استعرض المجلس موضوع "الحضانة" والأبحاث التي تناولته، وبعد المداولة والنظر قرر ما يلي:
أولاً: الحضانة، هي: حفظ الولد في بيته ذهابه ومجيئه والقيام بمصالحه، أي في طعامه ولباسه وتنظيفه.
ثانياً: حكم الحضانة.
الحضانة فرض عين في حق أحد الوالدين أو أقربائهم ضمن أولويات ذكرها الفقهاء تفصيلاً، فإن لم يوجد من تجب عليه الحضانة أو وجد ولكنه امتنع لأي سبب، فإن الحضانة تصبح فرض عين على المسلمين. وتحقيقاً لهذا الواجب فإن على المراكز الإسلامية القيام به بإعداد المحاضن المناسبة.
ثالثاً: الأصل في أحكام الحضانة رعاية الأصلح للمحضون، وعليه فكل أمر يعود بالفساد على المحضون في دينه وعرضه وبدنه ونفسه وغير ذلك، ينبغي أن يمنع؛ لأنه مخالف لمقاصد الشريعة عامة، ولمقصد أحكام الحضانة خاصة.
رابعاً: الأصل في الحضانة أنها للنساء، فقد فطرن على نوع من الحنان والشفقة لا يوجد في الرجال، وهن أرفق وأهدى وأصبر على القيام بما يعود بالمصلحة على المحضون، وعليه كانت الحضانة للأم ما لم تتزوج، لقوله صلى الله عليه وسلم للمرأة التي طالبت بحضانة ولدها: "أنت أحق به ما لم تنكحي".
خامساً: الحضانة حق مشترك بين الأم والولد، فلها أن تتنازل عن حقها بشرط عدم ضياعه، ولا تجبر عليها إلا إذا ترتب على تركها ضياع مصلحة المحضون.
سادساً: شروط الحضانة:
ذكر الفقهاء – رحمهم الله – شروطاً كثيرة يجب توافرها فيمن تثبت له الحضانة، وكلها تدور على مقصد واحد، وهو توفير البيئة الصالحة لرعاية المحضون. والذي يراه المجلس وجوب اعتماد الشرطين التاليين:
1. استقامة السلوك.
فلا حضانة في حال الانحراف السلوكي الظاهر المؤثر في رعاية المحضون. أما اختلاف الدين بين الوالدين فليس مؤثراً على القول الصحيح.
2. القدرة على أداء مهام الحضانة.
فإذا كان اشتغال الحاضن خارج البيت بعمل ونحوه مضيعاً للمحضون، فهذا سبب كاف لإسقاط حق الحضانة عنه.
سابعاً: زواج الأم الحاضنة.
ذهب جمهور العلماء إلى أن زواج الأم الحاضنة يسقط حقها في الحضانة، للحديث السابق ذكره، مع مراعاة القيود الآتية:
1. قدرة الأب أو من تنتقل له الحضانة بعد الأم على القيام بشئون المحضون.
2. أن لا يترتب على ذلك نقل المحضون عن بلد أمه؛ لأن في ذلك تفريقاً بينها وبين ولدها.
3. عدم سكوت الأب عن المطالبة بحقه بإسقاط الحضانة عن الأم المتزوجة لمدة معينة تُظهر رضاه بذلك.
4. أن يتم الدخول بالأم الحاضنة، ولا يسقط حقها بمجرد عقد الزواج.
ثامناً: رؤية المحضون.
يؤكد المجلس على حرمة منع أحد الوالدين في حال الطلاق أو التفريق من رؤية الأولاد، ويوصي لمنع ذلك بالآتي:
1. على الأب أو الأم الاتفاق ابتداءً - في إطار الأحكام الشرعية – على تنظيم العلاقة في حال الحضانة إذ هو الضمان الوحيد لكل الحقوق، ولا سيما أن القضاة في المحاكم المدنية يحبذون الاتفاق بين الأبوين على كل ما يعود على المحضون بالمصلحة والحفظ.
2. إذا كان المحضون صغيراً دون سن التعليم القانونية ولا يستطيع البقاء مع أبيه، أو كان الأب عاجزاً عن القيام بشؤون طعامه وشرابه وتنظيفه، فعلى الحاضن تهيئة الظروف المناسبة لرؤية المحضون.
3. إذا كان المحضون في سن التعليم فعلى الأب أن يأخذه للتعليم والتأديب بشرط أن يبيت في بيت الحاضنة، وأن يكون ذلك بالاتفاق بينهما.
4. على الأب أن يراعي آداب الزيارة للمحضون، كعدم حدوث خلوة بين الأبوين المفترقين بعد العدة، وعدم إطالة المكث، واختيار الوقت المناسب منعاً للشُّبه، واستئذان صاحب البيت للدخول، فإن لم يُؤذن له أُخرِج الولد إليه ليستطيع رؤيته.
5. تكون الرؤية على ما جرت به العادة كيومي عطلة الأسبوع أو أكثر وكل ذلك بحسب الاتفاق بين الأبوين.
6. التنبيه على حرمة تلقين المحضون قطيعة الرحم وعقوق الوالدين، والتحذير من منع المحضون من زيارة أرحامه وأقاربه سواء من جهة الأب أو جهة الأم.
7. التعاون الكامل بين الأبوين على كل ما يحافظ على دين المحضون وأخلاقه في هذه الديار، وذلك كالتردد على المساجد والمراكز الإسلامية وحضور الجمع والجماعات وحلقات تحفيظ القرآن.
تاسعاً: وهناك موضوعات أخرى متصلة بالحضانة أرجئ البت فيها لمزيد من الدراسة والتطبيقات العملية في الغرب.