أعمال الحاج بعد النفر من منى 1/3
10 ذو القعدة 1434
د. ياسين بن ناصر الخطيب

المقدمة: اللهم لك الحمد حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، عدد خلقك، ورضاء نفسك، وزنة عرشك، ومداد كلماتك، والصلاة والسلام على محمد، تركنا على المحجة البيضاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك، وعلى آله وصحبه السائرين على منواله وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين. وبعد: فإن العالم المفتي ما أن يتم حجه، حتى تنهال عليه الأسئلة من هنا ومن هناك، تسأل عن الوداع وكيفيته، وماذا يعمل الإنسان بعد الانتهاء من أعمال الحج. وتكثر الأسئلة عندما يكون مع الحاج أولاده وأهله، وقد توقف ليشتري لهم بعض الأشياء هل يعيد طواف الوداع أم لا، وأما إذا كان معه زوجته، وقد حاضت أو نفست، فهذه تحتاج إلى مزيد من الإيضاح والبيان. وقد يكون الحاج مع قافلة، فيعلمونه عن وقت مجيء السيارات؛ لنقلهم إلى المطار؛ ثم يتأخرون، هل يعيدون الطواف أم لا؟ هذا علاوة على من يسأل عن مكان المقام والحطيم والحجر... إلى آخر هذه الأسئلة التي لا تنتهي، حتى تبدأ من جديد. والعجيب أنك تجيب أحد السائلين، وبجانبه من يسأل نفس السؤال، فلا ينتبه عليك، بل لا بد من إعادة السؤال عليك، ولا بد من إعادة الجواب عليه. ولقد وجدت من المواضيع المهم التي فعلها النبي صلى الله عليه وسلم، ثم فعلها الخلفاء الراشدون من بعده، ولا نسمع لها أي ذكر في حج الناس، كالنزول بالمحصب، فإن النبي صلى الله عليه وسلم فعله، كما فعله أصحابه، ولم نجد أحداً يحصب في هذه الأيام. لكل ذلك أحببت أن أضع بين يدي القراء الكرام، هذه الأحكام، لعلها تخفف بعض الشيء عن كاهل الدعاة والمفتين، وسيقتصر الكلام – عند الكلام عن الطواف – عما يخص طواف الوداع غالباً، لأن مسائل الطواف وحدها تحتاج إلى رسالة. والله ولي القصد، وهو حسبي ونعم الوكيل، وصلى الله على محمد، وعلى آله وصحبه، وسلم تسليماً كثيراً، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. الفصل الأول: التحصيب: سنتكلم عمن نفر من منى(1) ثم مضى في حجه إلى آخر، في عشر مطالب. المطلب الأول: ضبطه: قال في المصباح: حصَّبته فهو محصَّب بالفتح اسم مفعول، ومنه المحصَّب موضع بمكة، على طريق منى، ويسمى البطحاء، وضبطه في اللباب، فقال: بضم ففتحتين، الأبطح. ووضح ذلك في مجمع الأنهر فقال: وهو بضم الميم، وفتح الحاء والصاد المهملتين، مع تشديد الصاد. زاد في المجموع ثم باء موحدة(2). المطلب الثاني: ما هو التحصيب؟ التحصيب في اللغة: قال في المقاييس(3): حصب: الحاء والصاد والباء: أصل واحد، وهو جنس من أجزاء الأرض، ثم يشتق منه، وهو الحصباء، وذلك جنس من الحصى، يقال حصبت الرجل بالحصباء، وريح حاصب، إذا أتت بالغبار، فأما الحصبة: فبثرة تخرج بالجسد، وهو مشبه بالحصباء. فأما المحصَّب بمنى فهو: موضع الجمار، قال ذو الرمة(4): أرى ناقتي عند المحصب شاقها *** رواح اليماني والهديل المرجَّع يريد نفر اليمانيين حين ينصرفون، والهديل ههنا أصوات الحمام، أراد أنها ذكرت الطير في أهلها فحنت إليها. من الباب الإحصاب، أن يثير الإنسان الحصى في عَدوه، ويقال أرض محصبَة: ذات حصباء. اهـ. (قلت) ذكر أن المحصب من منى، وهو غير سديد؛ لأن المحصب من مكة، كما سيأتي في مطلب مكان التحصيب، لكن لا بأس أن يقال لمنى المحصب، بسبب ما فيها من الحصباء التي يرمى بها في الحج. قال الترمذي(5): التحصيب: نزول الأبطح. المطلب الثالث: مكان المحصب: هو فناء مكة، وحَدُّه: ما بين الجبلين الملتصقين بالمقابر إلى الجبال المقابلة لذلك، مصعداً في الشق الأيسر، وأنت ذاهب إلى منى، مرتفعاً عن بطن الوادي(6). أو هو بعبارة أوضح: ما بين الجبل الذي عند مقابر مكة، والجبل الذي يقابله، مصعداً إلى الجهة الأعلى، في الشق الأيسر، وأنت ذاهب إلى منى، مرتفعاً عن بطن الوادي، وليس المقبرة من المحصَّب(7). وتسمى الآن الجعفرية، وهي تابعة لمنطقة الجميزة، ومكان التحصيب يقع في مكان عمائر الأشراف وما خلفه. المطلب الرابع: أسماؤه. ذكر للمحصب أسماء كثيرة(8): منها: 1- المحصب وهو المشهور، سمي بذلك لكثرة الحصباء فيه، من السيل. 2- الأبطح: لانبطاحه(9). (قلت) أي انبساطه بخلاف الجبل. 3- ويسمى البطحاء (قلت) لعله لانبطاحه كما تقدم. 4- ويسمى خَيْف بني كنانة. المطلب الخامس: سبب نزول النبي صلى الله عليه وسلم بالمحصب. سبب ذلك كما قال الكمال في الفتح(10): عن أسامة بن زيد قال: قلت: يا رسول الله! أين تنزل غداً؟ في حجته، قال (هل ترك لنا عقيل منزلاً)؟ ثم قال (نحن نازلون بخيف بني كنانة، حيث تقاسمت قريش على الكفر)(11)، يعني المحصب. وذلك أن قريشاً، تحالفت على بني هاشم وبني المطلب: أن لا يناكحوهم، ولا يبايعوهم، حتى يسلموا إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم(12): يعني بذلك المحصب. قل الكمال: فثبت بهذا أنه نزله قصداً؛ ليري لطيف صنع الله به، وليتذكر فيه نعمته سبحانه وتعالى عليه، عند مقايسة نزوله الآن إلى حاله قبل ذلك، أعني حال انحصاره من الكفار، في ذات الله تعالى، وهذا أمر يرجع إلى معنى العبادة، ثم هذه النعمة التي شملته صلى الله عليه وسلم من النصر والاقتدار على إقامة التوحيد وتقرير قواعد الوضع الإلهي الذي دعا الله تعالى إليه عباده؛ لينتفعوا به في دنياهم ومعادهم، لا شك في أنها النعمة العظمى على أمته؛ لأنهم مظاهر المقصود من ذلك النصر المؤزر، فكل واحد منهم جدير بتفكرها، والشكر التام عليها؛ لأنها عليه أيضاً، فكان سنة في حقهم أيضاً، وعن هذا حصب الخلفاء الراشدون. أخرج مسلم(13) عن ابن عمر رضي الله عنه (أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر رضي الله عنه كانوا ينزلون بالأبطح) وأخرج عنه أيضاً(14) (أنه كان يرى التحصيب سنة، وكان يصلي الظهر يوم النفر بالمحصب). قال نافع: قد حصَّب رسول الله صلى الله عليه وسلم والخلفاء بعده. اهـ. ثم بين أن هذه ليست سنة اندرس سببها، كالرَمَل وإنما هي سنة باقية، فقال: وعلى هذا الوجه لا يكون كالرمل، ولا على الأول – أي تحالف قريش-؛ لأن الإراءة لم يلزم أن يراد بها إراءة المشركين، ولم يكن بمكة مشرك عام حجة الوداع، بل المراد إراءة المسلمين الذين كان لهم علم بالحال الأول اهـ. المطلب السادس: حكم التحصيب. قال القاضي عياض: وأجمعوا على أنه ليس بواجب. وقال أيضاً: النزول بالمحصب مستحب عند جميع العلماء، وقال: وهو عند الحجازيين أوكد منه عند الكوفيين. نقل عنه ذلك النووي في المجموع(15). والذي يتصفح كتب الفقهاء يجد الاختلاف يسيراً في المسألة، بل قد يجده في المذهب الواحد. فالحنفية يرون أنه سنة، كما ذكر ذلك صاحبا البدائع والفتح، بينما يرى ابن عابدين من الحنفية أنه سنة كفاية، وعلل لذلك فقال لأن ذلك الموضع لا يسع الحاج جميعهم. ويرى المالكية والشافعية والحنابلة: أنه مستحب، ولم يخالف في ذلك غير شارح المنتهى، حيث قال: وظاهر كلامه: أن التحصيب ليس بسنة. اهـ. (قلت) لعله فهمه من عدم ذكره له، لكن ذلك لا يؤثر على القول بسنيته؛ لأن صاحب الإنصاف لم يذكره وكذا صاحب الفروع. وعلى هذا نستطيع القول: إن التحصيب سنة عند جميع الفقهاء الأربعة(16)، كما نقل الإجماع عنهم القاضي عياض. ولكن الاختلاف خاص ببعض الصحابة رضي الله عنهم كابن عباس وعائشة، وقد ذُكر الخلاف في المسألة في زاد المعاد في هدي خير العباد، وأنه على قولين وسأذكر القولين مرتبة بالأدلة فأقول: وقد اختلف السلف في التحصيب: هل هو سنة، أو منزل اتفق أن نزله النبي صلى الله عليه وسلم؟ على قولين: القول الأول: هو من سنن الحج، وبه قال الأئمة الأربعة وأكثر الفقهاء من السلف. القول الثاني: ليس بسنة بل منزل نزله رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال ابن عباس وعائشة رضي الله عنهما. الأدلة: استدل الذين قالوا بأن التحصيب سنة بما يلي: 1- بحديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال حين أراد أن ينفر من منى "نحن نازلون غداً إن شاء الله بخيف بني كنانة حيث تقاسموا على الكفر" متفق عليه وتقدم. 2- وفي مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "منزلنا – إن شاء الله، إذا فتح الله – الخيف، حيث تقاسموا على الكفر"(17). 3- وفي صحيح مسلم عن ابن عمر رضي الله عنه "أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر كانوا ينزلونه" وتقدم قريباً، ومثله في الترمذي(18)، إلا أنه زاد: وعثمان. 4- ونقل البخاري أن ابن عمر رضي الله عنه "كان يصلي الظهر والعصر والمغرب والعشاء، ويهجع، ويذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل ذلك"(19). 5- وفي مسلم والترمذي "أن ابن عمر كان يرى أن التحصيب سنة" وتقدم. واستدل أصحاب القول الثاني القائلون إن التحصيب ليس بسنة بما يلي: 1- عن ابن عباس قال: (ليس المحصب بشيء، وإنما هو منزل نزله رسول الله "ليكون أسمح لخروجه"(20). 2- وروي في الصحيحين مثله عن عائشة(21). 3- وفي صحيح عن أبي رافع قال: "لم يأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أنزل بالأبطح حين خرج من منى، ولكني جئت فضربت فيه قبة، فجاء فنزل"(22). 4- قالوا: وعلى هذا فهو أمر توفيقي لا توقيفي، أي هكذا اتفق، حيث جاء تصديقاً لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم "نحن نازلون غداً بخيف كنانة" متفق عليه، وقد تقدم، وتنفيذاً لما عزم عليه صلى الله عليه وسلم، وموافقة منه لرسوله صلى الله عليه وسلم. الترجيح: بعد أن عرفنا ما قاله كل فريق وأدلتهم، أرى أن قول الفريق الأول أولى بالقبول، لما يلي: 1- الأحاديث التي استدل بها القائلون بالتحصيب، كلها صحيحة، بل متفق على صحتها، وفيها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "نحن نازلون غداً بخيف بن كنانة" وهو المحصب، ونزل صلى الله عليه وسلم فيه، فصار هذا النزول سنة بالقول والفعل. 2- إن أبا بكر وعمر وعثمان كانوا ينزلون في المصحب، كما كان صلى الله عليه وسلم ينزل فيه، وهذا دليل على أنهم رضي الله عنهم كانوا يرون أن هذا من السنة. 3- إن نافعاً قال: "قد حصب رسول الله صلى الله عليه وسلم والخلفاء بعده". 4- إن ابن عمر كان ينزل فيه، ويرى أنه من السنة. 5- ثم ما رأيناه في المطلب الخامس، عند ذكر سبب التحصيب، من أن قريشاً وبني كنانة تقاسموا على بني هاشم وبني المطلب ألا يناكحوهم، إلخ كل هذا دليل، على أن التحصيب بهذا السبب مقصود لذاته، ولم يكن اتفاقاً كما قال أصحاب القول الثاني. 6- بَوَّب الإمام مسلم رضي الله عنه للباب فقال: "باب استحباب النزول بالمحصب، يوم النفر والصلاة فيه" وهذا دليل على أن الإمام مسلماً فهِم من فعل النبي صلى الله عليه وسلم ومن فعل الخلفاء بعده، ومن فعل ابن عمر، أن النزول بالمحصب سنة. لكل ذلك يترجح لدي القول الأول القائل: إن التحصيب سنة، وأقول: لمن قدر عليه. المطلب السابع: ماذا يفعل في المحصب؟ اتفق الفقهاء على أنه يستحب للإنسان أن يصلي في المحصب أربع صلوات: هن الظهر والعصر والمغرب والعشاء، كما اتفقوا على أنه يستحب له أن يرقد رقدة بالمحصب، ثم يركب إلى منى. واستدلوا على ذلك بالأحاديث الصحيحة وهي: 1- ما روى البخاري: (أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء، ثم رقد رقدة بالمحصب، ثم ركب إلى البيت فطاف به، ذكره البخاري في موضعين)(23). 2- وفي مسلم أن ابن عمر كان يصلي الظهر يوم النفر بالحصبة(24). 3- وفي أبي داود والنسائي(25) كما عند البخاري إلا أن في أبي داود قال: ثم هجع هجعة ثم دخل مكة، وكان ابن عمر يفعله. 4- وفي أبي داود أيضاً: أن ابن عمر كان يهجع هجعة بالبطحاء، ثم يدخل مكة، ويزعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك. (قلت) وهذا صحيح للأدلة الذي ذكرت. المطلب الثامن: مدة البقاء في المحصب. لم يذكر الفقهاء مدة لبقاء الحاج بالمحصب؛ لأن الوقت المحدد للبقاء معلوم من فعل النبي صلى الله عليه وسلم، فهو عليه الصلاة والسلام، دخل المحصب بعد الظهر، قبل أن يصليها، وصلى الظهر بالمحصب، وبقي حتى صلى العشاء، ثم رقد رقدة، ثم ركب إلى مكة. هذا هو الوقت الذي بقيه صلى الله عليه وسلم، وهذا هو الذي دعا الفقهاء الثلاثة إلى أنهم لم يذكروا وقتاً للتحصيب، إلا أن الحنفية جعلوا للداخل إلى المحصب وقتين: وقتاً يحصل فيه أصل السنة وهو الدخول والبقاء ولو ساعة، بل ولو وقف على راحلته يدعو، كفى، ووقتاً يحصل به كمال السنة، وهو فعل ما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم. انظر المراجع السابقة(26). (قلت) لم يثبت أنه صلى الله عليه وسلم دعا. الترجيح: الذي أراه راجحاً: هو أن يفعل الحاج كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "لتأخذوا عني مناسككم"(27) والله أعلم. المطلب التاسع: وقته. قال في الزاد: ولم يتعجل صلى الله عليه وسلم في يومين بل أخر حتى أكمل رمي أيام التشريق الثلاثةن وأفاض يوم الثلاثاء بعد الظهر إلى المحصب، وهو خيف بني كنانة. (قلت) وعلى هذا اتفقت الأحاديث التي ذكرت سنة التحصيب: أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل المحصب بعد الظهر، وصلى فيه الظهر، والثلاثة الأوقات بعده. فهذا هو أول وقت الدخول إلى المحصب. أما آخر وقت له، فهو ما ذكرته الأحاديث المتقدمة – وكلها صحيحة، بل في غاية الصحة – أن الحاج بعد أن يصلي الصلوات الأربع: الظهر والعصر والمغرب والعشاء، ثم يرقد رقدة، عند ذلك ينتهي وقت التحصيب، وعلى الحاج أن يدخل مكة، إذا أراد أن يطوف طواف الوداع(28). (قلت) وهذا صحيح، وينبغي للحاج أن يلتزم – حسب الطاقة – بما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه ما جاء من الأماكن البعيدة إلا لكي يكمل حجه، ويأخذ عن النبي صلى الله عليه وسلم مناسكه. المطلب العاشر: لمن يسن التحصيب؟ ذكر هذه المسألة الزرقاني(29) وغيره، فقد قال الزرقاني – بعد قول المختصر: وتحصيب الراجع؛ ليصلي فيه أربع صلوات – قال: هذا في غير المتعجل على الأصح، وأما هو فلا يندب له، وظاهره ولو مقتدى به، وفي غير يوم الجمعة وإلا تركه، ودخل لصلاتها. من هذا النص نفهم: 1- أن التحصيب ليس بسنة على من يريد التعجل في يومين، ولا يريد التأخر. (قلت) يمكن أن يشهد لهذا فعله صلى الله عليه وسلم، فقد تأخر حتى أتم رمي الأيام الثلاثة، ثم نزل المحصب. 2- كما نفهم أن من كان يقتدى به لا ينبغي له أن يترك التحصيب. (قلت) لعل ذلك حتى لا يتهاول الناس بها، وهذا شيء جيد، ولذلك استحب مالك لمن يقتدى به: أن لا يدع النزول بالأبطح(30). 3- قال ابن عابدين في حاشيته: وينبغي لأمراء الحج، وكذا غيرهم أن ينزلوا فيه، ولو ساعة؛ إظهاراً للطاعة(31). 4- ونفهم أيضاً أنه إذا كان آخر أيام التشريق الثلاثة يوم جمعة، فلا يسن للحاج التحصيب، بل ينبغي للحاج أن يذهب لأداء صلاة الجمعة. (قلت) وهذا دليله قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [الجمعة:9]. 5- ويرى الحطاب في المواهب أن التحصيب سنة للحاج، سواء كان يقيم بمكة أم لا. (قلت) وهذا لعدم وجود مخصص، فيبقى الأمر عاماً في كل حاج. المطلب الحادي عشر: هل التحصيب نسك؟ قال القاضي عياض: أجمعوا على أنه ليس من المناسك. وقال القرافي: وليس التحصيب بنسك(32). وقال النووي من الشافعية(33): ولو ترك النزول به، فلا شيء عليه، ولا يؤثر في نسكه؛ لأنه سنة مستقلة، ليست من مناسك الحج، قال: وهذا معنى ما ذكرنا من حديث ابن عباس وعائشة رضي الله عنهما. (قلت) يريد النووي: أن ما قاله ابن عباس وعائشة رضي الله عنهما يؤيد هذا، فقد ثبت في الصحيحين(34) أنه قال ابن عباس رضي الله عنه "ليس التحصيب بشيء، إنما هو منزل نزله رسول الله صلى الله عليه وسلم"، وقالت عائشة رضي الله عنها "نزول الأبطح ليس بسنة، إنما نزله رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه كان أسمح لخروجه إذا خرج". الفصل الثاني: في طواف الوداع، وفيه عشرة مطالب: المطلب الأول: تعريف الطواف: الطواف لغة: من طاف بالشيء يطوف طَوْفاً وطَوَفاناً: استدار به، وهو الدوران حول الشيء، يقال: طاف حول الكعبة، وبها يطوف طَوْفاً وطَوَفاً بفتحتين: استدار، والمطاف: موضع الطواف، وتطوف وطوَّف بمعنى: طاف، ومنه قوله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [البقرة: من الآية158] أصله يتطوَّف، قلبت التاء طاء، ثم أدغمت بالطاء، فصار يطَّوَف. والطواف: لمشي حول الشيء، ومنه: الطائف لمن يدور حول البيت. والمرأة طوّافة على بيوت جاراتها، ومنه استعير الطائف من الجن، والطائف من الخيال وغيرهما، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا} [الأعراف: من الآية201] وهو من يدور على الإنسان يطلب اقتناصه. والطيف: خيال الشيء وصورته المترائى له في المنام أو اليقظة، ومنه قيل للخيال: طيف. والطائفة: الفرقة من الناس، ومن الشيء: القطعة منه، والطائفة من الناس الجماعة، وأقلها ثلاثة، وربما أطلقت على الواحد والاثنين. والطوفان: كل حادثة تحيط بالإنسان، صار متعارفاً في التناهي في الكثرة في الماء؛ لأن الحادثة التي نالت قوم نوح عليه السلام كانت ماءً. والطَوْف من قولهم: "طاف به": أي ألَمَّ، يقال "طاف يطوف طوفاً وطوفاناً وتطوف واستطاف" كله بمعنىً(35). وقال ابن فارس في المقاييس: الطاء والواو والفاء: أصل واحد صحيح يدل على دوران الشيء على الشيء، وأن يحف به، ثم يحمل عليه، يقال طاف به، وبالبيت، يطوف طوفاً وطوفاناً، وأطاف به، واستطاف، ثم يقال لما يدور بالأشياء، ويغشيها من الماء طوفاناً، والطيف والطائف: ما أطاف بالإنسان من الجِنان، يقال طاف وأطاف، قال الله تعالى: {إِذَا مَسَّهُمْ طَيِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ} [الأعراف: من الآية201](36) ويسمى طائفاً أيضاً قال الأعشى: وتصبح من غب السرى وكأنها *** ألم بها من طائف الجن أولق ويقولون في الخيال: طاف وأطاف، ويروى: أنى ألم بك الخيال يطيف *** وطوافه بك ذكرة وشغوف ثم تكلم عن الطائفة كلاماً كثيراً. اهـ(37). وفي المعجم الوسيط: طاف حوله، وبه، وعليه، يطوف طَوْفاً وطَوَفاناً: دار وحام – والخيال وغيره به، أو عليه: ألمَّ، و- الكرى أو النوم به أو عليه: نعس، و- به على كذا: دا. اهـ. وذكر أن تطوَّف مثل طاف، قال تعالى: {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [البقرة: من الآية158](38). تعريف الطواف اصطلاحاً: لم أجد من الفقهاء مَن عرفه تعريفاً اصطلاحياً، لكن يمكن أخذ تعريف له من كلام الفيومي في المصباح: بأن طاف بالبيت: استدار به(39). وفي معجم المصطلحات الفقهية: هو الدوران حول البيت الحرام، وهو الدوران حول الكعبة، سبعة أشواط متتالية، بلا فصل كثير(40). ويقال طواف، ولا يقال دور، وكان عطاء يكره أن يقال دور، ويقول: قلْ طواف. (قلت) يعني: لا يقول الطائف: درت ثلاثة أدوار، أو أربعة أدوار، ولكن يقول طفت ثلاثة أطوفة أو أربعة أطوفة(41). وقال في المجموع: قال الشافعي في الأم والأصحاب: يكره أن يسمى الطواف شوطاً، وكرهه مجاهد أيضاً، قال الشيخ أبو حامد والماوردي وغيرهما: قال الشافعي: كره مجاهد أن يقال شوط أو دور، ولكن يقول طواف وطوافان، قال الشافعي وأكره ما كره مجاهد؛ لأن الله تعالى سماه طوافاً، فقال الله تعالى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: من الآية29]. قال النووي معقباً على قول مجاهد: وقد ثبت في صحيحي البخاري ومسلم(42) عن ابن عباس رضي الله عنه قال: (أمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرملوا ثلاثة أشواط، ولم يمنعه أن يرملوا الأشواط كلها، إلا الإبقاء عليهم). وهذا الذي استعمله ابن عباس مقدم على قول مجاهد، ثم إن الكراهة تثبت بنهي الشرع، ولم يثبت في تسميته شوطاً نهي، فالمختار أنه لا يكره. اهـ(43). (مسألة) السُبُوع ما هو؟ في القاموس المحيط: الأسبوع من الأيام، والسُبُوع بضمهما، وطاف بالبيت سبعاً وأسبوعاً وسبوعاً. اهـ. وفي النهاية في غريب الحديث: طاف بالبيت أسبوعاً: أي سبع مرات. اهـ(44). المطلب الثاني: أنواع الطواف. للطواف أنواع: أوصلها ملا علي القاري(45) إلى سبعة أنواع، هي: (أ) طواف القدوم. (ب) طواف الزيارة. (ج) طواف الوداع. (د) طواف العمرة. (هـ) طواف النذر. (و) الطواف لتحية المسجد. (ز) طواف التطوع. المطلب الثالث: أسماء أطوفة الحج: وقد ذكر ملا علي القاري(46) أسماء لكل واحد من الأطوفة الثلاثة المتعلقة بالعج، فقال: طواف القدوم، يسمى: طواف التحية، وطواف اللقاء، وطواف أول عهد بالبيت، وطواف الوارد، وطواف الورود. زاد الشربيني: طواف القادم(47). وطواف الزيارة: يسمى طوافَ الركن، وطوافَ الحج، وطوافَ الفرض، وطوافَ يوم النحر. وطواف الصَدَر: بفتحتين بمعنى الرجوع، ومنه قوله تعالى: {يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتاً} [الزلزلة: من الآية6] ولذا سمي طوافَ الرجوع، ويسمى طوافَ الوداع – بفتح الدال وبكسرها – لموادعة البيت، أو الحجِّ، لعدم صحته بدونه. (مسألة) كره مالك أن يسمى طواف الوداع، وقال: ليقل الطواف(48)، ويسمى طوافَ الإفاضة؛ لأنه لا يصح إلا بعد المراجعة من الوقوف، وأداء طواف ركنه، ويسمى طوافَ آخر عهدٍ بالبيت؛ لأنه يسن وقوعه حينئذٍ ومعنى العهد: اللقاء، يقال: عهدته في مكان كذا: أي لقيته بمكان كذا، ويسمى الطوافَ الواجب؛ لكونه واجباً دون الفرض الذي هو طواف الزيارة(49). وسنسير في هذا البحث على تسمية هذا الطواف بطواف الوداع على المشهور. المطلب الرابع: حكم طواف الوداع. اختلف الفقهاء في حكم طواف الوداع على قولين: القول الأول: إن طواف الوداع واجب. وبه قال الحنفية(50) والشافعية في الأصح(51)، والحنابلة(52)، والظاهرية(53). وبه قال الحسن البصري والحكم وحماد والثوري وإسحق بن راهويه وأبو ثور. القول الثاني: إن طواف الوداع سنة، وليس بواجب. وبه قال المالكية(54). الأدلة: استدل أصحاب القول الأول القائلون بوجوب طواف الوداع بما يلي: 1- روى ابن عباس رضي الله عنه قال (أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت، إلا أنه خفف عن الحائض)(55). 2- عن ابن عباس رضي الله عنه قال (كان الناس ينصرفون من كل وجه) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا ينفرنَّ أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت"(56). 3- عن عائشة رضي الله عنها أن صفية بنت حيي زوج النبي صلى الله عليه وسلم حاضت، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "أحابستنا هي؟" قالوا: إنها قد أفاضت، قال صلى الله عليه وسلم: "فلا إذاً"(57). 4- وروى مالك في الموطأ، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: (لا يصدرُن أحد من الحاج، حتى يطوف بالبيت، فإن آخر النسك الطواف بالبيت)(58). 5- قال مالك: في قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه فإن آخر النسك الطواف بالبيت، إن ذلك فيما نرى – والله أعلم – لقول الله تبارك وتعالى: {وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج: من الآية32]، وقال: {ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: من الآية33]، فجُعل الشعائر كلها، وانقضاؤها إلى البيت العتيق. اهـ. 6- وعن مالك عن يحيى بن سعيد أن عمر بن الخطاب (ردَّ رجلاً من مر الظهران لم يكن ودع البيت حتى ودع(59). واستدل القائلون: إن طواف الوداع سنة بما يلي: 1- إنه لو كان واجباً لما سقط عن المكي، ولا عن الحائض. 2- أنه لا يجب بتركه شيء، كطواف القدوم. 3- ولأنه كتحية المسجد، فكان كطواف القدوم(60). 4- ولأنه لما كان من سنة القادم، أن يطوف بالبيت تحية وتسليماً، اقتضى أن يكون من سنة الخارج، أن يطوف بالبيت تحية وتوديعاً(61). المناقشة: نوقش استدلال أصحاب القول الثاني القائلين بأن طواف الوداع سنة بما يلي: 1- بأنها معارضة بالأحاديث الصحيحة الصريحة الدالة على الوجوب التي تقدم قسم منها، والتي لا يوجد صارف لها عن الوجوب. 2- أما قولكم: بسقوطه عن أهل مكة؛ فلأن أهل مكة لا يصدرون، فلا يجب عليهم؛ لأن التوادع من شأن المفارق، ويلحق بهم أهل ما دون الميقات؛ لأنهم بمنزلتهم أما سقوطه عن الحائض فهذا بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. 3- ولأنه ليس في سقوطه عن المعذور، ما يجَوِّز سقوطه عن غيره، كالصلاة تجب على العاقل وتسقط عن المجنون. 4- إن تخصيص الحائض بإسقاطه عنها، دليل على وجوبه على غيرها؛ إذ لو كان ساقطاً عن الكل، لم يكن لتخصيصها بذلك معنىً. 5- ونستطيع أن نقول أيضاً: بأن استدلالاتكم وأقيستكم هذه هي اجتهاد في مقابلة النص فلا تقبل. الترجيح: واضح من هذه الأدلة والمناقشة: أن قول أصحاب القول الأول، القائلين بوجوب طواف الوداع، هو الراجح بل هو الصحيح؛ لصحة الأحاديث الآمرة بطواف الوداع. (مسألة) لا فرق في وجوب طواف الوداع بين المفرد، والقارن، والمتمتع(62). (مسألة) نص المالكية(63) على أنه لا وداع على المتردد على مكة في أشغاله، مهما ابتعد، وهذا لأن حكم المتردد على مكة كالحطاب والسقاء ونحوهما لا إحرام عليهم فلا وداع. المطلب الخامس: هل يجب بترك طواف الوداع دم؟ اختلف الفقهاء في هذه المسألة على قولين: القول الأول: يجب بترك طواف الوداع دم. وبه قال الحنفية والشافعية في الأصح، والحنابلة(64). وبه قال الحسن البصري، والحكم، وحماد، والثوري، وإسحاق، وأبو ثور. القول الثاني: لا يجب بترك طواف الوداع شيء. وبه قال المالكية(65) والشافعية في القول الثاني عندهم. الأدلة: علل أصحاب القول الأول القائلون بأن من ترك طواف الوداع عليه دم، فقالوا: لأن طواف الوداع واجب، والواجب إذا تركه الحاج يجب بتركه دم، وحتى لو قلنا بأنه غير نسك، فإنه شبيه بالنسك صورة، فيجب بتركه دم. وعلل أصحاب القول الثاني القائلون بأنه لا شيء فيه، فقالوا: لأنه مسنون، ولا شيء في المسنون. وأيضاً للحائض تركه، ولا شيء عليها. ولأنه طواف خارج عن الإحرام، فلا يجب به شيء كالتطوع. المناقشة: ناقش أصحاب القول الثاني أصحاب القول الأول، فقالوا: إن قولكم: ولشبهه بالنسك صورة، مردود بالنذر، فهو يشبه النسك صورة، ولا يجب بتركه شيء. الترجيح: ما دمنا رجحنا أن حكم طواف الوداع الوجوب، فلا بد من القول بأن الواجب على من ترك طواف الوداع دم؛ لأن الفقهاء متفقون على ذلك، قال ملا علي القاري: وحكم الواجبات أنه يلزم دم بتركها. المطلب السادس: هل طواف الوداع نسك؟ اتفق الفقهاء بلا خلاف(66) على أن طواف الوداع ليس بركن. وعللوا ذلك، فقالوا: لأن التحلل يحصل بدونه؛ ولأنه يسقط عن المكي، وعن الحائض، ولم يسقط طواف الزيارة عنهما. ثم اتفقوا على أن طواف الوداع ليس بنسك، وقد اختلفت عباراتهم؛ فمنهم من صرح بذلك، ومنهم من لمح تلميحاً، وإليك نصوصهم: قال الحنفية(67): ومحل الطواف هو الفراغ من الأعمال، ثم قالوا: والمستحب أن يكون عند إرادة السفر. اهـ. وقال الزرقاني المالكي: وكذا يدل عليه أن المكي ليس عليه وداع، وكذا من حج من غيرها – أي من غير أهل مكة – ولم يرد الخروج. وعلل ذلك فقال: إذ لو كان من أمر الحج لكان على المكي وغيره(68). وقال الحطاب(69) المالكي: طواف الوداع ليس مقصوداً لذاته، بل المقصود أن يكون آخر عند بالبيت للحديث. وقال الشربيني من الشافعية(70): والمعتمد أنه ليس من مناسك الحج كما قاله الشيخان، بل هو عبادة مستقلة، خلافاً لأكثر المتأخرين. وقال ابن حجر في التحفة(71): علم أنه ليس من المناسك، وهو ما صححناه، وإن أطال جمع في رده، على أن من قال إنه منها – كما في المجموع في موضع – أراد: من توابعها. وقال ابن مفلح الحنبلي: قال القاضي والأصحاب: إنما يستحق عليه عند العزم على الخروج، واحتج به شيخنا على أنه ليس من الحج، وكذا في التعليق: أنه ليس منه ولا يتعلق به. (قلت) وكل هذا يدل على أنهم يقولون: إنه ليس بنسك، بل هو خارج النسك، ويكون عند قضاء أعمال الحج. ولم يقل أحد إنه نسك – فيما أعلم – إلا المواق، فقد قال: إنه سنة ونسك، ولا يسقط إلا عن الحائض. اهـ. وفي المجموع ذكر النووي خلافاً فقال: فإمام الحرمين والغزالي قالا: إنه من المناسك، وليس على الحاج والمعتمر طواف الوداع إذا خرج من مكة لخروجه، وقال البغوي والمتولي: طواف الوداع ليس من المناسك، بل هو عبادة مستقلة، يؤمر بها من أراد مفارقة مكة إلى مسافة القصر، سواء كان مكياً أم آفاقياً، وهذا الأول أصح عند الرافعي وغيره من المحققين؛ تعظيماً للحرم. ثم بين أن عدم وجوبه على المكي، دليل على ذلك، ولو كان نسكاً لعم الحجيج، ويؤيده ما في مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يقيم المهاجر بمكة بعد قضاء نسكه ثلاثاً"(72). وجه الدلالة أن طواف الوداع يكون عند الرجوع، وسماه قبله قاضياً للمناسك، وحقيقته أن يكون قضاها كلها. اهـ. (قلت) وهكذا نجد: أن الراجح أن طواف الوداع، ليس من المناسك، وإنما هو عبادة مستقلة عنها، والله أعلم. المطلب السابع: ثمرة الخلاف في أن الطواف نسك أم لا؟ ينبني على هذه المسألة أمران: الأول: هل يفتقر طواف الوداع إلى نية أم لا؟ فإذا قلنا: إنه نسك، فلا يحتاج إلى نية مستقلة، كباقي الأنساك، فالوقوف بعرفة لا يحتاج إلى نية مستقلة، وكذا الوقوف بالمزدلفة، لا يحتاج إلى نية مستقلة، وهكذا رمي الجمار، والمبيت بمنى.. إلخ. أما إذا قلنا بأنه ليس بنسك، فهو يحتاج حينئذ إلى نية مستقلة، لعدم ارتباطه بشيء، فهو كصلاة الضحى، والتراويح، وما شاكل ذلك. الثاني: هل على الأجير الذي يحج عن الغير طواف الوداع؟ الجواب: إذا قلنا: إن طواف الوداع نسك من الأنساك، فحينئذ يجب على الأجير فعله؛ لأنه مأمور بفعل كل أنساك الحج. أما إذا قلنا: إن طواف الوداع ليس بنسك، فلا يجب على الأجير فعله. وما دمنا أننا رجحنا أن طواف الوداع ليس بنسك؛ فمعنى ذلك أننا نقول: 1- إن على من يطوف طواف الوداع، أن ينوي الطواف للوداع. 2- ليس على الأجير فعله عن المستأجر. 3- هل يجب فعله على المستأجر عن نفسه؛ لأنه حاج أو معتمر؟ الذي أرجحه: أنه يجب على الأجير أن يأتي به عند مفارقته مكة؛ ليكون آخر عهده بالبيت. والله أعلم. المطلب الثامن: حكم الينة لطواف الوداع. اختلف الفقهاء في هذه المسألة، بل لعلنا نجد الاختلاف في المذهب الواحد، لكن وضَع الحنفية قاعدة، ووضَع الشافعية قاعدة أخرى. فقال الحنفية: وهاهنا أصل، وهو أن كل من وجب عليه طواف وأتى به في وقته وقع عنه، سواء نواه بعينه أو لم ينوه، أو نوى به طوافاً آخر، فالمحرم إذا دخل مكة فطاف، ولم ينو شيئاً أو نوى التطوع، فإن كان معتمراً، وقع عن طواف العمرة، وإن كان حاجاً، وقع عن طواف القدوم، وإن كان قارناً، كان الطواف الأول عن العمرة، ثم ما بعده للحج، سواء نوى التطوع أو طوافاً آخر، وإنما كان كذلك لأن الإحرام قد انعقد لأدائه، فإذا أتى به وقع عن المستحق، ولم يتغير بنيته، كما إذا سجد ينوي به تطوعاً، لم يتغير بنيته، ووقعت السجدة عما هو مستحق عليه. اهـ(73). فالحنفية في قولهم هذا، يرون أن النية مهما كانت، إذا كانت في وقت أمر واجب فإنها تقع عن الواجب، ولا تقع عما نواه. ووضع الشافعية قاعدة أخرى فقالوا: واتجه أنه حيث وقع إثر نسكه، لم تجب له نية نظراً للتبعية، وإلا وجبت لانتفائها(74). وقال الشيخ الشرواني في حاشيته على التحفة: ظاهره أنه إذا وقع بعد نسك لا يحتاج لنية، ولو طال الفصل جداً. وفي مغني المحتاج للشربيني: أنه إن قلنا: إنه نسك فلا يحتاج إلى النية، وإلا فلا. (قلت) معنى هذا أن الحاج لو رمى الجمار، وخرج لطواف الوداع، فلا بد – إذا أراد أن يطوف – من النية؛ لأنه لم يسبق طوافه نسك، إلا على قول الشيخ الشرواني. وقال الشرواني أيضاً: وخالف الشربيني في المغني والرملي في في النهاية فقالا باشتراط النية مطلقاً: سواء كان ذلك عقب نسك أم لا. (قلت) قال الشربيني(75): ولا يدخل الطواف تحت غيره من الأطوفة، بل لا بد من طواف يخصه، حتى لو أخر طواف الإفاضة، وفعله بعد أيام منى، وأراد الخروج عقبه، لم يكف. اهـ. وخالف كل هؤلاء المحلي في شرحه حيث قال: لا تجب نية الطواف في الأصح؛ لأن نية الحج، أو العمرة تشمله، نعم يشترط أن لا يصرفه إلى غرض آخر، كطلب غريم في الأصح، ولو نام على هيئة لا تنقض الوضوء، صح طوافه في الأصح، أما الطواف في غير الحج والعمرة، فلا يصح بلا نية، بلا خلاف. أما القليوبي في حاشيته، فقد جعل قاعدة مثل قاعدة الحنفية فقال: أما لو صرفه لطواف آخر، فرضاً أو نفلاً فلا ينصرف، بل يقع عما عليه، ولو صرفه عن الطواف وغيره، فالقياس وقوعه عما عليه، وكذا لو قصد به الطواف وغيره. اهـ. وهكذا وجدنا الاختلاف في المذهب الشافعي كبيراً. وقد جمع النووي كلام الشافعية فقال: فحصل في المسألة ثلاثة أوجه: أحدها: لا يصح طوافه إلا بنية. والثاني: يصح بلا نية ولا يضر صرفه إلى غيره. وأصحها يصح بلا نية بشرط أن لا يصرفه إلى غيره. اهـ(76). والحنابلة يشيرون إلى وجوب النية في طواف الوداع؛ لأن صاحب المغني قال عن طواف الإفاضة: وصفة هذا الطواف كصفة طواف القدوم، سوى أنه ينوي به طواف الزيارة، ويعينه بالنية. اهـ، فقوله: ويعينه بالنية، دليل على أن طواف القدوم وهو سنة لا يحتاج إلى النية، وعلى هذا طواف الوداع، لا بد له من النية لأنه طواف واجب عند الحنابلة. وقال ابن مفلح(77): الوداع لا يفتقر إلى نية... ولكن نية الحج تشتمل على جميع أفعاله، كما أن نية الصلاة تشتمل على جميع أركانها وواجباتها، وهذه من الواجبات، وقد شملتها نية الحج. وقال غير واحد – في مسألة النية – إن الحج كالعبادات – يعني المنفصلة عن بعضها – لتعله بأماكن وأزمان، فيفتقر كل جزء منها إلى نية. اهـ. (قلت) تقديمه عدم وجوب النية دليل على القول به، والله أعلم. ولم أجد فيما رأيت من ذكر النية من المالكية، لكن ابن هبيرة – من الحنابلة – نقل عنهم عدم اشتراط ذلك، فقال: واختلفوا في تعيين النية لهذا الطواف الفرض. فقال أبو حنيفة ومالك والشافعي: لا يجب تعيينها. وقال أحمد يجب تعيين النية له. (قلت) فابن هبيرة، جعل المالكية كالحنفية والشافعية في عدم اشتراط النية. والذي أراه: أن القاعدة التي يمكن أن توضع بالنسبة للنية في طواف الوداع هي: أن من قال إنه نسك، ينبغي أن يقول: إنه لا يحتاج إلى النية؛ لأن نية النسك الذي هو فيه تشمله، ومن قال إنه ليس بنسك، فينبغي أن يقول: إنه يحتاج إلى النية؛ لأنه ليس بنسك، حتى تشمله نية النسك. الترجيح: وما دمنا قد رجحنا أن طواف الوداع ليس بنسك، فنقول: إنه يحتاج إلى النية، والله أعلم. المطلب التاسع: هل يجزئ غير طواف الوداع عنه؟ اتفق العلماء على جواز أن يطوف للزيارة أو العمرة عن طواف الوداع، ولكن عباراتهم مختلفة، وكما يلي: قال السغدي في النتف: فإن ترك طواف الزيارة، وطاف للوداع، فإنه يقوم مقام الزياة، وعليه دمان: دم تأخيره طواف الزيارة، ودم لفوات طواف الوداع، في قول أبي حنيفة. وفي قول أبي يوسف ومحمد: عليه دم واحد لفوات طواف الوداع، وليس عليه شيء لفوات طواف الزيارة. اهـ. (قلت) والذي يهمنا هنا، هو أن طواف الوداع أغنى عن طواف الزيارة، مع أن الأول واجب، والثاني ركن، فإذا طاف للزيارة، فمن باب أولى أنه ينوب عن طواف الوداع. وقال ابن الحاجب المالكي: ويكفي طواف العمرة والإفاضة إذا خرج من فورهما. وقال الشيخ خليل في مختصره: وتأدى بالإفاضة، وبطواف العمرة. قال الشيخ الدردير (وتأدى) الوداع (بالإفاضة و) بطواف (العمرة) أي سقط طلبه بهما، وتحصَّل له ثواب طواف الوداع، إن نواه بهما. علق الشيخ الدسوقي في حاشيته فقال: إن طواف الوداع ليس مقصوداً لذاته، بل ليكون آخر عهده بالبيت الطواف؛ ولذلك يتأدى بطواف الإفاضة والعمرة. وبيَّن النووي الشافعي(78) أن طواف الوداع، ينوب عن طواف الإفاضة، فقد قال: قال الشافعي في الأم... وسائر الأصحاب: متى كان عليه طواف الإفاضة، فنوى غيره عن نفسه، أو عن غيره تطوعاً أو وداعاً... وقع عن طواف الإفاضة، كما لو أحرم بتطوع الحج أو العمرة وعليه فرضهما، فإنه ينعقد الفرض. (قلت) فهذا كالتصريح بأن أي طواف، بأي نية فإنه يقع عن طواف الوداع؛ لأننا قلنا: إن طواف الوداع واجب عند الشافعية، فإذا أوقع أي طواف بأي نية، وعليه طواف واجب، فإنه ينصرف إلى الطواف الواجب. وقال ابن قدامة الحنبلي(79) فإن أخر طواف الزيارة، فطافه عند الخروج ففيه روايتان: إحداهما: يجزيه عن طواف الوداع؛ لأنه أُمِر أن يكون آخر عهده بالبيت، وقد فعل؛ ولأن ما شرع لتحية المسجد أجزأ عنه الواجب من جنسه، كتحية المسجد بركعتين، تجزئ عنهما المكتوبة، وركعتا الإحرام، وركعتا الطواف، تجزئ عنهما المكتوبة. وعنه: لا يجزئه عن طواف الوداع؛ لأنهما عبادتان واجبتان، فلم تجزئ إحداهما عن الأخرى كالصلاتين الواجبتين. اهـ. هذا ولم يرجح ابن قدامة بين الروايتين، لكن البهوتي لم يذكر في شرحه للمنتهى(80) إلا رواية الإجزاء فقط، فهذا دليل على أنها هي الرواية الراجحة. الترجيح: بعد أن رأينا أقوال الفقهاء أستطيع القول بأن من أخر طواف الإفاضة، فطافه عند خروجه، فإن ذلك يجزيه عن طواف الوداع؛ لأن آخر عهده كان بالبيت، والله أعلم. المطلب العاشر: وقت طواف الوداع: اتفق الفقهاء الثلاثة(81): المالكية والشافعية والحنابلة على أن وقت طواف الوداع هو إرادة الخروج من مكة، وعباراتهم تنص على ذلك، وترى أن طواف الوداع على من أراد الخروج من مكة، هذا إذا لم يكن خروجه لحاجة قريبة، أو متردداً عليها كالحطاب ونحوه. وقال الحنفية(82): أول وقته بعد طواف الإفاضة، ففي مناسك ملا علي القاري قال: فأما وقته: فأله بعد طواف الزيارة، فلو طاف بعد الزيارة، طوافاً يكون عن الصدر، ولو في يوم النحر، ومحل الوداع: هو الفراغ من الأعمال. اهـ. (قلت) وهم بهذا الأخير يوافقون الجمهور، لكن هذا في محله عندهم وليس أول وقته. ولم يذكر الفقهاء تعليلاً لذلك، وإن كانت العلة واضحة، وهي لكي يكون آخر عهده بالبيت؛ اقتداءً بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يرويه ابن عباس قال: "أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت" متفق عليه(83). وذكر الحنفية: أن الوقت المستحب، أن يكون ذلك بعد الفراغ من مناسك الحج، عند إرادة السفر(84). المطلب الحادي عشر: على من يجب طواف الوداع؟ يدخل في هذا الموضوع ما يلي: هل يجب على المكي، ومَن داره داخل المواقيت، ومن أراد الإقامة من غير أهل مكة، والحائض، والصغير، والمجنون، والعبد، والأنثى، والمعتمر، ومن فسخ الحج بعمرة، ومن جاء لتجارة، من يريد السفر قبل إتمام أعمال الحج، وغيرهم، ولكل حكه، وسأفصل هذه المسألة في مسائل متسلسلة، وإليك التفصيل: المسألة الأولى: المكي وطواف الوداع. قال القاضي عبد الوهاب: أفعال الحج كلها: المكي والآفاقي فيها سواء، إلا في شيئين: طواف القدوم، وطواف الوداع(85). وقال ابن هبيرة: وأجمع موجبو طواف الوداع: على أنه إنما يجب على أهل الأمصار، لا على أهل مكة(86). اهـ. بعد هذا نقول: وأما المكي ومن في حكمه فلهم ستة أحوال، نفصلها فيما يلي: 1 – أهل مكة المقيمون فيها وهي وطنهم: اتفق الفقهاء(87) على أن المكي لا يجب عليه طواف الوداع. وعللوا ذلك فقالوا: لانتفهاء معنى الوداع في حق أهل مكة، فإنهم ليسوا بقادمين عليها ولا مودعين لها، ما داموا فيها، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا ينفرن أحدكم حتى يكون آخر عهده بالبيت" رواه مسلم، تقدم(88). وجه الدلالة هو أن هؤلاء لم ينفروا. كما اتفق الفقهاء على أن من أراد الخروج من مكة، فعليه طواف الوداع؛ للعلة التي ذكروها، إلا أن الحنفية ذكروا أن المكي لا يجب عليه طواف الوداع إذا خرج(89). الترجيح: الذي أراه راجحاً هو قول الجمهور، وهو أن طواف الوداع، واجب على كل خارج من مكة؛ وذلك ليكون آخر عهده بالبيت، والله أعلم. مسألة: قال أبو يوسف من الحنفية: أحب إلي أن يطوف المكي طواف الصدر. وعلل ذلك بقوله: لأنه وضع لختم أفعال الحج، وهذا المعنى موجود في حقهم(90). وخالفه عبد الوهاب البغدادي فقال: وليس بمسنون للمقيمين بمكة. وعلل قوله هذا فقال: لأن الوداع يقتضي مفارقة الموضع، وذلك لا يوجد في أهل مكة، واستدل بقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (لا يصدرن أحدكم حتى يكون آخر عهده الطواف بالبيت) فخاطب بذلك من يريد الانصراف(91) اهـ. (قلت) هذا حديث روى مسلم معناه وتقدم؛ ولذلك فالراجح قول عبد الوهاب المالكي: لأن المكي كما ليس عليه طواف تحية – قدوم – فليس عليه طواف الوداع. والله أعلم. 2 – من نوى الإقامة بمكة ممن ليس من أهلها: اتفق المالكية والشافعية والحنابلة(92) على أنه ليس على هذا طواف الوداع، متى نوى الإقامة بمكة، من غير تحديد بكون نيته كانت قبل النفر الأول، أم بعده؛ وعللوا ذلك فقالوا: لأنه لا يريد مفارقة مكة، والوداع على المفارق. أما الحنفية: فلهذا عندهم حالتان: الحالة الأولى: أن ينوي الإقامة بمكة قبل النفر الأول – وهو في اليوم الثاني من أيام التشريق، والنفر الثاني يكون في اليوم الثالث من أيام التشريق – فهذا ليس عليه طواف الوداع؛ لأنه صار من أهل مكة، باتفاق الحنفية. الحالة الثانية: أن ينوي الإقامة بعد النفر الأول، فهذا يلزمه طواف الوداع، عند أبي حنيفة ومحمد. وعللا ذلك فقالا: لأنه لزمه طواف الوداع بالنفر الأول، فلا يسقط عنه. وقال أبو يوسف: يسقط عنه طواف الوداع في الحالتين، إلا إذا شرع فيه، ولم يعلل. والذي أراه راجحاً: هو قول الجمهور، الذين لم يفرقوا بين من نوى الإقامة بمكة، قبل النفر الأول أم بعده؛ لأنه لا دليل على هذا التفريق. والله أعلم. وقال ابن فرحون من المالكية: وإن كنت تريد الإقامة، فأنت في الطواف بالخيار(93) اهـ. ولم يذكر لما قاله دليلاً ولا تعليلاً. والراجح ما نص عليه الفقهاء من أنه لا وداع عليه، والله أعلم. 3 – الفرق بين الإقامة والاستيطان: ذكر ملا علي القاري في مناسكه(94) فرقاً بين من يريد الإقامة بمكة، ومن يريد الاستيطان بها، فقال ما ملخصه: ولا يسقط هذا الطواف عن الآفاقي بنية الإقامة بمكة، ولو نوى سنين كثيرة، سواء قبل النفر الأول أو بعده، ويسقط بنية الاستيطان بمكة، وما حولها من أماكن الحرم، أو الحل فيما دون الميقات. والاستيطان: هو جعل مكة وطناً، باتخاذه داراً لا يريد الخروج عنه. (قلت) لم يذكر أحد هذا الفرق، ولا دليل عليه. 4 – هل على كل من أراد الخروج من مكة طواف الوداع؟ الجواب: إن ذلك يختلف باختلاف المكان الذي سيذهب إليه، والنية التي نوى الخروج من أجلها. فمن أراد الخروج، وكانت نيته لأجل العمرة، فهذا على قسمين: إما أن يريد الخروج لينوي من التنعيم، أو من الجعرانة، وما شابه ذلك، أو يريد الاعتمار من المواقيت المعلومة للآفاقي، كالجحفة، ورابغ. 1 – فإن كان يريد الاعتمار من التنعيم، فهذا اتفق الفقهاء(95) على أنه ليس عليه وداع، وحجتهم في هذا القول: هو أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أخا عائشة أن يعمرها من التنعيم، ولم يأمرها بالوداع(96). ولأن هذا المكان قريب، ثم إنه يريد العودة إلى مكة، ولا يريد الإقامة خارجها. وخالف في ذلك الثوري، فقال بوجوب الوداع عليه، وحجته في ذلك أنه يجب على كل داخل وعلى كل خارج تعظيم الحرم؛ ولأن من هو خارج الحرم، فهو بمنزلة البعيد، بخلاف من هو في داخل الحرم فهو قريب. 2 – وإن كان يريد الاعتمار من المواقيت البعيدة، كالجحفة ورابغ، فهذا اتفق الفقهاء (97) على وجوب طواف الوداع عليه؛ لأن المسافة بعيدة. (مسألة) ذكر ابن حجر في التحفة(98) احتمالاً: لو خرج من عمران مكة لحاجة فطرأ له السفر، لم يلزمه دخولها لأجل طواف الوداع. وعلل ذلك فقال: لأنه لم يخاطب به حال خروجه، وهو محتمل. اهـ. لكن كلاً من المحشيين الشيرواني والعبادي طلبا التأمل. (قلت) هذه المسألة مبنية على أن المكي إذا خرج لدون مسافة القصر لا يلزمه طواف الوداع، فإذا خرج لهذه المسافة، ثم بدا له الاستمرار في السفر، إلى أبعد من مسافة القصر، لا يلزمه حينئذ طواف الوداع، على قاعدة (يغتفر في الثواني ما لا يغتفر في الأوائل) وهذه القاعدة فرع من قاعدة (التابع تابع)(99) فلو أنه خرج إلى أكثر من مسافة القصر، لكان عليه أن يودع، لكن لما كان خروجه إلى أقل منها، ثم بدا له أن يستمر في سيره عفي عنه، والله أعلم. 5 – قياس القرب والبعد: اختلف الفقهاء(100) في مسافة القرب، الذي يجب أن يعود الحاج منه لكي يطوف طواف الوداع، والبعد الذي لا يجب عليه العود، إذا وصله الحاج الخارج من مكة؟ وكما يلي: قال الحنفية: مَن دون المواقيت فحكمه حكم أهل مكة. وقال المالكية: إن مالكاً لم يذكر أكثر من كلمة القرب فقط. وكذلك ابن عرفة حدد ذلك بغير المسافة، حيث أوجب الرجوع، على من خرج بلا وداع، إلا أن يخاف فوات الرفقة، أو إذا منعه كَرِيُّه، فهذا يبيح له عدم الرجوع. وفرق الحطاب في المكان القريب، بين من كان يريد الإقامة، ومن لا يريدها، فنقل أن من كان منزله بذي طوى، إذا خرج ليقيم بها فعليه طواف الوداع(101). وحدد الشافعية والحنابلة القرب والبعد بمسافة القصر، فمن كان خروجه لدون مسافة القصر فهو قريب، ومن كان بعد مسافة القصر، فهو بعيد، وهو قول أبي ثور. وحدد الثوري القرب والبعد بالحرم، فما كان داخل الحرم فهو قريب، وما كان خارج الحرم فهو بعيد. الأدلة والمناقشة والترجيح: لم أجد لأي من الآراء دليلاً ولا تعليلاً، ولكن يمكن القول بأن النظر في مثل هذا الأمر يقتضي أن يميز بين حالتين: حالة ما إذا كان الناس في أمن، وحالة ما إذا لم يكونوا في أمن؛ فإذا لم يكونوا في أمن فهنا يترجح قول المالكية، وهو أن فوات الرفقة عذر يبيح له عدم الرجوع؛ لأن فوات الرفقة يضر الحاج في حالة انعدام الأمن، أي في حالة الخوف، كما أن كَرِيَّه الذي يكريه الدابة، هو أعلم بالحال منه، فإذا منعه من العود، فهذا عذر يبيح له عدم الرجوع. وأما إذا كان هناك أمن؛ فنحن بين قواعد ثلاث: 1- تحدد إحداها القرب والبعد بالمواقيت. 2- وتحدد الأخرى القرب والبعد بمسافة القصر. 3- بينما تحدد الثالثة ذلك بالحرم، فما هو الراجح؟ للجواب عن ذلك أقول: عند إمعان النظر في هذه القواعد أجد أن مسألة المواقيت لا تنضبط؛ لأن من المواقيت ما هو بعيد، ومنها ما هو قريب، فميقات أهل المدينة ذي الحليفة، يبعد عن مكة أكثر من أربعمائة كيلا، بينما لا يبعد ميقات أهل الطائف أكثر من سبعين كيلاً، فالقياس بالمواقيت لا ينضبط. وكذلك التحديد بالحرم لا ينضبط؛ لتفاوت المسافات بين علامة وعلامة، لكن مسافة القصر معلومة محددة، فلذا أرى – والله أعلم – أنه إذا تحقق الأمان، فإن الراجح هو احتساب القرب والبعد بمسافة القصر لانضباطها، فمن خرج إلى شغل ويعود، فإن كان خروجه إلى مثل مسافة القصر، فهذا لا وداع عليه، وإن خرج لأكثر من ذلك فعليه طواف الوداع. أما إذا خرج للإقامة أو كان أهله هناك فخرج إليهم فهذا عليه طواف الوداع، والله أعلم. (مسألة) اختلف الفقهاء فيما إذا لم يعد من لم يطف طواف الوداع – وقد تجاوز مسافة القصر حسبما رجحناه – هل عليه دم أم لا؟ وقد رجحنا أن عليه الدم؛ والعلة في ذلك هو أن طواف الوداع واجب. 6 – خرج وعاد ليطوف طواف الوداع: إذا قلنا: يجب العود على من خرج ولم يطف طواف الوداع، فعاد ليطوف طواف الوداع، فما الحكم؟ نقول: هذا العائد له حالتان، إما أن يعود عن قرب، وإما أن يعود عن بعد؛ فإن كان قد عاد من قرب – أي قبل وصوله إلى مسافة القصر حسبما رجحناه – فهذا يعود ويطوف للوداع، ولا شيء عليه بالاتفاق. والعلة في ذلك لأن المسافة قريبة من مكة، والقريب من الشيء يأخذ حكمه. أما إذا كان قد عاد عن بعد بأن كان قد تجاوز مسافة القصر، فالأفضل له أن لا يعود، وعليه دم عند من أوجبه، وهم غير المالكية، وتقدم، وإن أراد الرجوع ليطوف طواف الوداع، فهذا لا خلاف في أنه ينبغي له أن يدخل مكة بعمرة، كأي قادم إلى مكة – حرسها الله عز وجل – فيطوف ويسعى للعمرة(102)، فإن خرج من فوره أغناه عن طواف الوداع، وإن تأخر فعلى الخلاف الذي سيأتي. المسألة الثانية: طواف الوداع والحائض(103). الحائض: إما أن تكون قد طافت طواف الإفاضة، وإما لا، وهي أيضاً إما أن يكون حيضها قد استمر حتى خرجت من عمران مكة، وإما لا، وهي أساساً إما أن تريد أن تخرج من مكة، وإما لا، ولكل حكمه: الحالة الأولى: أن لا تكون قد طافت طواف الإفاضة، وما زال حيضها مستمراً. ففي هذه الحالة اتفق الفقهاء على أن هذه الحائض التي لم تكن طافت طواف الإفاضة عليها أن تنتظر حتى تطهر، وتغتسل وتطوف طواف الإفاضة(104)، والعلة في ذلك هي لأن طواف الإفاضة ركن لا يسقط. واستدلوا بما يلي: 1 – عن عائشة رضي الله عنها قالت: كنا نتخوف أن تحيض صفية قبل أن تفيض، قالت: فجاءنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "أحابستنا صفية؟" قلنا: قد أفاضت، قال: "فلا إذاً". وجه الدلالة من الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل هل ستحبسنا صفية بسبب حيضها؟ وذلك لأنه لم يكن يعلم أنها قد طافت طواف الإفاضة، فلما أعلموه أنها قد طافت طواف الإفاضة، قال (فلا إذاً) يعني لا تحبسنا، فدل ذلك على أنها ستحبسهم، لو لم تكن طافت طواف الإفاضة، ولذا لا تخرج إذا لم تكن طافت طواف الإفاضة. 2 – عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد من صفية بعض ما يريد الرجل من أهله، فقالوا: إنها حائض يا رسول الله، قال: "وإنها لحابستنا؟" فقالوا: يا رسول الله! إنها قد زارت يوم النحر، قال "فلتنفر معكم"(105). وجه الدلالة من الحديث كسابقه. الحالة الثانية: أن تكون قد طافت طواف الإفاضة، واستمر حيضها حتى خرجت من عمران مكة، ففي هذه الحالة، اتفق الفقهاء على أنه لا يلزمها طواف الوداع. واستدلوا بما يلي: (أ‌) عن عائشة رضي الله عنها قالت كنا نتخوف أن تحيض صفية قبل أن تفيض، قالت: فجاءنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "أحابستنا صفية؟" قلنا: قد أفاضت، قال: "فلا إذن". (ب‌) بحديث ابن عباس قال: أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت، إلا أنه خفف عن المرأة الحائض(106). فالحديث صريح في إسقاط طواف الوداع عن الحائض؛ تخفيفاً عنها. الحالية الثالثة: إذا طافت المرأة طواف الإفاضة، وحاضت، ولم يستمر حيضها، بل انقطع قبل خروجها من مكة؟ ففي هذه الحالة اتفق الفقهاء على وجوب طواف الوداع عليها، وعللوا ذلك فقالوا: لأنها أصبحت طاهراً، لا فرق بينها وبين الرجال، في وجوب طواف الوداع عليها(107)، ولأنها صارت من أهله في وقته(108). الحالة الرابعة: أن تطوف للإفاضة، وتحيض، ويستمر حيضها معها، حتى تخرج من مكة، لكنه ينقطع قبل تجاوز عمران مكة، فحكم هذه المسألة حكم سابقتها؛ والعلة في ذلك هي لأن من لم يجاوز العمران حكمه حكم المقيم، بدليل أنها لا تستبيح الرخص، فإن لم يمكنها العود، فمضت، فعليها دم(109). الحالة الخامسة: نفس الحالة السابقة، إلا أنها قد تجاوزت عمران مكة، وهي حائض، فهذه لا يجب عليها الرجوع؛ لأنها أصبحت في حكم المسافر. الحالة السادسة: أن تريد البقاء في مكة، فهذه لا وداع عليها، كما أن أهل مكة لا وداع عليهم. المسألة الثالثة: النفساء: النفساء كالحائض في كل ما ذكر(110)، فقد روى مالك في الموطأ(111) "أن أم سليم بنت ملحان استفتت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحاضت أو ولدت، بعد ما أفاضت يوم النحر، فأذن لها رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرجت". وعلل لقوله هذا فقال: لما في بقائها على الإحرام من المشقة. (قلت) وهذا صحيح لما علل به. والله أعلم. المسألة الرابعة: المستحاضة. المستحاضة(112) على نوعين: متحيرة وغير متحيرة: والمتحيرة: هي التي نسيت عادتها قدراً ووقتاً(113): يعني التي لا تدري كم يوماً كانت عادتها، ولا تدري في أي يوم من الشهر تأتيها العادة. حكمها: أنها تطوف طواف الوداع. (قلت) لأن حيضها مشكوك فيه، والواجب – وهو طواف الوداع – لا يسقط بالشك. قال الروياني: فإن لم تطف طواف الوداع، فلا شيء عليها للشك أيضاً. (قلت) هذا على قاعدة (اليقين لا يزول بالشك) فاليقين هنا هو عدم وجوب دم عليها؛ لأنها في حكم الحائض، والشك هنا هو في نقائها، والشك في حيضها، فلا يزال اليقين الذي هو عدم وجوب شيء عليها، بالشك الذي هو الحيض أو الطهر. والله أعلم. أما المستحاضة غير المتحيرة، فهي التي تعرف أن الحيض كان يداوم عليها ستة أيام مثلاً، ثم ينقطع، وأنه كان يأتيها – قبل الاستحاضة – في يوم محدد من الشهر كأول يوم من الشهر أو في اليوم الخامس منه. حكمها: أن هذه تتبع ما أَلِفَته من الحيض والطهر؛ فإن كان هذا اليوم الذي تريد أن تسافر فيه من أيام طهرها – وقد طافت للإفاضة – فعليها أن تطوف للوداع، وإن كان هذا اليوم من أيام حيضها، فلتخرج ولا شيء عليها، وهكذا لو لم تطف للإفاضة إلخ، كما تقدم في الحائض غير المتحيرة. المسألة الخامسة: المجروح ومن به سلس البول ونحوهما: قال ابن حجر(114): ومثل الحائض والنفساء من به جرح نضّاح، يخشى منه تلويث المسجد. وقال الشرواني: ... ومن به سلس البول ونحوه، ولا يكلف الحشو والعصب. اهـ. (قلت) أي: لا يكلف أن يحشو الجرح، ولا أن يعصبه كما لا يكلف تعصيب الذكر. المسألة السادسة: الصبي والمجنون وطواف الوداع: للعلماء في طواف الوداع على الصبي والمجنون ثلاثة أقوال(115): ثالثها التفصيل، وإليك البيان: القول الأول: قال الحنفية: لا يجب طواف الوداع على الصبي والمجنون. وعللوا ذلك، فقالوا: لأنهما غير مكلفين. القول الثاني: قال المالكية: يندب للصغير الوداع، ولو كان غير مميز، فيفعله عنه وليه، ولم يذكروا تعليلاً. (قلت) لعل تعليلهم ذكروه عند الكلام عن مشروعيته – بقولهم: طواف الوداع ليس مقصوداً لذاته، بل المقصود أن يكون آخر عهده بالبيت – يعطينا تعليلاً لما قالوه من أن الصبي يأتي بالطواف؛ لكي يكون آخر عهده بالبيت تأسياً بحديث النبي صلى الله عليه وسلم. وأما القول الثالث: فهو للشافعية، وقد فصلوا في المسألة: فقال الشرواني: إن خرج به – وليه – إثر نسك وجب أن يطوف به للوداع، ويحتمل أن لا يجب، وإن لم يخرج به إثر نسك فلا وجوب، ونقل عن العز بن جماعة أنه إن قلنا إنه من جملة المناسك وجب، وإلا فلا. اهـ. الترجيح: بما أن الفقهاء هنا شبه متفقين على أن الصبي والمجنون لا وداع عليهما لعدم التكليف، لذا فهذا هو الراجح، والله أعلم. المسألة السابعة: العبد. لم يذكر الفقهاء وجوب طواف الوداع على العبد بخصوصه إلا المالكية(116)، لكن المعلوم أن الفقهاء لا يوجبون الحج على العبد حال رقه، ولا يكفيه ذلك عن حجة الإسلام، فإذا عتق وجب عليه الحج(117). المسألة الثامنة: هل على المعتمر طواف الوداع؟ اتفق الفقهاء على أن كل خارج من مكة بعد النسك أن عليه طواف الوداع، إلا الحنفية(118) فإنهم نصوا على عدم وجوب طواف الوداع على المعتمر، ولو كان آفاقياً، ولم يذكروا لقولهم هذا دليلاً ولا تعليلاً، إلا أنهم قالوا: إنه واجب على الحاج الآفاقي(119)، فبقيد الحاج أخرجوا المعتمر، كما أخرجوا بقيد الآفاقي المكي، فلم يوجبوا عليه طواف الوداع. والذي أرجحه هو وجوب طواف الوداع على المعتمر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نص على أنه "لا ينفرن أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت" وهو حديث صحيح وتقدم، إلا إذا خرج بعد العمرة مباشرة. المسألة التاسعة: المتعجل وطواف الوداع: لم يذكر الفقهاء غير المالكية(120) هذه المسألة، وذكرها من المالكية الخرشي والزرقاني. قال الخرشي: ويستثنى من كلامه، المتردد لمكة بالحطب ونحوه، فلا وداع عليهم، ولو خرجوا لمكان بعيد، وكذا يستثنى منه المتعجل. اهـ. وقد ذكر الزرقاني نحواً من كلام الخرشي. علق البناني على قولهما هذا فقال: وقول الزرقاني وكذا المتعجل، إلخ، مثله قول الخرشي: وكذا يستثنى منه المتعجل، ولم أره لغيرهما، وهو غير صحيح؛ إذ لا تعلق لطواف الوداع بالحج، ولا هو من المناسك حتى يفرق بين المتعجل وغيره؛ لاتفاقهم على أن من قصد الإقامة بمكة لا يؤمر به، وفي التوضيح: وليس من شرط الأمر به أن يكون مع أحد النسكين، بل يؤمر به كل من أراد سفراً مكياً كان أو غيره. اهـ كلام البناني، وفي الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم قال: "لا ينفرن أحدكم حتى يكون آخر عهده الطواف بالبيت" اهـ. (قلت) فتبين بهذا أن هذا القول غير صحيح، كما قال البناني، وأن المتعجل وغيره، ممن يريد الخروج من مكة، سواء في مشروعية طواف الوداع عليه. المسألة العاشرة: من لم يدرك الحج: ذكر الحنفية(121) أن طواف الوداع يشترط لوجوبه أن يكون الخارج من مكة مدركاً للحج، فلا يجب على من فاته الحج. ونص المالكية(122) على أن من فاته الحج ففسخه في عمرة، أو أفسد حجه فكذلك عليه أيضاً طواف الوداع. وقد فهم ابن مفلح من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية، مثل قول الحنفية، فقد قال: وإن خرج غير حاج فظاهر كلام شيخنا: لا يودع(123). اهـ. فتبين لنا من هذه الأقوال – التي لم أجد للشافعية فيها قولاً – أن الحنفية والحنابلة يرون أن لا وداع على من فاته الحج، بينما يرى المالكية أن الوداع واجب على من فاته الحج. (قلت) الراجح أن الأولى أن لا وداع على من فاته الحج لأنه لم يأت بنسك، والله أعلم. المسألة الحادية عشرة: المحصر إذا تخلص من إحصاره وطواف الوداع: اختلف الفقهاء الذين ذكروا هذه المسألة على قولين: القول الأول يجب على المحصر طواف الوداع، وبه قال المالكية والشافعية(124). القول الثاني: لا يجب على المحصر طواف الوداع، وبه قال الحنفية(125)، وهو المفهوم من كلام ابن تيمية(126). الأدلة: الذين يقولون بوجوب طواف الوداع على المحصر، أستطيع أن أستدل لهم بحديث النبي صلى الله عليه وسلم الصحيح، الذي يوجب أن يكون آخر عهد الناس بالبيت، وهو حديث صحيح تقدم. أما الذين يقولون بعدم وجوبه على المحصر، فدليلهم على ذلك هو أن هذا لم يحصل له الحج، وإنما الوداع على الحاج. والراجح: كما ترى هو دليل أصحاب القول الأول القائلين بوجوب طواف الوداع على المحصر؛ لأن الحديث صريح في أن يكون آخر عهد الناس الطواف بالبيت، والله أعلم. المسألة الثانية عشرة: من يريد السفر قبل الفراغ من أعمال الحج: ذكر هذه المسألة الشافعية، فقد قال الشربيني: فلا طواف وداع على من يريد الإقامة بمكة... ولا على مريد السفر قبل فراغ الأعمال(127). اهـ. وقال الشيرواني: ولا يسمى طواف وداع إلا بعد فراغ جميع النسك(128). اهـ. (قلت) لعله يقصد أن من كان مريداً للحج، ولكنه في يوم عرفة، أو في أيام الحج، أراد الذهاب إلى جدة مثلاً قبل الفراغ من نسكه، فهذا لا يلزم بطواف الوداع؛ لأنه غير مودع ولا مفارق، والله أعلم. المسألة الثالثة عشرة: أقام وأراد السفر بعدُ. الذي يؤخذ من عموم نصوص الفقهاء: أن على كل خارج من مكة طواف الوداع، إلا أن الشافعية نصوا على أن من أقام في مكة ونوى الخروج بعد ذلك، فهذا ليس عليه طواف الوداع(129). اهـ. وقد عللوا لقولهم هذا فقالوا: إن خرج إثر نسك، وجب عليه طواف الوداع، ويحتمل ألا يجب – أي لأنه قد طاف للنسك – وإن لم يكن إثر نسك لم يجب. اهـ. والراجح بل الصحيح هو وجوب طواف الوداع على كل من يريد الخروج من مكة، للحديث الصحيح، والله أعلم. المسألة الرابعة عشرة: من جاء مكة للتجارة. اختلف الفقهاء في هذه المسألة على قولين: القول الأول: لا يجب طواف الوداع على من جاء للتجارة، وأراد الخروج من مكة، وهو الذي يفهم من كلام الفقهاء: الحنفية والشافعية والحنابلة(130). أما الحنفية: فعلتهم في ذلك هي لأنهم لا يوجبون الوداع على المحصر ونحوه، ممن لم يحجوا. وأما الشافعية فلأنهم لا يوجبونه إلا على من أتى للنسك، لكن المحلي في شرحه للمنهاج قال: طاف للوداع في الأصح، علق قليوبي فقال: وهو المعتمد(131). اهـ. وأما الحنابلة: فلِما فهمه ابن مفلح من قول شيخ الإسلام ابن تيمية: وإن خرج غير حاج، لا يودع. القول الثاني: يجب طواف الوداع على من دخل مكة للتجارة، وبه قال المالكية(132). الأدلة: الشافعية هم الذين نصوا على أن من جاء بنسك فعليه طواف الوداع، وإلا فلا، ونقول: ما دام أن العلماء نصوا على أنه ينبغي لكل داخل إلى الحرم أن يدخل بنسك(133) فنقول على هذا: لا فرق بين من دخل لنسك، أو دخل للتجارة. ولذا فالراجح أن التاجر إذا دخل مكة بعمرة وأراد الخروج من مكة، فينبغي عليه أن لا يخرج حتى يطوف طواف الوداع. والله أعلم. المسألة الخامسة عشرة: من خاف على نفس، أو مال، أو منفعة، أو خاف تخلفاً عن الرفقة. نص الشافعية(134) على أن هذا معذور، ليس عليه طواف الوداع، كالحائض. (قلت) وهذا صحيح للعذر الذي ذكروه، والله أعلم. المسألة السادسة عشرة: خرج ناسياً طواف الوداع. نص الشيرازي في المهذب على هذه المسألة فقال: وإن نسي الطواف ثم ذكره: فإن قلنا إنه واجب، نظرت فإن كان من مكة على مسافة تقصر فيها الصلاة استقر عليه الدم؛ لأن الطواف الثاني للخروج الثاني، فلا يجزئه عن الخروج الأول. فإن ذكر وهو على مسافة لا تقصر فيها الصلاة، فعاد وطاف سقط عنه الدم؛ لأنه في حكم المقيم(135). اهـ. (قلت) وما دمنا عرفنا أن الراجح أن طواف الوداع واجب، كما عرفنا أن البعد والقرب يتحددان بمسافة القصر، نقول: إن من وصل إلى هذه المسافة فقد لزمه الدم، سواء عاد أم لم يعد، ومن لم يصل إليها وعاد وطاف فلا شيء عليه. ومما يلاحظ هنا: أنه ليس هناك فرق بين من ترك طواف الوداع عامداً، أو عالماً أو ناسياً أو جاهلاً. نص على ذلك القليوبي في حاشيته(136). المسألة السابعة عشرة: طاف للوداع وتأخر عن الخروج. اختلف الفقهاء فيما إذا طاف الحاج أو المعتمر طواف الوداع، وتأخر لبعض أعماله. هل عليه أن يعيد الطواف أم لا؟ الجواب: اختلف الفقهء في هذه المسألة، وسنجد الاختلاف كبيراً، حتى في المذهب الواحد. ونظراً لأهمية هذا الموضوع؛ لأنه كثير الوقوع، بل لعله السبب في كتابة هذا البحث، فسوف أنقل من كلام الفقهاء ما يظهر به قول كل منهم جلياً، فأقول، والله الموفق: مذهب الحنفية: يرى الحنفية(137) أن من طاف للوداع، ثم جلس ولو أياماً وأراد السفر، فلا يجب عليه إعادة طواف الوداع، وكذا لو ودع ثم قضى بعض حاجاته، فلا يجب عليه إعادة طواف الوداع، بل يندب له الإعادة. قال أبو حنيفة: ينبغي للإنسان إذا أراد السفر أن يطوف طواف الصدر، حين يريد أن ينفر. اهـ. قال الكاساني في البدائع – معلقاً على كلام أبي حنيفة -: وهذا بيان الوقت المستحب، لا بيان أصل الوقت، ويجوز في أيام النحروبعدها، ويكون أداءً لا قضاءً، حتى لو طاف طواف الصدر، ثم أطال الإقامة بمكة، ولم ينو الإقامة بها، ولم يتخذها داراً، جاز طوافه، وإن أقام سنة بعد الطواف، إلا أن الأفضل أن يكون طوافه عند الصدر، لما قلنا، ولا يلزمه شيء بالتأخير. اهـ. وقال أبو حنيفة أيضاً: إذا طاف للصدر ثم أقام إلى العشاء، قال: أحب إلي أن يطوف طوافاً آخر، لئلا يكون بين طوافه ونفره حائل. وقال أبو يوسف والحسن: إذا اشتغل بعده بمكة يعيده. اهـ. وقال ملا علي القاري في مناسكه مثل قول الكاساني. ونستطيع من هذه الأقوال أن نقول بأن من قال يعيده يعني على الاستحباب، ومن قال لا يعيده يعني لا يجب عليه الإعادة، وبذلك أصبح كلام الحنفية واضحاً. وأما المالكية ففي المدونة(138) (قلت) لابن القاسم: فلو أنه طاف طواف الوداع، ثم اشترى وباع بعد ما طاف، أيعود فيطوف طواف الوداع أم لا؟ (قال) سألت مالكاً عن الرجل يطوف طواف الوداع، ثم يخرج من المسجد الحرام ليشتري بعض جهازه أو طعامه، يقيم في ذلك ساعة، يدور فيها، ثم يخرج ولا يعود إلى البيت؟ (قال) لا شيء عليه، ولا أرى عليه في هذا عودة إلى البيت. وقال ابن عبد البر: وينبغي أن يكون وداعه للبيت، متصلاً بنهوضه عنه، بعد كل عمل يعمله من سائر ما يحتاج إليه في خروجه، وإن اشتغل بعد الوداع فاشترى أو باع، وما يتلبث فيه أو عاد مريضاً أو زار أخاً، وأقام عنده أو نحو ذلك كله، عاد للوداع، حتى يكون صدوره ونهوضه بعد ركوعه لطواف الوداع متصلاً به، ولا يقيم بمكة بعد وداعه إلا مقام مجتاز(139). اهـ. من هذين النصين وغيرهما، نستطيع أن نقول بأن الاختلاف بين النصين يمكن إزالته بما قاله القرافي: إذا ودع ثم باع واشترى، فلا يرجع، وإن أقام بمكة بعض يوم، رجع وطاف. اهـ. إذا عرفنا هذا فإن القرافي نقل رواية عن مالك تقول: إن من ودع، ثم أقام إلى الغد فهو في سعة. قال الحطاب – بعد قول ابن عرفة: وفيها، يعني في المدونة: يسير شُغله بعده، قبل خروجه لا يبطله -: قال اللخمي: هذا أصوب من رواية ابن شعبان: من ودع ثم أقام الغد بمكة، فهو في سعة أن يخرج. اهـ. مِن نقل القرافي عن مالك، ومِن رد اللخمي على هذا النقل، عرفنا أن مذهب المالكية مستقر على ما قلناه: إن من ودع، ثم باع، أو اشترى، أي اشتغل بأشغال يسيرة، فلا يعيد الطواف، وإن أقام بمكة بعض يوم، أي بلا عمل يمنعه من الخروج، أعاد طواف الوداع. اهـ. وبعبارة أوضح: إن الوقت بين التوديع والخروج، إذا كان قصيراً، فلا يرجع للتوديع، أما إذا طال الوقت، فعليه الرجوع للتوديع. والله أعلم. أما الشافعية(140) فقد وضعوا قاعدة عامة، فقالوا ما مؤداه: المكث على نوعين: مكث لأجل أخذ أسباب السفر، ومكث ليس لذلك؛ فإن كان لأجل أخذ أسباب السفر من شراء طعام أو شد رحل، أو ما شاكل ذلك، فهذا لا يؤثر على طواف الوداع، وليس عليه الإعادة، وإن مكث بغير حاجة، أو بحاجة لا تتعلق بالسفر كزيارة أخ، أو صديق، أو قضاء دين، أو ما شاكل ذلك فعليه الإعادة، إلا إذا كان ذلك شيئاً يسيراً، كأن زار مريضاً في الطريق لم يعرج عليه بخصوصه. ويرى الحنابلة(141) مثل ما يرى الشافعية. قال الخرقي: فإن ودع واشتغل في التجارة عاد فودع ثم رحل. قال ابن قدامة: فإن طاف للوداع ثم اشتغل بتجارة أو إقامة، فعليه إعادته... فأما إن قضى حاجة في طريقه، أو اشترى زاداً، أو شيئاً لنفسه في طريقه، لم يعده. اهـ. وقيل لأحمد في رواية أبي داود: ودع وخرج، ثم نفر يشتري طعاماً يأكله؟ قال: لا، يقولون حتى يجعل الردم وراء ظهره. اهـ يعني لا يشتري شيئاً حتى يجاوز بنيان مكة. (قلت) لم يذكر هذه الرواية ابن قدامة، ولعلها لم تثبت عنده. وقال ابن تيمية: إن اشترى شيئاً في طريقه بعد الوداع، أو دخل إلى المنزل الذي هو فيه؛ ليحمل متاعه على دابته ونحو ذلك، فلا إعادة عليه، وإن أقام بعد الوداع أعاد. اهـ. والحاصل أن الفقهاء الحنابلة متفقون على أن من طاف للوداع، واشتغل بحوائج السفر ليس عليه إعادة طواف الوداع، وإن اشتغل بغير ذلك أعاد. الخلاصة: من نصوص الفقهاء المتقدمة نستطيع أن نقول: إن للفقهاء في هذه المسألة قولين: القول الأول: إن من طاف للوداع، فعليه الخروج عقبه، لكن لا بأس أن يشتري طعاماً للسفر، أو يجهز أدوات السفر من شد الرحل ونحوه، فهذا لا بأس به، أما لو تأخر يوماً، أو باشر أعمالاً تجارية ليس ليها علاقة بالسفر، فلا بد من الإعادة. وبهذا قال المالكية والشافعية والحنابلة، وهو قول عطاء، والثوري، وعمر بن عبد العزيز، والحسن البصري، وأبي ثور(142). القول الثاني: إذا طاف للوداع واشتغل بالتجارة أو تأخر مهما تأخر، فلا إعادة عليه، وبهذا قال الحنفية. الأدلة: استدل أصحاب القول الأول القائلون بوجوب الإعادة على من تأخر بعدما طاف للوداع لغير أسباب الحج استدلوا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: "لا ينفرن أحدكم حتى يكون آخر عهده بالبيت" وهو حديث صحيح تقدم. وجه الدلالة: هو أن من تأخر لم يجعل آخر عهده بالبيت، ولأن من تأخر بعد طواف الوداع، خرج عن أن يكون وداعاً في العادة، فلم يجزه. واستدل أصحاب القول الثاني القائلون بأن التأخر بعد طواف الوداع لا يوجب الإعادة فقالوا: لأنه طاف بعدما أبيح له النفر فلم تلزمه إعادته. المناقشة: ناقش أصحاب القول الثاني أصحاب القول الأول فقالوا: إن الحديث الذي ذكرتموه لا يدل على ما أردتم؛ لأن معنى الحديث: أن من أراد أن ينفر، فليجعل آخر نسك له البيت، والذي طاف للوداع(143) جعل آخر نسكه بالبيت، ولا يضره بعد ذلك تأخره. الترجيح: كما عرفنا أن فهم الحديث الذي استدل به القائلون بإعادة الطواف على من تأخر بعد وداعه لغير أسباب السفر، عارضه الفهم الذي أبداه القائلون بأنه لا يعيده، وهو فهم له وجاهته. والمتأمل في هذه المسألة تتجاذبه نظرتان: النظرة الأولى: نظرة إلى عمل بعض الفقهاء من التابعين وغيرهم رضي الله عنهم الذين مر ذكرهم، وهم: عطاء، والثوري، وعمر بن عبد العزيز، والحسن البصري، وأبو ثور. والنظرة الثانية: النظرة إلى المصلحة العامة للحجاج: حيث إن الحجاج الآن لا يستطيعون أن يحددوا وقت خروجهم؛ لأن هذا ليس بأيديهم إنما هم يمشون في قوافل، وقد تتأخر السيارات أكثر من يوم وهم بانتظارها، يأكلون وينامون ويشترون الحوائج التي يحتاجون إليها أو التي تذكروها. إلخ. فإذا نظر المتأمل النظرة الأولى مال إلى تأييد أصحاب القول الأول، وأن من تأخر يعيد، وإذا نظر النظرة الثانية مال إلى تأييد رأي أصحاب القول الثاني، وأن من تأخر لا يعيد. وانظر إلى ما نقله الحطاب(144) فقد قال: وإسقاط الوداع عمن خرج لحاجة قريبة، ثم يعود بيِّن؛ لأنه ليس في عداد المفارق، والتارك للبيت، بخلاف من خرج ليقيم بأهله في منزله. بعد هذا التأمل أرى أن الراجح هو الميل إلى رأي أصحاب القول الثاني – مع بعض التعديل – وهو أن من طاف للوداع، وتأخر لسبب لا يد له فيه، أنه ليس عليه الإعادة، بل يندب له ذلك إن استطاع، وأما إن كانت سيارته معه، وهو مالك لأمر نفسه يستطيع أن يخرج كما يريد، فهذا عليه أن يخرج بعد التوديع، ولا يتأخر إلا لأمور تتعلق بالسفر، فإن تأخر كثيراً فعليه الإعادة. والله تعالى أعلم. والفائدة من هذا الترجيح هو أنا لو أوجبنا الإعادة على من تأخر بعد الطواف، فإذا لم يعد فحينئذ يكون عليه دم، مع أنه تأخر لسبب لا يد له فيه، أو هو مضطر إليه، مع أنه شيء يسير، ووجوب الدم عليه هنا لا يجوز إلا بدليل واضح، ولا دليل. ولو قلنا: لا وداع على من تأخر بسبب لا يد له فيه، ولا شيء عليه بهذا التأخير، فحينئذ يكون قد تخلص من الدم الواجب، وبقي على أصل الإباحة الأصلي، والله أعلم. المسألة الثامنة عشرة: مات قبل طواف الوداع. إذا مات الحاج قبل طواف الوداع، فلا شيء عليه؛ لأنه لم يستطيع لكن لو قصر، فخرج بلا وداع، ثم عاد ليطوف للوداع، فمات قبل القدرة عليه، فلا يسقط الدم عنه، صرح بذلك الشربيني والقليوبي(145). (قلت) لأنه قصر في الخروج بلا وداع، فثبت الدم في ذمته فلما مات، مات والدم ثابت عليه، فلا يسقط بالموت، والله أعلم. _________________ (1) النفر من منى، يكون في اليوم الرابع عشر من ذي الحجة، وهو لغير المتعجل، كما سيأتي، ومنى واد بين جبلين، تبعد عن مكة قرابة خمسة كيلات. وانظر المصباح المنير للفيومي 2/248. سميت به لما يمنى بها من الدماء أي يراق. (2) انظر للمسألة المصباح المنير للفيومي 1/149 (حصب) والمجموع للنووي 8/186، ومجمع الأنهر لشيخي زاده والدر المنتقى شرح الملتقى للحصكفي 1/212، اللباب في شرح الكتاب للموصلي 1/193. (3) المقاييس في اللغة لابن فارس ص 268. (4) وفيات الأعيان لابن خلكان 1/404، والشعر والشعراء ص 206. (5) سنن الترمذي 3/263/ طلبة الطلبة للنسفي ص 64 التحصيب: النزول بالمحصب. (6) اللباب في شرح الكتاب للموصلي 1/193. (7) مناسك ملا علي القاري ص 168 وانظر طلبة الطلبة للنسفي 64، بداية المبتدي والهداية كلاهما للمرغيناني وانظر شرح فتح القدير لابن الهمام وشرح العناية للبابرتي 2/502 وانظر بدائع الصنائع للكاساني 2/160 الزرقاني على المختصر 2/288، معونة أولي النهى لابن النجار 2/474، والمجموع شرح المهذب للنووي 8/186 شرح منتهى الإرادات للبهوتي 2/68 المغني لابن قدامة 5/335 م659، اللباب في شرح الكتاب للموصلي 1/193. (8) اللباب في شرح الكتاب للموصلي 1/193، زاد المعاد لابن القيم 290، الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية 26/141، الدر المختار للحصكفي والحاشية رد المحتار لابن عابدين 2/186 مجمع الأنهر ومعه الدر المنتقى 1/282، بداية المبتدي والهداية كلاهما للمرغيناني وانظر شرح فتح القدير لابن الهمام وشرح العناية للبابرتي 2/502 معونة أولي النهى لابن النجار 3/474. (9) الزرقاني على المختصر 2/288. (10) فتح القدير للكمال بن الهمام 2/502-503، وانظر: زاد المعاد لابن القيم 2/294. (11) رواه البخاري عن أبي هريرة صحيح البخاري (25) كتاب الحج (45) باب نزول النبي صلى الله عليه وسلم مكة 2/158 صحيح مسلم (15) كتاب الحج (59) باب استحباب النزول بالمحصب رقم (343-1314) 2/952، سنن أبي داود 2/210 رقم (2010). (12) صحيح البخاري (25) كتاب الحج (45) باب نزل النبي صلى الله عليه وسلم مكة 2/158، صحيح مسلم (15) كتاب الحج (59) باب استحباب النزول بالمحصب رقم (344-1314) 2/952، وانظر سنن أبي داود أعلاه. (13) صحيح مسلم (15) كتاب الحج (59) باب استحباب النزول بالمحصب رقم (337-1310) 2/951. (14) صحيح مسلم (15) كتاب الحج (59) باب استحباب النزول بالمحصب رقم (337) 2/951 وفيه قول نافع، وفي سنن الترمذي 2/262-263 رقم (921). (15) المجموع شرح المهذب للنووي 8/168، وانظر سنن الترمذي (7) كتاب الحج (81) باب ما جاء في نزول الأبطح رقم (921) وقد استحب بعض أهل العلم نزول الأبطح من غير أن يروا ذلك واجباً، إلا من أحب ذلك. (16) بداية المبتدي والهداية كلاهما للمرغيناني وانظر شرح فتح القدير لابن الهمام وشرح العناية للبابرتي 2/502، الدر المختار للحصكفي والحاشية رد المحتار لابن عابدين 2/186، اللباب في شرح الكتاب للموصلي 1/193، بدائع الصنائع للكاساني 2/160 سنة، الزرقاني شرح مختصر خليل 2/288: يندب، ومجمع الأنهر لشيخي زاده والدر المنتقى للحصكفي 1/282، المهذب للشيرازي والمجموع للنووي 8/185-186، المغني لابن قدامة 5/335، مستحب شرح منتهى الإرادات للبهوتي 2/68، الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية 26/141، زاد المعاد لابن القيم 2/294-295، معونة أولي النهى لابن النجار 3/475. (17) صحيح مسلم (15) كتاب الحج (59) باب استحباب النزول بالمحصب رقم (345) 2/952-953. (18) سنن الترمذي (7) كتاب الحج (81) رقم (921) 3/362-363 بلفظ: كان النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان ينزلون بالأبطح. (19) صحيح البخاري (25) كتاب الحج (148) باب النزول بذي طوى 2/197. (20) صحيح البخاري (25) كتاب الحج (147) باب المحصب 2/196-197، صحيح مسلم (15) كتاب الحج (59) باب استحباب النزول بالمحصب رقم (341-1312) 2/952، وليس فيهما: ليكون أسمح لخروجه. (21) انظر المرجعين السابقين، وفي حديث عائشة (ليكون أسمح لخروجه). (22) صحيح مسلم (15) كتاب الحج (59) باب الستحباب النزول بالمحصب رقم (342-1312) 2/952. (23) صحيح البخاري (25) كتاب الحج (147) باب المحصب والباب (148) باب النزول بذي طوى 2/196-197. (24) صحيح مسلم (15) كتاب الحج (59) باب استحباب النزول بالمحصب رقم (338) 2/951, (25) سنن أبي داود كتاب المناسك باب التحصيب رقم (213) 2/210، والنسائي 5/160. (26) بداية المبتدي والهداية كلاهما للمرغيناني وانظر شرح فتح القدير لابن الهمام وشرح العناية للبابرتي 2/502، الدر المختار للحصكفي والحاشية رد المحتار لابن عابدين 2/186، اللباب في شرح الكتاب للموصلي 1/193، بدائع الصنائع للكاساني 2/160 سنة، الزرقاني شرح مختصر خليل 2/288: يندب، ومجمع الأنهر لشيخي زاده والدر المنتقى للحصكفي 1/282، المهذب للشيرازي والمجموع للنووي 8/185-186، المغني لابن قدامة 5/335، مستحب شرح منتهى الإرادات للبهوتي 2/68، الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية 26/141، زاد المعاد لابن القيم 2/294-295، معونة أولي النهى لابن النجار 3/475. (27) نصب الراية للزيلعي قال: رواه مسلم عن جابر قال (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرمي على راحلته يوم النحر، ويقول لنا (لتأخذوا مناسككم فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد حجتي هذه). ومسند الإمام أحمد 3/318 ورواه ابن خزيمة في صحيحة برقم (2877) والبيهقي في سننه (5/130)، وانظر: فتح الباري 1/217. (28) انظر الأحاديث في المطالب السابقة، وزاد المعاد لابن القيم 2/290. (29) 2/288، مواهب الجليل للحطاب 3/136 والتاج والإكليل للمواق معه. (30) التاج والإكليل للمواق 3/136، جامع الأمهات لابن الحاجب ص 201 قال: ووسع مالك لمن لا يقتدى به فيه، وكان يفتي به سراً. (قلت) لئلا يتهاون فيه. (31) 2/186. (32) حاشية البناني على شرح الزرقاني لمختصر خليل 2/288. (33) المجموع شرح المهذب للنووي 8/286. (34) تقدم هذا. انظر البخاري 2/196 ومسلماً 2/951. (35) المصباح المنير 2/28 والوسيط (طوف). (36) قال ابن كثير في تفسيره 2/279: (إذا مسهم) أي إذا أصابهم طيف، وقرأ الآخرون طائف، وهما قراءتان مشهورتان). (37) المقاييس في اللغة ص 628، هكذا سماه صاحبه وقد كتب خطأً معجم المقاييس، وانظر المصباح المنير للفيومي 2/28، ومعجم المصطلحات والألفاظ الفقهية 2/441. (38) الوسيط 2/570-571. (39) المصباح المنير للفيومي 2/28 (طوف). (40) انظر معجم المصطلحات والألفاظ الفقهية للدكتور محمود عبد الرحمن عبد المنعم 2/441. (41) المصنف لعبد الرزاق 5/55-56 رقم 8979، ولم أجد من جمع الطواف لكن جمعته كما يجمع جواب على أجوبة، والله أعلم. (42) صحيح البخاري (25) كتاب الحج (55) باب كيف كان بدء الرمل 2/161، صحيح مسلم (15) كتاب الحج (39) باب استحباب الرمل رقم (240-1266) 2/923، سنن أبي داود كتاب المناسك باب في الرمل رقم (1886) 2/179 مسند الإمام أحمد 1/247. (43) المجموع للنووي 8/60-61. (44) القاموس المحيط للفيروزآبادي ص 414، والنهاية في غريب الحديث لابن الأثير ص 336 مادة (سبع). (45) مناسك ملا علي القاري ص 96، لكن الرملي زاد (ما يتحلل به في الفوات). (قلت) لعل الذي يتحلل إنما يتحلل بعمرة، وانظر النتف في الفتاوى لشيخ الإسلام قاضي القضاة أبي الحسن علي بن الحسين بن محمد السعدي ت 461هـ 1/209 ذكر أنواع الطواف الثلاثة التي تكون في الحج، والفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية 26/127، وبداية المجتهد ونهاية المقتصد لأبي الوليد محمد بن أحمد بن محمد بن رشد القرطبي 1/292 ونهاية المحتاج إلى شرح المنهاج لشمس الدين محمد بن أحمد بن حمزة الرملي المنوفي 3/278 ومعجم المطلحات لمحمود عبد الرحمن 2/441. (46) مناسك ملا علي القاري المتقدم ص 97، وانظر المجموع للنووي 8/12. (47) مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج للشيخ محمد الخطيب الشربيني 1/484. (48) ذكر قول مالك: الحطاب في كتابه مواهب الجليل لشرح مختصر خليل 3/137، لكن قال الحطاب عن التسمية بالوداع: بأنه الأشهر، وبين أن سبب الكراهة: هو لأن الوداع من المفارقة، فكره له اسم المفارقة عن ذلك المحل الشريف. اهـ. (49) ذكر بعض هذه الأسماء: نجم الدين أبو حفص عمر بن محمد النسفي الحنفي، في كتابه طلبة الطلبة ص 64، وفخر الدين عثمان بن علي الزيلعي الحنفي في كتاب تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق 2/36، وأبو عبد الله محمد الرصاع الأنصاري، في كتابه شرح حدود ابن عرفة 1/185 والحطاب في المواهب 3/137، وانظر المغني لموفق الدين أبي محمد عبد الله بن أحمد بن محمود بن قدامة 5/337، ومعونة أولي النهى شرح المنتهى لتقي الدين محمد بن أحمد بن عبد العزيز الفتوحي الحنبلي الشهير بابن النجار 3/477. (50) تبيين الحقائق للزيلعي 2/36 الدر المختار شرح تنوير الأبصار كلاهما لمحمد علاء الدين الحصكفي، والحاشية رد المحتار لمحمد أمين بن عمر عبد العزيز الدمشقي ابن عابدين الحنفي 2/186. (51) الحاوي لأبي الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي الشافعي 5/286 الغاية القصوى في دراية الفتوى لقاضي القضاة عبد الله بن عمر البيضاوي 1/447 والأصح وجوبه خلافاً لمالك. المجموع شرح المهذب للنووي 8/187 والمذهب أنه واجب. التحفة لابن حجر 4/141، وذكر الشرواني في حاشيته أن الأصح أنه مندوب، وانظر مثله للشربيني 1/510. (52) المغني لابن قدامة 5/236 المسألة 660، الفتاوى لابن تيمية 26/142، واجب عند الجمهور، الإفصاح عن معاني الصحاح للوزير عون الدين أبي المظفر يحيى بن محمد بن هبيرة الحنبلي 1/276. (53) المحلى لابن حزم 7/171. (54) المدونة لعبد الرحمن بن القاسم 1/365 إلا أن مالكاً كان يستحب أن لا يخرج حتى يطوف طواف الوداع، القوانين الفقهية لأبي القاسم محمد بن أحمد بن جزي الكلبي الغرناطي ص 90، المعونة على مذهب عالم المدينة، لأبي محمد عبد الوهاب بن علي البغدادي المالكي 1/383 التفريع لأبي القاسم عبيد الله بن الحسين بن الحسن بن الجلاب البصري 1/356م 326 الذخيرة، لشهاب الدين أحمد بن إدريس القرافي 3/283 التاج والإكليل لأبي عبد الله محمد بن يوسف العبدري الشهير بالمواق 3/137. (55) صحيح البخاري (25) كتاب الحج (144) باب طواف الوداع 2/195 وصحيح مسلم (15) كتاب الحج (67) باب وجوب طواف الوداع وسقوطه عن الحائض 2/963 رقم (380 – 1328). (56) صحيح مسلم (15) كتاب الحج (67) باب وجوب طواف الوداع وسقوطه عن الحائض 2/963 رقم (382-1327). (57) صحيح البخاري (25) كتاب الحج (145) إذا حاضت المرأة بعد ما أفاضت 2/195 وصحيح مسلم (15) كتاب الحج (67) باب وجوب طواف الوداع وسقوطه عن الحائض رقم (382-1211) الموطأ لإمام الأئمة وعالم المدينة مالك بن أنس (20) كتاب الحج (75) باب إفاضة الحائض رقم 229 ذكر الزرقاني أنه إن سُلم أن فيه انقطاعاً فله شواهد. (58) موطأ الإمام مالك (20) كتاب الحج (39) باب وداع البيت برقم (120-121) وانظر المدونة 1/366. (59) موطأ الإمام مالك (20) كتاب الحج (39) باب وداع البيت رقم (121) ص 370. (60) المغني لابن قدامة 5/337 م 660. (61) الحاوي للماوردي 5/286. (62) الدر المختار للحصكفي 2/186 الفتاوى لابن تيمية 26/127 و26 262 وانظر بقية المراجع لأنهم ينصون على وجوب طواف الوداع على الخارج من مكة دون تحديد. (63) شرح الزرقاني على مختصر خليل 2/288 وانظر حاشية البناني معه، الشرح الكبير للدردير 2/53، المواهب للحطاب 3/137. (64) مختصر اختلاف العلماء للرازي 2/164 م 627 حاشية شلبي على تبيين الحقائق 2/36 مناسك ملا علي القاري ص 97، الحاوي للماوردي 5/285-286 المجموع للنووي انظر المهذب للشيرازي 8/186، والمجموع للنووي 8/188 تحفة المحتاج لابن حجر 4/141، ذكر التعليل والمناقشة، وبين الشرواني في الحاشية أنه لا خلاف في أنه يجب الجبر بالدم، وإنما الخلاف في وجوب طواف الوداع، قال والأصح أنه مندوب اهـ. الغاية القصوى للبيضاوي 1/447 مغني المحتاج للشربيني 1/510 في المنهاج (وفي قول سنة لا ينجبر) بدم كطواف القدوم، وذكركما في التحفة. المغني لابن قدامة 5/337 م 660 ذكر الحسن البصري ومن معه، الإفصاح لابن هبيرة 1/276. (65) الكافي لابن عبد البر 1/328، وهو عند مالك مستحب لا يرى فيه دماً، المعونة للبغدادي 1/383، الذخيرة للقرافي 3/283، جامع الأمهات لجمال الدين عمر بن الحاجب ص 202. (66) ذكر الاتفاق القرافي في الذخيرة 3/283 وابن قدامة في المغني 5/337 م 660 وانظر الفتاوى لابن تيمية 26/261. (قلت) لا يقدح في قولي اتفق الفقهاء أن يكون هناك خلاف، لأن الاتفاق غير الإجماع. (67) مناسك ملا علي القاري ص 168. (68) شرح الزرقاني على الموطأ 2/458 وانظر حاشية البناني على شرح الزرقاني على مختصر خليل 2/288 وانظر الكافي لابن عبد البر 1/328. (69) وانظر لكلامه: مواهب الجليل للحطاب 3/137 وانظر الشرح الكبير للدردير 2/53. (70) مغني المحتاج للشربيني 1/510. (71) 4/140، المجموع للنووي. (72) رواه مسلم (15) كتاب الحج (81) باب جواز الإقامة بمكة للمهاجر 2/985 (442-1353) وسنن البيهقي 3/147 وانظر شرح السنة للبغوي 5/286. (73) حاشية بابرتي على فتح القدير 3/57 وانظر حاشية ابن عابدين على الدر المختار 2/187. (74) تحفة المحتاج 4/140، وانظر شرواني معه. مغني المحتاج للشربيني 1/510. (75) مغني المحتاج للشربيني 1/510. (76) المجموع للنووي 8/17 قال ذلك عند الكلام عن طواف القدوم. (77) الفروع لابن مفلح 3/501. (78) المجموع للنووي 8/60. (79) المغني لابن قدامة 5/338. (80) 2/68. (81) الذخيرة للقرافي 3/283 ومواهب الجليل للحطاب 2/137، الحاوي للماوردي 5/286، المهذب للشيرازي والمجموع للنووي 8/186، المغني لابن قدامة 5/336 م 660، الفروع لابن مفلح 3/520-521، شرح منتهى الإرادات 2/68. (82) تبيين الحقائق للزيلعي 2/36، مناسك ملا علي القاري ص 168. (83) تقدم تخريجه. (84) مناسك ملا علي القاري ص 168 و ص 169. (85) مواهب الجليل للحطاب 3/137. (86) الإفصاح لابن هبيرة 1/277. (87) تبيين الحقائق للزيلعي 2/36، اللباب في شرح الكتاب للموصلي 1/193، الدر المختار للحصكفي والحاشية لابن عابدين 2/186، مناسك ملا علي القاري ص 169، مجمع الأنهر لشيخي زاده 1/282 و 283، القوانين الفقهية لابن جزي ص 90، المعونة للبغدادي 383، الذخيرة للقرافي 3/283، مواهب الجليل للحطاب 3/137 نقل عن ابن فرحون أن من أراد الإقامة بمكة فهو في الطواف بالخيار، الخرشي على المختصر 2/342، المهذب للشيرازي والمجموع للنووي 8/186-187، الحاوي للماوردي 5/285، حاشية شرواني 4/140، مغني المحتاج للشربيني 1/509، المغني لابن قدامة 5/336 م 660، الروض المربع للبهوتي مع الحاشية 4/182، وشرح منتهى الإرادات له أيضاً 2/68، معونة أولي النهى لابن النجار 3/476، الفتاوى لابن تيمية 26/261. (88) ص 34. (89) مناسك ملا علي القاري، ص 169. (90) اللباب في شرح الكتاب للموصلي 1/194، والدر المختار للحصكفي 2/186-187. (91) المعونة للبغدادي 1/283، وتقدم قول عمر. (92) انظر المراجع السابقة للمذاهب الأربعة. وانظر الإفصاح لابن هبيرة 1/277، وحلية العلماء في معرفة مذاهب الفقهاء للقفال الشاشي 3/352. (93) مواهب الجليل للحطاب 3/137. (94) مناسك ملا علي القاري ص 168. (95) مناسك ملا علي القاري ص 169 ذكر الثوري، الذخيرة للقرافي 3/283، الخرشي على مختصر خليل 2/342، المواهب للحطاب 3/137، الشرح الكبير للدردير 2/53، وتحفة المحتاج لابن حجر 4/139، وحاشية شرواني معه، والمغني لابن قدامة 5/339، ذكر الثوري، المحلى لابن حزم 7/171 قال: من أراد الخروج من مكة من معتمر، أو قارن، أو متمتع بالعمرة إلى الحج، ففرض عليه أن يجعل آخر عمله الطواف بالبيت، فإن خرج ولم يطف، ففرض عليه الرجوع، ولو كان بلده بأقصى الدنيا، حتى يطوف بالبيت. (96) رواه البخاري في صحيحه (25) كتاب الحج (3) باب الحج على الرحل 2/140-141، ومسلم في صحيحه (15) كتاب الحج (17) باب بيان وجوه الإحرام رقم (113-1211) 2/871. (97) انظر مراجع الفقهاء السابقة. (98) 4/140 وانظر حاشيتي الشرواني والعبادي معه. (99) الأشباه والنظائر للسيوطي 117 و 120. (100) انظر للفقهاء: تبيين الحقائق للزيلعي 2/36، اللباب في شرح الكتاب للموصلي 1/194، الدر المختار للحصكفي 2/186، المدونة لابن القاسم 1/365، المواهب للحطاب 3/138، الأم للشافعي 2/237، الحاوي للماوردي 5/287، التحفة لابن حجر 4/142، مغني المحتاج للشربيني 1/509، والمغني لابن قدامة 5/339، وانظر 5/337، والفروع لابن مفلح 3/521. (101) مواهب الجليل للحطاب 3/137. (102) مناسك ملا علي القاري ص 168 قال: (وإن عاد فعليه إحرام بحج وعمرة) أي لا لكون طواف الصدر لا يصح بلا إحرام، بل لأجل أن كل من أراد دخول الحرم، يجب عليه الإحرام بأحد النسكين، فإن رجع بدأ بطواف العمرة ثم بطواف الصدر ولا شيء عليه. وانظر الفروع لابن مفلح 3/521، المغني لابن قدامة 5/340 قال: إذا رجع البعيد، فينبغي أن لا يجاوز الميقات – إن كان جاوزه – إلا محرماً لأنه ليس من أهل الأعذار، فيلزمه طواف لإحرامه بالعمرة والسعي وطواف لوداعه (قلت) هذا إن لم يخرج من فوره فإن خرج من فوره أجزأه طواف العمرة عن طواف الوداع. وانظر شرح منتهى الإرادات 2/68. (103) انظر لمسألة طواف الحائض: مختصر اختلاف العلماء للرازي 2/164 م 627، تبيين الحقائق للزيلعي 2/51، رد المحتار لابن عابدين 2/186، مناسك ملا علي القاري ص 169، المدونة لابن القاسم 1/365، الكافي في فقه أهل المدينة المالكي لأبي عمر بن عبد البر النمري القرطبي 1/328، الذخيرة للقرافي 3/283، مواهب الجليل للحطاب 3/138، التاج والإكليل للمواق 3/138 مع الحطاب، الأم للشافعي 2/237، الحاوي للماوردي 5/288-289، مغني المحتاج للشربيني 1/510، المغني لابن قدامة 5/341-342، الفتاوى لابن تيمية 26/261، المعونة لابن النجار 3/379، والمحلى لابن حزم 7/171-172. (104) انظر مع المراجع السابقة الموطأ (20) كتاب الحج (74) باب دخول الحائض مكة 1/412. (105) الحديث الأول تقدم تخريجه مع أدلة القول الأول في وجوب طواف الوداع وأما الحديث الثاني؛ فرواه مسلم في صحيحه (15) كتاب الحج (67) باب وجوب طواف الوداع وسقوطه عن الحائض 2/965 رقم (683-1211). (106) تقدم الحديثان في أدلة القول الأول، وانظر شرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك للشيخ محمد بن عبد الباقي بن يوسف الزرقاني المصري الأزهري 2/456-457، ذكر أحاديث الرخصة للحائض. (107) الأم للشافعي 2/237. (108) تبيين الحقائق للزيلعي 2/51. (109) المغني لابن قدامة 5/341-342 م 663. (110) قال الزيلعي في التبيين 2/36 والحائض مستثناه بالنص، والنفساء بمنزلتها، فيتناولها النص دلالة. وانظر المراجع السابقة. (111) الموطأ لإمام الأئمة وعالم المدينة مالك بن أنس (20) كتاب الحج (75) باب إفاضة الحائض رقم 229. (112) مغني المحتاج للشربيني 1/510، وانظر تحفة المحتاج لابن حجر 4/141. (113) منهاج الطالبين وعمدة المفتين للنووي ص 7. (114) تحفة المحتاج بشرح المنهاج للعلامة شهاب الدين أحمد بن حجر الهيتمي الشافعي 4/142 وانظر حاشية الشرواني معه بتصرف. (115) الدر المختار للحصكفي ورد المحتار لابن عابدين 2/186، مناسك ملا علي القاري ص 168، جامع الأمهات لابن الحاجب ص 202، الذخيرة للقرافي 3/283، الخرشي على مختصر خليل 3/342، المواهب للحطاب 3/137، الشرح الكبير للدردير 2/53، حاشية الشرواني على تحفة المحتاج 4/140. (116) المدونة لابن القاسم 1/365: هو على كل أحد، جامع الأمهات لابن الحجب ص 202، الذخيرة للقرافي 3/283، الخرشي على مختصر خليل 2/342، مواهب الجليل للحطاب 3/137. (117) مغني المحتاج للشربيني 1/462. (118) الدر المختار للحصكفي والحاشية رد المحتار لابن عابدين 2/186، تبيين الحقائق للزيلعي 2/36، مناسك ملا علي القاري ص 168. (119) مناسك ملا علي القاري ص 168. (120) الخرشي على مختصر خليل 2/342، والزرقاني على المختصر 2/288، وانظر حاشية البناني معه. (121) الدر المختار للحصكفي والحاشية رد المحتار لابن عابدين 2/186، مناسك ملا علي القاري ص 168. (122) المدونة لابن القاسم 1/366. (123) الفروع لابن مفلح 3/521. (124) انظر للمالكية الخرشي على المختصر 2/342، والزرقاني على المختصر 2/288 وانظر حاشية البناني معه، وانظر للشافعية تحفة المحتاج لابن حجر 4/140 حيث جعله عاماً لذي النسك وغيره. (125) الدر المختار للحصكفي والحاشية رد المحتار لابن عابدين 2/186، مناسك ملا علي القاري ص 168. (126) مغني المحتاج للشربيني 1/506، وانظر حاشية شرواني 4/139-140. (127) حاشية الشيخ شيرواني على التحفة 4/139. (128) حاشية الشيخ شيرواني على التحفة 4/140، وانظر القوانين الفقهية لابن جزي ص 90 قال: فإن أراد المكي السفر ودع.. (129) حاشية الشيخ شيرواني على التحفة 4/140. (130) الدر المختار للحصكفي والحاشية رد المحتار لابن عابدين 2/186 مناسك ملا علي القاري ص 168، حاشية الشيخ شيرواني على التحفة 4/140؛ لأنهم نصوا على وجوب طواف الوداع على من جاء للنسك، الفروع لابن مفلح 3/521. (131) حاشية قليوبي على شرح المنهاج للمحلي 2/125. (132) مواهب الجليل للحطاب 3/137، الشرح الكبير للدردير 2/53، والزرقاني على المختصر 2/288، وانظر حاشية البناني معه. (133) المجموع للنووي 8/190، مناسك ملا علي القاري ص 169، مصنف ابن أبي شيبة 4/52-53. (134) حاشية قليوبي على شرح المنهاج للمحلي 2/125. (135) المهذب للشيرازي مع المجموع للنووي 8/187 و188 وبين النووي في المجموع: أن من لم يبلغ مسافة القصر ولم يعد، فقد عصى وعليه دم فإن بلغها لم يجب العود بعد ذلك، ومتى لم يعد لزمه الدم. اهـ. (قلت) هذا في غير الناسي أما الناسي فلا إثم عليه، والله أعلم. وفي حاشية قليوبي على شرح المنهاج للمحلي 2/125: وسواء تركه عامداً أوعالماً أو ناسياً أو جاهلاً. انظر للمسألة الحاوي للماوردي 5/287 و5/204. (136) 2/125. (قلت) ولا يأتي هنا أننا قد أسقطنا طواف الوداع عمن خاف على نفسه أو ماله؛ لأنه معذور كالحائض. (137) انظر بدائع الصنائع للكاساني 2/143، مجمع الأنهر لشيخي زاده 1/282، حاشية ابن عابدين 2/187، مناسك ملا علي القاري ص 169. (138) المدونة لابن القاسم 1/365، وانظر الذخيرة للقرافي 3/283، الشرح الكبير للدردير 2/53، الخرشي على مختصر خليل 2/342، مواهب الجليل للحطاب 3/137 و138، وانظر معه المواق. (139) الكافي في فقه أهل المدينة المالكي لابن عبد البر النمري 1/328. (140) المهذب للشيرازي 1/232، والمهذب والمجموع للنووي 8/187 و189، التحفة لابن حجر 4/140-141، وانظر معه حاشية شرواني، المحلي شرح المنهاج 2/125، مغني المحتاج للشربيني 1/510. (141) المغني لابن قدامة 5/338-339، الفتاوى لابن تيمية 26142، الفروع لابن مفلح 3/521، وشرح منتهى الإرادات للبهوتي 2/68، انظر الإفصاح لابن هبيرة 1/276، وانظر فتاوى الشيخ السعدي ص 266-267. (142) المغني لابن قدامة ذكر الثلاثة 5/339 م 661، وذكر ابن أبي شيبة في مصنفه: عمر بن عبد العزيز، والحسن البصري، وعطاء 5/107-108. (143) تقدم أن طواف الوداع ليس نسكاً (قلت) لكنه تابع للنسك انظر تحفة المحتاج لابن حجر 4/140، وللتابع حكم المتبوع، الأشباه والنظائر للسيوطي ص 117 أي لا يفرد بالحكم. (144) مواهب الجليل للحطاب 3/137. (145) مغني المحتاج للشربيني 1/510، حاشية قليوبي على شرح المنهاج للمحلي 2/125.