الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد
فقد أقبل فصل الشتاء، فكثر سؤال الناس عن أحكام المسح على الخفين، وإليكم أهم المسائل التي يكثر السؤال عنها ونوازلها، مختصرة أقوالها وأدلتها، مراعاة للحال والمقال، مستعينًا بالله متوكلًا عليه، وهي خمسة وثلاثون مسألة، مذكرًا بها نفسي وإخواني، والعلم يحيا بالمذاكرة والفكرة والدرس والمناقشة، وهي امتداد لسلسلة الخلاصات الفقهية، وأصلها رسائل عبر برنامج التواصل (الواتس).
سائلاً الله أن يجعلها عملاً صالحًا، خالصًا، متقبلاً، مباركًا، نافعًا، وقد سميتها:
(جزء في أحكام المسح على الخفين).
المسألة الأولى: ما هو الخف الذي يصح المسح عليه؟
محل خلاف بين العلماء رحمهم الله:
القول الأول: يصح المسح على كل ساتر على القدم من الجوربين المجلدين أو المنعلين (المجلد ما جعل الجلد أعلاه وأسفله، والمنعل ما يكون الجلد من أسفله)، وهو مذهب الحنفية وقول عند الشافعية.
القول الثاني: لا يصح المسح إلا على ما كان من جلد، وهو مذهب المالكية.
القول الثالث: يصح المسح على الجوربين وهو مذهب صاحبي أبي حنيفة ويروى رجوع أبي حنيفة إليه وهو مذهب الشافعية والحنابلة وإسحاق وابن عثيمين.
والراجح: الثالث لما يلي:
1-ورد عن ثوبان رضي الله عنه قال: "بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية فأصابهم البرد، فلما قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم شكوا إليه ما أصابهم من البرد فأمرهم أن يمسحوا على العصائب والتساخين) [رواه أحمد وأبو داود](1).
والعصائب: العمامة، والتساخين: الخفاف، ويقال إن أصل ذلك كل ما يسخن به القدم من خف وجورب ونحوه.
2-ورد المسح على الجوارب عن جملة من الصحابة: كأبي مسعود وأنس والبراء وعلي وبلال وسهل بن سعد رضي الله عنهم أنهم مسحوا على الجوارب رواها عبدالرزاق في مصنفه.
3-لأن شرط الجلدية ليس عليه دليل صحيح، والأصل يصح المسح في كل ما يسمى خفًا، ولأن القصد من المسح رفع الحرج والحاجة، وهي موجودة في كل ما يستر القدمين.
4-المسألة ليس فيها إجماع حتى يقال بأن الخلاف شاذ ولا يعتد به.
ولو قال قائل: كيف تخالفون قول الجمهور فالجواب:
1-أنه حين الخلاف فالتحاكم في ذلك إلى الدليل الصحيح الصريح من الكتاب والسنة وفهم الصحابة.
2-أن قول الجمهور ليس بذاته حجة.
3-أنه لا يلزم أن يكون الحق دائماً مع الجمهور وإن كان قولهم مظنة الإصابة.
المسألة الثانية: يشترط في الخف أن يكون ساترًا للقدمين، وهو محل اتفاق.
فرع: حكم المسح على الحذاء الرياضي الذي دون الكعبين له حالتان:
الأولى: إن كان ليس تحتها خف أو كان تحتها خف تحت الكعبين فمحل خلاف بين العلماء رحمهم الله:
القول الأول: لا يصح، لأنه غير ساتر لجميع القدم، وهو مذهب الأئمة الأربعة واختاره ابن تيمية وحكاه اتفاقاً، وعللوا بما يلي:
أولاً: أن الرخصة في المسح على الخفين جاءت في الخفاف التي تستر محل الفرض؛ فيجب الاقتصار على محل الرخصة.
ثانيًا: أنَّه لو لم يستر محل الفرض، فإنه يكون حكم ما ظهر من القدم الغسل، وحكم ما استتر المسح، ولا سبيل إلى الجمع بين الغسل والمسح من غير ضرورة؛ فغلب الغسل كما لو ظهرت إحدى الرجلين.
ثالثًا: أن ما لا يستر محل الفرض أشبه النعلين؛ فلا تتعلق به الرخصة.
رابعاً: لا يسمى خفاً(2).
القول الثاني: يصح، وهو مذهب الأوزاعي واختاره ابن حزم ونقله المرداوي وابن مفلح عن ابن تيمية(3)، لعموم الأدلة في المسح ومطلقها بدون قيد ولا شرط.
الأقرب: أن الأحوط تركه إذا قيل بأن القطع دون الكعبين يسلبه اسم الخف، وإن كان التفريق بين الخرق في الكعب وفي أي موضع محل نظر، ويحتاج مزيد تحرير وتـأمل، وخاصة إذا كان يسيراً.
الثانية: إن كان تحته خف ساتر للكعبين ومسح على الخفين وخلع الحذاء فالحكم للخفين.
المسألة الثالثة: وهل يجوز المسح على الخف المخرق؟ له حالتان:
الأولى: إن كان التخريق فوق الكعبين فلا يضر، لأنه خارج محل الفرض.
الثانية: إن كان التخريق دون الكعبين فمحل خلاف بين العلماء رحمهم الله:
القول الأول: يجوز، وهو مذهب الثوري وابن المبارك وابن عيينة وابن المنذر وهو قول الشافعي القديم وابن تيمية والشنقيطي.
القول الثاني: لا يجوز، وهو مذهب الشافعية والحنابلة.
القول الثالث: يجوز في الخرق اليسير ولا يجوز في الكبير، وهو مذهب الحنفية والمالكية.
الأقرب: الثالث، وضابط التفريق بين القليل والكثير العرف.
المسألة الرابعة: وهل يجوز المسح على الشفاف والرقيق؟
محل خلاف بين العلماء رحمهم الله:
القول الأول: يجوز، وهو مذهب داود وإسحاق وحكي عن أبي يوسف ومحمد، لأنه يسمى خفًا، قال النووي: (وورد عن عمر وعلي رضي الله عنهم المسح على الجورب الرقيق)، وقال: (واحتج من أباحه وإن كان رقيقاً بحديث المغيرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح على جوربيه ونعليه وعن أبي موسى مثله مرفوعاً).
القول الثاني: لا يجوز، وهو مذهب الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة.
الأقرب: الأول، لما تقدم، ولما ذكر في المسألة الأولى، والمسألة ليس فيها إجماع حتى يقال بأن الخلاف شاذ ولا يعتد به، وحين الخلاف فالتحاكم في ذلك إلى الدليل الصحيح الصريح من الكتاب والسنة وفهم الصحابة.
المسألة الخامسة: لا يصح المسح على النعال، وهو مذهب الأئمة الأربعة، لأن النعال غير ساتر للقدم.
المسألة السادسة: لا يلزم المسح على الرجل الصناعية إذا كان عليها الخف، لأنه لا يلزم غسلها من الأصل.
المسألة السابعة: يشترط في المسح على الخفين أن يلبسهما بعد الطهارة أي الوضوء اتفاقًا.
المسألة الثامنة: وهل إذا أراد أن يلبس الخفين يلبسهما بعد غسل القدم اليسرى؟
محل خلاف بين الفقهاء رحمهم الله:
القول الأول: يلبسها بعد غسل القدم اليسرى وكمال الطهارة، وهو مذهب جمهور الفقهاء، لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: (دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين فمسح عليهما) متفق عليه.
القول الثاني: يصح بعد اليمنى، فيلبس خف القدم اليمنى بعد غسلها، واليسرى بعد غسلها، وهو مذهب الحنفية ورواية عند الحنابلة وابن تيمية ومذهب الظاهرية قال ابن حزم (وهو قول يحيى بن آدم وأبي ثور والمزني) والمسألة محتملة القولين.
والأقرب: الأول، لظاهر النص.
المسألة التاسعة: كيفية المسح؟ محل خلاف بين العلماء رحمهم الله:
القول الأول: إذا مسح الخف يبدأ بالقدم اليمنى ثم اليسرى، وهو قول عند الحنابلة، كالوضوء.
القول الثاني: يمسحهما سويًا كالوضوء، وهو مذهب الحنفية والشافعية وقول عند الحنابلة، والأقرب: كله يصح، وبأيهما فعل أجزأ، لعدم الدليل المبيّن للصفة وكيفية المسح، والأفضل الأول.
المسألة العاشرة: صفة المسح محل خلاف بين العلماء رحمهم الله:
القول الأول: أن يمسح مقدار ما يقع عليه اسم المسح في محل الفرض، وهو مذهب الشافعية.
القول الثاني: يمسح أكثر الخف، وهو مذهب الحنابلة.
والأقرب: الثاني، لأن الاستيعاب يصعب وفيه مشقة، وربما أحدث وسواسًا وشكًا، ولتعذر معرفة ذلك، ويمسح ظاهر الخف لا أسفل القدم، وهو مذهب جمهور الفقهاء.
المسألة الحادية عشرة: لا يشرع تكرار المسح على الخف أي يمر يده على الخفين ثلاثًا مسحًا كالوضوء، وهو محل اتفاق، لعدم الدليل.
المسألة الثانية عشرة: لو غسل الخف وهو لابس له بدل المسح صح مع الكراهة، وهو مذهب جمهور الفقهاء، لأنه أتى بالمشروع وزيادة، كما لو كان بدل أن يمسح رأسه غسله فيجزئ.
المسألة الثالثة العاشرة: وقت المسح محل خلاف بين العلماء رحمهم الله:
القول الأول: يبدأ بعد أول مسح بعد حدث، وهو رواية في مذهب الحنابلة واختاره ابن المنذر والنووي وابن باز وابن عثيمين.
القول الثاني: من أول حدث بعد لبس، وهو مذهب الحنفية والشافعية والحنابلة.
والراجح: الأول؛ لأن قوله صلى الله عليه وسلم يمسح المسافر فعلق الأمر بالمسح وليس بالحدث.
المسألة الرابعة عشرة: من لَبس الخفين ثم أحدث وهو مقيم ثم سافر ومسح فمسح مسافر، وهو مذهب جمهور الفقهاء، لأنه بدأ المسح وهو مسافر.
المسألة الخامسة عشرة: من لَبس الخفين وهو مقيم ثم سافر ومسح فمسح مسافر إجماعًا.
المسألة السادسة عشرة: من لَبس الخفين ثم أحدث ومسح وهو مقيم ولم يكمل يومًا وليلة ثم سافر فمحل خلاف بين العلماء رحمهم الله:
القول الأول: مسح مسافر، وهو مذهب الحنفية ورواية عند الحنابلة وابن حزم.
القول الثاني: مسح مقيم، وهو مذهب الشافعية والحنابلة.
الأقرب: الأول، لأنه مسافر فيأخذ رخصة المسافر.
المسألة السابعة عشرة: من لَبس الخفين ومسح وهو مسافر ثم أقام ولم يكمل يوم وليلة أتم مسح مقيم، وهو مذهب الجمهور.
المسألة الثامنة عشرة: إذا ابتدأ المسح وهو مسافر ثم دخل بلده إن بقي من بداية مسحه أقل من يوم وليلة فيمسح وإن أتم المدة لا يمسح، لأنه انقطع حكم السفر.
المسألة التاسعة عشرة: إذا لبس الخفين ثم أحدث قبل المسح وهو مقيم ثم سافر فمسح مسافر، وهو مذهب جمهور الفقهاء.
المسألة العشرون: إذا لبس خفين أو خفًا وجزمة مغطية للقدمين فله حالات:
أ-إذا لبس خفًا ثم أحدث ومسحه ثم لبس آخر فيمسح على الثاني وبدايته من الأول، وهو مذهب المالكية والقديم عند الشافعية واختاره ابن باز، وقيل: لا يصح، وهو مذهب الجمهور.
والأقرب: الأول؛ لأنَّ المسح قائم مقام غسل القدم في رفع الحدث، فصار لبسهما على طهارة.
ب- إذا لبس خفًا ثم لبس آخر قبل أن يحدث فيمسح على الأعلى، وهو مذهب جمهور الفقهاء.
ج-إذا لبس خفًا ثم أحدث ثم لبس آخر قبل أن يتوضأ فالمسح للأول ولا يمسح على الثاني، لأنه لبسه على غير طهارة، وهو مذهب الأئمة الأربعة.
د- إذا لبس خفًا على خف ومسح على الأعلى ثم خلعه فيجوز المسح على الأسفل، وهو مذهب الحنفية والمالكية، لأنه لا تلازم بينهما.
المسألة الواحدة والعشرون: نواقض المسح على الخفين، وهي كالتالي:
أ- الحدث الأكبر، وهو بالإجماع، قال صفوان بن عسال رضي الله عنه: (أمرنا - يعني- النبي صلى الله عليه وسلم أن نمسح على الخفين إذا نحن أدخلناهما على طُهر، ثلاثًا إذا سافرنا، ويومًا وليلة إذا أقمنا، ولا نخلعهما إلا من جنابة) [رواه أحمد وابن خزيمة والترمذي والنسائي، وصححاه].
ب- خلع الخف محل خلاف بين العلماء رحمهم الله:
القول الأول: أن خلعه ينقض المسح على الخفين، وهو مذهب الأئمة الأربعة، واختاره ابن باز.
القول الثاني: لا ينقض إذا كان باقيًا الإنسان على الطهارة، واختاره ابن حزم وابن تيمية وابن عثيمين.
قال ابن المنذر في أوسطه: (وروي عن النخعي والحسن البصري وعطاء وأبي عالية وقتادة وسليمان بن حرب)، وقال ابن عبدالبر في تمهيده: (وقال ابن أبي ليلى إذا نزع خفيه بعد المسح صلى كما هو وليس عليه غسل رجليه ولا استئناف الوضوء)، وقال النووي في مجموعه: (وهو المختار الأقوى).
الأقرب: الثاني، لأن النقض يحتاج إلى دليل، والأصل الطهارة ولا يخرج منها إلا بيقين، وهي الحالة الأصلية المستصحبة، وزوال المسح لا يبطل الممسوح عليه، كمن حلق شعر رأسه بعد الوضوء.
المسألة الثانية والعشرون: ماذا يفعل خالع الخف عند الأئمة الأربعة الذين يرون بطلان المسح بالنزع؟ محل خلاف بينهم رحمهم الله:
القول الأول: يغسل قدميه فقط ويصلي ولا تشترط الموالاة، وهو مذهب الحنفية والقول الجديد عند الشافعي ورواية عن أحمد.
القول الثاني: يغسل قدميه مباشرة بعد الخلع، وإن طال أعاد الوضوء كاملاً، وهو مذهب المالكية ورواية عن أحمد.
القول الثالث: تبطل الطهارة كاملة، وهو القول القديم للشافعي ومذهب الحنابلة واختاره ابن باز.
الراجح: عدم البطلان، وإلزام الخالع بغسل قدميه، لأن الوضوء انتقض في قدمه وباقي الأعضاء صحة الوضوء فيها، فهذا تفريق لا يصح: فإما يقال إن الوضوء صحيح أو يقال ليس بصحيح، وأما التبعيض فهو باطل كما يقول ابن حزم.
ج- انتهاء المدة، وهو كسابقه حكمًا وخلافًا.
د- إذا نزع الخف في مدة المسح ثم أعاده فتبدأ مدة المسح من جديد.
المسألة الثالثة والعشرون: لا يصح المسح على الشماغ والطاقية، وما يسمى القبعة، وما يسمى بالقلنسوة عند الفقهاء، وهو مذهب جمهور الفقهاء، لعدم المشقة في النزع.
القَلَنْسُوَةُ: لباس للرأس مختلف الأنواع والأشكال.
المسألة الرابعة والعشرون: يمسح على القبعة التي تكون مغطية للرأس والأذنين والرقبة، لمشقة النزع، وكالعمامة المعهودة عند العرب، وإن كان لا يشق فالأحوط ترك ذلك.
المسألة الخامسة والعشرون: هل يصح المسح على العمامة والخمار؟
القول الأول: لا يصح، وهو مذهب جمهور الفقهاء، لعدم الدليل.
القول الثاني: يصح، بشرط أن تكون العمامة محنكة-أي مدار تحت الحلق وذات ذؤابة -أي لها طرف-، ويصح مسح المرأة على الخمار بشرط أن تكون مدارة تحت الحلق، وهو مذهب الحنابلة وابن حزم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ فمسح بناصيته وعلى العمامة والخفين [رواه مسلم]، ولما ورد عن أم سلمة رضي الله عنها أنها كانت تمسح على الخمار) [رواه عبدالرزاق].
والأقرب: أنه يصح بشرط مشقة النزع لما تقدم، وقياسًا على الخفين وإلحاقًا به، ولا يشترط أن تكون ذات ذؤابة أو محنكة، لعدم الدليل.
المسألة السادسة والعشرون: لا يشترط في المسح على العمامة الخمار لبسها على طهارة، وهو رواية عند الحنابلة واختاره ابن حزم وابن تيمية.
وقيل: يشترط، وهو مذهب الحنابلة كالخف.
والأقرب: الأول، لعدم الدليل على الشرطية، والأصل عدم ذلك.
المسألة السابعة والعشرون: لا توقيت في المسح على العمامة والخمار على الصحيح من قولي العلماء، لعدم الدليل، وقد كان صلى الله عليه وسلم يمسح على العمامة ولم يحدد.
المسألة الثامنة والعشرون: خلع العمامة والخمار لا يبطل المسح على الصحيح، واختاره ابن حزم وابن تيمية، لعدم الدليل.
المسألة التاسعة والعشرون: يصح المسح على الجبيرة، وهو مذهب أبي يوسف الحنفي والمالكية وقول الشافعي القديم والحنابلة، كالخفين والعمامة، وما ورد من أدلة في المسح على الجبائر والخرق التي على الجروح والعصائب فمتكلم في صحتها.
المسألة الثلاثون: لا يشترط في المسح على الجبيرة أن تلبس على طهارة، وهو مذهب الحنفية والمالكية.
وقيل: شرط، وهو مذهب الشافعية والحنابلة.
والأقرب: الأول، لعدم الدليل، ولعدم صحة القياس على الخفين، ىللفرق بينهما.
المسألة الواحدة والثلاثون: يمسح على الجبيرة في الحدث الأصغر والأكبر، وهذا باتفاق الأئمة الأربعة، لأن المسح على الجبيرة من باب الضرورة، والضرورة لا فرق فيها بين الحدث الأصغر والأكبر، بخلاف المسح على الخفين؛ فهو رخصة.
المسألة الثانية والثلاثون: يجب استيعاب المسح على الجبيرة، وهو قول عند الحنفية ومذهب المالكية والشافعية والحنابلة، وقيل: لا يجب، وهو وجه عند الشافعية.
الراجح: الأول، لأن ظاهر حديث صاحب الشجة،وهو قوله: «ويمسح عليها» شامل لكل الجبيرة من كل جانب.
المسألة الثالثة والثلاثون: ليس للمسح على الجبيرة توقيت محدد؛ بل يمسح حتى يحصل البُرْء، وهو محل اتفاق بين الأئمة الأربعة، لعدم الدليل على التأقيت.
المسألة الرابعة والثلاثون: يكون المسح مرة واحدة اتفاقاً، لأنه مسح كالرأس والخفين، ولأنه طهارة مخففة.
فرع: يقاس الآن على الجبيرة ما يوضع على الجروح والعمليات والكسور من لفائف وأربطة وما يسمى الجبس الطبي ونحوها.
المسألة الخامسة والثلاثون: إذا كان الجرح ليس عليه جبيرة فما العمل؟
القول الأول: إن تعذر الغسل تيمم، وهو مذهب الشافعية والحنابلة.
القول الثاني: إن تعذر الغسل مسح بيده عليه فإن تعذر تيمم.
الأقرب: الثاني، لعموم قوله تعالى:(فاتقوا الله ما استطعتم)(4).
وفي الختام: نسأل الله الفقه في الدين وفق سنة المرسلين صلى الله عليه وسلم وصلاحًا وطهارة لقلوبنا وذرياتنا وعزًا ونصرًا للإسلام والمسلمين والمظلومين، هو حسبنا ونعم الوكيل، ومن كان حسبه مولاه فقد كفاه وآواه ونصره وهداه، ونعم المولى ونعم النصير.
_____________________
(1) ومتكلم في صحته وقد أعل بالانقطاع وقوى الذهبي صحته.
(2) الفتاوى (21/190، 192).
(3) يحتاج الرأي الآخر لابن تيمية مزيد تحرير، لأنه نقل الاتفاق على عدم صحة المسح على المقطوع دون الكعبين الإنصاف (1/179) وقد يكون قصده الملبوس المقطوع دون الكعب دون الخفين.
(4) موسوعة أحكام الطهارة للدبيان، فتاوى الشيخين ابن باز وابن عثيمين، شرح زاد المستقنع للحمد، شرح عمدة الفقه للكاتب، المسح على الخفين للصبيحي.المسح على الخفين الدرر السنية.