التداعي للدعاء الجماعي
29 شعبان 1441
فهد بن يحيى العماري

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
فإنه لا يخفى على الجميع ما حلّ اليوم بالعالم كله بما يسمى (فيروس كورونا).

 

وقد حصل فيه عدد من المسائل والنوازل المتعلقة بأحكام الشريعة، وقد قام عدد من أهل العلم بدورهم في تنزيل الأحكام الفقهية، والقواعد الشرعية على هذه النوازل، - وهذا دليل أيضاً على إبطال الفرية بأن الإسلام عاجز عن حل مشكلات العالم -، وشاهد على أن الشرع وأهله ليسوا بجامدين، ولا عاجزين عن الحكم فيها، وفق قواعد الشرع وأدلته، وإيجاد مخرج شرعي للأمة، وبيان ما يحل بها من النوازل، في كل مجالات الحياة، وكما قيل: الشريعة صالحة لكل مكان وزمان، وظهر رجوع أهل التخصصات في العلوم الأخرى لأهل الشريعة في ذلك، طلباً لتبيين الحكم الشرعي، واحتراماً لأهل العلم، وإنزال الناس منازلههم، وعدم الافتيات عليهم؛ لأن الناس مازالوا على فطرتهم إلا من تغيرت فطرهم، وشذوا عن ذلك، ردهم الله إليه رداً جميلاً.
 

 وليس الحال كما يقال: (هم رجال ونحن رجال)، وقول بعض الناس: قد انتهى دور علماء الشريعة ووصايتهم على الناس ودين الله، والدين ليس له حمى، وإنما هو مستباح لكل متكلم، ولذا لم نسمع أحداً يقول ذلك في تشخيص الوباء، ، ومسائل الطب ونحوها، أو يأتي بعلاج كيميائي، ولم يتجرؤوا القول، وإن تجرأ أحد، فسيبادر الناس بسؤاله؟ ما تخصصك، وماذا يقول أهل الطب فيه؟بل يجرّم فعله ويعاقب وفق الأنظمة المرعية في البلدان. 
 

ولكنه الكيل بمكيالين، والكبر والجهل والهوى وردود الأفعال، واسترخاص القول في الدين، والسماع للعابثين بالشريعة وأهل الأهواء، ومن ليس من أهل العلم وصناعته، وإنما هو أجنبي رويبضة من الرويبضات.
 

روى أبو هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (ستأتي على الناس سنون خدّاعة، يُصدّق فيها الكاذب، ويُكذّب فيها الصادق، ويؤتمن فيها الخائن، ويخوّن فيها الأمين، ويَنطق فيها الرويبضة، قيل: وما الرويبضة؟ قال: "السفيه يتكلم في أمر العامة")(1)، وفي رواية: (السفيه)(2)، وفي رواية: (الفويسق يتكلم في أمر العامة)(3) ، وفي رواية: (الفويسقة)(4)، وفي رواية: (من لا يؤبه له)(5).
 

وبيان النازلة في الشريعة والحكم على المسألة قد يحتاج إلى الاستعانة بأهل التخصص في مجالات أخرى، وهو ما يسمى بقول أهل الخبرة في الشريعة وكلام الفقهاء، وكلامهم معتبر في الحكم الشرعي. 
 

 والحذر كل الحذر من الجرأة على القول في دين الله بغير علم، وتتبع الفتاوى الشاذة والآراء الفاسدة، وأجرؤكم على الفتيا أجرؤكم على النار، ولو كانت في عهد عمر رضي الله عنه لجمع لها أهل بدر، والعجب ممن يتصدر ذلك، وهو في سلامة وعافية، ومن عوفي فليحمد الله، فإن السلامة لا يعدلها شيء.
 

ولنعلم: أن بعض العالم اليوم ممن كانوا منكرين وجود الله أو أعرضوا عنه إعراضاً كلياً أيقنوا-وفي عصر الماديات وانتشار الإلحاد واللادينية-بأن إلهاً يدبر الكون، ويُفزع إليه عند الشدائد والمصائب، وقد قام قائمهم في دعوة أمام العالم إلى أن يقول: (العلاج في السماء)، فهَبُّوا إلى إله السماء، بالتضرع والدعاء، وقاموا برفع صوت القرآن في متاجرهم ومشافيهم، وأذنوا برفع الأذان في أرجاء السماء بعد أن منع قرابة خمسمائة عام، واستشهدوا بآيات القرآن في كتاباتهم، ليحطم كل شعار غير شعار التوحيد، ويبطل كل معبود سوى الله، وكل كتاب إلا القرآن، {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا، فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ}، {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}.
 

وبعد هذه المقدمة، فقد حان الشروع في المقصود، وهو الله سبحانه خير معبود وأكرم محمود.
 

ومن تلك المسائل: 
ما لوحظ مؤخراً من انتشار الدعوة، والتداعي للدعاء الجماعي، فدعت الحاجة للبحث والبيان في: حكم الدعاء الجماعي والتكبير والتهليل وقراءة القرآن لرفع وباء (كورونا) من قبل بعض المسلمين، ونشرهم التداعي للقيام بذلك مباشرة على أسطح المنازل والشرفات أو في الطرقات أو المساجد أو وضع ذلك من خلال هواتف الجوال.

 

فكان السؤال المطروح هل هذا الفعل مشروع؟
 

هذه المسألة حصل فيها جدل بين المعاصرين في هذه الأيام، ما بين مجيز، ومانع، وقد تكررت هذه الفعال في أماكن شتى من العالم، وسأعرض لها بإيجاز في هذه المقالة، وبلغة سهلة يسيرة قريبة حتى تتضح للجميع، وموضوع البدعة من المواضيع الحساسة والشائكة في التقعيد والتطبيق، وأساله السداد والتوفيق.
 

وقبل الشروع في المسألة أقدم بمقدمة من شقين: 
الشق الأول: أنواع البدعة: 
قسّم العلامة أبو إسحاق الشاطبي المالكي رحمه الله البدعة إلى قسمين: حقيقية، وإضافية(6): 
الأولى: البدعة الحقيقية: وهي ما لم يدل عليها دليل شرعي لا من كتاب، ولا من سنة، ولا من إجماع، ولا استدلال معتبر عند أهل العلم لا في الجملة ولا في التفصيل، وإن ادعى مبتدعها ومن تابعه أنها داخلة فيما استنبط من الأدلة، لأن ما استند إليه شبه واهية لا قيمة لها.
ومن أمثلتها: تحريم الحلال، أو تحليل الحرام، استناداً إلى شبه واهية، وبدون عذر شرعي، أو قصد صحيح.

 

الثانية: البدعة الإضافية فقد عرفها الشاطبي بأنها ما لها شائبتان: 
إحداهما: ما كان لها من الأدلة متعلق، فلا تكون من تلك الجهة بدعة.

 

والأخرى: ما ليس لها متعلق إلا مثل ما للبدعة الحقيقية، أي أنها بالنسبة لإحدى الجهتين سنة لاستنادها إلى دليل، وبالنسبة للجهة الأخرى تكون بدعة، لأنها مستندة إلى شبهة لا إلى دليل، أو لأنها غير مستندة إلى شيء.
وسميت إضافية لأنها لم تخلص لأحد الطرفين، لا بالمخالفة الصريحة، ولا بالموافقة الصريحة(7).

 

والفرق بين البدعة الحقيقية والإضافية من جهة المعنى أن الدليل على الإضافية من جهة الأصل قائم، ومن جهة الكيفيات، أو الأحوال، أو التفاصيل لم يقم عليها، مع أنها محتاجة إليه، لأن الغالب وقوعها في التعبديات-لا في العاديات المحضة.
ومن أمثلتها: ذكر الله تبارك وتعالى على هيئة الاجتماع بصوت واحد، فالذكر مشروع بل يكون واجباً ومستحباً، لكن أداؤه على هذه الكيفية غير مشروع، بل هو بدعة مخالفة للسنة، وعليه يحمل قول ابن مسعود رضي الله عنه للجماعة الذين كانوا يجتمعون في المسجد وفي أيديهم حصى، فيسبحون ويكبرون بأعداد معينة حيث قال لهم: (والله لقد جئتم ببدعة ظلماً، أو فضلّتم أصحاب نبيكم علماً).

 

ومن أمثلته أيضاً: تخصيص يوم النصف من شعبان بصيام، وليلته بقيام، وإفراد شهر رجب بالصوم أو عبادة أخرى.
فهذه العبادات مشروعة، ومنها الصوم، لكن يأتي الابتداع من تخصيص الزمان، أو المكان، إذا لم يأت تخصيص ذلك في كتاب الله تعالى، أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

 

والبدعة الإضافية أشد خطورة من الحقيقية من حيث الشبه التي يستند إليها المبتدع في فعلها، فإنك إذا سألته عن دليل ذلك قال: إنه يذكر الله، ويصوم لله، فهل الذكر والصيام محرمان؟ ومن ثم يستمرئها، ويداوم عليها، وقد لا يتوب منها في الغالب، ذلك أن الشبهات أخطر الأمور على الدين، فهي أخطر من الشهوات وإن كان الجميع خطيراً، لأن إبليس لما يئس من تضليل المسلمين بالمعاصي دخل عليهم من باب العبادة، فزين لهم البدع بحجة التقرب إلى الله. وهنا مكمن الخطر(8).
 

الشق الثاني: هل في الدين بدعة حسنة وسيئة؟
الخلاف في هذا مشهور، وهو واقع عند المـتأخرين، وليس هذا التقسيم محل اتفاق، وليس عند المتقدمين من الصحابة والتابعين، والحق أن الكثرة الكاثرة من العلماء والأئمة والسلف المتقدمين على القول بأن كل بدعة ضلالة، وأن البدع كلها مذمومة، وليس هناك بدعة حسنة إلا ما يصدق عليه وصف البدعة من جهة اللغة فقط، وأما من جهة الشرع، فلا توجد بدعة حسنة إطلاقاً، وما ورد من ذلك مما يستشهد به إنما ورد في أمور شرعية دلت عليها نصوص الأدلة إما بالنص أو بالعمومات أو بالتمثيل؛ فهي داخلة في الشرع، وهي منه، وليست بدعة خارجة عنه، وإن سميت بالبدعة؛ لكونها حديثة في العمل لم تكن من قبل.

 

وهذه بعض أقوال السلف في ذم البدعة، وأن الحديث على عمومه: 
قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: (كل بدعة ضلالة، وإن رآها الناس حسنة)(9).
وقال الإمام مالك: (من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة، فقد زعم بأن محمداً خان الرسالة...)(10).
وقال الإمام الشافعي: (من استحسن فقد شرع)(11).
وقال الإمام أبو عبيد القاسم بن سلّام: (البدع والأهواء كلها نوع واحد في الضلال).

 

وقال محمد عبد الحي اللكنوي الحنفي: (اختلف العلماء في هذا الباب على قولين: 
الأول: أن حديث "كل بدعة ضلالة" عام مخصوص، والمراد به البدعة السيئة، وقسموا البدعة إلى واجبة، ومندوبة، ومكروهة، ومحرمة، ومباحة.

 

والقول الثاني، وهو الأصح بالنظر الدقيق: أن حديث "كل بدعة ضلالة" باق على عمومه، وأن المراد به البدعة الشرعية).
وغيرها من كثير من النقولات التي يطول المقام بذكرها(12).

 

قال الشّافعيّ – رحمه اللّه -: (البدعة بدعتان: بدعة خالفت كتابًا وسنّةً وإجماعًا وأثرًا عن بعض أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فهذه بدعة ضلالةٍ. وبدعة لم تخالف شيئًا من ذلك فهذه قد تكون حسنةً لقول عمر: نعمت البدعة هذه هذا الكلام أو نحوه رواه البيهقي بإسناده الصّحيح في المدخل).
 

وقال ابن تيمية: (ومعلوم أن كل ما لم يسنه ولا استحبه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أحد من هؤلاء الذين يقتدي بهم المسلمون في دينهم فإنه يكون من البدع المنكرات ولا يقول أحد في مثل هذا إنه بدعة حسنة؛ إذ البدعة الحسنة - عند من يقسم البدع إلى حسنة وسيئة - لا بد أن يستحبها أحد من أهل العلم الذين يقتدى بهم ويقوم دليل شرعي على استحبابها وكذلك من يقول: البدعة الشرعية كلها مذمومة لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: "كل بدعة ضلالة"(13).
 

فابن تيمية جعل للبدعة الحسنة قيدين عند القائلين بها: 
1-    لا بد أن يستحبها أحد من أهل العلم الذين يقتدى بهم.
2-    يقوم دليل شرعي على استحبابها.

 

ومقتضى كلامه أن تخلف الشرطين أو أحدهما يعد بدعة سيئة وليست حسنة.
 

والكلام يطول في هذا، وليس المقام لبسطه، وصار فيها تحريرات ومناقشات يمكن الرجوع إليها.
 

•    نرجع إلى الجواب عن حكم التداعي للدعاء، وألخصه بما يناسب الحال والمقال بما يلي: 
أن هذا العمل ليس له أصل في الشرع يعتمد عليه، ولا من كلام السلف، ولا أفعالهم، والأصل في العبادات التوقيف.
والدعاء الجماعي ورد في مواضع معينة في السنة، ولم يرد ذلك حال وقوع الأوبئة ونحوها.

 

 وقد حدثت الأوبئة في أزمان وأماكن متعددة، كما حصل الطاعون في عهد عمر رضي الله عنه وغيره، والطاعون جاء ذكره في السنة، في عدة أحاديث، وآثاره، وعِظَم أمره، ولم يرد منه صلى الله عليه وسلم الحث على الدعاء الجماعي أو القنوت والفزع لذلك كما في الكسوف، وقد وجد في عهد عمر رضي الله عنه طاعون عمواس، وقتل فيه مئات الصحابة رضوان الله عليهم، وتألم عمر وأبو عبيدة وعمرو بن العاص رضي الله عنهم وخافوا على الصحابة، وقيل لهم تفرقوا في الجبال، وخرج عمر من المدينة إلى الشام ليتفقد الناس، ومع هذا كله لم يقم أحد منهم بفعل الدعاء الجماعي أو القنوت أو الحث عليه، أفلا يسعنا ما وسعهم؟
 

 قال صلى الله عليه وسلم: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)رواه البخاري.
وقال صلى الله عليه وسلم: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي وعضوا عليها بالنواجذ) رواه أبو داود وابن ماجه وصححه غير واحد.

 

ورجح ابن حجر الهيتمي كون الاجتماع للدعاء بسبب الطاعون ونحوه بدعة، وقال: لو قيل: بتحريمه لكان ظاهراً؛ لأنه إحداث كيفية يظن الجهال أنها سنة، وكذا السيوطي منع ذلك(14).
 

قال أبو العباس الحنفي في غمز عيون البصائر: (وصرح ابن حجر بأن الاجتماع للدعاء برفعه بدعة إلخ أقول: ما قاله ابن حجر هو الحق الذي لا مرية فيه، فإن تعريف البدعة صادق عليه)(15).
 

وذهب الحنفية إلى جواز ذلك، وحمل بعضهم كلام ابن حجر على البدعة الحسنة، ومنهم من حمله على البدعة غير المشروعة، كما تقدم.
 

ثم اعلموا رحمكم الله: أن الفعل الذي لم يفعله السلف مع قيام المقتضي له، وعدم المانع منه، ولم يقوموا بفعله، فهو دليل على عدم مشروعيته، ولو كان الفعل مشروعاً لكان السلف رضي الله عنهم ورحمهم أحق به منا فعلاً وقولاً ودعوة الناس إليه، وكل ما لم يشرع من العبادات مع قيام المقتضي لفعله من غير مانع فإنه من باب المنهي عنه.
 

يقول الإمام الشاطبي المالكي وغيره ما مضمونه: إذا قام سبب لفعل، والمقتضي له، ولم يوجد مانع من فعله، ولم يفعله الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا الصحابة، فهو دليل على أنه بدعة(16).
 

•    فإن قال قائل: ألا يقاس ذلك على الخروج للاستسقاء طلباً للتضرع لكشف القحط وتوقف المطر؟
 

فالجواب بما يلي: 
أجاب ابن حجر رحمه الله عن هذا القياس بجوابين أختصرهما بشيء من الإضافة والتوضيح، وهما: 
1-أن ذلك لو كان مشروعاً، ما خفي على السلف، ثم على فقهاء الأمصار، وأتباعهم في الأعصار الماضية، فلم يبلغنا في ذلك خبرٌ ولا أثرٌ عن المحدِّثين، ولا فرعٌ مسطورٌ عن أحدٍ من الفقهاء، في سائر الحوادث الكونية العامة، كالكسوف الذي حصل في زمن النبوة والصحابة (مع وجود الأمر النبوي بالدعاء في ذلك الحدث -الكسوف- صريحاً في الأحاديث، ووجود الاجتماع للصلاة إلا أن نفس الدعاء لم يكن على جهة الاجتماع).

 

2-أن ألفاظ الدعاء وصفات الداعي لها خواصٌّ وأسرارٌ، يختص بها كل حادثٍ بما يليق به، والمُعتَمَدُ في ذلك الاتِّباع، ولا مَدْخَلَ للقياس في ذلك....ومثال ذلك: أن ما ورد في التخويف بالكسوفين له هيئة تغاير ما ورد في التخويف بالجدب وما ورد في النازلة كالقحط والوباء على رأي من رأى القنوت في ذلك يغاير ما ورد في الكسوف والاستسقاء فالذي يأتي بهذا لهذا، ولهذا بهذا يلتحق بمن أحدث في أمر الدين ما ليس به فيرد عليه، وقد نص الشافعي رحمه الله على أنه لا قنوت في الاستسقاء(17).
 

•    ولا يصح قياس حال الحوادث الكونية على حال الاستسقاء، لما يلي: 
1-أن القياس على الاستسقاء بفعل صلاة ودعاء أو دعاء فقط لرفع الوباء لا يصح، ولو صح لفعله كبار الصحابة، والدليل ما ورد في طبقات ابن سعد أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كتب إلى أبي موسى الأشعري رضي الله عنه: (أن العرب هلكت فابعث إلي بطعام. فبعث إليه بطعام وكتب إليه: إني قد بعثت إليك بكذا وكذا من الطعام فإن رأيت يا أمير المؤمنين أن تكتب إلى أهل الأمصار فيجتمعون في يوم فيخرجون فيه فيستسقون. فكتب عمر إلى أهل الأمصار. فخرج أبو موسى فاستسقى ولم يصل)، وكان هذا في عام الرمادة كما في تاريخ المدينة لابن شبة: (أن عمر رضي الله عنه كتب عام الرمادة إلى يزيد بن أبي سفيان، وإلى أبي موسى الأشعري).

 

وجهه: أن عمر رضي الله عنه خاف خوفاً شديداً في طاعون عمواس على الصحابة، وقد مات المئات منهم وكذا التابعون، وخرج إلى الشام، ولم يأمر هو ولا الصحابة بالتداعي للدعاء الجماعي أو القنوت في الصلوات، والقياس حاضر عند الصحابة رضي الله عنهم، ويعملوه في كثير من الوقائع والفتاوى، فلما امتنع إعماله هنا، والحاجة إليه ملحة، كان ذلك دليلاً على عدم صحة القياس، ولا قياس على الاستسقاء، لأن الاستسقاء له أحكام خاصة به.
 

 والاستسقاء له ثلاث صفات كما نص على ذلك الشافعية والحنابلة: 
 أ-استسقاء يكون بالصلاة والخطبة ويعقبها الدعاء الفردي.
 ب-استسقاء الإمام يوم الجمعة على المنبر.
ج-أن يخرج ويدعو بغير صلاة.

 

2-يلزم القائل بالقياس توضيح أركان القياس في هذه المسألة وعلته الجامعة في ذلك، فإن قال التخويف فيقال هل الاستسقاء دعاء رغبة أو خوف أو كلاهما؟ وهل العلة محصورة في هذا الأمر؟ 
وهل هي منصوصة أو مستنبطة؟ ثم ما هو الخوف الذي يمكن أن نقيس عليه؟

 

ثم الوصف الجامع لابد أن يكون مما عهد من الشارع الالتفات إلى مثله في جنس الحكم، ولم يعهد من الشرع أن الخوف يقتضي الاجتماع للصلاة، والدعاء بعده على وجه الانفراد إلا في صلاة الكسوف، وهذا يقتضي أن لذلك خصوصية ومعنى أراده الشارع، لا يمكن القياس عليه. 
 

ثم إن صحت العلة، فهناك فرق بين الأمرين في كون الشيء يكون على وجه التبعية أو على وجه الانفراد كما سيأتي في المناقشة للمستدل بفعل عمر بن عبد العزيز رحمه الله.
 

ثم الكسوف والزلزلة من آيات الله الكونية فهل الوباء والأمراض آية من آيات الله؟. 
 

ولنعلم أن العلة هي أعظم ركن في القياس، لأن القياس مبني عليها، وهي مناط الإلحاق في القياس وعدمه، ولذا جعل أهل العلم للقياس شروطاً وضوابط حفاظاً له وصيانة لقدره، وبناء الأحكام على العلل والأوصاف المؤثرة مما تستقيم به الأحكام وتسير على سنن واحدة وإلا حصل الاضطراب والتناقض. 
 

3-أن دلالة الترك وأثرها مقدمة على دلالة عموم النص، ودليل القياس، وهي أقوى، لما تقدم، وأشار لذلك ابن تيمية رحمه الله في الاقتضاء(18)، ولأن الترك سنة كالفعل، فيكون دليلاً من السنة، وهي مقدمة على دليل القياس في مراتب الأدلة، ولأنه قد وجدت المخاوف في الأزمان الفاضلة، ولم يحصل التداعي للدعاء الجماعي.
 ودلالة الترك معيار وكاشف دقيق في الجملة في موضوع البدعة، واستخدمه الفقهاء بعبارات متنوعة من أشهرها عدم النقل، وعدم الفعل، وعدم الاشتهار، والترك، ونحوها.

 

4-إذا أردنا أن نقيس فكذلك الحكم يكون على جواز فعل الصلاة، فلماذا جعلتم القياس في حكم من أحكام الاستسقاء، ولم تطردوه في جميع أحكام الاستسقاء؟ والتفريق يحتاج إلى دليل.
 

5-علينا كذلك في كل نازلة من المخاوف أن نفعل ذلك طرداً مع القياس الذي ذكرتموه.
 

وحينئذ تحدث في الدين البدع، مما حذر منه الرسول صلى الله عليه وسلم، والشريعة جاءت بقاعدة سد الذرائع، فما بال الإنسان في زمن يحصل فيه كثير من الجهل والابتداع في الأصول والفروع.
 

وواجب أهل العلم حماية الدين وصيانته، لا حماية الأقوال وصيانتها، ولا البحث للناس عن المخارج والرخص، والاستدلال بالأدلة الضعيفة والمشكوك فيها، والضعيف من أقوال الفقهاء، بل رد الناس إلى جادة الصواب، وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم، وفيها الخير الكثير والنفع العميم، وبها الصلاح والفلاح والنجاة من الشرور الخاصة والعامة، {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ}.
 

وقد ورد عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خطب احمرت عيناه، وعلا صوته، واشتد غضبه، حتى كأنه منذر جيش يقول: «صبّحكم ومسّاكم»، ويقول: «بعثت أنا والساعة كهاتين»، ويقرن بين إصبعيه السبابة، والوسطى، ويقول: «أما بعد، فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدى هدى محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة» رواه مسلم.
 

وورد في حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة) رواه أبو داود.
 

قال ابن دقيق العيد: (وقد منعنا إحداث ما هو شعار في الدين. ومثاله: ما أحدثته الروافض من عيد ثالث، سموه عيد الغدير. وكذلك الاجتماع وإقامة شعاره في وقت مخصوص على شيء مخصوص، لم يثبت شرعاً. وقريب من ذلك: أن تكون العبادة من جهة الشرع مرتبة على وجه مخصوص. فيريد بعض الناس: أن يحدث فيها أمراً آخر لم يرد به الشرع، زاعماً أنه يدرجه تحت عموم، فهذا لا يستقيم؛ لأن الغالب على العبادات التعبد، ومأخذها التوقيف)(19).
 

وقال ابن العطار: (ثم المحدَث في الدين قد يكونُ زيادةَ وصفٍ في العبادة المشروعة لم تثبت في السنة؛ كاجتماع في موضع الانفراد، ويزعم من يفعل ذلك أن يدخل تحت عموم السنة؛ كما يفعل في ليلة النصف، والتعريف بغير عرفة، وهذا لا يستقيم؛ فإن الغالب على العبادات التعبد، ومأخذُها التوقيف، فإن دلَّ الدليل على كراهة المحدث بخصوصيته، كان أقوى في منعه وأظهر)(20).
 

•    فإن قال قائل: 
ورد عن جعفر بن برقان، قال: كتب إلينا عمر بن عبد العزيز في زلزلة كانت بالشام: " أن اخرجوا يوم الاثنين من شهر كذا وكذا، ومن استطاع منكم أن يخرج صدقة فليفعل، فإن الله تعالى قال: {قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى}(21). واستدل به ابن رجب على عدم الصلاة(22)، وقيل: إن أمره لهم بالخروج كان لأجل الصلاة والدعاء، فقد جاء في بعض الروايات: (أما بعد، فإن هذا الرجف شيء يعاقب الله تعالى به العباد، وقد كتبت إلى الأمصار أن يخرجوا يوم كذا من شهر كذا، فمن كان عنده شيء فليصدق)(23)، وجعله ابن أبي شيبة في أبواب الكسوف، ومنهم من جعله على أنه في العيد(24)، وجعله عبد الرزاق في باب الاستسقاء: (كتب عمر بن عبد العزيز إلى ميمون بن مهران: " إني كتبت إلى أهل الأمصار أن يخرجوا يوم كذا من شهر كذا ليستسقوا..).

 

قال ابن حجر: (ثم وجدت في كتاب ابن أبى الدنيا؛ أن عمر بن عبد العزيز كتب- لما وقعت الزلازل في زمانه- إلى الأمصار: أن يجتمعوا للصلاة في وقت بعينهِ، ومن عنده شيء فليتصدق، فإن الله تعالى يقول: {قَدْ أَفْلَحَ  مَن تَزَكَّى (14) وَذَكَرَ اسْمَ رَبّهِ فَصَلَّى}، وقولوا كما قال آدم: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا...} الآية"(25) فكيف الجواب؟
 

فالجواب عنه من وجوهٍ أربعة: 

الوجه الأول: أن أهل العلم قد اختلفوا وتباينوا في التبويب على هذا النقل، وتحديد سبب أمره لهم بالخروج والدعاء والصدقة، فمنهم من جعل ذلك في باب الكسوف، ومنهم من جعله في باب العيد أي مع الصلاة فيها، كالكسوف أو بعدها كالاستسقاء، وليس على وجه الانفراد بالدعاء دون الصلاة، ومنهم من جعله بدون صلاة، وبحصول هذا الاختلاف يضعف الاحتجاج به على إثبات مشروعية التداعي للدعاء، ولا يصح الاحتجاج بمختلف فيه، ولا يحسن في البحث والمناقشة، وهو يضعف الاستدلال به.
 

الوجه الثاني: أن الخروج للصلاة للزلزلة جماعة والدعاء بعدها على وجه الانفراد كالكسوف هو مذهب الحنابلة وغيرهم، وقد ورد ذلك عن ابن عباس وابن مسعود رضي الله عنهم، ولكنهم لم يجعلوا ذلك خروجاً واجتماعاً للدعاء فقط بدون صلاة، وإنما الإشكال في الخروج لأجل الدعاء فقط، ولم يقل أحد بالخروج للكسوف للدعاء فقط بدون صلاة مع أن أصل الصلاة للزلزلة جماعة أو على هيئة الكسوف محل خلاف بين الفقهاء رحمهم الله، وليس المقام لبسط ذلك.
 

الوجه الثالث: أنه لو فرضنا أن المجيز استدل بفعل عمر بن عبد العزيز على مجرد الاجتماع للدعاء فقط وأنه الوارد بدون صلاة تنزلاً معه فيقال: 
 

إن عمر بن عبد العزيز رحمه الله تابعي(26)، فلا يُحتجّ بقوله في إثبات مشروعية عبادة، أو تحديد صفة لها؛ لأن التابعيّ لا يُحتجّ بقوله، وإنما يكون قوله اجتهاداً، يُعرض على الكتاب والسنة وقواعد الشرع وأدلته، وهذا مذهب جمهور أهل الأصول، وقد ردّ أهل العلم أقوالاً للتابعين في التفسير والحديث والفقه للمخالفة للنصوص الشرعية، وقواعدها، ومخالفة القياس، وإذا خالف التابعي القياس لم يعتدّ بقوله اتفاقاً، والقياس الموافق لأصول الشريعة وأدلتها هنا عدم الدعاء الجماعي والتداعي له في الصورة محل البحث، والمخالفة في مخالفة هذا القياس واقعة هنا.
 والمراد بالقياس هنا عند أهل الأصول: (القواعد العامة الموافقة لأصول الشريعة) والله الموفق(27).

 

الوجه الرابع: أن حكاية الخلاف لا تعني الاحتجاج بالخلاف أو أنه مشروع، قال الله: (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ).
 

والقول بأن الخلاف يمنع التبديع على إطلاقه محل نظر، إذ ذلك يفضي إلى عدم وجود بدعة أصلاً.
ومثله لو جعلنا كل خلاف له اعتبار وحظ من النظر، وعدم الإنكار، ولم نعتبر في الخلاف شذوذاً وضعفاً وغلطاً وباطلاً ماذا سيكون حال الإسلام والمسلمين والعبث بالدين بحجة وجود الخلاف؟

 

وتعطيل شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإسداء النصيحة، وهذا لا يمكن أن يقول به قائل، فهو ممتنع شرعاً وعقلاً وعادة، لأن ذلك يستلزم العصمة في أقوال الناس وأفعالهم، وعدم تخطئة أحد، ولازم ذلك عدم معاقبة أحد لمن يملك ذلك كالسلطان ونحوه، ولأنه في الجملة ما من قول إلا له تعليله وفلسفته كما يقال، وهذا كله فاسد، ويؤدي إلى الفساد حتى في حياة الناس وأنظمتهم الحياتية فكيف في دين الله؟.
 

ثم إن في كتب الفقهاء ما يدل على القول بالبدعية والإنكار على المخالف مع وجود الخلاف، وكتب مذاهب الأئمة الأربعة مليئة بذلك: مثل كتب الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة سواء الكتب الفقهية أو الحديثية، واستعمل ذلك الصحابة رضي الله عنهم والتابعون، والإمام مالك والإمام أحمد، والقرافي والشاطبي وابن الحاج وابن تيمية وغيرهم، ومن ذلك صلاة الرغائب، والجهر بالبسملة في الصلاة، وصلاة الضحى، وصلاة الاستسقاء، والتثويب في الأذان، والدعاء الجماعي أعقاب الصلوات، والقنوت في الفجر، والاضطجاع بعد سنة الفجر، والقراءة على القبر، والتسبيح بالمسبحة، والجلوس للعزاء، والسجود على الحجر الأسود، وشد الرحال إلى زيارة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم، فقد وقع الخلاف في بدعيتها، ولكن حكموا بالبدعية، ولم يتوقفوا في الحكم بالبدعة مراعاة للخلاف وغيره.
 

 والناس في هذا طرفان ووسط، والتوفيق والهداية من الله.
والاحتجاج بالخلاف مرفوض ولا يجوز، وهو محل إجماع، حكاه ابن حزم وابن عبدالبر وابن تيمية وغيرهم.

 

ولا يجوز للإنسان أن يفعل الفعل الشاذ والغلط ويقول أنا أتبع فيه قول العالم أو الشيخ فلان، وهو شيخ وعالم، لأن العصمة ليست لأحد، وذكر ابن عبد البر في تمهيده عن معمر عن أيوب قال: (قال عروة لابن عباس ألا تتقي الله ترخص في المتعة فقال ابن عباس سل أمك يا عرية فقال عروة أما أبو بكر وعمر فلم يفعلا فقال ابن عباس: " والله ما أراكم منتهين حتى يعذبكم الله نحدثكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتحدثونا عن أبي بكر وعمر")، وإذا كان هذا في أبي بكر وعمر فكيف بمن دونهم؟
 

والأئمة الأربعة وغيرهم متفقون على مقولتهم المشهورة صراحة ومعنى: (إذا خالف قولي حديث رسول الله فاضربوا بقولي عرض الحائط)، وقد قال علي رضي الله عنه: (إن الحق لا يعرف بالرجال، اعرف الحق تعرف أهله).
 

وقال الذهبي في السير: (من التزم بتقليد إمام، فإن له مخالفة إمامه إلى إمام آخر، حجته في تلك المسألة أقوى، لا بل عليه اتباع الدليل فيما تبرهن له، ولا كمن تمذهب لإمام، فإذا لاح له ما يوافق هواه، عمل به من أي مذهب كان، ومن تتبع رخص المذاهب، وزلات المجتهدين، قد رق دينه)(28).
 

وقال الشاطبي: (وقد زاد هذا الأمر على قدر الكفاية؛ حتى صار الخلاف في المسائل معدودا في حجج الإباحة، ووقع فيما تقدم وتأخر من الزمان الاعتماد في جواز الفعل على كونه مختلفا فيه بين أهل العلم، لا بمعنى مراعاة الخلاف؛ فإن له نظرا آخر، بل في غير ذلك، فربما وقع الإفتاء في المسألة بالمنع؛ فيقال: لم تمنع والمسألة مختلف فيها، فيجعل الخلاف حجة في الجواز لمجرد كونها مختلفاً فيها، لا لدليل يدل على صحة مذهب الجواز، ولا لتقليد من هو أولى بالتقليد من القائل بالمنع، وهو عين الخطأ على الشريعة)(29).
 

فإن قال قائل: لم يخالف أحد الخليفة عمر بن عبد العزيز وكان في عصره بعض التابعين؟
 

فالجواب من أوجه: 
1-    أنه والٍ، وقد تصعب أو تتعذر مخالفته، كما أنه لم يستطع مخالفة الوليد بن عبد الملك في إدخال الحجرات في المسجد ويمتنع عن أمره مع أنه كان مخالفاً للوليد، وقد عارضه جماعة من أهل العلم، ومثله لم يخالف الصحابة عمر رضي الله عنه في بعض المسائل في عهده لشدته رضي الله عنه، وعدم الجرأة على مخالفته، فلما مات خولف وقالوا لم نتجرأ عليه هيبة منه رضي الله عنه، ولذلك أمثلة متعددة، وليس ذلك اتهاماً لأحد أو انتقاصاً، وعلى قاعدة المصالح والمفاسد في مثل تلك المواقف، كما فعل ابن حجر كما سيأتي.

 

2-     أو أن حكمه يرفع الخلاف في وقته، ولا يكون حكماً عاماً.
 

3-     أو أنها قضية عين اجتهادية، وغيرها من التأويلات.
 

4-     ثم حكاية عدم المخالفة، تحتاج إلى استقراء ودليل، مع أنه يتعذر معرفة ذلك مع تفرق أهل العلم من التابعين وغيرهم في البلدان.
 

قال ابن القيم: (وقول التابعي: "إذا لم يعلم له مخالف"ليس كقول الصحابي، لأن "التابعين انتشروا انتشارًا لا ينضبط؛ لكثرتهم، وانتشرت المسائل في عصرهم، فلا يكاد يغلب على الظن عدم المخالف، لما أفتى به الواحد منهم)(30).
 

مسألة: قال ابن رشد: (وسئل مالك: عن الصيام قبل الاستسقاء أمما يعمل به؟ قال: ما سمعت إنكارا على من عمله، قال محمد بن رشد: الصيام قبل الاستسقاء مما لم يأت به أثر عن النبي - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، ولا عن الخلفاء الراشدين المهديين بعده، وإنما هو أمر أحدثه بعض الأمراء، فاستحسنه كثير من العلماء؛ فعله موسى بن نصير بإفريقية حين رجع من الأندلس، فاستحسنه الجذامي وغيره من علماء المدينة؛ وإلى هذا ذهب ابن حبيب، قال: استحب للإمام أن يأمر الناس قبل بروزه بهم إلى المصلى، أن يصبحوا صياما يومهم ذلك؛ ولو أمرهم أن يصوموا ثلاثة أيام - آخرها اليوم الذي فيه يبرزون، كان أحب إلي، والمعلوم من مذهب مالك إنكار هذه الأمور المحدثات كلها، من ذلك أنه كره في سماع ابن القاسم القراءة في المسجد، والاجتماع يوم عرفة بعد العصر في المساجد للدعاء، والدعاء عند خاتمة القرآن، فيحتمل ما في هذه الرواية من قوله ما سمعت إنكارا على منعمله، أن يكون انتهى كلام مالك إلى قوله ما سمعت، أي: ما سمعت أن ذلك يفعل، ويكون إنكارا على من عمله من قول ابن القاسم. أخبر أن مالكا أراد بقوله ما سمعت - الإنكار على من عمله، فيكون ذلك مطابقا لمذهبه المعلوم، ويحتمل أن يكون الكلام كله من قول مالك، فيقتضي جواز ذلك عنده؛ إذ قد نفى أن يكون سمع الإنكار على من عمله، والأول من التأويلين أولى - والله تعالى أعلم، وبه التوفيق)(31).
 

تنبيه: أنه حين الحديث عن البدعة لا بد من التفريق بين الحكم على الأفعال والأقوال بعيداً عن تنزيل الحكم على الأفراد، لأنه لا تلازم بينهما، لوجود التأويل والشبهة في الجملة.
 

فإن قال قائل: أليس حصول شيء من النفع والخير بعد ذلك يدل على صحته؟
فالجواب: أرأيتم لو أن شخصاً ذهب إلى ساحر أو وكاهن أوولي عند قبره يطلبه الحاجات فتحقق له شيء من ذلك، فهل يعني أن فعله صحيح؟

 

الجواب: 
1-لا، لأنه قد يكون حصول ذلك موافقة، وقد يكون اختباراً من الله، وغير ذلك.

 

2- أنه قد يحصل للكافر من الرزق في الدنيا ما لا يحصل للمسلم، فهل يعني أن الكافر على حق؟ 
 

الجواب: لا، لأن الرزق يشترك فيه الكافر والمسلم والعاصي والمؤمن، لأن ذلك من القدر والقضاء الكوني، والقدر الكوني يشمل الجميع، لأن الله قد يحبه، وقد لا يحبه، وعطاؤه سبحانه لا يلزم أن يكون عن رضا، وهذا أمر متقرر ومعلوم وواقع، ولا ينكره أحد.
 

أيها العلماء: واعلموا أنه مما لا شك فيه ولا اختلاف أن يوجه الناس للسنة المشروعة في ذلك، وهي: (كل يدعو بنفسه ويتضرع، ويعمل الصالحات، ويكثر من الاستغفار)، كما دلت على ذلك نصوص الشريعة، ورد ذلك عن السلف، وأن يبتعد المسلم عن التقرب إلى الله بما لم يشرع أو بعبادة مشكوك فيها.
 

وكيف يستدفع البلاء بعبادة غير مشروعة أو صحتها محتملة ومشكوك فيها؟!

ترجو النجاة ولم تسلك مسالكها *** إن السفينة لا تجري على اليبس

 

تنبيه: ومما يزيد المنع في تلك التجمعات للدعاء ونحوه ما يحصل فيها من المنكرات في رفع الصوت بالدعاء ونحوه والصراخ والعويل، وهذا كله مما نهى عنه الشارع.
وفي ذلك أيضاً إيذاء لمن في البيوت من العجزة والمرضى، ومن في حكمهم.

 

 والشريعة جاءت بسد الذرائع في ما يفضي إلى المحرمات وإن كان في أصله مباح أو حسن، والحكم والفتوى تكون على الوقائع والنوازل لا الفرضيات.
 

فتوى ابن تيمية، والجواب عنها: 
وسئل ابن تيمية رحمه الله -: 
عن عوام فقراء يجتمعون في مسجد يذكرون ويقرؤون شيئاً من القرآن ثم يدعون ويكشفون رءوسهم ويبكون ويتضرعون وليس قصدهم من ذلك رياء ولا سمعة بل يفعلونه على وجه التقرب إلى الله تعالى فهل يجوز ذلك أم لا؟

 

فأجاب:
الحمد لله، الاجتماع على القراءة والذكر والدعاء حسن مستحب إذا لم يتخذ ذلك عادة راتبة - كالاجتماعات المشروعة - ولا اقترن به بدعة منكرة وأما كشف الرأس مع ذلك فمكروه لا سيما إذا اتخذ على أنه عبادة فإنه حينئذ يكون منكرا ولا يجوز التعبد بذلك والله أعلم.

 

والجواب عن كلامه هذا: 
1-أن ابن تيمية رحمه الله كغيره من أهل العلم، ليس معصوماً، ويناقش اجتهاده كغيره من أهل العلم وفق أصول البحث العلمي، وكل يؤخذ من قوله ويرد، ولا يعني ذلك انتقاص أهل العلم في عدالتهم وعلمهم ولا ينافي ذلك الأدب معهم وإجلالهم، وقد نوقشت في البحث العلمي وكتب الفقهاء أقوال الصحابة ومن بعدهم إلى يومنا هذا، مع كامل الاحترام والتقدير لهم، فتأمل.

 

2-أن الشيخ ابن تيمية قيد ذلك بضوابط: 
الأول: أن يكون اجتماعاً مشروعاً، وأما إذا كان غير مشروع فلا يجوز.
الثاني: أن يكون غير راتب أي معتاد، وأما المعتاد فلا يجوز.
الثالث: ألا يقترن به بدعة منكرة، فإن اقترن فلا يجوز.

 

3-قد يحمل كلامه أيضاً على العارض وليس في التداعي والتواطؤ.
 

4-قد يحمل كلامه على التبعية، وليس على وجه الاستقلالية، كمجلس ذكر وتدارس يختم بالدعاء، وجرى عمل أهل العلم على مثل ذلك، ويؤيده ما رواه الترمذي عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: (قلما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم من مجلس حتى يدعو بهؤلاء الدعوات لأصحابه: «اللهم اقسم لنا من خشيتك ما يحول بيننا وبين معاصيك..). 
 

مسألة: يشرع أن يقنت الناس في بيوتهم في صلاة وترهم مع أسرهم، يوتروا جماعة ويقنتوا في بعض الليالي، وصلاة الليل جماعة في بعض الأحيان من غير مداومة تصح، لفعل ابن عباس رضي الله عنهما مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قام معه في صلاة الليل، وكذلك في قيام رمضان، وقرره بعض أهل العلم.
 

5-القنوت في صلاة الفرائض لرفع الوباء محل خلاف بين العلماء رحمهم الله: فقيل: يشرع، وهو مذهب جمهور الفقهاء ورواية عند الحنابلة، وقيل: لا يشرع، وهو وجه عند الشافعية ومذهب الحنابلة.
 

والأقرب: عدم فعل ذلك، لعدم وروده، مع قيام سببه وعدم المانع لفعله في عصر الصحابة والتابعين، وكذلك فإن الرسول صلى الله عليه وسلم ذكر أحاديث عدة في الطاعون وغيره وكيف التعامل معه؟، ولم يرد الحث على القنوت فيه وفي نحوه، فامتنع القنوت والقياس على ما ورد به النص.
 

•    تحليل كلام ابن حجر رحمه الله: 
قال ابن حجر رحمه الله في كتابه بذل الماعون في فضل الطاعون ص (328): (فليس الدعاء برفع الوباء ممنوعاً ولا مصادماً للمقدور من حيث هو أصلاً، وأما الاجتماع له -كما في الاستسقاء- فبدعةٌ حدثت في الطاعون الكبير سنة (٧٤٩ه) بدمشق، فقرأت ;جزء المنبجي; بعد إنكاره في جمع الناس في موضع، فصاروا يدعون ويصرخون صراخاً عالياً، وذلك في سنة (٧٦٤ه) لما وقع الطاعون بدمشق؛ فذكر أن ذلك حدث سنة (٧٤٩ه)، وخرج الناس إلى الصحراء، ومعظم أكابر البلد، فدعوا واستغاثوا، فعَظُم الطاعون بعد ذلك وكَثُر! وكان قبل دعائهم أخف!! قلت: ووقع هذا في زماننا، حين وقع أول الطاعون بالقاهرة في ٢٧ من شهر ربيع الآخر سنة ٨٣٣ هـ، فكان عدد من يموت بها دون الأربعين، فخرجوا إلى الصحراء في ٤ جمادى الأولى بعد أن نودي فيهم بصيام ثلاثة أيامٍ -كما في الاستسقاء-، واجتمعوا ودعوا وأقاموا ساعةً ثم رجعوا، فما انسلخ الشهر حتى صار عدد من يموت في كل يومٍ بالقاهرة فوق الألف، ثم تزايد، ووقع الاستفتاء عن ذلك، وأفتى بعض الناس بمشروعية ذلك، واستند فيه إلى العمومات، الواردة في الدعاء، واستند آخر إلى أنه وقع ذلك في زمن المؤيد، وأجدى ذلك، وحضره جمع من العلماء، فما أنكروه، وأفتى جماعة من العلماء بأن ترك ذلك أولى، لما يخشى من الفتنة به إثباتًا ونفيًا ؛ لأنه إن أجدى لم يأمن خطر الدعوى، وإن لم يُجد لم يأمن سوء الظن بالعلماء والصلحاء والدعاء..

 

ثم قال ابن حجر: ونحوت هذا النحو في جوابي، وأضفت إلى ذلك أنه لو كان مشروعاً، ما خفي على السلف، ثم على فقهاء الأمصار، وأتباعهم في الأعصار الماضية، فلم يبلغنا في ذلك خبرٌ ولا أثرٌ عن المحدِّثين، ولا فرعٌ مسطورٌ عن أحدٍ من الفقهاء، وألفاظ الدعاء وصفات الداعي لها خواصٌّ وأسرارٌ، يختص بها كل حادثٍ بما يليق به، والمُعتَمَدُ في ذلك الاتِّباع، ولا مَدْخَلَ للقياس في ذلك....ومثال ذلك: أن ما ورد في تخويف بالكسوفين له هيئة تغاير ما ورد في التخويف بالجدب وما ورد في النازلة كالقحط والوباء على رأي من رأى القنوت في ذلك يغاير ما ورد في الكسوف والاستسقاء فالذي يأتي بهذا لهذا ولهذا بهذا يلتحق بمن أحدث في أمر الدين ما ليس به فيرد عليه وقد نص الشافعي رحمه الله على أنه لا قنوت في الاستسقاء وهو يؤيد ما ذكرته، وهذا من الأسباب الحاملة لي على تبيض هذا الكتاب، بعد أن كنت جمعت منه أكثر الأحاديث وبعض الكلام عليها، في سنة تسع عشرة وثمان مائة، وكنت امتنعت من الخروج في هذه المرة الأخيرة، ولا حضرت صحبة الملك المؤيد في تلك المرة، مع اختصاصي به، لهذا المعنى الذي أشرت إليه. وقد وقع ما تخيلته من الأمرين معًا في المرة الأولى، وفي المرة الثانية، وقيل ما قيل، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
 

يقول ابن حجر: ثم وجدت في كتاب ابن أبى الدنيا ؛ أن عمر بن عبد العزيز كتب-لما وقعت الزلازل في زمانه- إلى الأمصار: أن يجتمعوا للصلاة في وقت بعينهِ، ومن عنده شيء فليتصدق، فإن الله تعالى يقول: {قَدْ أَفْلَحَ من تَزَكَّى (14) وَذَكَرَ اسْمَ رَبّهِ فَصَلَّى} وقولوا كما قال آدم: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا...} الآية (6) فهذا الذى بلغنا عن السلف، ولم يبلغنا قط في زمن من الأزمنة، في عهد الصحابة والتابعين، أنهم اجتمعوا لذلك اجتماعهم للاستسقاء، إلا في سنة تسع وأربعين، فاجتمعوا ودعوا ورجعوا، فازداد الأمر شدة، ولم يحصل من قام فيذلك على المقصود، فاتفق أن الذي وقع بعد خمس وثمانين سنة نظيره كِفَّةً بِكِفَّة. تكملة: تقدمت قصة عمر بن عبد العزيز، في أمره بالتصدق والدعاء بقوله تعالى: {ربَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا..} الآية، وهذا أرفع ما وقفت عليه في ذلك وهو وإن كان ورد في الزِّلْزِلة، فلا يُمْتنع أن يُفْعل مثله في الطاعون، والجامع وقوع التخويف بهما).
 

اختلف القارئون لكلام ابن حجر في الاجتماع لأجل الدعاء طلباً لرفع الوباء على عدة اتجاهات: 
الاتجاه الأول: ابن حجر يمنع ذلك، ويجعله بدعة من البدع الممنوعة، وكلامه صريح في ذلك، ومناقشته للمجيز واضحة، وأنه لا مدخل للقياس في ذلك.

 

الاتجاه الثاني: ابن حجر يجيز ذلك، استدلالاً، بفعل عمر بن عبد العزيز وقياساً على الاستسقاء بجامع التخويف.
 

الاتجاه الثالث: حمل كلام ابن حجر في البدعة على أنها البدعة الحسنة، ولعلهم جمعوا بين الأمرين.
 

النتيجة: أن ابن حجر رحمه الله قرر في البداية المنع صراحة وصدع بذلك ثم ظاهر كلامه الرجوع، وإن كان لم يصرح به صراحة ولم يصرح بنقض الأول، ولكنه استحسن القياس ووجد ما يعضده من فعل عمر بن عبد العزيز، وكأنه لما وقف على فعل الخليفة عمر بن عبد العزيز صعب عليه مخالفة هذا الإمام، وهدأت نبرة الصوت كما يقال، ولذا لم يطل الكلام في تقرير الجواز، وأنهى المسألة بدون بسط، بخلاف تقرير البدعة فقد أطال فيها ورد أدلة المجيز، وهذا أحياناً يكون محيراً في كلام بعض أهل العلم، فلا يستطيع أن يجزم القارئ بم استقر عليه كلام العالم خاصة إذا احتفت به بعض القرائن، أو كان كلامه في أكثر من موضع، ومتفاوت في الإطناب والإيجاز حسب المواضع والمناسبات.
 

وبالتالي: فإنه يقال: إما أن يكون له رأيان في المسألة، ولا يمكن الجزم بأحدهما، وإما أن رجوعه محتمل، وهو فيه نوع من الظهور، ولكنه غير صريح، أو يقدم الصريح على المحتمل أو يحمل المحتمل على الصريح، والله أعلم.
 

مسألة: حكم رفع القرآن من خلال مكبرات المساجد في هذا الوباء
فيه تفصيل: 
1-إن قصد بذلك رفع الوباء فحكمه حكم ما تقدم من عدم المشروعية، ولم يعهد مثله في عمل السلف.
2-إن قصد به الاستماع للقرآن فالأولى تركه، لأن الناس غالباً لا تستمع، ولأن في ذلك إيذاء للمرضى والنائمين ومن في حكمهم.

 

مسألة: رفع الأذان ليس لأجل دخول وقت الصلاة، وإنما لأجل رفع الوباء عمل غير مشروع، وهو من البدعة في الدين. 
 

مسألة: التكبير لرفع الوباء قياساً على التكبير على الحريق؟
1-أن ما روي في ذلك عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا رأيتم الحريق فكبروا؛ فإن التكبير يطفئه» فرواه الطبراني في الدعاء وابن السني في عمل اليوم والليلة، فهو مختلف في صحته(32).

 

2-إن صح فهل يعمل القياس؟
 

الجواب: 
أولاً: هل هذا مما يدخله القياس؟
الأقرب: أن الأمر تعبدي غير معقول المعنى.

 

ثانياً: إن قيل تنزلاً يدخله القياس، فما هي العلة ونوعها؟وهل هي قاصرة أو متعدية؟ وهل هي موجودة في الوباء؟ وغير ذلك مما تقدم ذكره حتى تكتمل أركان القياس.
 

وفي الختام: أنبه إلى الحذر من الاستهزاء والسخرية، فإن ذلك يزيد في البلاء، وتتعدد أنواعه وإن رفع الله بعضها.
قال الله: {فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ (44) وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ} (القلم 45).
ولنتواصى جميعاً على إنكار ذلك، وكراهته بقلوبنا.

 

أخيراً: أوصي نفسي والمسلمين بالرجوع إلى الله أولاً، وكثرة الاستغفار، والإقبال على الله، وكل منا يحاسب نفسه، مع الالتزام بما تقرره الحكومات من أنظمة احترازية، وما تقرره الهيئات الشرعية، وعدم الافتيات على أهل الاختصاص في ذلك.
ونسأل الله أن يكشف الغمة عن المسلمين، وأن ينصر عباده المؤمنين والمظلومين، وأن يعيد الأمة إلى دينها آيبة تائبة منيبة.

 

___________________

(1)    رواه ابن ماجه (4036) والحاكم وصححه (8439) وحسنه ابن حجر في فتحه (13/84)
(2)    رواه أحمد في مسنده (7899)
(3)    رواه أحمد في مسنده (13298) وأبو يعلى في مسنده (3715)
(4)    مسند الروياني (593)
(5)    رواه الطبراني في الكبير (125)
(6)    الاعتصام (1/367)
(7)    البدعة الإضافية موقع الدرر السنية.
(8)    المصدر السابق.
(9)    رواه البيهقي في السنن الكبرى (191)
(10)    الاعتصام (1/49)
(11)    الإحكام للآمدي (4/156) السلسلة الضعيفة (2/19) 
(12)    البدعة الإضافية، موقع الدرر السنية.
(13)    مجموع الفتاوى (27/152)
(14)    بذل الماعون في فضل الطاعون (219) فتاوى ابن حجر (4/27) ما رواه الواعون في أخبار الطاعون للسيوطي (167)
(15)    غمز عيون البصائر (4/ 136)
(16)    الاعتصام (1/468)
(17)    انظر بذل الماعون في فضل الطاعون بتصرف وزيادة لا تغير المعنى (313)
(18)     (2/103)
(19)    الإحكام (1/200)
(20)    حاشية ابن العطار (1/363)
(21)    مصنف ابن أبي شيبة (8328).
(22)    فتح الباري (9/251)
(23)    العقوبات لابن أبي الدنيا (23).
(24)    السنن الكبرى للبيهقي (7719)
(25)    بذل الماعون في فضل الطاعون (313)
(26)    سير أعلام النبلاء (5/115)
(27)    كشف الأسرار للبخاري (3/225) والتقرير والتحبير (2/313) المسودة (339) المسائل الأصولية المتعلقة بفعل التابعي. 
(28)    1/53
(29)    الموافقات (5/93).
(30)    إعلام الموقعين (1/174)
(31)    البيان والتحصيل (2/324)
(32)    قال ابن حجر مرسل حسن في المطالب (14/134) وضعفه ابن رجب في الفتح (5/217) والألباني في السلسلة (6/110)