أيام العشر المباركة
30 ذو القعدة 1432
منديل الفقيه

الحمد لله الذي هدانا للإسلام وهيأ لعباده وسائل زيارة بيته..

 

دخلت علينا أيام العشر من ذي الحجة، تلك الأيام المباركة التي فضلها الله على ما سواها وأقسم بها تعظيماً لشأنها {وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ} قال غير واحد من علماء الصحابة والسلف والخلف إنها عشر ذي الحجة وبيَّن نبينا صلى الله عليه وسلم فضلَ العملِ الصالح فيها فقال فيما رواه الإمام أحمد وأصحاب السنن عدا النسائي عن ابن عباس رضي الله عنهما :" مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ يَعْنِي أَيَّامَ الْعَشْرِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ" والعمل الصالح بابٌ واسعٌ شاملٌ لجميعِ أوامرِ الله الواجبِ منها والمستحب ومن العملِ الصالحِ والطاعاتِ المشروعةِ في هذه العشر الإكثار من ذكر الله كالتهليل والتحميد والتكبير والتسبيح وفي هذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم :" مَا مِنْ أَيَّامٍ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ وَلَا أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ الْعَمَلِ فِيهِنَّ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ مِنْ التَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّحْمِيدِ" رواه أحمد بسند صحيح عن عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما وقد شرع الله في هذه العشر التكبيرَ وهو قسمان : مطلق ومقيد فالتكبير المطلق يكون في هذه العشر وأيام التشريق وأما التكبير المقيد بأدبار الصلوات فيبدأ لغير الحاج من فجر يوم عرفة وللحاج من ظهر يوم العيد ويستمر إلى صلاة العصر في اليوم الثالث من أيام التشريق وقد كَانَ ابْنُ عُمَرَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ يَخْرُجَانِ إِلَى السُّوقِ فِي أَيَّامِ الْعَشْرِ يُكَبِّرَانِ وَيُكَبِّرُ النَّاسُ بِتَكْبِيرِهِمَا رواه البخاري

 

ومن الأعمال الصالحة والقربِ المباركةِ في هذه العشر وفي كل زمان الصيام ولا شك أنَّ الأيامَ الفاضلةَ الصوم فيها أحب إلى الله وأكثر أجرا فمن قدر على صيام شيء من هذه العشر فأجره على الله ومن ضعفت همته فلا أقل من صيام يوم عرفة لغير الحاج فقد جاء عند مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ فَقَالَ يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ وَالْبَاقِيَةَ" ومن الأعمال الصالحة في هذه العشر الحج إلى بيت الله الحرام الذي هو أحد أركان الإسلام ومبانيه العظام تلك الشعيرة العظيمة التي أمر الله نبيه إبراهيم أن ينادي في الناس بها فقال له :{ وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} فتقاصر إبراهيم صوته عن البلاغ فقال الله له عليك الأذان وعلي البلاغ فرقى إبراهيم على مرتفع قيل هو جبل أبي قبيس فنادى في الناس بالحج فأسمع الله صوته كل شيء حتى من في الأصلاب فأجابه من أجابه لبيك اللهم لبيك تلك التلبية التي يجلل بها صوت الحجاج والعمار إجابة لنداء الله تعالى على لسان خليله فكلُ من حجَّ أو اعتمرَ فقد أجابَ نداء الله فأجيبوا أيها المسلمون نداء الله بالتوجه إلى تلك البقاع المقدسة آمين البيت الحرام تبتغون فضلاً من الله تعالى ، فما أجمل وفادة المسلم على الله تعالى وما أجمل وأروع مشاركة المسلمين عندما يفدون إلى الله مرتدين شبه لباس المسافر إلى الآخرة يرددون لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إنَّ الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك إنه لعمل عظيم ومنظر هائل يثلج الصدور من ناحية ويذكرها ويعظها من ناحية أخرى ، منظر رؤية الوافدين إلى الله مختلفي الأجناس واللغات جاءوا إلى المشاعر المقدسة من كل فج عميق ممتطين رواحلهم منفقين أموالهم تاركين لأهليهم وأوطانهم ومصالحهم إرضاءً لله, جاءوا لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ وليَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ جاءوا لحضورِ أكبِر مجمعٍ إسلاميٍ وأروع مشهد روحي يتجلى فيه الحق جل جلاله على عباده عشية عرفة فَيَقُولُ:هَؤُلاءِ عِبَادِي جَاءُونِي شُعْثًا غُبْرًا مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ يَرْجُونَ رَحْمَتِي , وَيَخَافُونَ عَذَابِي , وَلَمْ يَرَوْنِي , فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْنِي؟فَلَوْ كَانَ عَلَيْكَ مِثْلُ رَمْلِ عَالِجٍ , أَوْ مِثْلُ أَيَّامِ الدُّنْيَا , أَوْ مِثْلُ قَطْرِ السَّمَاءِ ذُنُوبًا غَسَلَ اللَّهُ عَنْكَ " رواه الطبراني وحسنه الألباني لذلك مَا رُئِيَ الشَّيْطَانُ يَوْمًا هُوَ فِيهِ أَصْغَرُ وَلَا أَدْحَرُ وَلَا أَحْقَرُ وَلَا أَغْيَظُ مِنْهُ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِمَا رَأَى مِنْ تَنَزُّلِ الرَّحْمَةِ وَتَجَاوُزِ اللَّهِ عَنْ الذُّنُوبِ الْعِظَامِ إِلَّا مَا أُرِيَ يَوْمَ بَدْرٍ"

 

إن الحج موسم عظيم ومغنم كريم وإنّ سبلَه قد يُسرت فاغتنموا الحياة بالإكثار من الحج والعمرة فقد شرع الله الحج والعمرة لمصالح العباد وجاءت النصوص مبينة حسن عاقبة الحج على أهله في الدنيا والآخرة ففي الدنيا وفرة الأرزاق ومتابعة الخلف ومحاربة الفقر والذنوب قال تعالى :{ لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ} وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :"تَابِعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فَإِنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الْفَقْرَ وَالذُّنُوبَ كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَلَيْسَ لِلْحَجَّةِ الْمَبْرُورَةِ ثَوَابٌ إِلَّا الْجَنَّةُ "وفي الآخرة وما أدراكم ما جزاء الحج المبرور في الآخرة إن جزاءه جنةُ الخلد التي فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :"الْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا وَالْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الْجَنَّةُ" البخاري ومسلم . وتظهر صفات الحج المبرور في قوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري ومسلم "مَنْ حَجَّ هَذَا الْبَيْتَ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَمَا وَلَدَتْهُ أُمُّهُ" وفي قوله عندما سئل صلى الله عليه وسلم ما بر الحج ؟ قال : « إطعام الطعام ، وطيب الكلام » حديث حسن، فاغتموا أيها المسلمون هذه الفضائل خاصة أولئك الذين لم يسبق لهم أداء فريضة الحج رغبة في هذا الفضل العظيم وإظهاراً لشكر الله على نعمه فقد أتيح لنا أمن السبيل ووفرة وسائل الراحة من تيسر وسائل النقل بصفة لم يكد يحلم بها أي إنسان. قال صلى الله عليه وسلم:"إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ فَرَضَ عَلَيْكُمْ الْحَجَّ فَحُجُّوا " لبوا هذا النداء فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "تَعَجَّلُوا إِلَى الْحَجِّ يَعْنِي الْفَرِيضَةَ فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَا يَدْرِي مَا يَعْرِضُ لَهُ"واحذروا أن تؤخروه يا من أقدركم الله على الحج . والقدرة التي لا تعذر معها أيها المسلم والمعبر عنها باستطاعة السبيل هي أن تكون صحيح البدن وعندك من المال ما ينفق عليك ذهاباً وإياباً ومن تعولهم حتى رجوعك. فيا من يملك ذلك ممن بلغ الحلم رجلاً كان أو امرأة لها محرم . احذروا أن تؤخروه فقد توعدتم وهددتم بقوله تعالى {ومن كفر فإن الله غني عن العالمين } وعن أبي إمامة رضي الله عنه قال بقول الرسول صلى الله عليه وسلم : « مَنْ لَمْ يَمْنَعْهُ مِنَ الْحَجِّ حَاجَةٌ ظَاهِرَةٌ أَوْ سُلْطَانٌ جَائِرٌ أَوْ مَرَضٌ حَابِسٌ فَمَاتَ وَلَمْ يَحُجَّ فَلْيَمُتْ إِنْ شَاءَ يَهُودِيًّا وَإِنْ شَاءَ نَصْرَانِيًّا » الدارمي والبيهقي في السنن الكبرى . ومن الأعمال الصالحة في العشر المباركة الأضحية وسأتحدث عنها في الخطبة الثانية. أيها المسلمون إن أيام عشر ذي الحجة غرة في جبين الدهر لا تتكرر في العام إلا مرة فكيف ستكون الهمم للطاعة حين تستثار؟ أين موقعنا في السباق حين تضمر جياد الآخرين ؟ ما شعورنا بقيمة الزمن ؟ وما تقديرنا لمواسم الطاعة ؟ هل نشعر بالفرح وقد أدركناها ؟ وهل نحن من العاملين المخلصين الذين أكرموا بمجيئها ؟ ليس يخفى أنَّ الجهاد هو ذروة سنام الإسلام فإن عجزنا عن الجهاد ففي الأعمال الصالحة في هذه العشر المباركة فرصةٌ للتعويض ووسيلةُ لبلوغ أجرِ المجاهدين . والحذرَ كلَّ الحذرِ من المعاصي خاصةً في هذه الأيام فقد سئل شيخ الإسلام عن عقوبة المعاصي في الأزمنة الفاضلة فقال :" المعاصي في الأيام الفاضلة والأمكنة الفاضلة تغلَّظ وعقابها بقدر فضيلة الزمان والمكان " بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .
                
**        **        **

 

يقول تعالى{ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ}وقال تعالى{ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ }قال تعالى{ وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ}

 

الأضحية شعيرة من شعائر الإسلام،وعبادة عظيمة قرنها الله تعالى بالصلاة وجاءت السنة النبوية ببيان فضلها ومواظبة النبي صلى الله عليه وسلم عليها . والأضحيةُ هي كل من يذبح من بهيمة الأنعام أيام الأضحى بسبب العيد تقرباً إلى الله تعالى . الأضحيةُ عبادةٌ مشروعةٌ بالكتاب والسنة وإجماع المسلمين فأدلتها من الكتاب ما تقدم، وأما السنة فمنها ما جاء في الصحيحين عن أنس ابن مالك قال :" ضَحَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ فَرَأَيْتُهُ وَاضِعًا قَدَمَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا يُسَمِّي وَيُكَبِّرُ فَذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ" وفيهما عن البراء ابن عازب رضي الله عنه قال قال صلى الله عليه وسلم :"مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَإِنَّمَا يَذْبَحُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ ذَبَحَ بَعْدَ الصَّلَاةِ فَقَدْ تَمَّ نُسُكُهُ وَأَصَابَ سُنَّةَ الْمُسْلِمِينَ "وعَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ أَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ عَشْرَ سِنِينَ يُضَحِّي " رواه أحمد والترمذي . وفي صحيح مسلم عَنْ جُنْدَبِ بْنِ سُفْيَانَ قَالَ :"شَهِدْتُ الْأَضْحَى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ بِالنَّاسِ نَظَرَ إِلَى غَنَمٍ قَدْ ذُبِحَتْ فَقَالَ مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَلْيَذْبَحْ شَاةً مَكَانَهَا وَمَنْ لَمْ يَكُنْ ذَبَحَ فَلْيَذْبَحْ عَلَى اسْمِ اللَّهِ" وأما الإجماع فقد نقله غير واحد من أهل العلم قال ابن قدامة في المغني :"أجمع المسلمون على مشروعية الأضحية " والأضحيةُ واجبةٌ على المستطيع قال شيخ الإسلام ابن تيمية :" والأظهر وجوبها فإنها من أعظم شعائر الإسلام ، وهي النسك العام في جميع الأمصار،والنسك مقرون بالصلاة،هي من ملة إبراهيم الذي أمرنا باتباع ملته . وأمَّا وقتُ الأضحية فأولُ وقتٍ لها بعد صلاة العيد وينتهي وقتها بغروب شمس اليوم الثالث من أيام التشريق فمن ذبح قبل صلاة العيد فشاته شاة لحم وليست بأضحية وعليه أن يذبح أخرى مكانها عن جُنْدَبَ بْنَ سُفْيَانَ الْبَجَلِيَّ رضي الله عنه قَالَ :"شَهِدْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ النَّحْرِ فَقَالَ مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ فَلْيُعِدْ مَكَانَهَا أُخْرَى وَمَنْ لَمْ يَذْبَحْ فَلْيَذْبَحْ" ويشترط في الأضحية التي يضحى بها ما يلي:
1-أن تكون ملكاً للمضحي
2ـ وأن تكون من بهيمة الأنعام ( الإبل والبقر والغنم ).
3ـ وأن تبلغ السن المعتبرة شرعاً فمن الإبل ما تم له خمس سنين ومن البقر ما تم له سنتان ومن المعز ما تم له سنة ومن الضأن ما تم له ستة أشهر.
4ـ أن تكون سالمةً من العيوب المانعةِ من الإجزاء

 

 وهذه العيوب قد وردت في حديث البراء ابن عازب قال:" قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَرْبَعٌ لَا تَجُوزُ فِي الْأَضَاحِيِّ الْعَوْرَاءُ بَيِّنٌ عَوَرُهَا وَالْمَرِيضَةُ بَيِّنٌ مَرَضُهَا وَالْعَرْجَاءُ بَيِّنٌ ظَلْعُهَا وَالْكَسِيرُ الَّتِي لَا تَنْقَى" والمقصود بالكسير التي لا تنقي العجفاء التي ليس فيها مخ ويلحق بها العمياءُ والمبشومةُ وما أخذتها الولادة والتي أصابها سبب الموت كالمنخنقةِ والموقوذةِ، والعاجزةُ عن المشي لعاهة ومقطوعةُ أحد اليدين والرجلين فهذه عيوب تمنع من الإجزاء وهناك عيوب مكروه في الأضحية لا تمنع من الإجزاء العضباء وهي مقطوعة الأذن والقرن والبخقاء وهي التي ذهب بصرها وبقية العين قائمة والبتراء وهي التي قطع ذيلها ومقطوع الذكر بخلاف مقطوع الخصيتين فلا تكره التضحية به لأن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى به ولأنَّ الخصاءَ يزيد في سمنه وطيب لحمه. والهتماءُ وهي التي سقط بعض أسنانها قياساً على العضباء التي قطع قرنها. ويستحب للمضحي أن يأكل منها ثلثاً ويهدي ثلثاً ويتصدق بثلث وله أن يدخر من لحمها ما يشاء{ وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ} ومما يجدر التنبيه إليه أنَّ من أراد الأضحية فعليه أن يمسك عن الأخذ من شعره وظفره وبشرته شيئا من دخول العشر حتى  يذبح أضحيته لقوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم عن أم سلمة :" إِذَا دَخَلَتْ الْعَشْرُ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ فَلَا يَمَسَّ مِنْ شَعَرِهِ وَبَشَرِهِ شَيْئًا" وفي رواية :"فَلْيُمْسِكْ عَنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِه"ومن تعمد الأخذ منها فعليه التوبة والاستغفار ولا فدية عليه بإجماع العلماء.وأمَّا حلق اللحية فهو حرام في العشر وغيرها وفيه تشبه بالمجوس والمشركين "خَالِفُوا الْمُشْرِكِينَ وَفِّرُوا اللِّحَى وَأَحْفُوا الشَّوَارِبَ"وينبغي أن يعُلم أنَّ النهي يخص صاحب الأضحية دون الزوجة والأولاد إلا إذا كان لكل واحد منهم أضحية تخصه .صلوا وسلموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم كما أمر بذلك ربكم