المعازف بين التحريم والإباحة
17 رجب 1431
فهد بن أحمد السلامه

 

[email protected]

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه وبعد:

 توطئة:
إنه بين الفينة والأخرى تثار بعض الفتاوى التي يستغربها الناس، إما لكونها أخذت برأي ضعيف، أو شاذ، أو مخالف للإجماع، أو شبه الإجماع، أو إطلاق الحكم على غير الصفة التي قال بها من رأى ذلك الرأي من أهل العلم، أو غير ذلك من الأسباب .
كما حصل ذلك في عدد من الآراء التي أثيرت مؤخراً في الاختلاط وإرضاع الكبير أو الغناء أو غيرها.
وقد قرأت ما كتبه من أباح الغناء كله حتى مع المعازف، فألفيته كلاماً غير مقنع وعليه مآخذ عديدة منها:
-   الخلط بين الغناء بدون المعازف والغناء معها، فالغناء المجرد؛ كالأناشيد والحداء بأبيات نزيهة لا يصاحبها منكر، جائزة وكلام أهل العلم فيها ظاهر، وعليه يحمل كلام المبيحين. وأما الغناء مع المعازف فحكمه مختلف ، يأتي تفصيله.
-   الاستدلال بنصوص إباحة الغناء المجرد والدف في الأعراس ونحوها على إباحة جميع المعازف وهذا استدلال في غير محله؛ لأن هذه خارجة عن محل النزاع.
-       سياق أعداد من المبيحين للغناء تقوية للرأي: وهم في الجملة؛ إما مبيحون للغناء بدون آلة، أو أنه لم يصح عنهم، أو أنهم أباحوا آلة من الآلات أو أباحوها في مناسبة من المناسبات، وأما أن يقول أحد من أهل العلم بإباحة جميع الآلات فهذا إن وجد فهم قليل جداً، وربما لو شاهدوا حال الغناء في وقتنا لما تجرؤ على القول بالإباحة.
كما أن حشد أسماء كثيرة من أهل العلم - إن سلمنا بصحة نسبة هذا القول لهم - لا يقوي هذا القول؛ إذ لدى القائلين بالتحريم أضعاف هذه الأسماء من كبار العلماء على مر العصور.
وبكل حال فالعبرة بالنصوص من الكتاب والسنة، وسوف أسوق الأدلة على ذلك في ثنايا البحث.
-   إغفال الملاحظات الأخرى والمنكرات المصاحبة للغناء في الوقت الحاضر، كالغزل الفاحش، وإثارة الغرائز، والاختلاط المحرم، وحصوله من امرأة شبه عارية أو مع الرقص والتمايل وغير ذلك.
لأن العامة سينزلون هذه الآراء على الواقع الذي يشاهدونه، فهم لا يعرفون الغناء إلا الغناء الفاحش الموجود في هذه الأزمنة.
وهذا ما سيفهمه العامة من القول بأن (الغناء حلال كله حتى مع المعازف) هكذا بدون تقييد.
ثم هل يُظن بمن نُسب له القول بإباحة بعض آلات المعازف من أهل العلم أن يقول بإباحة الغناء الموجود في الوقت الحاضر؟.
-       مَنْ مِنْ أهل العلم يقول بإباحة جميع آلات المعازف؟ إن وجد من يقول بذلك فهم ندرة، وأما جعل من يبيح آلة من الآلات مبيحاً لجميع الآلات فهذا عدم إنصاف .
-       لمز بعض العلماء وبعض طلبة العلم بما لا يليق.
ثم إنه قد تكاثرت الردود على من قال بإباحة الغناء مع المعازف، ولازال المبيح لها يطالب غيره بالأدلة، وسوف أسوق الخلاف في هذه المسألة ودليل كل قول وأناقش الأدلة بالتفصيل ثم أرجح القول الذي تعضده الأدلة.
تمهيد
في تعريف المعازف
المعازف : الملاهي ، والعزف في اللغة له عدة إطلاقات ، فيطلق على : اللهو، واللعب، والصوت ، واللعب بالدفوف وغيرها من آلات الطرب.( 1 )
والمعازف لا يخرج معناها الاصطلاحي عن المعنى اللغوي .
فهي آلات اللهو التي يضرب بها ، وهذا اسم يتناول الآلات كلها( 2 ) .
وأما العزف بها فيمكن تعريفه عند أهل هذا الفن بأنه : " عبارة عن أصوات مقطعة موزونة ، تحدث بواسطة آلات صنعت من الجمادات ، سواء كانت بالقرع أو النفخ أو العزف عليها ، ولها لذة عند سماعها "( 3 ).
ويسمى هذا أيضاً بالموسيقى .

 

المطلب الأول

تصوير المسألة
"يدخل في حكم المعازف جميع آلاته القديمة والحديثة، وسماعها في جميع الأحوال وعلى جميع الهيئات، باستثناء الدف الذي وردت بعض النصوص الشرعية باستثنائه وترتيب أحكام خاصة به.
واختُلف في استثناء الدف من المعازف ، هل هو من قبيل استثناء الخاص من العام أم أن الدف لا يدخل في إطلاق لفظ المعازف أصلاً ؟ .
والراجح هو الرأي الأول ، لدخوله في معنى العزف والمعازف لغة( 4 ) ، ولم يخصصه اصطلاح شرعي"( 5 ) .
فالحاصل أن الدف يعتبر من المعازف لدخوله في معناها ، وإنما يفرد بالبحث لاختلاف أحكامه عن بقية المعازف ، وذلك لورود النصوص الشرعية بذلك .
  
المطلب الثاني
أقوال العلماء فيها
القول الأول :
تحريم العزف بالمعازف والاستماع إليها والغناء معها.
وهذا القول هو مذهب عامة أهل العلم ، من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة وغيرهم ، في الجملة.
وعند بعض أصحاب المذاهب الأربعة بعض التفصيل أو الاختلاف في بعض الآلات ، وفي بعض الأوقات، على النحو التالي : -
المذهب الحنفي :
يرى أصحابه تحريم الآلات الموسيقية واستماعها ، واستثنوا من ذلك الطبل في غير اللهو ؛ كطبل الغزاة والعرس ونحوهما ، ويحرم إذا كان للهو ، ويعتبر هذا المذهب من أشد المذاهب في ذلك .( 6 )
المذهب المالكي :
ذهب المالكية إلى تحريم الاستماع إلى المعازف .
 بل نفى أبو العباس القرطبيالخلاف في تحريم ذلك( 7 ) ، وقد خالف بعضهم في بعض الآلات فمن ذلك : ذهب البعض إلى جواز الطبول بجميع أنواعها ما لم يكن فيها صراصر ، أو ولو كان فيها على خلاف بينهم ، في النكاح خاصة ، وتحريمها في غير النكاح اتفاقاً .
وفي الكَبَر( 8 ) والمِزهر( 9 ) عندهم ثلاثة أقوال :
أحدها : الجواز فيهما .
الثاني : الكراهة فيهما .
الثالث : الجواز في الكَبَر والكراهة في المزهر .
وأجاز بعضهم العزف على المزمار والبوق في النكاح خاصة ، وجوَّزهما بعضهم وقيَّد ذلك باليسير ، كما استثنوا طبول الحرب من التحريم .
وفي قول لبعضهم : جواز الآلات الوترية في النكاح خاصة ، وهو قول ضعيف ، والراجح عندهم حرمتها حتى في النكاح .( 10 )
المذهب الشافعي :
الشافعية يحرمون المعازف بجميع أنواعها في الجملة ، وعندهم خلاف في اليراع (الشَّبَّابة)( 11 )، والراجح عند جمهورهم التحريم ، ورجَّحه النووي، وكذلك الطبول عندهم فيها خلاف ، فمنهم من يقول بالتحريم مطلقاً عدا الدفوف ، وهم العراقيون ، قال في أسنى المطالب : " والموجود لأئمة المذهب هو التحريم فيما عدا الدف " ، ومنهم من يقول بالجواز إلا في الكوبة ، ومنهم من يقول بالجواز إلا في الكوبة وطبل اللهو ، كما أنهم يستثنون طبول الحرب والعيد من التحريم .
 واستثنى بعضهم من المزامير النفير (وهو البوق) للحاج( 12 ).
المذهب الحنبلي :
يرى الحنابلة تحريم آلات الطرب والموسيقى استماعاً واستعمالاً ، ولهم في تحريم القضيب( 13 ) وجهان ، وجزم ابن عبدوس– في تذكرته – بالتحريم ، وصوَّبه في تصحيح الفروع ، وهو المذهب ، وكره الإمام أحمد الطبل لغير الحرب ونحوه ، واستحبه ابن عقيل في الحرب( 14 ).
وبعد استعراض المذاهب الأربعة وأقوال أصحابها في حكم الاستماع إلى المعازف والموسيقى ، فإنه يتضح أن المذاهب الأربعة تحرم ذلك ، وما استثني هو في الحقيقة شيء يسير، وهي آراء لبعض أفراد المذاهب الأربعة، وجلُّها مقيَّدة بأن لا تكون للهو - كطبل الحرب - ، مع أن الراجح عندهم – في الأكثر - التحريم، كما أن استثناء هذه الآلات من التحريم، هو في الغالب من المتأخرين لا المتقدمين من أصحاب المذاهب الأربعة.
 وأما الأئمة الأربعة فيرون تحريم المعازف( 15 ) ، بلا نزاع بينهم في ذلك .
قال شيخ الإسلام ابن تيميه - رحمه الله تعالى - في رده على ابن المطهر الرافضي، لما نسب إلى أهل السنة إباحة الغناء والملاهي قال : " هذا من الكذب على الأئمة الأربعة فإنهم متفقون على تحريم المعازف التي هي آلات اللهو ، كالعود ونحوه ، والمقصود هنا أن آلات اللهو محرمة عند الأئمة الأربعة، ولم يُحْكَ عنهم نزاع في ذلك ، إلا أن المتأخرين من الخراسانيين من أصحاب الشافعي، ذكروا في النزاع وجهين والصحيح التحريم ، وأما العراقيون وقدماء الخراسانيين فلم يذكروا في ذلك نزاعاً "( 16 ) .
وقد نفى الخلاف في تحريم المعازف غير واحد من أهل العلم ، منهم : 
سُليم الرازي، وأبو العباس القرطبي ، وابن عبد البروغيرهم( 17 ).
القول الثاني :
إباحة الاستماع إلى المعازف بجميع أنواعها .
قال به ابن حزم الظاهري، وابن طاهر( 18 ) .
وقد ذكر الشوكانيعدداً ممن نُسب إليهم سماع ذلك من الصحابة والتابعين وغيرهم( 19 ) ويأتي مناقشة ذلك.
  
المطلب الثالث
الأدلة ومناقشتها مع الترجيح
أدلة القول الأول (التحريم):     
استُدل لهذا القول بأدلة من الكتاب والسنة والأثر والإجماع والمعقول:
أولاً: من القرآن الكريم:-
(1) قول الله تعالى: (وَاسْتَفْزِزْ مَنْ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِك وَرَجِلِك وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمْ الشَّيْطَانُ إلَّا غُرُورًا)( 20 ).
قال مجاهد - رحمه الله - في قوله تعالى: (بِصَوْتِكَ) هو الغناء والمزامير واللهو( 21 ).
وجه الاستدلال: أن الغناء والمزامير هما صوت الشيطان لإضلال الناس، فيكون الاستماع إليهما محرماً .
واعتُرض عليه : بعدم التسليم أن صوته الغناء ، فإنه ليس موضوعاً له فينصرف إليه، ولا دليل عليه، وما قاله مجاهد معارض بمثله، فالمنقول عن ابن عباس أن معنى قوله تعالى: (بِصَوْتِكَ) بدعائك إلى معصية الله تعالى( 22 ).
ويُجاب: أنه إذا كان صوته دعاؤه إلى المعصية، فإن الغناء والمعازف من المعاصي، فيكون ذلك داخل في كلام ابن عباس - رضي الله عنهما - .
(2) قول الله تعالى: (وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ)( 23 ).
وفَسَّرَ عدد من الصحابة (لَهْوَ الْحَدِيثِ) بالغناء( 24 )، وقال الحسن البصري - رحمه الله تعالى -: "لهو الحديث المعازف والغناء"( 25 ).
واعتُرض على الاستدلال بالآية هنا بما يلي( 26 ): 
الاعتراض الأول: أنه لا حجة لأحد دون رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ويُجاب: بأنه لم يذكر أهل العلم - فيما أعلم - غير تفسير الصحابة فمن بعدهم ، ولم يذكروا تفسيراً للنبي صلى الله عليه وسلم لهذه الآية ، وقول الصحابي حجة إذا لم يخالفه غيره من الصحابة ، ولم أجد للصحابة تفسيراً مخالفاً لما ذكرته( 27 ) .
الاعتراض الثاني : أنه قد خالفهم غيرُهم من الصحابة والتابعين .
ويُجاب: إنَّ تفاسير الصحابة لا تخرج عمَّا ذكرنا ، وأقوالهم مُقَدَّمَة .
 
ثانياً: من السنة النبوية:-
وهي أحاديث كثيرة نذكر بعضاً منها:
الحديث الأول:
 قوله صلى الله عليه وسلم: (ليكوننَّ من أمتي أقوام يَسْتَحِلُّون الحِرَوالحرير والخمر والمعازف ...)( 28 ).
قال ابن القيم- رحمه الله تعالى - : "المعازف آلات اللهو كلها لا خلاف بين أهل اللغة في ذلك"( 29 ).
وجه الاستدلال: يخبر صلى الله عليه وسلم أنه سيكون في أمته من يستحل المحرمات، ومنها المعازف، وقد قرن صلى الله عليه وسلم استحلال المعازف باستحلال الخمر والزنا ، فدل على شدة التحريم ، ولو كانت المعازف مباحة لما قال صلى الله عليه وسلم: (يستحلون) إذ الحلال لا يحتاج إلى استحلال.
الاعتراضات التي أُورِدَت على الاستدلال بهذا الحديث :
الاعتراض الأول : ذكر ابن حزم : أن الحديث سنده منقطع .
  
وذلك أنه لم يتصل ما بين البخاري وصدقة بن خالد( 30 ) ( 31 ) .
كما أن الحديث لم يورده البخاري مسنداً ، وإنما قال فيه : قال هشام بن عمار( 32 ) : حدثنا صدقة بن خالد ، فهو منقطع .
الجواب على هذا الاعتراض :
أما دعوى ابن حزم بانقطاع ما بين البخاري وصدقة فهو وَهْم منه .
قال في عمدة القارئ: " وهِمَ ابن حزم في هذا ، فالبخاري إنما قال : قال هشام بن عمار : حدثنا صدقة ، ولم يقل : قال : صدقة بن خالد"( 33 ).
وأما كون البخاري لم يورده مسنداً إلى هشام فأُجيب عنه من أوجه :( 34 )
الوجه الأول : أن تعليقات البخاري المجزوم بها صحيحة ، وهذا منها .
الوجه الثاني : أن البخاري قد لقي هشام بن عمار وسمِع منه ، ولو سلَّمنا أنه لم يسمع منه فهو لم يستجز الجزم به عنه إلا وقد صح عنه أنه حدَّث به ، فالبخاري أبعد الخلق من التدليس .
الوجه الثالث : أنه أدخله في كتابه المسمى بالصحيح محتجاً به ، فلولا صحته عنده لما فعل ذلك .
الوجه الرابع : أننا لو أضربنا عن هذا كله صفحاً ، فالحديث صحيح متصل عند غيره( 35 ).
الاعتراض الثاني : أن في إسناد الحديث صدقة بن خالد ، ضعَّفه أحمد ويحيى بن معين وغيرهما( 36 ).
وأُجيب عنه : بأن صدقة بن خالد هذا ثقة ، وثَّقه جماعة ، منهم أحمد وابن معين ، وهو من رجال الصحيح ، وإنما قال يحيى وأحمد ذلك في صدقة بن عبد اللهوهو أقدم من صدقة بن خالد( 37 ).
الاعتراض الثالث : أن الحديث مضطرب سنداً ومتناً.
أما الإسناد : فللتردد من الراوي ، فمرَّة قال : عن أبي عامر أو أبي مالك بالشك ، ومرَّة قال : عن أبي عامر وأبي مالك بالعطف ، ومرَّة عن أبي مالك وحده ، ومرة عن أبي عامر وحده( 38 ) .
وأما اضطراب المتن فمن أوجه :( 39 )
1.  جاء فيه لفظة : (يستحلون) ، وقد ذكره البخاري في التاريخ بدونها .
2.  وعند أحمد بلفظ : (ليشربَنَّ أُناس من أمتي الخمر ...) .
3. جاء في رواية : (يستحلون الحر) بمهملتين ، وفي رواية أخرى بمعجمتين (الخز) .
وأُجيب عن هذا الاعتراض :
بأنه " لا يُعَلُّ الخبر بالاضطراب إلا إذا تكافأت الوجوه المختلفة قوة ، ولم يمكن الجمع أو الترجيح ، أما مع إمكان ذلك فهو ضرب من التساهل ، يؤدي إلى إبطال العمل بالكثير من الروايات ؛ لكثرة ورود مثل ذلك في الأسانيد والمتون ، والاعتراض المذكور من النوع الآخر ؛ إذ أن كل ما أورد فيه ممكن فيه الجمع أو الترجيح"( 40 ).
فأما الاضطراب في سنده ، فإن الراجح عن أبي مالك الأشعري، وهو صحابي مشهور ، على أن التردد في اسم الصحابي لا يضركما تقرر في علوم الحديث ، فلا التفات إلى من أَعَلَّ الحديث بسبب التردد( 41 ).
وأما دعوى اضطراب المتن فالجواب عنه من أوجه :
الوجه الأول: "أنه لا ينبغي أن يُتعقب على نصوص الروايات الواردة في الكتب المعتمدة التي اعتنى أصحابها بجمع متونها بمثل ما ذكر ، وكيف يقال مثل هذا والبخاري نفسه ممن أورد هذا اللفظ في صحيحه ؟ ، والتحفظ في المتون من مقصود الصحيح ، فلو كان أهمله في (التاريخ) لِعِلَّة عنده فيه ، فكيف ارتضى إيراده في (الصحيح) جازماً به ؟ وأين تكون منزلة (التاريخ) بالنسبة للصحيح من هذه الجهة ؟ . وأقل ما يقال في هذا أن هذا اللفظ زيادة ثقة ليس لها معارض فوجب قبولها "( 42 ) .
الوجه الثاني : أن ترك بعض ألفاظ الحديث في بعض الروايات غير قادح، وأبو داود لم يذكر لفظة (المعازف) اختصاراً ، ولكنْ ذكرها غيره ، وثبتت في الصحيح ؛ لأن الراوي قد يترك بعض ألفاظ الحديث تارة ، ويذكرها أخرى( 43 ).
الوجه الثالث : أن ضبط لفظ (الحر) بالحاء والراء المهملتين هو ما عليه معظم الروايات من صحيح البخاري( 44 ) ، مع أنه " لو بقي الاختلاف في ضبط هذا اللفظ قائماً فإنه غير قادح في سائر الحديث كما لا يخفى ، خصوصاً وأن مثله مما يَقْبَل التصحيف"( 45 ).
الاعتراض الرابع : أن لفظة : (يستحلون) ليست نصاً في التحريم ؛ فلها معنيان :
1.  أن المعنى يعتقدون أن ذلك حلال .
2. أن يكون مجازاً عن الاسترسال في استعمال تلك الأمور( 46 ).
وأُجيب عنـه: "بأن الوعيد على الاعتقاد يشعر بتحريم الملابسة بفحوى الخطاب، وأما دعوى التجوز، فالأصل الحقيقة، ولا ملجأ إلى الخروج عنها"( 47 ).
الاعتراض الخامس : أن لفظة (المعازف) مختلف في مدلولها بين الآلة وغيرها، وإذا كان اللفظ محتملاً لم ينتهض للاستدلال به؛ لأنه إما أن يكون مشتركاً والراجح التوقف فيه، أو حقيقة ومجازاً ولا يتعين المعنى الحقيقي.
وأُجيب عنه : بأن لفظة (المعازف) تدل على تحريم استعمال ما صدق عليه الاسم ، والظاهر الحقيقة في الكل من المعاني المنصوص عليها من أهل اللغة، وليس من قبيل المشترك ؛ لأن اللفظ لم يوضع لكل واحد على حده بل وضع للجميع .
الاعتراض السادس: "أنه يحتمل أن تكون المعازف المنصوص على تحريمها هي المقترنة بشرب الخمر".
وأجيب عنه: بأن الاقتران لا يدل على أن المحرم هو الجمع فقط ، وإلا للزم أن الزنا المصرح به في الحديث لا يحرم إلا عند شرب الخمر واستعمال المعازف ، واللازم باطل بالإجماع والملزوم مثله( 48 ).
الحديث الثاني:-
عن نافع قال: سمع ابن عمر رضي الله عنه مزماراً ، قال : فوضع إصبعيه على أذنيه ونأى عن الطريق وقال لي: "يا نافع هل تسمع شيئاً" ؟ قال: فقلت: لا، قال: فرفع إصبعيه من أذنيه وقال: "كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمع مثل هذا فصنع مثل هذا"( 49 ).
وجه الاستدلال : أن فعل ابن عمر رضي الله عنه هذا والذي قلَّد فيه الرسول صلى الله عليه وسلم، يدل على أن استماع هذا الصوت محرم ، ومثله العزف بهذه الآلة ، وغيرها من المعازف مثلها ؛ لأنها أشد منها إطراباً .
الاعتراضات الواردة على الاستدلال بهذا الحديث :-
الاعتراض الأول : أن الحديث ضعيف ، لا يحتج به ، فقد قال عنه أبو داود: هذا حديث منكر( 50 ) ، كما ضعَّفه ابن طاهر ، وهو من مرويات سليمان ابن موسى( 51 ) ، وقد تفرد به عن نافع ولم يروه عنه غيره( 52 ).
وأجيب عنه من وجهين:-
الوجه الأول: قال ابن قدامه - رحمه الله تعالى -: 
"رواه الخلالمن طريقين ، فلعلَّ أبا داود ضعَّفه ؛ لأنه لم يقع له إلا من أحد الطريقين "( 53 ).
وذكر في عون المعبود - عند قول أبي داود : "هذا حديث منكر" - أنه لا يُعلم وجه النكارة فيه ، إذْ أنَّ رواته كلهم ثقات ، ولم يخالفوا غيرهم من الثقات( 54 ).
الوجه الثاني : أما قولهم بتضعيف سليمان بن موسى ، فإنه حسن الحديث وثَّقه غير واحد من الأئمة( 55 ) ، وله متابعان( 56 ) عند أبي داود( 57 ) والبيهقي( 58 ) ، فهذان متابعان له ، ولم يتفرد به ، خلافاً لمن زعم ذلك .
الاعتراض الثاني : ليس في الحديث دليل على حرمة المزمار حيث أقر النبي صلى الله عليه وسلم الراعي على الزمر بها ولم ينكر عليه ، كما أنه لم يمنع ابن عمر رضي الله عنه من سماعه ، ومثله ابن عمر مع نافع ، ولا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بكسره ؛ لأن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز ، ولم يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً من ذلك وإنما تجنب سماعه كتجنبه أكثر المباح من أكثر أمور الدنيا ؛ كتجنبه الأكل متكئاً ، أو لأنه كان في حالة ذكر وفكر ، والسماع يشغله ، فسَدَّ أذنيه لذلك( 59 ) .
وأُجيب عن هذا الاعتراض من وجوه :-
الوجه الأول : أن المحرم هو الاستماع لا السماع ، والاستماع غير السماع؛ ولهذا فرَّق الفقهاء في سجود التلاوة بين السامع والمستمع ، ولم يوجبوا على من سمع شيئاً محرماً سَدَّ أذنيه ، فمن كان مجتازاً بطريق وسمع ذلك فإنه لا يأثم باتفاق المسلمين ، والمستمع هو الذي يقصد السماع ، ولم يوجد هذا من ابن عمر رضي الله عنه مع النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا من نافع مع ابن عمر ، وإنما وجد منهما السماع فقط ، فلم يكن عليهما سَدُّ آذانهما( 60 ).
الوجه الثاني : "أنه إنما سَدَّ النبي صلى الله عليه وسلم أذنيه مبالغة في التحفظ حتى لا يسمع أصلاً.
فتبين بذلك أن الامتناع من أن يسمع ذلك خير من السماع ، وإن لم يكن في السماع إثم ، ولو كان الصوت مباحاً لما كان يسد أذنيه عند سماع المباح ، بل سد أذنيه لئلا يسمعه ، وإن لم يكن السماع محرماً دل على أن الامتناع من الاستماع أولى، فيكون على المنع من الاستماع أدل منه على الإذن فيه"( 61 )، ففعله صلى الله عليه وسلم هذا من باب الورع( 62 ).
الوجه الثالث : أن بالنبي صلى الله عليه وسلم حاجة إلى معرفة انقطاع الصوت عنه؛ لأنه عدل عن الطريق، وسد أذنيه، فلم يكن ليرجع عن الطريق، ولا ليرفع إصبعيه عن أذنيه حتى ينقطع الصوت عنه، فأبيح للحاجة( 63 ).
الوجه الرابع : أنه لم يُعْلَم أنَّ الرفيق كان بالغاً، أو كان دون سن البلوغ( 64 )، والصبيان يُرخَّص لهم في اللعب، مالا يُرخَّص للبالغ( 65 ).
الوجه الخامس : أن أفعاله صلى الله عليه وسلم حجة كأقواله، فحين فعل ذلك بادر ابن عمر رضي الله عنه إلى التأسي به، وكيف يُظن به ترك التأسي وهو من أشد الصحابة تأسياً؟( 66 ).
أما عدم الإنكار على الراعي فلا يدل على الإباحة ؛ لأنها قضية عين ، فلعله سمعه بلا رؤيته ، أو بعيداً منه على رأسجبل ، أو مكان لا يمكن الوصول إليه ، أو لَعَلَّ الراعي لم يكن مكلفاً فلم يتعين الإنكار عليه( 67 ).
وقد يقال: بأن من"شرط وجوب الإنكار؛ كونه مجمعاً عليه، أو يعتقد الفاعل التحريم، واليراع مختلف فيه، ويحتمل أن الراعي كان يعتقد حِلَّه باجتهاد منه، أو بتقليد لمن أفتاه بِحِلِّه من المجتهدين، أو أنه قام مانع من الإنكار"( 68 ) - والله تعالى أعلم - .
الحديث الثالث :-
قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الله عز وجل حرَّم الخمر والميسر والكوبة ( 69 )، وكل مسكر حرام)( 70 ).
وجه الاستدلال : في هذا الحديث بيان حكم من يضرب على الطبل المعروفة بالكوبة ومن يستمع إلى الضرب عليها ، وأن فاعل ذلك مرتكب لأمر محرم ، ويقاس عليها غيرها من آلات اللهو والطرب .
واعتُرض عليه : بأن الكوبة لم يُتَحقَّق موضوعها في اللغة ، فقيل: هي النرد ، وقيل: إنها البرابط ، وقيل: إنها الطبل( 71 ) ، فلمَّا اختلف أهل اللغة في معناها سقط الاحتجاج بالأحاديث التي فيها ذكر الكوبة بالمعنى الذي ذكروه .
وأُجيب عنه: بأن تفسير الكوبة بالطبل هو التفسير الراجح؛ لأنه صادر من راوي الحديث وهو أعلم بمرويه( 72 ).
الحديث الرابع:
عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (صوتان ملعونان في الدنيا والآخرة، مزمار عند نعمة، ورنَّة عند مصيبة)( 73 ).
وجه الدلالة : وصف النبي صلى الله عليه وسلم صوت المزمار بأنه صوت ملعون في الدنيا والآخرة، وهي صفة تقتضي أن يكون موصوفها أمراً قد أنكره الشارع ونهى عنه، وقد جاء هذا النهي في حديث قريب المعنى مما نحن بصدده، وهو قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (إني لم أُنْـهَ عن البكاء، ولكني نهيت عن صوتين فاجرين: صوت عند نغمة لهو، ولعب ومزامير الشيطان، وصوت عند مصيبة، لطم وجوه، وشق جيوب، ورنة شيطان)( 74 )، والنهي يقتضي التحريم، وليس ثمة ما يصرفه عنه إلى غيره، فكان هذا الحديث دليلاً على حرمة استماع المعازف بأنواعها.
واعتُرض عليه : بأنَّ في سنده شبيب بن بشر البجلي( 75 )، قيل عنه: ليِّن الحديث، يخطىء كثيراً، وقيل: متروك.
وأُجيب عنه : بأن الحديث يتقوَّى بالحديث الذي سبق ذكره في وجه الدلالة، قال الألباني - رحمه الله - : "فالإسناد حسن، بل هو صحيح بالتالي"( 76 ) - يعني حديث (إني لم أُنْـهَ عن البكاء) السابق ذكره قريباً -.
الحديث الخامس:
عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله بعثني رحمة وهدى للعالمين، وأمرني ربي عز وجل بمحق المعازف والمزامير والأوثان والصُّلُب وأمر الجاهلية، وحلف ربي عز وجل بعزته لا يشرب عبد من عبيدي جرعة من خمر إلا سقيته من الصديد مثلها يوم القيامة مغفوراً له أو معذباً، ولا يتركها من مخافتي إلا سقيته من حياض القدس يوم القيامة، ولا يحل بيعهن، ولا شراؤهن، ولا تعليمهن، وتجارة فيهن، وثمنهن حرام، يعني الضاربات)( 77 ) .
وجه الاستدلال: أن الرسول صلى الله عليه وسلم بيَّن أن المزامير والمعازف مما أُمر بمحقه، ولا يكون هذا إلا لحرمتها ، فدل على حرمة العزف عليها واستماعها .
واعتُرض على الاستدلال به: بأن الحديث ضعيف؛ فيه علي بن يزيد الأَلْهاني( 78 )، ضعيف، قال عنه البخاري: منكر الحديث .
وأُجيب عنه: بأنهم " لم يتفقوا على ضعفه، بل قال فيه أبو مُسْهِر- وهو من أهل بلده، وهو أعلم بأهل بلده من غيرهم - : لا أعلم إلا خيراً، والحديث وإن كان ضعيفاً، إلا أن له شواهد كثيرة في ذم المعازف، أشهرها ما رواه البخاري في صحيحه "( 79 ) ، وهو الحديث الأول من أدلة هذا القول .
الحديث السادس:
قوله صلى الله عليه وسلم: (يكون في أمتي قذف ومسخ وخسف) قيل: يا رسول الله ومتى ذلك ؟ قال صلى الله عليه وسلم: (إذا ظهرت المعازف وكثرت القيان وشربت الخمور)( 80 ) .
وجه الدلالة: بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سيكون في هذه الأمة قذف ومسخ وخسف، وأن لذلك علامات منها؛ ظهور وانتشار المعازف ، وهذا يدل على أن المعازف محرمة ، كما أنه قرنها بشرب الخمر المحرم اتفاقاً.
فهذه بعض الأحاديث التي استُدل بها على تحريم الاستماع للمعازف وآلات الطرب.
والأحاديث التي وردت في ذم الأغاني والمعازف كثيرة جداً، ولا تخلوا أسانيد بعضها من ضعف، غير أنَّ فيها أحاديث صحيحة ثابتة عند أهل العلم بالحديث - كما سبق -( 81 ).
 
ثالثاً: الآثار الواردة عن الصحابة والتابعين:
 1.   عن ابن عباس رضي الله عنه قال: "الدف حرام، والمعازف حرام، والكوبة حرام، والمزمار حرام"( 82 ).    
وجه الاستدلال : أن ابن عباس رضي الله عنه حرم المعازف بأنواعها ، ومنها الدف والكوبة والمزمار، وغيرها يقاس عليها ، ولا يقول هذا إلا عن توقيف ؛ لأن مثل هذا لا مجال للرأي فيه، فكان قوله هذا دليلاً على حرمة آلات اللهو بجميع أنواعها.
 2.   عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: "في هذه الآية من القرآن يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ   ( 83 ) قـال: هي في التوراة إنَّ الله أنزل الحق ليُذهب به الباطل، ويُبطل به اللعب والزَّفَن( 84 ) والمزمارات والمزاهر والكنارات( 85 ))( 86 ).
 3.   عن سُوَيْد بن غَفَلَة - رحمه الله تعالى( 87 ) - قال : "الملائكة لا تدخل بيتاً فيه دف". وعن القاضي شريحنحوه( 88 ) .
 4.   عن إبراهيم النخعي - رحمه الله -قال : "كان أصحاب عبد الله بن مسعود رضي الله عنهيستقبلون الجواري في الأزقة معهن الدفوف فيشقونها "( 89 ).
 5.   كتب عمر بن عبد العزيز - رحمه الله تعالى - إلى مؤدب ولده : "... وليكن أول ما يعتقدون من أدبك بغض الملاهي، التي بدؤها من الشيطان، وعاقبتها سخط الرحمن، فإنه بلغني عن الثقات من حملة العلم أن حضور المعازف واستماع الأغاني واللهج بها ينبت النفاق في القلب، كما ينبت العشب بالماء ... "( 90 ).
رابعـاً : الإجماع :-
نقل الإجماع على حرمة المعازف عدد من أهل العلم - كما سبق -.
خامساً : المعقول :-
(1) إن آلات اللهو تُطرب النفوس ، وتُورث أهلها سكراً أعظم من سكر الخمر ، فيجدون لذة بلا تمييز ، كما يجد شارب الخمر ، ويصدهم عن ذكر الله وعن الصلاة ؛ ولأنها تذهب الحياء والوفاء ، وتُخِلُّ بالعقول والفعال ، فتحرم المعازف قياساً على الخمر( 91 ).
(2) إن المعازف تحرك من متعاطيها ومستمعها دواعي الصبا والهوى ، وتُذكِّره بما مضى من شهواته وانقضى ، وتحمله على البطالة والمجون ، فيلزم منها أنها حرام؛ وذلك لأنها مظنة الفساد ، فتحرم ملابستها كالخلوة بالأجنبية ولذلك قيل: "الغناء رقية الزنا"( 92 ).
(3) إن تعاطي ذلك واستماعه فيه تشبه بأهل الفجور والمجون والعصيان، والتشبه بهم حرام، ووجه الشبه أن صورة الفاعل له ممن ينوي به الخير كصورة أهل الفسق إنما هو غناء مطرب، وزمر، وضرب آلات اللهو، ولا فرق بينهما إلا بالنية، وهي أمر خفي لا يُطلع عليها، فالصورة الظاهرة واحدة والفرق غير ظاهر، فالتشبه حاصل( 93 ) ، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (من تشبه بقوم فهو منهم)( 94 ).
وبعدُ هذه بعض الأدلة التي استدل بها العلماء على تحريم المعازف، وهناك غيرها الكثير، غير أني اكتفيت بأشهرها وأقربها دلالة، وأصلحها للاحتجاج.
 
أدلة القول الثاني (الإباحة):-
أولاً: من القرآن الكريم:-
(1)     قول الله تعالى:   وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إلَيْهَا   ( 95 ).
وجه الاستدلال: اللهو هنا الطبل، فإن الله عز وجل عطف اللهو على التجارة، وحكم المعطوف حكم المعطوف عليه، وبالإجماع تحليل التجارة، فثبت أن هذا الحكم مما أقره الشرع على ما كان عليه في الجاهلية( 96 ).
واعتُرض على هذا الاستدلال بما يلي( 97 ):
الاعتراض الأول: القول بأن حكم المعطوف حكم المعطوف عليه باطل، ولا لزوم بينهما من الشرع ولا من اللغة ولا من العقل.
الاعتراض الثاني: الآية في معرض الذم والعتاب، فلا يستدل بها على الإباحة.
الاعتراض الثالث: كلمة اللهو لا تنحصر في المزامير والملاهي، وليست هي المرادة في الآية الكريمة.
(2) قول الله تعالى:   هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا   ( 98 )، فالأصل في الأشياء الإباحة ، ولا يُسلَّم بصحة الأحاديث التي في تحريم آلات اللهو( 99 ).
واعتُرض على هذا الاستدلال : بأنه قد صح في تحريم آلات اللهو والمعازف أدلة كثيرة؛ منها ما سبق ذكره في أدلة القول الأول.
 
ثانياً: من السنة:-
الحديث الأول :
 عن نافع قال: سمع ابن عمر رضي الله عنه مزماراً، قال فوضع أصبعيه على أذنيه ونأى عن الطريق وقال لي "يا نافع هل تسمع شيئاً" ؟ قال: فقلت: لا، قال: فرفع أصبعيه من أذنيه وقال: " كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمع مثل هذا فصنع مثل هذا"( 100 ).
وجه الاستدلال : أنه لو كان المزمار حراماً سماعه لما أباح صلى الله عليه وسلم لابن عمر سماعه، ولو كان عند ابن عمر حراماً لما أباح لنافع سماعه، ولأمر صلى الله عليه وسلم بكسره، ولم يفعل شيئاً من ذلك، وإنما تجنب سماعه كتجنبه أكثر المباح من أمور الدنيا؛ كتجنبه الأكل متكئاً( 101 ).
ونوقش وجه الاستدلال من عدة أوجه: سبق ذكرها عند استدلال الجمهور بهذا الحديث( 102 ).
الحديث الثاني:
عن عائشة - رضي الله عنها -قالت: "دخل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي جاريتان من   جواري الأنصار (وفي رواية: قينتان) من أيام منى، تدففان وتضربان  تغنيان بغناء (وفي رواية: مما تقاولت، (وفي أخرى تقاذفت) الأنصار يوم) بُعَاث( 103 )وليستا بمغنيتين فاضطجع على الفراش ، وحوَّل وجهه ، ودخل أبو بكر رضي الله عنه    والنبي صلى الله عليه وسلم متغشٍ بثوبـه   ، فانتهرني (وفي رواية: فانتهرهما) وقال: مزمارة (وفي رواية: مزمار الشيطان) عند (وفي رواية: أمزامير الشيطان في بيت) رسول الله صلى الله عليه وسلم   مرتين  فأقبل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم (وفي رواية: فكشف النبي صلى الله عليه وسلم عن وجهه فقال: دعهما) يا أبا بكر فإن لكل قوم عيداً، وهذا عيدنا  فلما غفل غمزتهما فخرجتا"متفق عليه( 104 ).
وجه الدلالة: أن في إنكاره صلى الله عليه وسلم على أبي بكر رضي الله عنه عند ما قال: "أمزمار الشيطان عند رسول الله" حُجَّة على إباحة الغناء والمعازف( 105 ).
واعتُرض على هذا الاستدلال: بأن في "هذا الحديث بيان أن هذا لم يكن من عادة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الاجتماع عليه، ولهذا سماه الصديق رضي الله عنه"مزمار الشيطان" والنبي صلى الله عليه وسلم أقر الجواري عليه مُعَلِّلاً ذلك؛ بأنه يوم عيد، والصغار يرخص لهم في اللعب في الأعياد، وكان لعائشة - رضي الله عنها - لُعب تلعب بهن، ويجئن صواحباتها من صغار النسوة يلعبن معها، وليس في حديث الجاريتين أن النبي صلى الله عليه وسلم استمع إلى ذلك، والأمر والنهي إنما يتعلق بالاستماع، لا بمجرد السماع، كما في الرؤية، فإنه إنما يتعلق بقصد الرؤية لا بما يحصل منها بغير الاختيار"( 106 ).
كما أن النبي صلى الله عليه وسلملم ينكر على أبي بكر رضي الله عنه قوله "مزمار الشيطان"، وإنما أقرَّ الجاريتين؛ لأنهما غير مكلفتين، وفي بيت جارية حديثة السن، وكان ذلك يوم عيد، وكانتا تغنيان بنشيد الأعراب في الشجاعة ونحوها( 107 )، ولم يكن ذلك بآلات الطرب والمعازف التي تنوعت مع مرور الزمن، خاصة في هذا العصر الحاضر، وإنما كان بالدف الذي هو أخفها، وقد رُخِصَ فيه مالم يُرَخَّص في غيره.
ولم يكن بغناء فاحش يحرك الغرائز، كما هو موجود في الأغاني المعاصرة التي تدعوا إلى الرذائل وتحارب الفضائل.
فالخلاصة : أن هذا الحديث لا دلالة فيه على إباحة المعازف، فإنكار النبي صلى الله عليه وسلم على أبي بكر رضي الله عنه مُنْصَبٌّ على أن ذلك كان في حق جوار غير مكلفات، وفي يوم عيد، وفي آلة يرخص فيها في بعض المناسبات، وفي غناء مباح لا فحش فيه - والله تعالى أعلم - .
كما أن أبا بكر رضي الله عنه ليس هو الذي سمى الغناء وما معه من دف مزمار الشيطان، وإنما سماه بذلك النبي صلى الله عليه وسلم وذلك في قوله: (نهيت عن صوتين فاجرين: صوت عند نغمة لهو، ولعب ومزامير الشيطان...)( 108 ).
 
ثالثاً: الأثـر:-
  1)   أن عبد الله بن الزبير - رضي الله عنهما - كان له جوار عوَّادات، وأن ابن عمر - رضي الله عنهما - دخل عليه وإلى جنبه عود فقال: "ما هذا يا صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فناوله إياه، فتأمله ابن عمر رضي الله عنه فقال: "هذا ميزان شامي"، قال ابن الزبير رضي الله عنه: "يوزن به العقول".
  2)   أن عبد الله بن جعفر رضي الله عنهكان لا يرى بالغناء بأساً، ويصوغ الألحان لجواريه ويسمعها منهن على أوتاره.
  3)   أن معاويةوعمرو بن العاصسمعا العود عند عبد الله بن جعفر رضي الله عنهم( 109 ).
هذه بعض الآثار عن عدد من الصحابة رضي الله عنهم، وقد ذكر الشوكاني عدداً ممن نُسب إليهم سماع ذلك، من الصحابة والتابعين وغيرهم( 110 ).
وجه الدلالة من هذه الآثار: أن بعض الصحابة ثبت عنه أنه سمع صوت المعازف، ومنهم من نفى البأس عنه، فدل ذلك على إباحة استماع المعازف.
واعتُرض على الاستدلال بذلك بما يلي:
الاعتراض الأول: أن إباحة المعازف لا تثبت عن أحد من الصحابة أو أحد من الأئمة المقتدى بهم، وهذا النقل عن الصحابة باطل( 111 ).
الاعتراض الثاني: قال ابن القيم: "أما ما نقل عن ابن عمر رضي الله عنه فإنه نقل باطل، والمحفوظ عنه ذمه للغناء، ونهيه عنه،كما هو المحفوظ عن إخوانه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كابن مسعود وابن عباس وغيرهم رضي الله عنهم"( 112 ).
الاعتراض الثالث: وأما ما نقل عن عبد الله بن جعفر رضي الله عنه - إن صح - فليس هو ممن يُعارض به أركان الأمة؛ كابن مسعود وابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم ومن احتج بفعل عبد الله بن جعفر فليحتج بفعل معاوية في قتاله لعلي رضي الله عنهم، وأمثال ذلك مما لا يصح لأهل العلم أن يُدخلوه في أدلة الشرع( 113 ).
قال الألباني - رحمه الله - عن الشوكاني في نقله للآثار عن الصحابة والتابعين وغيرهم، ممن نُسِبَ إليهم سماع المعازف قال: "وتوسع - أي الشوكاني - في ذلك توسعاً لا فائدة منه؛ لأنها أقوال غالبها معلقة لا سنام لها ولا خطام، وبعضها قد صح عن بعضهم خلافه، وبعضها مشكوك في لفظه، والجواب على هذه الأقوال من وجهين:
الوجه الأول: أنه لو صحت نسبتها إلى قائليها، فلا حجة فيها؛ لمخالفتها للأحاديث الصحيحة الصريحة الدلالة.
الوجه الثاني: أنه صح عن بعضهم خلاف ذلك، فالأخذ بها أولى بل هو الواجب".
ثم ذكر - رحمه الله - ما تيسر له الوقوف عليه، فذكر عن غير واحد من السلف أنه صح عنهم خلاف ذلك( 114 ).
وقال صاحب كتاب الشريعة الإسلاميه والفنون: "ولعل السلف الذين سمعوا مثل تلك الآلات - إن ثبت ذلك عنهم -، أو ذهبوا إلى إباحتها لم تصلهم الأحاديث الدالة على تحريم المعازف والمزامير والملاهي، أو أنها وصلت إليهم ولم تثبت عندهم، فردوا الأمر إلى أصل الإباحة"( 115 ).
أقول: سواء صح عنهم ذلك أولم يصح، فإنه لا حجة في قول أحد بعد قول الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم .
كما أن "هذه الآثار والحكايات والمستندات والتأويلات التي اعتمدها الذين ذهبوا إلى إباحة المعازف والمزامير وأصوات الملاهي كلّها، لا تقوى أمام الأحاديث الصحيحة ... والحكايات المتناسبة مع سلوكيات العلماء، التي اعتمدها الذين ذهبوا إلى تحريم المعازف بجميع آلاتها"( 116 ).
 
رابعاً: إجماع أهل المدينة:-
حكى ابن طاهر إجماع أهل المدينة على إباحة الاستماع إلى المعازف( 117 ).
واعتُرض عليه: بأن "هذه مجازفة، وإنما فعل ذلك بالمدينة أهل المجانة( 118 ) والبطالة"( 119 ).
وقال في كف الرعاع: "وأما ما حكاه ابن طاهر من إجماع أهل المدينة فهو من كذبه وخرافاته، فإنه رجل كذَّاب يروي الأحاديث الموضوعة، ويتكلم عليها بما يوهم العامة صحتها .... وأيضاً فهو مبتدع إباحي ... ومن ثَمَّ قال بعضهم فيه: إنه رجس العقيدة نجسها ، ومَنْ هذه حاله لا يُلتفت إليه، ولا يُعوَّل عليه"( 120 ).
 
خامساً: من المعقول:-
1.   أن القياس يقتضي إباحة الأصوات الصادرة عن آلات العزف، وذلك اعتباراً بإباحة سماع صوت العندليب وسائر الطيور، فيقاس عليها الأصوات الخارجة من سائر الأجسام باختيار الآدمي؛ كالذي يخرج من القضيب والطبل والدف وغيرها( 121 ).
واعتُرض على الاستدلال بهذا:
بأن ثمة أمور مقدمة على القياس توجب حرمة هذه الآلات، منها ورود الأحاديث الصحيحة القائلة بالحرمة، وقيام الإجماع على حرمتها، فهذه تُلغي القياس لو فُرِضَت صحته، فكيف وهو لم يصح ؟ ؛ إذ القياس في مورد النص قياس فاسد ، وإنما القياس فيها الحرمة ؛ وذلك لما تقرر في الشريعة أن وسائل المعاصي معاصٍ مثلها ، وهذه الآلات وسائل إلى المعاصي ، فيكون الضرب عليها وسماعها معصية( 122 ).
 2.    أن القلوب تَسْتَلِذُّ بالأصوات الطيبة وترتاح إليها مما لا يمكن جحوده( 123 ).
واعتُرض عليه: بأن الصوت الطيب لذيذ مطرب ، وهذا أمر يشترك فيه جميع الناس ، لكن أي شيء في هذا يدل على الأحكام الشرعية، من كونه مباحاً أو مكروهاً أو محرماً، سيما أنَّ هذه اللذَّة تقع في الأمور المكروهة والمباحة والمحرمة( 124 ).
 3.    إنَّ سماع العود ينفع من بعض الأمراض فيباح سماعه( 125 ).
واعتُرض عليه: بأن القول الراجح عدم جواز التداوي بذلك؛ بل وبكل محرم؛ إذ الله عز وجل لم يجعل شفاءنا فيما حَرَّم علينا( 126 )، وعلى القول بجواز التداوي بذلك، فإنه إذا كان سماع العود نافعاً من بعض الأمراض، فينبغي تقييد الإباحة لمن له ذلك المرض دون غيره، وانحصر النفع بأن لم يوجد دواء حلال ينفع فيه غيره( 127 ).
 4.   أنَّ العود موضوع على حركات تنفي الهم وتزيد النشاط.
واعتُرض عليه: بأن العود أكثر الملاهي طرباً، وأشغلها عن ذكر الله عز وجل وعن الصلاة( 128 ).
 
التـرجيــح:
الراجح في هذه المسألة هو القول بتحريم الاستماع إلى المعازف، وتحريم العزف والغناء عليها فتحرم المعازف بجميع أنواعها، القديم منها والحديث، متى ما انطبق عليها تعريف المعازف، باستثناء الدفوف ، التي جاءت السنة باستثنائها في حالات خاصة، كالعرس للنساء ، وفي العيد للجواري الصغار.
والتحريم عام للرجال والنساء، وفي جميع المناسبات المختلفة؛ كالأعياد والأعراس ووقت الحرب وغيرها من المناسبات، وسواء كانت منفردة أو مصحوبة بالغناء، وسواء كان سماعها مباشرة أو بواسطة أجهزة التسجيل.
وإنما قلنا بالتحريم في هذه الأحوال كلها؛ لعموم نصوص التحريم، وعدم الدليل المخصص لنوع دون نوع وحال دون حال، ولا عبرة بقول من خصص نوعاً من الآلات، أو زمناً من الأزمان، أو مناسبة من المناسبات بالجواز؛ إذ الأدلة لم تستثن شيئاً من ذلك، فلأجل ذلك قلنا بالعموم .
كما أن العِلَلَ والحِكَم التي استُدل بها على التحريم موجودة في هذه الآلات كلها بغض النظر عن الأحوال والأزمان.
وإنما رجحنا هذا القول لأمور منها:

(1) صحة بعض الأحاديث التي حرمت آلات اللهو والمعازف، فيجب الإذعان لأي حكم استند إلى حديث واحد صحيح الإسناد والدلالة، فكيف وقد جاءت في ذلك أحاديث كثيرة في النهي عن الآلات الموسيقية وآلات الطرب، والعمل بالنصوص الشرعية مقدم على غيره. 

(2) ولأن في سماع هذه الآلات تشبه بفعل أهل الفسوق والعصيان؛ ولما في ذلك من الغفلة وذهاب الرجولة ونحو ذلك.

(3)  وللعِلَل والحِكَم التي ذكرها أصحاب هذا القول.
(4) أن ما اعتُرض به على أكثر أدلة هذا القول قد أجيب عليها، بخلاف أدلة الإباحة، فلم يَسْلَم منها دليل واحد، بعد أن أوهنتها الاعتراضات التي أُورِدت عليها.
"ويصح القول بأن المعازف من المسائل المجمع على تحريمها ويقوي هذا النقل أمران:
الأول: لم يشتهر عن السلف الصالح من الصحابة والتابعين وتابعيهم القول بالإباحة، ولم يُنقل عنهم ذلك بسند صحيح، والمعروف عنهم تحريمها.
الثاني: ما ورد عن السلف من التشديد في أمر المعازف وتحريمها؛ كالأمر بتكسيرها وإحراقها، والتحذير من أصحابها، ونعتهم بأشنع الألقاب كلفظ شيطان ومخنث؛ فإن ذلك يدل على أن تحريمها أمر مجمع عليه عندهم وليس من الأمور المشتبهة التي يسوِّغون فيها الخلاف ويوسعونه.
كما لا يَطعن في صحة الإجماع المنقول وجود المعارض من أصحاب القول الثاني؛ لأن المعارض المنقول عنه إباحة المعازف، لا تخرج حاله عن ثلاثة أحوال لا يقوى في أي واحدة منها على معارضة الإجماع وهذه الأحوال هي:
1)نسبة إباحة المعازف إلى بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا يصح عنهم، ولم يرد بسند صحيح، والمحفوظ عن الصحابة ومن بعدهم من التابعين وتابعيهم إنكارها والتشديد فيها، والمنقول عن بعضهم في ذلك لم يرو بسند صحيح.
2)أن يكون النقل غير صحيح النسبة إلى المنقول عنه، كالمنقول عن الإمام مالكأنه كان يبيح العزف على العود بل يُتقِنه، فإن هذا النقل لم يثبت عنه، وإنما الثابت إنكاره، وقوله في الغناء: إنما يفعله الفساق.
3)أن يكون النقل صحيحاً ولكنه لمتأخر من بعد عصر القرون المفضلة المنعقد فيها الإجماع على تحريم المعازف؛ مثل المنقول عن بعض فقهاء الظاهرية، وبعض فقهاء المذاهب الأربعة المتبوعة، وانعقاد الإجماع في عصر من العصور لا يسقطه خلاف المتأخرين عنه"( 129 ).
 
المطلب الرابع
الحكمة في تحريم المعازف
لقد التمس العلماء العديد من الحِكَم والعلل التي من أجلها حرمت المعازف وآلات الطرب؛ فمنها ما سبق ذكره في أدلة القول الأول من المعقول، وينضاف إلى ذلك أمور منها:
    1.   أنَّ في المعازف من الكبر والخيلاء ما في الزينة التي خرج فيها قارونعلى قومه، فلما مسخوا دين الله مسخهم الله ، ولما تكبروا عن الحق أذلهم الله، وقد جاء ذكر المسخ والخسف في عدة أحاديث( 130 )، وجعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك راجعاً إلى ظهور المعازف والقينات وشرب الخمور( 131 ).
    2.   أنها "تدعوا إلى شرب الخمر، فإن اللذَّات الحاصلة تدعوا إليها، فلهذا حَرُم شرب قليلها ، وكونها في قريب العهد يشربها تذكره مجالس الشرب، والذكر سبب انبعاث الفسوق، وانبعاثه سبب للإقدام"( 132 ).
    3.   أن في تحريمها سداً للذرائع المفضية إلى الحرام، فإن الشارع حرم ما اشتمل على المفاسد، وما هو وسيلة وذريعة إليه، ولو أباح وسائل المفاسد مع تحريمها لكان تناقضاً ينـزه عنه( 133 ).
هذه بعض الحِكَم في تحريم المعازف، وهناك حِكَم غيرها تُطلب في مظانها( 134 ).
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

  

فهد بن أحمد السلامة

[email protected]

-----------------------------------------
 ( 1 ) انظر : لسان العرب : 9 / 189 ، وتاج العروس : 12/ 385 .
( 2 ) مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيميه 10 / 535 ، قواعد الفقه للبركتي ص: 493 ، نيل الأوطار 8/ 109 .
( 3 ) مقدمة ابن خلدون 2/ 976 ، 3 / 1119 ، وحكم ممارسة الفن في الشريعة الإسلامية ص: 163.
( 4 ) انظر: لسان العرب 6/373 ، وقواعد الفقه للبركتي ص: 292 ، وفي المعجم الوسيط 1/289 قال : " الدف آلة ضرب ينقر عليها ".
( 5 ) حكم ممارسة الفن ص: 165 بتصرف يسير .
( 6 ) انظر : الفتاوى الهندية 5/ 353 ، ورد المحتار على الدر المختار 5 / 34 ، 223 ، وتكملة البحر الرائق 8/ 346، وتبيين الحقائق 5/ 125 ، 6/ 13 .
( 7 ) كشف القناع عن حكم الوجد والسماع ص: 131 .
( 8 ) "الكَبَر بفتح الكاف والباء ، هو الطبل الكبير المدور المجلد من الجهتين". حاشية الدسوقي 2/339 ، وانظر: الفواكه الدواني 3/392 ، ومواهب الجليل 5/249.
( 9 ) قال في مواهب الجليل 5/249 : " المعروف في اللغة أن المزهر العود ، ولم أرَ من أهل اللغة من ذكر خلافه ، وكتب الفقهاء مخالفة لذلك ، فإنهم يعنون به الدف المربع المغلوف ، وصرح به يحيى بن مزين المالكي " . وقال في حاشية الدسوقي 2/339: "المزهر : بكسر الميم كمنبر ، طبل مغشي من الجهتين".
( 10 ) انظر: حاشية الدسوقي 2/ 339، ومواهب الجليل مع التاج والإكليل 5/ 248 ، 8/ 165، والفواكه الدواني 2/ 392، 409 ، والمقدمات الممهدات 3/462، وكشف القناع عن حكم الوجد والسماع ص: 131.
( 11 ) "آلة تستعمل في الموسيقى العربية ، وهي من آلات النفخ ، قديمة العهد ، تصنع من قصب الغاب على هيئة الناي وشكله وثقوبه ، ولكنها تختلف عنه في أن طرفها عند فم الزامر مسدود ، ويستعاض عنه بثقب قريب من نهايته ينفخ منه ، والنغم الحادث منه شبيه بما هو في آلة الناي " الموسوعة العربية : 2/1072 .
( 12 ) روضة الطالبين 11/228 ، والحاوي الكبير 17/ 191 ، وحاشية البجيرمي على الخطيب 5/386 ، ومغني المحتاج 4/425، ونهاية المحتاج 8/ 296 وما بعدها، وأسنى المطالب مع حاشية أبي العباس الرملي عليه 4/ 345، والزواجر عن اقتراف الكبائر لابن حجر الهيتمي 2/ 404 ، 417 ، وكف الرعاع عن محرمات اللهو والسماع لابن حجر الهيتمي ص: 98 وما بعدها.
( 13 ) القضيب آلة إيقاع عربية قديمة ، وهو قضيب من النحاس أو الصلب يوقع عليه بأداة صلبة ، ويستند طرفه إلى كتف الضارب عليه وهو جالس يغير أطواله بيده اليسرى عند الإيقاع عليه ، فتحدث نقرات ذات نغم مختلفة باختلاف طول القضيب . (انظر : الموسوعة العربية الميسرة 2/1386) .
( 14 ) المغني 14/ 157، والإنصاف 5/ 342، والفروع 5/310 - 311، وكشاف القناع 6/537، وإغاثة اللهفان1/ 256–257، وغذاء الألباب 1/116 – 117، ونيل المآرب 2/211.
( 15 ) عدا الدف فلهم فيه تفصيل.
( 16 ) منهاج السنة النبوية 3/ 439 ، 442 باختصار ، وانظر : مجموع فتاوى شيخ الإسلام 11/576-577 .
( 17 ) انظر : كف الرعاع ص: 103 ، 124 ، والأشباه والنظائر للسيوطي ص: 417 ، والزواجر عن اقتراف الكبائر 2/ 406 ، 416 ، وكشف القناع عن حكم الوجد والسماع ص: 131 .
( 18 ) ونسبه إلى أهل الظاهر . (انظر : كتاب السماع ص: 63) ، وابن طاهر هو : محمد بن طاهر بن علي بن أحمد، أبو الفضل المقدسي ، ابن القيسراني الظاهري ، ولد سنة : 448هـ ، من مؤلفاته : " صفة الصفوة " ، "السماع" ، توفي سنة : 507 هـ . راجع في ترجمته: البداية والنهاية 12/190 ، سير أعلام النبلاء 19/361 ، شذرات الذهب 4/18.
( 19 ) نيل الأوطار 8/ 113 ، و إبطال دعوى الإجماع على تحريم مطلق السماع للشوكاني ص: 12 وما بعدها .
( 20 ) سورة الإسراء الآية رقم : 64 .
( 21 ) الجامع لأحكام القرآن 10/288 ،290 ، وابن أبي الدنيا في ذم الملاهي ص: 6 .
( 22 ) إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين 7/672 .
( 23 ) سورة لقمان الآية رقم : 6 .
( 24 ) فعن ابن مسعود أنه سُئِلَ عن (لَهْوَ الْحَدِيثِ) قال: "الغناء والذي لا إله إلا هو". أخرجه ابن أبي شيبة 6/309، والحاكم 2/411 وقال : "صحيح الإسناد ولم يخرجاه" ووافقه الذهبي . وصححه ابن القيم والألباني (تحريم آلات الطرب ص: 143). وكذلك ورد مثل هذا عن ابن عباس وجابر ومجاهد وعكرمة . (مصنف ابن أبي شيبة 6/309) والمعازف تدخل في الغناء المحرم.
( 25 ) الجامع لأحكام القرآن 14/52.
( 26 ) المحلى 7/567.
( 27 ) انظر: تفسير الطبري 21/61 وقال: والصواب أن يقال: عنى به كل ما كان من الحديث ملهياً عن سبيل الله مما نهى الله عنه أو رسوله ؛ لأن الله عمَّ بقوله (لَهْوَ الْحَدِيثِ) ولم يخصص بعضاً دون بعض فذلك على عمومه حتى يأتي ما يدل على خصوصه ، والغناء من ذلك . أهـ مختصراً .
( 28 ) أخرجه البخاري معلقاً بصيغة الجزم،كتاب الأشربة، باب ما جاء فيمن يستحل الخمر ويسميه بغير اسمه (الفتح) 10/53 برقم: 5590، والحديث تكلَّم عليه العلماء بكلام مُطوَّل، قال الحافظ في الفتح : "والحديث صحيح معروف الاتصال بشرط الصحيح" . وانظر تفصيل القول في إسناده ومتنه الفتح10/53-58 ، عمدة القارئ 21/175، تحريم آلات الطرب للألباني ص: 38-51، أحاديث ذم الغناء والمعازف في الميزان لعبد الله الجديع ص: 23، الكاشف في تصحيح رواية البخاري لحديث تحريم المعازف لعلي حسن علي الحلبي، والجميع قد حكموا عليه بالصحة .
( 29 ) إغاثة اللهفان 1/291 .
( 30 ) هو: صدقة بن خالد الدمشقي ، أبو العباس ، مولى أم البنين أخت معاوية بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان ، ولد سنة: 118هـ، قال عنه ابن معين وأبو حاتم: ثقة، وقال ابن نمير: هو أوثق من صدقة بن عبد الله، وقال الحافظ في الفتح 10/56: "وصدقة ثقة عند الجميع ، قال عبد الله بن الإمام أحمد عن أبيه: ثقة ابن ثقة ليس به بأس". توفي سنة: 180هـ، وقيل في وفاته غير ذلك. راجع في ترجمته: الجرح والتعديل 4/430 ، الكاشف 2/26 ، تهذيب التهذيب 4/364 ، تقريب التهذيب 1/365.
( 31 ) المحلى 7/565 .
( 32 ) هو: هشام بن عمار بن نُصير بن ميسرة، أبو الوليد السلمي، ولد سنة : 153هـ، عالم أهل الشام، خطيب دمشق، حدَّث عنه البخاري وأبو داود والنسائي وابن ماجه، له كتاب فضائل القرآن، توفي سنة: 245 هـ. راجع في ترجمته : تهذيب التهذيب 11/46 ، سير أعلام النبلاء 11/ 420.
( 33 ) 21/175 .
( 34 ) إغاثة اللهفان 1/290 ، وانظر: تعليق ابن القيم على سنن أبي داود (عون المعبود 10/109) .
( 35 ) أخرجه موصولاً الطبراني في الكبير 3/282 برقم : 3417 ، والبيهقي 10/383 برقم : 20988 ، وغيرهما . وانظر التفصيل في ذكر من أخرجه موصولاً : (تحريم آلات الطرب) ص: 38 - 51 ، وص: 81 - 89 (الكاشف في تصحيح رواية البخاري لحديث المعازف) ص: 18 ، و(أحاديث ذم الغناء والمعازف) ص: 24.
( 36 ) أورده الحافظ في الفتح عن ابن الملقن 10/56 .
( 37 ) فتح الباري 10/56 ، وانظر : نيل الأوطار 8/115 .
( 38 ) فتح الباري 10/56 ، نيل الأوطار 8/115، أحاديث ذم الغناء والمعازف في الميزان ص: 32.
( 39 ) المراجع السابقة .
( 40 ) أحاديث ذم الغناء والمعازف في الميزان ص: 33 .
( 41 ) فتح الباري 10/57 ، وعمدة القارئ 21/175 ، وانظر: الكاشف لعلي بن حسن الحلبي ص: 47-49 .
( 42 ) أحاديث ذم الغناء ص: 26 .
( 43 ) نيل الأوطار 8/115 .
( 44 ) فتح الباري 10/57 .
( 45 ) أحاديث ذم الغناء والمعازف في الميزان ص: 34 .
( 46 ) نيل الأوطار 8/116 .
( 47 ) المرجع السابق .
( 48 ) انظر في الاعتراضين الخامس والسادس والجواب عليهما : المرجع السابق 8/116 .
( 49 ) أخرجه أحمد 1/232 برقم 4535 ، وَ 1/311 برقم 4965 ، وأبو داود في كتاب الأدب ، باب كراهة الغناء والزمر ص: 694 برقم : 4924 واللفظ له ، وقال: " هذا حديث منكر " ، وابن ماجه في كتاب النكاح ، باب الغناء والدف 1/613 برقم : 1901 ، والبيهقي في الكبرى في كتاب الشهادات ، باب ماجاء في ذم الملاهي من المعازف والمزامير ونحوها 10/375 برقم : 20997 وما بعده ، وأبو نعيم في الحلية 6/129، وابن أبي الدنيا في تحريم الملاهي برقم : 68 ، والآجري في تحريم النرد ص: 205 ، وابن طاهر في السماع ص: 59 ، وقد ساق رواياته مؤلف كتاب : (أحاديث ذم الغناء والمعازف في الميزان) وحكم عليه بالصحة ص: 47 ، وصححه الألباني في (تحريم آلات الطرب) ص: 117 ، كما أطال محقق كتاب (تحريم النرد) الكلام على هذا الحديث ثم حكم عليه بالصحة ص: 216.     
( 50 ) سنن أبي داود ص: 694 برقم : 1901 .
( 51 ) الأموي مولاهم ، فقيه أهل الشام في زمانه ، قال الزهري : سليمان بن موسى أحفظ من مكحول ، وقال البخاري : عنده مناكير ، وقال النسائي : أحد الفقهاء ، وليس بالقوي في الحديث ، توفي سنة : 115هـ ، وقيل : 119هـ . راجع في ترجمته : تهذيب التهذيب 4/197 ، سير أعلام النبلاء 5/433 ، شذرات الذهب 5/64، الأعلام 3/135 .
( 52 ) كتاب السماع ص: 59 -60، عون المعبود 13/182 .
( 53 ) المغني 14/159 0
( 54 ) 13/182 .
( 55 ) المرجع السابق .
( 56 ) هما: ميمون بن مِهران قال عنه الحافظ : " ثقة فقيه " (تقريب التهذيب 2/292) ، ومطعم بن مقدام الصنعاني قال عنه الحافظ : "صدوق" (تقريب التهذيب 2/253).
( 57 ) برقم : 4925 ، وَ 3926.
( 58 ) برقم : 20998 ، وَ 20999.
( 59 ) المحلى 7/570 ، وكتاب السماع لابن طاهر ص:59 ، والمغني 14/158.
( 60 ) المغني 14/158، ومجموع فتاوى ابن تيميه 30/212 – 214 ، والزواجر عن اقتراف الكبائر 2/412 ، وكف الرعاع ص: 119 .
( 61 ) مجموع فتاوى ابن تيميه 30/214.
( 62 ) تحفة المحتاج مع حاشيتا الشرواني وابن قاسم العبادي 13/220.
( 63 ) المرجع السابق ، المغني 14/158.
( 64 ) قال ابن حجر الهيتمي فيما حكاه عن الحافظ محمد بن نصر السلامي: "وكان ابن عمر بالغاً إذْ ذاك سبع عشرة سنة" (الزواجر عن اقتراف الكبائر 2/412).
( 65 ) مجموع فتاوى ابن تيميه 30/214 .
( 66 ) الزواجر عن اقتراف الكبائر 2/412 ،كف الرعاع ص: 119 .
( 67 ) عون المعبود 13/182 .
( 68 ) تحفة المحتاج مع حاشيتا الشرواني وابن قاسم العبادي 13/220 .
( 69 ) " قال سفيان : فسألت علي بن بَذِيمة عن الكوبة فقال : الطبل " ، وقد جاء هذا التفسير بعد الحديث في بعض المصادر الآتية في تخريج الحديث .
( 70 ) الحديث له ألفاظ متقاربة وبعضها مطول ، غير أنها جميعها تشترك في الشاهد من الحديث وهو ذكر الكوبة وأنها محرمة ، وقد جاء الحديث من رواية عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما .
     فحديث عبد الله بن عباس: أخرجه أحمد 1/744 برقم : 2625 ، وَ 1/877 برقم : 3274 ، وَ 1/711 برقم : 4276، وأبو داود في كتاب الأشربة ، باب في الأوعية برقم: 3696 ص:530، والبيهقي في كتاب الشهادات ، باب ما يدل على رد شهادة من قامر بالحمام أو بالشطرنج أو بغيرها 10/360 برقم : 20943 ، وفي باب ما جاء في ذم الملاهي من المعازف والمزامير ونحوها 10/374 برقم : 20990 ، 20991، والطبراني في الكبير 12/80 برقم : 12598 ، 12601، وابن حبان في كتاب الأشربة، فصل في الأشربة 12/187برقم : 5365 (ترتيب ابن بلبان) وأبو يعلى في مسنده 5/114برقم : 2729 .
     وحديث عبد الله بن عمرو: أخرجه أحمد 2/604 برقم : 6547 ، وَ 2/607 برقم : 6564، وأبو داود في كتاب الأشربة ، باب في الأوعية برقم : 3685 ص : 528 ، والبيهقي في كتاب الشهادات ، باب ما جاء في ذم الملاهي من المعازف والمزامير ونحوها 10/375 برقم : 20992 ، 20993 .
 والحديث صححه جماعة منهم: أحمد شاكر في تعليقه على المسند 4/158، 218 برقم : 2476 ، 2625، والألباني في (تحريم آلات الطرب) ص: 55-59 ، والجديع في (أحاديث ذم الغناء والمعازف في الميزان) ص : 40 .
( 71 ) انظر : لسان العرب 2/182 ، النهاية في غريب الحديث 4/207 .
( 72 ) الزواجر عن اقتراف الكبائر2/417 ، والمراد براوي الحديث هنا هو : علي بن بَذِيمة.
( 73 ) أخرجه البزار في مسنده 1/377 برقم: 795 (كشف الأستار) قال البزار : "لا نعلمه عن أنس إلا بهذا الإسناد"، والضياء المقدسي في الأحاديث المختارة 6/188 برقم: 2200 وحَسَّن إسناده محققه ، وقال : في مجمع الزوائد 3/13 : " ورجاله ثقات " ، وصححه الألباني في تحريم آلات الطرب ص: 52.
( 74 ) أخرجه الحاكم في مستدركه ، كتاب معرفة الصحابة 4/40 ، والبغوي في شرح السنة ، كتاب الجنائز ، باب البكاء على الميت ، 5/430 ، وقال : " هذا حديث حسن " ، وابن أبي الدنيا في ذم الملاهي برقم : 64 ، وابن أبي شيبه في مصنفه 3/393 ، والطيالسي في مسنده 25/262 برقم : 1788، والبيهقي في كتاب الجنائز ، باب الرخصة في البكاء بلا ندب ولا نياحة 4 /115 برقم : 7151 ، والآجري في تحريم النرد ص: 201 برقم 63 ، والبزار 1/380 برقم : 805 ، (كشف الأستار) ، والترمذي مختصراً في كتاب الجنائز برقم : 1005 ص: 223 ، وقال : "حديث حسن" ، قال الألباني : "يعني لغيره ؛ لحال ابن أبي ليلى" (انظر : تحريم آلات الطرب ص: 53).
( 75 ) الكوفي ، وثَّقه ابن معين ، وقال أبو حاتم : ليِّن الحديث ، حديثه حديث الشيوخ ، وذكره ابن حبان في الثقات ، وقال : يخطئ كثيراً. راجع في ترجمته : تهذيب التهذيب 4/269 ، الكاشف 2/4.
( 76 ) تحريم آلات الطرب ص: 52 .
( 77 ) أخرجه أحمد 7/433 برقم : 22663 ، وَ 7/409 برقم : 22571 واللفظ له ، والطيالسي في مسنده 2/454 برقم: 1230، والطبراني في الكبير 8/197 برقم: 7803، والآجري في تحريم النرد برقم: 59 ، 60، وقد تكلم على الحديث الشيخ حمود التويجري في كتابه فصل الخطاب ص: 45 وقال : إن الحديث من قبيل الحسن - إن شاء الله - .
( 78 ) الشامي ، أبو عبد الملك ، قال البخاري : منكر الحديث ضعيف ، وقال النسائي : ليس بثقة ، وقال في موضع آخر: متروك الحديث ، وقال أبو زرعه : ليس بالقوي ، وقال الدارقطني : متروك ، توفي سنة بضع عشرة ومائة. راجع في ترجمته : ميزان الاعتدال 3/161 ، تهذيب التهذيب 7/346 ، تقريب التهذيب 2/46 .
( 79 ) نزهة الأسماع لابن رجب ص: 3 ، نقلاً عن محقق كتاب تحريم النرد للآجري ص: 197، وانظر: تهذيب التهذيب 7/347.
( 80 ) أخرجه الترمذي في كتاب الفتن ، باب ما جاء في علامة حلول المسخ والخسف ص: 508 برقم : 2212 ، وابن أبي شيبة في المصنف ، كتاب الفتن 15/164 برقم : 19391 ، وابن حزم في المحلى من طريق سعيد بن منصور 7/564 ، وابن أبي الدنيا في ذم الملاهي ص: 23 ، 25 ، وبعد أن تتبع مؤلف كتاب (أحاديث ذم الغناء والمعازف في الميزان) المتابعات والشواهد حكم عليه بأنه حديث حسن لغيره ص: 35 ، كما صححه الألباني في تحريم آلات الطرب ص: 63 .
( 81 ) وقد جمع الأحاديث في هذا الباب الشيخ عبد الله الجديع في كتابه (أحاديث ذم الغناء والمعازف في الميزان) وناقشها وحكم عليها، وللمزيد في ذلك راجعه.
( 82 ) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى ، كتاب الشهادات ، باب ما جاء في ذم الملاهي والمعازف والمزامير ونحوها 10/376 رقم : 21000 ، وابن حزم في المحلى من طريق سعيد بن منصور 7/566 ، وقال الألباني في تحريم آلات الطرب ص: 92: "وهذا إسناد صحيح ..."وقال الجديع في (أحاديث ذم الغناء والمعازف) ص: 151 : "هذا إسناد رجاله ثقات".
( 83 ) سورة المائدة الآية رقم (90) .
( 84 ) الزَّفَن هو الرقص . قال في القاموس 2/ 1581 : "وزَفَنَ يَزْفِنُ : رَقَصَ " .
( 85 ) قال أبو عبيد: قوله المزاهر واحدها مِزهر وهو العود الذي يضرب به، وأما الكنارات: فيقال إنها العيدان أيضاً، ويقال: بل الدفوف. السنن الكبرى 10/ 376.
( 86 ) أخرجه البيهقي 10/ 376 برقم: 21001 ، 21002 ، والآجري في تحريم النرد ص: 199 برقم: 61، وقال الشيخ الجديع في (أحاديث ذم الغناء والمعازف) ص: 153 : إسناده صحيح .
( 87 ) بن عَوْسَجَة بن عامر ، أبو أمية الجُعْفي الكوفي ، ولد عام الفيل ، قال الذهبي : قيل له صحبة ، ولم يصح ، بل أسلم في حياة النبي ، وسمع كتابه إليهم، وشهد اليرموك، وحدَّث عن أبي بكر الصديق وعمر وعثمان وعلي وغيرهم من الصحابة أ.هـ ، توفي سنة : 81 هـ ، وقيل : 82هـ ، مات وهو ابن 125سنة . راجع في ترجمته : سير أعلام النبلاء 4/69 ، شذرات الذهب 1/90.
( 88 ) مصنف ابن أبى شيبة ، كتاب النكاح ، باب من كره الدف 4/ 193 .
( 89 ) أخرجه ابن أبى شيبة ، كتاب النكاح ، باب من كره الدف 4/ 194 ، وفي كتاب الأدب ، باب من كره الدف 9/57 ، وابن حزم في المحلى 7/571 قال : روينا من أصح طريق عن يحيى بن سعيد القطان ، ثم ساقه ، وصحح إسناده الشيخ حمود التويجري (فصل الخطاب ص: 109) .
( 90 ) ابن أبي الدنيا في ذم الملاهي ص:51 .
( 91 ) مجموع فتاوى ابن تيميه 11/ 574 ، وكشف القناع عن حكم الوجد والسماع ص : 93 .
( 92 ) كشف القناع ص: 96 بتصرف يسير .
( 93 ) المرجع السابق ص: 97 بتصرف يسير ، وانظر : الزواجر عن اقتراف الكبائر 2/407 .
( 94 ) أخرجه أبو داود في سننه ، كتاب اللباس ، باب في لبس الشهرة ص: 569 برقم 4031 ، وأحمد 2/339 - 340 ، برقم : 5114 ، 5115 ، وَ 2/ 438 برقم : 5667 ، وابن أبي شيبه في مصنفه 5/313، 322، والحديث صححه الألباني في إرواء الغليل 5/ 109 ، 8/ 49.
( 95 ) سورة الجمعة الآية رقم : (11) .
( 96 ) كتاب السماع لابن طاهر ص: 72 .
( 97 ) حكم ممارسة الفن ص: 167 .
( 98 ) سورة البقرة الآية رقم : 29 .
( 99 ) المحلى 7/559 .
( 100 ) سبق تخريجه.
( 101 ) المحلى 7/570 .
( 102 ) انظر الحديث الثاني من أدلة القول الأول من السنة، وانظر: الكلام على مسألة السماع لابن القيم ص: 411 وما بعدها.
( 103 ) وقعة بُعَاث كانت قبل الهجرة بثلاث سنين، وهو المعتمد. (فتح الباري 2/512).
( 104 ) أخرجه البخاري في كتاب العيدين، باب الحِرَاب والدرق يوم العيد (فتح الباري) 2/510 برقم: 949، ومسلم في كتاب صلاة العيدين، باب الرخصة في اللعب الذي لا معصية فيه في أيام العيد ص: 343 برقم: 892، وسياق الحديث هو كما في مختصر صحيح البخاري للألباني 1/232 برقم: 508، وقد اخترت سياقه؛ لأنه جمع روايات الحديث التي في صحيح البخاري كلها، وفي هذا فائدة لمن أراد استنباط الأحكام من الحديث.
( 105 ) المحلى 7/569 .
( 106 ) مجموع فتاوى ابن تيميه 11/566 .
( 107 ) إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان 1/287 ، والكلام على مسألة السماع ص: 310 .
( 108 ) الحديث سبق تخريجه.
( 109 ) هذه الآثار ذكرها الشوكاني في نيل الأوطار 8/113، وفي إبطال دعوى الإجماع على تحريم مطلق السماع ص: 12 وما بعدها .
( 110 ) المرجعين السابقين .
( 111 ) كف الرعاع ص: 127-132 0
( 112 ) الكلام على مسألة السماع ص: 305 - 306.
( 113 ) المصدر السابق.
( 114 ) فذكر عن القاضي شريح وعن سعيد بن المسيب والشعبي ومالك بن أنس أنه صح عنهم خلاف ذلك. (راجع: تحريم آلات الطرب ص: 100) .
( 115 ) ص: 224 .
( 116 ) المرجع السابق.
( 117 ) كتاب السماع لابن طاهر ص: 63.
( 118 ) قال في لسان العرب 13/32 - 33 : " والمجانة ألا يبالي ما صنع وما قيل له، وقال ابن سيده: الماجن من الرجال الذي لا يبالي بما قال ولا ما قيل له؛ كأنه من غِلَظ الوجه والصلابة".
( 119 ) الزواجر عن اقتراف الكبائر 2/408، وكف الرعاع ص: 126.
( 120 ) ص: 126 ، وانظر : نهاية المحتاج 8/297 .
( 121 ) إحياء علوم الدين 2/391-392 .
( 122 ) كف الرعاع 134 .
( 123 ) الكلام على مسألة السماع ص: 354 - 355 .
( 124 ) المرجع السابق ص: 356 - 357 0
( 125 ) كف الرعاع ص: 125 .
( 126 ) لقد أفردت هذه المسألة "حكم التداوي بسماع أصوات المعازف" ببحث مستقل نشر في موقع المسلم على هذا الرابط: http://almoslim.net/node/115399
( 127 ) المرجع السابق ص: 125-126.
( 128 ) المرجع السابق .
( 129 ) حكم ممارسة الفن ص: 188 ، 189 باختصار .
( 130 ) منها الحديث السادس من أدلة القول الأول.
( 131 ) الفتاوى الكبرى لشيخ الإسلام ابن تيميه 6/40 .
( 132 ) الزواجر عن اقتراف الكبائر 2/407 .
( 133 ) الكلام على مسألة السماع ص: 167-168 .
( 134 ) انظر في ذلك على سبيل المثال: فصل الخطاب في الرد على أبي تراب للشيخ حمود التويجري ص: 114 - 134، فقد ذكر ستاً وعشرين علة على تحريم الغناء وتدخل فيها المعازف، وتحريم آلات الطرب ص: 137-157.