الانتفاع بالوديعة
13 رجب 1434
د. ياسين بن ناصر الخطيب

مقدمـة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى وعلى آلهم وصحبهم أهل الوفاء. وبعد:
فإن قضية الانتفاع بالوديعة كانت ولا تزال من القضايا التي تشغل تفكيري منذ أمد بعيد، ذلك لأنها تتعلق بأمانة الإنسان وضميره، بل تتعلق بعبادته ودينه، حيث إن الوديعة من الأمانات التي أوجب الشارع المحافظة عليها ورعايتها، لذلك جاءت الآيات الكثيرة، والأحاديث المختلفة في الحث على المحافظة على الأمانات عموماً، وعلى الوديعة خصوصاً.

 

فمن الآيات:
1- قوله تعالى: فإن أمن بعضكم بعضًا فليؤد الذي اؤتمن أمانته وليتق الله ربه(1).
2- قوله تعالى: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها(2).
 وقد علق القرطبي (3) على هاتين الآيتين تعليقات مفيدة قال فيها: هذه الآيات من أمهات الأحكام، تضمنت الدين والشرع، ثم ذكر من المخاطب بها، ثم ذكر قصة مفتاح الكعبة، ثم ذكر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم القائل: (القتل في سبيل الله يكفر الذنوب كلها - أو قال كل شيء - إلا الأمانة، والأمانة في الصلاة، والأمانة في الصوم، والأمانة في الحديث، وأشد ذلك الودائع) ذكره أبو نعيم في الحلية (4).
3- قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لاتخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون (5).
4- وقوله تعالى: والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون (6).

 

ومن الأحاديث مايلي:
1- عن يوسف بن ماهك المكي (7). قال:
 كنت أكتب لفلان نفقة أيتام كان وليهم، فغالطوه بألف درهم، فأداها إليهم، فأدركت لهم من مالهم مثليها، قال قلت: اقبض الألف الذي ذهبوا به منك؟ قال: لا. حدثني أبي أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولاتخن من خانك).
وروى عن أبي هريرة (8) مثله سواء بسواء (9).
2 - عن أبي حرة الرقاشي (10) عن عمه - في حديث طويل - وفيه:
" من كانت عنده أمانة فليؤدها إلى من ائتمنه عليها " (11).
3- عن أبي هريرة رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (آية المنافق ثلاث)- وفي رواية - وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم:(إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان) (12).

 

فهذه الآيات والأحاديث وغيرها كثير جداً من ناحية، ثم ما يحصل من كثير من الناس من التلاعب بالوديعة والانتفاع بها بشتى أنواع الانتفاع خاصة إذا كانت الوديعة ماثلة أمام المستودع كالسيارات والدواب، أو كانت تلبي حاجة ماسة وهي حاضرة كالنقود، أو كانت أثاث بيت وعند المستودع وليمة عرس أو مأدبة فإنا نجد أن هؤلاء لايجدون حرجاً في التصرف بالوديعة، وخاصة إذا كان يجد في نفسه أن صاحبها طيب القلب أو له معه زمالة، أو كان المستودع يجد في نفسه أنه متى تلفت الوديعة أو ضاعت أو تضررت فإنه على استعداد ومقدرة مالية على التعويض عنها، من ناحية أخرى.

 

وهذا كما هو معلوم تفكير خاطئ وتصرف مشين إذ إن مجرد إخراج الوديعة من حرزها هو انتهاك لها يوجب الإثم على المستودع كما يوجب الضمان عليه.

 

كل ذلك جعلني أحاول أن أبين في هذا البحث حكم الانتفاع بالوديعة من جوانبه المختلفة ابتداء من نية الانتفاع بالوديعة - نية الخيانة - ووصولاً إلى تسلف الوديعة والاتجار بها، وحكم الربح الحاصل منها، ناقلاً ما قاله الفقهاء الكرام في هذه المسألة، مع الأدلة والمناقشة إن وجدت ثم الترجيح.

 

الفصل الأول: فـي حكـم الوديعـة

وفيه ثلاثة مطالب:
 نتكلم في حكم الوديعة من ثلاث نواح: الأولى: إيداعها، والثانية: قبولها وما يطرأ عليها من الأحكام التكليفية الخمسة، والثالثة: من حيث الجواز واللزوم.

 

المطلب الأول

1- الناحية الأولى: وهي حالة المودع عند إيداع الوديعة وما يطرأ عليه من أحكام.
ذكر الفقهاء المالكية لهذا الموضوع - إيداع الوديعة من قبل المودع - خمسة أحكام:
أ) الوجوب:
 إذا خاف فقدها الموجب هلاكه أو فقره إن لم يودعها، مع وجود قابل لها يقدر على حفظها.
ب) الحرمة: كمودع شيء غصبه، ولا يقدر القابل على جحدها لردها إلى ربها أو للفقراء إن كان المودع مستغرق الذمة.
(قلت) بأن كان حق الفقراء أكثر من ماله.
ج) الإباحة: من حيث ذاتها للفاعل والقابل.
د) الندب: حيث يخشى مايوجبها دون تحققه.
هـ) الكراهية: حيث يخشى مايحرمها دون تحققه (13).

 

المطلب الثاني
2- الناحية الثانية:
 إن الوديعة تجرى عليها الأحكام الشرعية الخمسة بالنسبة لقبولها وأخذها.
أ) تحرم: إن كان المودع ممن يعجز عن حفظها، ولا يثق بأمانة نفسه فيها.
ب) يكره قبولها وأخذها على من قدر على حفظها ولم يثق بأمانة نفسه فيها (أي شك) فإن كان أميناً قادراً على القيام بها وواثقاً من حفظ نفسه فيها فهذا ينظر.
ج) يجب إن لم يكن هناك غيره ممن يقوم بها ويأمن على نفسه فيها.
د) يندب إن كان هناك غيره ممن ذكر أعلاه.
هـ) يباح قبولها إن علم المالك أن هـذا الإنسان لايوثق بأمانته، ومـع ذلك أودعها إياه (14).
 هذا ماذكره الشافعية في كتبهم.
 وقال الحنفية: هي مستحبة.
 وقال الحنابلة: قبولها مستحب لمن علم أنه ثقة قادر على حفظها، ويكره لغيره إلا برضا ربها.
 ولـم أر للمالكية نصاً فـي قبولها إلا أنهم قالوا بالإباحة مـن حيث ذاتها للفاعل والقابل.

 

المطلب الثالث
3- الناحية الثالثة: وهي الجواز واللزوم.
 اتفق الفقهاء على أن عقد الوديعة عقد جائز من الطرفين، فلكل واحد من المودع والمستودع فسخها متى شاء(15).
 قال الغزالي في الوجيز في الفقه الشافعي (16): فهو عقد جائز من الجانبين، ينفسخ بالجنون، والإغماء والموت، وبعزله نفسه.
 وإذا انفسخ العقـد بقيت الوديعة أمانـة شرعيـة فـي يـده كالثوب تطيره الريح إلى داره (17).

 

الفصل الثاني: استعمـال الوديعـة

وفيه مطالب:
المطلب الأول: نية خيانة الوديعة
4- إذا نوى خيانة الوديعة باستعمالها - ولم يفعل ذلك - لم يصر ضامناً. على هذا اتفق الأئمة الأربعة (18). صرح بذلك الأئمة الثلاثة، وأشار إليه المالكية.
 وقال ابن سريج (19)، وهو وجه عند الشافعية، يضمنها.
الأدلـة:
 استدل ابن سريج على قوله بأن مجرد نية الخيانة يوجب الضمان بما يلي:
 إن المستودع أمسك الوديعة لاعلى نية الحفظ، وإنما أمسكها بنية الخيانة، فيضمنها كالملتقط إذا أمسك اللقطة بقصد التملك، وكما لو نوى الخيانة ابتداءً.

 

واستدل الجمهور على قولهم بأن مجرد النية لايوجب الضمان بما يلي:
1- من السنة:
 قوله صلى الله عليه وسلم: "عفي لأمتي الخطأ والنسيان وماحدثت به أنفسها مالم تتكلم به أو تعمل به " (20). فدل على أن مجرد حديث النفس دون كلام أو عمل لا أثر له.
2- من المعقول:
 لأنه بالنية لم يخن ولم يتعد لابقول ولابفعل، فيكون كالذي لم ينو.
3- أن النية إنما تراعى في حقوق الله تعالى لافي حقوق الآدميين، ولو جاز أن يصير متعدياً بالنية لجاز أن يصير خائناً وسارقاً بالنية.
4- ولأن النية ما أثرت في حرزها، فلم تؤثر في ضمانها (21).

 

المناقشـة:
رد الجمهور على ابن سريج وجماعته من الشافعية قياسهم المودع إذا نوى خيانة الوديعة على الملتقط إذا التقط الوديعة بقصد التملك بأن هذا قياس مع الفارق، ذلك أن الملتقط أخذ اللقطة بنية الخيانة، فوجب عليه ضمانها، لأنه اقترن الفعل وهو الأخذ بنية الخيانة، ولم تكن النية مجردة، ولذلك لو التقطها ناوياً تعريفها، ثم بعد ذلك نوى الخيانة لما أصبح ضامناً لها، لأن النية الآن مجردة من الفعل.

 

وردوا على قول الشافعية بأن نية الخيانة الحاصلة بعد تسلم الوديعة توجب الضمان كما لو نوى ابتداء، ردوا فقالوا: بأن هذا قياس مع الفارق أيضاً، لأن النية في الابتداء اقترنت بالفعل، فكان استلام الوديعة مقترناً بنية خيانتها فأثرت النية بخلاف مسألتنا (22).

 

الترجيح:
 والراجح في المسألة أن النية المجردة عن العمل لايبنى عليها شيء لقوله صلى الله عليه وسلم: " إنما الأعمال بالنيات " (23).
 فما لم يقترن بالنية عمل فمجرد النية لاقيمة له، ولذلك اشترطوا مقارنة النية لأول العمل (24).
 فالراجح إذن أنه لايضمن إذا نوى الخيانة بعد الإيداع.
 أما إذا نوى الخيانة عند تسلم الوديعة فإنه يضمن قطعاً، لأن النية قارنت الفعل (25).
 وكذا لو نوى أن يأخذ ثم أخذ ضمن من وقت النية، وإن تأخر الأخذ عن وقت النية.

 

5- أثر هذه النية:
 قال الشافعية (26): محل الخلاف في التضمين، أما التأثيم: فلا خلاف أنه يأثم بنية الأخذ.

 

المطلب الثاني
6- إخراج الوديعة لاستعمالها بإذن صاحبها
 لايخلو إخراج الوديعة لاستعمالها من أمرين: إما أن يكون إخراجها لاستعمالها بإذن من صاحبها، أو أنه أخرجها بدون إذن منه.
 فإن أخرجها ليستعملها بإذن صاحبها فما هو التكييف الفقهي لهذا العمل؟
 يرى الفقهاء الحنفية والحنابلة أن هذا الإذن باستعمال الوديعة يحول العقد من عقد إيداع إلى عقد إعارة، ذلك لأن الإعارة هي (تمليك منفعة مؤقتة لابعوض) (27).
 أو هي (إباحة نفع عين يحل الانتفاع بها، تبقى بعد استيفائه ليردها على مالكها)(28).
 فالوديعة إذا أذن صاحبها للمستودع بالانتفاع بها بلاعوض فهي إعارة وإن كان العقد بصيغة الإيداع (29). وذلك على أساس القاعدة الفقهية: "العبرة في العقود للمقاصد والمعاني لا للألفاظ والمباني " (30).
 والذي أراه أن أصول المذاهب الأخرى مثل الحنفية والحنابلة في ذلك.

 

المطلب الثالث
7- أخرجها ليستعملها ظاناً أنها ملكه فلم يستعملها
مقدمـة:
 إذا أخرج المستودع الوديعة من حرزها ليستعملها فلا يخلو:
إما أن تكون الوديعة من القيميات أو من المثليات.
فإن كانت الوديعة من القيميات، فقد اتفق الفقهاء على أن المستودع لايجوز له أن يستعملها أو ينتفع بها بدون إذن مالكها(31).
 وإذا كانت من المثليات، وأخرجها ليستعملها بدون إذن مالكها، فلا يخلو حال المستودع حين إخراجها من أمرين:
أحدهما: أن يخرجها ظاناً أنها ملكه.
والثاني: أن يخرجها غير ظان أنها ملكه.
فإن أخرجها وهو يظن أنها ملكه فإما أن يستعملها أو لا.
فإن أخرجها من مكانها - ظاناً أنها ملكه - ولم يستعملها وأعادها إلى مكانها، فلا ضمان عليه، نص على ذلك الشافعية فقط (32).
وذلك لأنه أولاً: لم يستعملها، وثانياً: لأنه لم يكن ينوي الخيانة، لأنه كان يظن أنها له، وأصول بقية المذاهب لاتأبى هذا. والله أعلم.

 

المطلب الرابع
8- أخرجها ليستعملها ظاناً أنها ملكه واستعملها
فإن استعملها ضمن سواء ظن أنها ملكه أم لا، لأنها بالاستعمال دخلت في ضمانه. بهذا قال الفقهاء (33).

 

المطلب الخامس
9- أخرج الوديعة لينفقها فتلفت
إذا كانت الوديعة دراهم، فأخرجها لينفقها، فتلفت، فهل يضمنها؟
قال الشافعية والحنابلة (34): يضمن.
وقال الحنفية والمالكية (35): لايضمن إلا بالتعدي.
حجة الأولين: هي أن الفعل اقترن بنية التعدي، فبطل الاستئمان - أي تغيرت يده من حال الأمانة إلى حال الخيانة - فصار كما لو جحدها ثم أقر بها.
 وقال الحنفية في استدلالهم على عدم الضمان: إن أخذه الدراهم لم يناف الضمان، وبمجرد النية لايصير ضامناً، ولأنه ممسك لها بإذن صاحبها.
رد الأولان، بأن النية هنا لم تتجرد عن الفعل - حتى يقال: وبمجرد النية لايصير ضامناً - بل إنها اقترنت بالفعل، فهو قد أخرجها لينفقها، فوجب الضمان لأنه تعدٍ، ولأن يده بالتعدي تغيرت من يد الأمانة إلى يد الضمان.
 والراجح في هذه الحالة الضمان، لأنه تعدى على الأمانة إذ أخرجها من حرزها بغير إذن ربها، وهذا مناف للحفظ. والله أعلم.

 

المطلب السادس
10- أخذ بعض الوديعة ليستعمله فتلف المأخوذ
إذا أخذ بعض الوديعة كالدراهم لينفقها، أو الثياب ليستعملها، فتلف المأخوذ من يده، ضمنه وحده دون بقية الوديعة.
 على هذا اتفق جميع الفقهاء (36).
 ودليلهم على ذلك دليل عقلي، وهو أن الضمان يجب بقدر الخيانة وقد خان في البعض دون البعض (37).
قلت: وهذا هو الصحيح إن شاء الله تعالى.

 

المطلب السابع
11- إذا كانت الوديعة دابة فركبها أو ثوباً فلبسه فتلف
 إذا أودع دابة فركبها، أو ثوباً فلبسه، فتلف، ضمن باتفاق الفقهاء الثلاثة الحنفية والشافعية والحنابلة، وسحنون (38) من المالكية (39).
 وقال ابن القاسم (40): إذا ركبها في محل تعطب في مثله غالباً أو جهل الحال أو استوى الأمران، وتلفت، ضمن كان التلف بسماوي أو بتعديه، وإن ركبها بمحل لاتعطب فيه عادة، فلاضمان إذا عطبت بسماوي أو غيره.
 دليل الجمهور هو أن مجرد استعمال الوديعة سبب للضمان فكذا هنا ولم أجد لابن القاسم دليلاً.
 والراجح هو مذهب الجمهور لقوة دليلهم.

 

المطلب الثامن
12- إذا أخذ بعض الدراهم لينفقه، فلم ينفقه، ورده بعينه، ثم ضاعت كلها فما الحكم؟
قال الحنفية والمالكية (41): لاضمان عليه.
 وقال الشافعية والحنابلة (42): يضمن ما أخذ فقط دون بقية الدراهم سواء تميز ما أخذ أو لم يتميز لاختلاطه بها، ولأن هذا الخلط حاصل قبل الأخذ.

 

الأدلـة:
 استدل الأولان على قولهما بعدم الضمان، فقالا: إن الأخذ من الوديعة لاينافي الضمان وبمجرد نية الإنفاق - مع عدم الإنفاق - لايصير ضامناً كما لو نوى أن يغصب فلم يفعل.
 واستدل الآخران القائلان بالضمان فقالا:
 إن المودع لما أخذ من الوديعة - بغير إذن صاحبها - فقد تعلق الضمان بذمته بالأخذ، بدليل أنه لو تلف في يده قبل رده ضمنه، فلا يزول الضمان إلا برده إلى صاحبه كالمغصوب.

 

المناقشـة:
 ناقش الآخران الأولين استدلالهما على عدم الضمان بأن الأخذ لاينافي الضمان وبمجرد النية لايصير ضامناً فقالا: إن النية لاقيمة لها إذا تجردت عن الفعل، وهنا اقترنت النية بالأخذ، فهو قد أخرجها لينفقها، فوجب الضمان لأنه تعد ٍ.
(قلت) وقولهما: إن الأخذ لاينافي الحفظ غير مقبول لأن الأخذ انتهاك للحرز بدون إذن ربها.
 وقولهم: إنه ممسك لها بإذن صاحبها صحيح، ولكنه أخرجها بغير إذن صاحبها، ولم يلتزم بحفظها كما يجب فوجب الضمان.

 

الترجيح:
والراجح - والله أعلم - أنه بإخراجه الدراهم تعدى، وتغيرت يده من الأمانة إلى الضمان فلا يبرأ إلا إذا أعاد الوديعة إلى صاحبها مع ما أخذه منها أو يحدث له المودع ائتماناً، فإن تلفت الوديعة كلها ضمن ما أخذ فقط لأنه موضع التعدي وتقدم نظيره آنفاً فقرة [01]. والله أعلم.

 

المطلب التاسع
13- وإذا أخذ بعض الوديعة - كدرهم مـن عشرة دراهم، فلـم يرده ولكن رد بدله، وكان متميزاً عن باقي الدراهم، لمخالفته لها بسواد أو بياض أو سكة، وتلفت الدراهم، ضمن الدرهم فقط
على هذا اتفق الفقهاء الثلاثة: الحنفية والشافعية والحنابلة (43).
وقال المالكية: إن رد مثله برىء من الضمان (44).
الأدلـة:
 استدل الشافعية على ضمان الدرهم فقط فقالوا: لأنه تعدى بالدرهم ولم يتعد بالتسعة.
 ويرى المالكية أن رد المثلي - في المثليات - كرد العين فلا يقتضي الضمان.
الترجيح:
 والصحيح هو قول الجمهور الذي يرى ضمان الدرهم الذي أخرجه من حرزه من غير إذن صاحبه، فهو له - إذن - ضامن لتعديه، ولا يضمن غيره لعدم تعديه. والله أعلم.

 

المطلب العاشر
14- فإن كانت المسألة المتقدمة بحالها فرد بدل الدرهم الذي أخذه، وكان الدرهم الذي رده غير متميز بعلامة فارقة عن باقي الوديعة، فضاعت الوديعة كلها
 فقد اختلف الفقهاء:
 فقال أبو حنيفة والشافعية (45): يضمن الكل.
وقال مالك في المشهور (46) عنه: إنه إن رد بدله فلاضمان.
وقال الحنابلة (47) ورواية أخرى عن مالك أنه يضمن ما أخذ من الوديعة فقط.
 وقال الصاحبان: أبو يوسف ومحمد -رحمهما الله - ربها بالخيار بين التضمين ومشاركة المستودع.
حجة أبي حنيفة في أنه يضمن الجميع، قال: لأن بعضه يضمنه بالاستهلاك اتفاقاً عند الحنفية والبعض خلطاً، والأخيرة حجة الشافعية أيضاً (48).
 والقاعدة عند أبي حنيفة أن الخلط النافي للتمييز تعدٍ، فيوجب الضمان ويقطع الشركة (49). أ.هـ.
 وردَّ الشيخ بابرتي (50) على من يقول: اجعل رد الدرهم قضاءً للدين ولا تجعله خلطاً،ردَّ فقال: إنه لايجوز أن يتفرد المستودع بالقضاء بغير محضر من صاحبه(51).
وحجة مالك في أنه لايضمن إذا رد البدل، بأن من رد البدل فكأنه لم يتعد.
 وحجة الحنابلة في ضمان ما أتلف فقط، هو لأنه تعدى على هذا فقط، ولم يتعد على الباقي.
 وحجة الصاحبين في تخييرهما المالك بين التضمين ومشاركة المستودع هو لأن الخلط بالجنس استهلاك من وجه دون وجه، فالمودع لم يستطع بالخلط أن يصل إلى حقه صورة، ولكن يمكنه أن يصل إلى حقه معنى بالقسمة، فله ذلك وإلا فله أن يضمن المستودع (52). فيميل إلى أيهما شاء.

الترجيح:
والذي أرجحه هنا: هو أن الضمان يتعلق بالدرهم الذي أخرجه بتعديه بغير إذن صاحبه، ولاعلاقة للضمان بما لم يتعد به، كما لو كان الدرهم متميزاً. والله أعلم.

 

المطلب الحادي عشر
15- إذا أذن رب الوديعة (المودِع) للمستودَع أن يأخذ من الوديعة، ولم يأمره برد بدل ما أخذ
فأخذ من الوديعة ثم رد بدل ما أخذ، فالحكم أنه على الخلاف السابق فيما إذا لم يأذن له بالأخذ فأخذ.
ذكر ذلك الحنابلة، وقال القاضي (53): يضمن الكل (54).
حجة الحنابلة: لأنه تعدى في ما أخذ دون غيره
وأستدل للقاضي فأقول: لأنه خالف أمر المودع حيث لم يأمره برد بدل ما أخذ والراجح هو الأول كما رجحنا في المسألة رقم [41] والله أعلم.

 

المطلب الثاني عشر
16- إذا كانت المسألة المتقدمة بحالها فأخذ المستودع مـن العشرة دراهم الوديعة درهماً واحداً وأنفقه، ولم يرد ما أخذ فهلك كل المال
فقد اتفق الفقهاء (55) على أن المستودع يضمن ما أنفق - وهو درهم واحد - ولا يضمن مابقي.
 وحجتهم في ذلك هو أن التعدي كان فيما أنفق، وبقي الحفظ في الباقي، ولم يتعيب الباقي بما أخذ وأنفق، إذ المفروض أن الوديعة مما لايضره التبعيض، ولأنه أتلف شيئاً محدداً فوجب ضمانه.
(قلت) هذا هو الحق. والله أعلم.

 

المطلب الثالث عشر
17- إذا عد الدراهم المودعة، أو وزنها، أو ذرع الثوب الوديعة ليعرف قدر ذلك
قال الشافعية: لاضمان عليه (56).
 وحجتهم هي أن الشرع ورد بمعرفة ذلك في اللقطة، وهي أمانة شرعية. فهذه أولى.
 وهو كذلك إن شاء الله تعالى. ويمكن أن يقال بأن ذلك من حفظها.

 

المطلب الرابع عشر
18- إذا أودع المودع الدراهم الوديعة مدفونة فنبشها فتلفت الوديعة كلها
قال الشافعية (57) يضمن الجميع سواء أخذ منها عند النبش أم لا.
 وحجتهم في ذلك: أن الدفن حرز للمال، وأن النبش هتك لذلك الحرز فهو إذن تعدٍ يوجب الضمان.
(قلت) وهو الصحيح. والله أعلم.
 وهذا يخالف عد الدراهم ووزنها، ذلك لأن عد الدراهم لايترك أثراً وهذا يترك أثر النبش فيكون دليلاً للصوص على الوديعة.

 

المطلب الخامس عشر
19- لو أودع وديعة في صندوق مقفل، أو في كيس مختوم، ففتح القفل عن الصندوق وكسر الختم عن الكيس
قال الشافعية والحنابلة (58): يضمن الوديعة كلها سواء أخذ منها أم لا. وبه قال الحنفية كما سيأتي.
20- وأما عن الصندوق والكيس ففي ضمانهما عند الشافعية وجهان، أوجههما الضمان.
 وقال الحنفية (59): إذا لم يأخذ شيئاً حتى ضاع، أو مات المستودع، فإن كانت الوديعة قائمة بعينها ترد على صاحبها... وإن كانت لا تعرف بعينها فهي دين في تركته يحاص الغرماء. أ.هـ.
(قلت) فهذا معناه أنه يضمن الوديعة إذا لم تعرف، ولا يضمنها إذا كانت موجودة بعينها فأبو حنيفة مع الجمهور.
 وحجتهم هي أن قفل الصندوق وختم الكيس كتم للوديعة وحفظ لها (60)، وفتح القفل وكسر الختم هتك للحرز تعدى فيه - بلا إذن - فيضمن.
(قلت) وهو الصحيح، أنه يجب ضمان القفل والصندوق والكيس إذا تعيب شيء منها، كما أنه ضامن للوديعة كلها سواء أخذ منها أم لا، ولأنه بفتح القفل وكسر الختم عرض الوديعة للضياع فيجب الضمان. والله أعلم.

 

المطلب السادس عشر
21- لو أودعه كيساً مربوطاً بخيط، أو رزمة قماش مربوطة بخيط، فحل الخيط عنهما
فلا ضمان، لأن ذلك موضوع لمنع الانتشار لا لكتم الوديعة عن رؤية الغير.
ذكر ذلك الشافعية (61).

 

المطلب السابع عشر
22- لو خرق الكيس من فوق الختم
لم يضمن إلا نقصان الخرق، فإن خرقه متعمداً ضمن جميع الكيس. نص على ذلك الشافعية والحنابلة (62).

 

المطلب الثامن عشر
23- إذا أودع الرجل وديعتين منفصلتين، فأنفق إحداهما وكانتا من المثليات ضمن ما أنفق فقط
ذكر ذلك الحنفية (63). وهو على أصول بقية المذاهب صحيح.
قال ابن عابدين (64) - ماملخصه - هذا في المثلي الذي لايضره التبعيض ولم أر من ذكر ما إذا كان يضره التبعيض هل يضمن الكل أو ما أخذ ونقصان مابقي؟ أ.هـ.
(قلت) الراجح - والله أعلم - أنه يضمن جميع مالا ينتفع به بعد التبعيض، وذلك كأجزاء معمل متكامل، ضيع المستودع بعضها إن كان يعسر الحصول على ماضيع، فإن أمكن الحصول على الأجزاء التي استعملها أو تعدى بضياعها فعليه ضمان ماضيع فقط، وأجرة مدة التأخير. والله أعلم.

 

المطلب التاسع عشر
24- إذا تعدى على الوديعة أجنبي وأتلفها فلا ضمان على المستودع لعدم تعديه، وعلى ربها أن يتبع من أتلفها
نص على ذلك المالكية (65)، وأصول بقية المذاهب معه، لعدم التعدي من المستودع.

 

المطلب العشرون
25- إذا كانت الوديعة كتاباً فهل يجوز قراءته؟
ذكر ذلك الحنفية والشافعية (66) واختلفوا.
 أما الحنفية ففي الدر المختار: أن له القراءة من مصحف الوديعة: لأن له ولاية هذا التصرف، وقال في المتانة: لو كان الرهن مصحفاً أو كتاباً ليس له أن يقرأ بغير إذنه.
 ومنع ذلك الشافعية، إذ جعلوا من عوارض الضمان القراءة في كتاب الوديعة، ولم يذكروا المصحف ولا الأدلة.
 والذي أرجحه المنع إلا بإذنٍ لأن ذلك استعمال للوديعة.

 

الفصل الثالث

26- أخذ الحق من مال الوديعة
ويسمى (مسألة الظفر)
إذا كان لإنسان على آخر حق فمنعه منه مع اعترافه بالدين أو جحد الدين أصلاً، ثم إن المدين أودع عند صاحب الحق مالاً وديعة فهل يحق لصاحب الحق أن يأخذ قدر حقه من الوديعة؟
 ذكر هذه المسألة البغوي (67) عند كلامه عن حديث هند (68) بنت عتبة بن ربيعة أم معاوية التي جاءت تشكو بخل زوجها أبي سفيان (69) رضي الله عنهم الذي في نهايته قول النبي صلى الله عليه وسلم:"خذي مايكفيك وولدك بالمعروف". متفق عليه (70).

 

فذكر البغوي في شرح السنة فوائد وأنواعاً من الفقه... فقال:
 ومنها: أن من له حق على غيره يمنعه إياه فظفر من ماله بشيء جاز له أن يقتضي منه حقه، سواء كان من جنس حقه أو لم يكن إياه، ثم يبيع ماليس من جنس حقه، فيستوفي حقه من ثمنه.
 ثم بين البغوي كيفية استنباط هذا الحكم من حديث هند فقال:
 وذلك أنه معلوم أن منزل الرجل الشحيح لايجمع كل ما يحتاج إليه أهله وولده من النفقة والكسوة وسائر المرافق التي تلزمه لهم، ثم أطلق لها الإذن في أخذ كفايتها وكفاية أولادها، ولا يكون ذلك إلا بصرف غير جنس حقها في تحصيل ماهو من جنس حقها، وهذا هو قول الشافعي (71).
وذهب قوم إلى أنه يأخذ من ماله من جنس حقه، حتى لو أودعه دراهم، وله على المودع مثلها فله أخذها من حقه، فإن جحد المودع ماله، كان له أن يجحد وديعته، فيمسكها عن حقه، وإن كانت الوديعة دنانير فليس له أن يجحدها وأن يأخذ منها حقه، وهو قول سفيان الثوري (72).
وقال أصحاب الرأي: يأخذ أحد النقدين عن الآخر، ولا يجوز الأخذ من جنس آخر.
وذهب مالك إلى أنه لايجوز جحود وديعته سواء كان من جنس حقه، أو لم يكن.
واحتج بما روي عن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك) (73).
رواه الترمذي (74) وقال:
وقد ذهب بعض أهل العلم إلى هذا الحديث وقالوا: إذا كان للرجل على آخر شيء فذهب به فوقع له عنده شيء، فليس له أن يحبس عنه بقدر ماذهب له عليه.

 

ورخص فيه بعض أهل العلم من التابعين، وهو قول الثوري، وقال إن كان له عليه دراهم فوقع له عنده دنانير فليس له أن يحبس بمكان دراهمه إلا أن يقع له عنده دراهم، فله حينئذٍ أن يحبس من دراهمه بقدر ماله عليه. أ.هـ كلام الترمذي.
 ونعود إلى البغوي الذي بين مايراد من الحديث الذي احتج به مالك وهو (أد الأمانة إلى من....) الحديث. فقال: والمراد من هذا - يعني الحديث أن يخونه بعد استيفاء حقه بزيادة جزاء لخيانته، فأما استيفاء قدر حقه فمأذون له فيه من جهة الشرع في حديث هند، فلا يدخل تحت النهي عن الخيانة (75).
(قلت) النقل عن المالكية لعله عن غير المشهور أو عن غير المذهب، لأن المذهب أن للمستودع الأخذ منها بقدر حقه إن أمن العقوبة والرذيلة وربها ملد أو منكر أو ظالم، ويشهد له (فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه...) (76) إلخ ولافرق بين أخذ العين والمثل والقيمة على المذهب.
 نعم، مانقله الشيخ البغوي ذكره الشيخ خليل (77) في مختصره (78)، والشيخ خليل (ت767هـ) متأخر كثيراً عن الإمام البغوي (615هـ).

 

وأما النقل عن الحنفية أصحاب الرأي، ففيه شيء، وهو أن الحنفية يقولون بأن صاحب الحق متى ظفر بجنس حقه من مال المديون يكون له أن يأخذه، والأصل فيه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لهند خذي من مال أبي سفيان مايكفيك وولدك بالمعروف، وكذلك إن كان المال ديناً عليه وأنكره ثم أودعه مثله، فأما إن أودعه شيئاً من غير جنس حقه لم يسعه إمساكه عنه، لأن هذا بيع عند اختلاف الجنس فلا ينفرد هو به، والأول استيفاء وصاحب الحق ينفرد بالاستيفاء.
وحكى عن ابن أبي ليلى (79) رحمه الله التسوية بينهما للمجانسة من حيث المالية، ولكنه بعيد ثم رد عليه. أ.هـ(80).
 أما عند الحنابلة فلهم فيه كلام طويل أنقله من المغني، إذ يقول الخرقي (81):
 ومن كان له على أحد حق، فمنعه منه، وقدر على مال، لم يأخذ منه مقدار حقه، لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك ". أ.هـ.

 

ثم فصل ابن قدامة (82) المسألة فقال ماملخصه:
 إن كان الذي عليه الحق مقراً به باذلاً له، لايجوز الأخذ من ماله إلا مايعطيه بلا خلاف... وإن أتلفها - من عنده الحاجة - أو تلفت فصارت ديناً في ذمته - بأن اعتدى عليها - وكان الثابت في ذمته من جنس حقه تحاصا - أي سقط الدين، فهو بمعنى الاستيفاء - في قياس المذهب والمشهور من مذهب الشافعي.
 وإن كان مانعاً له لأمر يبيح المنع، كالإعسار لم يجز أخذ شيء من ماله بلاخلاف.
 وإن كان مانعاً له بغير حق، وقدر على استخلاصه بالحاكم أو السلطان، لم يجز له الأخذ أيضاً.
 وإن لم يقدر على ذلك لكونه جاحداً ولابينة، أو لايجيبه إلى المحاكمة فالمشهور في المذهب أنه ليس له أخذ قدر حقه، وهو إحدى الروايتين عن مالك.
 قال ابن عقيل (83): وقد جعل أصحابنا المحدثون لجواز الأخذ وجهاً في المذهب أخذاً من حديث هند.
 وقال أبو الخطاب (84): ويتخرج لنا جواز الأخذ، فإن كان المقدور عليه من جنس حقه أخذ بقدره، وإن كان من غير جنسه تحرى واجتهد في تقويمه لحديث هند، ولقول أحمد في المرتهن: يركب ويحلب بقدر ماينفق، والمرأة تأخذ مؤنتها، وبائع السلعة يأخذ من مال المفلس بغير رضاه (85).
 وقال الشافعي: إن لم يقدر على استخلاص حقه ببينة فله أخذ قدر حقه من جنسه أو من غير جنسه.
 ومشهور مذهب مالك: إن لم يكن لغيره عليه دين، فله أن يأخذ بقدر حقه، وإلا لم يجز لأنهما يتحاصان في ماله إذا أفلس.
 وقال أبو حنيفة: له أن يأخذ بقدر حقه إن كان عيناً أو ورقاً أو من جنس حقه، وإن كان عرضاً لم يجز، ثم ذكر أن حجة المجيزين حديث هند، ثم ذكر أدلة الحنابلة بالمنع.

 

27- خلاصة الأقوال (86):
 اختلف الفقهاء - كما مر - في جواز أخذ الحق من مال الوديعة إذا أنكره المودع أو كان مماطلاً على ثلاثة أقوال:
القول الأول: إن لصاحب الحق أن يأخذ من الوديعة سواء كانت الوديعة من جنس حقه أم لا.
 وبهذا قال ابن أبي ليلى والشافعي، وهو المشهور من مذهب مالك. وبه قال ابن عقيل وأبو الخطاب من الحنابلة.
القول الثاني: ليس لصاحب الحق أن يأخذ شيئاً من الوديعة مطلقاً سواء كانت الوديعة من جنس حقه أم لم تكن.
 وهذا هو المشهور من مذهب الحنابلة، وهو رواية في المذهب المالكي اقتصر عليها الشيخ خليل في مختصره.
القول الثالث: إذا كان الحق من جنس مال الوديعة فلصاحب الحق أن يستوفي حقه منه وإلا فلا، وهو قول الثوري والحنفية.

 

الأدلـة:
 استدل أصحاب القول الأول الذين أجازوا أخذ الحق من مال الوديعة سواء كان من جنس الحق أم لا بحديث هند بنت عتبة المشهور، والذي فيه قول النبي صلى الله عليه وسلم:(خذي مايكفيك وولدك بالمعروف) وهو حديث صحيح متفق عليه كما تقدم.
 وجه الدلالة من الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم أطلق لها الإذن في أخذ كفايتها وكفاية أولادها، ولا يكون ذلك إلا بصرف غير جنس حقها في تحصيل ماهو من جنس حقها (87).
 واستدل المانعون من ذلك مطلقاً أي سواء كانت الوديعة من جنس الحق أم لم تكن بحديث " أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك " (88).
 وجه الاستدلال بالحديث أن الإنسان متى أخذ من مال الممتنع أو المماطل بغير علمه، فقد خانه فيدخل في عموم الخبر، وقال صلى الله عليه وسلم: (لايحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس منه) (89).
 ولأنه إن أخذ من غير جنس حقه كان معاوضة بغير تراض، وإن أخذ من جنس حقه، فليس له تعيين الحق بغير رضا صاحبه، فإن التعيين إليه، ألا ترى أنه لايجوز أن يقول اقضني حقي من هذا الكيس دون هذا، ولأن كل مالا يجوز له تملكه إذا لم يكن له دين لايجوز له أخذه إذا كان له دين، كما لو كان باذلاً له.
 واستدل أصحاب القول الثالث الذين فرقوا بين مال الوديعة إذا كان من جنس الحق فأجازوا الأخذ منه وبين ما إذا لم يكن من جنس الحق فمنعوا أخذ الحق منه، بحديث هند نفسه، وقالوا: إذا كان الحق من جنس الوديعة فيجوز أخذ الحق منها لأن هذا استيفاء حق، فينفرد صاحب الحق بأخذ حقه منه، وأما إن كان من غير جنسه فهو بيع، والبيع لاينفرد به صاحب الحق.

 

المناقشـة:
 بعد أن عرفنا أدلة كل قول نجد أن الحنابلة ناقشوا أصحاب القول الأول وأصحاب القول الثالث المستدلين بحديث هند بنت عتبة فقالوا: إن أحمد اعتذر عنه بأن حقها واجب عليه في كل وقت.
 وهذا إشارة منه إلى الفرق بالمشقة في المحاكمة في كل وقت، وفي المخاصمة كل يوم تجب فيه النفقة، بخلاف الدين.
 وفرق أبو بكر (90) بينهما بفرق آخر، وهو أن قيام الزوجية كقيام البينة، فكأن الحق صار معلوماً بعلم قيام مقتضيه.

 

وبينهما فرقان آخران:
أحدهما: أن للمرأة من التبسط في ماله - بحكم العادة - ما يؤثر في إباحة أخذ الحق، وبذل اليد فيه بالمعروف بخلاف الأجنبي.
الثاني: أن النفقة تراد لإحياء النفس، وإبقاء المهجة وهذا مما لايصبر عنه، ولاسبيل إلى تركه، فجاز أخذ ماتندفع به هذه الحاجة بخلاف الدين، حتى نقول: لو صارت النفقة ماضية لم يكن لها أخذها، ولو وجب لها عليه دين آخر لم يكن لها أخذه (91). أ.هـ
(قلت) ونستطيع أن نناقش أصحاب القول الثالث بأن حديث هند بنت عتبة نص في الموضوع ولا اجتهاد مع نص.
وقولهم بأن أحمد - رحمه الله - اعتذر عن حديث هند بأن حقها واجب عليه في كل وقت نقول: وكذلك أداء الدين واجب أداؤه في كل وقت يجد فيه قضاء.
 ومافرقوا به بالمشقة في المحاكمة والمخاصمة لادليل عليه.
 وتفريق أبي بكر بأن قيام الزوجية كقيام البينة حجة عليهم لأن الدين ثابت بالبينة أو بالإقرار فهو أقوى من المشبه، على أن هذا الفرق لادليل عليه أيضاً، وكذلك الفرقان الآخران بلادليل، وأيضاً فقولهم إن للمرأة من التبسط في ماله.. إلخ نقول: هذا قد يؤثر في حد السرقة لكن لايؤثر في حرمة الأخذ من مال الغير.
 وكذا نرد قولهم إن النفقة تراد لإحياء النفس...إلخ، نقول بأن المال أيضاً من الضروريات الخمس ولايجوز المساس به، هذه مناقشة علماء الحنابلة.

 

أما مناقشة ابن قدامة فنقول:
 إن استدلاله على عدم جواز أخذ الحق من المال الذي ظفر به بحديث"أد الأمانة..." الحديث فقد أجاب عنه البغوي بقوله: والمراد من هذا أن يخونه بعد استيفاء حقه بزيادة جزاء لخيانته، فأما استيفاء قدر حقه فمأذون له فيه من جهة الشرع في حديث هند، فلا يدخل تحت النهي عن الخيانة. أ.هـ (92).
قلت: وأما استدلاله بقوله صلى الله عليه وسلم: (لايحل مال امرئ مسلم..) الحديث فمردود بجواز أخذ مال المفلس وتوزيعه على الغرماء ولو بلاطيب نفس منه.
 وكذا قوله: ولأنه إن أخذ من غير جنس حقه كان معاوضة بغير تراض.. إلخ كله مردود بحال المفلس الذي يتحاص الغرماء حقوقهم منه سواء كان ماله من جنس حقوقهم أم لا. وتؤخذ أمواله جبراً عليه.

 

الترجيح:
 بعد هذه المناقشة أجدني أميل إلى ترجيح قول أصحاب القول الأول المجيزين أن يأخذ الإنسان حقه ممن امتنع من أدائه أو جحده وليس له بينة أو له بينة ولكن الممتنع لايحضر المحاكمة وماشاكل ذلك. وذلك لأن حديث هند بنت عتبة واضح الدلالة على المراد، إذ إن النبي صلى الله عليه وسلم أجاز لها أن تأخذ من مال زوجها أبي سفيان، ولم يفرق بين ما إذا كان ذلك من جنس حقها أو لم يكن بشرط أن يأخذ حقه فقط. كل هذا إذا لم يستطع تخليص حقه بالمحاكم أو بالتوسط لدى أهل الخير وماشاكل ذلك، وإلا فلا يجوز الأخذ من مال الوديعة حتى يستوفي كل الطرق التي يستطيع أن يستخلص حقه بها. والله أعلم.

 

الفصل الرابع

28- تسلف الوديعة للاتجار بها
يكاد يتفق الفقهاء من حيث العموم على أن أحد أسباب ضمان الوديعة هو الانتفاع بها بغير إذن من ربها حتى إن بعض الفقهاء يعبر عن ذلك بالتعدي (93).
 وذلك لأن حفظ الوديعة مأمور به شرعاً (94)، واستعمالها والانتفاع بها مناقض للحفظ فحينئذ يكون سبباً للضمان. والله تعالى يقول في وصف المؤمنين: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) (95).
ومع أن ذلك معلوم إلا أن المالكية قسموا الوديعة إلى قسمين: وديعة من القيميات ووديعة من المثليات، كما قسموا المستودع إلى قسمين غني مليء وفقير معدم، فإن كانت الوديعة من القيميات حرم على المستودع تسلفها بدون إذن المودع.

 

جاء في شرح المواق في التاج والإكليل قول الشيخ خليل " وحرم سلف مقوم ومعدم " فنقل عن اللخمي (96): ليس للمودع أن يتسلف الوديعة إذا كان فقيراً، فإن كان موسراً. فإن كانت الوديعة عروضاً أو مما يقضى فيه بالقيمة أو مما يكال أو يوزن، وكان يكثر اختلافه ولا يتحصل أمثاله كالكتان فليس للموسر أيضاً أن يتسلفها. أ.هـ.
(قلت) فهذا واضح أن القيمي لايجوز تسلفه، بل إن المالكية - مع أنهم يقولون إذا رد المستودع الوديعة برىء من الضمان فإنهم لايبرئون من يتسلف القيمي من الضمان.
قال المواق (97): وكذلك لو تسلف جميعها ثم رد مكانها لبرىء، كان أخذها على السلف أو على غيره، ولاشيء عليه إن هلكت بعد أن ردها، ولو كانت ثياباً فلبسها (98) حتى بليت، أو استهلكها ثم رد مثلها لم تبرأ ذمته من قيمتها، لأنه إنما لزمته قيمته (99).

 

(قلت) لأن القيمي هو الذي تختلف أفراده وليس له مشابه في الأسواق، وذلك كالأشياء التي تصنع باليد، تتفاوت حجماً ولوناً وجودة ورقة، وخشونة... إلخ. كالبيوت وغيرها.
 أما المثلي فهو مالاتختلف أفراده ويوجد له نظير في الأسواق كالحبوب والدراهم وما تنتجه المصانع. أ.هـ.
 وتسلف القيمي عند المالكية محرم مطلقاً أي سواء كان المستودع المتسلف لها غنياً أو فقيراً، وإن كانت الوديعة من المثليات كالدراهم والحبوب مثلاً حرم عليه تسلفها إن كان معدماً، وكره له ذلك إن كان مليئاً.
 ثم إن محل كراهة تسلف المستودع المليء للمثلي حيث لم يبح له ربها ذلك، أو يمنعه بأن جهل الحال، وإلا أبيح له تسلفها إذا أذن له في ذلك. ومنع في الثاني أي إذا منعه، ومنعه له إما بالمقال أو بقيام القرائن على كراهة المودع تسلف المستودع لها (100).
 وفي المواق قال الباجي: اختلف في جواز التسلف من الوديعة بغير إذن ربها، ففي المعونة (101) أنه مكروه. وفي العتبية (102) عن مالك تركه أحب إليَّ، وقد أجازه بعض الناس فروجع في ذلك فقال: إن كان له مال فيه وفاء وأشهد فأرجو أن لا بأس به (103).
 وفي الشرح الكبير بيَّن الشيخ الدردير (104) تعليلاً لتلك الأحكام فقال مامعناه:
 إن حرمة تسلف المقوم بغير إذن المودع، لأن الأغراض تختلف فيه. فلا يقوم غيره مقامه.
 أما المثلي فلا يحرم تسلفه على المليء غير المماطل، لأنه مظنة الوفاء مع كون مثل المثلي كعينه. فالتصرف الواقع فيه كلا تصرف. أ.هـ.

 

بعد أن عرفنا اتفاق الفقهاء الثلاثة: الحنفية والشافعية والحنابلة على أن تسلف الوديعة تعد عليها، لأنه مخالف للرعاية المأمور بها في قوله تعالى: والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون (105)، ومخالف لقوله تعالى: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها (106) نقول:
 سيأتي مزيد من تفصيل للرد على المالكية القائلين بجواز تسلف الوديعة للمليء إذا كانت الوديعة من المثليات، وذلك عند الكلام عن الترجيح بعد الكلام عن الاتجار بالوديعة، لأن تسلف الوديعة والاتجار بها قد يتلازمان وقد ينفصلان.
 فتسلف الوديعة قد يكون لأغراض كثيرة ومتعددة غير الاتجار بها، فقد يتسلف الإنسان الوديعة ليشتري بها طعاماً لأهله، أو أثاثاً لداره، أو ليوفي بها ديناً عليه، أو ليتزوج بها، أو ليشتري بها داراً أو مركوباً، وقد يتسلفها للاتجار بها وردها إلى صاحبها متى طلبها.

 

وقد يختلف الاتجار بالوديعة عن التسلف، فقد تكون الوديعة من المثليات كالدراهم والدنانير والحبوب فيتاجر بها المستودع دون نية تسلف، وإنما يبيع ويشتري فيربح. فإذا عرفنا حكم تسلف الوديعة، فما حكم الاتجار بها؟ فنقول:
29- وأما الاتجار بالوديعة فقد ذكر ذلك الشيخ الدردير في الشرح الكبير فقال مامعناه:
 إن التجارة كالتسلف فيما مر من أحكام: أي من حيث إن الوديعة إما قيمية أو مثلية، وإن المستودع إما غني مليء أو فقير معدم، وإن التجارة فيها إما أن تكون بإذن من ربها أو لا.
 وقيل: إن التجارة كالتسلف في الكراهة فقط، قال الدسوقي (107) وهو أي هذا القول الأخير ضعيف، فيكون التشبيه تاماً على الأظهر (108).
 ثم بين الشيخ الدسوقي قضية ما إذا كانت الوديعة عرضاً من الأعراض - وهو تعبير عن القيمي - ثم تصرف بها المستودع وتاجر بها وفاتت الوديعة. فما الحكم؟ قال:
 والحاصل أن الوديعة إذا كانت عرضاً وباعها المستودع ليتجر فيها سواء باعها بنقد أو بعرض، فإن ربها يخير - إن كانت قائمة بيد المشتري - بين أخذها ورد البيع، وبين إمضائه وأخذ مابيعت به.
 وإن فاتت بيد المشتري - يعني هلكت - خير ربها بين رد البيع وأخذ قيمتها من المودع، وبين إمضاء البيع وأخذ مابيعت به، لأنه بيع فضولي، فإن رد صاحبها البيع وأخذها فلا يكون هناك ربح للمودع - المستودع - وإن أجازه، وأخذ مابيعت به أو أخذ قيمتها فقد يكون له ربح إذا اتجر بثمنها قبل قيام ربها عليه. أ.هـ.
 ثم نقل قولاً عن الشيخ عبدالباقي الزرقاني (109)، والشيخ محمد الخرشي (110) وفنده. أ.هـ (111).
 هذه هي بعض أحكام تسلف الوديعة عند المالكية ثم بعض أحكام الاتجار بها.

 

30- وإذا أردنا أن نعلق على هذه الأحكام فنقول:
1- إن هذه الأحكام لم يذكر لها دليل واحد، تستند عليه لادليل شرعي ولا دليل عقلي مقبول.
2- إن هذه الأحكام تخالف روح الإسلام في كل مايتعلق بالوديعة من حفظ وصيانة ورعاية.
3- ولو أخذنا بآيات القرآن الكريم التي تتحدث عن الأمانة لوجدنا أنها تعبر بلفظ الرعاية (راعون) بدل الحفظ، لأن الرعاية فوق الحفظ. فقد يحفظ الإنسان الوديعة وهي مما يتلفها الحفظ إذا لم تنشر في الهواء، أو لم تلبس كالحبوب وملابس الصوف والسجاد، ولكن التعبير بالرعاية معناه أنك تراعي الحال التي تصلح بها الوديعة. وانظر إلى الأثر الذي بين فيه ابن مسعود (112) -رضي الله عنه - قيمة حفظ الأمانة التي تفهم من عقوبة من ضيع الأمانة، فقد قال رضي الله عنه يغفر للشهيد إلا الأمانة، والوضوء من الأمانة، والصلاة والزكاة من الأمانة، والوديعة من الأمانة،وأشد ذلك الوديعة، تمثل على هيئتها يوم أخذها، فيرمى بها في قعر جهنم، فيقال له: أخرجها، فيتبعها، فيحملها في عنقه، فإذا أراد أن يخرج بها زلت منه، فيتبعها فهو كذلك دهر الداهرين. أ.هـ (113) ومعلوم أن هذا الأثر بمنزلة الحديث المرفوع للنبي صلى الله عليه وسلم - من عند الصحابي، لأنه لامجال فيه للرأي.
 ثم نناقش رأي المالكية هذا فنقول: إذا كان ليس لكم مستند لاشرعي ولا عقلي مقبول في جواز التسلف من الوديعة أو كراهة ذلك، فما وجه التفريق بين القيمي والمثلي، والكل مأمور بحفظه ورعايته؟ ثم ماوجه التفريق بين الغني والفقير؟ مع أن الفقير أكثر حاجة من الغني إلى تسلف الوديعة والاتجار بها وكسب الربح.
الترجيح:
 وعلى هذا فالراجح هو قول الجمهور الذين لم يبيحوا للمستودع الانتفاع ولا التصرف بالوديعة إلا في شيء تقتضيه طبيعتها كتعريض الحب للهواء والصوف للشمس وماشاكل ذلك.
 نعم إذا أذن له المالك في التصرف بها فهذا شيء جائز وقد عرفناه سابقاً.

 

31- وأما إذا عرف أن صاحب الوديعة يسمح بتسلفها والاتجار بها علماً شبه يقيني، فنقول سئل شيخ الإسلام ابن تيمية (114) عن الاقتراض من الوديعة بلا إذن صاحبها فأجاب:
 وأما الاقتراض من مال المودع، فإن علم المودع علماً اطمأن إليه قلبه أن صاحب المال راض بذلك، فلا بأس بذلك، وهذا إنما يعرف من رجل اختبرته خبرة تامة، وعلمت منزلتك عنده، كما نقل مثل ذلك عن غير واحد،وكما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يفعل في بيوت بعض أصحابه، وكما بايع عن عثمان - رضي الله عنه - وهو غائب.
 ومتى وقع في ذلك شك لم يجز الاقتراض. أ.هـ (115).
 وقال الشيخ زروق المالكي (116): وإن علم طيب نفس صاحبها، والمتصرف مليء جاز بلا كراهة، وإن كان معدماً مما تؤدى به منع (117). أ.هـ.
 ونقل ابن جزى (118) الجواز عن أشهب (119)(120).
(قلت) والذي أراه أن الإنسان قد يعلم طيب نفس صاحبها بتسلفها وقد يكون المستودع مليئاً، لكن قد يحتاجها صاحبها في وقت ليس عند المستودع شيء يدفعه لصاحبها بدلها، فلذلك فإني أرى أنه إذا لم يكن هناك إذن صريح - أو كالصريح - بالاقتراض والتسلف فلا يجوز ذلك قطعاً لمد الأيدي والتلاعب بالودائع التي أمر الله تعالى بحفظها ومراعاتها. والله أعلم.

 

الفصل الخامس

32- الربح الحاصل بسبب الاتجار بالوديعة
مقدمـة:
 معلوم أن الفقهاء يمنعون التصرف بالوديعة سواء كانت من المثليات أو من القيميات، ولا يحلون الاتجار بها ولارهنها ولا تأجيرها إلا بإذن من مالكها لأن الواجب حفظها ورعايتها، ولذلك نجد أن الشافعية والحنابلة بل الحنفية يذكرون الربح الحاصل من الاتجار بالوديعة في باب الغصب ولا يصرحون به في الوديعة، على أساس أن المستودع متى تصرف بالوديعة أصبح غاصباً، وأصبحت الوديعة مغصوبة يجري عليها ما يجري على الغصب من أحكام.
 إلا أن المالكية - رحمهم الله تعالى - جعلوا تسلف الوديعة والاتجار بها مكروهاً أو جائزاً إذا كانت الوديعة من المثليات وكان المستودع مليئاً يستطيع أن يرد الوديعة متى جاء ربها، وحرموا ذلك في الوديعة إذا لم تكن من المثليات أو كان المستودع فقيراً لا يستطيع أن يرد الوديعة أو مثلها عند الطلب.
 وتقدم ذلك موضحاً عند الكلام عن تسلف الوديعة.

 

ونريد الآن أن نبحث في الربح الحاصل بسبب الاتجار بالوديعة. فنقول:
33- اختلف الفقهاء في الربح الحاصل بسبب الاتجار بالوديعة على أقوال هي:
القول الأول: الربح للمستودع.
 وبه قال المالكية (121) وأبو يوسف من الحنفية (122) مطلقاً، قالا: سواء كانت الوديعة مثلية أو قيمية، وسواء اشترى بها ونقدها، أو اشترى بغيرها ونقدها من الوديعة، وبه قال الحنفية فيما إذا كانت مثلية فاشترى بها ونقد غيرها، أو اشترى بدراهم في الذمة ثم نقدها من دراهم الوديعة أو أطلق.
 وهو القول الأظهر عند الشافعية (123)، وهو احتمال عند أبي الخطاب من الحنابلة، قالا: بشرط أن يشتري بدراهم في ذمته ثم ينقد الثمن من دراهم الوديعة، وهو قياس قول الخرقي (124).

 

القول الثاني: الربح للمودع (صاحب الوديعة) والسلع المشتراة له.
 وبه قال الحنابلة مطلقاً، وبه قال الشريف أبو جعفر (125)، وأبو الخطاب من الحنابلة فيما إذا اشترى بعين المال، وهو احتمال عند أبي الخطاب أيضاً فيما إذا اشتراه في ذمته ثم نقد الأثمان (أي المغصوبة أو المودعة).

 

القول الثالث: على المستودع أن يتصدق بالربح ولا يطيب له أكله.
 وهو رواية عن أحمد رواها عنه الشريف أبو جعفر (126).
 وبه قال أبو حنيفة ومحمد (127) إذا لم تكن الوديعة دراهم، أو كانت دراهم فاشترى بعينها ونقدها. وقد بين ذلك الكرخي (128) فجعلها على أربعة أوجه فقال:
1- (فإن أشار إليهما) أي إلى دراهم الغصب والوديعة ونقدهما فكذلك لايطيب له الربح ويتصدق به عندهما خلافاً له، أي لأبي يوسف.
2- وإن أشار إلى غيرهما ونقدهما، أي نقد دراهم الغصب والوديعة.
3- أو أشار إليهما ونقد غيرهما.
4- أو أطلق إطلاقاً ولم يشر إليهما، ولا إلى غيرهما بل قال اشتريت بدرهم ولكن نقدهما طاب له الربح اتفاقاً.
قيل وبه يفتى، دفعاً للحرج عن الناس في هذا الزمان،وهو قول الصدر الشهيد (129)، وبه كان يفتي الإمام أبو الليث (130).
والمختار عند مشايخنا (أنه لايطيب مطلقاً) (131).

 

الأدلـة:
استدل أصحاب القول الأول على قولهم بأن الربح للمستودع بما يلي: قال السرخسي (132)(133): لأنه ربح حصل في ملكه، وذلك لأنه لما ضمن الوديعة أصبح مالكاً لها بأثر رجعي مستند إلى وقت وجوب الضمان، ولهذا نفذ بيعه، فكان هذا ربحاً حاصلاً في ملكه وضمانه، فيطيب له كما في حصة ملكه.
 وقالوا: بأن المودع عندما وضع الوديعة لم يودعها طلباً للفضل والربح وإنما أراد حفظها فله أصل المال دون الربح.
واستدل الشافعية وأبو الخطاب القائلون بأنه إذا اشترى في ذمته ثم نقد ثمنها من الوديعة أن الربح له، فقالوا: لأنه اشترى لنفسه في ذمته، فكان الشراء له والربح له، وعليه بدل المغصوب.
واستدل أبو حنيفة أيضاً فقال: وذلك لأن الدراهم لاتتعين بنفس العقد مالم ينضم إليها التسليم ولهذا لو أراد أن يسلم غيرها كان له ذلك، فأما بالقبض يتعين نوع تعين، ولهذا لا يملك استرداد المقبوض من البائع ليعطيه مثلها.
فلهذا قلنا: إذا استعان في العقد والنقد جميعاً بالدراهم الوديعة لايطيب له الفضل، وكذلك إذا اشترى بها مأكولاً ونقدها لايحل له أن يأكل ذلك قبل أداء الضمان.
ولو اشترى بدراهم مطلقة ثم نقد تلك الدراهم- دراهم الوديعة- حل له أن ينتفع بها.
واستدل أصحاب القول الثاني القائلون بأن الربح للمودع (صاحب الوديعة) فقالوا:
لأن الربح نماء ملكه فكان له، كما لو اشترى بعين المال (134).
واستدل أصحاب القول الثالث القائلون بأن المستودع يتصدق بالربح ولا يطيب له أخذه فقالوا:
لأن الربح حصل للمستودع بسبب كسب خبيث، فإنه ممنوع من بيع الوديعة، والربح الحاصل بسبب كسب خبيث سبيله التصدق به.
ولأن المستودع عند البيع يخبر المشتري أنه يبيع ملكه وحقه وهو كاذب في ذلك، والكذب في التجارة يوجب الصدقة، لقوله - صلى الله عليه وسلم: (يامعشر التجار إن الشيطان والإثم يحضران البيع فشوبوا بيعكم بالصدقة)(135).
 وفي رواية:(يامعشر التجار إن هذا البيع يحضره اللغو والحلف فشوبوه بالصدقة)(136). أ.هـ.
 فعملنا بالحديث في إيجاب التصدق بالفضل.

 

المناقشـة:
لم أجد مناقشة للأقوال الثلاثة المتقدمةوأدلتها، وإنما أستطيع أن أناقش القائلين بأن المستودع يتصدق بالربح الحاصل من الاتجار بالوديعة فأقول:
المال الناتج عن التجارة (الربح) ليس مالاً سائباً، أو ليس مالاً لايعلم له مالك حتى يقال بأنه يتصدق به، بل هو مال منسوب إما إلى المودع وإما إلى المستودع، وحتى المال اللقطة الذي لايدرى له مالك لايجب التصدق به بل للملتقط أن يتملكه بشرط الضمان كما هو معلوم، ولا نستطيع أن نقول بأن هذا الربح يشبه ما إذا غصب إنسان مالاً لآخر ولا يعرف مالكه فحينئذ من الممكن أن نقول بأنه يتصدق به (137)، فهذا قياس مع الفارق لأن هذا بين مالكين معلومين.
وإذن فالربح إما أن يكون للمودع (صاحب الوديعة) وإما للذي عمل بالوديعة وربح (المستودع).

 

الترجيح:
إن من المعلوم أن المستودع إذا تعدى (138) على الوديعة وتلفت (139) بسبب تعديه، فإنه يضمن الوديعة، ومعلوم أن إخراج الوديعة واستعمالها والانتفاع بها سبب للضمان عند جميع الفقهاء كما تقدم، كما أنه سبب للإثم.
ومعلوم أيضاً أن الوديعة متى كانت موجودة عنده بعينها فإنه ملزم بردها إلى حرزها، وبناء على ذلك فلايصح أن يقال بأنه بالضمان ملك الوديعة مع أنه مطالب بردها على صاحبها.

 

وبناء على ذلك فلا يقال بأن الربح للمستودع بناء على أنه ملك الوديعة بالضمان لما علمت، لكن نستطيع أن نقول بأن الربح للمستودع للأسباب التالية:
1- إن هذا يتفق مع القاعدة التي تقول بأن (الخراج بالضمان)، ومادام أنه ضمن الوديعة بالاتجار بها، وأنه ضامن لها سواء تلفت أو خسرت، فكذا يأخذ ربحها إذا ربحت.
2- إن فائدة سعي الإنسان له، ومضرته عليه، فكما أن المستودع لما تاجر بالوديعةإذا خسر ضمن فكذا إذا ربح أخذ.
3- إن المودع لم يجعل وديعته ليربح بل جعلها عند المستودع لتحفظ فليس له إلا وديعته عيناً إذا كانت باقية، ومثلها أو قيمتها إذا كانت تالفة (140).
من مجموع هذه الأدلة يتبين لنا أن الربح للمستودع.والله أعلم.
نعم إذا كانت الغلة من نماء الملك كالصوف والحليب والولد فهو للمالك (141)، لأنهم نصوا على أن منافع الوديعة لصاحبها (142).

 

الفصل السابع

36- أجرة الانتفاع بالوديعة
إذا انتفع المستودع بالوديعة فسكن الدار، أو ركب الدابة، فهل يلزمه أجرة للمدة التي انتفع بها أو للمدة التي حبسها فيها؟
اختلف الفقهاء في ذلك كما يلي:
القول الأول: قال الشافعية (143) والحنابلة (144) إذا كان للمدة التي انتفع بها أجرة لزمته الأجرة لتلك المدة، وبه قال المالكية (145)، كما نقله الشيخ محمد الحطاب (146)، واشترط الشيخ عدوي (147) لوجوب الأجرة أن يكون المودع ممن يأخذ أجرة وإلا فلا، وقال هذا هو الحق عندنا.
 وبه قال الحنفية في الوقف ومال اليتيم ومايعد للاستغلال.
القول الثاني: للحنفية (148). وهو أن الأجرة لاتجب.
 وهو قول المالكية في نقل الشيخ عدوي: إذا كان مثل المودع لايأخذ أجرة.

 

الأدلـة:
استدل أصحاب القول الأول على قولهم بأن الانتفاع بالوديعة موجب للأجر فقالوا: لأن المنفعة مال متقوم مضمونة بالعقود كالأعيان فتجب أجرتها إذا انتفع بها أو فاتت.
واستدل الحنفية القائلون بعدم وجوب الأجرة بأثر عن عمر وعلي - رضي الله عنهما - إذ حكما بوجوب قيمة ولد المغرور وحريته ورد الجارية مع عقرها على المالك، ولم يحكما بوجوب أجر منافع الجارية والأولاد مع علمهما أن المستحق يطلب جميع حقه، وأن المغرور كان يستخدمها مع الأولاد، ولو كان ذلك واجباً لما سكتا عن بيانه بوجوبه عليهما، ولعدم المماثلة بين المنافع والدراهم لانعدام البقاء في المنافع.. فلا يكون تقومها لذاتها بل لضرورة ورود عقد ولاعقد هنا (149).

 

المناقشة:
في الحقيقة فإن خلاف الحنفية للجمهور في وجوب أجرة الانتفاع بمنافع الوديعة أو المغصوب راجع إلى شيء مهم هو هل المنافع أموال أم لا؟
فالجمهور على أنها أموال، والحنفية لايعدونها أموالاً إلا في الوقف ومال اليتيم ومايعد للاستغلال.
وقد بين الشيخ محمد أبو زهرة (150) ذلك كله ورد على الحنفية بأناة وصبر في كتابه " الملكية ونظرية العقد في الشريعة الإسلامية " (151).
ولم يذكر المالكية دليلاً للفرق بين ما إذا كان المودع يأخذ الأجر أم لا إلا إذا قلنا بأنهم بنوه على العرف كما أننا لم نجد دليلاً على الفرق بين أموال الوقف وأموال اليتيم والمعد للاستغلال عند الحنفية.

 

الترجيح:
مادمنا عرفنا أن الشيخ محمد أبو زهرة قد رد على الحنفية عدم اعتبارهم المنافع من الأموال، وهو من أئمة المذهب الحنفي، فإذن الراجح هو مذهب الجمهور القائل بأن الأجرة واجبة فيما إذا انتفع المستودع من الوديعة، وذلك هو الذي يتمشى مع طبيعة الشريعة التي تقول " لاضرر ولاضرار " فمادام المستودع قد انتفع بالوديعة واستعملها فلابد من دفع الأجر. والله أعلم.

 

37- أخذ الأجرة على الوديعة.
 نص الشافعية على أن المستودع له أن يأخذ أجرة على قبول الوديعة. قال الشربيني: إن له أخذ أجرة الحفظ كما له أن يأخذ أجرة الحرز (152).
(قلت) هذا هو الصحيح.

 

الخاتمـة

1- لاشك أن الوديعة من الأموال المعصومة ذات القيمة الكبيرة التي جعلت صاحبها لايستطيع أن يفرط فيها فجعلها أمانة ووديعة عند إنسان يثق بأمانته، ويستطيع حفظها، بل أوجب الإسلام عليه إيداعها حتى لاتضيع عليه.
2- ومن هنا فإن الإسلام حث المستودع على أن يتبصر في نفسه - قبل قبول الوديعة - فإن لم يجد في نفسه القدرة على حفظها وصيانتها فحرام عليه قبولها، والتورط في أخذها.
3- وإن كان يجد في نفسه الكفاءة التامة والأمانة الكاملة على حفظها، فقد حبب الإسلام إليه قبولها إعانة لأخيه المؤمن وحفظاً لماله الذي هو أحد الضروريات الخمس التي جاء الإسلام بحفظها والاهتمام بها.
4- ومن هنا فإن مجرد نية خيانة الوديعة - جعلته الشريعة - سبباً في الإثم والمعصية.
5- كما رأينا أن الإسلام جعل الضمان على من يخرج الوديعة من حرزها ليستعملها، وبدل يده من يد الأمانة إلى يد الضمان، لأن ذلك يعد تعدياً على الوديعة وانتهاكاً لحفظها، كل ذلك ليرينا الإسلام حرصه على الأمانات واهتمامه بحقوق الناس.
6- بل إننا رأينا أن مجرد فتح القفل أو كسر الختم عن الوديعة سبب لضمانها، فأي اهتمام أكثر من هذا الاهتمام.
7- كما توصلنا إلى أن المستودع الذي يتصرف بالوديعة يوجب عليه الإسلام أجرة المثل إن كان لها أجرة جزاء انتفاعه.
8- وبالمقابل رأينا أن الشريعة الغراء- وهي تنظر إلى الوديعة هذه النظرة الخاصة- أجازت للمستودع إذا ظلمه المودع فأخذ حقه فمطله أو جحده أن له أخذ حقه من الوديعة التي عنده، لأن الشريعة كما تحفظ حق المودع تحفظ حق المستودع.
9- ورأينا أن تسلف الوديعة والاتجار بها حرام، لأنه اعتداء على الوديعة بدون حق وحينئذ فهو لها ضامن.
10- ورأينا بالمقابل أن الربح الذي ينشأ عن الاتجار بالوديعة هو لمن عمل به ولمن حصله، لأنه الخسارة عليه، وعليه الضمان.
هذه هي أهم النتائج التي توصلت إليها من هذا البحث، وهي نقاط قيمة تريك حرص الإسلام على حفظ الحقوق وأداء الأمانات إلى أهلها، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
وصلى الله على النبي الكريم محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

______________________

(1) سورة البقرة من الآية 382.
(2) سورة النساء من الآية 85.
(3) القرطبي (ت 176هـ) محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح الأنصاري الخزرجي الأندلسي أبو عبدالله القرطبي، من كبار المفسرين. كان من عباد الله الصالحين والعلماء العارفين. مقدمة الجامع لأحكام القرآن، ص: و، ز.
(4) القرطبي، محمد بن أحمد الأنصاري، الجامع لأحكام القرآن، دار الكتاب العربي 7831هـ-7691م، 5/552-652، وانظر 3/414، وتعليقه على الآية الأولى.
(5) سورة الأنفال الآية 72.
(6) سورة المؤمنون الآية 8، سورة المعارج الآية 23.
(7) يوسف بن ماهك (ت601هـ) وقيل غير ذلك. يوسف بن ماهك بن بهزاد الفارسي المكي ثقة.
 ابن حجر، أحمد بن علي، تقريب التهذيب 2/283 ترجمة 944، حققه وعلق حواشيه عبدالوهاب عبداللطيف، دار الباز، مكة.
(8) أبو هريرة (12ق.هـ-95هـ) عبدالرحمن بن صخر الدوسي الصحابي بل أكثر الصحابة حفظاً للحديث ورواية له، أسلم سنة سبع ولزم النبي صلى الله عليه وسلم، روى 4735 حديثاً، ولي إمرة المدينة مدة.
 ابن حجر، الإصابة في تمييز الصحابة 8931هـ/8791م، دار الفكر 4/202-112، ترجمة 0911، ابن عبدالبر، الاستيعاب 4/202-012 مطبوع مع الإصابة.
(9) رواه أحمد وأبو داود والترمذي والدارمي.
أحمد في المسند 3/414، وأبو داود في سنن أبي داود، كتاب الإجارة، باب في الرجل يأخذ حقه من تحت يده 4353-5353، 3/092 عن يوسف بن ماهك وأبي هريرة، والترمذي، الجامع الصحيح [21]، كتاب البيوع [83]، باب حدثنا أبو كريب ح4621، 3/465 وحسنه، والدارمي، سنن الدارمي، كتاب البيوع، باب في أداء الأمانة واجتناب الخيانة 2/462.
(10) الرقاشي، مات بعد المائة.
حنيفة: أبو حرة الرقاشي، مشهور بكنيته وقيل اسمه حكيم. ثقة من الثالثة.
ابن حجر، تقريب التهذيب 1/702 ترجمة 446، الهندي، محمد طاهر، المغني في ضبط أسماء الرجال، دار الكتاب العربي 9931هـ، ص47 ضبط (الحرة)، ص211 ضبط (رقاش).
(11) أحمد في المسند 5/37.
(12) رواه البخاري ومسلم.
البخاري [2]، كتاب الإيمان وشرائعه [42] علامات المنافق 1/41.
ومسلم [1]، كتاب الإيمان [52] باب بيان خصال المنافق ح701-901، 1/87.
(13) الصاوي، أحمد بن محمد، حاشية بلغة السالك، دار المعرفة 8931هـ 2/891، وانظر الشيخ عليش، محمد بن أحمد (ت9921هـ)، شرح منح الجليل على مختصر خليل، دار الباز 3/354.
(14) الماوردي، أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب (ت054هـ) الحاوي الكبير01/683، النووي، المنهاج وشرحه للمحلى، والحاشية للقليوبي 3/081-181، ابن حجر، أحمد بن محمد، تحفة المحتاج بشرح المنهاج، دار صادر 7/99-001.
داماد، محمد بن سليمان، مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر 2/833، ابن نجيم زين الدين، البحر الرائق شرح كنز الدقائق7/372، الحصكفي، محمد علاء الدين، الدر المختار شرح تنوير الأبصار، ابن عابدين، محمد أمين، حاشية رد المحتار4/494، الصاوي، أحمد بن محمد المالكي، حاشية بلغة السالك 2/891، ابن قدامة، موفق الدين عبدالله بن أحمد، المغني بتحقيق التركي والحلو 9/652، النجدي عبدالرحمن بن القاسم، حاشية على الروض المربع 5/654-754.
(15) السرخسي، شمس الأئمة محمد بن أحمد، المبسوط 11/801، داماد، المجمع 2/833.
ابن جزي، محمد بن أحمد، القوانين الفقهية ص642، الدردير، أحمد بن محمد الشرح الكبير والدسوقي، محمد بن أحمد بن عرفة، الحاشية 3/234.
الماوردي، الحاوي 01/683، الغزالي، محمد بن محمد، الوجيز 1/482.
ابن قدامة، المغني 9/652، النجدي عبدالرحمن بن القاسم، حاشية على الروض المربع 5/754.
(16) الغزالي (054-505هـ)
محمد بن محمد بن محمد الغزالي الطوسي أبو حامد زين الدين، حجة الإسلام، له نحو مائتي مصنف، رحل إلى البلاد الكثيرة وله المؤلفات الشهيرة.
ابن العماد، شذرات الذهب 4/01، الأسنوي، طبقات الشافعية 2/111 ترجمة 068.
(17) 1/482، وانظر المنهاج وشرحه للمحلى 3/181.
(18) قاضي زادة، نتائج الأفكار تكملة فتح القدير 8/984 وبمجرد النية لايصير ضامناً وابن نجيم، البحر الرائق 7/772، ابن عبدالبر، أبو عمر يوسف بن عبدالله الكافي في فقه أهل المدينة المالكي 2/531 أول الوديعة ذكر أن الضمان بالتعدي ولم يذكر النية. الغزالي، الوجيز 2/582، الماوردي، الحاوي 1/593، ابن حجر، التحفة 7/321، الشربيني، محمد الخطيب، المغني 3/98، ابن قدامة، المغني 9/272-372.
(19) الماوردي، الحاوي 01/593، ابن قدامة، المغني 9/272.
وابن سريج (ت043هـ)
عمر بن أحمد بن عمر الشافعي المعروف بابن سريج أبو حفص، فقيه له أربعمائة مصنف كان يفضل على أصحاب الشافعي حتى على المزني.
الأسنوي، طبقات الشافعية 1/613 ترجمة 395، البغدادي، هدية العارفين 1/187.
(20) البخاري [86]، كتاب الطلاق [11] باب الطلاق في الإغلاق، صحيح البخاري 6/861-961.
(21) الماوردي، الحاوي 01/593.
(22) الشربيني، مغني المحتاج 3/98.
(23) البخاري [1] باب كيف كان بدء الوحي 1/2، ومسلم [33] كتاب الإمارة [54] باب قوله صلى الله عليه وسلم إنما الأعمال بالنية ح551 رقم الحديث 7091، 3/5151.
(24) المقري، محمد بن محمد بن أحمد، القواعد، بتحقيق د. أحمد بن عبدالله بن حميد، طبع جامعة أم القرى، مركز البحوث العلمية وإحياء التراث الإسلامي، السنة بلا، 1/682، القاعدة الثالثة والستون.
(25) قال الشرواني في حاشيته على التحفة 7/321 موضحاً المقصود بالنية:
 والمراد بالنية كما قال الإمام: تجريد القصد لأخذها، لا مايخطر بالبال وداعية الدين تدفعه فإنه لا أثر له، وإن تردد الرأي ولم يجزم، فالظاهر عندنا أنه لاحكم له حتى يجرد قصد العدوان. أ.هـ ومثل ذلك قال الشربيني في المغني 3/98.
(26) الماوردي، الحاوي 01/593، مغني المحتاج 3/98، وانظر التحفة 7/321. قليوبي، الحاشية 3/681.
(27) الحطاب، محمد بن محمد بن عبدالرحمن (ت459هـ)، مواهب الجليل لشرح مختصر خليل، والمواق، محمد بن يوسف (ت798هـ)، التاج والإكليل لمختصر خليل 5/862.
(28) الحجاوي، شرف الدين أبو النجا، موسى بن أحمد، زاد المستقنع، والبهوتي، منصور بن يونس، الروض المربع، دار الكتب العلمية، بيروت، ط9، 8041هـ-8891م، وانظر مجلة الأحكام العدلية 4/691-791 مع شرح علي حيدر.
(29) علي حيدر، شرح مجلة الأحكام العدلية 4/762، النجدي، عبدالرحمن بن محمد بن قاسم، حاشية الروض المربع شرح زاد المستقنع، ط2، 3041هـ 5/754 قال فإن أذن المالك في التصرف ففعل صارت عارية مضمونة.
(30) علي حيدر، شرح مجلة الأحكام العدلية 1/81 المادة [3].
(31) السرخسي، المبسوط 11/321، ابن عبدالبر، الكافي ص731، ابن حجر، التحفة 7/121-221، ابن قدامة، المغني 9/972.
(32) الشربيني، المغني 3/98.
(33) الحصكفي، الدر المختار، ابن عابدين، رد المحتار 4/894، السرخسي، المبسوط 11/111، الدردير، الشرح الكبير 3/024، ابن عبدالبر، الكافي 2/731، ابن حجر، التحفة وحواشيها 7/121، الشربيني، المغني 3/98، ذكر أنه يضمن مالو استعمل الوديعة ظاناً أنها ملكه مع أنه لاخيانة. ابن قدامة، المغني 9/372.
(34) ابن حجر، التحفة وحواشيها 7/221، الشربيني، المغني 3/98، ابن قدامة، المغني 9/372.
(35) بابرتي، محمد بن محمد، شرح العناية 8/984، ابن القاسم، عبدالرحمن بن القاسم، المدونة 4/353.
(36) السرخسي، المبسوط 11/111، المرغيناني، علي بن أبي بكر، الهداية شرح بداية المبتدي 8/984، داماد، المجمع 2/243. ويعمل بقوله في (قدر) الإنفاق بيمينه ابن القاسم، المدونة 4/353، ابن الجلاب، أبو القاسم عبيد الله بن الحسين (ت873هـ)، التفريع، دراسة وتحقيق د.حسين سالم الدهماني، دار الغرب الإسلامي،ط1، 8041هـ/8891م 2/172، الدردير، الشرح الكبير 3/224، المواق، التاج والإكليل 5/452، الشافعي، محمد بن إدريس، الأم 4/531، الماوردي، الحاوي 01/793، ابن حجر، التحفة 7/221، ابن قدامة، المغني 9/772.
(237 الحطاب، مواهب الجليل 5/452، الشربيني، المغني 3/98.
(38) سحنون(061-042هـ) عبدالسلام بن سعيد بن حبيب التنوخي الملقب بسحنون، قاض فقيه، انتهت إليه رئاسة العلم بالمغرب، كان زاهداً لايهاب سلطاناً في الحق، رفيع القدر أبي النفس. القرافي، توشيح الديباج ص651، البغدادي، هدية العارفين 1/965 سحنون بضم السين.
(39) الكاساني، أبو بكر بن مسعود، البدائع في ترتيب الشرائع 6/112، مجلة الأحكام العدلية 4/252م 787، القدوري، أحمد بن محمد (ت824هـ)، الكتاب 0041هـ/0891م، المكتبة العلمية، بيروت 2/891، الدردير، الشرح الكبير 3/024-124، الشربيني، المغني 3/88، ابن قدامة، المغني 9/972.
(40) ابن القاسم (231-191هـ)
عبدالرحمن بن القاسم بن خالد بن جنادة العتقي المصري أبو عبدالله، ويعرف بابن القاسم، فقيه جمع الزهد والعلم، تفقه بالإمام مالك ونظرائه، روى المدونة عن الإمام مالك. البغدادي، هدية العارفين 1/215.
(41) بابرتي، العناية 8/984، داماد، المجمع 2/243، المدونة 4/353 لم يحدد.
(42) ابن حجر، التحفة 7/221، الشربيني، المغني 3/98، ابن قدامة، المغني 9/772.
(43) الحصكفي، بدر المنتقى في شرح الملتقى 2/243، الشافعي، الأم 4/531 قال مصحح كتاب الأم عند قول الربيع: ثم وضع غيره معروفاً لعله عينه، فإنه السابق قبله تأمل. كتبه مصححه. أ.هـ قلت: لعل الربيع أراد أن ينبه إلى شيء آخر. الشربيني، المغني 3/98 فالباقي غير مضمون عليه، الخرقي، عمر بن الحسين أبو القاسم، المختصر، ابن قدامة، المغني 9/872.
(44) ابن القاسم، المدونة 4/353 لم يفصل بين متميز أو لا، ابن الجلاب، التفريع2/172 سقط ضمانه.
(45) المرغيناني، الهداية، بابرتي، العناية 8/984، داماد،المجمع 2/243، فصل في المسألة، الكاساني، البدائع 6/312، الشافعي، الأم 4/531، وإن كان لايتميز ضمن العشرة، ابن حجر، التحفة وشرواني، الحاشية 7/221، الشربيني، المغني 3/98.
(46) ابن عبدالبر، الكافي 2/631، نقل رواية ابن وهب، وابن القاسم، المدونة 4/353.
(47) ابن قدامة، المغني 9/772، م 4701.
(48) الشربيني 3/98، شرواني، الحاشية 7/221.
(49) بابرتي، العناية 8/884.
(50) بابرتي (017-687هـ) محمد بن محمد بن محمود بن أحمد البابرتي الرومي الحنفي (أكمل الدين) فقيه أصولي فرضي متكلم مفسر محدث نحوي، كان معظماً، حضر السلطان ومن دونه جنازته. ابن العماد، شذرات الذهب6/392-492، البغدادي، هدية العارفين 2/171، الهندي، الفوائد البهية ص591.
(51) العناية 8/984.
(52) بابرتي، العناية 8/884.
(53) القاضي (083-854هـ)
محمد بن الحسين بن محمد بن خلف الفراء البغدادي الحنبلي أبو يعلى محدث فقيه مفسر أصولي، حدث وأفتى ودرس وتولى القضاء.
الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد 2/652 ترجمة 037، ابن العماد، شذرات الذهب 3/603-703.
(54) ابن قدامة، المغني 9/872.
(55) السرخسي، المبسوط 11/111، بابرتي، العناية 8/984، داماد، المجمع 2/243، ابن القاسم، المدونة 4/353، المواق، التاج والإكليل 5/452، الشربيني، المغني3/98، ابن قدامة، المغني9/772-872.
(56) الشربيني، المغني 3/98.
(57) الشربيني، المغني 3/98.
(58) الماوردي، الحاوي 01/493-593 وجهان، أصحهما الضمان، ابن حجر، التحفة 7/321، ابن قدامة، المغني 9/772-872 نقل عن أبي حنيفة أنه لايضمن إلا الكيس والصندوق.
(59) الكاساني، البدائع 6/312.
(60) حيدر، شرح مجلة الأحكام العدلية 4/552 قال: مبنى الوديعة على الستر والإخفاء.
(61) ابن حجر، التحفة 7/321، الشربيني، المغني 3/98 إلا أن يكون مكتوماً عنه فيضمن، الرملي، شهاب الدين محمد بن أحمد، نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج 6/921، قليوبي، شهاب الدين أحمد القليوبي، الحاشية 3/681.
(62) الشربيني، المغني 3/98، ابن قدامة، المغني 9/87، قال فعليه ضمان ما خرق خاصة. أ.هـ.
(63) الحصكفي، الدر المختار، وابن عابدين، الحاشية 4/894. قلت: الذي خرقه هو الكيس.
(64) ابن عابدين (8911-2521هـ)
محمد أمين بن عمر بن عبدالعزيز بن عابدين الدمشقي الحنفي، فقيه أصولي، ولد بدمشق وتوفي بها. هدية العارفين 2/763 وذكر له مؤلفات عديدة.
(65) الدسوقي، حاشيته على الشرح الكبير 3/024.
(66) الحصكفي، الدر المختار 4/105، البوبكاني، محمد جعفر السندي، المتانة في مرمة الخزانة، أو فتاوى البريكاني ص336، ابن حجر، التحفة 7/221، الشربيني، مغني المحتاج 3/88.
(67) البغوي (ت615هـ)
أبو محمد الحسن بن مسعود المعروف بابن الفراء البغوي الشافعي، فقيه محدث مفسر له معالم التنزيل في التفسير، كان دينًا ورعاً قانعاً باليسير.
طبقات الشافعية للأسنوي 2/101 ترجمة 771، شذرات الذهب4/84.
(68) هند (ت 41هـ) وقيل غير ذلك.
هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف الصحابية القرشية، عالية الشهرة، والدة معاوية بن أبي سفيان، أسلمت عام الفتح، ماتت في خلافة عمر وقيل في خلافة عثمان.
ابن حجر، الإصابة في معرفة الصحابة 4/524-624 ترجمة 3011، ابن عبدالبر، الاستيعاب في أسماء الأصحاب 4/424-724.
(69) أبو سفيان (75 ق.هـ-43هـ) وقيل غير ذلك.
صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي الأموي، كان أسن من النبي صلى الله عليه وسلم بعشر سنين، والد معاوية، أسلم عام الفتح، شهد حنيناً والطائف وتزوج - صلى الله عليه وسلم - ابنته أم حبيبة قبل أن يسلم.
ابن حجر، الإصابة 2/871-081 ترجمة 6404، ابن عبدالبر، الاستيعاب 2/091-191.
(70) رواه البخاري (64) كتاب المظالم (81) باب قصاص المظلوم إذا وجد مال ظالمه 3/101 و(96) كتاب النفقات (9) باب إذا لم ينفق الرجل فللمرأة أن تأخذ بغير علمه ما يكفيها وولدها بالمعروف 6/391، ومسلم (03) كتاب الأقضية (4) باب قضية هند (4171) 3/8331.
(71) انظر لقول الشافعية مع شرح السنة 8/502، ابن حجر، فتح الباري 9/905.
(72) الثوري (79-161هـ)
سفيان بن سعيد بن مسروق الكوفي أبو عبدالله الفقيه، قال ابن عيينة: ومارأيت أعلم بالحلال والحرام منه. توفى بالبصرة.
النووي، تهذيب الأسماء واللغات 1/222 ترجمة 512، هدية العارفين 1/783.
(73) رواه أبو داود والترمذي، الترمذي [21] كتاب البيوع [83] باب حديث 4621-3/465 وقال حديث حسن غريب، ورواه أبو داود: كتاب الإجارة، باب في الرجل يأخذ حقه من تحت يده ح5353-3/092.
(74) الترمذي (012-972هـ)
محمد بن عيسى بن سورة بن موسى بن الضحاك السلمي، أبو عيسى، محدث حافظ مؤرخ فقيه تلميذ البخاري وشاركه في شيوخه وسمع منه البخاري، أحد الأئمة، ثقة حافظ.
ابن حجر، تقريب التهذيب 2/891 ترجمة 306، ابن العماد، شذرات الذهب 2/471-571.
(75) البغوي، أبو محمد الحسين بن مسعود الفراء (ت615هـ)، شرح السنة، بتحقيق شعيب الأرناؤوط، وزهير الشاويش، طبع بأمر جلالة الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود، المكتب الإسلامي، السنة بلا، 8/302-702 ح9412.
(76) سورة البقرة من الآية 194.
(77) خليل الجندي (ت 767هـ)
خليل بن إسحق بن موسى بن شعيب المالكي المعروف بالجندي (ضياء الدين أبو المودة) محدث فرضي أصولي. السيوطي، حسن المحاضرة 1/064 ترجمة 38، البغدادي، هدية العارفين 1/253.
(78) خليل، خليل بن إسحق (ت767هـ)، مختصر خليل، الدردير، الشرح الكبير، الدسوقي، الحاشية3/134.
(79) ابن أبي ليلى (ت 68هـ)
عبدالرحمن بن أبي ليلى الأنصاري المدني ثم الكوفي، ثقة من الثانية، مات بوقعة الجماجم وقيل: غرق. ابن حجر، تقريب التهذيب 1/694 ترجمة 4901، قلت: هو غير من ترجم له باسم عبدالرحمن بن محمد المولود سنة 47هـ والمتوفى سنة 841هـ كما في الأعلام 6/981.
(80) السرخسي، المبسوط 11/821 باختصار.
(81) الخرقي (ت 433هـ)
عمر بن الحسين بن عبدالله بن أحمد الخرقي البغدادي الحنبلي، أبو القاسم، فقيه له تصانيف كثيرة احترقت، وتوفي بدمشق.
البغدادي، تاريخ بغداد 11/432-532 ترجمة 3795، ابن العماد، شذرات الذهب 2/633.
(82) ابن قدامة (507-447هـ)
محمد بن أحمد بن عبدالهادي بن عبدالحميد المقدسي الجماعيلي الأصل، الصالحي، الحنبلي (شمس الدين أبو عبدالله)، مقرىء فقيه أصولي نحوي محدث حافظ مفسر لغوي عارف بالرجال، تلميذ ابن تيمية، صنف الكتب الكثيرة.
الشوكاني، البدر الطالع2/801-901 ترجمة993، ابن العماد، شذرات الذهب6/141، البغدادي، هدية العارفين 2/151، قال: ولد سنة 407هـ.
(83) ابن عقيل (134-315هـ)
علي بن عقيل بن محمد بن عقيل البغدادي الظفري الحنبلي (أبو الوفاء) فقيه أصولي مقرىء واعظ، له عدة مصنفات.
ابن كثير، البداية والنهاية 21/481، قال عنه: شيخ الحنابلة. ابن العماد، شذرات الذهب 4/53-04، البغدادي، هدية العارفين 1/596 ذكر له كتاب الروايتين والوجهين في 074 مجلداً.
(84) أبو الخطاب (234-015هـ)
محفوظ بن أحمد بن الحسن الكلوذاني البغدادي الأزجي الحنبلي (أبو الخطاب) فقيه أصولي متكلم فرضي أديب ناظم.
ابن كثير، البداية والنهاية 21/081، ابن العماد، شذرات الذهب4/72-82، شيخ الحنابلة، البغدادي، هدية العارفين 2/6 ذكر مؤلفاته.
(85) ابن قدامة، المغني 41/933-243 م 5491.
(86) كما هي في كتبهم وليس كما نقلها غيرهم عنهم كما علمت من النقل عن البغوي وغيره. وانظر فتح الباري 5/901.
(87) البغوي، شرح السنة 8/502.
(88) وتقدم قريباً أنه حديث حسن.
(89) أحمد في المسند 5/27 عن أبي حرة الرقاشي عن عمه، و5/311 عن عمرو بن يثربي.
(90) أبو بكر الخلال (432-113هـ)
أحمد بن محمد بن هارون بن يزيد البغدادي، محدث فقيه.
الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد 5/211-311 ترجمة 2252، ابن كثير، البداية والنهاية 11/841، ابن العماد، شذرات الذهب 2/162 أنفق عمره في جمع مذهب الإمام أحمد.
(91) ابن قدامة، المغني 41/143-243.
(92) البغوي، شرح السنة 8/602.
(93) المرغيناني، بداية المبتدي، والمرغيناني، الهداية 8/984، قال: وإذا تعدى المودع في الوديعة بأن كانت دابة فركبها، أو ثوباً فلبسه،... إلخ، السرخسي، المبسوط 11/321 لأن السبب الموجب للضمان وهو الاستعمال معلوم، الغنيمي، عبدالغني بن طالب (ت8921هـ)، اللباب في شرح الكتاب، دار الباز، 0041هـ/0891م 2/691 تنقلب إلى الغصب عند المخالفة أو التعدي، الدردير، الشرح الكبير 3/024 وتضمن بانتفاعه بها بلا إذن ربها، وابن عبدالبر، الكافي ص731 ومن التعدي أن يودع دابة فيركبها، النووي، المنهاج والشربيني، المغني 3/88 ومنها أن ينتفع بها بأن يلبس أو يركب خيانة، ابن حجر، التحفة 7/121-221، وابن قدامة، المغني 9/972، ولو تعدى فلبس الثوب... إلخ، والحجاوي، الزاد، والبهوتي، الروض ص852.
(94) الشربيني، الإقناع 2/44.
(95) سورة المؤمنون الآية 8، سورة المعارج الآية 23.
(96) اللخمي المقدسي (445-116هـ)
علي بن المفضل بن علي بن مفرج اللخمي المقدسي الإسكندراني المالكي (أبو الحسن - شرف الدين) محدث حافظ فقيه. ابن العماد، شذرات الذهب 5/74-84، الإمام الحافظ المفتي، البغدادي، هدية العارفين 1/407.
(97) المواق: كان حياً سنة 798هـ.
محمد بن يوسف بن أبي القاسم بن يوسف العبدري الأندلسي الغرناطي المالكي الشهير بالمواق، الإمام العلامة العامل الخطيب. ضابط المذهب. القرافي، توشيح الديباج ص432-532 ترجمة 152.
(98) الثياب والحبوب وما يكال أو يوزن - عند فقهاء المالكية - إن كانت لاتختلف فهي من المثليات وإن كانت تختلف فهي من القيميات ولذلك نجد أن النقل يختلف من فقيه إلى آخر، ولذلك حدد اللخمي في قوله السابق: أو مما يكال أو يوزن وكان يكثر اختلافه ولا يتحصل أمثاله. أ.هـ.
(99) المواق، التاج والإكليل 5/452، وانظر الحطاب، مواهب الجليل معه.
(100) الدسوقي، حاشيته 3/124 بتصرف، وقال الشيخ ابن عبدالبر في الكافي 2/731 وينبغي أن يشهد إذا استسلفها.
(101) المعونة: كتاب في الفقه المالكي اسمه المعونة في شرح الرسالة للقاضي عبدالوهاب بن علي المعروف " بابن الطوف" المالكي المتوفى سنة 224هـ. كشف الظنون 2/3471.
(102) العتبية (وهو في مسائل الإمام مالك) منسوب إلى مصنفه فقيه الأندلس محمد بن أحمد بن عبدالعزيز العتبي القرطبي المتوفى سنة 452هـ. كشف الظنون 2/4211.
(103) المواق، التاج والإكليل 5/452.
(104) الدردير (7211-1021هـ)
أحمد بن محمد بن أحمد بن أبي حامد العدوي المالكي الأزهري الخلوتي الشهير بالدردير (أبو البركات) فقيه مصنف أقرب المسالك إلى مذهب الإمام مالك، وفتح القدير في أحاديث البشير النذير، وغيرها. البغدادي، هدية العارفين 1/181.
(105) سورة المؤمنون الآية 8.
(106) سورة النساء من الآية 85.
(107) الدسوقي (ت 0321هـ)
محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي المالكي، قدم القاهرة ودرس بالأزهر، وتوفي بالقاهرة. من مؤلفاته حاشية على مغني اللبيب لابن هشام، وحاشية على شرح الدردير لمختصر خليل.
البغدادي، هدية العارفين 2/753.
(108) الدردير، الشرح الكبير 3/124.
(109) عبدالباقي الزرقاني (0201-9901هـ)
عبدالباقي بن يوسف بن أحمد بن محمد الزرقاني المالكي الفقيه. له شرح الموطأ وله شرح على مختصر خليل. البغدادي، هدية العارفين 2/694.
(110) محمد الخرشي (0101-1011هـ)
محمد بن عبدالله بن علي الخرشي (أبو عبدالله) (نسبة إلى أبي خراش قرية بالبحيرة من أعمال مصر)، صنف جزء على البسملة في أربعين كراساً، وشرح مختصر خليل وله شرح آخر عليه. البغدادي، هدية العارفين 2/203.
(111) انظر الدسوقي، الحاشية 3/124.
(112) ابن مسعود (ت23هـ)
عبدالله بن مسعود بن غافل بن حبيب الهذلي أبو عبدالرحمن، أسلم قديماً وهاجر الهجرتين وشهد بدراً والمشاهد بعدها، ولازم النبي صلى الله عليه وسلم، قال علي رضي الله عنه: لو أمرت أحداً بغير شورى لأمرت ابن أم عبد. ابن حجر، الإصابة 3/863-073 ترجمة 4594، ابن عبدالبر، الاستيعاب 2/613-423.
(113) القرطبي، محمد بن أحمد الأنصاري أبو عبدالله، الجامع لأحكام القرآن، دار الكتاب العربي، ط7831هـ/7691م،02/9، عند تفسير قوله تعالى:يوم تبلى السرائر سورة الطارق الآية 9.
(114) ابن تيمية (166-837هـ)
أحمد بن عبدالحليم بن عبدالسلام بن تيمية الحراني الدمشقي الحنبلي شيخ الإسلام (تقي الدين، أبو العباس) محدث حافظ مفسر فقيه مجتهد، له المصنفات النافعة.
ابن كثير، البداية والنهاية 41/231-141، الشوكاني، الدر الطالع 1/36-27، إمام الأئمة المجتهد المطلق.
(115) ابن تيمية، الفتاوى 03/493-593.
(116) زروق (648-998هـ)
أحمد بن أحمد بن محمد بن عيسى البرلسي الفاسي المالكي الشهير بزروق (شهاب الدين أبو الفضل)، فقيه محدث له المؤلفات النافعة، قال المناوي: خطبته الدنيا فخطب سواها، وعرضت عليه المناصب فردها وأباها.
ابن العماد، شذرات الذهب 7/363 سماه إسماعيل بن محمد بن عيسى وذكر نفس الميلاد والوفاة، البغدادي، هدية العارفين 1/631، القرافي، توشيح الديباج وحلية الابتهاج، دار الغرب ص06-16 ترجمة 72.
(117) زروق، أحمد بن أحمد بن محمد محمد البرنس، شرح رسالة أبي زيد القيرواني، دار الفكر، 2041هـ/2891م، 2/312.
(118) محمد بن جزي (396-147هـ)
محمد بن أحمد بن عبدالله بن يحيى بن جزي فقيه مقرىء خطيب له تآليف في علوم مختلفة، توفي قتيلاً (شهيداً) في معركة طريف.
انظر مقدمة تفسيره التسهيل بتحقيق محمد عبد المنعم اليونسي وإبراهيم عطوة عوض، دار الكتب الحديثة، ص(د-ط).
(119) أشهب القيسي (541-402هـ)
أشهب بن عبدالعزيز بن داود القيسي العامري الجعدي أبو عمرو فقيه الديار المصرية في عصره، ثقة فقيه مات بمصر.
ابن حجر، تقريب التهذيب 1/08 ترجمة 906، وانظر الزركلي، الأعلام 1/333.
(120) ابن جزي، القوانين الفقهية ص642.
(121) الدردير، الشرح الكبير 3/124 وذكر الدسوقي في الحاشية قولاً للزرقاني والخرشي ورده، الحطاب، مواهب الجليل 5/452، الزرقاني، شرح مختصر خليل 6/511-611.
(122) السرخسي، المبسوط 11/111-211، الحصكفي، البدر، وداماد، البحر 2/954، فصل المسألة.
(123) الشرواني، حاشيته على التحفة 6/24 فالربح له... فإن اشترى بالعين بطل، والشربيني، المغني 2/192 والربح له في الأظهر... أما إذا اشترى بعينه فالجديد بطلانه.
(124) ابن قدامة، المغني 7/993 الربح للمالك، والسلع المشتراة له. وانظر ابن قدامة المقنع ص051 قال: فإن اتجر بالدراهم فالربح لمالكها، وإن اشترى في ذمته ثم نقدها فكذلك. وعنه الربح للمشتري.
(125) أبو جعفر (ت335هـ)
محمد بن محفوظ بن أحمد بن حسن بن أحمد الكلواذاني البغدادي الحنبلي أبو جعفر فاضل ألف الكتاب الفريد في الفقه الحنبلي. البغدادي، هدية العارفين 2/88 قال: الكلوذاني.
(126) ابن قدامة، المغني 7/993.
(127) واختلفت الفتوى في هذه المسألة. فقيل الفتوى على قول الصاحبين، وهو قول الصدر الشهيد وأبي الليث السمرقندي، وقيل المختار عند المشايخ أنه لايطيب له مطلقاً، ذكر ذلك الحصكفي في البدر، وداماد في المجمع 2/954.
(128) الكرخي (062-043هـ)
عبيد الله بن الحسين بن دلال الكرخي أبو الحسن الحنفي الفقيه، عدوه من المجتهدين في المسائل.
ابن العماد، شذرات الذهب 2/853، الهندي، الفوائد البهية ص801، وبعضهم يسميه عبدالله. انظر معجم المؤلفين 6/54.
(129) الصدر الشهيد (384-635هـ)
عمر بن عبدالعزيز الحنفي المعروف بالصدر الشهيد (أبو محمد حسام الدين) فقيه أصولي من أهل بخارى، كان الملوك يصدرون عن رأيه، توفي شهيداً. الهندي، الفوائد البهية ص941 قال عنه: إمام الفروع والأصول المبرز في المعقول والمنقول.
(130) أبو الليث (ت 393هـ)
نصر بن محمد بن أحمد بن إبراهيم السمرقندي (أبو الليث، إمام الهدى) فقيه مفسر محدث حافظ، له المؤلفات القيمة. الهندي، الفوائد البهية ص122 بين مؤلفاته بالسنين، البغدادي، هدية العارفين ص094.
(131) الحصكفي، داماد 2/954.
(132) السرخسي (ت 094هـ)
محمد بن أحمد بن أبي سهل أبو بكر السرخسي (شمس الأئمة)، كان إماماً علامة حجة متكلماً مناظراً أصولياً مجتهداً أوحد زمانه، أملى المبسوط في السجن في الجب من حفظه.
اللكنوي الهندي، الفوائد البهية في تراجم الحنفية ص851-951، البغدادي، هدية العارفين 2/67.
(133) ذكر ذلك وهو يتكلم عن الخلط. السرخسي، المبسوط 11/111،ابن نجيم، البحر الرائق 7/772 ذكر صحة البيع.
(134) ابن قدامة 7/992 - 003.
(135) الترمذي، أبو عيسى، محمد بن عيسى بن سورة (ت972هـ)، الجامع الصحيح [21] كتاب البيوع [4] باب ماجاء في التجار، وتسمية النبي صلى الله عليه وسلم إياهم ح8021، 3/415، رواه عن قيس بن أبي غرزة. وقال عن الحديث حسن صحيح، وذكره بإسناد آخر صحيح. وانظر السيوطي، الفتح الكبير 3/204.
(136) أبو داود، سنن أبي داود، كتاب البيوع، باب في التجارة يخالطها الحلف واللغو ح4233، 7233، 1/242، والسيوطي، الفتح الكبير 3/204.
(137) ابن قدامة المقدسي، موفق الدين عبدالله بن أحمد(ت026هـ)، المقنع ط1، 9931هـ، ص051.
(138) التعدي: هو فعل مالا يرضاه المودع، ولايجوزه الشرع في حق الوديعة. مجلة الأحكام العدلية 2/532.
(139) الإتلاف: هو إعجاز المالك عن الانتفاع بالوديعة. الكاساني، البدائع 6/312.
(140) الدردير، الشرح الكبير 3/124، ذكر ما إذا تلفت.
(141) ابن قدامة، المغني 7/483.
(142) مجلة الأحكام العدلية 4/972، المادة 897.
(143) النووي، المنهاج ص26، ابن حجر، التحفة 7/501، 121.
(144) الخرقي، المختصر، وابن قدامة، المغني 7/604، وابن قدامة، المقنع ص641 وذكر عن أحمد رواية التوقف عن ذلك. ثم قال: قال أبو بكر: هذا قول قديم رجع عنه.
(145) الدسوقي، حاشيته 3/124 نقله عن الشيخ عدوي، والحطاب، مواهب الجليل 5/472. قال، ويؤخذ منه أن من تعدى على دابة وديعة وركبها فعليه أجرتها، فتأمله.
(146) محمد الحطاب (209-459هـ)
محمد بن محمد بن عبدالرحمن المعروف بالحطاب الرعيني (أبو عبدالله شمس الدين) فقيه أصولي، ولد بمكة وتوفي بطرابلس الغرب، له التصانيف الكثيرة البغدادي، هدية العارفين 2/242، القرافي، التوشيح ص922-132 ترجمة 042.
(147) عدوي (2111-9811هـ)
علي بن أحمد بن مكرم الله الصعيدي العدوي المالكي الأزهري الشهير بالصعيدي فقيه محدث أصولي متكلم له المؤلفات الكثيرة.
البغدادي، هدية العارفين 1/967.
(148) الحصكفي، بدر المنتقى، داماد، مجمع الأنهر 2/764.
(149) الحصكفي، البدر، داماد، المجمع 2/764-864.
(150) محمد أبو زهرة (6131-4931هـ)
محمد بن أحمد أبو زهرة، من علماء الشريعة الإسلامية، تعلم بمدرسة القضاء الشرعي، درس العلوم الشرعية والعربية وعين أستاذاً محاضراً للدراسات العليا في كلية أصول الدين وعضواً للمجلس الأعلى للبحوث العلمية ووكيلاً لكلية الحقوق بجامعة القاهرة. ألف أربعين كتاباً.
الأعلام 6/52-62 أكبر علماء الشريعة في عصره، معجم المؤلفين ص585، المستدرك.
(151) دار الفكر العربي ص25-45.
(152) الشربيني، مغني المحتاج 3/97-08، وقال: ومنعه الفارقي وابن أبي عصرون لأنه صار واجباً عليه، فأشبه سائر الواجبات.
والمعتمد الأول: كما هو ظاهر كلام الأصحاب. وقد تؤخذ الأجرة على الواجب كما في سقي اللبأ. أ.هـ.