شراء الأطعمة للفقراء بمال الزكاة بدلا من إعطائهم نقدا
13 شوال 1434
د. أحمد الخليل

الحمد الله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين :
أما بعد:
فهذه مسألة مهمة لا سيما في وقتنا وأحب أن أوضحها كما يلي :
يجوز لمخرج الزكاة شراء أطعمة ثم يعطيها للفقراء إذا كان يخشى أن يفرط الفقير في المال ويضيعه في غير المفيد، وإلا فلا يجوز.
ثانياً : خلاف الفقهاء ـ رحمهم الله ـ في هذه المسألة :
يظن بعض الفضلاء أن هذه المسألة ترجع لمسألة شرط التمليك للزكاة الذي يذكره الفقهاء، وليس الأمر كذلك فشرط التمليك مثاله أن يطعم المزكي الفقير في بيته أي بيت الغني من غير أن يدفع الطعام للفقير ويعتبرها من الزكاة فهذا لا يجزئ عند الأئمة الأربعة لأنه لم يملك الفقير الزكاة.
أما المسألة التي في السؤال فترجع لمسألة دفع الزكاة من غير جنسها. وهذه المسألة فيها خلاف كما يلي:
القول الأول:
للجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة عدم جواز ذلك مطلقاً بل يخرج الزكاة من نفس المال الذي وجبت زكاته فيخرج عن الحب حبا وعن الذهب ذهبا وهكذا.
وأقوى أدلتهم أن النبي – صلى الله عليه وسلم - أمر بإخراج زكاة الأموال من عينها في أكثر من حديث من ذلك الكتاب الذي كتبه أبوبكر رضي الله لأنس وفيه :" هذه فريضة الصدقة التى فرضها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على المسلمين التى أمر الله عز وجل بها نبيه -صلى الله عليه وسلم- ..... فإذا بلغت خمسا وعشرين ففيها بنت مخاض إلى أن تبلغ خمسا وثلاثين فإن لم يكن فيها بنت مخاض فابن لبون ذكر.."
القول الثاني :
مذهب الإمام أبي حنيفة والبخاري ورواية عن أحمد، وأشهب وابن القاسم ـ في رواية عنه ـ
وأقوى أدلتهم : ما أخرجه البخاري معلقاً بصيغة الجزم أن معاذاً رضي الله عنه قال لأهل اليمن ائتوني بعرض ثياب خميص أو لبيس في الصدقة مكان الشعير والذرة أهون عليكم وخير لأصحاب النبي صلى الله عليه و سلم بالمدينة .
القول الثالث :
مذهب أحمد في رواية واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وهو جواز إخراج القيمة إن كان لحاجة أو مصلحة راجحة تعود على الفقير وإلا فلا يجوز.
ودليلهم الجمع بين الأدلة السابقة.
قلت :ويمكن أن يستدل لهم بأثر معاذ السابق فإن ظاهر لفظه أن معاذاً أخذ البدل لأنه أنفع لفقراء المدينة كما صرح في تعليله وهذا تعليل أصحاب القول الثالث.
الراجح :
القول الثالث مع التأكيد على قيده وهو وجود المصلحة ومراعاة حال الفقير لا الغني.
والله تعالى أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.