مفهوم السنن الإلهية في القرآن الكريم وعلاقته بمباحث العقيدة
16 ربيع الثاني 1440
خالد محمد أبو الفتوح

المقدمة:
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.. وبعد
فقد أنزل الله تعالى القرآن الكريم نورًا وهدًى وتبيانًا لكل شيء؛ قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا} [النساء: ١٧٤]، وقال تعالى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} [النحل: ٨٩]. ومن هدي القرآن ونوره: التنبيه على القوانين الإلهية التي يسير عليها الكون وينتظم فيها الخلق، المنصوص عليها في آياته أو المبثوثة في ثنايا سياقاته.

 

وقد كانت هذه القوانين (أو: السنن) حاضرة في سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم ، وفي فهم كبار صحابته الكرام رضي الله عنهم وأعمالهم، وكذا في فهم سلف الأمة وعلمائها الأجلاء.. بل يمكن بوضوح لمح ربطهم الوثيق بين هذه السنن الإلهية وجوانب العقيدة المختلفة في مواقف متعددة:
 

فعندما توافق كسوف الشمس مع موت إبراهيم ابن الرسول صلى الله عليه وسلم ، وقد كانوا في الجاهلية يعتقدون أنها تنكسف لموت عظيم أو ولادة عظيم، نفى رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الاعتقاد، وبيَّن بوضوح أن: "الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، ولكنهما آيتان من آيات الله، فإذا رأيتموهما فصلوا"(1).
 

وعندما أشار صلى الله عليه وسلم على قوم مر بهم بترك تأبير النخل، ونتج عن ذلك فساد المحصول وقت حصاده، لم يتوانَ صلى الله عليه وسلم عن إعلان أن الأمور التي تخضع للتجربة والخبرة العملية ينبغي الأخذ فيها بما تقتضيه قوانين كل مجال وسننه، فقال: "أنتم أعلم بأمر دنياكم"(2).
 

وعند البخاري- عن عبد الله بن عباس- أن فاروق الأمة عمر بين الخطاب رضي الله عنه عندما خرج ذاهبًا إلى بلاد الشام، وكان معه بعض الصحابة، ثم لما علم أن مرض الطاعون انتشر في الشام، وقتل كثيرًا من الناس: قرر الرجوع، ومَنَع مَن معه من دخول الشام، فراجعه الصحابي الجليل أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه قائلًا: أَفِرَارًا من قدر الله يا أمير المؤمنين؟، فصحح له أمير المؤمنين- معاتبًا-: "لو غيرك قالها يا أبا عبيدة!، نعم، نفر من قدر الله إلى قدر الله؛ أرأيت لو أن لك إبِلًا هبطت واديًا له جهتان: إحداهما خصيبة، والأخرى جديبة، أليس لو رعيت في الخصيبة رعيتها بقدر الله، ولو رعيت في الجديبة رعيتها بقدر الله؟، قال: فجاء عبد الرحمن بن عوف- وكان متغيبًا في بعض حاجته-، فقال: إن عندي في هذا علمًا، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارًا منه، قال: فحمد الله عمر ثم انصرف"(3).
 

ورغم حضور مفهوم السنن الإلهية في وعي الأمة ومسيرتها العملية بصفة عامة، إلا أن تراثنا الثقافي لم يحفل- قبل القرن الأخير- بدراسات مفردة في (السنن الإلهية) بالمعنى الاصطلاحي أو العلمي المحدد، ومع ذلك فإنه لم يخلُ من إلماحات وإشارات تدل على حضور مفهوم السنن الإلهية في فكر علماء الأمة ومفكريها، ومن ذلك ما يقوله ابن تيمية (ت: 728هـ): "وعهود الله في كتابه وسنة رسوله تنال آخر هذه الأمة كما نالت أولها، وإنما قص الله علينا قصص من قبلنا من الأمم لتكون عبرة لنا؛ فنشبه حالنا بحالهم ونقيس أواخر الأمم بأوائلها؛ فيكون للمؤمن من المتأخرين شبه بما كان للمؤمن من المتقدمين، ويكون للكافر والمنافق من المتأخرين شبه بما كان للكافر والمنافق من المتقدمين... فأمرنا أن نعتبر بأحوال المتقدمين علينا من هذه الأمة وممن قبلها من الأمم.
وذكر [الله تعالى] في غير موضع: أن سنته في ذلك سنة مطردة وعادته مستمرة"(4).

 

وقد نجد في بعض التصنيفات التراثية في فترة مبكرة ما يمكن إدراجه تحت (السنن الإلهية) بصفة عامة، ومن ذلك: كتاب أبي بكر عبد الله ابن أبي الدنيا (ت: 281هـ)، الذي نشر بعنوان: (العقوبات.. العقوبات الإلهية للأفراد والجماعات والأمم)(5)، حيث بيَّن فيه أسباب العقوبات الإلهية وأنواعها، وآثار المعاصي على البشر وما تحت أيديهم، مع تطبيق ذلك على الأمم والأقوام السابقة. ومن ذلك أيضًا: كتاب أبي الفرج عبد الرحمن ابن الجوزي (ت: 597هـ)، الذي نشر بعنوان: (الذنوب وأثرها السيء على الأفراد والمجتمعات والشعوب)(6).
 

بل يمكن النظر إلى وسم الفيلسوف ابن سينا (ت: 427هـ) لكتابه في الطب بـ(القانون) على أنه إشارة لحقيقة انتظام الظواهر الطبيعية في الكون والإنسان، ومنها: ما يخص علم الطب، في قوانين كلية وجزئية- بحسب تعبيره(7)- يمكن اكتشافها والاستفادة منها، وهو ما يتفق مع المفهوم العام للسنن الإلهية.
 

وفي ظل التحديات الحضارية (الداخلية والخارجية) التي تعيشها الأمة الإسلامية، وأمواج الأزمات والمحن التي يعيشها المسلمون في عصرنا الحالي.. برزت الدعوات وتعالت الأصوات المنادية بتلمس سبيل النجاة بالاستمساك بحبل الله المتين- وبخاصة في شؤون الإصلاح- وإعادة بناء صرح حضارتنا وفردوسها المفقود بين الأمم.
ومع ذلك فقد تفرقت سُبُل المنادين بالإصلاح ونهضة الأمة، وتعددت مناهجهم واجتهاداتهم في ذلك، بل رأينا شططًا وانحرافات علمية وعملية في مسيرة عمل بعضهم.

 

ولتلافي أن يتسم تقويم هذه المسيرة بالفوضى أو العبثية: كان لا بد من العودة إلى المعايير والضوابط الصحيحة التي بنى بها المسلمون الأوائل دولتهم وأقاموا بها صرح حضارتهم، والتنقيب في كنوز كتاب ربنا؛ لاستكشاف (قوانين القرآن) واستخراج السنن الإلهية التي ينبغي الاهتداء بها في معالجة الواقع وصناعة المستقبل، ثم نشر هذه القوانين حتى تتحول إلى (ثقافة سننية) تعمل عملها في كيان الأمة ومسيرتها(8).
 

ومن أجل ذلك: كان هذا المقال البحثي، الذي أدعو الله تعالى أن يوفقني فيه ليكون مساهمة في التعرف على جانب لا أظنه مطروقًا في البحث العلمي لموضوع (السنن الإلهية)، وسبيلًا إلى الأخذ الجاد بهذه السنن في حياتنا العملية.
وسأعرض فيما يأتي (إن شاء الله تعالى) تصوري لأهم محددات بحثٍ كهذا:

 

أولًا: مفردات عنوان البحث:
فيما يأتي تعريف مختصر بمفردات العنوان (مفهوم السنن الإلهية في القرآن الكريم، وعلاقته بمباحث العقيدة):
مفهوم:

 

المعنى اللغوي لكلمة (مفهوم):
(مَفهُوم) اسم مفعول من الفعل (فَهِمَ):
و"فَهِمَ يَفهَمُ فَهْمًا وفَهَمًا وفَهَامةً وفَهَامِيَةً: عَقَله، وعرفه بقلبه: عَلِمَهُ، فهو فَهِمٌ"(9)، ويقال: "فَهِمَهُ يَفهَمَهُ فَهْمًا: أحسن تصوُّرَه، وفَهِمَهُ: جاد استعدادُه للاستنباط"(10)، فالفَهْمُ: "المَعرِفَةُ بالشَّيء؛ فَهِمَ ذَاكَ: عقَلَه"(11)، وهو: "حسن تصور المعنى، وجودة استعداد الذهن للاستنباط"(12).
فالمفهوم- لغة-: ما يمكن معرفته، وتعقله، ويحسن تصور معناه.

 

التعريف الاصطلاحي لـ(المفهوم):
وأما (الفهم) في الاصطلاح:
فيُعَرَّف في علم النفس بأنه: "فعل من أفعال الذهن يتوصَّل به الإنسان إلى معرفة "موضوع" (موجود، شيء، وضع)، وإلى أن يشرح طبيعته"(13)، بينما في الاصطلاح الفلسفي هو: "بوجه عام: القدرة على الإدراك والتفكير. وبوجه خاص: -عند إيبنتز: الإدراك العقلي في مقابل الإدراك الحسي. –وعند لوك: العمل الذهني الذي يشكل المدركات الحسية في صور جديدة. –وعند كانط: وظيفة الذهن التي تتلخص في ربط المحسوسات بعضها ببعض بواسطة المقولات"(14).
وعرَّف مجمع اللغة العربية (المفهوم) بأنه: "مجموع الصفات والخصائص الموضحة لمعنى كلي، ويقابله: الماصدق"(15).
وجاء في المعجم الفلسفي لجميل صليبا: "المفهوم: ما يمكن تصوره، وهو عند المنطقيين: ما حصل في العقل، سواء أحصل فيه بالقوة، أم بالفعل"(16).
ومما سبق يمكن استخلاص أن (المفهوم)- اصطلاحًا- هو: "التصور الذهني العام الكافي لتكوين فكرة كلية عن موضوع أو شيء أو وضع".

 

السنن الإلهية:
المعنى اللغوي لـ(السُّنَن):
(السُّنَن) جمع (سُنَّة)، مشتقة من الجذر (س ن ن)، وتدور معاني هذا الجذر حول مفردات: الاستمرارية والتتابع، والانتظام، والتحديد، والوضوح:
جاء في معجم مقاييس اللغة لابن فارس (ت: 395هـ): "السين والنون أصلٌ واحد مطرد، وهو جريَان الشيء وإطرادُهُ في سهولة، والأصل قولهم: سَنَنْتُ الماءَ على وجهي أَسُنُّهُ سَنًّا، إذا أرسلتَه إرسالًا. ثمَّ اشتُقَّ منه: رجل مسنون الوجه، كأنَّ اللحم قد سُنَّ على وجهه. والحَمَأُ المسنون من ذلك، كأنه قد صُبَّ صَبًّا.

 

ومما اشتقَّ منه: السُّنَّة، وهي السّيرة. وسُنَّة رسول الله عليه السلام: سِيرته... وإنّما سمِّيَت بذلك لأنها تجري جريًا... ثمَّ يحمل على هذا: سنَنْتُ الحديدة أسُنُّها سَنًّا: إذا أمْرَرْتها على السِّنان، والسِّنَان هو: المِسَنّ... والسِّنان للرُّمح من هذا؛ لأنّه مسنون، أي: ممطول محدّد"(17).
 

وذكر الصاحب ابن عباد (ت: 385هـ) في محيطه: "السَّنُّ: تَحْدِيْدُ كُل شَيْء"(18)، ثم يقول: "والسّنَنُ: المَذْهَبُ والطَّرِيْقُ. وكذلك السنَنُ: القَصدُ الذي تُرِيْدُه. والسنَنُ: أولُ القَوْم. وسَنَنُ الغارَةِ: أوَائلُهَا. واسْتَنَتِ الطرُقُ: وَضَحَتْ وبانَ سَنَنُها"(19).
 

وفي المعجم الوسيط: "(السنَنُ): الطريقة والمثال، يقال: بَنُوا بُيوتَهم على سَنَنٍ واحد، ومن الطريق: نَهْجُه وجِهَتُه، ويقال: تَنَحَّ عن سَنَنِ الخيل"(20). ولعل الأنسب في مثال (بَنُوا بُيوتَهم على سَنَنٍ واحد): على نَسَق واحد؛ فإن (الطريقة) تحمل في طيها معنى الكيفية، وهو ما لا يظهر في مقصود المثل المساق، بينما (النَّسَق) يفيد معنى المشابهة في نظام الهيئة.
و(السُّنَّة): "الطريقةُ والسِّيرة، حميدة كانت أو ذميمة"(21). وبمثل هذا أبانها ابن منظور(22).

 

ولكن يمكن القول: إنه في ضوء ما سبق، فإن السنة ليست كل طريقة، بل: الطريقة المحددة، الواضحة، المتتابعة، أو المتَّبَعة من آخرين بعد الفاعل الأول، أو: جيلًا بعد جيل، أو أمة بعد أمة.
فالسُّنَن- لغة- هي: الطرق أو الطرائق المحددة الواضحة ذات النسق الواحد أو المتشابه، المتتابعة، أو المُتَّبَعة.

 

التعريف الاصطلاحي لـ(السنن الإلهية):
اختلف تعريف (السُّنَّة) اصطلاحيًّا بحسب العلم الذي تناوله، فللسنة في كل من علوم: الحديث، والفقه، وأصول الفقه، تعريف يناسب استعمال كل علم ومقصده، أما في علم العقيدة فيطلق مصطلح (السنة) مرادفًا للآراء الاعتقادية لـ(أهل السنة والجماعة)، فالسنة هنا تطلق مقابل البدعة العقدية- كما يراها أهل السنة والجماعة-، ومن هذا الاستعمال: بعض ما صُنِّف في بيان معتقدات أهل السنة والجماعة، ككتاب: (أصول السنة) للحافظ أبي بكر عبد الله بن الزبير الحُميديُّ (ت: 219هـ)، و(السنة) للحافظ أبي بكر عمر بن أبي عاصم (ت: 287هـ)، و(السنة) لعبد الله بن أحمد ابن حنبل (ت: 290هـ)، و(السنة) لأحمد بن محمد بن هارون بن يزيد الخلال (ت: 311هـ)، و(الشرح والإبانة على أصول السنة والديانة) لابن بطة العكبري (ت: 387هـ)، و(أصول السنة) لابن أبي زَمَنِين المالكي (ت: 399هـ)، و(منهاج السنة النبوية) لأبي العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية (ت: 827هـ).

 

أما المركب الإضافي (سنة الله) وجمعه (سنن الله) أو (السنن الإلهية)- وقد يطلق عليها بعض الباحثين: (السنن الربانية)-: فيصعب القول إن العلماء قديمًا حفلوا بوضع تعريف اصطلاحي له بالمعنى العلمي للاصطلاح؛ إذ لم يُعرَف عنهم صرف جهودهم إلى تأصيلٍ لعلم السنن الإلهية أو للاهتمام به بصورة علمية منهجية، وإن وردت بعض الإيضاحات للمعنى بصورة أو بأخرى، ولكن ليس من الصواب ولا من الإنصاف أن نحمِّل كل إيضاح لمعنى صدر عن عالم فوق ما يحتمله منهجيًّا ونتكلف في معاملته على أنه (تعريف اصطلاحي)(23). ورغم هذا التحفظ فإنه يمكن القول: إنه قد بُذِلَت محاولات تعريفية اصطلاحية لبعض العلماء والباحثين المتأخرين والمعاصرين، وإن كان هذا المصطلح (سنة الله) أو (السنن الإلهية) لم يتبلور ويستقر بعد.
 

ويمكن فيما يأتي استعراض طائفة من هذه الإيضاحات التراثية والمحاولات التعريفية المعاصرة؛ للخروج بتصور عام ومفهوم كلي عن هذا المصطلح في اجتهادات العلماء والباحثين:
يقول العز ابن عبد السلام (ت: 660هـ): "ﱡسُنَّةَ اللَّهِﱠ: طريقته السالفة في نصر رسله وأوليائه على أعدائه"(24).
ويقول حميد الدين الفراهي(25) (ت: 1349هـ): "السُّنَّة هي طريق قوم، فإذا نُسِبتْ إلى شخص واحد كان المراد أنه الإمام، وكذلك إذا نسبت إلى الرب تعالى كان المعنى أنها طريق عامّة يُجرِي بها أمرَه في عباده، كما قال تعالى: ﱡسُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِﱠ"(26). ويقول في موضع آخر: "أما سنة الله فهي: الطريق المرعية في أفعال الله تعالى، هي: طريق العدل والرحمة"(27).

 

ويعرف الدكتور مصطفى الشكعة (سنة الله) بقوله: "سنة الله: نظامه يجريه في خلقه كما يريد"(28).
 

أما تلميذه الدكتور مجدي محمد عاشور فيعرفها- اصطلاحيًّا- بأنها: "ما اطرد من فعل الله في معاملة الأمم والأفراد، بناء على أفعالهم وسلوكهم وموقفهم من شرع الله، وأثر ذلك في الدنيا والآخرة"(29)، وهو تعريف قريب جدًّا من تعريف الدكتور عبد الكريم زيدان، الذي جاء فيه أن (سنة الله) هي: "الطريقة المتبعة في معاملة الله تعالى للبشر بناء على سلوكهم وأفعالهم وموقفهم من شرع الله وأنبيائه وما يترتب على ذلك من نتائج في الدنيا والآخرة"(30).
 

وواضح في هذا التعريف أنه- وإن جاء بصيغة التعميم- ليس تعريفًا لـ(سنة الله) بصفة عامة، بل لقسم منها، هو ما يختص بعنوان بحث كل منهما: (في الأمم والأفراد) عند الدكتور مجدي محمد عاشور، و(في الأمم والجماعات والأفراد) عند الدكتور عبد الكريم زيدان، أي: بسنن الله الاجتماعية. 
 

ويساوي محمد رشيد رضا بين مصطلح (السنن الإلهية) ومصطلح (النواميس الطبيعية)، فيقول: "وأما (النواميس الطبيعية): فالمراد من الناموس: الطريقة الثابتة المطردة التي يحكم الله تعالى بها على الكون، وهو محرف عن لفظ: (نومس) اليوناني، ومعناه: الشريعة، وكثيرًا ما يدور على ألسنة الطبيعيين (شريعة الطبيعة) و(الشرائع الطبيعية)، ويستعمله كتاب العربية في المقالات الأدبية والسياسية، مجاراةً لهم وعملًا باصطلاحهم، وكان الأولى أن يترجم لفظ: (نومس) بالسنة، فيقال: (سنة الطبيعة) و(السنن الطبيعية)، وبعض الكتاب يستعمل هذا الحرف وستراه كثيرًا في هذه الجريدة، وقد نعتاض عنه أحيانًا بقولنا: (سنة الكون) و(السنن الإلهية) و(سنة الله في خلقه)"(31)، أي: يمكن أن نستخلص تعريفه لـ(السنن الإلهية) بأنها: "الطريقة الثابتة المطردة التي يحكم الله تعالى بها على الكون"، ولكنه- كما هو واضح من ربطه بالمصطلحات الأخرى التي أوردها- تعريف أقرب إلى أحد أقسام السنن الإلهية، وهو: سنن الله الكونية، أو: سنن الله في الطبيعة.
 

ويستخلص الدكتور رشيد كُهُوس- وهو من أكثر الباحثين المعاصرين اهتمامًا وتصنيفًا وإفادة في السنن الإلهية- تعريفًا عامًّا للسنن الإلهية، يورده بصيغة مختصرة وصيغة مفصَّلة، فيذكر في الأولى أن (السنن الإلهية) هي: "سنن الله وقوانينه ونواميسه التي يدبر على مقتضاها الكون والحياة"، وهو تعريف يشوبه خطأ الدَّوْر في التعريف، وفي الصيغة المفصلة يقول إنها: "أقدار الله تعالى وعهوده الثابتة ووعوده الحقة وكلماته التامات، التي لا تبديل لها ولا تحويل يعتريها ولا تغيير يشملها، ولا تحابي أحدًا مؤمنًا كان أو كافرًا، وتسري على جميع المكوَّنات"(32)، وهذا الأخير لا يضيف على المختصر إلا بيانه مقصوده بـ(يدبر) أنه أقداره تعالى- على ما في ذلك من تداخل وتفصيل-، وبيان بعض صفات هذه السنن وليس جوهرها.
 

ورغم هذه الملحوظات وذلك التباين فإنه يمكن الخروج من هذه التعريفات، وبالنظر إلى المعنى اللغوي، بتعريف عام للسنن الإلهية، بأنها:
"قوانين الله تعالى ونظمه المطردة في خلقه، التي تخضع لها حركتهم الإرادية وغير الإرادية، ويعاملون وفق ميزانها في الدنيا والآخرة".

 

مباحث العقيدة:
المعنى اللغوي لـ(مباحث):
(مَباحِث) جمع (مَبْحَث) من الفعل (بَحَثَ)، الذي يدور معنى جذره على: الإثارة، والتفحص، والتنقيب؛ يقول ابن فارس: "(بحث): الباء والحاء والثاء أصلٌ واحد، يدلُّ على إثارة الشيء. قال الخليل: البحث: طلبك شيئًا في التُّراب. والبحث: أن تسأل عن شيء وتَستَخبِر. تقول: استَبْحِثْ عن هذا الأمر، وأنا أستَبْحِثُ عنه، وبحثْتُ عن فلانٍ بحثًا، وأنا أبحث عنه"(33).

 

وجاء في المعجم الوسيط: "بَحَثَ الأرضَ وفيها بَحَثًا: حَفَرها وطلب الشيء فيها، وفي التنزيل العزيز: ﱡفَبَعَثَ اللهُ غُرَابًا يَبْحَثُ في الأرضِﱠ. وبَحَثَ الشيءَ وعنه: طلبه في التراب ونحوه، وفتش عنه. وبَحَثَ الأمرَ وفيه: اجتهد فيه، وتعرَّفَ حقيقته. وبَحَثَ عنه: سأل واستقصى، فهو باحث، وبَحَّاث، وبَحَّاثة"(34).
و (المَبْحَث) على وزن (مَفْعَل)، صِيغَ على وزن اسم المكان للدلالة على محل البحث: "يقال: تركته بمباحث البقر: بالمكان القفر، أي: بحيث لا يُدرى أين هو"(35).

 

التعريف الاصطلاحي لـ(مباحث):
جاء في تعريفات الجرجاني (ت: 816هـ): "البحث- لغة- هو: التفحُّص والتفتيش. واصطلاحًا هو: إثبات النسبة الإيجابية أو السلبية بين الشيئين بطريق الاستدلال"(36)، وبمثل ذلك عرفها الكفوي (ت: 1094هـ) في كلياته، فقال: "والبحث عرفًا: إثبات النسبة الإيجابية أو السلبية من المعلّل بالدلائل، وطلب إثباتها من السائل، إظهارًا للحق ونفيًا للباطل"(37).
ويعرف الدكتور أحمد مختار عمر (البحث) في الاصطلاح المعاصر، فيقول: "بَحَثَ: تناول بالدرس والتأمل (درس المسألة)"(38)، ثم يعرف كلمة (مَبْحَث) بأنها: "بحث مقالي"(39).

 

ويعرف الجرجاني (المَبْحَث)- اصطلاحًا- بقوله: " المَبْحَث: هو الذي تتوجه فيه المناظرة بنفي أو إثبات"(40).
وعلى ذلك يمكن تعريف (المَبْحَث)- اصطلاحًا- بأنه: "محل إثارة موضوع أو قضية أو مسألة، وتحريها وفحصها والتنقيب عنها والتدقيق فيها".

 

المعنى اللغوي لـ(العقيدة):
جاء في معجم مقاييس اللغة: "(عَقَدَ): الْعَيْنُ وَالْقَافُ وَالدَّالُ أَصْلٌ وَاحِدٌ يَدُلُّ عَلَى شَدٍّ وَشِدَّةِ وُثُوقٍ، وَإِلَيْهِ تَرْجِعُ فَرَوْعُ الْبَابِ كُلُّهَا.
مِنْ ذَلِكَ: عَقْدُ الْبِنَاءِ... وَعَقَدْتُ الْحَبْلَ أَعْقِدُهُ عَقْدًا، وَقَدِ انْعَقَدَ، وَتِلْكَ هِيَ الْعُقْدَةُ."(41).
ومن ذلك أيضًا: "عقَّدَ العسل ونحوه: غَلَاه حتى غَلُظ، وعقَّدَ البناء: جعل له عقودًا، أي: طاقات معقودة كالأبواب، وعقَّدَ كلامه: أَعوَصَه وعمَّاه، وعقَّدَ الخيوطَ: أكثر من عقدها"(42).
ويقول المرتضى الزبيدي (ت: 1205هـ): "عقد: (عَقَدَ الحَبْلَ والبَيْعَ والعَهْدَ يَعْقِدُهُ) عَقْدًا فانعَقَدَ: (شَدَّهُ).
وَالَّذِي صَرَّحَ بِهِ أَئِمَّةُ الاشتِقَاقِ: أَنَّ أَصلَ العَقْدِ نَقِيض الحَلِّ، عَقَدَه يَعْقِده عَقْدًا وتَعْقَادًا، وعَقَّده، وَقد انْعَقد، وتَعَقَّدَ، ثمَّ اسْتُعْمِل فِي أَنْواعِ العُقُودِ من البُيوعاتِ والعُقُود وَغَيرهَا، ثمَّ استُعْمِل فِي التصميم والاعتقادِ الجَازِم"(43).
وجاء في المعجم الوسيط: "العقيدة: الحكم الَّذِي لَا يقبل الشَّك فِيهِ لَدَى معتقده"(44).
أي: إن مدار المعنى اللغوي لـ(العقيدة) على: الشد، والضم، والوثوق، والجزم.

 

التعريف الاصطلاحي لـ(العقيدة):
يُتَدَاوَل مصطلح العقيدة على مستويين: مستوى الاصطلاح العام، ومستوى الاصطلاح الخاص:

 

(العقيدة) في الاصطلاح العام:
يُعرِّف الشريف الجرجاني (العقائد)- وهي جمع العقيدة- بـ: "ما يقصد فيه نفس الاعتقاد دون العمل"(45).
بينما يعرف الكفوي (الاعتقاد) بأنه: "الحكم الجازم المقابل للتشكيك، بخلاف اليقين"(46).
ويعرف مجمع اللغة العربية العقيدة (فِي الدّين) بأنها: "مَا يقْصد بِهِ الِاعْتِقَاد دون الْعَمَل، كعقيدة وجود الله وَبَعثه الرُّسُل"(47).
وجاء في معجم المكنز الكبير: "(عقيدة): ما يؤمن به الإنسان ويتبعه"(48).

 

والذي يمكن الخروج به من هذه التعريفات أن تعريف (العقيدة) في الاصطلاح العام يقوم على مرتكزَين: موضوع نظري، وإيمان جازم.. أي: يمكن القول إن (العقيدة) اصطلاحيًّا- وفق هذه التعريفات المستمدة من المعنى اللغوي- هي: ما يُتبَنَّى من تصورات بصورة جازمة.
 

وجدير بالذكر أن هذا المصطلح (العقيدة) لم يَرِد في الكتاب والسنة، ولكنه مصطلح وضعي تَوَافَق عليه معظم علماء الإسلام وشاع بينهم، ولكنه في الحقيقة ليس معبرًا عن المصطلحات الشرعية التي يُفتَرَض فيه التعبير عنها- وبخاصة مصطلحي (الإيمان) و(التوحيد)-؛ إذ إن الإيمان- كما هو عند أهل السنة والجماعة-: اعتقاد، وقول، وعمل، بدرجتيه: الواجب والمستحب، كما أن التوحيد- ونقيضه: الشرك- لا يقتصر على الاعتقاد الجازم، بل يدخل فيه أيضًا: أعمال قلوب، وأعمال جوارح؛ لذا: ينبغي التنبه عند استعمال مصطلح (العقيدة) إلى أنه ليس مساويًا ولا بديلًا لهذه المصطلحات الشرعية.
 

(العقيدة) في الاصطلاح الخاص:
أما إذا كان الحديث عن (العقيدة) باعتبارها عِلمًا مدروسًا وليست إيمانًا شخصيًّا، فعلم (العقيدة) هو: العلم الذي يبحث الموضوعات النظرية في التوحيد والإيمان والنبوة والمعاد في دين الإسلام، ويطلق على هذا العلم أيضًا: (علم التوحيد) أو علم (التوحيد والصفات)؛ باعتبار توحيد الله تعالى أبرز مباحثه وأجلُّها، من باب إطلاق الجزء على الكل، وعلم (أصول الدين)؛ باعتبار أن موضوعاته أساس الدين الذي يبتنى عليه غيره، و(الفقه الأكبر)؛ باعتبار أن فقه المسائل التي يبحثها أفضل وأكبر في الأهمية من مسائل فقه الفروع والعمليات، و(علم الكلام)؛ لأنه يورث قدرة على الكلام في تحقيق الشرعيات وإلزام الخصوم، أو لأن عناوين مباحثه كانت تبدأ بقولهم (الكلام في كذا وكذا)(49).

 

وقد تعددت تعريفات هذا العلم وتباينت، بحسب زاوية النظر وطريقة المعالجة وجانب الاهتمام؛ يقول التفتازاني (ت: 792هـ): "اعلم أن الأحكام الشرعية منها ما يتعلق بكيفية العمل، وتسمى فرعية وعملية، ومنها ما يتعلق بالاعتقاد، وتسمى أصلية واعتقادية. والعلم المتعلق بالأولى يسمى: علم الشرائع والأحكام؛ لما أنها لا تستفاد إلا من جهة الشرع، ولا يسبق الفهم عند إطلاق الأحكام إلا إليها، وبالثانية: علم التوحيد والصفات؛ لما أن ذلك أشهر مباحثه وأشرف مقاصده"(50).
 

ويقول الجرجاني في تعريفاته: "علم الكلام: علم باحث عن الأعراض الذاتية للموجود من حيث هو على قاعدة الإسلام"(51)، بينما يعرفه في موضع آخر بأنه: "علم يُبحَث فيه عن ذات الله تعالى وصفاته، وأحوال الممكنات من المبدأ والمعاد على قانون الإسلام، والقيد الأخير لإخراج العلم الإلهي للفلاسفة"(52).
 

ولم تخرج التعريفات المعاصرة لعلم العقيدة ومرادفاته الاسمية عن الإطار التراثي؛ إذ يقول الدكتور مصطفى عبد الرازق: "فإن العلماء يكادون يتفقون على أن علم الكلام خاص بالمسائل الاعتقادية، وعلم الفقه متصل بالأحكام العملية"(53).
 

ويعرف أستاذنا الدكتور حسن الشافعي علم الكلام- الذي يُفضِّل تسميته بـ(الفقه الأكبر)- بأنه: "العلم الذي يُبحَث فيه عن الأحكام الشرعية الاعتقادية، التي تتعلق بالإلهيات أو النبوات أو السمعيات، من أجل البرهنة عليها ودفع الشبه عنها"(54).
 

ويقدم الدكتور أحمد مختار عمر تعريفات مختصرة لـ(علم الكلام) ومرادفاته الاسمية، فيعرفه بأنه: "علم أصول الدِّين الذي يرمي إلى إثبات العقائد الدينيّة بإيراد الحُجَج ودفع الشُّبَه"(55)، ثم يساوي بينه وبين (علم النظر)(56).
 

وفي موضع آخر يعرِّف علم التَّوحيد بأنه: "علم الكلام، وهو العلم الذي يبحث في الإلهيّات والنبوّات والسمعيّات"(57).
والخلاصة التي يمكن الخروج بها أن (العقيدة) بوصفها علمًا، هي: العلم الذي يبحث في الموضوعات والمسائل المتعلقة بالإلهيات والنبوات والسمعيات في دين الإسلام؛ لاستجلاء حقيقة هذه الموضوعات والمسائل، أو إثباتها وتأييدها، أو دفع الشبه عنها، بالأدلة النقلية والعقلية.

 

وعلى ذلك تكون (مباحث العقيدة) هي: "المواضع العلمية لتحري أوجه الصواب والحق ودراسة الجدل، في الموضوعات والمسائل المتعلقة بالإلهيات والنبوات والسمعيات في دين الإسلام".
 

ثانيًا: أهمية موضوع البحث:
1)    يُعَد فقه السنن الإلهية أحد المرتكزات المهمة التي تساعد المسلم على تكوين تصوره عن الإنسان والكون والحياة، ومن ثم: عن عقيدته التي يدين بها.

 

2)    تتأثر الدعوة والتربية(58)، وكذلك مناهج تغيير الواقع الفردي والمجتمعي ووسائله(59)، بمدى الوعي بالسنن الإلهية واستحضارها في العمل والسلوك.
 

3)    تتصل (السنن الإلهية) بمجالات عديدة وعلوم إنسانية شتى؛ فالبحث فيها وثيق الصلة بعلوم القرآن، وبخاصة: نمط التفسير الموضوعي من علوم التفسير(60)، كما أن الكلام فيها لصيق بعلوم التاريخ(61)، وبخاصة: فلسفة التاريخ(62)، وفقه الحضارات(63)، والسيرة النبوية(64)، وكذلك له ارتباط بالعلوم الكونية والطبيعية(65)، وهو وثيق الصلة أيضًا بمجالات علوم: النفس(66)، والاجتماع(67)، والاقتصاد(68)، والسياسة(69)- وبخاصة تحليل الأحداث، واستشراف المستقبل(70)-، بل إن بعض الباحثين لمح تأثير الوعي بها على الاجتهادات في علمي الفقه(71) والحديث(72) الشرعيين.. وهذا كله يؤكد مكانة موضوع السنن الإلهية بين العلوم وأهمية العناية بها فهمًا وبحثًا وتطبيقًا.
 

4)    رغم إشارة بعض العلماء قديمًا وحديثًا إلى (السنن الإلهية) والتنويه بأهميتها، إلا أن هذا الموضوع لم يستقل بصفته علمًا شرعيًّا حتى الآن.. وقد ظهرت مؤخرًا بعض الدعوات إلى النظر إليه بصفته علمًا شرعيًّا في طور التأسيس، وتبذل في ذلك بعض المحاولات الدؤوبة(73)، ومن ثم: تمس الحاجة إلى إثرائه بالبحوث النوعية في مختلف جوانبه وزواياه.
 

ثالثًا: مشكلة البحث:
بعد استقراء ما توفر لي من دراسات وأبحاث سابقة ظهر وجود ثغرة بحثية تتمثل في افتقار هذه الدراسات إلى بحوث ودراسات تغطي علاقة السنن الإلهية بمباحث العقيدة، أو تعالجها بشكل كافٍ وبصورة محددة وشاملة، مما شكل مشكلة بحثية تتمثل في: غموض العلاقة بين السنن الإلهية (باعتبارها متغيرًا مستقلًّا) ومباحث العقيدة (باعتبارها متغيرًا تابعًا)(74)، وجودًا أو عدمًا، مع جهالة طبيعة هذه العلاقة في حال وجودها..

 

ويستلزم لحل هذه المشكلة البحثية حسم مشكلة بحثية أخرى لم تحسمها الدراسات السابقة أيضًا، رغم أنها تُعَد أساسًا للمشكلة الأولى، وهي: تجلية معالم مفهوم (السنن الإلهية)، والمحددات المتعلقة بهذا المفهوم، وسبر المسائل المتعلقة به بوضوح، وبخاصة: صفاتها وخصائصها، وأنواعها وأقسامها الكلية؛ حيث ظهر- من خلال النظر في الدراسات السابقة- وجود تباين واختلاف في حل هذه المشكلة البحثية، وذلك بالرغم من تعلق موضوع السنن الإلهية بكثير من المجالات والعلوم، وأهمية الحاجة إليها في حياتنا العملية- كما وضح في بيان أهمية البحث-.
 

رابعًا: أهداف البحث:
1)    تحرير مفهوم السنن الإلهية، ومحاولة اختيار- أو وضع- تعريف اصطلاحي وفق معاني مفرداته اللغوية وفي ضوء القرآن الكريم، مع تجنب المآخذ على التعريفات السابقة.
2)    سبر المسائل والمحددات المتعلقة بمفهوم السنن الإلهية، كطرائق اكتشاف هذه السنن وتحديدها، وبيان صفاتها وخصائصها، وأنواعها وأقسامها الكلية، ومدى حجيتها، وتحقيق الخلاف فيها إذا وُجِد.
3)    التعرف على العلاقة بين السنن الإلهية ومباحث العقيدة المختلفة، وتحديد ماهية هذه العلاقة وإيضاحها.
4)    إيضاح أهمية التعرف على السنن الإلهية، والحث على العمل وفقها في حياة المسلمين.

 

خامسًا: حدود البحث:
•    يُقصَد بـ(مفهوم السنن الإلهية): المعنى العام للسنن الإلهية، وما يتعلق بها من صفات وخصائص وطرائق اكتشافها واستنباطها وأنواعها الكلية، وبذلك التحديد تُستبعَد دراسة السنن الإلهية المفردة إلا ما يرد على سبيل التمثيل أو التوضيح للمقصد الأساس في البحث.
•    كما تَستبعِد عبارة (في القرآن الكريم) الاجتهادات والآراء ذات المرجعية غير الإسلامية في تقرير السنن (ككتاب الفيلسوف الفرنسي د. غوستاف لوبون: السنن النفسية لتطور الأمم)(75)، إلا إذا كانت هذه الاجتهادات متعلقة بالقرآن الكريم، أو ذُكِرَت في سياق متعلق بسنن إلهية قرآنية، أو تخدم أهداف البحث بصورة أو بأخرى.
•    ويَستبعِد مصطلح (مباحث العقيدة) ما يتعلق بعلاقة السنن الإلهية بالعقيدة باعتبارها إيمانًا ذاتيًّا، أو باعتبارها تصورًا مؤثِرًا في النفوس والمجتمعات، إذ المقصود بـ(مباحث العقيدة): أبواب ومسائل ذلك العلم الذي يسمى أحيانًا بعلم: العقيدة، أو أصول الدين، أو علم الكلام، أو الفقه الأكبر.. من العلوم الإسلامية- كما مر إيضاحه في الفقرة (أولًا: مفردات عنوان البحث)-.
•    والدراسة غير محصورة بمدى زمني معين، ولا حيز مكاني محدد، ولا اتجاه مذهبي.

 

سادسًا: نماذج معالجة لبعض جزئيات البحث:
المثال الأول: السنن الإلهية ومعجزات الأنبياء والرسل:
تكمن المشكلة البحثية في هذه الجزئية في التعارض الذي يبدو بين صفات السنن الإلهية وطبيعة المعجزة:
إذ يكاد يتفق القدماء والمحدثون على أن من صفات السنن الإلهية: الثبات، والاستقرار، والاطراد، والعموم، وهذه الصفات مقتضى المعنى اللغوي لكلمة (السنة)، وتفسير الآيات المبيِّنة للسنن في كتاب الله تعالى، كقوله سبحانه: {سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنَا وَلَا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلًا} [الإسراء: 77]، وقوله تعالى: {سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا} [الأحزاب: 62]، وقوله تعالى: {سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا} [الفتح: 23]، وقوله تعالى: {مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا} [الأحزاب: 38]:

 

فعن مقاتل (ت: 150هـ) في تفسير قوله تعالى: ﱡوَلَا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلًاﱠ: "السنة واحدة فيما مضى وفيما بقى"(76)، ويقول الطبري (ت: 310هـ) في تفسيره للآية نفسها: "ولا تجد لسنتنا تحويلًا عما جرت به")77)، وهذا ما يؤكده أيضًا ابن تيمية، حيث يقول: "وذكر الله تعالى في غير موضع أن سنته في ذلك سنةٌ مطردة وعادة مستمرة"(78)، ويقول الدكتور مصطفى الشكعة: "ومجمل القول عندنا: إن السنن الإلهية إجبارية تجري على المخلوقات جميعًا من أفراد وكائنات")79).
 

بينما يتفق علماء الكلام والعقيدة على أن المعجزة: أمر خارق للعادة الكونية)80)، أي إن ظاهرَ المعجزة مخالَفةُ مبدأ السببية الذي ترتبط به السنن في جانب كبير من مفهومها، حيث لا يوجد قانون يفسر حدوث المعجزة- طبيعيًّا- أو يُتوَّقع به حدوثها، كما أن هذا الظاهر يخالف ما تتصف به السنن من ثبات واستقرار واطراد وعموم.
 

وقد افترق من اهتم من الباحثين بمعالجة هذه الإشكالية إلى فريقين:
الأول: نظر إلى السنن الإلهية فعمد إلى تقسيمها إلى: سنن جارية، وسنن خارقة، وجعل جميع السنن- فيما عدا ما يخص المعجزات- من السنن الجارية. فيما خص المعجزات (والخوارق الأخرى كالكرامات) بكونها تندرج تحت قسم السنن الخارقة(81).

 

الثاني: نحى المنحى المعاكس، فأنكر أساسًا أن تكون هذه (المعجزات) على ظواهرها الحسية الحقيقية المخالفة للسنن، وذهب كل مذهب في تأويل هذه الظواهر مجازيًّا ومعنويًّا، أو اختزالها في صورة مادية لا تخرج عما (علمه) من خصائص المادة وكيفية عملها، وبذلك استقام عنده أن تكون السنن الإلهية ثابتة ومطردة وعامة(82).
 

وفي اجتهاد الفريقين نظر ومراجعة:
فالفريق الأول: خالف في نحته مصطلح (السنن الخارقة) ما هو مؤكد ومستقر لصفات (السنن) لغويًّا واصطلاحيًّا، إذ إن هذه الصفات لا تجتمع مع معنى (خارقة) الذي يدل أصل معناها اللغوي على الشق والتمزيق(83)، فمصطلح (السنن الخارقة) جَمْعٌ بين مختلفين لا يستقيم ولا يحل الإشكالية التي قُصد إلى حلها به.

 

أما الفريق الثاني: فاجتهاده- فوق تعسفه وتكلفه في التخريج- تأباه اللغة، ويأباه السياق القرآني، وتأباه (المعجزات) نفسها؛ أما اللغة فقد وردت كثير من هذه الخوارق بصيغ لا تحتمل صرفها إلى غير الحقيقة على النحو ذهب إليه هذا الفريق، كقوله تعالى: {فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ} [الأعراف: 107]، وقوله تعالى: {فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى} [طه: 20]، وقوله تعالى: {وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ} [الأعراف: 108]، وقوله تعالى: {فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ} [الشعراء: 63]، وأما السياق: فالقص القرآني الواردة به هذه الآيات لا يحتمل مثل هذا التأويل؛ فالعصا التي أُوِّلت بأنها (آلة ميكانيكية) تستمد حركتها من طاقة كامنة فيها، وأنها تمظهر كوني قائم على العلم والمعرفة، ثم نُسبت لها الحياة- كما تنسب للجمادات- لتأخذ وصف (حية).. يأباه المشهد القصصي المتعدد وما يهدف إليه، بما يتضمنه من شهود الناس وخضوع السحرة وإقرارهم وصغار فرعون وملئه وانهزامهم. وأخيرًا: فإن من هذه الآيات ما لا سبيل لإنكار خرقه لم جرت عليه عادات البشر، فإنه إذا كان هناك وجه –مردود- لتأويل الآيات الخارقة التي أجراها الله لنبيه عيسى- مثلًا- فإنه لا يمكن إنكار أو تأويل ولادة عيسى عليه السلام نفسه بغير أب، على غير سنن التكاثر في البشر.. وهذا كله ما يسقط هذا التوجيه لهذا الفريق في محاولة التوفيق بين هذه الآيات (المعجزات) والسنن الإلهية.. وتبقى الإشكالية قائمة.
 

تعقيب:
من خلال استعراض الإشكالية وجوانبها المختلفة، يمكن القول: إن معالجتها يكون بالإجابة على أسئلة مفاتيح لها، تتمثل في:
•    ما أصل مصطلح (المعجزة)، وما الأوجه المختلفة لورود معناه في القرآن الكريم؟
•    ما أوجه التحدي الواردة في القرآن الكريم، التي يمكن أن ينطبق عليها معنى مصطلح (المعجزة)؟
•    ما هي المجالات التي استعمل فيها مصطلح (سُنَّة) وما في معناه في القرآن الكريم؟، وهل يمكن الخروج عن هذه المجالات وسحب المصطلح على مجالات أخرى؟
•    هل يمكن تعميم (السنن الإلهية) لتشمل الطبيعيات، أم إن الطبيعيات تصنيف مغاير للسنن؟ وهل جاءت النصوص بوقوع (معجزات) في غير (سنن الطبيعة الكونية)- غير المعجزة القرآنية-؟
•    هل يستوي مصطلح (السنن الإلهية) مع مفهوم (العادات) بحيث يكون كل خرق للعادة خرقًا للسنن الإلهية؟
•    هل يمكن القول إن الإنسان تعرف على (جميع) السنن الإلهية، أو أسرار كل سنة، بحيث يحكم أن خارق العادة بالنسبة لعلمه وعادته خارم للسنة؟ أو بصياغة أخرى: ما الفرق بين مجهول التفسير وناقض السنة المعلومة؟
•    هل كل خرق للعادة (أو السنة) جرى للأنبياء صاحبه تحدٍّ؟
•    إلى مَن يُسنَد فعل المعجزة، وما علاقة ذلك بصفات الخالق سبحانه، وطبيعة المخلوق؟
جميع هذه الأسئلة وما يتعلق بها تكون إن شاء الله تعالى مجال البحث الموسع.

 

المثال الثاني: علاقة السنن الإلهية بالدعاء:
كلمة (الدعاء) مصدر من الفعل دعا، من قولك: دعوتُ الشيءَ، أدعُوهُ، دعاءً.. وقد يوضع المصدر موضع الاسم، كقولهم: رجل عدل.. أما أصل معناها فيقول ابن فارس: "الدال والعين والحرف المعتل أصل واحد، وهو أن تميل إليك بصوت وكلام يكون منك. تقول: دعوتُ أدعو دعاءً"(84).
ومعنى الدعاء في الاصطلاح: استدعاء العبد ربه عز وجل العناية، واستمداده إياه المعونة. وحقيقته: إظهار الافتقار إليه، والتبرؤ من الحول والقوة، وهو سمة العبودية، واستشعار الذلة البشرية، وفيه معنى الثناء على الله عز وجل وإضافة الجود، والكرم إليه(85).

 

ويعد الدعاء من أكبر العبادات القلبية المتعلقة بتوحيد الله تعالى، ففي الحديث: "الدعاء هو العبادة"(86)، وقد ورد في فضل الدعاء والحث عليه نصوص شرعية كثيرة، وورد أيضًا نماذج وصور من دعاء الأنبياء والصالحين وإرشادات نبوية وصيغ جامعة للدعاء.
إضافة إلى ذلك فإنه يرتبط بالدعاء عبادات قلبية أخرى كالاستغاثة والتوسل والتوكل، كما يرتبط به بعض الممارسات كالرقى والاستشفاء.

 

ويقسم بعض العلماء الدعاء إلى قسمين: دعاء عبادة محضة، ودعاء مسألة وطلب(87)، ومن دعاء المسألة والطلب: ورد ما يتعلق بأمور حياتية: كطلب الرزق والشفاء وصلاح الذرية والأولاد... وغير ذلك من أمور حياتية لها صلة في بعض جوانبها بالسنن الإلهية، ومن أمثلة ذلك:
قوله تعالى: {وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} [الأنبياء: 83]، وقوله تعالى: {هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ} [آل عمران: 38]، وقوله تعالى: {رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [الأحقاف: 15]، وقوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} [البقرة: 126]، وفي الحديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم : "كان يقول: اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى"(88).

 

وإذا كان هذا شأن الدعاء، فإن (السنن الإلهية) تتصف بالاطراد، وهذا الاطراد قائم على مبدأ السببية الذي يربط بين السبب والمسبب بعلاقة لا تنفك بحسب سنن الله.. وهذا ما يتعارض في الظاهر مع مفهوم الدعاء وثمرته، مما أوجد خلطًا في فهم مسألة الفعل الإلهي والفعل الإنساني والعلاقة بينهما: فهل الدعاء بالشفاء يكون بديلًا أو متقاطعًا مع طلب العلاج؟ وهل يمكن وقوع الإنجاب بمجرد الدعاء بطلب الذرية بعيدًا عن الأخذ بأسباب ذلك؟ وإذا وقع، فما تفسيره؟ وهل الدعاء بصلاح الذرية يغني عن بذل الجهد في تربية الأبناء؟ وهل يمكن الاستغناء بالدعاء عن السعي في طلب الرزق والتخطيط الاقتصادي؟
فتحقيق مطلوب الدعاء إذا ثبت أنه خلاف سنن الله تعالى قد يُعد خرقًا لصفة العموم التي تتصف بها السنن الإلهية ومحاباة في عملها والأخذ بها.

 

وفي المقابل: "ذهب قوم من المتفلسفة وغالية المتصوفة إلى أن الدعاء لا فائدة فيه!، قالوا: لأن المشيئة الإلهية إن اقتضت وجود المطلوب فلا حاجة إلى الدعاء، وإن لم تقتضه فلا فائدة في الدعاء"(89).
وفي الوقت نفسه وُجِدَت بعض الانحرافات المتعلقة بالدعاء أو بممارسات مرتبطة به، والمتمثلة في نسبة القدرة على فعل بعض التصرفات الكونية أو الطبيعية إلى (أولياء) بغير طريق الأسباب الطبيعية أو السنن الإلهية، لذا: صرف بعض المعتقدين في هؤلاء الأولياء الدعاء إليهم.

 

تعقيب:
من خلال استعراض الإشكالية وجوانبها المختلفة، يمكن القول إن معالجتها يكون بالإجابة على أسئلة مفاتيح لها، تتمثل في:
•    هل تراعي شروط الدعاء وآدابه التي استخلصها العلماء بُعدَ السنن الإلهية؟
•    هل يمكن القول: إن الدعاء سنة من السنن الإلهية، أم هو مباين لها، أم بينهما تقاطع؟
•    هل يتعارض الدعاء مع الأخذ بالأسباب وفق السنن الإلهية؟
•    ما العلاقة بين الفعل الإلهي والفعل الإنساني، التي تنتظم في إطارها السنن الإلهية مع الدعاء؟
•    ما علاقة العدل الإلهي بمسألة جدلية العلاقة بين الدعاء والسنن الإلهية؟
•    هل يوجد تلازم ذاتي بين الدعاء ووقوع المدعو به؟

 

ويمكن في هذا المقام الإجابة بإيجاز على السؤال الأول والسؤال الأخير، مع ترك تفصيل ذلك وإجابة جميع الأسئلة الأخرى لبحث موسع إن شاء الله تعالى:
•    هل تراعي شروط الدعاء وآدابه التي استخلصها العلماء بُعدَ السنن الإلهية؟:
تطرق العلماء لهذه المسألة عند حديثهم عن الاعتداء (أو: التعدي) في الدعاء، ضمن حديثهم عن شروط الدعاء وآدابه، والاعتداء في الدعاء هو: تجاوز ما ينبغي أن يُقتصرَ عليه، وعَدَّ العلماء من ذلك: الدعاء بما يخالف طبائع الأشياء والسنن الإلهية؛ يقول أبو سليمان الخطابي (ت: 388هـ): "ولا يجوز أن يُدعا بالمحال، وأن يطلب ما لا مطمع فيه، كمن يدعو بالخلود في الدنيا، وقد علم أن الله سبحانه استأثر بالبقاء وكتب الفناء على جميع خلقه"(90)، ويؤكد هذه المعاني ويفصلها أكثر ابن تيمية، فيقول: "فالاعتداء في الدعاء تارة بأن يسأل ما لا يجوز له سؤاله من المعونة على المحرمات. وتارة يسأل ما لا يفعله الله، مثل: أن يسأل تخليده إلى يوم القيامة، أو يسأله أن يرفع عنه لوازم البشرية: من الحاجة إلى الطعام والشراب، ويسأله بأن يطلعه على غيبه، أو أن يجعله من المعصومين، أو يهب له ولدًا من غير زوجة.. ونحو ذلك مما سؤاله اعتداء لا يحبه الله ولا يحب سائله"(91).

 

ويجيب الباحث سعود بن محمد بن حمود العقيلي على اعتراض يَرِد على النهي عن الاعتداء في الدعاء بقوله: "ويَحسن بي أن أقفَ عند نقطة مهمَّة؛ وهي أنَّ بعضَ الناس لا يَقبلون معنى الاعتداء في الدُّعاء بحجَّة أنَّ اللهَ على كلِّ شيء قدير، وأنَّه مهما دعا الإنسان فإنَّ اللهَ قادرٌ على أن يُجيبَ دعوتَه.
 

والجواب: أنَّ اللهَ قد وَضَعَ لنا سننًا وقوانين كونيَّة وشرعيَّة لا يجوز لنا أن نتعدَّاها؛ فاللهُ قادرٌ على أن يأتي بالولد من غير وطء (مثل عيسى عليه السَّلام)؛ لكنها سنَّةُ الله في الاستيلاد أنَّه لا بدَّ من وطء، وكذلك اللهُ قادرٌ على أن يَرزق الإنسانَ وهو في قعر بيته لم يكتسب؛ لكن سنَّة الله في الاسترزاق هي الكسب؛ (لذلك فلا يطلب أحد من ذوي الألباب وقوع المسبَّب من غير سبب؛ لما فيه من سوء الأدب)"(92).
 

•    هل يوجد تلازم ذاتي بين الدعاء ووقوع المدعو به؟:
لم يقل أحد من أئمة المسلمين بوجود تلازم ذاتي بين الدعاء ووقوع المدعو به، أو بأن الدعاء يستجاب حتمًا، ولم يقل أحد منهم حتى بأن الأصل أو الأكثر استجابة الدعاء، ولكنهم قالوا: إن الدعاء ينفع سواء استجيب أم لم يستجب(93)، بل ثبت أن الله تعالى رد دعاء بعض الأنبياء عليهم السلام، وهم أطهر الخلق وأزكاهم عند الله، والمتأمل في الدعوات المردودة يجد أن لها صلة بالاتساق مع السنن الإلهية ونظام الله تعالى وطريقته في خلقه، ومن ذلك:
قول الله تعالى: {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ} [البقرة: 124]، فمنع من الإمامة الظالمين، حتى ولو كانوا من ذرية نبي الله إبراهيم عليه السلام، وقوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} [البقرة: 126]، فلم يستجب الله تعالى لقصر الرزق على المؤمنين، بينما لم يَرُدَّ الدعاء عندما لم يخصص إبراهيم عليه السلام الرزق بمن آمن، فقال تعالى: {رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ} [إبراهيم: 37].

 

وعندما ألح رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدعاء بهداية عمه أبي طالب، أنزل الله تعالى: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} [القصص: 56](94).
 

وفي الحديث الذي رواه ثوبان رضي الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ".. وإني سألت ربي لأمتي ألا يهلكها بسنة بعامة، وألا يسلط عليهم عدوًّا من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم، وإن ربي قال: يا محمد، إني إذا قضيت قضاء فإنه لا يُرَد، وإني أعطيتك لأمتك أن لا أهلكهم بسنة بعامة، وأن لا أسلط عليهم عدوًا من سوى أنفسهم يستبيح بيضتهم، ولو اجتمع عليهم من بأقطارها- أو قال: من بين أقطارها- حتى يكون بعضهم يهلك بعضًا، ويسبي بعضهم بعضًا"(95).. وغير ذلك من الشواهد التي تثبت عدم وجود تلازم ذاتي بين الدعاء ووقوع المدعو به.
______________________
(1) أخرجه: البخاري (رقم/ 1008)، عن أبي مسعود، وكذا: مسلم والنسائي وابن ماجه.
(2) أخرجه: مسلم (رقم/ 2361)، وأحمد بن حنبل، عن أنس بن مالك وعائشة رضي الله عنهما.
(3) أخرجه البخاري (رقم/ 5397)، ومسلم (رقم/ 2219)، وأحمد بن حنبل (1/ 192).
(4) مجموع الفتاوي، مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، المدينة المنورة، 1416هـ- 1995م، ج/ 28، ص ص 425- 426، وانظر: محمد بن أحمد بن عبد الهادي المقدسي، العقود الدرية من مناقب شيخ الإسلام أحمد بن تيمية، تحقيق: محمد حامد الفقي، دار الكتاب العربي، بيروت- لبنان، ص ص 137- 140.
(5) تحقيق: محمد خير رمضان يوسف، دار ابن حزم، بيروت- لبنان، ط/ 1، 1416هـ- 1996م.
(6) دراسة وتحقيق وتخريج: إبراهيم بن عبد الله الحازمي، دار الشريف، الرياض، السعودية، ط/ 1، 1412هـ- 1992م.
(7) انظر: صدر مقدمة ابن سينا لكتابه القانون في الطب، تحقيق: محمد أمين الضناوي، دار الكتب العلمية، بيروت- لبنان، ط/ 1، 1420هـ- 1999م، ج/ 1، ص9.
(8) انظر للكاتب: مقال (نحو وعي سنني)، مجلة البيان اللندنية، العدد 89، محرم/ يونيو 1995م، ص ص 26- 36.
(9) أحمد رضا، معجم متن اللغة، دار مكتبة الحياة، بيروت- لبنان، 1379هـ- 1960م، ج/ 4، ص460.
(10) مجمع اللغة العربية، المعجم الوسيط، ط/ 4، القاهرة، م/ 2، ص704.
(11) أبو القاسم إسماعيل بن عباد بن عباس بن عباد بن أحمد بن إدريس القزويني، الطالقاني، الأصفهاني، المعروف بالصاحب ابن عباد (ت: 385هـ)، المحيط في اللغة، تحقيق: الشيخ محمد حسن آل ياسين، عالم الكتب، بيروت- لبنان، ط/ 1، 1414هـ-1994م، ج/ 4، ص10.
(12) المعجم الوسيط، م. س.
(13) نوربير سيلامي، وآخرون، المعجم الموسوعي في علم النفس، ترجمة: وجيه أسعد، منشورات وزارة الثقافة، دمشق- سورية، 2001، ج/ 5، ص2022.
(14) مجمع اللغة العربية، المعجم الفلسفي، القاهرة، 1403هـ- 1983م، ص141.
(15) المعجم الوسيط، م. س.
(16) د.جميل صليبا، المعجم الفلسفي، دار الكتاب اللبناني، بيروت- لبنان، 1982م، ج/2، ص403.
(17) أبو الحسين أحمد بن فارس بن زكريا، معجم مقاييس اللغة، ت: عبد السلام هارون، مصورة دار الفكر، بيروت- لبنان، 1399هـ - 1979م، ج/ 3، ص ص 60- 61.
(18) الصاحب ابن عباد، م. س، ج/ 8، ص247.
(19) السابق، ص248.
(20) المعجم الوسيط، م. س، ص456.
(21) السابق.
(22) انظر: ابن منظور، محمد بن مكرم الإفريقي المصري، لسان العرب، دار صادر- بيروت- لبنان، ط/ 3، 1414هـ- 1994م، ج/ 13، ص225.
(23) انظر في أهمية المصطلح العقدي والفكري وضوابطه: سعود بن سعد بن نمر العتيبي، ضوابط قبول المصطلحات العقدية والفكرية عند أهل السنة والجماعة، رسالة دكتوراه أجيزت في كلية الدعوة وأصول الدين (قسم العقيدة والأديان)- جامعة أم القرى، مكة المكرمة، 1428هـ- 2007م.
(24) العز بن عبد السلام، أبو محمد عز الدين عبد العزيز بن عبد السلام بن أبي القاسم بن الحسن السلمي الدمشقي، الملقب بسلطان العلماء، تفسير القرآن (وهو اختصار لتفسير الماوردي)، تحقيق: د. عبد الله بن إبراهيم الوهيبي، دار ابن حزم، بيروت- لبنان، ط/ 1، 1416هـ- 1996م، ج/ 3، ص207.
(25) هو عبد الحميد بن عبد الكريم بن قربان قنبر بن تاج علي، حميد الدين، أبو أحمد، الأنصاري، الفراهي، ولد عام 1280هـ- 1862م في قرية فريها (FARIHA) إحدى قرى مديرية أعظم كره بالهند، نشأ في أسرة موسرة غنية. حفظ القرآن الكريم وهو ابن عشر سنين وتلقى تعليمه الابتدائي بالقرية، ثم تتلمذ على علماء وأشياخ عصره، فتعلم على: شبلي النعماني، والمولوي محمد مهدي، وسافر إلى مدينة لكنو فتلقى العلم عن: فضل الله بن نعمة الله، وعبد الحي بن عبد الحليم، ثم انتقل إلى لاهور فدرس على فيض الحسن السهارنبوري، كما التحق بجامعة إله آباد بالهند، وحصل على ليسانس في الفلسفة الحديثة، وتعلم الإنجليزية والعبرية، إضافة إلى إتقانه الفارسية وتضلعه في العربية.
وبعد أن تقلد عدة وظائف ومناصب رسمية كبرى استقال من مناصبه ليتفرغ لتدبر القرآن المجيد والتعمق في معانيه، وأسس وأدار مدرسة وجمعية إصلاح المسلمين في منطقة أعظم كره..
له نظرات تفرد بها في الدراسات القرآنية، من أهم مؤلفاته: مفردات القرآن- وهو من أنفس كتبه وأجلها-، نظام القرآن وتأويل الفرقان بالفرقان، دلائل النظام، رسائل في علوم القرآن (في جزئين)، أساليب القرآن.
توفي عام 1349هـ- 1930م، وأثنى عليه وعلى علمه كثير من العلماء، منهم: تلميذه أبو الكلام آزاد، وشبلي النعماني، وعبد الرحمن المباركفوري، وسيد سليمان الندوي، وأبو الأعلى المودودي، والبشير الإبراهيمي، ومحمد رشيد رضا.
انظر: عبد الحي بن فخر الدين الحسيني، نزهة الخواطر وبهجة المسامع والنواظر، دار ابن حزم، بيروت- لبنان، ط/1، 1420هـ- 1999م، ج/ 8، ص1267. ود. أحمد إدريس، الأدب العربي في شبه القارة الهندية حتى أواخر القرن العشرين، دار عين للدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية، الجيزة- مصر، ط/ 1، 1418هـ- 1998م، ص390. ود. محمد راشد الندوي، الأستاذ العلامة حميد الدين الفراهي وآراؤه في النقد والبلاغة (تعريب: تسنيم كوثر)، مجلة المجمع العلمي الهندي، م/ 17، ع/ 1& 2، 1/ 1416هـ- 6/ 1995م، ص ص 29- 58. وعرفات ظفر، العلامة حميد الدين الفراهي عند العلماء الهنود والفضلاء العرب، مجلة البعث الإسلامي، لكناو- الهند، ع/ 9، م/ 48، 6/ 1425هـ- 8/ 2004م، ص ص 73- 84.
(26) حميد الدين الفراهي، مفردات القرآن.. نظرات جديدة في تفسير ألفاظ قرآنية، ت: د. محمد أجمل أيوب الإصلاحي، دار الغرب الإسلامي، بيروت- لبنان، ط/ 1، 2002م، ص196.
(27) حميد الدين الفراهي، القائد إلى عيون العقائد، الدائرة الحميدية ومكتبتها، أعظم كره- الهند، ط/ 1، 1395هـ- 1975م، ص165.
(28) د. مصطفى الشكعة، الموسوعة القرآنية المتخصصة، لمجموعة من الأساتذة والعلماء المتخصصين، إشراف: د. محمود حمدي زقزوق، إعداد وتحرير: د. علي جمعة، المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، القاهرة- مصر، 1423هـ- 2002م، ص814.
(29) د. مجدي محمد محمد عاشور، السنن الإلهية في الأمم والأفراد في القرآن الكريم.. أصول وضوابط، دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة، ط3، 1434هـ- 2013م، ص36.. وأصل الكتاب رسالة دكتوراه أشرف عليها الدكتور مصطفى الشكعة، وأجيزت في كلية الآداب- جامعة عين شمس، 2003م.
(30) د. عبد الكريم زيدان، السنن الإلهية في الأمم والجماعات والأفراد في الشريعة الإسلامية، مؤسسة الرسالة، بيروت- لبنان، ط/ 1، 1413هـ- 1993م، ص13.
(31) محمد رشيد رضا، مجلة المنار، ط/ 2، 1327هـ، م/ 1 (1315- 1316هـ)، ص16، وانظر أيضًا: م/ 2، ص309.
(32) د. رشيد كهوس، السنن الإلهية في السيرة النبوية، دار السلام للطباعة والنشر، القاهرة- مصر، ط/ 1، 1438هـ- 2017م، ص 46.
(33) ابن فارس، م. س، ج/ 1، ص204.
(34) المعجم الوسيط، م. س، ص40.
(35) أحمد رضا، م. س، ج/ 1، ص241. وانظر أيضًا: ابن فارس، م. س، ص205. ونشوان بن سعيد الحميري اليمني (ت: 573هـ)، شمس العلوم ودواء كلام العرب من الكلوم، ت: د. حسين بن عبد الله العمري وآخرين، دار الفكر المعاصر، بيروت- لبنان، ط/ 1، 1420هـ- 1999م، ج/ 1، ص436.
(36) علي بن محمد السيد الشريف الجرجاني، التعريفات، ت: إبراهيم الإبياري، دار الريان للتراث، القاهرة- مصر، د. ط، د. ت، ص61.
(37) أبو البقاء أيوب بن موسى الحسيني الكفوي، الكليات، ت: عدنان درويش ومحمد المصري، مؤسسة الرسالة، بيروت- لبنان، ط/ 2، 1419هـ- 1998م، ص245.
(38) د. أحمد مختار عمر، المكنز الكبير.. معجم شامل للمجالات والمترادفات والمتضادات، شركة سطور، الرياض- السعودية، ط/ 1، 1421هـ- 2000م، ص184، وانظر أيضًا: ص217.
(39) السابق، ص217.
(40) الشريف الجرجاني، م. س، ص252.
(41) ابن فارس، م. س، ج/ 4، ص86.
(42) أحمد رضا، م. س، ج/ 4، ص158.
(43) محمّد بن محمّد بن عبد الرزّاق الحسيني، الملقّب بمرتضى الزَّبيدي، تاج العروس من جواهر القاموس، دار الفكر، بيروت- لبنان، ط/ 1، 1414هـ - 1994م، ج/ 5، ص115.
(44) المعجم الوسيط، ص614.
(45) الشريف الجرجاني، التعريفات، م. س، ص196.
(46) أبو البقاء الكفوي، م. س، ص151.
(47) المعجم الوسيط، ص614.
(48) د. أحمد مختار عمر، م. س، ص432.
(49) انظر: محمد علي التهانوي، كشاف اصطلاحات الفنون والعلوم، إعداد ومراجعة: د. رفيق العجم وآخرون، مكتبة لبنان، بيروت- لبنان، ط/ 1، 1996م، ج/ 1، ص ص 29- 31، ص 213.
و: صديق بن حسن القنوجي، أبجد العلوم- الوشي المرقوم في بيان أحوال العلوم، ت: عبد الجبار زكار، منشورات وزارة الثقافة والإرشاد القومي، دمشق- سورية، 1978م، ج/ 2، ص67، ص440.
و: د. مصطفى عبد الرازق، تمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة- مصر، د. ط، 2010م، ص ص 265- 279.
و: د. حسن الشافعي، المدخل إلى دراسة علم الكلام، مكتبة وهبة، القاهرة- مصر، ط/ 4، 1434هـ- 2013م، ص ص 13- 32.
(50) سعد الدين التفتازاني، شرح العقائد النسفية (المحشى بعقد الفرائد على شرح العقائد)، مكتبة البشرى، كراتشي- باكستان، 1430هـ، ص ص 13- 14.
(51) الشريف الجرجاني، مصدر سابق، ص201.
(52) السابق، ص237، وانظر: عبد الرحمن بن أبي بكر جلال الدين السيوطي، معجم مقاليد العلوم في الحدود والرسوم، ت: محمد إبراهيم عبادة، مكتبة الآداب، القاهرة- مصر، ط/ 1، 1424هـ- 2004م، ص70.
(53) د. مصطفى عبد الرازق، م. س، ص269.
(54) د. حسن الشافعي، م. س، ص20.
(55) د. أحمد مختار عمر، معجم اللغة العربية المعاصرة، عالم الكتب، القاهرة- مصر، ط/ 1، 1429هـ- 2008م، ج/ 3، ص1954.
(56) انظر: السابق، ص2233.
(57) السابق، ص2411.
(58) انظر: هادف مصطفى، فقه السنن الإلهية وأثره في الدعوة الإسلامية.. دراسة في فكر الشيخ الغزالي، رسالة دكتوراه أجيزت في كلية العلوم الاجتماعية والعلوم الإسلامية (قسم أصول الدين)- جامعة الحاج لخضر، باتنة- الجزائر، 2013م.
و: د. رشيد كُهُوس، السنن الإلهية في التصرفات النبوية.. التدرج في الدعوة الإسلامية أنموذجًا، بحث محكم نشر في دورية كان التاريخية، دار ناشري للنشر الإلكتروني- الكويت، س/ 9، ع/ 31، مارس 2016م، ص ص 53- 59.
و: إحسان محمد علي لافي، السنن الاجتماعية في الكتاب والسنة ودلالاتها التربوية، رسالة دكتوراه أجيزت في كلية الشريعة والدراسات الإسلامية- جامعة اليرموك، إربد- الأردن، 2008م.
(59) انظر: أيمن بن نبيه المغربي، السنن الإلهية في تغيير المجتمعات في ضوء القرآن الكريم.. جمعًا ودراسة، رسالة ماجستير أجيزت في كلية الدعوة وأصول الدين (قسم الكتاب والسنة)- جامعة أم القرى، مكة المكرمة، 1428هـ.
و: إحسان محمد علي لافي، سنة التغيير في القرآن الكريم والسنة النبوية ومضامينها التربوية.. رؤية مقترحة، بحث محكم نشر في مجلة جامعة الباحة للعلوم الإنسانية؛ ع/ 4؛ رجب 1436هـ - أبريل 2015م، ص ص 127- 154.
(60) وقد حفل تفسير القرآن الحكيم المعروف بتفسير المنار، للشيخ محمد رشيد رضا (ت: 1354هـ)، وتفسير التحرير والتنوير، للشيخ محمد الطاهر ابن عاشور (ت: 1393هـ)، وتفسير روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني، للإمام شهاب الدين السيد محمود الآلوسي (ت: 1270هـ)، إضافة إلى تفاسير أخرى.. بمباحث وإشارات إلى السنن الإلهية في القرآن الكريم.
وانظر: عمر حيدوسي، السنن الإلهية وتفسير القرآن الكريم في العصر الحديث، رسالة دكتوراه أجيزت في كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية والعلوم الإسلامية (قسم العلوم الإسلامية)- جامعة الحاج لخضر، باتنة- الجزائر، 1433هـ- 2012م.
و: دلال بنت كويران السلمي، التجديد في التفسير في العصر الحديث.. مفهومه وضوابطه واتجاهاته، رسالة دكتوراه أجيزت في كلية الدعوة وأصول الدين، جامعة أم القرى- مكة المكرمة، ١٤٣٥هـ- ٢٠١٤م، ص89، ص ص 162- 163.
و: د. مجدي محمد محمد عاشور، م. س، ص14، ص ص 18- 20.
(61) انظر: علي محمود عكام، السنن الإلهية وأثرها في حركة التاريخ من منظور إسلامي، رسالة دكتوراه إشراف الدكتور محمد السيد الجليند والدكتور مصطفى حلمي، أجيزت في قسم الفلسفة الإسلامية- كلية دار العلوم- جامعة القاهرة، 2008م.
و: حسن سليمان قيلي، السنن التاريخية في القرآن الكريم، رسالة دكتوراه أجيزت في كلية الآداب (قسم الفلسفة)- جامعة الخرطوم، 2008م.
(62) انظر على سبيل المثال: د. عبد الحليم عويس، فلسفة التاريخ.. نحو تفسير إسلامي للسنن الكونية والنواميس الاجتماعية، مكتبة الصحوة للنشر والتوزيع، القاهرة- مصر، ط1، 1432هـ- 2011م.
(63) انظر: محمد هيشور، سنن القرآن في قيام الحضارات وسقوطها، المعهد العالمي للفكر الإسلامي، ضمن سلسلة الرسائل الجامعية- 30، مكتب القاهرة، ط1، 1996م، وأصل الكتاب رسالة ماجستير أجيزت في كلية الآداب (قسم اللغة العربية وآدابها)، جامعة عين شمس، 1988م.
و: يونس ملال، السنن الإلهية في نهوض الحضارة ونكوصها في ضوء نصوص الكتاب وفقه التاريخ.. الجانب الفكري أنموذجًا، رسالة ماجستير أجيزت في كلية أصول الدين، جامعة الجزائر- الجزائر، 2001م.
و: أحمد سريرات، سنن الله في الحضارة الإنسانية.. مقاربة جديدة عن دور الأنبياء والأمم المختارة في الحضارات، دار السلام للطباعة والنشر، القاهرة- مصر، ط/ 1، 1434هـ- 2013م.
و: بوعبيد صالح الازدهار، السنن الاجتماعية ومنطق التدافع والتعارف الحضاري، دار الكلمة للنشر والتوزيع، المنصورة، والقاهرة- مصر، ط/ 1، 1435هـ- 2014م.
(64) انظر: د. رشيد كهوس، السنن الإلهية في السيرة النبوية، م. س.
وله أيضًا: التجديد في دراسة علم السيرة النبوية في ضوء السنن الإلهية.. معالم ومرتكزات، بحث محكم نشر في مجلة الجامعة الأسمرية الإسلامية، زليتن- ليبيا، ع/ 23، س/ 11، 1436هـ- 2014م، ص ص 153- 194.
و: د. عزيز البطيوي، سنن العمران البشري في السيرة النبوية، المعهد العالمي للفكر الإسلامي- مكتب عمان، الأردن، ط/ 1، 1439هـ- 2018م.
و: د. الطيب برغوث، مقدمة في المنظور السنني لدراسة السيرة النبوية، بحث محكم قدم إلى: المؤتمر العالمي الأول في السيرة النبوية، في موضوع: جهود الأمة في خدمة السيرة النبوية. المؤتمر من تنظيم مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع) وجهات أخرى: أيام 7: 9 محرم 1434هـ الموافق 22: 24 نوفمبر 2012م، بقصر المؤتمرات بمدينة فاس- المملكة المغربية.
(65) انظر: أحمد منتصر مجاهد، أسس المنهج القرآني في بحث العلوم الطبيعية، سلسلة الرسائل الجامعية (25)، المعهد العالمي للفكر الإسلامي، مكتب القاهرة، ط/ 1، 1417هـ- ١٩٩٦م، ص ص 55- 77، وأصل الكتاب رسالة دكتوراه أجيزت في كلية البنات (قسم الدراسات الفلسفة)- جامعة عين شمس، القاهرة، 1412هـ- 1992م.
و: بكار الحاج جاسم، من سنن الطبيعة والمجتمع في ضوء القرآن الكريم، رسالة ماجستير أجيزت في كلية دار العلوم (قسم الفلسفة الإسلامية)- جامعة القاهرة، 1999م.
و: أماني فريز إبراهيم نصر الله، الهدي النبوي في العلوم الطبيعية.. دراسة موضوعية، رسالة ماجستير أجيزت في كلية الدراسات الفقهية والقانونية، جامعة آل البيت، عمان- الأردن، 2006م، ص ص 163- 166.
(66) انظر مثلًا: فهد بن عائض القحطاني، السنن الإلهية في تغيير الأنفس البشرية، رسالة ماجستير أجيزت في كلية التربية، جامعة أم القرى- مكة المكرمة، 1432هـ- 2011م.
(67) انظر: د. محمد أمحزون، السنن الاجتماعية في القرآن الكريم، وعملها في الأمم والدول.. دراسة تأصيلية تطبيقية على الأمم المسلمة والكافرة (1- 3)، دار طيبة، الرياض، السعودية، ط/ 1، 1432هـ- 2011م.
و: د. سيف الدين عبد الفتاح، المداخل الإسلامية وتشكيل علم الاجتماع، ورقة بحثية مقدمة إلى ندوة علم الاجتماع من منظور إسلامي، قاعة رواق المعرفة، القاهرة، 17 فبراير ٢٠٠٧م، ص ص 91- 93 من كتاب أعمال الندوة.
و: يوسف سرطوط، من مقاصد القصة القرآنية: معرفة سنن الله الاجتماعية، بحث محكم منشور بمجلة الحقوق والعلوم الإنسانية، جامعة زيان عاشور بالجلفة- الجزائر، ع/ 9، 2012م، ص ص 190- 199.
(68) انظر: د. يوسف إبراهيم يوسف، السنن الإلهية في الميدان الاقتصادي، مطبوعات مركز صالح كامل للاقتصاد الإسلامي- جامعة الأزهر، القاهرة، 1997م.
(69) انظر: إبراهيم بن عبد الله المبارك، سنن التمكين وأثرها على السياسة الشرعية، رسالة ماجستير أجيزت في كلية العلوم الإسلامية (قسم الفقه وأصوله)- جامعة المدينة العالمية، ماليزيا، 1436هـ- 2015م.
و: عبد الرحمن اسبينداري، الطغيان السياسي وسبل تغييره من المنظور القرآني، رسالة دكتوراه أجيزت في كلية معارف الوحي والعلوم الإنسانية (قسم الدراسات القرآنية والحديثية)- الجامعة الإسلامية العالمية، ماليزيا، 2003م، 
و: محمد عثمان صالح، تجدد سنن الله الكونية في معترك الأحداث السياسية.. سورة القتال أنموذجًا، بحث محكم منشور في مجلة المنبر- هيئة علماء السودان، الخرطوم- السودان، ع/ 14، ديسمبر 2010م، ص ص 6- 15.
(70) انظر: عماد عبد الكريم خصاونة، وخضر إبراهيم قزق، السنن الإلھیة في القرآن الكريم ودورها في استشراف المستقبل، بحث محكم منشور في مجلة المنارة للبحوث والدراسات، الأردن، م/ 15، ع/ 2، 2009م، ص ص 207- 241.
(71) انظر: عبد الكريم شريف محمد عبده، التفسير الموضوعي للآيات الواردة في هلاك الأمم في القرآن الكريم وأثره في الأحكام الشرعية، رسالة دكتوراه أجيزت في كلية دار العلوم (قسم الشريعة الإسلامية)- جامعة القاهرة، 2009م.
و: د. ياسين محمد الغادي، حكم الاستمطار في الإسلام، بحث محكم منشور في مجلة الشريعة والدراسات الإسلامية، الكويت، م/ 18، ع/ 52، 1423هـ- 2003م، ص ص 425- 426.
(72) تطرق بعض الباحثين إلى أهمية أن تكون السنن الإلهية إحدى وسائل نقد متن الحديث (علم الدراية)، باعتبار امتناع وقوع مخالفة أقوال الرسول صلى الله عليه وسلم لهذه السنن الثابتة والمطردة.. انظر: عبد الجبار سعيد، الإطار المرجعي لعلم نقد متن الحديث النبوي الشريف، بحث محكم منشور في مجلة إسلامية المعرفة، ع/ 39، س/ 10، شتاء 1426هـ- 2005م، ص ص 45- 75.
و: محمد جابري، علوم دراية الحديث النبوي في ضوء السنن الإلهية، مقال منشور على ملتقى أهل التفسير، 14/1 / 1432هـ-20/ 12/ 2010م، HTTPS://VB.TAFSIR.NET/TAFSIR23994/#.W0GKVDLXK00
(73) انظر على سبيل المثال: محمد رشيد رضا (نقلًا عن: محمد عبده)، تفسير القرآن الحكيم، المعروف بتفسير المنار، دار المنار، القاهرة- مصر، ط/ 3، 1367هـ، ج/ 4، ص139.
و: تقديم د. علي جمعة لكتاب (السنن الإلهية في الأمم والأفراد في القرآن الكريم.. أصول وضوابط)، مصدر سابق، ص5- 7.
و: د. راشد سعيد شهوان، تأصيل علم السنن الربانية، بحث محكم منشور بمجلة القسم العربي- جامعة البلقاء التطبيقية، السلط- الأردن، ع/ 15، 2008م، ص ص 9- 89.
و: د. يوسف سرطوط، علم السنن الإلهية، أحد العلوم الشرعية الإسلامية المهملة، بحث محكم منشور بمجلة الحقوق والعلوم الإنسانية، جامعة زيان عاشور، الجلفة- الجزائر، ع/ 7، فبراير 2011م، ص ص 59- 77.
و: د. رشيد كهوس، علم السنن الإلهية، من الوعي النظري إلى التأسيس العملي، مركز جمعة الماجد للثقافة والتراث، دبي- الإمارات، ط/ 1، 1436هـ- 2015م.
وله أيضًا: نشأة علم السنن الإلهية ومنهاج تدريسه، بحث محكم منشور بمجلة كلية الشريعة والدراسات الإسلامية، جامعة قطر، م/ 31، ع/ 2، خريف1435هـ- 2013م، ص ص 143- 188.
(74) لا أجد حرجًا في النظر إلى (مباحث العقيدة) على أنها (متغير متابع)؛ بالنظر إلى كون هذه المباحث العقدية هي نتاج نشاط فكري بشري واجتهادات علمية في مجال العقيدة، يشمل الصحيح والسقيم والصواب والخطأ، وليست هي نفسها (أصل الدين) و(حقيقة الإيمان) اللذين أمرنا الله ورسله بهما، فكما يمكن القول- مع عدم الإقرار بالصحة والصواب- إن (مباحث العقيدة) أو (الدرس العقدي) عند المسلمين تأثر في فترةٍ ما بالفلسفة اليونانية وبالفكر الوافد، فأثر على مقالات بعض الفرق وآراء بعض العلماء.. يمكن النظر إلى (مباحث العقيدة) من هذه الزاوية على أنها (متغير تابع).
(75) د. غوستاف لوبون، السنن النفسية لتطور الأمم، ترجمة: عادل زعيتر، دار المعارف، القاهرة- مصر، ط/ 2، 1957م.
(76 ) تفسير مقاتل بن سليمان، ت: عبد الله محمود شحاته، دار إحياء التراث، بيروت- لبنان، ط/1، 1423هـ ، ج/ 2، ص545.
(77 ) ابن جرير الطبري: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن، ت: عبد الله بن عبد المحسن التركي بالتعاون مع مركز البحوث والدراسات الإسلامية بدار هجر، دار هجر للطباعة والنشر، القاهرة، ط/ 1، 1422هـ- 2001م، ج/ 15، ص21.
(78 ) مجموع الفتاوى، م. س، ج/ 28، ص425.
(79 ) م. س، ص824، وانظر للمعاصرين أيضًا: الطاهر بن عاشور: التحرير والتنوير، الدار التونسية للنشر، تونس، ط/ 1/ 1984، ج/ 15، ص ص 179- 180، ومحمد رشيد رضا: مجلة المنار، م. س، م/ 5، ص441، وعبد الكريم زيدان، م. س، ص ص 8- 9، ومجدي محمد عاشور، م. س، ص ص 99- 111.
(80 ) انظر: أبو حامد الغزالي: الاقتصاد في الاعتقاد، دار الكتب العلمية، بيروت- لبنان، ط/ 1، 1424هـ- 2004م، ص ص 104- 106، وأبو الحسن الآمدي، غاية المرام في علم الكلام، ت: د. حسن الشافعي، المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، القاهرة، ص322، وابن أبي العز: شرح العقيدة الطحاوية، ت: شعيب الأرنؤوط وعبد الله بن عبد المحسن التركي، مؤسسة الرسالة، بيروت- لبنان، ط/ 10، 1417هـ- 1997م ، ج/ 2، ص746.
(81 ) انظر على سبيل المثال: د. رمضان خميس زكي: مفهوم السنن الربانية، مكتبة الشروق الدولية، القاهرة، ط/ 1، 1427هـ- 2006م، ص59. ود. مجدي محمد عاشور: م. س، ص38.
(82 ) انظر: خميس بن راشد العدوي، وخالد بن مبارك الوهيبي: الإيمان بين الغيب والخرافة، مكتبة الغبيراء، بهلا- سلطنة عمان، ط/ 1، 1428هـ- 2007م، ص85 وما بعدها. وخالد بن مبارك الوهيبي: سلسلة مقالات بعناوين متعددة على موقع مجلة الفلق الإلكترونية.
(83 ) انظر: ابن فارس، م. س، ج/ 2، ص172، والمعجم الوسيط، ص229.
(84 ) معجم مقاييس اللغة، م. س، ج/ 2، ص279.
(85 ) انظر: أبو سليمان حمد بن محمد الخطابي الحافظ: شأن الدعاء، ت: أحمد يوسف الدقاق، دار الثقافة العربية، دمشق- سورية، ط/ 3، 1412هـ- 1922م، ص4.
(86 ) الحديث أخرجه أصحاب السنن وأحمد في مسنده، وابن حبان في صحيحه، والحاكم في مستدركه، عن النعمان بن بشير.
(87 ) انظر: ابن تيمية: اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم، ت: ناصر عبد الكريم العقل، دار عالم الكتب، بيروت- لبنان، ط/ 7، 1419هـ- 1999م، ج/ 2، ص317، ومحمد بن إبراهيم بن عبد الله التويجري، موسوعة فقه القلوب، بيت الأفكار الدولية، الرياض- السعودية، ج/ 1، ص ص 306- 373.
(88 ) أخرجه: مسلم والترمذي وابن ماجه وأحمد بن حنبل، عن عبد الله بن مسعود.
(89 ) ابن أبي العز، شرح العقيدة الطحاوية، م. س، ج/ 2، ص678. 
(90 ) شأن الدعاء، م. س، ص15.
(91 ) مجموع الفتاوى، م. س، ج/ 15، ص22.
( 92) الاعتداء في الدعاء.. صور وضوابط ونماذج من الدعاء الصحيح (رسالة ماجستير)، دار كنوز اشبيليا، الرياض- السعودية، ط/ 1، ص51.
(93 ) انظر: محمد رشيد رضا، مجلة المنار، م. س، م/ 6، ص406.
( 94) انظر: ابن كثير، أبو الفداء إسماعيل بن عمر، تفسير القرآن العظيم، ت: سامي بن محمد سلامة، دار طيبة للنشر والتوزيع، الرياض- السعودية، 1420هـ- 1999م، ط/ 2، ج/ 6، ص246.
(95 ) أخرجه: مسلم وابن خزيمة، عن ثوبان.