قاعدة عموم نفي المساواة وأثرها في الفقه الإسلامي (4-4)
15 جمادى الثانية 1432
د. عبد الرحمن بن محمد القرني

المبحـــث الثالث
الآثـــار الفقهية للمسألة
كان لقاعدة عموم نفي المساواة والخلاف فيها أثرٌ ظاهر في الفروع الفقهية، وإليك بعضاً من هذه المسائل:
المسألة الأولى
حكم قتل المسلم بالذميّ
أ‌-        المذاهب في المسألة:
اختلف الفقهاء في المسلم إذا قتل ذمياً عمداً عدواناً فهل يقاد به المسلم؟ وكان خلافهم على قولين:
القول الأول: أن المسلم لا يقتل بقتله الذمي، وهذا قول المالكية([1]) والشافعية([2]) والحنابلة([3]).
القول الثاني: أن المسلم يقتل بقتله الذمي، وهذا قول الحنفية([4]).
ب‌- استدلال الجمهور بالقاعدة:
مما استدل به الجمهور في المسألة قول الله تعالى: (لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ) ([5]) حيث نفى الله المساواة بين الكافرين وبين المسلمين، فدل على أن المسلم لا يقاد بالكافر وإلا لكان مساوياً له.
قال القاضي الماوردي([6]): «ودليلنا قوله تعالى: (لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ) فكان نفي التساوي بينهما يمنع من تساوي نفوسهما وتكافيء دمائهما»اهـ([7]).
وقال تقي الدين ابن النجار([8]) بعد أن ساق الآية الكريمة: «فنفى الله المساواةَ، ونفيُ المساواة في الصورة الإنسانية غير مراد، فدل على عدم تساويهما حكماً» اهـ([9]).
*   وقد رَدَّ الحنفية هذا الاستدلال وأنكروا إفادة نفي المساواةِ العمومَ؛ حيث قال الزيلعي([10]) في معرض الجواب عن أدلة الجمهور: «وقوله تعالى: (لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ)  أي في الفوز ... ، ولا يلزم منه عدم الاستواء في العصمة؛ لأن مثل هذا الكلام لا عموم له » اهـ([11]).
وكذلك قال غيره من الحنفية([12]).
* ومما استدل به الجمهور مبنياً على عموم نفي المساواة قول الله تعالى: (أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ) ([13]) فإنه استفهام إنكاري يفيد النفي كما تقرر في أول البحث.
قال ابن العربي([14]): «ولذلك لا يقتل المسلم إذا قَتَل الذمي، وتعلقوا في ذلك بقوله تعالى: (أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ) وهو قولٌ عام يقتضي نفي المساواة بينهم في كل حالٍ وزمان»اهـ([15]).
وقال أبو عبدالله القرطبي([16]): «اقتضى ذلك نفي المساواة بين المؤمن والكافر؛ ولهذا مُنِعَ القصاص بينهما، وبذلك احتج علماؤنا [يعني المالكية] على أبي حنيفة في قتله المسلم بالذمي، وقال: أراد نفي المساواة ههنا في الآخرة في الثواب وفي الدنيا في العدالة.
ونحن حملناه على عمومه، وهو أصح إذْ لا دليل يخصّه» اهـ([17]).
*       وبناء هذه المسألة الفقهية على الخلاف في قاعدة عموم نفي المساواة بناءٌ مشهور، ذكره كثير من الأصوليين([18]).
وأوردها شهاب الدين الزنجاني في الفروع المخرجة على الخلاف في القاعدة، حيث قال: «ويتفرع عن هذا الأصل مسائل: منها أن المسلم لا يقتل بالكافر عندنا؛ لأن جريان القصاص بينهما يقتضي الاستواءَ، واللهُ تعالى قد نفاه بقوله: (لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ).
وعندهم يقتل؛ لأن نفي المساواة قد حصل بحكمٍ آخر، فالتسوية بينهما في هذا الحكم لا تمنع مدلول النص» اهـ([19]).
المسألة الثانية
حكم شهادة الفاسِقَيْنِ في النكاح
أ‌-            المذاهب في المسألة:
اتفق الفقهاء على صحةِ شهادة العدلَيْنِ في النكاح، وقبولِ شهادتهما ولو كانت عدالتهما ظاهرة([20]).
وإنما اختلفوا في شهادة الفاسقَيْنِ – أي اللذَيْنِ ظهر فسقهما – في النكاح، فهل تقبل شهادتهما أَوْ لا؟ وكان خلافهم على قولين:
القول الأول: أن الفاسقَيْنِ لا تقبل شهادتهما في النكاح، وهذا قول المالكية([21]) والشافعية([22]) والحنابلة([23]).
القول الثاني: أن الفاسقينِ تقبل شهادتهما في النكاح، وهذا قول الحنفية([24]).
ب‌-       استدلال الجمهور بالقاعدة:
مما يدل لمذهب الجمهور في المسألة قول الله تعالى: (أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ) ([25]) حيث نفى الله تعالى المساواة بين المؤمن وبين الفاسق، فيدل عموم هذا النفي على عدم استوائهما في الشهادة في النكاح، ومعلومٌ أن العدل تقبل شهادته في النكاح، فدل على أن الفاسق لا تقبل شهادته فيه وإلا لاستويا.
*   ونظير هذه المسألة مسألة ولاية الفاسق عقد النكاح، فقد استدل المانعون([26]) ولايةَ الفاسق بعين القاعدة، أعني قاعدة عموم نفي المساواة، حيث قال جلال الدين السيوطي([27]) بعد أن ساق نص الآية الكريمة السابقة: «استدل بعمومه مَنْ قال: إن الفاسق لايلي عقد النكاح»اهـ([28]).
وقال تقي الدين الجُرَاعي الحنبلي: «واستدلوا بالآية على أن الفاسق لا يلي عقد النكاح»اهـ([29]).
*       ومَنْعُ الحنفية هذا الاستدلال في المسألتين ظاهرٌ؛ لكونه استدلالاً بعموم نفي المساواة، وهم لا يقولون به([30]).
*       وبناء هذا الفرع الأخير – أعني ولاية الفاسق – على الخلاف في قاعدة عموم نفي المساواة بناءٌ مشهور، ذكره كثير من الأصوليين([31]).
المسألة الثالثة
حكم تولي العاميّ منصب القضاء
أ‌-        المذاهب في المسألة:
اختلف الفقهاء في حكم ولاية القضاء للعاميّ وهو الجاهل بالأحكام الشرعية، وكان خلافهم على قولين:
القول الأول: لا يجوز تولية العامي القضاء، وهذا قول المالكية([32]) والشافعية([33]) والحنابلة([34]).
القول الثاني: يجوز تولية العامي القضاء، و عليه أن يسأل العلماء، وهذا قول الحنفية([35]).
ب‌- استدلال الجمهور بالقاعدة:
مما استدل به الجمهور في المسألة قول الله تعالى: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ) ([36]) فإنه استفهام إنكاري يدل على النفي، فتكون الآية قد نفت المساواة بين العالم والجاهل، وقد صح تولية العالم منصب القضاء، فلا يصح إذاً تولية الجاهل وإلا لاستويا.
قال القاضي الماوردي: «ودليلنا قول الله تعالى: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ)والدليل فيها: أنه مَنَعَ من المساواة فكان على عمومه في الحكم([37]) وغيره» اهـ([38]).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: «ومنه قوله تعالى: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ) قال القاضي([39]): يوجب المنع من التسوية بينهما في جميع الحالات، والمخالف [يعني الحنفية] يسوِّي بينهما في ولاية القضاء والحكم » اهـ([40]).
وممن بنى المسألة على القاعدة أيضاً تقي الدين الجُرَاعي([41]).
*   ومَنْع الحنفية هذا الاستدلال لعدم احتجاجهم بعموم نفي المساواة؛ ولهذا ردَّ شمس الأئمة السرخسي([42]) العموم من هذه الآية الكريمة، ومن الآية التي وردت في المسألة السابقة أعني شهادة الفاسق في النكاح، وكذا ردَّ العموم من الآية التي سبقت في المسألـة الأولى أعني قتـل المسلم بالذمي؛ حيـث قـال السرخسي: «ثم سَوَّى الشافعي – رحمه الله – فيما أثبته من حكم العموم بين ما يحتمل العموم وبين ما لا يحتمله لعدم محله فيما هو المحتمل، فجعل كل واحدٍ منهما حجة لإثبات الحكم مع ضَرْبِ شبهةٍ.
وبيان هذا في قوله تعالى: (لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ) ([43]) وقال تعالى: (أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ) ([44]) وقال تعالى: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ)  ([45]) فإن نفي المساواة بينهما على العموم غير محتمل، لِعِلْمِنا بالمساواة بينهما في حكم الوجود والإنسانية والبشرية والصورة...»اهـ([46]).
المسألة الرابعة
حكم قتل الحر بالعبد
أ‌-        المذاهب في المسالة:
اختلف الفقهاء في الحر إذا قتل عبداً فهل يُقاد به؟ وكان خلافهم على قولين:
القول الأول: أن الحر لا يقتل بالعبد، وهذا قول المالكية([47]) والشافعية([48]) والحنابلة([49]).
القول الثاني: أن الحر يقتل بالعبد، وهذا قول الحنفية([50]).
ب‌- استدلال الجمهور بالقاعدة:
مما يدل لمذهب الجمهور في المسألة قول الله تعالى: (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا هَلْ يَسْتَوُونَ) ([51]) حيث نفى الله تعالى المساواة بين العبد المملوك وبين الحر، فلو كان الحر يقتل بالعبد لاستويا، وهو باطل لأن نفي المساواة يقتضي العموم.
*   والحنفية لا يرون عموم نفي المساواة فلا ريب أن خالفوا هنا؛ ولذا قال الزيلعي إيراداً لنقض مذهب الجمهور: «ولو اعتبرت المساواة في غير العصمة لما جرى القصاص بين الذكر والأنثى» اهـ([52]) يعني: لأن القرآن قد نفى التسوية بين الذكر والأنثى.
*   وهذه المسألة ذكرها الزنجاني من الفروع المخرَّجة على الخلاف في القاعدة إلا أنه بناها على نفي المساواة العامة بين المسلم والكافر، حيث قال: «ثم يتفرع عن نفي المساواة العامة بين المسلم والكافر أن لا يقتل حرٌّ بعبد عندنا؛ لقيام شبهة ما أوجب نفي المساواة بين المسلم والكافر وهو الكفر؛ فإن الرق من آثار المبيح فيعمل في الشبهة عمل أصله.
وعندهم: يُقتل به؛ لإنكارهم عموم نفي المساواة» اهـ([53]).
المسألة الخامسة
حكم ولاية المرأة عقود النكاح
أ‌-            المذاهب في المسألة:
اختلف الفقهاء في حكم تولي المرأة عقود الأنكحة، أي أنه هل يصح أن تعقد المرأة لغيرها فتزوِّج ابنها أو ابنتها مثلاً أو تكون وكيلة للرجل فتعقد له؟ أو أن تولي عقد النكاح مختصٌّ بالرجال؟ وكان خلافهم على قولين:
القول الأول: أن المرأة لا يصح توليها عقد النكاح، بل هو مختص بالرجال، وهذا قول المالكية([54]) والشافعية([55]) والحنابلة([56]).
القول الثاني: أن المرأة يصح توليها عقد النكاح، ولا يختص ذلك بالرجال، وهذا قول الحنفية([57]).
ب‌-       استدلال الجمهور بالقاعدة:
مما استدل به الجمهور في المسألة قول الله تعالى: (وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى) ([58]) حيث نفى الله تعالى المساواة بين المرأة وبين الرجل، ونفي المساواة يفيد العموم، وقد صح تولي الرجال عقد النكاح، فلا يصح تولي النساء وإلا لاستويا.
*   قال أبو الحجاج الفِنْدلاوي([59]) المالكي: «والدليل على صحة ما قلناه قوله عز وجل: (وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى)  وهذا عامٌّ، فلو أجزنا لها عقد النكاح لكانت كالرجل، وذلك خلاف ما نَصَّ الله تعالى عليه؛ إذْ قد مَنَعَ جل وعلا من المساواة بينهما» اهـ([60]).
*       والحنفية لن يسلموا مثل هذا الاستدلال؛ لإنكارهم عموم نفي المساواة.
المسألة السادسة
أَثَر البيع الفاسد
أ‌-            المذاهب في المسألة:
اتفق الفقهاء على أنه لو باعه صاعاً من بُرٍّ مثلاً بصاعين من بُرّ فهو ربا فَضْلٍ محرمٌ([61])، وهذا عقد فاسد([62]).
ولكن الفقهاء يختلفون في أنه هل ينفذ البيع الفاسد؟ أو أنه يُفْسَخ كما تفسخ العقود المجمع على بطلانها كبيع الملاقيح؟([63]) وكان خلافهم على قولين:
القول الأول: أن البيع الفاسد لا يفيد الملك، بل يجب فسخُه وردُّ السلعة للبائع والثمن للمشتري ولا يحل التصرف فيهما، وهذا قول المالكية([64]) والشافعية([65]) والحنابلة([66]).
القول الثاني: أن البيع الفاسد يفيد الملك ونفوذ التصرف، فيملك كل واحد من المتبايعين ما أخذه من صاحبه ويصح تصرفه فيه، وهذا قول الحنفية([67]).
ب‌-       استدلال الجمهور بالقاعدة:
مما استدل به الجمهور في المسألة قول الله تعالى: (قُلْ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ) ([68]) حيث نفى الله تعالى المساواة بينهما، ومعلوم أن البيع الفاسد خبيث، وقد أفاد البيعُ الصحيحُ النفوذَ والملكَ، فيكون البيع الفاسد غير مفيدٍ للملك والنفوذ وإلا لكانا متساويين، والآية تنفي استواءَهما على العموم.
*   قال أبو بكر بن العربي: «وبالآية احتج بعض علمائنا على أن البيع الفاسد يُفسخ، ولا يُمْضَى فيستوي في إمضائه مع البيع الصحيح، بل يُفسخ أبداً » اهـ([69]).
وكذلك قال أبو عبدالله القرطبي([70]).
*   وقال القاضي البيضاوي([71]): «قوله تعالى: (قُلْ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ)  حكمٌ عام في نفي المساواة عند الله سبحانه وتعالى بين الرديء من الأشخاص والأعمال والأموال وجيّدِها » اهـ([72]).
*       والحنفية لن يلتزموا مثل هذا الاستدلال؛ لأنهم لا يقولون بعموم نفي المساواة.
المسألة السابعة
دية الكتابيّ
أ‌-            المذاهب في المسألة:
اختلف الفقهاء في الكتابيّ إذا قُتِل هل تكون ديته كدية المسلم؟ أو تكون أقل منها؟ وكان خلافهم على قولين:
القول الأول: أن دية الكتابي لا تبلغ دية المسلم، وهو قول المالكية([73]) والشافعية([74]) والحنابلة([75]).
ثم إن المالكية والحنابة قَدّروها بنصف دية المسلم، والشافعية بالثلث([76])، غير أنهم يتفقون – وهو المقصود هنا – على أن ديته لا تساوي دية المسلم.
القول الثاني: أن دية الكتابي مثل دية المسلم، وهذا قول الحنفية([77]).
ب‌-       استدلال الجمهور بالقاعدة:
مما استدل به الجمهور في المسألة قول الله تعالى: (أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ) ([78]) وقوله تعالى: (لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ) ([79]) وقـوله سبحانه: (أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ) ([80]) حيث نفى الله تعالى المساواة بين المسلم وبين الكافر، ونفي المساواة بين شيئين يقتضي العموم، فلو جعلنا دية الكتابي مثل دية المسلم لاستويا، وهو باطل لأن الآيات تنفي استواءَهما.
فلهذا قال المُزَنيّ ([81]): «فلا يجوز أن يُجْعَلَ الكتابي كَفِيئاً ([82]) لمسلمٍ في دم ولا دية، ولا يبلغَ بدية كافرٍ دية مؤمن إلا ما لا خلاف فيه » اهـ ([83]).
وكذلك استدل شهاب الدين القرافي أيضاً ([84]).
*   وقد رَدَّ الحنفية هذا الاستدلال وأنكروا إفادة نفي المساواةِ العمومَ؛ حيث قال شمس الأئمة السرخسي في معرض الجواب عن استدلالهم بالآيات النافية للمساواة بين المسلمين والكافرين: «والمراد بالآيات نفي المساواة بينهما في أحكام الآخرة دون أحكام الدنيا؛ فإنا نرى المساواة بيننا وبينهم في بعض أحكام الدنيا، ولا يجوز أن يقع الخُلْف في خبر الله تعالى » اهـ ([85]).
*       وبناء هذه المسألة الفقهية على الخلاف في قاعدة عموم نفي المساواة بناءٌ مشهور صرَّح به غير واحد من الأصوليين ([86]).
وأوردها شهاب الدين الزنجاني في الفروع المخرجة على الخلاف في القاعدة، حيث قال: «ويتفرع عن هذا الأصل مسائل ... منها: أن دية الذمي والمستأمن ([87]) لا تبلغ دية المسلم عندنا.
وعندهم: تساوي دية المسلم» اهـ([88]).
مســــائل أخــــرى
وإليك الآن جملة أخرى من الفروع التي استدل بعض القائلين بها بقاعدة عموم نفي المساواة، وسأوردها موجزة إن شاء الله تعالى مجانباً للتطويل قدر الإمكان، فمنها:
1- اسْتُدِلَّ لبعض الفقهاء القائلين بعدم صحة الطهارة بماء البحر بقول الله تعالى: (وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ) ([89]) حيث نفى الله التسوية بين البحر المالح والبحر العذب، ومعلوم صحة التطهر بالعذب، فلا يصح إذاً بالمالح، وإلا لاستويا([90]).
2-     ذهب المالكية([91]) والشافعية([92]) والحنابلة([93]) إلى عدم صحة تولي المرأة منصب القضاء.
وخالفهم الحنفية([94]) فجوّزوا ولايتها القضاء.
ومما استدل به الجمهور قوله تعالى: (وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى) ([95]) فعموم نفي المساواة بينهما يوجب منعها من ولاية الحكم والقضاء.
وهذه المسألة بناها أبو عبدالله المازَرِيّ المالكي([96]) على القاعدة([97]).
3- استدل بعضهم على أن البصير أولى بإمامة الناس في الصلاة من الأعمى بالقاعدة في نحو قول الله تعالى: (وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ) ([98]) وقوله سبحانه: (قل هل يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ ) ([99]) وقوله تعالى: (مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمَى وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا أَفَلَا تَذَكَّرُونَ) ([100]).
قال تاج الدين السبكي: «وكذلك في قوله تعالى: (وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ) ففيه دلالة على أن البصير أولى في إمامة الصلاة من الأعمى» اهـ([101]).
والعجيب أن هذا الاستدلال وقع في كلام بعض الحنفية، حيث قال أبو محمد المَنْبِجِيّ([102]): «يكره إمامة الأعمى؛ قال الله تعالى: (وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ) فمَنْ سَوَّى بينهما فقد خالف نص الكتاب» اهـ([103]).
4- استدل بعضهم على أن الجاهل لا يكون في النكاح كفؤاً للعالمة بقول الله تعالى: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ) ([104]) حيث نفى سبحانه المساواة بينهما، ومعلوم أن العالم كفؤٌ للعالمة، فلا يكون الجاهل كفؤاً لها وإلا لكانا متساويين وهو خلاف الآية([105]).
5- استدل بعضهم على تقديم مَنْ جاهد بنفسه وماله قبل الفتح في قسمة الغنائم على مَنْ جاهد وأنفق بعد الفتح بقول الله تعالى: (لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا)([106]) حيث نفى الله تعالى التسوية بينهما فيقتضي عمومه تقديم المجاهد قبل الفتح على غيره في الأخذ من الغنائم وفي غيرها([107]).
6-     ذهب المالكية([108]) والشافعية([109]) والحنابلة([110]) إلى أنه لا يصح أن يشتري الكافر عبداً مسلماً.
وخالفهم الحنفية([111]) فجوَّزوا شراء الكافر عبداً مسلماً.
ومما استدل به الجمهور عموم قول الله تعالى: (لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ) ([112]) وقوله سبحانه: (أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ) ([113]) وقوله تعالى: (أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى) ([114]) وغير ذلك من الآيات، فإن نفي المساواة يفيد العموم، ومعلوم صحة شراء المسلم عبداً مسلماً فلا يصح ذلك للكافر وإلا لاستويا.
وبناء هذا الفرع على الخلاف في القاعدة بناءٌ ظاهر، وذكره غير واحد من الأصوليين والفقهاء([115]).
7- استدل بعضهم على أن العبد لا يَمْلِك بالتمليك بقول الله تعالى: (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا هَلْ يَسْتَوُونَ) ([116]) حيث نفى الله تعالى التسوية بين العبد والحر، ومعلوم أن الحر يملك بالتمليك، فلا يثبت هذا للعبد وإلا لكانا متساويين.
وقد ذكر غير واحد من الفقهاء هذه المسألة مبنية على القاعدة([117]).
8- استدل بعضهم على أن الغاصب لو بنى في المكان المغصوب وجب قلع البناء ولا يدفع له قيمة بنائه بقول الله تعالى: (قُلْ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ) ([118]) ومثله قوله تعالى: (وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ) ([119]) واستدل أيضاً بقوله سبحانه: (أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ) ([120]) وقوله تعالى: (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ)  ([121]) فإن نفي التسوية بين الشيئين يقتضي العموم([122]).
9-   ومما يدل للقائلين بأنه يحرم على المُحْرِم غسل رأسه بالسِّدْر([123]) وأنَّ عليه الفدية قول الله تعالى: ( وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ) ([124]) وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الـمُحْرِم الذي وَقَصَتْهُ([125]) راحلتُهُ فمات: «اغسلوهُ بماءٍ وسِدْرٍ»([126]) وإذا جاز هذا في حق المحرم الميت فلا يجوز في حق المحرم الحيّ؛ للآية الكريمة التي نفت المساواة([127]).
10- ومن المسائل الأصولية التي استدل بعضهم لها بالقاعدة مسألة حجية خبر الواحد العدل؛ وذلك بقول الله تعالى: (أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ) ([128]) وقوله سبحانه: (أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ) ([129]) وغير ذلك من الآيات.
قال ابن عبدالبر([130]): «فلو كان العدل إذا جاء يُتَثَبَّت في خبره ولم ينفذ؛ لاستوى الفاسق والعدل، وهذا خلاف القرآن قال الله عز وجل: (أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ)... »اهـ([131]).
إلى غير ذلك من المسائل([132]).
وإنما استكثرت من إيرادها طلباً للفائدة وردَّاً على مَنْ قال: إن أمثلة القاعدة في أحكام الشرع عزيزة جداً([133])، وهو ردٌّ بطريق الأَوْلَى على مَنْ قال: إن كلامهم في المسألة مجرد جدل([134]).
الخــــــاتمة
وبعد الانتهاء من الكلام على مسألة عموم نفي المساواة يمكن تلخيص أهم ما ورد فيها في الأمور التالية:
أولاً: أن معنى القاعدة هو: أن ينفي الشارع التسوية بين شيئين فيدل ذلك على نفي استوائهما في كل وجهٍ ممكنٍ من وجوه الأحكام الشرعية.
ثانياً: أن مجال إعمال القاعدة هو النص الشرعي بقسميه أعني الكتاب العزيز والسنة المشرفة، وإن اقتصر الأصوليون في أمثلتها على النصوص القرآنية.
ثالثاً: أن في المسألة خلافاً قوياً بين الحنفية وموافقيهم القائلين بمنع عموم نفي المساواة، وبين الجمهور القائلين بالتعميم، بعد اتفاق الفريقين على أن الصورة الواردة في سياق النص مرادة بنفي المساواة، وإنما الخلاف فيما عداها من الصور.
رابعاً: أن الخلاف في المسألة خلاف عملي، حيث كان له أثرٌ ظاهر في الفروع الفقهية، تناول البحث كثيراً منها.
خامساً: أن للقاعدة ضوابط من أهمها – كما سبق – أن لا توجد قرينة مانعة من التعميم، فإن وُجِد في صورةٍ ما دليل أقوى يخالف مقتضى القاعدة؛ لم يعمل بعموم نفي المساواة في تلك الصورة، وهي بهذا تكون كسائر القواعد؛ فإنها تُتْرَك لمعارضة ما هو أرجح منها.
وعلى هذا فلا يصح استدلال الخوارج والمعتزلة على مذهبهم القائل بأن المسلم الفاسق في الآخرة مخلَّدٌ في النار بقول الله تعالى: (أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ)  ([135]) وغيرها من الآيات النافية للتسوية بين المؤمن والفاسق.
وذلك أنهم قالوا([136]): قد عرفنا أن المؤمن مأواه الجنة والخلود فيها، فلو كان الفاسق مأواه الجنة والخلود فيها لاستويا، وهو خلاف مقتضى الآية([137]).
وأقول: إنما لم يصح استدلالهم بالقاعدة هنا لما سلف آنفاً أنَّ من شرط العمل بها أن لا يعارضها ما هو أقوى، وهو في هذه المسألةِ النصوصُ الصريحة التي لا تكاد تحصى الدالة على أن الله يغفر لبعض من استحق النار من عصاة الموحّدين، وكذا الدالة على خروج عصاة الموحّدين كلهم من النار ودخولهم الجنة خالدين فيها، وأنه لا يخلد في النار إلا الكافر.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين..
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعـين.

 

____________________

([1])   (المعونة) للقاضي عبدالوهاب 3/1302 و(الكافي في فقه أهل المدينة) لابن عبدالبر ص587.
([2])   (البيان) للعِمْراني 11/305 و(مغني المحتاج) للخطيب الشربيني 4/16.
([3])   (شرح منتهى الإرادات) 6/30 و(كشاف القناع) للبهوتي 5/524.
([4])   (المبسوط) للسرخسي 26/131 و(الهداية) للمرغيناني 4/160.
([5])   من الآية 20 سورة الحشر.
([6])   هو علي بن محمد بن حبيب الماوردي البصري، فقيه شافعي من القضاة، له كتب منها (الحاوي) و(الأحكام السلطانية) و(أدب الدين والدنيا) توفي سنة 540هـ. (طبقات الشافعية) لابن قاضي شهبة 1/230.
([7])   (الحاوي الكبير) 12/11.
([8])   هو محمد بن أحمد بن عبدالعزيز الفُتُوحي، فقيه حنبلي أصولي من القضاة يُعرف بابن النجار، من كتبه (منتهى الإرادات) في الفقه، و(شرح منتهى الإرادات) و(مختصر في أصول الفقه) اختصره من (التحرير) للمرداوي، و(شرح المختصر في أصول الفقه) يعرف بالكوكب المنير، توفي سنة 972هـ. (السحب الوابلة) 2/854.
([9])   (معونة أولي النُّهَى) 8/161.
([10])   هو عثمان بن علي بن محجن الزيلعي فخر الدين، فقيه حنفي كان مشهوراً بمعرفة النحو والفقه والفرائض، من كتبه (تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق) في الفقه، و(بركة الكلام على أحاديث الأحكام) يعني أحاديث كتاب (الهداية) للمرغيناني، و(شرح الجامع الكبير) توفي سنة 743هـ. (الفوائد البهية) ص115 وهو غير جمال الدين عبدالله بن يوسف الزيلعي صاحب (نصب الراية) المتوفى سنة 762هـ.
([11])   (تبيين الحقائق) 6/105.
([12])   انظر مثلاً (المبسوط) 26/134 و(طريقة الخلاف) للأُسمندي ص524 و(وسائل الأسلاف) لسبط ابن الجوزي ص654.
([13])   من الآية 28 سورة ص~.
([14])   هو محمد بن عبدالله بن محمد المعافري الإشبيلي، فقيه مالكي أصولي مفسِّر من القضاة، له كتب منها (أحكام القرآن) و(المسالك) و(القبس) كلاهما شرح على (الموطأ) ، و(المحصول في أصول الفقه) و(عارضة الأحوذي) توفي سنة 543هـ. (الديباج المذهب) 2/252.
([15])   (أحكام القرآن) لابن العربي 4/50 باختصار.
([16])   هو محمد بن أحمد بن أبي بكر الأنصاري القرطبي، فقيه مالكي مفسر، من كتبه (جامع أحكام القرآن) و(الكتاب الأسنى في أسماء الله الحسنى) و(التذكرة بأمور الآخرة) توفي سنة 671هـ. (الديباج المذهب) 2/308.
([17])   (الجامع لأحكام القرآن) 14/97 باختصار، وانظر (أحكام القرآن) لابن العربي 3/418.
([18])   انظر مثلاً (نهاية الوصول) 4/1364 و(كشف الأسرار عن أصول البزدوي) 2/191 و(شرح العضد على مختصر ابن الحاجب) 2/114 و(نهاية السول) 1/463 و(الغيث الهامع) 2/344 و(التوضيح في شرح التنقيح) ص161 و(التحبير) 5/2421 و(شرح الكوكب المنير) 3/208 وغيرها.
([19])   (تخريج الفروع على الأصول) ص304.
([20])   (الإفصاح) لابن هبيرة 8/37 وينبغي التنبه إلى أن الفقهاء يختلفون في وقت الشهادة، فهي عند المالكية تكون عند الدخول، وقال البقية تكون عند العقد. انظر مصادر المسألة الآتي ذكرها.
([21])   (مواهب الجليل) للحطاب 3/408 – 409 و(الشرح الصغير) 2/335.
([22])   (المهذب) لأبي إسحاق الشيرازي 2/52 و(مغني المحتاج) 3/144.
([23])   (شرح منتهى الإرادات) 5/149 و(كشاف القناع) 5/65.
([24])   (المبسوط) 5/31 و(بدائع الصنائع) للكاساني 2/255.
([25])   الآية 18 سورة السجدة.
([26])   هم الشافعية والحنابلة، فانظر (المهذب) 2/47 و(مغني المحتاج) 3/155 و(شرح منتهى الإرادات) 5/134 و(كشاف القناع) 5/54 وجَوَّز الحنفية ولاية الفاسق عقد النكاح، فانظر (بدائع الصنائع) 2/239 و(رد المحتار) لابن عابدين 3/54 فأما المالكية فهم وإن منعوا شهادة الفاسق في النكاح غير أنهم جَوَّزوا ولاية الفاسق فيه وذلك لأدلة خارجية، فانظر مذهبهم وأدلتهم في (المعونة) 2/739 و(الإشراف) للقاضي عبدالوهاب 2/691 و(تهذيب المسالك) للفندلاوي 4/27.
([27])   هو عبدالرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي جلال الدين، فقيه شافعي أصولي وأحد المكثرين من التصنيف، من كتبه (الدر المنثور في التفسير بالمأثور) و(تحرير المنقول وتهذيب الأصول) و(الكوكب الساطع نظم جمع الجوامع) و(شرح الكوكب الساطع)، توفي سنة 911هـ. (هدية العارفين) 1/534.
([28])   (الإكليل) للسيوطي 3/1099.
([29])   (شرح مختصر ابن اللحام) ص228.
([30])   انظر (أصول السرخسي) 1/143 حيث أورد الآية التي وقع بها الاستدلال، ومَنَعَ دلالتها على العموم.
([31])   انظر مثلاً (الأشباه والنظائر) لتاج الدين السبكي 2/146 و(تشنيف المسامع) 2/686 و(الغيث الهامع) 2/344 و(شرح المحلي على جمع الجوامع) 1/423 و(الكوكب الساطع) 1/464 و(التحبير شرح التحرير) 5/2421 و(شرح الكوكب المنير) 3/208.
([32])   (المعونة) 3/1500 و(الكافي في فقه أهل المدينة) ص497.
([33])   (روضة الطالبين) للنووي 11/95 و(مغني المحتاج) 4/375 – 376.
([34])   (شرح منتهى الإرادات) 6/476 و(كشاف القناع) 6/295.
([35])   (بدائع الصنائع) 7/3 و(فتح باب العناية) لملا علي القاري 3/107.
([36])   من الآية 9 سورة الزمر.
([37])   أي الحكم بين الناس، وهو القضاء.
([38])   (الحاوي الكبير) 16/159 باختصار.
([39])   يعني به القاضي أبا يعلى، وهو محمد بن الحسين بن محمد الفَرَّاء، قاضٍ وفقيه حنبلي من أكابرهم، من كتبه (أحكام القرآن) و(الأحكام السلطانية) و(المجرد في المذهب) و(التوكل) و(الخلاف الكبير) و(العدة) و(الكفاية) كلاهما في أصول الفقه، توفي سنة 458هـ. (المنهج الأحمد) 2/354.
([40])   (المسودة في أصول الفقه) 1/267 وأبو يعلى لم يذكر مسألة عموم نفي المساواة في كتابه (العدة في أصول الفقه) فلعل ابن تيمية نقل عنه من كتابٍ آخر.
([41])   (شرح مختصر ابن اللحام) ص228.
([42])   هو محمد بن أحمد بن أبي سهل السرخسي، فقيه حنفي من أكابرهم، له كتب منها (شرح مختصر الطحاوي) و(المبسوط) و(أصول الفقه) و(شرح السِّيَر الكبير) توفي سنة 483هـ. (الفوائد البهية) ص158.
([43])   من الآية 20 سورة الحشر.
([44])   الآية 18 سورة السجدة.
([45])   من الآية 9 سورة الزمر.
([46])   (أصول السرخسي) 1/143.
([47])   (المعونة) 3/1300 و(الكافي في فقه أهل المدينة) ص587.
([48])   (روضة الطالبين) 9/151 و(مغني المحتاج) 4/17.
([49]) (شرح منتهى الإرادات) 6/30 و(كشاف القناع) 5/524.
([50])   (المبسوط) 26/129 و(فتح باب العناية) 3/321.
([51])   من الآية 75 سورة النحل.
([52])   (تبيين الحقائق) 6/103 ويمكن للجمهور أن يجيبوا بأننا لم نعمل بالقاعدة من قوله تعالى: (وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى)  [آل عمران 36] حيث أوجبنا القصاص من الرجل بقتله الأنثى؛ لأن القاعدة قد عارضها الأدلة الخارجية الأقوى، وترك الدليل لما هو أَوْلَى أمرٌ لا يُنْكَر.
([53])   (تخريج الفروع على الأصول) ص305.
([54])   (المعونة) 2/728 و(الكافي في فقه أهل المدينة) ص234.
([55])   (المهذب) 2/45 و(مغني المحتاج) 3/147.
([56])   (شرح منتهى الإرادات) 5/130 و(كشاف القناع) 5/49.
([57])   (بدائع الصنائع) 2/247 و(فتح القدير) لابن الهمام 3/255.
([58])   من الآية 36 سورة آل عمران.
([59])   هو يوسف بن دوناس المغربي الفِنْدلاوي، فقيه مالكي مغربي الأصل ثم صار مدرِّس المالكية بدمشق، وكان عالماً عابداً زاهداً أخذ عنه ابن عساكر وغيره، له كتب منها (تهذيب المسالك في نصرة مذهب مالك) و(فتوى الفندلاوي) توفي سنة 543هـ. (سير أعلام النبلاء) 20/209 ومقدمة تحقيق (تهذيب المسالك) 1/93.
([60])   (تهذيب المسالك) 4/10 باختصار.
([61])   (الإجماع) لابن المنذر ص133 و(مراتب الإجماع) لابن حزم ص151.
([62])   يسميه الجمهور (فاسداً) و(باطلاً) من غير تفريق لأن الحكم واحد وهو وجوب الفسخ، وأما الحنفية فيسمون ما نهي عنه لعينه (باطلاً) وما نهي عنه لوصفه (فاسداً) فالأول يوجب الفسخ، والثاني هو مسألتنا.وانظر (تيسير التحرير) 2/236 و(تحفة المسؤول) 2/97 و(الإحكام) للآمدي 1/131 و(شرح الكوكب المنير) 1/473.
([63])   الملاقيح: جمع (مَلْقوح) وهو جنين الناقة. (النهاية في غريب الحديث والأثر) 4/263، وانظر حكاية الإجماع على بطلان بيع الملاقيح في كتاب (الإجماع) لابن المنذر ص129.
([64])   (التفريع) لابن الجلاب 2/180 و(المعونة) 2/1074.
([65])   (العزيز في شرح الوجيز) للرافعي 4/122 و(روضة الطالبين) 3/410.
([66])   (شرح منتهى الإرادات) 3/237 و(كشاف القناع) 3/245.
([67])   (المبسوط) 13/22 – 23 و(فتح القدير) 6/404 – 405.
([68])   من الآية 100 سورة المائدة.
([69])   (أحكام القرآن) لابن العربي 2/156 بتصرفٍ يسير.
([70])   (الجامع لأحكام القرآن) 6/305.
([71])   هو عبدالله بن عمر بن محمد البيضاوي ناصر الدين، فقيه شافعي أصولي مناظر من القضاة، له كتب منها (شرح المحصول) و(شرح المنتخب) و(شرح مختصر ابن الحاجب) كلها في الأصول، و(الغاية القصوى) في الفقه، و(شرح الكافية) في النحو، توفي سنة 685هـ وقيل 691هـ. (طبقات الشافعية) لابن قاضي شهبة 2/172.
([72])   (أنوار التنزيل) للبيضاوي 1/465 والغريب أن البيضاوي في (المنهاج) 1/462 أنكر عموم نفي المساواة، غير أنه تابع فيه أصله وهو (الحاصل) 2/319 وصاحب (الحاصل) تابع أصله وهو (المحصول) 2/377.
([73])   (التفريع) 2/216 و(المعونة) 3/1336.
([74])   (روضة الطالبين) 9/258 و(مغني المحتاج) 4/57.
([75])   (شرح منتهى الإرادات) 6/98 و(كشاف القناع) 6/21.
([76])   انظر المصادر السابقة.
([77])   (بدائع الصنائع) 7/254 و(فتح باب العناية) 3/349.
([78])   الآية 35 سورة القلم.
([79])   من الآية 20 سورة الحشر.
([80])   من الآية 28 سورة ص~.
([81])   هو إسماعيل بن يحيى بن إسماعيل المزني المصري، فقيه شافعي من أكابرهم، وهو تلميذ الإمام الشافعي، من كتبه (المبسوط) و(المختصر) و(المنثور) و(الترغيب في العلم) و(المسائل المعتبرة) توفي سنة 264هـ. (طبقات الشافعية) للإسنوي 1/34.
([82])   كَفِيئاً: أي مثيلاً ومساوياً. (تاج العروس) 1/230 مادة (كَفَأَ).
([83])   (مختصر المزني) ص247 بتصرفٍ يسير.
([84])   انظر كتابه (الذخيرة) 12/356 والغريب أن القرافي ممن أنكر عموم نفي المساواة كما سبق في القسم النظري، وهذا عين ما وقع فيه القاضي البيضاوي كما سلف في المسألة السابقة.
([85])   (المبسوط) 26/85.
([86])   انظر مثلاً (كشف الأسرار في شرح المنار) للنسفي 1/275 و(الوافي في أصول الفقه) 1/235 و(كشف الأسرار عن أصول البزدوي) 2/191 و(الردود والنقود) 2/148 و(التقرير) للبابرتي 2/886 و(فصول البدائع) ص221، 486 وغيرها.
([87])   المستأمن: هو الكافر الذي دخل دار الإسلام بأمانٍ طَلَبَه. (المطلع) للبعلي ص262.
([88])   (تخريج الفروع على الأصول) ص304.
([89])   من الآية 12 سورة فاطر.
([90])   (الحاوي الكبير) 1/40 و(الأشباه والنظائر) لتاج الدين السبكي 2/145 – 146.
([91])   (الشرح الصغير) 4/187.
([92])   (مغني المحتاج) 4/375.
([93])   (شرح منتهى الإرادات) 6/475.
([94])   (بدائع الصنائع) 7/3.
([95])   من الآية 36 سورة آل عمران.
([96])   هو محمد بن علي بن عمر التميمي المازَرِيّ، فقيه مالكي أصولي يُعْرَف بـ (الإمام)، من كتبه (شرح صحيح مسلم) و(شرح التلقين) في الفقه، و(نظم الفرائد في علم العقائد) و(إيضاح المحصول من برهان الأصول) توفي سنة 536هـ. (الديباج المذهب) 2/250.
([97])   (إيضاح المحصول من برهان الأصول) ص311.
([98])   من الآية 19 سورة فاطر، ومن الآية 58 سورة غافر.
([99])   من الآية 50 سورة الأنعام، ومن الآية 16 سورة الرعد.
([100])   من الآية 24 سورة هود.
([101])   (الأشباه والنظائر) 2/146.
([102])   هو علي بن زكريا بن مسعود المنبجي، فقيه حنفي فاضل، كان من علماء الحنفية ببيت المقدس، أخذ عنه الحافظ البِرْزالي وغيره، من كتبه (اللباب في الجمع بين السنة والكتاب) و(شرح معاني الآثار) للطحاوي، توفي سنة 686هـ. (تاج التراجم) ص210 و(هدية العارفين) 1/713.
([103])   (اللباب في الجمع بين السنة والكتاب) 1/251.
([104])   من الآية 9 سورة الزمر.
([105])   (نكت القرآن) لابن القصَّاب 4/13 – 14 و(الإكليل) 3/1151 و(روح المعاني) للألوسي 12/237.
([106])   من الآية 10 سورة الحديد.
([107])   (شرح صحيح البخاري) لابن بَطَّال 5/79 وراجع مَنْ مَثَّل للقاعدة بالآية الكريمة أو استدل بها في (أحكام القرآن) لابن العربي 4/134 – 135 و(الجامع لأحكام القرآن) 17/206 – 207 و(الأشباه والنظائر) لابن السبكي 2/147 و(تشنيف المسامع) 2/687 و(النجم الوهاج) 2/363 – 364 و(مرقاة المفاتيح) 3/193 و(تحفة الأحوذي) 2/32.
([108])   (المقدمات الممهدات) 2/63.
([109])   (مغني المحتاج) 2/8.
([110])   (شرح منتهى الإرادات) 3/158.
([111])   (بدائع الصنائع) 5/135.
([112])   من الآية 20 سورة الحشر.
([113])   الآية 35 سورة القلم.
([114])   من الآية 19 سورة الرعد.
([115])   انظر (تهذيب المسالك) 4/309 و(الوافي في أصول الفقه) 1/235 و(أحكام أهل الذمة) 1/219.
([116])   من الآية 75 سورة النحل.
([117])   انظر (رؤوس المسائل) للشريف أبي جعفر 1/464 و(الحاوي الكبير) 5/266 و(البيان) للعمراني 7/245 و(أحكام القرآن) لابن الفَرَس 3/248 – 249 و(التفسير الكبير) للرازي 20/87 و(المغني) لابن قدامة 6/259 و(الذخيرة) 5/308 ، 309 و(اللباب في علوم الكتاب) لابن عادل الحنبلي 12/123.
([118])   من الآية 100 سورة المائدة.
([119])   من الآية 34 سورة فصلت.
([120])   من الآية 28 سورة ص~.
([121])   من الآية 21 سورة الجاثية.
([122])   (أحكام القرآن) لابن العربي 2/156 – 157 و(الجامع لأحكام القرآن) 6/304 – 305 و(أحكام القرآن) للتهانوي 4/35 – 36.
([123])   السِّدْر: هو شجر النَّبِق، أوراقه غسول طيب الرائحة. (لسان العرب) 4/354 مادة (سدر).
([124])   من الآية 22 سورة فاطر.
([125])   وَقَصَتْهُ: أي رمتْ به فانكسرت عُنُقُه. (النهاية في غريب الحديث والأثر) 5/214.
([126])   الحديث أخرجه البخاري 1849، 1850 ومواضع أخرى، ومسلم 1206.
([127])   راجع الخلاف في المسألة في (التجريد) للقدوري 4/1831 و(تهذيب المدونة) للبراذعي 1/596 و(البيان) 4/204 و(الحاوي الكبير) 4/122 و(المغني) 5/118.
([128])   من الآية 28 سورة ص~.
([129])   الآية 18 سورة السجدة.
([130])   هو يوسف بن عبدالله بن محمد بن عبدالبر النمري، فقيه مالكي من كبار المحدّثين، له كتب منها (الكافي) في الفقه، و(الاستذكار) و(التمهيد) كلاهما شرح للموطأ، و(جامع بيان العلم وفضله) و(بهجة المجالس وأنس المجالس) و(الاستيعاب) في تراجم الصحابة، توفي سنة 463هـ. (الديباج المذهب) 2/367.
([131])   (التمهيد) لابن عبدالبر 14/347.
([132])   انظر للاستزادة مسائل أخرى استدل لها بعضهم بالقاعدة في (الفصول في الأصول) 1/71 – 72 و(الحاوي الكبير) 8/331 ، 9/101، 9/104 ، 17/148 و(الانتصار) لأبي الخطاب 2/466 – 467 و(نكت القرآن) 4/13 – 14 و(أحكام القرآن) لابن العربي 1/318 و(الكشاف) للزمخشري 4/496 و(إيضاح المحصول من برهان الأصول) ص311 و(تهذيب المسالك) 3/701 و(شرح صحيح البخاري) لابن بطال 7/546 و(شرح التلقين) للمازري 2/666 ، 2/667، 2/683 و(البيان) 9/19، 9/121، 9/201 و(أحكام القرآن) لابن الفَرَس 3/248 – 249 و(المقدمات الممهدات) 1/353 و(المغني) 9/391 و(اللباب) للمنبجي 1/251 و(الجامع لأحكام القرآن) 4/69 و(الذخيرة) 7/162، 10/226 و(كشف الأسرار شرح المصنف على المنار) 1/274 – 275 و(الوافي) للسغناقي 1/235 و(الكافي شرح البزدوي) 2/851 و(كشف الأسرار) للبخاري 2/191 و(الغرة المنيفة) للغزنوي ص203 و(شرح مختصر الخرقي) للزركشي 4/256 و(أحكام أهل الذمة) 1/219 و(الردود والنقود) للبابرتي 2/148 و(التقرير لأصول البزدوي) 2/886 و(تبيين الحقائق) 6/229 و(فصول البدائع) ص221، 486 و(فتح الباري) 11/208 و(شرح منتهى الإرادات) 1/560 و(إرشاد العقل السليم) لأبي السعود 8/233 و(معونة أولي النهَى) 7/110، 9/60 و(اللباب) لابن عادل 12/123 و(حاشية على تفسير البيضاوي) لشيخ زاده 4/479 و(البدر التمام) للمغربي 5/369 و(روح المعاني) 14/254 – 255 وغيرها.
([133])   هو ابن الوزير في كتابه (المصفَّى في أصول الفقه) ص513 كما سبق في مقدمة البحث.
([134])   هو المَقْبَلي في كتابه (نجاح الطا لب) ص372 كما تقدم في المقدمة.
([135])   الآية 18 سورة السجدة.
([136])   ينبغي التنبيه على أمرين: أحدهما أن المعتزلة كما سبق في موضعه من البحث ليسوا قائلين بعموم نفي المساواة، وقد عملوا به ههنا!! إلا أن يكون من قبيل إلزام الخصم بدليلٍ يحتج به، وثانيهما أن المعتزلة والخوارج يتفقون على حكم الفاسق في الآخرة وهو دعوى خلوده في النار، فأما في الدنيا فيختلفون، فقال الخوارج بأنه ليس بمسلم بل كافر، وقال المعتزلة بأنه في منزلة بين المنزلتين، وإن حكى بعضهم خلافاً بين الخوارج أنفسهم، فانظر (الفَرْق بين الفِرَق) للبغدادي ص73، 115.
([137])   (تفسير الماتريدي) 8/340 وفيه جواب شبهتهم من وجوه أخرى.