أعمال الحاج بعد النفر من منى 2/3
24 ذو القعدة 1434
د. ياسين بن ناصر الخطيب

الفصل الثالث: ركعتا طواف الوداع.

وفيه مقدمة، واثنان وعشرون مطلباً.

يقتضينا الكلام عن ركعتي الطواف الكلام عن مشروعيتهما، وعن حكمهما، وعن وقتهما، وعن مكان فعلهما، وماذا يقرأ فيهما، وهل يغني عنهما غيرهما، وموالاتهما للطواف، وعن فعلهما في الأوقات المنهي عن الصلاة فيها، وعمن لم يصلهما حتى وصل إلى أهل.. إلخ.

المطلب الأول: مشروعية ركعتي الطواف.

ركعتا الطواف مشروعة عند جميع الفقهاء(1)، ودليل مشروعيتهما فعله صلى الله عليه وسلم فقد روى مسلم(2) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه حجة النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "ثم نفذ إلى مقام إبراهيم عليه السلام فقرأ {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً} [البقرة: من الآية125]، فجعل المقام بينه وبين البيت، فكان أبي يقول (ولا أعلم ذكره إلا عن النبي صلى الله عليه وسلم) كان يقرأ في الركعتين {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص:1] و{قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون:1] ثم رجع إلى الركن فاستلمه" الحديث.

واتفق الفقهاء على أن السنة الموالاة بين الطواف وركعتي الطواف، بحيث تكونان بعد الطواف بلا فصل.

ودليلهم على ذلك هو فعله صلى الله عليه وسلم الذي رواه مسلم عن جابر رضي الله عنه المتقدم.

كما اتفق الفقهاء على أن من يصلي ركعتي الطواف ينبغي له أن يقرأ في الركعة الأولى، بعد الفاتحة، سورة الكافرون، ويقرأ في الركعة الثانية، بعد الفاتحة، سورة الإخلاص.

ودليلهم فِعْله صلى الله عليه وسلم وهو ما رواه مسلم عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه المتقدم، واتفق الفقهاء على أن من يصلي ركعتي الطواف، ينبغي له أن يصليهما خلف مقام إبراهيم عليه السلام لحديث جابر رضي الله عنه المتقدم، على خلاف في وجوب ذلك أو عدم وجوبه، وسيأتي كل هذا تباعاً.

المطلب الثاني: حكم ركعتي الطواف.

اختلف الفقهاء(3) في حكم ركعتي الطواف على ثلاثة أقوال، ثالثها التفصيل.

القول الأول: صلاة ركعتي الطواف سنة.

وبه قال المالكية، والشافعية، والحنابلة في الأصح من مذاهبهم.

القول الثاني: إنهما واجبتان.

وبه قال الحنفية.

القول الثالث: إن حكمهما تابع لحكم الطواف الذي قبلهما؛ فإن كانتا بعد طواف واجب، فهما واجبتان، وإن كانتا بعد طواف مسنون، فهما سنتان.

اختار هذا القول الأبهري، وابن رشد، وعليه اقتصر ابن بشير.

وقال ابن عساكر: والمشهور أن حكمهما حكم الطواف(4) اهـ.

وكل هؤلاء من المالكية.

الأدلة:

استدل القائلون بأن ركعتي الطواف سنة بما يلي:

1 – قوله صلى الله عليه وسلم: "خمس صلوات كتبهن الله عز وجل على العباد، فمن جاء بهن، لم يضيع منهن شيئاً كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة، ومن لم يأت بهن فليس له عند الله عهد، إن شاء عذبه، وإن شاء أدخله الجنة"(5).

وجه الدلالة: هو أن ركعتي الطواف ليستا من الخمس المكتوبة.

2 – ولما سأل الأعرابي النبي صلى الله عليه وسلم عن الفرائض، ذكر الصلوات الخمس، قال: فهل عليَّ غيرها؟ قال: "لا، إلا أن تطوع"(6).

3 – ولأنها صلاة لم تشرع لها جماعة، فلم تكن واجبة، كسائر النوافل(7).

واستدل أصحاب القول الثاني القائلون بوجوب ركعتي الطواف بما يلي:

1 – بقوله عز وجل: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً} [البقرة: من الآية125]، قال الكاساني(8): قيل في بعض وجوه التأويل: إن مقام إبراهيم ما ظهر عليه آثار قدميه الشريفين عليه السلام، وهو حجارة كان يقوم عليها حين نزوله وركوبه من الإبل، حين كان يأتي إلى زيارة هاجر وولده إسماعيل، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم باتخاذ ذلك الموضع مصلى، يصلي عنده صلاة الطواف مستقبلاً الكعبة.

2 – أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة، قام إلى الركن اليماني ليصلي، فقال له عمر رضي الله عنه: ألا اتخذت مقام إبراهيم مصلى؟ فأنزل الله تعالى: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً} [البقرة: من الآية125](9)، وملق الأمر لوجوب العمل.

3 – أن النبي (لما فرغ من الطواف، أتى المقام وصلى عنده ركعتين، وتلا قوله تعالى: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً} [البقرة: من الآية125](10).

4 – قال النبي صلى الله عليه وسلم: "وليصل الطائف لكل أسبوع ركعتين" والأمر للوجوب. اهـ(11).

5 – قالوا: لأنهما تابعتان للواجب فكانتا واجبتين، كالسعي(12).

ولم أجد لأصحاب القول الثالث دليلاً ولا تعليلاً، لكنني أستطيع أن أعلل لقولهم فأقول: إن ركعتي الطواف ما دامتا تابعتين للطواف، فلا بد أن يكون لهما حكم ما تبعتاه، وعلى هذا فإذا كان الطواف الذي قبلهما واجباً، كانتا واجبتين، وإن كان نفلاً كانتا نفلاً، على قاعدة (التابع تابع) قال السيوطي: يدخل في هذه العبارة قواعد: الأولى أنه لا يفرد بالحكم؛ لأنه إنما جعل تبعاً(13).

المناقشة:

لم أجد مناقشة لهذه الأدلى بالمعنى الصحيح للمناقشة، لكنني أستطيع أن أناقش أدلة أصحاب القول الثاني القائلين بوجوب ركعتي الطواف بالآتي:

إن الأدلة التي ذكرتموها تتعارض مع أدلة أصحاب القول الأول؛ حيث إن أحاديثهم تنفي أن يكون هناك صلوات مفروضات، أكثر من الصلوات الخمس المعلومة، وهي أحاديث صحيحة، وأدلتكم تثبت وجود مثل هذه الصلوات المفروضات، ولا يفيدنا كثيراً أنكم تقولون بالفرق بين الفرض والواجب وهم لا يقولون به؛ ذلك لأن الكل متفقون على أنه يأثم تاركه، لكن القول الذي نستطيع أن نجمع به بين الآراء المختلفة، وحتى لا تتصادم الأحاديث، نقول: إن الأحاديث التي تنفي الزيادة على الخمس صلوات، إنما تنفي أنها مفروضات، والأحاديث التي تثبت الزيادة، إنما تثبتها على أنه من السنن، وبذلك نجمع بين الأحاديث ولا تتصادم، والله أعلم.

هذا عن مناقشة الأحاديث، أما عن الدليل الذي قاسوا به ركعتي الطواف على السعي، فقد ناقشهم ابن قدامة فقال: إن السعي ما وجب لكونه تابعاً، ولا هو مشروع مع كل طواف، ولو طاف الحاج طوافاً كثيراً، لم يجب عليه إلا سعي واحد، فإذا أتى به مع طواف القدوم، لم يأت به بعد ذلك، بخلاف الركعتين، فإنهما يشرعان عقب كل طواف(14).

الترجيح:

بعد النظر في الأدلة ومناقشتها، أجدني أميل إلى الأخذ برأي أصحاب القول الأول القائلين بأن ركعتي الطواف سنّتان، وليستا واجبتين، والله أعلم.

المطلب الثالث: هل يجزئ عن ركعتي الطواف غيرهما؟

اختلف الفقهاء(15) في هذه المسألة على قولين:

القول الأول: لا يجزئ عنهما غيرهما، بل لا بد من الإتيان بهما، وهو قول الحنفية والمالكية.

وعن الزهري قيل له: إن الصلاة المكتوبة تجزئ من ركعتين على السبع؟ قال: ما طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعاً إلا صلى ركعتين، وصلاهما الحسن بعد المكتوبة.

القول الثاني: يجزئ عنهما أي صلاة صلاها بعد طوافه، وهو قول الشافعية والحنابلة.

وبه قال عبد الله بن عمر، وسالم ابنه، وابن أبي ليلى، والأوزاعي، وعطاء، وأبو الشعثاء، وطاوس، ومجاهد، وخَيَّر سعيد بن جبير بين ذلك(16).

الأدلة:

علل القائلون بأن الفريضة لا تنوب عن ركعتي الطواف، بما قال الطحاوي الحنفي في المختصر: لما كان ركعتا الطواف كصلاة النذر لم ينب عنه الفرض، كما (لا) ينوب عن النذر. اهـ.

أما السرخسي في المبسوط، فيرى أن الفريضة لا تنوب عن ركعتي الطواف، حتى لو قلنا إن ركعتي الطواف سنة؛ لأن الفرائض لا تنوب عن سنن الصلاة. اهـ.

وقاس القائلون بأن الفريضة بل النافلة تجزئ عن ركعتي الطواف، قاسوا ذلك على ركعتي سنة تحية المسجد، حيث يجزئ عنهما أي صلاة صلاها الداخل إلى المسجد.

الترجيح:

بعد النظر في أقوال الفقهاء الأربعة وتعليلاتهم، ثم النظر في الفقهاء من الصحابة والتابعين، الذين قالوا بجواز أن تنوب الفريضة عن ركعتي الطواف، وهم عبد الله بن عمر وابنه سالم ثم ستة بعدهم من كبار الفقهاء، أجدني أميل إلى رأي القائلين بجواز أن تقوم الفريضة عن ركعتي الطواف.

أما قول الزهري فليس في قوله أن ذلك لا يصح، وإنما هو ذكر فعل النبي صلى الله عليه وسلم ولا شك أنه الأفضل، واتباعه أولى.

وأما فعل الحسن البصري فهذا هو فعل من يريد الإكثار من الأجر، وهو الأفضل كما قلنا، وهو فعل النبي صلى الله عليه وسلم ولا شك في هذا، وكلامنا: هل تنوب الفريضة عن ركعتي الطواف؟ ولا يشك أحد أن الإنسان لو صلاهما وحدهما، فقد نال الأجر لهما كاملاً.

ثم إن المراد من الركعتين هو أن لا يخلو الطواف من صلاة بعده؛ ولذلك نص بعض الفقهاء على أن النافلة تجزئ؛ لأنها صلاة بعد الطواف، وهو الراجح أيضاً للعلة نفسها. والله أعلم.

المطلب الرابع: وقت صلاة ركعتي الطواف.

اتفق الفقهاء(17) على أن وقت صلاة ركعتي الطواف، بعد الانتهاء من الطواف، وتكاد تطبق عباراتهم على ذلك؛ فقد قال المرغيناني (ويصلي ركعتين بعد هذا الطواف) لأن ختم كل طواف بركعتين فرضاً كان الطواف، أو نفلاً. اهـ.

وقال مالك في المدونة: يطوف بالبيت سبوعاً، ويصلي ركعتين.

ونقل النووي: الإجماع على أن هاتين الركعتين بعد الطواف.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: فإذا قضى الطواف صلى ركعتين للطواف.

(قلت) وهذا التوافق بل الإجماع هو الصحيح. والله أعلم.

المطلب الخامس: الموالاة بين الطواف والركعتين.

ذكر الموالاة – كما بينا في المسألة السابقة – جميع الفقهاء؛ لأنهم نصوا على أن تكون ركعتا الطواف بعد الطواف، واستحبه الحنفية والحنابلة، لكن المالكية قالوا: إن انتقض وضوؤه قبل أن يصلي ركعتي الطواف، توضأ وأعاده قبل صلاتهما، فإن توضأ وصلاهما وسعى بعدهما أعاد الطواف والركعتين والسعي(18) اهـ.

فهذا يبين لك أن الموالاة واجبة عند المالكية، إلا أن من طاف بعد العصر فواجب عليه أن يؤخر الركعتين حتى تغرب الشمس(19).

أما الشافعية فإن لهم في المسألة قولين(20): قول بأن الموالاة سنة، وقول بالوجوب.

وجه الوجوب: فعل النبي صلى الله عليه وسلم وقوله "خذوا عني مناسككم" وهذا – أي وجوب الموالاة – عند الشافعية على القول بأن طواف الوداع واجب، وهو الصحيح عندهم، ومحل الخلاف – عند الشافعية – في التفريق الكثير بلا عذر،  - يعني فهذا يخل بالموالاة – فإن فرق يسيراً أو كثيراً بعذر لم يضر جزماً كالوضوء.

والكثير: هو ما يغلب على الظن تركه ترك الطواف، إما بالإضراب عنه، أو بظن أنه أتمه، ومن العذر إقامة المكتوبة، لا صلاة الجنازة والرواتب، بل يكره قطع الطواف الواجب لهما. اهـ.

الأدلة والترجيح:

لا شك أن دليل الفقهاء في هذه المسألة هو فعل النبي صلى الله عليه وسلم؛ حيث صلى ركعتي الطواف بعد انتهائه من طوافه، وهو حديث جابر الذي في مسلم وتقدم كثيراً، ولهذا فمن الفقهاء من جعل ذلك على سبيل الوجوب، ومنهم من جعله على سبيل الندب، وما دمنا رجحنا أن ركعتي الطواف غير واجبتين، فهذا معناه أن له تركهما، وهذا يبعد معه أن تكون الموالاة بين الطواف وركعتيه واجبة، وأيضاً فقد نص الحنفية والشافعية على أن هاتين الركعتين تصليان متى كان ولا تفوتان إلا بالموت(21)، وأيضاً فعل عمر رضي الله عنه حيث صلاهما بذي طوى بعد أن خرج من المسجد الحرام؛ لذا فالراجح أن الموالاة بين طواف الوداع وركعتيه سنة، والله أعلم.

المطلب السادس:

المطلب السادس: صلاة ركعتي الطواف في أوقات النهي:

اختلف الفقهاء(22) في هذه المسألة على ثلاثة أقوال:

القول الأول: لا يجوز صلاة ركعتي الطواف في وقت النهي، وهو قول الحنفية والمالكية.

وبه قال عمر بن الخطابن وأبو سعيد الخدري، وسعيد بن جبير، ومجاهد رضي الله عنه.

القول الثاني: يجوز فعل الركعتين في أوقات النهي.

وبه قال الشافعية والحنابلة، وحكاه ابن المنذر عن ابن عمرو، وابن عباس، والحسن، والحسين ابني علي، وابن الزبي، وطاووس، وعطاء، والقاسم بن محمد، وعروة، ومجاهد، وإسحاق، وأبي ثور.

القول الثالث: يجوز أداؤهما بعد العصر، ما لم تصفر الشمس، وبعد الفجر قبل طلوع الشمس، نقل هذا عن مجاهد، والنخعي، وعطاء، وبه قال الطحاوي.

الأدلة:

استدل أصحاب القول الأول المانعون من الصلاة في الأوقات المكروهة بحديث النبي صلى الله عليه وسلم، فعن ابن عباس رضي الله عنه قال: سمعت غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم منهم عمر بن الخطاب، وكان من أحبهم إليَّ "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس، وعن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس" رواه الترمذي(23) وحسنه، وهناك أحاديث كثيرة بهذا المعنى.

وكذلك حديث (أن عمر رضي الله عنه طاف بعد الصبح، ولم ير الشمس قد طلعت فركب، فلما أتى ذا طوى أناخ راحلته، وصلى ركعتين)(24).

واستدل أصحاب القول الثاني المجيزون صلاة ركعتي الطواف في الأوقات المنهي عن الصلاة فيها بحديث جبير بن مطعم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يا بني عبد مناف، لا تمنعوا أحداً طاف بهذا البيت، وصلى أية ساعة من ليل أو نهار".

رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح(25).

ولم أجد لأصحاب القول الثالث دليلاً.

مناقشة الأدلة:

هذه المسألة مبنية على مسألة أكبر من ركعتي الطواف وهي هل يصلى في الأوقات المكروهة الصلوات النوافل ذوات الأسباب؟ مثل تحية المسجد، وسنة الوضوء، وركعتي الطواف، وصلاة الكسوف، أم لا؟

الجواب: بحث شيخ الإسلام ابن تيمية هذه المسألة في الفتاوى بما لا مزيد عليه فذكر أن الحنفية والمالكية لا يجيزون الصلاة النافلة في هذه الأوقات المكروهة، وأجازها الشافعية، واختلف قول أحمد فيها، والمشهور عنه النهي، ثم رجح ابن تيمية رأي الشافعية فقال:

والرواية الثانية: جواز جميع ذوات الأسباب، وهي اختبار أبي الخطاب وهذا مذهب الشافعي، وهو الراجح في هذا الباب لوجوه:

منها أن تحية المسجد قد ثبت الأمر بها في الصحيحين، عن أبي قتادة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين، قبل أن يجلس"(26).

وعنه قال: (دخلت المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس بين ظهراني الناس، قال: فجلست، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما منعك أن تركع ركعتين قبل أن تجلس؟" فقلت: (يا رسول الله! رأيتك جالساً والناس جلوس) قال: "فإذا دخل أحدكم المسجد، فلا يجلس حتى يركع ركعتين"(27)، قال شيخ الإسلام معلقاً على هذا: فهذا فيه الأمر بركعتين قبل أن يجلس، والنهيُ أن يجلس حتى يركعهما، وهو عام في كل وقت عموماً محفوظاً لم يخص منه صورة بنص ولا إجماع، وحديث النهي قد علم أنه ليس بعام، بخلاف ذلك، فإن المقتضي لعمومه قائم لم يعلم أنه خرج منه شيء.

الوجه الثاني: ما أخرجا في الصحيحين(28) عن جابر قال: (جاء رجل، والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب الناس فقال: "صليت يا فلان؟" قال: لا، قال: "قم فاركع" وفي رواية "فصل ركعتين" ولمسلم قال: ثم قال: "إذا جاء أحدكم يوم الجمعة، والإمام يخطب، فليركع ركعتين، وليتجوز فيهما"(29)، وأحمد أخذ بهذا الحديث بلا خلاف عنه، هو وسائر فقهاء الحديث كالشافعي، وإسحق، وأبي ثور، وابن المنذر.

كما روي عن غير واحد من السلف مثل الحسن ومكحول وغيرها.

وكثير من العلماء لم يعرفوا هذا الحديث، فنهوا عن الصلاة وقت الخطبة؛ لأنه وقت نهي(30) وهو قول أبي حنيفة والليث ومالك والثوري.

وهو قياس من منع تحية المسجد وقت النهي، فإن الصلاة والخطيب على المنبر أشد نهياً، بل هو منهي عن كل ما يشغله عن الاستماع، وإذا قال لصاحبه أنصت، فقد لغا(31)، فإذا كان قد أمر بتحية المسجد في وقت الخطبة، فهو في سائر الأوقات أولى بالأمر.

وقد احتج بعض أصحابنا أنه إذا دخل المسجد في غير وقت النهي عن الصلاة، يسن له الركوع؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا دخل أحدكم المسجد والإمام يخطب، فلا يجلس حتى يركع ركعتين" وقالوا: تنقطع الصلاة بجلوس الإمام على المنبر، فلا يصلي أحد غير الداخل تحية المسجد ويوجز، وهذا تناقض بين، بل إذا كان النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالتحية في هذا الموضع – وهو وقت نهي عن الصلاة وغيرها، مما يشغل عن الاستماع – فأوقات النهي الباقية أولى بالجواز.

الوجه الثالث: أن يقال: قد ثبت استثناء بعض الصلوات من النهي كالعصر الحاضرة، وركعتي الفجر، والفائتة، والمعادة في المسجد.

فقد ثبت انقسام الصلاة أوقات النهي إلى: منهي عنه، ومشروع غير منهي عنه، فلا بد من الفرق بينهما، إذا كان الشرع لا يفرق بين المتماثلين، فيجعل هذا مأموراً، وهذا محظوراً، والفرق بينهما! إما أن يكون المأذون فيه له سبب، فالمصلي صلاة السبب صلاها لأجل السبب، لم يتطوع تطوعاً مطلقاً، ولو لم يصلها لفاتته مصلحة الصلاة، كما يفوته إذا دخل المسجد ما في صلاة التحية من الأجر، وكذلك يفوته ما في سجود التلاوة، وسائر ذوات الأسباب، وإما أن يكون الفرق شيئاً آخر.

فإن كان الأول حصل المقصود من الفرق بين ذوات الأسباب وغيرها.

وإن كان الثاني قيل لهم: فأنتم لا تعلمون الفرق، بل قد علمتم أنه نهي عن بعض، ورخص في بعض، ولا تعلمون الفرق، فلا يجوز لكم أن تتكلموا في سائر موارد النزاع لا بنهي ولا بإذن، لأنه يجوز أن يكون الفرق الذي فرق به الشارع في صورة النص، فأباح بعضاً وحرم بعضاً، متناولاً لموارد النزاع إما نهياً عنه وإما إذناً فيه، وأنتم لا تعلمون واحداً من النوعين، فلا يجوز لكم أن تنهوا إلا عما علمتم أنه نهي عنه، لانتفاء الوصف المبيح عنه، ولا تأذنوا إلا فيما علمتم أنه أذن فيه لشمول الوصف المبيح له، وأما التحليل والتحريم بغير أصل مفرق عن صاحب الشرع فلا يجوز.

ثم ذكر اعتراضاً وأجاب عليه، ومما قاله في الجواب عن الاعتراض:

وحاجة المسلمين العامة إلى تحية المسجد أعظم منها إلى ركعتي الطواف، فإنه يمكن تأخير ركعتي الطواف، بخلاف تحية المسجد، فإنها لا تمكن، ثم الرجل إذا دخل وقت نهي إن جلس ولم يصل، كان مخالفاً لأمر النبي صلى الله عليه وسلم، مفوتاً هذه الفرصة، إن لم يكن آثماً بالمعصية، وإن بقي قائماً، أو امتنع من دخول المسجد فهذا شرٌّ عظيم، ومن الناس من يصلي تحية المسجد في بيته، ثم يأتي إلى المسجد، فالذين يكرهون التحية منهم من يقف على باب المسجد حتى يقيم، فيدخل فيصلي معهم، ويحرم نفسه دخول بيت الله في ذلك الوقت الشريف، وذكرَ الله فيه، ومنهم من يدخل ويجلس، ولا يصلي، فيخالف الأمر، وهذا ونحوه مما يبين قطعاً أن المسلمين مأمورون بالتحية في كل وقت، وما زال المسلمون يدخلون المسجد طرفي النهار، ولو كانوا منهيين عن تحية المسجد حينئذ؛ لكان هذا مما يظهر نهي الرسول صلى الله عليه وسلم عنه، فكيف وهو قد أمرهم إذا دخل أحدهم المسجد والخطيب على المنبر، فلا يجلس حتى يصلي ركعتين، أليس في أمرهم بها في هذا الوقت تنبيهاً (تنبيه) على غيره من الأوقات؟

الوجه الرابع: ما قدمناه من أن النهي كان لسد ذريعة الشرك، وذوات الأسباب فيها مصلحة راجحة، والفاعل يفعلها لأجل السبب، لا يفعلها مطلقاً، فتمتنع فيه المشابهة اهـ. أي امتنعت مشابهة الكفار.

وقد ذكر شيخ الإسلام كلاماً كثيراً(32) يؤيد فيه رأيه، تركته خوف الإطالة.

الترجيح:

بعد بيان الأدلة، وهذه المناقشة من شيخ الإسلام، أرى أن الراجح هو ما قاله المجيزون لصلاة ركعتي الطواف في الأوقات المنهي عن الصلاة فيها، وأن من منع ذلك تمسك بالأحاديث التي تمنع من الصلاة في الأوقات المنهي عن الصلاة فيها، ولم يبلغهم أو لم يصح عندهم الأحاديث المجيزة، وهم معذورون، والله أعلم.

المطلب السابع: تأخير ركعتي الطواف.

ذكر الحنفية والشافعية أن ركعتي الطواف تصلى متى كان، وأنهما لا تفوتان إلا بالموت.

فقد قال ملا عي القاري: (ولا تختص) أي هذه الصلاة (بزمان ولا مكان) أي باعتبار الجواز والصحة، وإلا فباعتبار الفضيلة تختص بوقوعها عقب الطواف، إن لم يكن وقت كراهة، (ولا تفوت) أي إلا بأن يموت... ثم بين أنه لا يتصور تركها.

وقال المحلي الشافعي: لا تفوتان إلا بالموت.

وقال النووي في المجموع: ولا تفوت هذا الصلاة ما دام حياً(33).

(قلت) وهاتان الركعتان سنة، كما رجحنا، ومن هنا فلو تركهما متعمداً، أو ناسياً فلا شيء عليه، لكن يستحب له فعلهما متى قدر عليه؛ لأنهما لا وقت محدد لفعلهما، والله أعلم، وبعد أن انتهينا من الكلام عن وقت ركعتي الطواف وما يتعلق به، نتكلم عن مكانهما.

المطلب الثامن: مكان صلاة ركعتي الطواف (مقام إبراهيم عليه السلام).

اتفق الفقهاء على أن أفضل مكان لصلاة ركعتي الطواف هو مقام إبراهيم عليه السلام(34).

واستدلوا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم المتفق عليه(35) عن جابر بن عبد الله وغيره، في صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم.

ففي البخاري قال: حدثنا عمرو بن دينار قال: سألنا ابن عمر عن رجل طاف بالبيت للعمرة، ولم يطف بين الصفا والمروة، أيأتي امرأته؟ فقال: قدم النبي صلى الله عليه وسلم فطاف بالبيت سبعاً، وصلى خلف المقام ركعتين، وطاف بين الصفا والمروة، وقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة.

وفي مسلم عن جابر قال (حتى إذا أتينا البيت معه، استلم الركن، فرمل ثلاثاً، ومشي أربعاً، ثم نفذ إلى مقام إبراهيم، فجعل المقام بينه وبين البيت، فكان أبي يقول (ولا أعلمه ذكره إلا عن النبي صلى الله عليه وسلم (كان يقرأ في الركعتين: قل هو الله أحد، وقل يا أيها الكافرون) قال ابن حجر(36): وقع في روايتنا (واتخذوا) بكسر الخاء على الأمر، وهي إحدى القراءتين، والأخرى بالفتح على الخبر، والأمر دال على الوجوب، لكن انعقد الإجماع على جواز الصلاة إلى جميع جهات الكعبة، فدل على عدم التخصيص، وهذا بناء على أن المراد بمقام إبراهيم الحجر الذي فيه أثر قدميه، وهو موجود إلى الآن، وحدد القرطبي ما قاله ابن حجر، فقال: قوله تعالى: {واتخذوا} قرأ نافع وابن عامر بفتح الخاء، على جهة الخبر عمن اتخذه من متبعي إبراهيم، وهو معطوف على (جعلنا) أي جعلنا البيت مثابة، واتخَذُوه مصلى، وقيل هو معطوف على تقدير إذ، كأنه قال: وإذ جعلنا البيت مثابة وإذ اتخذوا.

فعلى الأول: الكلام جملة واحدة، وعلى الثاني: جملتان.

وقرأ جمهور القراء (واتخذوا) بكسر الخاء على جهة الأمر، قطعوه من الأول، وجعلوه معطوفاً جملة على جملة.

قال المهدوي: يجوز أن يكون معطوفاً على {اذكروا نعمتي} كأنه قال ذلك لليهود، أو على معنى إذ جعلنا البيت؛ لأن معناه اذكروا إذ جعلنا، أو على معنى قوله {مثابة} لأن معناه ثروبوا. اهـ.

(قلت) فيكون المعنى ثوبوا واتخذوا.

وقال القرطبي(37): قوله تعالى: {من مقام} المقام في اللغة: موضع القدمين، قال النحا: (مقام) من قام يقوم، يكون مصدراً واسماً لموضع، ومُقام من أقام، فأما قول زهير:

وفيهم مقامات حسان وجوههم *** وأندية ينتباها القول والفعل

فمعناه: فيهم أهل مقامات.

واختلف في تعيين المقام على أقوال. أصحها: أنه الحجر الذي تعرفه الناس اليوم، الذي يصلون عنده ركعتي طواف القدوم، وهذا قول جابر، وابن عباس، وقتادة، وغيرهم.

وفي البخاري: أنه الحجر الذي ارتفع عليه إبراهيم حين ضعف عن رفع الحجارة التي كان إسماعيل يناولها إياه في بناء البيت، وغرقت قدماه فيه.

قال أنس: رأيت في المقام أثر أصابعه، وعقبه وإخمص قدميه، غير أنه أذهبه مسح الناس بأيديهم.

وقال السدي: المقام: الحجر الذي وضعته زوجة إسماعيل تحت قدم إبراهيم عليه السلام حين غسلت رأسه.

وعن ابن عباس أيضاً ومجاهد، وعكرمة، وعطاء: الحج كله.

وعن عطاء: عرفة ومزدلفة والجمار.

وقال النخعي: الحرم كله مقام إبراهيم، وقاله مجاهد. اهـ.

وقوله (مصلى) قال الحسن وغيره: أي قبلة.

قال ابن حجر: وبه يتم الاستدلال.

وقال مجاهد: أي مدعى يدعى عنده، ولا يصح حمله على مكان الصلاة؛ لأنه لا يصلى فيه بل عنده، ويترجح قول الحسن بأنه جار على المعنى الشرعي.

واستدل المصنف – البخاري – على عدم التخصيص أيضاً بصلاته صلى الله عليه وسلم داخل الكعبة فلو تعين استقبال المقام لما صحت هناك؛ لأنه كان حينئذ غير مستقبله. اهـ.

وقال ابن عطية: واختلف في مقام إبراهيم، فقال ابن عباس وقتادة وغيرهما، وخرجه البخاري، إنه الحجر الذي ارتفع عليه إبراهيم، حين ضعف عن رفع الحجارة التي كان إسماعيل يناوله إياها في بناء البيت، وغرقت قدماه فيه.

وقال الربيع بن أنس: هو حجر ناولته امرأته إياه، فاغتسل عليه وهو راكب، جاءت به من شق، ثم من شق، فغرقت رجلاه فيه، حين اعتمد عليه.

وقال فريق من العلماء: المقام: المسجد الحرام.

وقال عطاء بن أبي رباح: المقام عرفة، والمزدلفة، والجمار.

وقال ابن عباس: مقامه مواقف الحج كلها.

وقال مجاهد مقامه: الحرم كله. اها.

ونقل ابن كثير اختلافاً عن الفقهاء في مقام إبراهيم عليه السلام وأنا أنقله باختصار، فقال:

وقد اختلف في مقام إبراهيم عليه السلام، فعن ابن عباس أنه الحرم كله، ومثله عن مجاهد وعطاء.

ونقل عطاء عن ابن عباس أن المقام: الحج كله، ثم فسره عطاء فقال: التعريف، والصلاتان بعرفة، والمشعر، ومنى، ورمي الجمار، والطواف بين الصفا والمروة.

وقال سعيد بن جبير: الحجر مقام إبراهيم عليه السلام نبي الله، قد جعله الله رحمة، فكان يقوم عليه، ويناوله إسماعيل الحجارة، ولو غسل رأسه كما يقولون لاختلف رجلاه.

وقال السدي: المقام الحجر الذي وضعته زوجة إسماعيل تحت قدم إبراهيم حتى غسلت رأسه، حكاه القرطبي وضعفه، ورجحه غيره. اهـ.

ولخص ابن العربي الموضوع فقال: فمن الناس من حمله على عمومه في مناسك الحج، والتقدير: واتخذوا من مناسك إبراهيم في الحج، عبادة وقدوة، والأكثر حمله على الخصوص في بعضها، واختلفوا فيه، فقال قوم: هو الحجر الذي جعل إبراهيم عليه رجله حين غسلت زوج إسماعيل عليه السلام رأسه.

وقد رأيت بمكة صندوقاً فيه حجر، عليه أثر انمحى واخلولق، فقالوا كلهم: هذا أثر قدم إبراهيم عليه السلام وهو موضوع بإزاء الكعبة.

وقال آخرون هو الموضع الذي دعا إبراهيم عليه السلام فيه ربه تعالى حين استودع ذريته.

فمن حمله على العموم، قال معناه – كما قدمنا – مصلىً، مدعى: أي موضعاً للدعاء ومن خصصه قال: موضعاً للصلاة المعهودة، وهو الصحيح، ثبت من كل طريق أن عمر رضي الله عنه قال: وافقت ربي في ثلاث: قلت يا رسول الله لو اتخذت من مقام إبراهيم مصلى فنزلت {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً} [البقرة: من الآية125].. الحديث فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم طوافه مشى إلى المقام المعروف اليوم، وقرأ: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً} [البقرة: من الآية125](38).

وبين بذلك أربعة أمور:

الأول: أن ذلك الموضع هو المكان المراد بالآية.

الثاني: أنه بين الصلاة، وأنها المتضمنة للركوع والسجود، لا مطلق الدعاء.

الثالث: أنه عرَّف وقت الصلاة فيه، وهو عقب الطواف، وغيره من الأوقات مأخوذ من دليل آخر.

الرابع: أنه أوضح أن ركعتي الطواف واجبتان، فمن تركهما فعليه دم. اهـ.

وذكر الجصاص الرازي هذه الأقوال ثم قال: والأظهؤ أن يكون – المقام الحجر الذي قام عليه إبراهيم عليه السلام – هو المراد؛ لأن الحرم لا يسمى على الإطلاق مقام إبراهيم وكذلك سائر المواضع التي تأوله غيرهم عليها مما ذكرنا، ثم قال: ويدل على أنه هو المراد ما روي عن أنس قال: قال عمر: قلت: يا رسول الله، لو اتخذت من مقام إبراهيم مصلى، فأنزل الله {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً} [البقرة: من الآية125] ثم صلى، فدل على أن مراد الله تعالى بذكر المقام هو الحجر، ويدل عليه أمره تعالى إيانا بفعل الصلاة، وليس للصلاة تعلق بالحرم، ولا سائر المواضع الذي تأوله عليه من ذكرنا قوله، ثم ذكر أن في المقام دلالة على توحيد الله عز وجل ومعجزة للنبي إبراهيم عليه السلام اهـ.

وقال الجصاص: وقد اختلف في المعنى المراد بقوله (مصلى) فقال فيه مجاهد مدعى، وجعله من الصلاة، إذ هي الدعاء لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ} [الأحزاب: من الآية56].

وقال الحسن أراد به قبلة.

وقال قتادة والسدي: أمروا أن يصلوا عنده، قال الرازي: وهذا هو الذي يقتضيه ظاهر اللفظ؛ لأن لفظ الصلاة إذا أطلق تعقل منه الصلاة المفعولة بركوع وسجود، ألا ترى أن مصلى المصر، هو الموضع الذي يصلى فيه صلاة العيد؟ وقال النبي صلى الله عليه وسلم لأسامة بن زيد: المصلى أمامك يعني به موضع الصلاة المفعولة، وقد دل عليه أيضاً فعل النبي صلى الله عليه وسلم بعد تلاوة الآية.

وأما قول من قال قبلة، فذلك يرجع إلى معنى الصلاة؛ لأنه إنما جعله المصلي بينه وبين البيت، فيكون قبلة له، وعلى أن الصلاة فيها الدعاء، فحمله على الصلاة أولى؛ لأنها تنتظم سائر المعاني التي تأولوا عليها الآية. اهـ.

وقال ابن عطية: (مصلى) موضع صلاة، هذا قول من قال: المقام الحجر، ومن قال بغيره قال، مصلى: مدعى على أصل الصلاة اهـ يعني أصلها اللغوي.

(قلت) فعلى قول الحسن ومن وافقه الذي صححه ابن حجر: فالمصلي إذا كان بعيداً عن مقام إبراهيم لم يحقق السنة، وفي هذا حرج على الحجاج والمعتمرين وغيرهم، خاصة بعد تزايد أعدادهم، حتى وصل العدد إلى أكثر من مليوني حاج، وأكثر من ذلك في العشر الأواخر من رمضان.

ولا نقول: ليس المراد من مقام إبراهيم عليه السلام (نفس المكان الصغير الذي خلف مقام إبراهيم عليه السلام)؛ لأن ذلك ثابت كما رأينا في فعل النبي صلى الله عليه وسلم وبما صححه ابن حجر عن الحسن البصري وغيره، ثم إن المعلوم أن إبراهيم عليه السلام لما وقف على الحجر يبني، لا بد أن يدور مع البناء، وعلى هذا: فمكان المقام لم يكن خاصاً بهذا المكان الصغير، لكنه واسع يسع ما كان محيطاً بالكعبة كلها، وأيضاً يمكننا أن نقول: لا شك أن المكان إذا ضاق عن مصلي ركعتي الطواف، فكل ما كان مقارباً للمكان يأخذ حكمه، ولو كان بعيداً، ما دام المصلون متصلين بالمقام، وعلى هذا فليس المراد بالمقام أن نقتصر في الصلاة على نفس البقعة لا نتعداها؛ لأن المكان الآن لا يتسع للحجاج ولا للمعتمرين، وإنما المراد كما قال ملا علي القاري في مناسكه(39): ويخلفه ما حوله، وسائر أماكن الفضيلة من الحرم؛ لأن فيه قولاً لبعض المفسرين: أن المراد بمقام إبراهيم عليه السلام الحرم جميعه... كما تشير إليه من التبعيضية في الآية الشريفة(40)، وكون الخلف أفضل لاختيار الحضرة المنيفة. اهـ. أي اختيار النبي صلى الله عليه وسلم.

وقال ابن حجر في التحفة(41): المراد بخلفه كل ما يصدق عليه عرفاً، لكنه قال: لو نقل عن محله الآن، فالوجه اعتبار محله الآن، فيصلي خلفه، لا خلف المحل المنقول إليه. اهـ.

وقال ملا علي في مناسكه أيضاً في مكان آخر(42): (والمراد بما خلف المقام) أي بالموضع الذي يسمى خلف المقام (قيل ما يصدق عليه ذلك) أي خلف المقام، أو المقام (عادة وعرفاً، مع القرب) وهذا القيل متعين، فإن من صلى آخر المسجد وراء المقام لا يدرك فضيلة خلف المقام باتفاق علماء الأنام، فإن العرف خصه بما هو مفروش بحجارة الرخام.

ويدل – مع فعل النبي صلى الله عليه وسلم – على أن الصلاة خلف المقام أن ابن عمر كان إذا أراد أن يصلي خلف المقام جعل بينه وبين المقام صفاً أو صفين، أو رجلاً أو رجلين(43)، وصرح الخرشي بأن المراد خلف البناء الذي على المقام، فإن المقام هو الحجر الذي قام عليه سيدنا إبراهيم عليه السلام(44).

الترجيح:

بعد أن رأينا هذه الأقوال الكثيرة، القريبة والبعيدة، أرى أن النبي صلى الله عليه وسلم بين لنا مقام إبراهيم عليه السلام أبين بيان وذلك بفعله وقوله، ففي حديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم (نفذ إلى مقام إبراهيم عليه السلام، فقرأ: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً} [البقرة: من الآية125](45)، فجعل المقام بينه وبين البيت) الحديث متفق عليه وتقدم كثيراً، فبهذا البيان لا نحتاج إلى قول آخر ليبين لنا مكان مقام إبراهيم عليه السلام، والله أعلم.

المطلب التاسع: هل يقاس على المقام غيره؟

بين شيخ الإسلام ابن تيمية(46) أن الله تعالى، يختص ما يختص من الأعيان والأفعال بأحكام تخصه، يمتنع معها قياس غيره عليه، إما لمعنى يخصه لا يوجد بغيره، على قول أكثر أهل العلم، وإما لمحض تخصيص المشيئة على قول بعضهم، كما خص الكعبة بأن يحج إليها، ويطاف بها، وكما خص عرفات بالوقوف بها، وكما خص منى برمي الجمرات بها، وكما خص الأشهر الحرم بتحريمها، وكما خص شهر رمضان بصيامه، وقيامه.

وكان قبله قال: وليس لأحد أن يشرع ما لم يشرعه الله، كما لو قال قائل: أنا أستحب أن أطوف بالصخرة – التي في القدس – سبعاً، كما يطاف بالكعبة، أو أستحب أن أتخذ من مقام موسى وعيسى مصلى، ونحو ذلك لم يكن له ذلك.

(قلت) وهذا هو الصحيح فصلاة ركعتي الطواف خلف المقام، اختص به المقام(47) فلا يقاس بالأماكن المفضلة شيء لم يرد به نص. والله أعلم.

المطلب العاس: هل الخلف في المقام مباشر أم لا؟

ذكر ذلك الحنفية وقالوا: المراد بما خلف المقام، ما يصدق عليه ذلك عادة وعرفاً، مع القرب، وعن ابن عمر رضي الله عنه (أنه كان إذا أراد أن يركع خلف المقام جعل بينه وبين المقام صفاً أو صفين، أو رجلاً أو رجلين) رواه عبد الرزاق، والمراد بالصف والصفين والرجل والرجلين أي مقدارهما(48).

(وأو) هنا للشك أو للتنويع المفيد للتخيير؟

(قلت) كل محتمل.

ثم يحتمل أن المراد قدر ما يقف رجل أو رجلان فيوافق ما قبله.

أو كان يتأخر عنهما بالفعل متحرياً مقامه صلى الله عليه وسلم إن صح مرفوعاً(49).

وعللوا ذلك فقالوا: ولعل وجه تأخره صلى الله عليه وسلم – على تقدير صحته – عن قرب المقام التنزه عن مشابهة عبدة الأصنام في تلك الأيام، أو كان وقت الزحام، وعدم التفات العوام لخير الأنام. اهـ.

(قلت) لكن حديث جابر رضي الله عنه يفيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يجعل بينه وبين البيت فاصلاً، ففي حديث جابر رضي الله عنه قال (حتى إذا أتينا البيت معه، استلم الركن، فرمل ثلاثاً، ومشى أربعاً، ثم نفذ إلى مقام إبراهيم عليه السلام، فقرأ {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً} فجعل المقام بينه وبين البيت(50) فهذا الحديث يبين أنه لم يكن هناك فاصل بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين المقام، لكن هناك حديث عن المطلب قال (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من سعيه، جاء حتى يحاذي الركن، بينه وبين السقيفة، فصلى ركعتيه في حاشية المطاف، وليس بينه وبين المطاف أحد)(51).

فكونه صلى الله عليه وسلم في حاشية المطاف دليل على أنه صلى الله عليه وسلم قد جعل بينه وبين المقام فاصلاً؛ لأن من كان في حاشية المطاف فهو بعيد عن المقام.

فإذا أخذنا هذا الحديث مع ما روى كثير بن كثير بن عبد المطلب، عن أبيه، عن جده المطلب.

قال (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي حيال الحِجر(52)، والناس يمرون بين يديه)(53) لعرفنا أن النبي صلى الله عليه وسلم ترك فاصلاً بينه وبين المقام، بحيث يستطيع الناس أن يمروا بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم.

يبين ذلك أن المقام كان عند الحَجَر حتى وضعه عمر بن الخطاب رضي الله عنه في موقعه الآن.

فقد روى عبد الرزاق في مصنفه(54)، قال: عن مجاهد قال (كان المقام إلى جنب البيت، وكانوا يخافون عليه غلبة السيول، وكانوا يطوفون خلفه، فقال عمر للمطلب ابن وداعة السهمي: هل تدري أين كان موضعه الأول؟ قال: نعم، قدرت ما بينه وبين الحجر الأسود(55)، وما بينه وبين الباب، وما بينه وبين زمزم، وما بينه وبين الركن عند الحجر، قال: فأين مقداره؟ قال: عندي، قال: تأتي بمقداره، فجاءه بمقداره، فوضعه موضعه الآن.

وفي المصنف أيضاً(56) عن ابن جريج قال: سمعت عطاء وغيره من أصحابنا يزعمون: أن عمر أول من رفع المقام فوضعه موضعه الآن.

(قلت) ولعل هذا الفاصل يكون عند الزحام وكثرة الطائفين، ولذلك أبيح المرور بين يدي المصلي.

ومعلوم أن البعد عن المقام – في هذه الأيام – يكون حسب الزحام، ولذا لا يدرك فضيلة خلف المقام من صلى في آخر المسجد، وهو يجد سعة عند المقام، قال ملا علي القاري(57): فإن من صلى آخر المسجد وراء المقام، لا يدرك فضيلة خلف المقام، باتفاق علماء الأنام، فإن العرف خصه بما هو مفروش بحجارة الرخام، والله أعلم.

المطلب الحادي عشر: الأماكن الفاضلة بعد مقام إبراهيم عليه السلام.

بينا أن أفضل مكان لصلاة ركعتي الطواف هو خلف مقام إبراهيم عليه لاسلام.

أما ما بعد ذلك فقد قال القاري في مناسكه(58): ثم داخل الكعبة، ثم في الحجر تحت الميزاب، ثم ما قرب من الحجر إلى البيت أي في حواليه وجوانبه، خصوصاً محاذاة الأركان، ومقابلة الملتزم والباب، ومقام جبريل عليه السلام، ثم المسجد أي جميعه، لكن المطاف الذي محل المسجد في زمنه صلى الله عليه وسلم أفضل، إلا أنه لا يصلي بحيث يشوش على الطائفين، ويحوجهم إلى المرور بين يدي المصلي، ثم الحرم أي مكة وما حولها من أعلام الحرم المحترم، ثم لا فضيلة بعد الحرم، أي بالنسبة لهذه الصلاة من حيثية اختصاصها بالحرم. اهـ.

واقتصر الشربيني(59) على بعض هذه الأمكنة فقال: ثم في الحجر تحت الميزاب، ثم في المسجد الحرام، ثم في الحرم حيث شاء من الأمكنة، متى شاء من الأزمنة.

ومال الإسنوي إلى أن فعلهما في الكعبة أولى منه خلف المقام، ولكن قال الشربيني: والأفضل ما في المتن، أي خلف مقام إبراهيم عليه السلام.

وعلل لذلك فقال: لأن الباب باب اتباع، وقد ثبت في الصحيحين أنه صلاهما خلف المقام، وقال: "خذوا عني مناسككم"(60).

ثم ذكر الشربيني إجماع الفقهاء على أن الأفضل فعلهما خلف مقام إبراهيم عليه السلام.

وبحث الشيخ القليوبي(61) المسألة بأوسع من ذلك فقال: فهما فيه أفضل من داخل الكعبة، ثم داخل الكعبة، ثم في الحجر، وأولاده ما قرب من البيت ثم في الحطيم، ثم في وجه الكعبة، ثم فيما بين اليمانيين، ثم بقية المسجد ثم في بيت خديجة، ثم في منزله صلى الله عليه وسلم المعروف بدار الخيزران، ثم في بقية مكة، ثم في باقي الحرم، ثم حيث شاء، متى شاء. اهـ.

وقد ذكر الجصاص الرازي في أحكام القرآن(62) عند قوله تعالى: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً} [البقرة: من الآية125] أن النبي صلى الله عليه وسلم قد صلاهما عند البيت.

وروى الرازي عن عبد الله بن السائب أنه كان يقود ابن عباس، فيقيمه عند الشقة الثالثة، مما يلي الركن، الذي يلي الحجر، مما يلي الباب، فيقول ابن عباس: أثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي ههنا، فيقوم فيصلي.

فدلت هذه الآية على وجوب صلاة الطواف – عند المقام – ودل فعل النبي صلى الله عليه وسلم لها تارة عند المقام، وتارة عند غيره على أن فعلها عند المقام ليس بواجب.

وروي عن عمر أنه طاف بعد صلاة الصبح، ثم ركب، وأناخ بذي طوى، فصلى ركعتي طوافه(63).

وعن ابن عباس أنه صلاها في الحطيم.

وعن الحسن وعطاء أنه إن لم يصل خلف المقام أجزأ. اهـ.

وقال الحنفية(64) وإن صلاهما في غير المسجد، أو في غير مكة جاز.

وقال الشربيني الشافعي(65) – وهو يبين الأمكنة الفاضلة – ثم في الحرم حيث شاء من المكنة، متى شاء من الأزمنة.

الترجيح:

كل هذه الأماكن ليس عليها دليل، إلا ما أجمعوا عليه، وهو ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم وهو الصلاة خلف مقام إبراهيم عليه السلام، لكن لا شك أن المسجد الحرام نفسه أفضل، ثم الحرم أفضل من غيره، ثم المسجد النبوي الشريف، ثم المسجد الأقصى، ثم باقي الأماكن، وهذا هو الذي أرجحه، والله أعلم.

المطلب الثاني عشر: مكان قضاء ركعتي الطواف.

اتفق الفقهاء(66) على أن أفضل مكان لصلاة ركعتي الطواف هو خلف مقام إبراهيم عليه السلام وتقدم هذا بدليله.

أما إذا لم يكن ذلك خلف المقام، ولا في الحرم، فقد ذكر هذه المسألة المذاهب الأربعة: الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة(67)، واختلفوا على قولين:

القول الأول: يصح فعلهما في أي مكان، وبه قال الأئمة الثالثة؛ فقد قال الحنفية والشافعية والحنابلة: ولو صلاهما خارج الحرم، ولو بعد الرجوع إلى وطنه جاز، زاد الحنفية: ويكره تنزيهاً؛ لتركه الاستحباب – لعله يريد أن المستحب أن يكونا خلف المقام – أو كراهة تحريم لمخالفته الموالاة، أو لهما جميعاً.

ونص الحنابلة على ذلك فقالوا: وحيث ركعهما ومهما قرأ فيهما، جاز.

القول الثاني: لا يصح فعلهما إلا في موضعهما من الحرم، وبه قال المالكية والثوري.

فقال المالكية: قال مالك: لو قضاهما في غير موضعهما فعليه دم.

وقال الثوري: لا يصح قضاؤهما إلا في الحرم(68).

الأدلة:

استدل الشافعية لقولهم بأنه إذا صلاهما في أي موضع من الحرم وغيره جام، ولا يختص ذلك بالمقام وغيره، بما يلي:

1 – فعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وذلك (أن عمر رضي الله عنه طاف بعد الصبح، ولم ير الشمس قد طلعت فركب، فلما أتى ذا طوى أناخ راحلته، وصلى ركعتين)(69). وجه الدلالة هو أن عمر بن الخطاب صلى ركعتي الطواف بذي طوى، ولم يصلهما خلف المقام.

2 – وقال النبي صلى الله عليه وسلم لأم سلمة "إذا أقيمت صلاة الصبح، فطوفي على بعيرك والناس يصلون"(70) ففعلت ذلك، فلم تصل حتى خرجت(71) اهـ.

ويستدل للمالكية وللثوري بفعل النبي صلى الله عليه وسلم حيث صلى ركعتي الطواف خلف المقام، وقال: "لتأخذوا عني مناسككم".

الترجيح:

الذي أرجحه هو أن صلاة ركعتي الطواف خلف المقام أفضل؛ اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم، ثم هي جائزة في أي مكان كان، وأن صلاة أم سلمة خارج المسجد دليل على ذلك، كما أن صلاة عمر (بذي طوى، تدل على أنه فهم من فعل النبي أن صلاته خلف المقام لا يدل على الوجوب، بل هو على الاستحباب، وهذا كما فهم الصحابة الكرام وتابعوهم بإحسان) كما تقدم، والله أعلم.

المطلب الثالث عشر: هل يتصور تركهما؟

نص الفقهاء الذين ذكروا هذه المسألة(72) على أن على الإنسان أن يأتي بركعتي الطواف، مهما تباعد به المكان؛ لأنه ليس لهما مكان معين ولا زمان محدد، وأنهما لا تفوتان إلا بالموت، وقد نص على أنهما لا تفوتان إلا بالموت الشلبي في حاشيته فقد بين أن الركعتين عند أبي حنيفة وأصحابه لا تجبران بدم، بل يصليهما في أي مكان، ولو بعد رجوعه إلى أهله. اهـ.

وأما ملا علي القاري فقد تأرجح النقل عنده عن الأئمة الحنفية، لكنه مع ذلك نص على مثل ما نص عليه الشافعية فقال (ولا تفوت) أي إلا بأن يموت (فلو تركها لم تجبر بدم) وفيه أنه لم يتصور تركها، فكيف يتصور الجبر، اللهم إلا أن يقال: المراد منه أن لا يجب عليه الإيصاء بالكفارة للإسقاط، ثم ذكر خلافاً بين الفقهاء الحنفية، وانتهى إلى أن القائلين بوجوب الدم، يريدون أن عليه قبل الموت الإيصاء بالدم، ويستحب للورثة أداء الجزاء. (قلت) وهذا على القول بأن ركعتي الطواف واجبة عند الحنفية.

وذكر ذلك النووي في المجموع، والشربيني في شرحه للمنهاج، وعميرة في حاشيته على المحلي.

الترجيح:

وما دمنا أننا قد رجحنا عدم الوجوب بالدليل، فلا يتصور فواتها إلا بالموت، وكما رأينا من نصوص الحنفية، ونصوص الشافعية، وهذا هو الذي أرجحه. والله أعلم.

المطلب الرابع عشر: طاف ونسي الركعتين حتى سعى.

ذكر هذه المسألة المالكية والشافعية واختلفوا؛ فقال الإمام مالك(73) وقد سئل عن رجل دخل مكة معتمراً، فطاف بالبيت، وسعى بين الصفا والمروة، ونسي الركعتين اللتين على إثر الطواف، حتى انصرف إلى بلاده، ووطئ النساء – قال يركعهما إذا ذكرهما، وليهد هدياً. اهـ.

هذا إذا كان عن الطواف الذي قبل عرفة، أما إذا كان عن الطواف الذي بعد عرفة، فإذا طاف وسعى ونسي الركعتين، فإنه يعيد الطواف والركعتين والسعي، ولا شيء عليه(74).

ومعلوم أن المالكية يرون أن من ترك ركعتي الطواف عليه دم.

وكذلك الحنفية يرون الدم على من ترك الركعتين(75).

وقال الشافعية: اتفق الأصحاب على صحة السعي قبل صلاة ركعتي الطواف(76).

ومعلوم أيضاً أن المذهب عند الشافعية أن ركعتي الطواف سنة، ليس على من تركهما شيء، وكذلك الحنابلة(77).

ولم يذكر أحد منهم دليلاً ولا تعليلاً.

وما دمنا قد رجحنا أن ركعتي الطواف سنة، فالراجح أن من ترك ركعتي الطواف، حتى سعى لا شيء عليه، ويتدارك ركعتي الطواف بأن يصليهما متى ذكرهما.

وأما تفريق المالكية بين من كان طوافه قبل عرفة، أو بعد عرفة، فلا دليل على هذا التفريق، والله أعلم.

وهنا يبرز سؤال وهو:

المطلب الخامس عشر: هل يصح الطواف بدون ركعتيه؟

لم أجد من أجاب ذلك، لكن عبارات الحنفية والمالكية توهم ذلك؛ فقد قال الرازي الجصاص(78): {واتخذوا} ظاهره الإيجاب، دل ذلك على أن الطواف موجب للصلاة، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على أنه أراد به صلاة الطواف. اهـ.

فهذه العبارة توحي بوضوح أن هناك تلازماً بين الطواف وركعتيه.

لكن صرح ملا علي القاري في مناسكه(79) بأن ركعتي الطواف صلاة مستقلة، فقد قال: صلاة الطواف وهي ركعتا الطواف واجبة، أي مستقلة.

وقال بعد ذلك: ولا تجزئ المكتوبة، ولا المنذورة؛ لكونها واجبة مستقلة.

وأما المالكية فقد قال مالك: من انتقض وضوؤه، بعد تمام الطواف، وقبل أن يركع، توضأ واستأنف الطواف والركعتين، إن كان واجباً، إلا أن يبعد فلا يرجع ويركع ويهدي.

وقال القرافي: والمستحب فعلهما في المسجد أو بمكة، فإن صلاهما في طريقه بوضوء واحد، فلا رجوع عليه، وإن انتقض وضوؤه، أعاد الطواف والركوع(80).

وقال الحطاب(81): إذا طال الفصل بين الطواف وركعتيه بأن طاف أربعة أسابيع، استأنف الطواف وركعتيه، وكذا لو طاف ثم خرج وانتقض وضوؤه.

وهذا كما ترى يبين أن هناك شبه تلازم بين الطواف وركعتيه، بحيث يجب أن يكونا بوضوء واحد، فلو انتقض وضوؤه بعد أن طاف وقبل أن يصلي ركعتي الطواف أعاد الطواف وركعتيه.

ونقل النووي في المجموع(82) أن إمام الحرمين نقل عن الأصحاب أن ابن حداد من الشافعية جعلهما من الطواف، فقال: قال إمام الحرمين: إذا كان الطواف نفلاً، فالأصح أنه لا يجب بعده الركعتان، قال: وقل الأصحاب عن ابن حداد أنه أوجبهما، قال: فهذا قعيد رده أئمة المذهب، قال الإمام: ثم ما أراه يصير إلى إيجابهما على التحقيق، ولكنه رآهما جزءاً من الطواف، وأنه لا يعتد به دونهما، قال: وقد قال في توجيه قوله: لا يمتنع أن يشترط في النفل ما يشترط في الفرض، كالطهارة وغيرها. اهـ.

(قلت) فكلام ابن حداد مردود، لكنني نقلته حتى يعرف، وسيأتي قول إمام الحرمين: وبهذا يبعد عدهما من الطواف. اهـ.

وخالف سائر الشافعية ذلك، فقد قال النووي: قال الرافعي: ركعتا الطواف وإن أوجبناهما – هذا افتراض وإلا فالصحيح أنهما سنة عند الشافعية – فليستا بشرط في صحته، ولا ركناً منه، بل يصح الطواف بدونهما. اهـ.

ثم نقل خلاف هذا القول، وقال: وهو غلط، والصواب أنهما ليستا بشرط، ولا ركناً للطواف، بل يصح بدونهما.

ثم نقل عن إمام الحرمين ما يؤيد ذلك، وأنه قال: وبهذا يبعُد عدُّهما من الطواف.

وقال النووي(83) – وهو يرد على من قال إنه لا يحصل التحلل إلا إذا صلى ركعتي الطواف، بعد طواف الإفاضة – ولا تعلق للصلاة بالتحلل، بل هي عبادة مستقلة، وهذا هو الصحيح بل الصواب، صححه القاضي أبو الطيب، وقطع به سائر الأصحاب، والأول غلط صريح، وإنما أذكره لأبين بطلانه؛ لئلا يغتر به، والله أعلم.

وقال الشربيني: والمعتمد – أي أن طواف الوداع – ليس من مناسك الحج ولا العمرة، خلافاً لأكثر المتأخرين.

(قلت) فإذا كان طواف الوداع نفسه، ليس من الحج، ولا من العمرة، فأولى أن لا يكون بينه وبين ركعتيه ترابط، أو على الأقل هكذا توحي هذه العبارة. والله أعلم.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: لا تُصلى ركعتا الطواف والإمام يخطب.

(قلت) وهذا معناه أنه يصليهما بعد انتهاء الخطبة والصلاة، وقد يتأخر ذلك كثيراً، فهذا الفاصل الكبير لا يعد مخالفاً عند شيخ الإسلام ابن تيمية، وبهذا لا يكون هناك تلازم بين الطواف وركعتيه، والله أعلم.

الراجح:

لما كان قول الحنفية والمالكية مبنياً على أن ركعتي الطواف واجبتان، ومن تركهما فعليه دم، وما دمنا قد رجحنا أن ركعتي الطواف سنة، وليستا واجبتين، وليس على من تركهما شيء، فنقول: إنه لا تلازم بين الطواف وركعتيه، خاصة وأن ملا علي القاري قال: إنهما صلاة مستقلة، والشافعية والحنابلة صرحوا بأنهما ليسا بشرط للطواف، ولا هما ركناً فيه، ثم إن من المالكية من قال: إنهما سنة في طواف الوداع، من ذلك: أبو محمد عبد الوهاب البغدادي المالكية قال: هي سنة مطلقاً، واختار هذا القول ابن رشد، والأبهري، وابن بشير، وابن عسكر(84).

وقال الشيخ محمد البناني المالكية: لا تعلق لطواف الوداع بالحج، ولا هو من المناسك(85). اهـ.

وهذا القول بأنهما سنة، مع ترجيح أنهما سنة يعني أن له تركهما، وهذا أوضح شيء على عدم التلازم بين الطواف وركعتيه، والله أعلم.

المطلب السادس عشر: هل يجمع بين طوافين قبل ركعتي الطواف؟

اختلف الفقهاء(86) في ذلك؛ فقال أبو حنيفة ومحمد من الحنفية وأكثر المالكية: يكره أن يجمع بين أسبوعين من الطواف قبل أن يصلي ركعتي الطواف.

وبالكراهة قال ابن عمر، والحسن، والزهري، وعروة بن الزبير، وأبو ثور، ووافقهم ابن المنذر.

وبه قال الشافعية، لكنهم لم يقولوا بالكراهة بل قالوا: ترك الأفضل، وله أن يجمع أسابيع بركعتين، ولو والى بين أسابيع طوافين، أو أكثر ثم والى بين ركعاتها، فجعل لكل طواف ركعتيه لم يكره، ولو صلى للجميع ركعتين لم يكره.

وقال أبو يوسف، وجمع من المالكية: لا بأس بذلك إذا انصرف على وتر ثلاثة أسابيع أو خمسة أسابيع.

وقال الحنابلة: لا بأس أن يجمع بين أسابيع، فإذا فرغ منها ركع لكل أسبوع ركعتين، وبه قال عطاء، وطاووس، وسعيد بن جبير، وإسحاق(88).

الأدلة:

استدل أبو يوسف لقوله هذا بحديث عائشة رضي الله عنها، أنها طافت ثلاثة أسابيع ثم صلت لكل أسبوع ركعتين؛ ولأن مبنى الطواف على الوتر في عدد الأشواط، فإذا انصرف عن وتر، لم يخالف انصرافه مبنى الطواف، وانشغاله بأسبوع آخر قبل الصلاة، كاشتغاله بأكل أو نوم، وذلك لا يوجب الكراهة، وكذا هذا إذا انصرف على ما هو مبنى الطواف لا لتأخيره الصلاة.

واستدل الآخرون بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعله، ولأن تأخير الركعتين عن طوافهما، يخل بالموالاة بينهما، وهي مستحبة بفعل النبي صلى الله عليه وسلم.

واستدل الحنابلة لقولهم فقالوا: قد فعلت ذلك عائشة رضي الله عنها والمسور بن مخرمة رضي الله عنه(88)، ولأن الطواف يجري مجرى الصلاة يجوز جمعها ويؤخر ما بينهما، فيصليها بعدها كذلك هنا.

المناقشة:

ناقش الحنابلة أصحابَ القول الأول القائلين بكراهة جمع أسابيع، دون أن يصلي لكل أسبوع ركعتين، فقالوا: أما قولكم: إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعله، فهذا لا يوجب الكراهة؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يطف أسبوعين ولا ثلاثة، وذلك غير مكروه بالاتفاق، وأما عن الموالاة، فإنها غير معتبرة بين الطواف وركعتيه، بدليل أن عمر رضي الله عنه صلاهما بذي طوى، وأخرت أم سلمة ركعتي طوافها حين طافت راكبة، بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأخر عمر بن عبد العزيز ركوع الطواف حتى طلعت الشمس(89).

نعم إن ركع لكل أسبوع ركعتين، كان أولى، وفيه اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم.

الترجيح:

بعد النظر فيما قاله كل الفرقاء، أجد أنه ليس هناك فرق كبير بينهم، إذ الكل يرى أن الأفضل أن يكون لكل أسبوع ركعتاه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك، وعلى هذا فالكل يرى أنه من خلاف السنة أن يجمع بين أسبوعين أو أكثر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعله ولا فرق بين أن يسمى كراهة، أو خلاف الأفضل، والله أعلم.

المطلب السابع عشر: صلاة ركعتي الطواف بلا سترة.

ذكر ابن قدامة في المغني وابن تيمية في الفتاوى(90)، وملا علي القاري في مناسكه(91): أنه لو صلى المصلي في المسجد، بلا سترة، والناس يطوفون أمامه لم يكره، سواء مر أمامه رجل أو امرأة.

وعبارة علي القاري: قال العلامة الشيخ قطب الدين الحنفي في منسكه: فرع غريب: رأيت بخط تلاميذ الكمال بن الهمام في حاشية فتح القدير: إذا صلى فيا لمسجد الحرام ينبغي أن لا يمنع المار؛ لما روى أحمد وأبو داود، عن المطلب بن وداعة رضي الله عنه أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصلي مما يلي باب بني مخزوم، والناس يمرون بين يديه، وليس بينهما سترة، وهو محمول على الطائفين، فيما يظهر؛ لأن الطواف صلاة، فصار كمن بين يديه صفوف من المصلين، ثم نقل عن مشكلات الآثار أن المرور بين يدي المصلين بحضرة الكعبة يجوز. اهـ.

وفي رد المحتار (تنبيه) ذكر في حاشية المدني: لا يمنع المار داخل الكعبة وخلف المقام، وحاشية المطاف. اهـ.

(قلت) لهذه المسألة أصل أكبر من هذا، وهو هل أن المصلي بمكة لا يحتاج إلى سترة، وبالتالي يصح أن يمر الناس بين يديه؟

قال الحنابلة: نعم، لا بأس أن يصلي في مكة إلى غير سترة.

روي ذلك عن ابن الزبير وعطاء ومجاهد وطاوس ومحمد بن الحنفية، وابن جريج(92).

قال الأثرم: قيل لأحمد: الرجل يصلي بمكة، ولا يستتر بشيء؟ فقال: قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم "أنه صلى ثَمَّ ليس بينه وبين الطواف سترة"(93).

قال أحمد: لأن مكة ليست كغيرها، كأن مكة مخصوصة، وذلك لما روى كثير بن كثير بن عبد المطلب، عن أبيه، عن جده المطلب، قال (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي حيال الحِجر، والناس يمرون بين يديه)(94).

وعن المطلب قال (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من سعيه، جاء حتى يحاذي الركن بينه وبين السقيفة، فصلى ركعتيه في حاشية المطاف، وليس بينه وبين المطاف أحد)(95).

وقال أبو عامر: (رأيت ابن الزبير جاء يصلي، والطواف بينه وبين القبلة، تمر المرأة بين يديه، فينتظرها حتى تمر، ثم يضع جبهته في موضع قدمها)(96).

وقال المعتمر: قلت لطاوس: الرجل يصلي – يعني بمكة – فيمر بين يديه الرجل والمرأة؟ فقال: أولا يرى الناس بعضهم بعضاً.

وإذاً هو يرى أن لهذا البلد حالاً ليس لغيره من البلدان؛ وذلك لأن الناس يكثرون بمكة؛ لأجل قضاء نسكهم، ويزدحمون فيها؛ ولذلك سميت بكة؛ لأن الناس يتباكون فيها، أي يزدحمون، ويدفع بعضهم بعضاً، فلو منع المصلي مَن يجتاز بين يديه لضاق على الناس.

وحكم الحرم كله، حكم مكة في هذا، بدليل ما روى ابن عباس، قال: (أقبلت على حمار أتان، وأنا يومئذ قد ناهزت الاحتلام، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بمنى إلى غير جدار، فمررت بين يدي بعض الصف، وأرسلت الأتان ترتع، فدخلت في الصف، فلم ينكَر عليَّ ذلك) متفق عليه(97).

(قلت) ويؤيد ذلك ما رواه عبد الرزاق في مصنفه(98)، عن عمرو بن دينار قال: رأيت محمد بن الحنفية يصلي في مسجد منى، والناس يمرون بين يديه، فجاء فتى من أهله فجلس بين يديه.

قال عبد الرزاق: ورأيت أنا ابن جريج يصلي في مسجد منى، على يسار المنارة، وليس بين يديه سترة، فجاء غلام فجلس بين يديه.

وجه الدلالة: أن هذين الإمامين صليا في منى، وهي من الحرم، ولم يحتاجا فيها إلى سترة.

ولأن الحرم كله محل المشاعر والمناسك، فجرى مجرى مكة فيما ذكرناه.

(قلت) وهذه رخصة للحجاج والمعتمرين؛ لأن الإنسان إذا انتهى من صلاته، وأراد الخروج إلى عمله، لو انتظر حتى ينتهي كل مصل لضاق الأمر على الناس، ومن فضل الله (أن الأمر إذا ضاق اتسع)(99).

المطلب الثامن عشر: صلاة ركعتي الطواف والإمام يخطب(100).

ذكر هذه المسألة شيخ الإسلام ابن تيمية في فتاواه(101) وملا علي القاري في مناسكه.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: لا تُصلى ركعتا الطواف والإمام يخطب، ذكر ذلك وهو يرد على بعض الحنابلة الذين لا يرون جواز صلاة تحية المسجد وقت النهي فقال ما ملخصه: إذا كان النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالتحية وقت الخطبة، وهو وقت النهي عن الصلاة وغيرها، مما يشغل عن الاستماع، فأوقات النهي الباقية أولى بالجواز، يبين ذلك أنه في هذه الحالة لا يصلى على جنازة، ولا يطاف بالبيت، ولا يصلى ركعتا الطواف، والإمام يخطب فدل على أن النهي هنا أوكد، وأضيق منه (مما) بعد الفجر والعصر إلخ.

وقال ملا علي القاري: وهو يعدد ما يكره فعله وهو يصلي ركعتي الطواف: (وعند الخطبة) أي الخطب كلها، إلا أن عند خطبة الجمعة أشد كراهة.

(قلت) كان شيخ الإسلام ابن تيمية قد أكد على أن النوافل ذوات الأسباب تصلى في وقت الكراهة، وأكد على ذلك بما لا مزيد عليه، وتقدم كلامه في صلاة الركعتين في وقت النهي، وبناءً على ذلك نقول: فلو أن إنساناً طاف بالبيت، وتأخر بسبب الزحام، وبدأ الخطيب بالخطبة، فلِمَ لا يكون هذا بمنزلة من دخل والإمام يخطب، فيحق له أن يصلي ركعتي الطواف، كما يحق لغيره ممن يدخلون والإمام يخطب!

الترجيح:

فالذي أراه – وقد رأينا حرص شيخ الإسلام ابن تيمية على تصحيح أداء النوافل في وقت النهي – أنه يجوز أن تصلى ركعتا الطواف والإمام يخطب، إذا كان للمصلي عذر بأن تأخر كما صورت ذلك فيما سبق، ويخففهما. والله أعلم.

المطلب التاسع عشر: هل يصلي ركعتي الطواف قاعداً؟

ذكر هذه المسألة الشافعية(102).

ومعلوم أن للشافعية قولين في سنية ركعتي الطواف أو وجوبهما، ولكن الأصح أنهما سنة عندهم، ولهذا فهم يقولون: إنه يجوز للمصلي ركعتي الطواف أن يصليهما قاعداً مع القدرة على القيام، كسائر النوافل، لكن الماوردي قال في الحاوي(103) ما ملخصه: إنه إن قلنا إن ركعتي الطواف سنة، فتجوز صلاتهما قاعداً، وإن قلنا إنهما واجبتين، فصلاهما قاعداً مع القدرة على القيام، فوجهان: لا يجوز؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم طاف راكباً، ثم نزل فصلى خلف المقام، فلو جاء فعلهما جالساً، لأجزأ فعلهما راكباً، والنبي صلى الله عليه وسلم نزل ثم صلاهما، والوجه الثاني: يجزيه؛ لأنهما تبع للطواف، فلما طاف راكباً، جاز أن يصليهما قاعداً مع القدرة على القيام.

قال: وسواء في ذلك طواف الحج والعمرة، وطواف القدوم والزيارة والوداع.

وما دمنا قد رجحنا أن ركعتي الطواف سنة؛ لذا نقول: إنه يجوز للمصلي أن يصلي ركعتي الطواف قاعداً مع القدرة على القيام، والله أعلم.

المطلب العشرون: هل تصلى الركعتان في الكعبة أو في الحِجر؟

لم أجد من ذكر هذه المسألة غير المالكية، الذين فرقوا بين الطواف الواجب والطواف المسنون.

فقد قال مالك بن أنس في المدونة(104): لا يصلى في الكعبة، ولا في الحِجر فريضة، ولا ركعتا الطواف الواجبتان، ولا الوتر، ولا ركعتا الفجر، فأما غير ذلك من ركوع الطواف، فلا بأس به.

والذي أرجحه أن ركعتي الطواف تصح في الكعبة، ومن باب أولى في الحِجر؛ لأنهما من السنن، والنبي صلى الله عليه وسلم صلى في الكعبة النافلة؛ فقد روى البخاري في صحيحه(105) عن ابن عمر أنه قال (دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم البيت، هو وأسامة بن زيد، وبلال، وعثمان بن طلحة، فأغلقوا عليهم، فلما فتحوا كنت أول من ولج، فلقيت بلالاً فسألته، هل صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم، بين العمودين اليمانيين.

وروى البخاري أيضاً عن ابن عمر رضي الله عنه (أنه كان إذا دخل الكعبة مشى قِبل الوجه، حين يدخل، ويجعل الباب قِبل الظهر، يمشي حتى يكون بينه وبين الجدار الذي قِبل وجهه قريباً من ثلاث أذرع، فيصلي، يتوخى المكان الذي أخبره بلال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى فيه، لذا فالراجح جواز صلاة ركعتي الطواف في الكعبة والحِجر، والله أعلم.

المطلب الحادي والعشرون: النيابة في ركعتي الطواف؟

ذكر هذه المسألة الحنفية والشافعية(106) واختلفوا؛ لقال الحنفية: ولو طاف بصبي غير مميز، لا يصلي الولي عنه ركعتي الطواف، وعللوا ذلك فقالوا: لأنه لا تصح النيابة عندنا في العبادة من الصوم والصلاة.

وقال الشافعية: نعم تدخلها النيابة من ناحيتين:

الناحية الأولى: الأجير الذي يحج عن غيره.

فقد قال النووي: قال أصحابنا: تمتاز هذه الصلاة عن غيرها، أنها تدخلها النيابة، فإن الأجير في الحج يصليها، وتقع عن المستأجِر في أصح الوجهين، وأشهرهما، وهو المذهب.

(قلت) فالمذهب إذاً أن صلاة الأجير تكون عن المستأجِر.

والوجه الثاني: أنها لا تقع عن المستأجر، وإنما تقع عن الأجير.

والمذهب: الأول؛ لأنها من جملة أعمال الحج.

قال إمام الحرمين: وليس في الشرع صلاة تدخلها النيابة غير هذه.

(قلت) الناحية الثانية سترد على إمام الحرمين.

الناحية الثانية: صلاة الولي عن الصبي غير المميز، مما تدخله النيابة أيضاً.

فقد قال النووي في المجموع: قال أصحابنا: إذا كان الصبي محرماً، فإن كان مميزاً، طاف بنفسه، وصلى ركعتيه، وإن كان غير مميز طاف به وليه، وصلى الولي ركعتي الطواف بلا خلاف، نص عليه الشافعي والأصحاب، وهل تقع صلاة الولي هذه عن نفسه أم عن الصبي؟ فيه وجهان، حكاهما صاحب البيان وغيره.

أحدهما: تقع عن الولي.

وعلتهم في ذلك؛ لأنه لا مدخل للنيابة في الصلاة، وأصحهما تقع عن الصبي، وهو قول ابن القاص.

وعللوا ذلك فقالوا؛ لأنها تابعة للطواف، والله أعلم.

(قلت) كون الصلاة هذه وقعت وأجزأت عن المستأجر، وعن الصبي غير المميز، في الأصح، وهو المذهب عند الشافعية، إنما أجزأت عن طريق التبعية وليست أصالة، ولما كانت هذه الصلاة تابعة لأعمال الحج، فإنه يغتفر فيها ما لا يغتفر في غيرها، على قاعدة (يغتفر في التوابع ما لا يغتفر في غيرها)(107)، ونحن بين موقفين: إما أن نترك الصلاة بالكلية، وإما أن نصلي الركعتين، ولما كان النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالركعتين وصلاهما، فالأولى – وهو الذي أرجحه – أن نقول: إنه يصح أن يصلي الأجير والولي، وتقع عن المستأجر وعن الصبي، ولكن عن طريق التبعية لا عن طريق الأصالة، كما قدمنا. والله أعلم.

المطلب الثاني والعشرون: القراءة في ركعتي الطواف؟

في هذا المطلب ثلاث مسائل:

المسألة الأولى: ماذا يقرأ في ركعتي الطواف؟

اتفق الفقهاء(108) جميعاً على أنه يستحب للمصلي أن يقرأ في ركعتي الطواف: في الركعة الأولى بـ{قل يا أيها الكافرون} وفي الركعة الثانية بـ{قل هو الله أحمد}.

واستدلوا على ذلك بفعل النبي صلى الله عليه وسلم(109).

وذكر الخرشي المالكي تعليلاً لذلك، فقال(110): القراءة تستحب في ركعتي كل طواف، بسورة {قل يا أيها الكافرون} بعد أم القرآن في الركعة الأولى، وسورة الإخلاص مع الفاتحة في الثانية، كما تستحب القراءة بذلك في ركعتي الإحرام.

وإنما استحبت القراءة بهاتين السورتين لاشتمالهما على التوحيدين: العلمي والعملي، فإن السورة الأولى {قل يا أيها الكافرون} توحيد عملي، فإن معنى قوله {لا أبعد} لا أفعل كذا، والإخلاص: توحيد علمي.

المسألة الثانية: الجهر بركعتي الطواف ليلاً؟

ذكر ذلك ابن حجر والشربيني والمحلي(111) وغيرهم؛ فقال ابن حجر: (ويجهر) ولو بحضرة الناس (ليلاً) وبعد الفجر إلى طلوع الشمس، ولا يعارضه – خلافاً لمن ظنه – قولهم: يسن التوسط في نافلة الليل بين الجهر والإسرار؛ لأن محله في النافلة المطلقة، ولو نواها مع ما سُن الإسرار فيه، كراتبة العشاء، احتمل ندب الجهر؛ مراعاة لها لتميزها بالخلاف الشهير في وجوبها، والسر مراعاة للراتبة؛ لأنها أفضل منها كما صرحوا به.

ثم رد على من بحثوا التوسط بين الجهر والإسرار. اهـ.

وقال المحلي: وقد استشكل ابن الصلاح، والبلقيني التفرقة بين الليل والنهار، مع أن الصحيح في النوافل ليلاً التوسط، ولا يقاس على الخسوف؛ لأن سببه ليلي، ولا على الكسوف؛ لأن سببه نهاري، وبأن الجماعة مطلوبة في الكسوفين، فطلب الجهر والإسرار، وهذه صلاة سببها واحد، وهو الطواف فما وجه التفرقة فيها؟ والوجه الإسرار فيها ليلاً أو نهاراً كصلاة الجنازة.

أجيب بأن هذه ذات سبب، فلا تقاس على النفل المطلق، وبأن سببها مطلوب كل وقت، فلا تقاس بذوات الأسباب المقيدة، وبأن ما هنا باب اتباع.

الترجيح:

الذي أرجحه هو التوسط بين الجهر والإسرار، وهو المطلوب في صلاة النافلة؛ لقول الله عز وجل: {وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً} [الإسراء: من الآية110].

قال ابن كثير(112): روى الإمام أحمد عن ابن عباس رضي الله عنه قال: نزلت هذه الآية ورسول الله صلى الله عليه وسلم متوار بمكة {وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً} [الإسراء: من الآية110]، قال: كان إذا صلى بأصحابه، رفع صوته بالقرآن، فلما سمع ذلك المشركون، سبوا القرآن، وسبوا من أنزله، ومن جاء به، قال: فقال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم: {وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ} أي بقراءتك، فيسمع المشركون فيسبوا القرآن، {وَلا تُخَافِتْ بِهَا} عن أصحابك، فلا تسمعهم القرآن، حتى يأخذوا عنك، {وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً} وكذا رواه الضحاك عن ابن عباس، وزاد: فلما هاجر إلى المدينة، سقط ذلك، يفعل أي ذلك يشاء.

وعن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جهر بالقرآن، وهو يصلي تفرقوا عنه، وأبوا أن يسمعوا منه، وكان الرجل إذا أراد أن يسمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض ما يتلو وهو يصلي، استرق السمع دونهم؛ فَرَقاً منهم فإذا رأى أنهم قد عرفوا أنه يستمع، ذهب خشية أذاهم، فلم يسمع، فإن خفض صوته صلى الله عليه وسلم لم يسمع الذين يستمعون من قراءته شيئاً، فأنزل الله {وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ} فيتفرقوا عنك {وَلا تُخَافِتْ بِهَا} فلا يسمع من أراد أن يسمع، ممن يسترق ذلك منهم؛ فلعله يرعوي إلى بعض ما يسمع فينتفع به {وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً}.

وهكذا قال عكرمة، والحسن البصري، وقتادة: نزلت هذه الآية في القراءة في الصلاة.

ثم ذكر ابن كثير من قال إنها نزلت في الدعاء. اهـ.

المسألة الثالثة: هل يصح الاقتداء بمن يصلي ركعتي الطواف؟

قال الحنفية(113): ولا يجوز اقتداء مصلي ركعتي الطواف بمثله.

وعللوا ذلك فقالوا: لأن طواف كلٍّ غيرُ طواف الآخر، أي لاختلاف السبب، كصلاتي الظهر والعصر، وإن كان الطوافان من نوع واحد، والصلاتان من جنس متحد.

والذي أرجحه أن لا تصلى جماعة؛ ومن ثَم فلا اقتداء فيها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعل ذلك.

_________________

(1)      بداية المبتدي والهداية كلاهما للمرغيناني وانظر شرح فتح القدير لابن الهمام وشرح العناية للبابرتي 2/456، مختصر الطحاوي 2/134 م 601، تبيين الحقائق للزيلعي 2/36-37، اللباب في شرح الكتاب للموصلي 1/194، مناسك ملا علي القاري ص 170، جامع الأمهات لابن الحاجب ص 193، التاج والإكليل للمواق 3/137، شرح الزرقاني على المختصر 2/289، الأم للشافعي 2/237، الحاوي للماوردي 5/287، المهذب للشيرازي والمجموع للنووي  8/53، حلية العلماء في معرفة مذاهب الفقهاء للقفال الشاشي 3/234، المحلي شرح المنهاج 2/108-109، الفتاوى لابن تيمية 26/127، الفروع لابن مفلح 3/53.

(2)      صحيح مسلم (15) كتاب الحج (19) باب حجة النبي (147-1218) 2/887-888، أبو داود في سننه كتاب المناسك باب صفة حجة النبي (رقم 1905) 2/183.

(3)      بداية المبتدي والهداية كلاهما للمرغيناني وانظر شرح فتح القدير لابن الهمام وشرح العناية للبابرتي 2/456، الدر المختار للحصكفي والحاشية رد المحتار لابن عابدين 2/169-170، بدائع الصنائع للكاساني 2/148، تبيين الحقائق للزيلعي 2/18، مجمع الأنهر لشيخي زاده 1/273، المدونة لابن القاسم 1/313 و359، الذخير للقرافي 3/242، مواهب الجليل للحطاب 3/111 ذكر ما قاله فقهاء المالكية، ثم رجح وجوب الركعتين للطواف الواجب، المعونة للبغدادي 1/370-371، بداية المجتهد لابن رشد 1/291، الزرقاني على المختصر 1/288، جامع الأمهات لابن الحاجب ص 194، الشرح الكبير للدردير 2/41، الحاوي للماوردي 5/202، الوجيز للغزالي 1/118، والمجموع شرح المهذب للنووي 8/55، مغني المحتاج للشربيني 1/490، المغني لابن قدامة 5/232، الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية 26/127، الإنصاف للمرداوي 4/18، شرح منتهى الإرادات للبهوتي 2/68، الفروع لابن مفلح 3/521.

(4)             مواهب الجليل للحطاب 3/111.

(5)      موطأ الإمام مالك بن أنس (7) كتاب قيام الليل (3) باب الأمر بالوتر رقم الحديث (13) 1/123 واللفظ له، أبو داود، كتاب الصلاة، باب فيمن لم يوتر، رقم الحديث (1420) 2/62، سنن النسائي، كتاب الصلاة، باب المحافظة على الصلوات الخمس 1/230 وسنن ابن ماجة رقم (1398).

(6)      موطأ الإمام مالك (9) كتاب قصر الصلاة في السفر (25) باب جامع الترغيب في الصلاة، رقم الحديث (94) 1/175، والحديث رواه طلحة بن عبيد الله، قال: جاء رجل إلى رسول الله من أهل نجد، ثائرُ الرأس، يسمع دويُّ صوته، ولا نفقه ما يقول، حتى دنا، فإذا هو يسأل عن الإسلام فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خمس صلوات في اليوم والليلة" قال: هل عليَّ غيرها؟ قال: "لا، إلا أن تطوع" قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وصيام شهر رمضان" قال: هل عليّ غيره؟ قال: "لا، إلا أن تطوع" قال، فأدبر الرجل وهو يقول: والله لا أزيد على هذا، ولا أنقص منه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أفلح الرجل إن صدق"، والبخاري (2) كتاب الإيمان (34) باب الزكاة في الإسلام 1/17، وصحيح مسلم (1) كتاب الإيمان (3) باب السؤال عن الزكاة في الإسلام، رقم (10-12) 1/41.

(7)             المغني لابن قدامة 5/232-233.

(8)      بدائع الصنائع للكاساني 2/148، وانظر الجامع لأحكام القرآن لأبي عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي 3/113، ذكر ذلك مع اختلاف في الألفاظ.

(9)      صحيح البخاري (65) كتاب تفسير القرآن (9) باب واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى 5/149-150، ولفظه: عن أنس قال: قال عمر رضي الله عنه: (وافقت الله في ثلاث، أو وافقني ربي في ثلاث: قلت يا رسول الله! لو اتخذت من مقام إبراهيم مصلى، وقلت: يا رسول الله يدخل عليك البر والفاجر، فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب، فأنزل الله آية الحجاب، قال وبلغني معاتبة النبي صلى الله عليه وسلم بعض نسائه فدخلت عليهن، قلت: إن انتهيتن أو ليبدلن الله رسوله صلى الله عليه وسلم خيراً منكن، حتى أتيت إحدى نسائه، قالت: يا عمر، أما في رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يعظ نساءه حتى تعظهن أنت؟! فأنزل الله عز وجل: {عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجاً خَيْراً مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ... الآية} [التحريم: من الآية5]، وسنن الترمذي (48) كتاب تفسير القرآن (3) باب ومن سورة البقرة، ذكر حديثين برقمين (95، 92 و2960) 5/206 قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

(10)        هذا الحديث صحيح وتقدم قريباً وانظر شرح السنة للبغوي 7/134.

(11)    الهداية شرح بداية المبتدي كلاهما للمرغيناني 2/456 وفتح القدير للكمال بن الهمام معه، قال الكمال: لم يعرف هذا الحديث، وفعله صلى الله عليه وسلم لهما ثابت في الصحيحين وجميع كتب الحديث.

(12)        المغني لابن قدامة 5/232.

(13)        الأشباه والنظائر للسيوطي ص 117.

(14)        المغني لابن قدامة 5/232.

(15)    مختصر اختلاف العلماء للرازي 2/134 م 601 قال: قال أصحابنا إذا صلى الفريضة عن ركعتي الطواف لا يجزيه، وهو قول مالك، وقال ابن أبي ليلى والأوزاعي: يجزئ الفرض عنهما، وروي مثله عن ابن عباس اهـ المبسوط للسرخسي 4/47 تبيين الحقائق للزيلعي 2/18، الدر المنتقى في شرح الملتقى للحصكفي 1/273، مناسك ملا علي القاري ص 106، حاشية عدوي على شرح الخرشي لمختصر خليل 2/327 قال: لا يجزئ عنهما غيرهما، حاشية قليوبي على شرح المنهاج للمحلي 2/109 يجزئ عن الركعتين فريضة أو نافلة أخرى، مغني المحتاج للشربيني 1/491 و510، كما في تحية المسجد، الفروع لابن مفلح 3/503، الروض المربع للبهوتي مع الحاشية لابن قاسم 4/112، شرح منتهى الإرادات للبهوتي 2/53-54.

(16)    انظر لأقوال غير الأربعة المذاهب: مصنف عبد الرزاق 5/57-59 رقم (8987-8996) ذكر أقوال الفقهاء غير الأوزاعي وابن أبي ليلى، وهما في مختصر الطحاوي 2/134 م 601 كما تقدم.

(17)    بداية المبتدي والهدى كلاهما للمرغيناني وانظر شرح فتح القدير لابن الهمام وشرح العناية للبابرتي 2/499، تبيين الحقائق للزيلعي 2/36-37، اللباب في شرح الكتاب للموصلي 1/194، مناسك ملا علي القاري ص 105 و107، لا تختص بزمان ولا مكان، والأفضل بعد الطواف، المدونة لابن القاسم 1/313 و317، جامع الأمهات لابن الحاجب 193، الحاوي للماوردي 5/287، المهذب مع المجموع 8/53 وفي 8/55 قال: أجمع المسلمون على أنه ينبغي لمن طاف أن يصلي بعده ركعتين أهـ، حلية العلماء للشاشي 3/234، المحلي شرح المنهاج للنووي 2/108-109، الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية 26/127، الروض المربع للبهوتي مع الحاشية لابن قاسم 4/111، شرح منتهى الإرادات للبهوتي 2/53.

(18)        الزرقاني على المختصر 1/262.

(19)        جامع الأمهات لابن الحاجب ص 193 وشرح زروق للرسالة 1/352.

(20)        حاشية قليوبي على شرح المنهاج للمحلي 2/109، وانظر حاشية عميرة معه.. ومغني المحتاج للشربيني 1/491-492.

(21)        مناسك ملا علي القاري ص 105، والمجموع شرح المهذب للنووي 8/58، مغني المحتاج للشربيني 1/491.

(22)    الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية 23/194 و26/127، المجموع للنووي 8/61-62 وجامع الأمهات لابن الحاجب ص 193 قال: ولا يطوف بعد العصر وبعد الصبح إلا أسبوعاً ويؤخرهما – الركعتين – إلى حل النافلة فيصليهما أين كان، ولو في الحل، وكذا لو نسيهما ما لم ينتقض وضوؤه، فإن انتقض وضوؤه، وبلغ بلده أو تباعد من مكة ركعهما وأهدى مطلقاً، وطئ أو لم يطأ فإن لم يتباعد رجع فطاف وركع وسعى اهـ. شرح زروق على الرسالة 1/352 قال: ويقتصر في وقت الكراهة على أسبوع واحد، ويؤخر ركوعه لوقت الإباحة، ويقدم المغرب عليهما إن حضرت، والمشهور، لا يؤخرها فإن فعل فلا شيء عليه. اهـ. انظر المواق على المختصر 3/114 والشرح الكبير للدردير 2/42، مناسك ملا علي القاري ص 106-107، قال: وصرح الطحاوي بكراهة أداء ركعتي الطواف في الأوقات المكروهة عند أبي الحنفية والصاحبين، ونقل عن مجاهد والنخعي وعطاء جواز أدائها بعد العصر قبل اصفرار الشمس، وبعد الفجر قبل طلوع الشمس، قال الطحاوي: وإليه نذهب اهـ وقال ملا علي القاري: (ولا تصلى إلا في وقت مباح، فإن صلاها في وقت مكروه، قيل صحت مع الكراهة، ويجب عليه قطعها، فإن مضى فيها، فالأحب أن يعيدها) لعموم القاعدة: أن كل صلاة أديت مع الكراهة التنزيهية، يستحب إعادتها، ومع الكراهة التحريمية يجب إعادتها. اهـ.

(23)    سنن الترمذي أبواب الصلاة (135) باب ما جاء في الصلاة بعد العصر 1/345-351 رقم 184 وقال: والذي اجتمع عليه أهل العلم على كراهية الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس، وبعد الصبح حتى تطلع الشمس، إلا ما استثني من ذلك، مثل الصلاة بمكة بعد العصر حتى تغرب الشمس، وبعد الصبح حتى تطلع الشمس، بعد الطواف، فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم رخصة في ذلك، وقد قال به قوم من أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم، وبه يقول الشافعي وأحمد وإسحاق. وقد كره قوم من أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم الصلاة بمكة أيضاً بعد العصر والصبح، وبه يقول سفيان الثوري، ومالك بن أنس، وبعض أهل الكوفة، ومسند الإمام أحمد 6/124 و255 وأبو داود كتاب الصلاة باب الصلاة بعد العصر 2/23-24 رقم 1273 وشرح معاني الآثار للطحاوي 1/151 ذكر أحاديث كثيرة، وسنن النسائي 1/280.

(24)    الحديث ذكره البخاري مختصراً (25) كتاب الحج (71) باب من صلى ركعتي الطواف خارجاً من المسجد 2/165، وهو في الموطأ للإمام مالك (20) كتاب الحج (38) باب الصلاة بعد الصبح والعصر في الطواف رقم 117 ص 368 قال في المجموع 8/54: رواه مالك في الموطأ بإسناد على شرط البخاري ومسلم وذكر البخاري في صحيحه عن عمر رضي الله عنه تعليقاً أنه صلى ركعتي الطواف خارج الحرم فقال: فصلى عمر خارجاً من الحرم.

(25)    سنن الترمذي (7) كتاب الحج (42) باب ما جاء في الصلاة بعد العصر رقم (868) 3/320 ثم ذكر الخلاف فيه كما تقدم، مسند الإمام أحمد 4/80 نصب الراية 1/253، سنن النسائي 5/223، سنن البيهقي 5/92، صحيح ابن خزيمة كتاب المناسك (648) باب إباحة الطواف والصلاة بمكة بعد العصر وبعد الفجر 4/225-226 رقم (2747).

(26)    اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان، وضعه محمد فؤاد عبد الباقي 1/140 رقم (141) في البخاري (8) كتاب الصلاة (60) باب إذا دخل المسجد فليركع ركعتين، وفي مسلم (6) كتاب صلاة المسافرين (11) باب استحباب الركعتين في المسجد، وكراهة الجلوس قبل صلاتهما، وأنها مشروعة في جميع الأوقات.

(27)    هذا الحديث هو سبب الحديث الأول، ذكر ذلك ابن حجر في فتح الباري 1/538، انظر صحيح مسلم (6) كتاب صلاة المسافرين (11) باب استحباب تحية المسجد بركعتين 1/495 رقم (714).

(28)    اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان لمحمد فؤاد عبد الباقي 1/168 رقم (503) وانظر البخاري (11) كتاب الجمعة (33) باب التحية والإمام يخطب، ومسلم (7) كتاب الجمعة (14) باب التحية والإمام يخطب 2/596 رقم (55-875).

(29)    نفسه برقم (56-875)، وفيه عن جابر بن عبد الله قال: جاء سليك الغطفاني يوم الجمعة ورسول الله يخطب، فجلسن فقال له: "يا سليك! قم فاركع ركعتين وتجوز فيهما، ثم قال: "إذا جاء أحدكم" الحديث.

(30)        قال: كما نقل ذلك عن شريح والشعبي وابن سيرين.

(31)        متفق عليه انظر اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان لمحمد فؤاد عبد الباقي ص 165 رقم (494).

(32)        انظر فتاوى شيخ الإسلام 23/191-199 ثم انظر بعد ذلك إلى ص 221.

(33)    مناسك ملا علي القاري ص 105 حاشية عميرة وشرح المنهاج للمحلي 2/109، والمجموع شرح المهذب للنووي 8/58، مغني المحتاج للشربيني 1/491.

(34)    انظر بدائع الصنائع للكاساني 2/148، بداية المبتدي والهداية كلاهما للمرغيناني وانظر شرح فتح القدير لابن الهمام وشرح العناية للبابرتي 2/456، تبيين الحقائق للزيلعي 2/18، مناسك ملا علي القاري ص 94 و105، موطأ الإمام مالك 1/367، شرح الزرقاني للموطأ 2/370، المعونة للبغدادي 2/370، الحاوي للماوردي 5/268، حلية العلماء للشاشي 2/334، المجموع للنووي 8/57، حاشية قليوبي على شرح المنهاج للمحلي 2/108-109، الفروع لابن مفلح 3/53، المغني لابن قدامة 5/342-343، الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية 26 و127، الروض المربع للبهوتي مع الحاشية لابن قاسم 4/111، شرح منتهى الإرادات للبهوتي 2/53-54.

(35)    صحيح البخاري مع الفتح لابن حجر (8) كتاب الصلاة (30) باب قول الله تعالى: {واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى} (رقم 395) 1/499، صحيح مسلم (15) كتاب الحج (19) باب حجة النبي رقم (147-1218) 2/887-888، ومسند الإمام أحمد 2/365.

(36)        فتح الباري 1/499.

(37)        تفسير القرطبي 2/112-113.

(38)    انظر لكلام عمر صحيح البخاري (65) كتاب التفسير (2) باب تفسير سورة البقرة (9) واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى 5/149-150، سنن الترمذي (48) كتاب تفسير القرآن (3) باب ومن سورة البقرة (2959-2960) وانظر سنن ابن ماجه الإقامة (56).

(39)        مناسك ملا علي القاري ص 105.

(40)    وهي قوله تعالى: {واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى} وانظر لقول مجاهد: إن المراد بالمقام الحرم كله، فتح الباري لابن حجر 1/499، قال ابن حجر والأول أصح.

(41)        تحفة المحتاج لابن حجر 4/92.

(42)        مناسك ملا علي القاري ص 106.

(43)        مصنف عبد الرزاق 5/49 رقم (8960).

(44)        الخرشي على مختصر خليل 2/328.

(45)        وانظر صحيح مسلم (15) كتاب الحج (19) باب حجة النبي صلى الله عليه وسلم رقم (137-1218) 2/887.

(46)        الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية 17/482.

(47)        مناسك ملا علي القاري ص 105.

(48)    سيأتي ما يدل على أن عبد الرزاق رواه وهو صحيح، المصنف: 5/49 برقم (8960) عن بكير بن عبد الله المزني قال: رأيت ابن عمر إذا أراد أن يصلي خلف المقام جعل بينه وبين المقام صفاً أو صفين أو رجلاً أو رجلين.

(49)        مناسك ملا علي القاري ص 106، الحديث لم أجده مرفوعاً وإنما هو من فعل ابن عمر رضي الله عنه.

(50)        تقدم أنه من رواية مسلم في الصحيح 2/888 برقم (147-1218) وانظر سنن أبي داود 2/183 برقم (1905).

(51)    سنن ابن ماجه كتاب المناسك، باب الركعتين بعد الطواف، برقم (2991) وفيه أبو أسامة زيد بن علي الرقي صدوق، التقريب 1/276 وكثير بن المطلب مقبول التقريب 2/134 وباقي رواته ثقات.

(52)    قال في تهذيب الأسماء واللغات للنووي 3/80: سمي حجراً لاستدارته، والحجر: عرصة ملصقة بالكعبة منقوشة على شكل نصف دائرة، وعليه جدار بارتفاع ستة أذرع، وعرضه نحو خمسة أشبار، وللجدار طرفان ينتهي أحدهما إلى الركن العراقي، والآخر إلى الركن الشامي، وبين كل من الطرفين والركنين فتحة يدخل منها إلى الحجر. اهـ. بتصرف.

(53)    مصنف عبد الرزاق 2/35 برقم (2387) وانظر سنن أبي داود كتاب المناسك باب في مكة برقم (2016) بلفظ مختلف، وهو ضعيف لجهالة فيه؛ لأن كثير بن كثير لم يسمعه من أبيه وإنما سمعه عن بعض أهله.

(54)        مصنف عبد الرزاق 5/47-48 برقم (8953).

(55)        انظر معلومات عن الحجر الأسعد تأريخ الكعبة المعظمة لحسين عبد الله با سلامة ص 149.

(56)        5/48 برقم (8955).

(57)        مناسك ملا علي القاري ص 105.

(58)        مناسك ملا علي القاري ص 105-106.

(59)        مغني المحتاج للشربيني 1/491.

(60)    نصب الراية للزيلعي 3/55 قال: رواه مسلم (310-1297) 2/943 عن جابر قال (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرمي على راحلته يوم النحر، ويقول لنا "لتأخذوا عني مناسككم، فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد حجتي هذه" ورواه ابن خزيمة في صحيحه برقم (2877) والبيهقي في سننه (5/130).

(61)    حاشية قليوبي على شرح المنهاج للمحلي 1/109 وانظر عميرة فقد قال: فهما في المسجد أفضل من المنزل وإن كانتا نافلة، ثم نقل عن الشيخ العز ابن عبد السلام أن الصلاة إلى جهة الباب الشريف أفضل من سائر الجهات، وأجاب عنه. اهـ.

(62)        1/74.

(63)    صحيح البخاري (25) كتاب الحج الحج (71) باب من صلى ركعتي الطواف خارجاً من المسجد وصلى عمر رضي الله عنه خارجاً من الحرم 2/165، وقوله (ففعلت ذلك فلم تصل حتى خرجت) من تمام الحديث وليس من كلام ابن قدامة كما يتوهم. من لم يعلم ذلك. موطأ الإمام مالك (20) كتاب الحج (40) باب جامع الطواف رقم (123) ص 370-371 وسيأتي بعدُ.

(64)        مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر 1/273، وانظر تبيين الحقائق للزيلعي 2/18 شرح العلامة زروق على متن الرسالة 1/352.

(65)        مغني المحتاج للشربيني 1/491.

(66)    مختصر الطحاوي 2/135 م 602، المبسوط للسرخسي 4/47، بداية المبتدي والهداية كلاهما للمرغيناني وانظر شرح فتح القدير لابن الهمام وشرح العناية للبابرتي 2/456، وانظر بدائع الصنائع للكاساني 2/148، تبيين الحقائق للزيلعي 2/18، مناسك ملا علي القاري ص 105، بداية المجتهد لابن رشد 1/291، التاج والإكليل للمواق 3/114، والمستحب فعلها في المسجد أو بمكة، فإن صلاهما في طريقه بوضوء واحد، فلا رجوع عليه، وإن انتقض وضوؤه، أعاد الطواف والركوع اهـ. المجموع للنووي 8/57 الحاوي للماوردي 5/286، شرح المنهاج للمحلي 2/108-109، مغني المحتاج للشربيني 1/491، الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية 26/127، المغني لابن قدامة 5/342-343 م 663، معونة أولي النهى لابن النجار 3/480، شرح منتهى الإرادات للبهوتي 3/53-54، الفروع لابن مفلح 3/503.

(67)    مناسك ملا علي القاري ص 105، والمجموع شرح المهذب للنووي 8/58 ولا يجبر تركها بدم ثم نقل عن الشافعي استحباب الدم، مغني المحتاج للشربيني 1/491، وحلية العلماء للقفال الشاشي 3/334، والمغني لابن قدامة 5/232.

(68)    نقل كلام الثوري ومالك القفال الشاشي الشافعي في الحلية 3/335 وقال: وفي أي موضع صلاهما في المسجد وغيره جاز 3/334، ونقل قول الثوري أيضاً ابن أبي شيبة في مصنفه 4/60 رقم 8998) بلفظ (اركعهما حيث شئت ما لم تخرج من الحرم).

(69)    هو في البخاري كما سيأتي في الهامش بعد هذا مختصراً، وهو في موطأ الإمام مالك (20) كتاب الحج (38) باب الصلاة بعد الصبح والعصر في الطواف رقم 117 ص 368-369.

(70)    صحيح البخاري (25) كتاب الحج (71) باب من صلى ركعتي الطواف خارجاً من المسجد وصلى عمر خارجاً من الحرم 2/165، وقوله (ففعلت ذلك فلم تصل حتى خرجت) من تمام الحديث وليس من كلام ابن قدامة كما يتوهم من لم يعلم ذلك، موطأ الإمام مالك (20) كتاب الحج (40) باب جامع الطواف رقم (123) ص 370-371 وتقدم قريباً.

(71)        المغني لابن قدامة 5/232.

(72)    حاشية الشيخ شهاب الدين أحمد الشلبي على تبيين الحقائق للزيلعي 2/18، مناسك ملا علي القاري ص 105، المحلى لابن حزم 7/171، قال: ففرض عليه الرجوع، ولو كان بلده بأقصى الدنيا، حتى يطوف بالبيت. المجموع للنووي 8/58، مغني المحتاج للشربيني 1/491، حاشية عميرة على شرح المنهاج للمحلي 2/109.

(73)        المدونة لابن القاسم 1/314.

(74)        المدونة لابن القاسم 1/359.

(75)        مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر 1/273.

(76)        الأم للشافعي 2/237، المجموع للنووي 8/59، حاشية عميرة على شرح المنهاج للمحلي 2/109.

(77)        الفروع لابن مفلح 3/53.

(78)        أحكام القرآن للجصاص 1/74.

(79)        ص 105 و106.

(80)    التاج والإكليل للمواق 1/114، مواهب الجليل للحطاب معه 1/115 الشرح الكبير للدردير 2/43، وانظر الموطأ (20) كتاب الحج (37) باب (ركعتا الطواف) رقم 116 ص 368-369، والزرقاني على المختصر 2/288، وانظر حاشية البناني معه.

(81)        مواهب الجليل للحطاب 3/114.

(82)        8/56-57.

(83)        المجموع شرح المهذب للنووي 8/58.

(84)        تقدم هذا وانظر المعونة للبغدادي 1/370-371.

(85)        الزرقاني على المختصر 2/288 وانظر حاشية البناني معه.

(86)    المبسوط للسرخسي 4/74، مواهب الجليل للحطاب 3/115، جامع الأمهات 193، المجموع للنووي 8/59، مغني المحتاج للشربيني 1/491، وفي التحفة لابن حجر، بين الأفضلية فقال: والأفضل لمن طاف أسابيع فعلها عقب كل، ويليه ما لو أخرها إلى ما بعد الكل، ثم صلى لكل ركعتين، ويليه ما لو اقتصر على ركعتين. المغني لابن قدامة 5/233-234، وانظر موطأ الإمام مالك (كتاب الحج) (37) باب ركعتي الطواف رقم (116) ص 367-368، ذكر أن عروة كان لا يجمع بين السبعين، ولكنه كان يصلي بعد كل سبع ركعتين، ثم نقل عن مالك قوله: وإنما السنة أن يتبع كل سبع ركعتين.

(87)        انظر لأقوال غير المذاهب الأربعة: المغني لابن قدامة 5/233 م 619، والمجموع للنووي 8/67 مصنف عبد الرزاق، باب قرن الطواف 4/64-66 رقم 9012-9017 ذكر ما قلناه عن عائشة برقم (9017) والمسور بن مخرمة برقم (9014).

(88)    مصنف عبد الرزاق، باب قرن الطواف 4/64-66 رقم 9012-9017 ذكر ما قلناه عن عائشة برقم (9017) والمسور بن مخرمة برقم (9014).

(89)        المغني لابن قدامة 5/233.

(90)    المغني لابن قدامة 5/232 م 619، وألفاظ الأحاديث، والنقل الآتي، كله عن ابن قدامة، الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية 26/122.

(91)        ص 105-106.

(92)        انظر لهذه الآثار كلها مصنف عبد الرزاق 2/35-36 برقم (2385-2390).

(93)        مصنف عبد الرزاق 2/35 برقم (2388).

(94)        مصنف عبد الرزاق 2/35 برقم (2387) وانظر سنن أبي داود، كتاب المناسك، باب في مكة برقم (2016) بلفظ مختلف.

(95)        سنن ابن ماجه كتاب المناسك، باب الركعتين بعد الطواف، برقم (2991).

(96)        مصنف عبد الرزاق 2 م 35 برقم (2386).

(97)    رواه البخاري (3) كتاب العلم (18) باب متى يصح سماع الصغير 1/27، صحيح مسلم (4) كتاب الصلاة (47) باب سترة المصلي رقم (254-504) 1/361.

(98)        2/36 برقم (2390).

(99)        هذه قاعدة فقهية، انظر الأشباه والنظائر ص 83.

(100)  ذكر مناسك ملا علي القاري ص 107: أن ركعتي الطواف تكره عند شروع الإمام في المكتوبة، وبين صلاتي الجمع بعرفات والمزدلفة اهـ، قلت هذه لا تخص ركعتي طواف الوداع.

(101)   الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية 23/193-194، مناسك ملا علي القاري ص 107.

(102)   المجموع للنووي 8/57، مغني المحتاج للشربيني 1/491، حاشية عميرة على شرح المنهاج للمحلي 2/108-109.

(103)   5/203.

(104)   1/91.

(105)  صحيح البخاري (25) كتاب الحج (51) باب إغلاق البيت، ويصلي في أي نواحي البيت شاء 2/160، والحديث في صحيح البخاري أيضاً (25) كتاب الحج (52) باب الصلاة في الكعبة.

(106)   فتح القدير لابن الهمام 2/457، مناسك ملا علي القاري ص 107، المجموع للنووي 8/59، مغني المحتاج للشربيني 1/491.

(107)   الأشباه والنظائر للسيوطي ص 120.

(108)  تبيين الحقائق للزيلعي 2/19، مناسك ملا علي القاري ص 106، الخرشي على مختصر خليل 2/327-328، المجموع للنووي 8/57، حاشية قليوبي على شرح المنهاج للمحلي 2/108-109، الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية 26/127، الفروع لابن مفلح 3/53، شرح منتهى الإرادات للبهوتي 2/53-54، الروض المربع للبهوتي مع الحاشية لابن قاسم 4/111.

(109)  صحيح مسلم (15) كتاب الحج (19) باب حجة النبي صلى الله عليه وسلم ففي حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه الطويل: كان يقرأ في الركعتين: {قل هو ا لله أحد} {قل يا أيها الكافرون}.

(110)   الخرشي على مختصر خليل وانظر معه حاشية العدوي 2/327-328.

(111)   التحفة لابن حجر 4/93، مغني المحتاج للشربيني 1/491-492، حاشية قليوبي على شرح المنهاج للمحلي 2/109.

(112)   تفسير القرآن العظيم لابن كثير 3/68-69، وانظر تفسير أبي السعود 5/200.

(113)   مناسك ملا علي القاري ص 106-107.