حكم طلاق المسحور في الفقه الإسلامي (2/3)
3 ربيع الثاني 1430
د.عبدالله آل سيف

المبحث الثاني : إطلاقات السحر وحكمه :وفيه مطالب :
المطلب الأول : إطلاقات السحر :
وله عدة إطلاقات :
الأول :
ما لطف ودق ، ومنه سحرت الصبي. أي :خادعته واستملته ، وكل من استمال شيئا فقد سحره ، ومنه قوله تعالى : {بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَّسْحُورُونَ} [الحجر : 15]أي مصروفون عن المعرفة ، ومنه حديث : "إن من البيان لسحرا " أخرجه البخاري عن ابن عمر (1) .
الثاني :
ما يقع بخداع وتخييلات لا حقيقة لها ، نحو ما يفعله المشعوذ من صرف الأبصار عما يتعاطاه بخفة يده ، وإلى ذلك الإشارة بقوله تعالى : {فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى} [طه : 66] .وقوله تعالى : {سَحَرُواْ أَعْيُنَ النَّاسِ} [الأعراف : 116] ، وقد يستعين في ذلك بما يكون فيه خاصية كالحجر الذي يجذب الحديد المسمى المغنطيس .
قال ابن كثير : وقد قال بعض المفسرين : إن سحر السحرة بين يدي فرعون إنما كان من باب الشعوذة.أ.هـ. (2) 
الثالث :
ما يحصل بمعاونة الشياطين بضرب من التقرب إليهم ، وإلى ذلك الإشارة بقوله تعالى : {وَلَكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ} [البقرة : 102].
الرابع :
ما يحصل بمخاطبة الكواكب واستنـزال روحانياتها بزعمهم. (3)

المطلب الثاني : حكم السحر :
السحر محرم بالكتاب والسنة وإجماع الأمة ، وقد استفاضت النصوص بتحريمها ، واتفق على ذلك علماء الأمة قاطبة .
قال النووي رحمه الله : ويحرم فعل السحر بالإجماع ومن اعتقد إباحته فهو كافر.أ.هـ. (4)
وقال ابن تيمية : " السحر " محرم بالكتاب والسنة والإجماع.أ.هـ (5)

المبحث الثالث : الفرق بين طلاق المسحور وما يشتبه به : وفيه مطالب :
المطلب الأول : الفرق بين طلاق المسحور وطلاق المكره :
والفرق بينهما من وجوه :
1.أن المكره (غير الملجأ ) مدرك لما يقول ويعلم أنه مكره على الطلاق وليس باختياره ، بخلاف المسحور فلا يعلم أنه من تصرف الجان به ، وقد يعلم في بعض الحالات.
2.   أن المسحور لو أفاق لايذكر أنه طلق ، أو يذكر لكن يشعر أن هناك من يسيره رغماً عنه.
3.   ويشتركان في أن كلاً منهما طلق بغير طوعه واختياره وقصده.
4.   من حيث السبب فالأول سببه السحر من الشياطين ، والثاني سببه الإكراه من آدمي.
 
المطلب الثاني : الفرق بين طلاق المسحور وطلاق الغضبان :
1.   أن الغضبان غير مكره على الطلاق ، بخلاف المسحور ففيه نوع إجبار وتصرف من الجان.
2.   كما يختلفان في السبب : فالغضبان سببه داخلي من الشخص نفسه ، والمسحور سببه خارجي وإن حلّ في البدن.
3.   ويشتركان في أن كلاً منهما في حال من الإغلاق وعدم الإدراك.

المطلب الثالث : الفرق بين طلاق المسحور وطلاق السكران :
1.أن السكران في حال نقص أهلية في إدراك ما يفعل ؛ ولذا قد يفعل ما يضر بنفسه ، أما المسحور فله أحوال : منها أنه قد يكون كذلك ، ومنها أنه قد يكون سحره فقط في إجباره على فراق الزوجة مع وفور عقله فيما سوى ذلك.
2.   كما يختلفان في السبب : ففي الأول : سببه السكر ، والثاني سببه السحر.
3.   ويشتركان في أن كلاً منهما في حال من الإغلاق وعدم الإدراك وعدم كمال الأهلية المعتبرة شرعاً.

المطلب الرابع:الفرق بين طلاق المسحور وطلاق المجنون والمعتوه:
1.أن الجنون عاهة مزمنة في الغالب تمنع أهلية التصرف مطلقاً ، بخلاف المسحور فلايمنعه السحر من التصرف في غير ما سحر لأجله من البيع والشراء ؛ لعدم تأثير السحر في ذلك.
2.أن الجنون إغلاق كامل دائم ، بخلاف السحر فهو إغلاق محدد في مجال معين في أحوال ، وقد يكون كاملاً في أحوال.
3.   كما يختلفان في سبب نقص الأهلية : ففي الأول : سببه الجنون ، والثاني : سببه السحر.
4.   ويشتركان في نقص الأهلية وعدم كمالها.

المطلب الخامس : الفرق بين طلاق المسحور وطلاق النائم :
1.   أن النائم عارض قصير ، بخلاف السحر فهو أطول مدة.
2.أن النائم فاقد للأهلية بالكلية في حال النوم ، بخلاف المسحور فهو ناقص الأهلية في مجال محدد فقط ، وقد يكون في حالة جنون كامل.
3.   كما يختلفان في السبب : ففي الأول : سببه النوم ، والثاني سببه السحر.
4.   ويشتركان في عدم توفر شرط الأهلية في الطلاق.

المطلب السادس:الفرق بين طلاق المسحور وطلاق المريض نفسياً:
1.    من حيث السبب ، فسبب السحر غير سبب المرض النفسي ، وقد يجتمعان.
2.   ويشتركان في نقص الأهلية وعدم تكامل الإدراك.
3.أن المريض النفسي يؤثر مرضه في كثير من الأمور في حياته ، بخلاف المسحور ففي مجال محدد ، وهو  التعامل مع الزوجة في كثير من الحالات ، وقد يصيب السحر الشخص بمرض نفسي.

المطلب السابع : الفرق بين طلاق المسحور وطلاق المخطئ :
1.   أن المخطئ كامل الأهلية ، بخلاف المسحور فهو ناقص الأهلية في مجال السحر المحدد.
2.   ويختلفان في السبب : ففي المسحور : سببه السحر ، والثاني سببه الخطأ.
3.   ويشتركان في أن كلاً منهما لم يقصد الطلاق ولم يرده وإن تلفظ به.

المبحث الرابع : حكم ثبوت الخيار للمرأة  في حال السحر قبل الدخول وقبل الوطء : وفيه مطالب :
إذا كان المسحور فيه ضعف عن الجماع ، أو به جنون بسبب السحر وتبين قبل الدخول ففي هذه الحال يعتبر من عيوب النكاح في فقه المذاهب الأربعة : الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة ، ويثبت فيه الخيار للمرأة بسبب التغرير.

المطلب الأول: تقرير مذهب الحنفية :
قال ابن عابدين في بيان عيوب النكاح التي يثبت معها الخيار : باب العنين وغيره.. شروع في بيان من به مرض له تعلق :.. من كل من لا يقدر على جماع زوجته كالمجبوب والخصي والمسحور والشيخ الكبير.... لكنه قد يكون ممنوعا عن الإدخال في الفرج لسحر... (أو سحر) قال في البحر : فهو عنين في حق من لايصل إليها ؛ لفوات المقصود في حقها ، فإن السحر عندنا حق : وجوده ، وتصوره ، وتكون أثره كما في المحيط.أ.هـ. (6)
وقال: وأما الطلاق فإن الأصل فيه الحظر , بمعنى أنه محظور إلا لعارض يبيحه ..... ما لو كان خصيا ، أو مجبوبا ، أو عنينا ، أو شكازا ، أو مسحرا .والشكاز : بفتح الشين المعجمة وتشديد الكاف وبالزاي : هو الذي تنتشر آلته للمرأة قبل أن يخالطها ، ثم لا تنتشر آلته بعده لجماعها .والمسحر بفتح الحاء المشددة وهو المسحور , ويسمى المربوط في زماننا.أ.هـ.(7)
وقال : ( قوله : ولو وجدته ) .. عنينا .. هو من لا يصل إلى النساء إلخ .هذا معناه لغة , وأما معناه الشرعي المراد هنا : فهو من لا يقدر على جماع فرج زوجته ، مع قيام الآلة لمرض به كما مر ... لمرض ... أو سحر ) زاد في العناية , أو ضعف في أصل خلقته ، أو غير ذلك...والسنة تشتمل على الفصول الأربعة ... , فإذا مضت ولم يصل عرف أنه بآفة أصلية , وفيه نظر ؛ إذ قد يمتد سنين بآفة معترضة كالمسحور . فالحق أن التفريق : إما بغلبة ظن عدم زواله لزمانته ، أو للآفة الأصلية , ومضي السنة موجب لذلك , أو هو عدم إيفاء حقها , والسنة جعلت غاية في الصبر وإبلاء العذر شرعا , وتمامه في الفتح ...أ.هـ. (8)
وقال ابن نجيم : ( باب العنين وغيره ) . يقال : رجل عنين لا يقدر على إتيان النساء ، أو لا يشتهي النساء ، وامرأة عنينة لا تشتهي الرجال ، والفقهاء يقولون به عنة ... أو منع عنها بالسحر ، والاسم منه العنة ...لأن ذكره يعن بقبل المرأة عن يمين وشمال ، يعترض إذا أراد إيلاجه .كذا في المصباح ، وجمعه عنن .وأما عند الفقهاء فهو من لا يصل إلى النساء مع قيام الآلة لمرض به ...وإن كان يصل إلى الثيب دون البكر ، أو إلى بعض النساء دون بعض لضعف طبيعته ، أو لكبر سنه ، أو سحر فهو عنين في حق من لا يصل إليها ؛ لفوات المقصود في حقها ، فإن السحر عندنا حق : وجوده وتصوره. أ.هـ. (9)
وقال الكمال ابن الهمام : وأيضا مما له حكم العنين المسحور ، ومقتضى السحر مما قد يمتد السنين ، وبمضي السنة يفرق بينهما إذا طلبت ذلك ، مع العلم بعدم الآفة الأصلية لغرض العلم بأنه يصل إلى غيرها من النساء.أ.هـ.(10)
وبمثله قال الزيلعي (11) .

المطلب الثاني : تقرير مذهب المالكية :
قال صاحب الفواكه الدواني من المالكية : ثم شرع في الكلام على بعض ما يختص بالرجل بقوله : ( ويؤجل المعترض سنة ) بعد الصحة من يوم الحكم وإن مرض ، والعبد نصفها . والمعنى : أن الزوج إذا وجدته المرأة معترضا -وهو المسمى عند العامة مربوطا .أي : له آلة ، لكن لا تنتشر عند الوطء : إما بسحر ، أو مرض - , فإنه يضرب له أجل يتحيل فيه على إزالة اعتراضه ، وقدره سنة إن كان الزوج حرا , ونصفها إن كان عبدا , ... . ( فإن وطئ ) الزوج في تلك المدة ...( وإلا ) .. ( فرق بينها ) بطلقة بائنة ...( تنبيهات ) الأول : كلام المصنف في المعترض الذي لم يتقدم منه وطء قبل اعتراضه كما قدمناه , ولا فرق حينئذ بين كون اعتراضه سابقا على العقد ، أو متأخرا عنه , وأما لو وطئها سليما ثم حصل له الاعتراض بعد وطئه فلا خيار للمرأة ; لأنها مصيبة نزلت بها ... اللهم إلا أن تخشى على نفسها الزنا فلها التطليق ؛ لأن للمرأة التطليق بالضرر الثابت ولو بقرائن الأحوال....أهـ.(12)
وقال في التاج والإكليل : القسم الرابع من الكتاب في موجبات الخيار . وأسباب الخيار ثلاثة : العيب والغرور والعتق ..التلقين : العيوب التي تختص بالزوج أربعة عيوب : الخصاء والجب والعنة والاعتراض . فالمجبوب هو المقطوع ذكره وأنثياه. والخصي هو المقطوع أحدهما , والعنين هو الذي له ذكر لا يتأتى الجماع بمثله للطافته وامتناع تأتي إيلاجه , والمعترض هو الذي لا يقدر على الوطء لعارض ، وهو  بصفة من يمكنه , وربما كان بعد وطء قد تقدم منه وربما كان عن امرأة دون أخرى ...من المدونة : من تزوج امرأة بكرا ، أو ثيبا فوطئها مرة ثم حدث له من أمر الله ما منعه من الوطء وعلم أنه لم يترك ذلك ، وهو  يقدر عليه ولا يمين عليه فلا يفرق بينهما أبدا . أبو عمر : وكذلك إذا كبر الرجل وضعف عن الوطء لم يفرق بينه وبين امرأته..أ.هـ. (13)
وفي شرح مياره : والمعترض بصفة المتمكن ولا يقدر ، وربما كان بعد وطء ، وربما كان في امرأة دون أخرى ، وقد يفسر العنين بالمعترض . ( التوضيح ) ويقال للمعترض : المربوط .ويقال إن سببه السحر. وقوله : وقد يفسر العنين بالمعترض. أي : وقد يطلق الأصحاب لفظ العنين ويكون مرادهم به المعترض ...أ.هـ. (14)
كما ذكرها الخرشي في حاشيته من العيوب في الرجل وكذلك صاحب مواهب الجلـيل.(15)
وفي حاشية الجمل قال : ... إذا حكم القاضي عليه بالعنة ، أو منع عنها بالسحر والاسم منه العنة ... وفي المصباح وسمي الرجل عنينا؛ لأن ذكره يعن عن قبل المرأة ليمين وشمال. أي يعترض إذا أراد إيلاجه ، ويسمى عنان اللجام من ذلك ؛ لأنه يعن أي يعترض الفم فلا يلجه .أ.هـ. (16)
وبنحوه قال الدسوقي في حاشيته وصاحب بلغة السالك (17) .

المطلب الثالث : تقرير مذهب الشافعية :
في حاشية الشرواني ورد قولهم : والصرع نوع من الجنون كما قاله بعض العلماء ... أي فيثبت به الخيار .. ينبغي أن منه ، أو في معناه الصرع ويحتمل أن كون أحدهما مسحورا كذلك. أي :كالجنون ويحتمل أن يلحق بالإغماء .أ.هـ. (18)
فقد أثبتوا الخيار في حال العنة ، وهي في معنى الاعتراض ، كما أثبتوا الخيار في حال الجنون ، ولافرق إن كان من المس ، أو غيره (19) .

المطلب الرابع : تقرير مذهب الحنابلة :
والحنابلة مثل الشافعية في إثبات الخيار للمرأة بعيب العنة (بمعنى الاعتراض ) ، أو الجنون (20) .
أما إذا حصل له السحر بعد الزواج وبعد وطء صحيح فلا خيار لها كما سبق ، ومحل البحث حينها في حصول الفراق من قبله بالطلاق.

المبحث الخامس :تقرير دخول الجان في بدن الإنسان : وفيه مطالب :
من عقائد أهل السنة والجماعة دخول الجان في بدن الإنسان ، وقد دل على ذلك الكتاب والسنة ، واتفق عليه علماء أهل السنة ، وشهد به الواقع ، وهو عند أهل الخبرة لايقبل الجدل ؛ ولذا ترى الجان يتكلم بلغة لايعرفها الممسوس كالإنجليزية والفرنسية والهندية وغيرها ، وتفصيل الأدلة كما يلي :
المطلب الأول : من الكتاب :
1.قوله تعالى : }  (274) الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ{.[البقرة :275]. أي إلا قياما كقيام الذي يتخبطه الشيطان ، والخبط الضرب بغير استواء ، كخبط العشواء وهو المصروع ، والمس الجنون ، والأمس المجنون .قاله الشوكاني ثم قال : وفي الآية دليل على فساد قول من قال : إن الصرع لا يكون من جهة الجن ، وزعم أنه من فعل الطبائع ، وقال : إن الآية خارجة على ما كانت العرب تزعمه : من أن الشيطان يصرع الإنسان ، وليس بصحيح. وأن الشيطان لا يسلك في الإنسان ، ولا يكون منه مس ، وقد استعاذ النبي صلى الله عليه وسلم من أن يتخبطه الشيطان كما أخرجه النسائي (21) ، وغيره.أ.هـ. (22) والمراد أنه أصابه جنون بسبب الشيطان ، والمس الجنون.(23)
2.وقد استدل بعضهم بقوله تعالى : } مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ (4) الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (5) } ، ورأوا أن ( في ) تفيد الظرفية ، فالوسوسة تكون من داخل صدور الناس(24) .
3.قوله تعالى :  {وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ (97){.[المؤمنون :97]أي أعتصم بك من نزعات الشياطين التي يصرع بها الرجل. (25) ويتضح هذا مع الحديث الآتي .
المطلب الثاني : من السنة :
1.حديث صفية زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوره في اعتكافه في المسجد في العشر الأواخر من رمضان ، فتحدثت عنده ساعة ، ثم قامت تنقلب فقام النبي صلى الله عليه وسلم معها يقلبها حتى إذا بلغت باب المسجد عند باب أم سلمة مر رجلان من الأنصار ، فسلما على رسول الله صلى الله عليه وسلم .فقال لهما النبي صلى الله عليه وسلم : على رسلكما. إنما هي صفية بنت حيي. فقالا : سبحان الله يا رسول الله ، وكبر عليهما. فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "إن الشيطان يبلغ من الإنسان مبلغ الدم ، وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شيئا ".متفق عليه.وفي لفظ : مجرى الدم.وفي آخر : كمجرى الدم. (26)
قال النووي : قال القاضي وغيره قيل هو على ظاهره ، وأن الله تعالى جعل له قوة وقدرة على الجري في باطن الإنسان مجاري دمه. أ.هـ. (27)
قال ابن تيمية : وقال صلى الله عليه وسلم : "الصوم جنة" (28) .وقال :" إن الشيطان يجري من بن آدم مجرى الدم (29)  فضيقوا مجاريه بالجوع بالصوم" (30) . أ.هـ.(31)
وقال :... ولا ريب أن الدم يتولد من الطعام والشراب وإذا أكل ، أو شرب اتسعت مجاري الشياطين ; ولهذا قال : " فضيقوا مجاريه بالجوع " (32) .وبعضهم يذكر هذا اللفظ مرفوعا . ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : " إذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب النار وصفدت الشياطين " (33) فإن مجاري الشياطين -الذي هو الدم -ضاقت ، وإذا ضاقت انبعثت القلوب إلى فعل الخيرات التي بها تفتح أبواب الجنة ، وإلى ترك المنكرات التي بها تفتح أبواب النار ، وصفدت الشياطين ، فضعفت قوتهم وعملهم بتصفيدهم فلم يستطيعوا أن يفعلوا في شهر رمضان ما كانوا يفعلونه في غيره .ولم يقل إنهم قتلوا ولا ماتوا، بل قال : " صفدت " والمصفد من الشياطين قد يؤذي ، لكن هذا أقل وأضعف مما يكون في غير رمضان ، فهو بحسب كمال الصوم ونقصه ، فمن كان صومه كاملا دفع الشيطان دفعا لا يدفعه دفع الصوم الناقص ، فهذه المناسبة ظاهرة في منع الصائم من الأكل والشرب .والحكم ثابت على وفقه ، وكلام الشارع قد دل على اعتبار هذا الوصف ، وتأثيره وهذا المنع منتف في الحقنة والكحل وغير ذلك.أ.هـ. (34)
قال ابن تيمية : وهذا بخلاف ما تواتر عند الخاصة من أهل العلم كأحاديث الرؤية وعذاب القبر وفتنته ، وأحاديث الشفاعة والصراط والحوض ، فهذا قد ينكره بعض من لم يعرفه من أهل الجهل والضلال ; ولهذا أنكر طائفة من المعتزلة كالجبائي وأبي بكر وغيرهما دخول الجن في بدن المصروع ، ولم ينكروا وجود الجن ؛ إذ لم يكن ظهور هذا في المنقول عن الرسول كظهور هذا ، وإن كانوا مخطئين في ذلك . ولهذا ذكر الأشعري في مقالات أهل السنة والجماعة أنهم يقولون : إن الجني يدخل في بدن المصروع كما قــال تعالى : }  (274) الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ{.[البقرة :275]. وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل : قلت لأبي : إن قوما يزعمون أن الجني لا يدخل في بدن الإنسي . فقال : يا بني ، يكذبون هو ذا يتكلم على لسانه . وهذا مبسوط في موضعه. أ.هـ. (35)
وسئل رحمه الله هل الشرع المطهر ينكر ما تفعله الشياطين الجانة من مسها وتخبيطها وجولان بوارقها على بني آدم واعتراضها ؟ فهل لذلك معالجة بالمخرقات والأحراز والعزائم والأقسام والرقى والتعوذات والتمائم ؟ وأن بعض الناس قال : لا يحكم عليهم ; لأن الجن يرجعون إلى الحقائق عند عامرة الأجساد بالبوار ، وأن هذه الخواتم المتخذة مع كل إنسان من سرياني وعبراني وعجمي وعربي ليس لها برهان ، وأنها من مختلق الأقاويل وخرافات الأباطيل وأنه ليس لأحد من بني آدم من القوة ، ولا من القبض بحيث يفعل ما ذكرنا من متولي هذا الشأن على ممر الدهور والأوقات؟
فأجاب : الحمد لله , وجود الجن ثابت بكتاب الله وسنة رسوله واتفاق سلف الأمة وأئمتها . وكذلك دخول الجني في بدن الإنسان ثابت باتفاق أئمة أهل السنة والجماعة .قال الله تعالى : }  (274) الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ{.[البقرة :275]. وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم :  إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم " (36) . وقال عبد الله بن الإمام أحمد بن حنبل : قلت لأبي : إن أقواما يقولون : إن الجني لا يدخل في بدن المصروع فقال : يا بني يكذبون هذا يتكلم على لسانه . وهذا الذي قاله أمر مشهور ، فإنه يصرع الرجل فيتكلم بلسان لا يعرف معناه (37) ،ويضرب على بدنه ضربا عظيما لو ضرب به جمل لأثر به أثرا عظيما . والمصروع مع هذا لا يحس بالضرب ، ولا بالكلام الذي يقوله ، وقد يجر المصروع وغير المصروع ، ويجر البساط الذي يجلس عليه ، ويحول آلات ، وينقل من مكان إلى مكان ، ويجري غير ذلك من الأمور من شاهدها أفادته علما ضروريا بأن الناطق على لسان الإنسي والمحرك لهذه الأجسام جنس آخر غير الإنسان . وليس في أئمة المسلمين من ينكر دخول الجني في بدن المصروع وغيره ، ومن أنكر ذلك وادعى أن الشرع يكذب ذلك ، فقد كذب على الشرع ، وليس في الأدلة الشرعية ما ينفي ذلك.أ.هـ (38) .
وقال : ولهذا إذا قرأها الإنسان عند الأحوال الشيطانية بصدق أبطلتها مثل : من يدخل النار بحال شيطاني ، أو يحضر سماع المكاء والتصدية فتنزل عليه الشياطين ، وتتكلم على لسانه كلاما لا يعلم وربما لا يفقه. وربما كاشف بعض الحاضرين بما في قلبه ، وربما تكلم بألسنة مختلفة كما يتكلم الجني على لسان المصروع ، والإنسان الذي حصل له الحال لا يدري بذلك، بمنزلة المصروع الذي يتخبطه الشيطان من المس ولبسه وتكلم على لسانه ، فإذا أفاق لم يشعر بشيء مما قال .ولهذا قد يضرب المصروع ، وذلك الضرب لا يؤثر في الإنسي ، ويخبر إذا أفاق أنه لم يشعر بشيء ؛ لأن الضرب كان على الجني الذي لبسه.أ.هـ. (39) 
وقال : النوع الثاني : وهم أعظم : عندهم أحوال شيطانية تعتريهم عند السماع الشيطاني فتنزل الشياطين عليهم ، كما تدخل في بدن المصروع ، ويزيد أحدهم كما يزيد المصروع ، وحينئذ يباشر النار والحيات والعقارب ، ويكون الشيطان هو الذي يفعل ذلك ، كما يفعل ذلك من تقترن بهم الشياطين من إخوانهم الذين هم شر الخلق عند الناس من الطائفة التي تطلبهم الناس لعلاج المصروع ، وهم من شر الخلق عند الناس ، فإذا طلبوا تحلوا بحلية المقاتلة ، ويدخل فيهم الجن فيحارب مثل الجن الداخل في المصروع ، ويسمع الناس أصواتا ، ويرون حجارة يرمى بها ، ولا يرون من يفعل ذلك ، ويرى الإنسي واقفا على رأس الرمح الطويل . وإنما الواقف هو الشيطان ويري الناس نارا تحمى . ويضع فيها الفؤوس والمساحي ، ثم إن الإنسي يلحسها بلسانه ، وإنما يفعل ذلك الشيطان الذي دخل فيه ، ويرى الناس هؤلاء يباشرون الحيات والأفاعي وغير ذلك .أ.هـ (40)

الفصل الأول : القواعد والأصول المؤثرة في طلاق المسحور :
المبحث الأول : قاعدة النيات وأثرها في الطلاق : وفيه مطالب :

المطلب الأول : أنواع النية في الطلاق : وفيه مسائل :
المسألة الأولى :
نية اللفظ دون المعنى والأثر ، ومن أمثلته : طلاق الهازل ، وطلاق المخطئ –من وجه-وطلاق المكره إن لم ينو المعنى ، وهؤلاء لايقع طلاقهم دون الهازل فيقع كما سبق تفصيله.
المسألة الثانية :
نية اللفظ والمعنى في حال إغلاق من مكلف ، ومن أمثلته : طلاق الغضبان والمدهوش والسكران –من وجه-وهؤلاء لايقع طلاقهم على الراجح على تفصيل سبق بيانه.
المسألة الثالثة :
نية اللفظ والمعنى من غير مكلف ، ومن أمثلته : المجنون والمعتوه والمغمى عليه والنائم والصبي ، وهؤلاء لايقع طلاقهم بالإجماع فيما دون الصبي ، وكذلك لايقع عند الجمهور من الصبي كما سبق بيانه.
المسألة الرابعة :
 نية اللفظ والمعنى من مكلف ، ومن أمثلته : طلاق المكلف العاقل الخالي من عوارض الأهلية ، وطلاق المريض ، وطلاق السفيه ، وهؤلاء يقع طلاقهم كما سبق.
المسألة الخامسة :
نية اللفظ والمعنى من غير زوج ، ومن أمثلته :طلاق الزوجة لنفسها ، وطلاق الأب لزوجة الابن – في غير حال الصغر – وطلاق مدعي الوكالة في الطلاق من غير بينة ، وهؤلاء لايقع طلاقهم ؛ لأنه من غير زوج.
 
المطلب الثاني : تأثير شرط القصد والاختيار في طلاق المسحور:
من شروط صحة الطلاق وجود القصد والنية والاختيار ، والمراد به : قصد لفظ الطلاق والرغبة في إبانة الزوجة باللفظ المحدد طوعاً واختياراً بدون إجبار أو إكراه ، مع إدراك لدلالات هذا اللفظ وآثاره ، وبناء على هذا الشرط فلايقع طلاق المخطئ لقوله صلى الله عليه وسلم : "إنما الأعمال بالنيات ". متفق عليه (41) .لأنه لم يصدر منه نية ، لعدم وجود القصد ، وكذلك المكره لعدم وجود الاختيار ، وكان الطرد أن لايقع طلاق الهازل لولا وجود النص الخاص به والمانع من التلاعب بالطلاق والذي قصد به حماية عقد النكاح من التلاعب به ، وهو قوله صلى الله عليه وسلم : " ثلاث جدهن جد".(42) ، ويقع طلاق السفيه والمريض لوجود القصد والاختيار منهم.
وعند تطبيق هذا الشرط على بعض حالات المسحور يلحظ عدم وجود القصد والنية ، بدليل أنه لايذكر أنه طلق بعد الطلاق ، وأنه ينكر أن يكون طلق بطوعه واختياره ، وقد أكرهته الروح الماسَّة على الطلاق ؛ بحكم تحكمها في مركز المخ والأعصاب ، كما قال صلى الله عليه وسلم : " إن الشيطان  يجري من ابن آدم مجرى الدم". (43)
وكما قال تعالى : }  إلا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ{.[البقرة :275].، وهذا التخبط من الشيطان يجعل المرأة الصالحة تتصرف تصرفات غريبة مثل التكشف وغيره، مما يدل على قوة تأثيره ، كما في حديث ابن عباس قال "  أن امرأة سوداء أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : إني امرأة أصرع , وإني أتكشف فادع الله لي . فقال : إن شئت صبرت ولك الجنة وإن شئت دعوت الله أن يعافيك , فقالت : أصبر. " متفق عليه (44) .فإذا كان يدفع هذه الصحابية للتكشف قبل الدعوة فلأن يدفع الرجل للطلاق من حيث لايشعر أولى بالإمكان وأحرى بالوقوع.

المبحث الثاني : قاعدة الأصل بقاء عصمة النكاح :
قاعدة الأصل بقاء عصمة النكاح ولايخرج عنها إلا بيقين من القواعد المهمة والتي هي في حقيقتها ترجع إلى قاعدة أكبر منها وهي : قاعدة الاستصحاب وقاعدة اليقين لايزول بالشك.
وهذه قاعدة مقررة عند الحنابلة وغيرهم : قال المرداوي :والثاني القول قوله ؛ لأن الأصل بقاء النكاح صححه في التصحيح وتصحيح المحرر ... أ.هـ وقال في موضع آخر : والأصل بقاء النكاح. أ.هـ (45) ، وكذلك نص عليها ابن قدامة في الكافي (46) ، وابن مفلح (47) ، وابن رجب (48) ، وصاحب المبدع وغيرهما. (49)
وقال ابن تيمية : لا ريب أن الأصل بقاء النكاح ، ولا يقوم دليل شرعي على زواله بالطلاق المحرم ; بل النصوص والأصول تقتضي خلاف ذلك . والله أعلم . (50)
وقد وجدتها عند الحنفية (51) ، الشافعية (52) ، وقد أشار لها القرافي من المالكــية (53) .
قال ابن القيم رحمه الله : وليس مع المدعى عليه من شواهد صدقه ما مع الزوج من بقاء عصمة النكاح , وإنما معه مجرد براءة الذمة. أ.هـ . (54)
قال الشنقيطي رحمه الله : النوع الثاني : استصحاب الوصف المثبت للحكم حتى يثبت خلافه كاستصحاب بقاء النكاح ، وبقاء الملك ، وبقاء شغل الذمة حتى يثبت خلافـه.أ.هـ. (55)
ومما لاشك فيه أن ما قبل لفظ الطلاق المشكوك في اعتباره كان هناك نكاح صحيح شرعي ثابت بيقين ، فلا ينتقل عنه إلا بيقين ، يؤيد ذلك أن تشوف الشارع للنكاح وبقائه أعظم من تشوفه للطلاق وحَلِّ عقد النكاح ؛ ولذا جعله مكروها ، وبين أنه أبغض الحلال إلى الله .
قال العلامة ابن القيم : وقيل حكمته : أنه نهى عن الطلاق في الطهر ؛ ليطول مقامه معها ، ولعله تدعوه نفسه إلى وطئها ، وذهاب ما في نفسه من الكراهة لها ، فيكون ذلك حرصا على ارتفاع الطلاق البغيض إلى الله ، المحبوب إلى الشيطان ، وحضا على بقاء النكاح ودوام المودة والرحمة. والله أعلم .أ.هـ .(56)
وقال القرافي : أن قاعدة الشرع : أن الشيء إذا عظم قدره شدد فيه وكثرت شروطه وبالغ إبعاده إلا لسبب قوي ؛ تعظيما لشأنه ، ورفعا لقدره ، وهو شأن الملوك في العوائد ، ولذلك إن المرأة النفيسة في مالها وجمالها ودينها ونسبها لا يوصل إليها إلا بالمهر الكثير والتوسل العظيم ، وكذلك المناصب الجليلة والرتب العلية في العادة.فكذلك النكاح عظيم الخطر ، جليل المقدار ؛ لأنه سبب بقاء النوع الإنساني المكرم المفضل على جميع المخلوقات ، وسبب العفاف الحاسم لمادة الفساد واختلاط الأنساب ، وسبب المودة والمواصلة والسكون وغير ذلك من المصالح ؛ فلذلك شدد الشرع فيه فاشترط الصداق والشهادة والولي وخصوص الألفاظ دون البيع.أ.هـ. (57)
وقد ذكر ابن القيم رحمه الله أن استدامة النكاح واجبة في بعض الأحوال كما في حال الطلاق في الحيض ، فإن الرجعة واجبة عند بعض العلماء ؛ لوجوب الاستدامة ، حيث قال رحمه الله : وأحمد في الرواية الأخرى : الرجعة واجبة الأمر بها ؛ ولأن الطلاق لما كان محرما في هذا الزمن كان بقاء النكاح واستدامته فيه واجبا ، وبهذا يبطل قولهم : إذا لم يجب ابتداء النكاح لم تجب استدامته، فإن الاستدامة ها هنا واجبة لأجل الوقت، فإنه لا يجـوز فيه الطـلاق.أ.هـ.(58)

المبحث الثالث : قاعدة جلب المصالح ودرء المفاسد  :
وهذه القاعدة : "درء المفاسد " إحدى القواعد المهمة والكبيرة وذات المسائل الكثيرة في الشريعة ، وهي إحدى مصادر الاستدلال في المسائل الفقهية ، وبيان علاقة موضوعنا بالقاعدة يتضح من خلال وجه المفاسد والضرر اللاحق للقضية محل البحث وهي إيقاع الطلاق من المسحور ، وبيانها من ثلاثة أوجه :
1.   الضرر على الزوج المسحور المطلق ، حيث يُلْزَم بطلاق صدر منه من غير إرادة ولا اختيار ، فيحرم من أهله ، ويفرق شمله، وكان يكفيه ما هو فيه من البلاء والمرض والسحر.
2.الضرر على الزوجة التي يفرق شملها ، ويهدم بيتها من غير سبب منها ، ولامن زوجها ، وإنما بفعل ساحر تقر عينه بهذا ، ويتحقق مقصوده بذلك ، ويفرح بذلك الشيطان.
3.الضرر على الأولاد الذين لاذنب لهم ، حين يفرق شمل والديهم ، وتتشتت أسرتهم ، مما يهدد مستقبلهم ويعرضه للضياع.
ومثل هذه الجوانب الثلاثة من الضرر والمفاسد لابد من مراعاتها في الحكم على طلاق المسحور ، والشريعة جاءت بتكميل المصالح وتحصيلها ودفع المفاسد وتقليلها.
قال ابن تيمية رحمه الله : ...في أن الشريعة جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها وتعطيل المفاسد وتقليلها ، وأنها ترجح خير الخيرين وشر الشرين ، وتحصيل أعظم المصلحتين بتفويت أدناهما ، وتدفع أعظم المفسدتين باحتمال أدناهما.أ.هـ.(59)
وقال : إن الشريعة جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها وتعطيل المفاسد وتقليلها بحسب الإمكان.ومطلوبها ترجيح خير الخيرين إذا لم يمكن أن يجتمعا جميعا ، ودفع شر الشرين إذا لم يندفعا جميعا.أ.هـ.(60)
وقال : والشارع يعتبر المفاسد والمصالح ، فإذا اجتمعا قدم المصلحة الراجحة على المفسدة المرجوحة ; ولهذا أباح في الجهاد الواجب ما لم يبحه في غيره ، حتى أباح رمي العدو بالمنجنيق وإن أفضى ذلك إلى قتل النساء والصبيان، وتعمد ذلك يحرم. ونظائر ذلك كثيرة في الشريعة .أ.هـ. (61)
وقال : جماع ذلك داخل في " القاعدة العامة " : فيما إذا تعارضت المصالح والمفاسد والحسنات والسيئات ، أو تزاحمت ; فإنه يجب ترجيح الراجح منها فيما إذا ازدحمت المصالح والمفاسد ، وتعارضت المصالح والمفاسد.فإن الأمر والنهي وإن كان متضمنا لتحصيل مصلحة ودفع مفسدة فينظر في المعارض له ، فإن كان الذي يفوت من المصالح ، أو يحصل من المفاسد أكثر لم يكن مأمورا به ; بل يكون محرما إذا كانت مفسدته أكثر من مصلحته ; لكن اعتبار مقادير المصالح والمفاسد هو بميزان الشريعة.أ.هـ. (62)
وإذا دار الحكم بين أمرين واشتبه على الفقيه فليعلم أن الشريعة مع الحكم الذي يجلب المصلحة ويدرأ المفسدة ، هذا فيما ليس فيه نص صريح ، والورع في الفتوى هو مقتضى ما ذكر ، وفي هذا يقول ابن تيمية : إذ الشريعة مبناها على تحصيل المصالح وتكميلها وتعطيل المفاسد وتقليلها . والورع ترجيح خير الخيرين بتفويت أدناهما ودفع شر الشرين وإن حصل أدناهما . أ.هـ. (63)

المبحث الرابع : قاعدة :لاطلاق في إغلاق :
وهذه القاعدة العظيمة مستخرجة من حديث نبوي كريم ، فقد روت عائشة رضي الله عنها قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : "لاطلاق ولا عتاق في إغلاق". أخرجه الإمام أحمد (64) ، أبوداود (65) ، وابن ماجه (66) ، والحاكم (67) ، والبيهقي (68) ، وابن أبي شيبة (69) ، والدارقطني (70) ، وأبو يعلى (71) ، وصححه الحاكم على شرط مسلم (72) ، ولم يوافقه الذهبي لوجود رجل ضعيف في سنده (73) ، وحسنه الألباني بمجموع طرقه (74) .
وفي معناه ما روى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " كل الطلاق جائز إلا طلاق المعتوه المغلوب على عقله".أخرجه الترمذي (75) ، وفي سنده ضعف ، وصحح الألباني بعض طرقه.(76)
 والعته نوع من إغلاق العقل وحجب القوة المدركة.
وفي معناه حديث علي عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : رفع القلم عن ثلاثة عن النائم حتى يستيقظ ، وعن الصبي حتى يحتلم ، وعن المجنون حتى يعقل.أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه والحاكم (77)  قال الترمذي :حسن. وقال الحاكم : صحيح على شرط الشيخين ، وصححه ابن حبان (78)  ، وأخرجه البخاري موقوفا معلقا بصيغة جزم ، (79). وصححه الألباني (80) .
فدل الحديث أن مناط التكليف الإدراك والعقل ، وما ذكر ليس بحاصر ؛ بدليل الأدلة الأخرى.
وفي معناه  حديث : ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" تجاوز الله عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه".أخرجه الحاكم على شرط الشيخين (81) ، وابن حبان في صحيحه (82) ، والدارقطني (83) ، وحسنه النووي (84) ، وقال ابن كثير : إسناده جيد وضعفه أبو حاتم (85) .
وأخرجه ابن ماجه عن أبي ذر الغفاري (86) .والبيهقي عن ابن عمر (87)  بلفظ (وضع عن أمتي) (88) .
وقد بوب البخاري رحمه الله (باب الخطأ والنسيان في العتاقة والطلاق ونحوه) .
قال ابن حجر في وجه المناسبة للترجمة : ومن هنا تظهر مناسبة هذا الحديث للترجمة ؛ لأن الوسوسة لا اعتبار لها عند عدم التوطن ، فكذلك المخطئ والناسي لا توطن لهما ، ... وأجاب الكرماني بأنه أشار إلى إلحاق النسيان بالوسوسة ، فكما أنه لا اعتبار للوسوسة ؛ لأنها لا تستقر ، فكذلك الخطأ والنسيان ، لا استقرار لكل منهما ، ويحتمل أن يقال : إن شغل البال بحديث النفس ينشأ عنه الخطأ والنسيان ، ومن ثم رتب على من لا يحدث نفسه في الصلاة ما سبق في حديث عثمان في كتاب الطهارة من الغفران .أ.هـ. (89) 
قال ابن حجر : وهو حديث جليل قال بعض العلماء : ينبغي أن يعد نصف الإسلام؛ لأن الفعل : إما عن قصد واختيار ، أو لا. الثاني ما يقع عن خطأ ، أو نسيان ، أو إكراه فهذا القسم معفو عنه باتفاق ، وإنما اختلف العلماء هل المعفو عنه الإثم ، أو الحكم ، أو هما معا ؟ وظاهر الحديث الأخير،  وما خرج عنه كالقتل فله دليل منفصل. (90)
وعلى هذا تدل الأحاديث السابقة وما في معناها من الأحاديث من أن الأحكام لاتنفذ مع وجود عوارض للأهلية ، والمسحور أولى بالعفو من الناسي والمخطئ ؛ لأنه غير مكلف في حال طلاقه ، ومغلق على عقله .
أقوال العلماء في تفسير الإغلاق :
القول الأول : أنه الإكراه ، وهو قول علماء الحجاز.
القول الثاني : أنه الغضب ، وهو قول أهل العراق.
القول الثالث : أنه جمع الثلاث بكلمة واحدة.
القول الرابع : أنه الجنون .
القول الخامس : أن الغلق يتناول كل من انغلق عليه طريق قصده وتصوره ، كالسكران والمجنون والمبرسم والمكره والغضبان ، وغيرهم ، ورجحه ابن القيم ، وعليه يحمل كلام المتقدمين ممن فسره بأحد أنواعه ، وأنهم لم يريدوا الحصر، وإنما أجابوا بحسب السؤال الوارد لهم (91) .
قال ابن القيم : التحقيق أن الغلق يتناول كل من انغلق عليه طريق قصده وتصوره كالسكران والمجنون والمبرسم والمكره والغضبان , فحال هؤلاء كلهم حال إغلاق , والطلاق إنما يكون عن وطر ; فيكون عن قصد المطلق وتصور لما يقصده , فإن تخلف أحدهما لم يقع طلاق , وقد نص مالك والإمام أحمد في إحدى الروايتين عنه فيمن قال لامرأته " : أنت طالق ثلاثا " ثم قال : أردت أن أقول إن كلمت فلانا , أو خرجت من بيتي بغير إذني , ثم بدا لي فتركت اليمين , ولم أرد التنجيز في الحال , أنه لا تطلق عليه , وهذا هو الفقه بعينه ; لأنه لم يرد التنجيز , ولم يتم اليمين . وكذلك لو أراد أن يقول " أنت طاهر " فسبق لسانه فقال : " أنت طالق " لم يقع طلاقه , لا في الحكم الظاهر , ولا فيما بينه وبين الله تعالى , نص عليه الإمام أحمد في إحدى الروايتين.أ.هـ. (92)
 --------------------------------------------------------------------------------

(1) صحيح البخاري : (9/201) ، كتاب النكاح (67) باب الخطبة (47) حديث رقم (5146) ، وأخرجه مسلم عن عمار : (2/594).
(2) تفسير ابن كثير : (1/147).
(3) انظر : فتح الباري : (10/222 ) ، عمدة القاري : (21/279).
(4) روضة الطالبين : (9/346).
(5) مجموع الفتاوى : ( 35/170).
(6) حاشية ابن عابدين : (3/494).
(7) حاشية ابن عابدين : (3/228).
(8) حاشية ابن عابدين : (3/497).
(9) البحر الرائق : (4/133).
(10) فتح القدير : (4/299).
(11) انظر : تبيين الحقائق : (3/22).
(12) الفواكه الدواني : (2/40).
(13) التاج والإكليل : (3/147).
(14) شرح مياره : (1/201).
(15) انظر : حاشية الخرشي : ( 3/206 ) ، ومواهب الجليل : (3 /486).
(16) الجمل شرح المنهج : (3/394).
(17) انظر : حاشية الدسوقي : (2/277-281 ) ، بلغة السالك : (2/307).
(18) حواشي الشرواني : (7/345).
(19) انظر : تحفة المحتاج : (7/346) ، مغني المحتاج : (4/341) ، حاشية الجمل : (4/214).
(20) انظر : الفروع : (5/228) ، الإنصاف : (8/178) ، دقائق أولي النهى : (2/676) ، كشاف القناع : (5/106) ، مطالب أولي النهى : (5/141).
(21) سنن النسائي : (4/443) ، كتاب الدعاء والتكبير ، رقم (7863) .وصححه الحاكم : (2/713).
(22) فتح القدير : (1/295).
(23) وانظر : زاد المسير : (1/330 ) ، تفسير ابن كثير : (1/327 ) ، التسهيل لعلوم التنزيل : (1/94 ) ، الدر المنثور : (2/104) ، تفسير السعدي : (1/117) ، تفسير الثعالبي : (2/282).
(24) قال الشنقيطي رحمه الله : وحاصل ما ذكره في الجمع بينهما أحد أمرين : إما أن حروف الجر ينوب بعضها عن بعض وذكر شواهده ، وإما أن يكون وسوس .أي لأجله ووسوس إليه -أي أنهى إليه الوسوسة -.ولكن هنا قال : ( فِى صُدُورِ النَّاسِ ) ولم يقل إلى صدور الناس .فهل هو من باب نيابة حروف الجر بعضها عن بعض أيضاً ؟ أم هي ظرف محض ؟ والظاهر : أنها ظرف .ولكن هل من الظرف للوسواس أو ظرف للوسوسة نفسها ؟ وبالنظر إلى كلام المفسرين فإن كلام ابن جرير يحتمل اعتبار المعنيين بدون تعيين .وأما القرطبي والألوسي فصرحا بما ظهر لهما ووصلا إليه .فقال القرطبي : قال مقاتل : إن الشيطان في صورة خنزير يجري من مجرى الدم في العروق ، سلطه الله على ذلك .وذكر الحديث : إن الشيطان ليجري من ابن آدم مجرى الدم فضيقوا مجاريه .وقال إن أبا ثعلبة الخشني قال : سألت ربي أن يريني الشيطان ومكانه من ابن آدم .فرأيته : يداه في يديه ، ورجلاه في رجليه ، ومشاعيه في جسده ، غير أن له خطماً كخطم الكلب ، فإذا ذكر الله خنس ، وإذا سكت عن ذكر الله أخذ بقلبه .أما الألوسي فقد صرح بالتقسيم الذي أوردناه فقال : الذي يوسوس في صدور الناس : قيل : أريد قلوبهم مجازاً .وقال بعضهم : إن الشيطان يدخل الصدر الذي هو بمنزلة الدهليز ، فيلقي منه ما يريد إلقاءه إلى القلب ، ويوصله إليه ، ولا مانع عقلاً من دخوله في جوف إنسان .وساق الحديث أيضاً : "إن الشيطان يجري إلى آخره..".انظر : أضواء البيان : (9/179).
(25) انظر: زاد المسير: (5/489).
(26) صحيح البخاري : (4/280) ، كتاب الاعتكاف (33) ، باب (8) حديث رقم (2035) ، صحيح مسلم : (4/1712) ، كتاب السلام (39) ، باب بيان أنه يستحب لمن رئي خالياً بامرأة ..(9) ، رقم (2175).
(27) شرح النووي على صحيح مسلم : (14/157).
(28) أخرجه البخاري : (4/104) ، كتاب الصوم (30) ، باب فضل الصوم (2) ، حديث رقم (1894).
(29) سبق تخريجه.
(30) زيادة على لفظ الصحيحين ، وهو مدرج من كلام بعضهم ، ولايصح مرفوعا.انظر : كشف الخفاء : (1/256).
(31) مجموع الفتاوى : (25/245).
(32) سبق تخريجه.
(33) متفق عليه عن أبي هريرة : صحيح البخاري : (4/112) ، كتاب الصوم (30) باب (5) حديث رقم (1899) ، صحيح مسلم : (2/758) ، كتاب الصيام (13) ، باب (13) حديث رقم (1079) .
(34) مجموع الفتاوى : (25/246).
(35) مجموع الفتاوى : (19/9-12).
(36) سبق تخريجه .
(37) يعني من اللغات الأجنبية الأخرى التي لايتكلم بها أصلاً ، وقد وقفت على مثل ذلك، حيث سمعت جاناً يتكلم بالهندية.
(38) مجموع الفتاوى : (24/276) ، وانظر : مختصر الفتاوى المصرية : (1/584).
(39) مجموع الفتاوى : (11/286).
(40) مجموع الفتاوى : (11/611).
(41) صحيح البخاري : (1/8) ، كتاب بدء الوحي (1) ، باب (1) حديث رقم (1) ، صحيح مسلم : (3/1515) ، كتاب الإمارة (33) باب (45) حديث رقم (1907).
(42) سنن أبي داود : (2/259) ، كتاب الطلاق ، باب في الطلاق على هزل ، حديث رقم (2194) ، سنن ابن ماجه : (1/656) كتاب الطلاق (10) باب (9) حديث رقم (2033) ، سنن الترمذي : (3/490) ، كتاب الطلاق ، باب (9) حديث رقم (1184) ، وقال : حسن غريب .وصححه الحاكم في المستدرك : (2/216).
(43) سبق تخريجه.
(44) صحيح البخاري : (10/115) ، كتاب المرضى (75) باب (6) حديث رقم (5652) ، صحيح مسلم : (4/1994) ، كتاب البر (45) ، باب (14) حديث رقم (2576).
(45) الإنصاف للمرداوي : (8/212) ، (9/ 7، 76، 141) ، تصحيح الفروع : (5/186).
(46) انظر : (3/82، 199، 253).
(47) انظر : الآداب الشرعية : (1/28).
(48) انظر : القواعد : (123، 338، 348).
(49) انظر : المبدع : (6/240) ، (7/118، 340، 341، 343) ، (8/29) ، وانظر : شرح الزركشي : (5/454) ، دقائق أولي النهى : (2/686) ، (3/106) ، كشاف القناع : (5/121).
(50) انظر : الفتاوى الكبرى : (3/264) ، وانظر :مجموع الفتاوى : (33/101).
(51) انظر : الجوهرة النيرة : (2/41) ، غمز عيون البصائر : (1/315).
(52) انظر : المجموع : (6/466) ، روضة الطالبين : (7/194) ، المنثور في القواعد : (1/321، 332) ، (2/23، 80، 261، 285) ، الأشباه والنظائر للسيوطي : (23، 52، 65، 69، 274، 303) ، أسنى المطالب : (2/311) ، (3/174، 184) ، شرح البهجة : (4/168) ، حاشية قليوبي وعميرة : (3/298) ، فتاوى الرملي : (3/227) ، تحفة المحتاج : (8/18) ، مغني المحتاج : (4/462) ، نهاية المحتاج : (6/434).
(53) انظر : الفروق : (3/144).
(54) إعلام الموقعين : (1/89).
(55) أضواء البيان : (4/217).
(56) حاشية ابن القيم على السنن  : (6/176).
(57) الفروق : (3/181).
(58) حاشية ابن القيم : (6/172).
(59) مجموع الفتاوى : (23/343).
(60) مجموع الفتاوى : (20/49).
(61) مجموع الفتاوى : (24/270).
(62) مجموع الفتاوى : (28/127).
(63) مجموع الفتاوى : (30/194).
(64) انظر : المسند : (6/276).
(65) انظر : سنن أبي داود : (2/258).
(66) انظر : سنن ابن ماجه : (1/660) ، كتاب الطلاق ، باب طلاق المكره والناسي ، حديث رقم (2046).
(67) انظر : المستدرك : (2/216).
(68) انظر : سنن البيهقي الكبرى : (7/357) ، (10/61) .
(69) انظر : المصنف لابن أبي شيبة : (8/39) باب طلاق المكره.
(70) انظر : سنن الدراقطني : (4/36).
(71) انظر : مسند أبي يعلى : (7/421) ، (8/52).
(72) انظر : المستدرك : (2/216).
(73) انظر : فيض القدير : (6/433).
(74) انظر : إرواء الغليل : (7/113-114).
(75) انظر : سنن الترمذي : (3/496) ، باب طلاق المعتوه ، حديث رقم (1191).
(76) انظر : إرواء الغليل : (7/111).
(77) انظر : مسند أحمد : (1/116 ) ، سنن أبي داود : (4/140) باب القطع في العارية إذا جحدت ، حديث رقم (4399) ، سنن ابن ماجه : (1/659) ، كتاب الطلاق (10) باب (15) حديث رقم (2042) ، سنن الترمذي : (4/32) ، كتاب الحدود (5) حديث رقم (1423) ، المستدرك : (1/389).
(78) انظر : صحيح ابن حبان : (1/356) .
(79) صحيح البخاري : (9/393) ، كتاب النكاح (68) باب (11) .
(80) انظر : إرواء الغليل : (2/4-5).
(81) انظر : المستدرك على الصحيحين : (2/216).
(82) صحيح ابن حبان : (16/202).
(83) سنن الدارقطني : (4/170 ، قال ابن حجر : فتح الباري : (5/161ورجاله ثقات الا أنه أعل بعلة غير قادحة فإنه من رواية الوليد عن الأوزاعي عن عطاء عنه وقد رواه بشر بن بكر عن الأوزاعي فزاد عبيد بن عمير بين عطاء وبن عباس أخرجه الدارقطني والحاكم والطبراني ، وهو حديث جليل قال بعض العلماء ينبغي أن يعد نصف الإسلام
(84) انظر : تلخيص الحبير : (1/281).
(85) انظر : تحفة الطالب : (1/271 ، كشف الخفاء : (1/522).
(86) سنن ابن ماجه : (1/659، وقال البصيري : هذا إسناد ضعيف ؛ لاتفاقهم على ضعف أبي بكر الهذلي ، وله شاهد من حديث أبي هريرة. رواه الأئمة الستة. مصباح الزجاجة : (2/125)
(87) سنن البيهقي الكبرى : (6/84).
(88) قال الهيثمي : رواه الطبراني في الأوسط ، وفيه محمد ابن مصفى وثقه أبو حاتم وغيره ، وفيه كلام لا يضر ، وبقيه رجاله رجال الصحيح .انظر : باب ما جاء في الخطأ والعمد. مجمع الزوائد : (6/250 ).
(89) فتح الباري : (5/160).
(90) فتح الباري : (5/161).
(91) انظر : عمدة القاري : (20/250 ) ، عون المعبود : (6/187 ) ، تنقيح تحقيق أحاديث التعليق : (3/523) ، إعلام الموقعين : (4/41).
(92) إعلام الموقعين : (4/41).