حق الاسم التجاري
9 جمادى الثانية 1435
د. نايف بن جمعان الجريدان

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده. وبعد.

فمسألة الاسم التجاري جديدة في التعامل المدني، وجديدة في الفقه الإسلامي، غير أن تطور الحياة العصرية، واتساع النشاط التجاري وتطور أساليبه، جعل لعناصر المحل التجاري المعنوية قيمة لا يستهان بها؛ نظرًا لما لها من أثر كبير في مجال الحركة التجارية.

أولاً: تعريف الاسم التجاري

عرفه بعض العلماء المعاصرين بأنه"تسمية أطلقها التاجر على منشأته التجارية، تعريفًا بها وتمييزًا لها عن غيرها من المنشآت التجارية، وليتعرف المتعاملون معه على اللون المتميز من السلع وأسلوب التعامل"([1]). وبمعنى آخر فإن الاسم التجاري يطلق على التسمية التي يستخدمها التاجر كعلامة مميزة لمشروعه التجاري عن نظائره، ليعرف المتعاملون معه نوعًا خاصًا من السلع وحسن المعاملة والخدمة([2]). وقريب من الاسم التجاري ما يعرف اليوم بالعلامة التجارية (الماركة) التجارية، والفرق بينهما هو: أن العلامة أو (الماركة) التجارية تستخدم لتمييز المنتجات، بينما الاسم التجاري يستخدم لتمييز المنشأة التجارية عن غيرها([3]).

 وحقيقة أن الاسم التجاري لا يعني مجرد إطلاق الاسم، بل إن صاحبه قد بذل جهودًا ذهنية، وأموالاً، وأوقاتًا، واستعان بخبراء ليساعدوه في تحقيق المواصفات الجيدة لسلعته، ودفع مبالغ للدعاية والإعلان حتى يبني اسمًا مشهورًا له سمعة طيبة بين التجار([4]).

 الصفة الشرعية والقانونية للاسم التجاري

يعتبر الاسم التجاري حقًا للتاجر، فهو يعطيه حق الاستعمال، والاستئثار لتمييز مشروعه عن غيره، ويمنع الآخرين من تقليده أو تزييفه كما في الحق العيني، إلا أن حق الاسم التجاري لا يرد على شيء مادي، وإنما يرد على شيء معنوي. وقد أصبح لهذا الاسم قيمة مالية يمكن قياسها، بمقدار ما يحققه التاجر من أرباح نتيجة استغلال المحل التجاري. ويمكن لصاحب هذا الحق أن يعاوض عنه بالبيع والهبة وغير ذلك([5]).

وإذا نظرنا في الفقه الإسلامي فإننا نجد متسعًا لهذا الحق، ويمكن تخريجه على قاعدة "المصالح المرسلة"([6])، وقد اتفق العلماء المعاصرون([7]) على اعتبار الاسم التجاري حقًا ماليًا، وذا قيمة مالية تجارية معينة، يحقق رواج الشيء الذي يحمل ذلك الاسم وهو مملوك لصاحبه، والملك يفيد الاختصاص أو التمكن من الانتفاع والتصرف فيه بالبيع أو الإجارة أو غير ذلك ويمنع الغير من الاعتداء عليه إلا بإذن صاحبه. والعرف الذي يستند إليه هذا الحق عام، ولا يتصادم مع نص شرعي خاص أو قاعدة كلية عامة في الشريعة الإسلامية([8]).

وقد أصدر مجمع الفقه الإسلامي قراراً في هذا الموضوع نص على ما يلي:

·       "الاسم التجاري، والعنوان التجاري، والعلامة التجارية، وحق التأليف، والاختراع، أو الابتكار، هي حقوق خاصة لأصحابها، أصبح لها في العرف قيمة مالية معتبرة لِـتَمَوُلِ الناس بها، هذه الحقوق يعتد بها شرعاً فلا يجوز الاعتداء عليها.

·       يجوز التصرف في الاسم التجاري أو العنوان التجاري أو العلامة التجارية ونقل أي منها بعوض مالي إذا انتفى الغرر والتدليس والغش باعتبار أن ذلك أصبح حقاً مالياً([9]).

 ___________________

([1])البيوع الشائعة وأثر المبيع على شرعيتها للطتور محمد توفيق رمضان البوطيي، الناشر درا الفكر ، الطبعة الثالثة، عام 1425هـ - 2005م ، ص (227).

([2]) انظر: التشريع الصناعي، لمحمد حسن عباس، دار النهضة العربية، القاهرة، الطبعة الأولى، عام 1976م، ص (165).

([3]) البيوع الشائعة، ص (228).

([4]) بحوث فقهية معاصرة، للدكتور محمد عبدالغفار الشريف، الناشر: دار ابن الجوزي، الطبعة الأولى، عام 1420هـ - 1999م، ص (426-427).

([5]) انظر: التشريع الصناعي، ص (172).

([6]) المدخل الفقهي للزرقا، ص (3/21).

([7]) نقل اتفاقهم الدكتور شبير في المعاملات المالية، ص (172).

([8]) المرجع السابق، ص (55-56).

([9]) قرار مجمع الفقه الإسلامي، في دورته الخامسة المنعقدة في الكويت، في 1/5/1409هـ، الموافق 10/12/1988م.