استعمال قطرة الأنف
1 رمضان 1437
اللجنة العلمية

الأنف منفذ إلى الحلق كما هو معلوم بدلالة السنة، والواقع، والطب الحديث.
فمن السنة قوله "صلى الله عليه وسلم": "وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائمًا"([1]). فدل هذا الحديث على أن الأنف منفذ إلى الحلق، ثم المعدة، والطب الحديث أثبت، ذلك فإن التشريح لم يدع مجالاً للشك باتصال الأنف بالحلق([2]).

واختلف العلماء المعاصرون في تفطيرها للصائم إذا استعملها حال صيامه على قولين:

القول الأول:

    أن القطرة في الأنف تفطر([3])، وهؤلاء يشترطون وصولها إلى الجوف (المعدة)، واستدلوا بما يلي: بقوله "صلى الله عليه وسلم": "وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماًَ"([4]).

    وجه الدلالة منه:

1.فيه دليل على أن الأنف منفذ إلى المعدة، وإذا كان كذلك فاستخدام هذه القطرة نهى عنه النبي "صلى الله عليه وسلم".

2.وأيضًا: نهي النبي "صلى الله عليه وسلم" عن المبالغة في الاستنشاق يتضمن النهي عن إدخال أي شيء عن طريق الأنف ولو كان يسيرًا لأن الداخل عن طريق المبالغة شيء يسير.

القول الثاني:

أن القطرة في الأنف لا تفطر، وليس لها أثرًا في الصوم([5])، ومما عللوا به لهذا القول ما يلي:

1.أن ما يصل إلى المعدة من هذه القطرة قليل جدًا، فإن الملعقة الواحدة الصغيرة تتسع إلى 3-5 سم، من السوائل، وكل 3 سم يمثل خمس عشرة قطرة، فالقطرة الواحدة تمثل جزءًا من خمسة وسبعين جزءًا مما يوجد في الملعقة الصغيرة. وبعبارة أخرى حجم القطرة الواحدة (0.06) من 3سم([6]). وهذا القليل الواصل أقل مما يصل من المتبقي من  المضمضة، فيعفى عنه قياسًا على المتبقي من المضمضة.

2.أن الدواء الذي في هذه القطرة مع كونه قليلاً فهو لا يغذي، وعلة التفطير هي التقوية والتغذية وقطرة الأنف ليست أكلاً ولا شرباً، -كما سبق تقريره([7])-  والله تعالى إنما علق الفطر بالأكل والشرب.

 

 

الخلاصة والترجيح:

        لقد قال النبي "صلى الله عليه وسلم" في تعليم الوضوء: "وبالغ في الاستنشاق، إلا أنتكون صائماً". وما أفهمه من هذا الحديث تنزيلاً على مسألتنا أمران:

1.أن القطرة الخفيفة التي لا تصل إلى الحلق لا تبطل الصوم؛ لأنه "صلى الله عليه وسلم" لمينه الصائم عن الاستنشاق مطلقًا، وإنما أمره بعدم المبالغة فيه.

2.وأما القطرات الكثيرة التي تصل إلى الحلق فإنها تفسد الصوم؛ لأنه "صلى الله عليه وسلم" نهى الصائم عنالمبالغة في الاستنشاق، والمبالغة من شأنها أن توصل الماء إلى الحلق. ويتبع ذلكالابتلاع فساد الصوم.

 
([1])  سبق تخريجه ص (272).
([2])  مفطرات الصيام المعاصرة، لأحمد الخليل ص (53).

([3])  وقال به الشيخ عبد العزيز بن باز، كما في مجموع فتاويه (15/261)، والشيخ محمد بن عثيمين كما في مجموع فتاويه (19/206)، والشيخ محمد المختار السلامي، ومحمد الألفي، كما جاء ذلك عنهما في مجلة المجمع الفقهي، العدد العشر (2/81).

([4])  سبق تخريجه ص (272).

([5])  وممن قال بهذا القول من المعاصرين: الشيخ هيثم الخياط، والشيخ عجيل النشمي، كما في مجلة المجمع الفقهي، العدد العاشر، (2/399،385).

([6])  مجلة المجمع الفقهي، العدد العاشر، (2/329).
([7])  في ص (276).