دمّاج وحلقات المخطّط الرّافضي الكبير
27 ربيع الأول 1433

قد نبّهتُ إلى حقيقة المخطط الرّافضيّ الكبير، الّذي يُمارسه الحوثيّون في صعدة، وهاهم قد التفّوا كالأخطبوط حول إخواننا أهل السنة في دمّاج، وقد نبّهتُ ضمن ما نبّهتُ  إليه، على أنّ دائرة هذا المخطط أوسعُ من ذلك، فهي تشملُ مناطق أخرى من شمال اليمن، وخاصّةً منها منطقة الجوف، التي وقعت منذ وقتٍ مبكّر في بؤرة غزو ثقافيِّ اثني عشريٍّ، عمِل على إثارة الحساسيّات فيما بين أهل السّنة والشّيعة الزيدية في اليمن، ولم يكن سرّاً أنّ عدداً كبيراً من شباب الشّيعة الزّيديّة، كانوا يبتعثون لتلقّي الرفض في إيران، ومن ثمّة يتمّ إعادة بناء فكرهم وانتمائهم، خاصّةً وأنهم مُهيّئون لذلك، لأنّ زاوية الانحراف لا تبقى ثابتةً على ما هي عليه، بل تظلُّ قابلةً لمزيدٍ من الانحراف، فلم يكن مفاجئاً انتشار مذهب الشيعة الاثني عشريّة في جوف اليمن وصعدة، وغيرها من مناطق شمال اليمن.

 

بل إنّ الدّائرة أوسعُ من ذلك بكثير، وقد بلغني كما ذكرتُ من قبلُ أنّ الحوثيّين على وشك وضع أيديهم على ميناءٍ جديدٍ في شمال اليمن، وذلك بدعمٍ مباشر من قبل بعض المسئولين في الحكومة اليمنيّة، نكايةً بأهل السّنّة المعارضين لها، وذلك يرتبط بالخطوة الإستراتيجية الماكرة التي اتّخذتها إيرانُ معقل الروافض، إذ قامت باستئجار ميناء مصوّع الإريتريّة لمدة تسعةٍ وتسعين عاماً، وأنشأت بها مستودعاتٍ ضخمة عبّأتها بمختلف أنواع الأسلحة والذّخائر، فإذا وقع ذاك المنفذ البحريّ في يد الحوثيّين، فستكون الطريق سالكة لنقل السلاح الإيراني إلى صعدة، والعمل على تأسيس دولة رافضيّة في شمال اليمن وجنوب المملكة، وقد سمع الناس قريباً بخبر السفينة الإيرانية المحملة بالأسلحة والتي ضبطت قبل وصولها لليمن.

 

إنّ ما يجري في دمّاج، هو حلقةٌ أساسيّة من حلقات هذا المخطط الرّافضيّ الماكر، وإنّ من أَوْلى الأولويّات في هذه المرحلة، أن نهبّ لإغاثة ونجدة أهل السنة في اليمن، وأن نمُدّهم بكل ما يحتاجون إليه من الدعم المادي والغذائي، بل من الحكمة أن تسعى الدول الخليجية إلى دعمهم بالسّلاح؛ إذ إنّ حرباً ضاريةً تدور هناك ضدّ إخواننا أهل السنة، في صعدة وفي غيرها من أنحاء شمال اليمن، وقد أتت وفودهم تستنصر بنا، فحريٌّ بنا أن ننهض للقيام بواجبنا، أو على الأقل أن ندافع مدافعة سياسية تخدم مصالحنا وتمنع من تمكين طهران!

 

وبهذه المناسبة يؤسفني ما أسمعه من نقدٍ مُصوّب من قبل بعضهم، نحو إخواننا أهل السنة في دماج، نقداً يستعيد مرحلةً تاريخيّة قد مضت، وصارت الأمة كلّها، وأهل السُّنّة، في مقدّمتها، يواجهون واقعاً جديداً، يتجاوز في أهميّته وخطره كلّ آثار الخلافات السابقة، بين تيارات الدعوة الإسلاميّة. إنّ إخواننا في دمّاج، واجهوا ما واجهوا من الخطر الرافضي، بسب انتمائهم إلى أهل السنة والجماعة، وهي معركة تدلّ كثير من الدلائل على أنها معركة بين كفر وإيمان، ألا فليتق الله هؤلاء المستثيرون للعصبيَّات القديمة، وليتفكروا في موقف إمام السنة أحمد بن حنبل، كما حكاه ابن قدامة في المغني، أنّ أحدهم قد أتى للإمام أحمد، وقال له: يا إمامُ أتقاتل مع أئمَّة الجور؟ فقال له الإمام أحمد: أنت رجل سوء، إذا لم نقاتل مع هؤلاء الأئمة، فمن يردُّ عن المسلمين كيد اليهود والنَّصارى!؟ ومن ناحية أخرى، فإنّ للشّيخ مقبل بن هادي الوادعيّ رحمه الله، كما لتلاميذه من الفضل الكبير، في نشر العلم الشّرعيّ، وتقريبه بين يدي طلابه وإيوائهم والنَّفقة عليهم.

 

إنّ الخلافات بين أهل السنة، لا تُحلّ بطريق المكايدة، والخذلان، ومن سنن الهدى قوله صلى الله عليه وسلم: (المسلم أخو المسلم)، لا يظلمه ولا يُسلمه ولا يخذله، فلننتبه أيها الإخوة لما يجابهنا من التحديات والابتلاءات، ولنوحد صفوفنا، ولا ندع للشيطان مكاناً بيننا، ولنعمل على حماية أنفسنا وأمتنا، مما نواجهه من القتل وسفك الدماء، ومحاولات الإفناء التي نرى بعض مشاهدها بادية للعيان في سوريا والعراق.

 

ونحن في أمسِّ الحاجة، في هذه الآونة الحرجة، إلى أن نستثير كلّ معاني الأخوّة، بين أبناء الأمَّة الإسلامية في جميع أقطارها، ونعمل على تعميق العلاقة خاصّة بين دول الجوار، وهذا المخطط الّذي يجري في الحدود ما بين اليمن والمملكة، ينبغي أن يكون داعيةً لاستجاشة الرَّوابط العميقة بين الشَّعبين اليمني والسّعوديّ، وإزالة السدود والحواجز النفسية الفاصلة بين أوصال الجسد الواحد، وأنا أُهيب بالإخوة في جنوب المملكة إلى أن يستشعروا ما عليهم من الواجب بحكم علاقة الجوار والقرابة التي تربطهم بشمال اليمن، وأن يهبّوا ويبادروا إلى نصرة وإغاثة إخوانهم في دمّاج، بل في صعدة كلّها، بل في كثيرٍ من مدن شمال اليمن كالجوف، حيث تواجه القبائل اليمنية هناك ذهب المعزّ وسيفه، كما يُقال، فالحوثيّون بما يملكون من قوة السِّلاح، وبما يجدونه من الدعم المادّي الإيرانيّ، يُغدقون على رجال القبائل من المال، مستغلّين الأوضاع المعيشية السّيّئة التي يعاني منها اليمن عموماً، بسبب عدم الاستقرار الّذي تعانيه.

 

إنّ الأمة الإسلاميّة اليومَ، تعيش كلّها حراكاً واقعيّاً شديداً، فهي من جانبٍ قد هبّت في كثيرٍ من أقطارها ضدّ حكامها الظالمين، وهي من جانبٍ آخر تواجه خطراً يتهدّد وجودها، ويتوجّه لا إلى من يصطلي بنيرانه مباشرةً، أعني إخوتنا في سوريا الأبيّة، ولكن إلى كلِّ مسلمٍ على ظهر الأرض: أنّك أنت شخصيّاً مقصودٌ بحملة الإبادة، التي يشنّها في كلّ مرّة أعداءُ الأمة الإسلامية، سواءٌ من داخلها أو من خارجها.