عليه، لقدرته على أداء الصوم استناداً إلى الأدلة في وجوب الصيام على المسلمين، من الكتاب، والسنة والإجماع.

 

الوجه الثاني: المسن الذي يخشى الهلاك أو الأذى الشديد.

اتفق الفقهاء على جواز الفطر للشيخ المسن إذا لم يقدر على الصيام، بل قد يجب الفطر إن خاف على نفسه بصومه هلاكاً، أو أذىً شديداً.
وقال النووي: "الشيخ الكبير الذي يجهده الصوم أي يلحقه به مشقة والمريض الذي لا يرجى برؤه لا صوم عليهما بلا خلاف"(2).

 

الأدلة على إباحة الفطر لكبير السن في رمضان:
من الكتاب:
1 – قال تعالى: {لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} [البقرة:286].
2 – قال تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78].
3 – قال تعالى: {يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة:185].

 

وجه الاستدلال من هذه الآيات أن الشيخ الكبير، والعجوز إذا كان الصوم يجهدهما، ويشق عليهما مشقة شديدة فلهما أن يفطرا، لأجل رفع الحرج عنهما، فلا يجب عليهما الصيام لأنهما عاجزان عنه، فلا يكلفان به.
وقد سبق الكلام على اتفاق العلماء على إباحة الفطر لكبار السن في رمضان.
قال ابن هبيرة: "وأجمعوا على أن الشيخ والشيخة إذا عجزا وضعفا عن الصوم، وكانا فانيين، أفطرا"(3).

 

وإذا ثبت هذا باتفاق العلماء فإنه لا بد من التعرض لمسألتين هامتين هما:
1-    بيان ضابط المشقة المبيحة للفطر.
2-    هل يستفيد المرافق للمسن من الرخصة بالفطر؟

 

المسألة الأولى: ضابط المشقة المبيحة للفطر بعامة.

قسم العلماء المشاق بصفة عامة إلى قسمين:
القسم الأول:
مشقة لا تنفك العبادة عنها كمشقة الوضوء والغسل، وكمشقة إقامة الصلاة في الحر والبرد ولا سيما صلاة الفجر، وكمشقة الصوم في شدة الحر وطول النهار، وكمشقة الحج التي لا انفكاك عنها غالباً، وكمشقة الاجتهاد في طلب العلم والرحلة فيه؛ وكذلك المشقة في رجم الزناة وإقامة الحدود على الجناة، ولا سيما في حق الآباء والأمهات والبنين والبنات، فإن في ذلك مشقة عظيمة على مقيم هذه العقوبات لما يجده من الرقة والرحمة بها للسراق والزناة والجناة من الأجانب والأقارب والبنين والبنات(4).

 

القسم الثاني:
مشقة تنفك عنها العبادات غالباً وهي أنواع:
النوع الأول:
مشقة عظيمة فادحة كمشقة الخوف على النفوس والأطراف ومنافع الأطراف، فهذه مشقة موجبة للتخفيف والترخيص، لأن حفظ المهج والأطراف لإقامة مصالح الدارين أولى من تعريضها للفوات في عبادة أو عبادات ثم تفوت أمثالها.

 

النوع الثاني:
مشقة خفيفة كأدنى وجع في إصبع أو أدنى صداع أو سوء مزاج خفيف، فهذا لا لفتة إليه ولا تعريج عليه؛ لأن تحصيل مصالح العبادة أولى من دفع مثل هذه المشقة التي لا يؤبه لها.

 

النوع الثالث:
مشاق واقعة بين هاتين المشقتين مختلفة في الخفة والشدة فما دنا منها من المشقة العليا أوجب التخفيف، وما دنا منها من المشقة الدنيا لم يوجب التخفيف، كالحمى الخفيفة ووجع الضرس اليسير وما وقع بين هاتين المشقتين مختلف فيه، منهم من يلحقه بالعليا، ومنهم من يلحقه بالدنيا. فكلما قارب العليا كان أولى بالتخفيف، وكلما قارب الدنيا كان أولى بعدم التخفيف(5).

 

وبعد عرض أقسام المشاق وأنواعها، وبيان ما تنفك عنه العبادة وما لا تنفك عنه، وما يوجب التخفيف وما لا يوجب، وإذا كان للمسلم الاستفادة من ذلك الرخص – سواء كان مسناً أو غير مسن – فإن للمسلم المسن الأخذ بالرخص من باب أولى، إذا كان الصوم يدخل تحت أحد أنواع المشاق التي توجب التخفيف، فلا يعتبر مجرد الصوم موجباً للتخفيف وإنما لا بد للمسن في هذه الحالة أن يستند إلى تجربة من نفسه بأنه إذا صام لحقه الأذى والضرر، وأن يرجع إلى طبيب مسلم ثقة ليقرر إمكانية الصوم للمسن من عدمها، وذلك بعد دراسة حالة المسن الصحية، والنفسية.

 

المسألة الثانية: حكم صيام المرافق للمسن المشرف على الهلاك.

ينطبق على المرافق للمسن ما ينطبق على غيره من عامة المسلمين من حيث أنواع المشاق ومدى انفكاكها عن العبادة أو عدمه، وقد رخص العلماء لمن يرعى مريضاً أو مشرفاً على الهلاك في الفطر إذا لحقته مشقة فادحة(6)، ودليل ذلك قوله تعالى: {لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} [البقرة:286]، وقوله تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج:78].

 

الوجه الثالث: المشاق التي تلحق بالمسن العاجز عن الصوم صومه، حسب وضعه الصحي وحسب المشقة التي تلحق به.

ولهذه المشقة حالتان:
الحالة الأولى: مشقة غير ملازمة له.
وذلك بأن يشق عليه الصوم في الصيف ويقضي في الشتاء أو العكس، فله أن يفطر في شهر رمضان إذا كان في فصل لا يناسبه صحياً، ويقضيه في الفصل الآخر. قال الحطاب الرعيني: "المراد بالهرِم: الشيخ الكبير الذي لا يقدر على الصوم بوجه من الوجوه، وأما الذي يقدر عليه في زمن دون زمن فيؤخر للزمن الذي يقدر فيه على الصوم"(7).

 

وجاء في التاج والإكليل: "إن كان مع الشيخ الكبير من القوة ما لا يشق معه الصوم أو كان في زمن لا يشق ذلك عليه لزمه أن يصوم، وإن كان في شدة حر ولو كان في غيره لقوي على الصوم أفطر وقضى إذا صار إلى غير ذلك الوقت"(8).

 

فالإسلام دين التيسير ورفع الحرج، فكل ما يشق على المسلم ويكلفه ما لا يطيق فالإسلام يخففه عنه.
قال تعالى: {لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} [البقرة:286].
وقال تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج:78].

 

الحالة الثانية: مشقة ملازمة له:
إذا كانت المشقة ملازمة له بحيث لا يستطيع الصيام أبداً، وبالتالي لا يستطيع المسن قضاء ما أفطره في رمضان. ففي هذه الحالة يتحول إلى الفدية بدلاً عن الصوم وقد اختلف العلماء في وجوب الفدية عليه من عدم وجوبها، وللحديث عن الفدية لا بد من تعريفها، وبيان حكمها، ومن ثم مقدارها، ومصرفها.

 

تعريف الفدية:

الفدية لغة: وهي العوض(9)، أي ما يقدم من مال ونحوه لتخليص المفدي(10).
واصطلاحاً: "الفدية والفداء: البدل الذي يتخلص به المكلف عن مكروه توجه إليه"(11).
وقيل: "ما يقدم لله جزاءً لتقصير في عبادة"(12).

 

حكم الفدية:

تجب الفدية على المسن إذا أفطر لعجزه، وهو قول جمهور العلماء من الحنفية، والشافعية، والحنابلة.
قال الكاساني في وجوب الفدية: "يباح للشيخ الفاني أن يفطر في شهر رمضان لأنه عاجز عن الصوم وعليه الفدية عند عامة العلماء"(13).

 

وقال النووي: "الشيخ الهرم الذي لا يطيق الصوم، أو تلحقه به مشقة شديدة، لا صوم عليه، وفي وجوب الفدية عليه، قولان: أظهرهما: الوجوب"(14).

 

وقال ابن قدامة: "الشيخ الكبير والعجوز إذا كان يجهدهما الصوم ويشق عليهما مشقة شديدة فلهما أن يفطرا ويطعما لكل يوم مسكيناً"(15).

 

استدل الجمهور بما يلي:
استدل الجمهور على وجوب الفدية على المسن إذا أفطر لعجزه بما يلي:

الكتاب:

1 – قال تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة:184].
وجه الاستدلال: قول ابن عباس في تفسير الآية: نزلت رخصة للشيخ الكبير، والمرأة الكبيرة، أن يفطرا ويطعما عن كل يوم مسكيناً(16).

 

آثار الصحابة:

1 – أن أنس بعد ما كبر أطعم عاماً أو عامين كل يوم مسكيناً(17).
2 – عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: "من أدركه الكِبَر، فلم يستطع صيام رمضان، فعليه لكل يوم مد من قمح"(18).
وروي ذلك عن عمر بن الخطاب وعبد الله بن عمر أيضاً(19).
ولا شك أن ورود مثل تلك الآثار عن أمثال هؤلاء الصحابة رضي الله عنهم دليل على وجوب الفدية.

 

المعقول:

1 – أن المسن إذا أفطر لعجزه تجب عليه الفدية؛ لأن الصوم لما فاته مست الحاجة إلى الجابر وتعذر جبره بالصوم لعجزه عنه، فيجبر بالفدية، وتجعل الفدية بدلاً عن الصوم في هذه الحالة للضرورة كالقيمة في ضمان المتلفات(20).

 

2 – وتجب على المسن الفدية، وذلك لأن عذره ليس معرضاً للزوال، إنما هو عجز مستمر، فلا يصار إلى القضاء فوجبت الفدية(21).

 

مقدار الفدية:

مقدار الفدية التي يخرجها المسن إذا عجز عن الصيام لا تستند إلى دليل من الكتاب أو السنة لهذا قال الشوكاني عند حديثه عن الفدية: "وليس في المرفوع ما يدل على التقدير"(22). فلجأ الفقهاء عند تقدير الفدية إلى قياسها على صدقة الفطر.

 

وبالنظر في الكتب المعتمدة وجدت من الأدلة ما يلي:
1 – روى عبد الرزاق في مصنفه بسند صحيح عن ابن عباس أنه كان يقرؤها: "على الذين يطوقونه" ويقول: هو الشيخ الكبير الذي لا يستطيع الصيام، فيفطر ويطعم عن كل يوم مسكيناً، نصف صاع من حنطة(23).

 

2 0- فعل أنس رضي الله عنه في الفدية وهي الإطعام بالخبز واللحم استناداً إلى ما أخرجه البخاري تعليقاً بقوله: "وأما الشيخ الكبير إذا لم يطق الصيام فقد أطعم أنس بعد ما كبر عاماً أو عامين كل يوم مسكيناً خبزاً ولحماً وأفطر"(24).

 

3 – ما روي عن التابعين رضي الله عنهم كطاوس، وسعيد بن جبير، وسعيد بن المسيب، في الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يطيقان الصوم يفتديان مكان كل يوم إطعام مسكين مداً من حنطة(25).

 

وبعد عرض أقوال الفقهاء واختلافهم ومن ثم عرض قول ابن عباس وفعل أنس وأقوال التابعين في تقدير الفدية يترجح لي أن الفدية الواجبة على الشيخ المسن إذا عجز عن الصوم هي: أن يطعم عن كل يوم مسكيناً مما يغضيه ويعيشه بحسب عادات أهل البلد، أو نحو ذلك مما يطعم به أهل بيته جمعاً بين قول ابن عباس رضي الله عنه وبين فعل أنس رضي الله عنه حيث أطعم خبزاً ولحماً كما روى ذلك البخاري - رحمه الله -.

 

مصرف الزكاة:

يصرف المسن العاجز عن الصوم الفدية إلى الفقراء والمساكين دون بقية الأصناف الثمانية. وبهذا قال الحنفية(26)، والشافعية(27)، والحنابلة(28).

 

والدليل:
قوله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة:184].

 

وجه الاستدلال: أن الآية الكريمة قررت أن الفدية تصرف للمساكين، والفقير أسوأ حالاً منه، فإذا جاز صرفها إلى المسكين، يجوز صرفها للفقير أيضاً من باب أولى(29).

 

وللمسن صرف أمداد من الفدية إلى شخص واحد، بخلاف المقدار الواحد من الفدية فإنه لا يجوز صرفه إلى شخصين لأن كل مقدار فدية تامة لشخص واحد(30).
وإن لم يقدر المسن على الإطعام لعسرته يسقط عنه ويستغفر الله عز وجل.

 

قال ابن الهمام: "فإن لم يقدر على الإطعام لعسرته يستغفر الله ويستقيله"(31).
وقال النووي: "إذا أوجبنا الفدية على الشيخ والمريض الميئوس من برئه وكان معسراً هل يلزمه إذا أيسر أم يسقط عنه، فيه قولان... والأصح هنا أنها تسقط ولا يلزمه إذا أيسر كالفطر لأنه عاجز حال التكليف بالفدية(32).
وقال ابن قدامة: "والشيخ الهرم له ذمة صحيحة فإن كان عاجزاً من الإطعام أيضاً فلا شيء عليه"(33).

 

ويتفرع من مسألة إخراج الفدية عن الشيخ الكبير العاجز عن الصوم مسألة أخرى وهي: حكم إخراج الفدية عن الشيخ الكبير إذا سافر.

 

ذهب بعض العلماء إلى أن المسن العاجز عن الصوم إذا سافر فلا فدية عليه ولا قضاء عليه لعجزه عنه، ولو كان الشيخ الفاني مسافراً فمات لا يجب عليه الإيصاء بالفدية، لأنه يخالف غيره في التخفيف لا في التغليظ(34).

 

والصحيح أن المسن إذا سافر وهو لا يستطيع الصوم لعجزه فإن الفدية واجبة عليه ولا تسقط عنه. قال الشيخ ابن عثيمين في من أسقط الفدية عن المسن العاجز عن الصوم في السفر لعجزه عنه: "هذا التعليل عليل: لأن هذا الذي على هذه الحال لم يكن الصوم واجباً في حقه أصلاً، وإنما الواجب عليه الفدية، فالفدية لا فرق فيها بين السفر والحضر، وعلى هذا فإذا سافر من لا يرجى زوال عجزه فإنه كالمقيم يلزمه الفدية، فيطعم عن كل يوم مسكيناً، وهو القول الصحيح، والقول بأنه يسقط عنه الصوم قول ضعيف جداً"(35).

 

الوجه الرابع: حكم صيام من رخص له الفطر في رمضان.

يكره صيام من يلحقه مشقة شديدة في صيامه، وذلك لما يتضمنه من الإضرار بنفسه(36)، لقوله تعالى: {وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ} [النساء:29]، ولقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم"(37).

 

وإن صام من أبيح له الفطر في رمضان أجزأه صومه وليس عليه قضاء إلى هذا ذهب جمهور الفقهاء(38).

 

ودليل ذلك قوله تعالى: {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة:184].

 

وجه الاستدلال: أن الآية تحمل على المجاز وأن فيه محذوفاً تقديره "فأفطر" فيكون فرض المريض أو المسافر عدة من أيام أخر إذا أفطر(39).

 

ويعضد رأي الجمهور حديث أنس رضي الله عنه قال: "سافرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يعب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم"(40).

 

وجه الاستدلال: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه لم يعب بعضهم بعضاً في الصوم والإفطار في السفر؛ فدلَّ ذلك على جواز كلا الأمرين.

 

______________________

(1)    انظر: اضطرابات الشيخوخة وعلاجها للدكتور عبد الرحمن عيسوي ص32، نافذة على حياة المسنين للدكتور فادي غندور ص18، الشيخوخة ومراكز العناية بالمسنين للدكتور راشد محمد أبا الخيل ص37، من مواليد ووفيات وغنى وفقر.
(2)    المجموع 6/257، وانظر: روضة الطالبين للنووي 2/48، ومغني المحتاج للشربيني 1/440.
(3)    الإفصاح 3/137، وانظر: مراتب الإجماع لابن حزم ص 40.
(4)    انظر: الأشباه والنظائر لابن نجيم 82، وقواعد الأحكام للعز بن عبد السلام 2/9-10، والأشباه والنظائر للسيوطي 80.
(5)    انظر: الأشباه والنظائر لابن نجيم ص82، وقواعد الأحكام للعز بن عبد السلام 2/9-10، والأشباه والنظائر للسيوطي ص81.
(6)    انظر: حاشية ابن عابدين 3/360، وروضة الطالبين للنووي 2/250، ومغني المحتاج للشربيني 1/441، الإقناع للحجاوي 1/491.
(7)    مواهب الجليل 3/328، وانظر: حاشية ابن عابدين 3/365.
(8)    لأبي يوسق المواق 3/328.
(9)    المصباح المنير للفيومي ص465.
(10)    انظر: المعجم الوسيط لإبراهيم مصطفى وآخرين 2/678.
(11)    التعريفات للجرجاني ص172.
(12)    المعجم الوسيط لإبراهيم مصطفى وآخرين 2/678.
(13)    بدائع الصنائع 2/97، وانظر: المبسوط للسرخسي 3/99، والمختار لأبي الفضل مجد الدين الموصلي 1350، وشرح فتح القدير لابن الهمام 2/361.
(14)    روضة الطالبين 2/248، وانظر: المجموع للنووي 6/258، ومغني المحتاج للشربيني 1/440.
(15)    المغني 3/82، وانظر: الإنصاف للمرداوي 7/264، الإقناع للحجاوي 1/490، وكشاف القناع للبهوتي 2/309.
(16)    أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب التفسير، باب "... أياماً معدودات فمن كان منكم مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين" برقم (4505)، وانظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 2/193.
(17)    أخرجه عبد الرزاق في مصنفه، كتاب الصيام، باب الشيخ الكبير، الأثر رقم 7570، وأخرجه البخاري في صحيحه معلقاً، كتاب التفسير، باب: "أياماً معدودات فمن كان منكم مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر..." رقم الباب 25.
(18)    أخرجه البيهقي في السنن الكبرى كتاب الصيام، باب الشيخ الكبير لا يطيق الصوم ويقدر على الكفارة يفطر ويفتدي 4/271.
(19)    انظر: الحاوي للماوردي 3/466.
(20)    انظر: بدائع الصنائع للكاساني 2/97، الحاوي للماوردي 3/466، والمغني لابن قدامة 3/82.
(21)    انظر: حاشية ابن عابدين 3/365.
(22)    نيل الأوطار 4/260.
(23)    أخرجه عبد الرزاق في مصنفه كتاب الصيام، باب الشيخ الكبير، رقم الأثر (7574).
(24)    أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب التفسير، باب أياماً معدودات فمن كان منكم مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر... (رقم الباب 25).
(25)    أخرج هذه الآثار عبد الرزاق في مصنفه، كتاب الصيام، باب الشيخ الكبير الأرقام (7581، 7583، 7585).
(26)    انظر: حاشية ابن عابدين 2/119.
(27)    انظر: مغني المحتاج للشربيني 1/442.
(28)    انظر: شرح منتهى الإرادات للبهوتي 1/477.
(29)    انظر: مغني المحتاج للشربيني 1/442.
(30)    انظر: مغني المحتاج للشربيني 1/442، وشرح منتهى الإرادات للبهوتي 1/477.
(31)    شرح فتح القدير 2/262.
(32)    المجموع 6/259، بتصرف.
(33)    المغني 3/82.
(34)    انظر: شرح فتح القدير لابن الهمام 2/362، كشاف القناع للبهوتي 2/310.
(35)    الشرح الممتع على زاد المستقنع للشيخ محمد بن صالح العثيمين 6/357.
(36)    انظر: الشرح الكبير لشمس الدين ابن قدامة 7/267-268.
(37)    سبق تخريجه.
(38)    انظر: المبسوط للسرخسي 3/91، بداية المجتهد لابن رشد 5/164، المجموع للنووي 6/258، الإقناع للحجاوي 1/490-491، وخالف ابن حزم الجمهور في أن المريض إن صام لا يجزيه صومه، وإن فرضه هو أيام أخر، ودليلهم ظاهر قوله تعالى: {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة:184]ـ انظر: المحلى 6/253.
(39)    انظر: بداية المجتهد لابن رشد 5/164، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي 1/192.
(40)    أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الصيام، باب لم يعب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بعضهم بعضاً في الصوم والإفطار، الحديث رقم (1947)، ومسلم في صحيحه، كتاب الصيام، باب جواز الصوم والفطر في شهر رمضان للمسافر من غير معصية إن كان سفره مرحلتين فأكثر، وأن الأفضل من أطاقه بلا ضرر أن يصوم، ولمن يشق عليه أن يفطر، الحديث رقم (1113).