الجلوس للعزاء
20 ربيع الثاني 1435
أ.د. خالد المشيقح

هذا اختلف فيه العلماء رحمهم الله في الزمن السابق:
الرأي الأول: لا يشرع الجلوس للعزاء ذهب إليه بعض العلماء وممن ذهب إليه من المتأخرين الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله، قال النووي رحمه الله المصاب يتلقى في المسجد وفي الطرقات وفي الأسواق ..إلخ ويعزى.
واستدلوا على ذلك:
بحديث جرير بن عبد الله قال: ((كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصُنعة الطعام من النياحة)) وهذا أخرجه الإمام أحمد في مسنده .
الرأي الثاني: أن هذا جائز لا بأس به يعني كون أهل الميت يجتمعون في مكان ويقصدونهم الناس للتعزية، قال الخلال رحمه الله: سهَّل الإمام أحمد رحمه الله في الجلوس للعزاء وممن أخذ بهذا من المتأخرين الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله.
واستدلوا على ذلك:
ما ثبت في صحيح البخاري حديث عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: ((لما جاء قَتل زيد بن حارثة وجعفر وعبدالله بن رواحة جلس النبي صلى الله عليه وسلم يُعرف فيه الحزن فأتاه رجل فقال يا رسول الله إن نساء جعفر وذكر بكاءهن فأمره أن ينهاهن عن البكاء وأن يأمرهن بالصبر فذهب الرجل)) .
قالوا هذا يدل على الجلوس من موضعين:
الموضع الأول: قول عائشة رضي الله عنها "جلس النبي صلى الله عليه وسلم" وكونه أن هذا الرجل جاء إليه يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم جلس في مكان يقصده الناس فيه والحزن فيه بسبب موت سرية مؤتة.
الموضع الثاني: أنه ذكر أن نساء جعفر فنهاهن النبي صلى الله عليه وسلم عن البكاء فقط وأما الجلوس فلم ينهاهن عن الجلوس ولم يأمرهن بالتفرق.
وعلى هذا يظهر أن هذا جائز ولا بأس به إن شاء الله لكن يُحْذر من المحاذير الشرعية مثلاً بعض الناس يبالغون في الجلوس بكثرة الأطعمة أو بفتح الأنوار أو نحو ذلك، فيجعل الجلوس خاص بالمصابين وإن كان هناك طعام فيكون خاص بالمصاب ومن قدم من مكان بعيد، مع أنه ينبغي لمن قدم من مكان بعيد للتعزية أن لا يجلس وإنما يكون الجلوس خاص بالمصابين.
وأما وضع الكراسي وإحضار المقرئين وإلقاء المواعظ ونحو ذلك فهذا كله من المآتم البدعية التي لم يكن عليها سلف هذه الأمة من الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.