أنت هنا

الندم نصيب العرب في كل حال
19 رمضان 1433
موقع المسلم

لم يكن لاستقالة كوفي عنان من مهمته البائسة أي اعتبار لدى الشعب السوري الثائر، ولا عند الدول كبيرها وصغيرها، باستثناء الروس والصينيين وأداتهم في قتل السوريين عصابات بشار الأسد. فالاستقالة تحصيل حاصل،ولو كان عنان يملك ذرة من الاحترام لنفسه لاستقال منذ الأيام الأولى،عندما ثبت له بالدليل الملموس عقمها ما دام الجزار يواصل الفتك بشعبه وتدمير البيوت فوق رؤوس الأطفال والنساء والشيوخ.بل إن أعداد الضحايا ارتفعت منذ دخول مراقبي عنان الذين لم يَسْلَموا من ترهيب النظام وقيوده وصلفه.

 

أما رد الفعل المفضوح فيتمثل في مسارعة الغرب المنافق إلى محاولة اختيار بديل لعنان،وكأن المشكلة تكمن في الشخص وليس في طبيعة المهمة المستحيلة،بالنظر إلى انعدام أي أسنان لها لكي ترغم عصابات الأسد على تنفيذ البند الأول من بنود الخطة المثيرة للسخرية.

 

ولذلك معنى واحد يتلخص في إصرار الغرب الكذاب على منح مزيد من الفرص لنظام القتل الطائفي لعله يستطيع تخليص القوم من كابوس الثورة السورية التي تأكدوا أنهم عاجزون عن اختراقها فضلاً عن احتوائها.

 

لكن غير المفهوم وغير المقبول فهو الموقف العربي الرسمي الذي يبدو في هيئة من تمر عليه الحيل المكشوفة،أو الراغب في الظهور بهذا المظهر المؤسف.إذ لا يُعْقَلُ أن تنطلي على ساسة كبار تمثيلية سخيفة كهذه التمثيلية التي يصر الغرب على أدائها.فخطة عنان ميتة ولا سبيل إلى إحيائها بعد أن دفنها السوريون الأبطال من محتجين سلميين وجيش خر يدافع عن شعبه ببسالة نادرة من دون سلاح ولا ذخيرة،في ظل حصار غربي شامل واستكانة عربية عجيبة لعدم تسليحه بأسلحة دفاعية في حدودها الدنيا!!
بل إنه لو لم تكن للأمم المتحدة صفحة سوداء سوى بذاءات الأمين العام الأخيرة لكفى بها حافزاً على تطليقها طلاقاً بائناً بينونة كبرى!! فالتائه الذي كان يجب عليه الاستقالة من منصبه بعد مخازي منظمته فاجأنا بعد استقالة عنان بالتطاول على الشعب السوري بوصفه مجازر الأسد هناك بأن ما يجري في سوريا هو حرب بالوكالة!!فهل الشعب السوري الذي يواجه الطيران والدبابات بصدور عارية يقاتل الاستبداد بالنيابة عن دول أخرى!!وصدق المثل المصري الشعبي: اللي اختشوا ماتوا!!

 

ومن الغريب أن العرب الذين نجحوا في تعرية عصابات بشار ورعاتها العلنيين (الروس) وحُمَاتِها الفعليين(أمريكا والاتحاد الأوربي ووراءهم الضغط اليهودي الصريح)،هؤلاء العرب الذين نجحوا في تجلية الموقف الأخلاقي لأكثرية البشر إلى جانب الشعب السوري المظلوم، كان المفترض فيهم الجهر برفض خطة عنان التي شبعت موتاً على يد المتباكين عليها لأنها تخدم مؤامرتهم لإجهاض الثورة الشعبية السورية النبيلة.

 

إن الواجب الفوري الذي تأخر العرب في النهوض به،لا يقل عن تقديم السلاح علانية إلى الجيش السوري الحر،في وجه مؤامرة أممية ضد الشعب السوري الأبيّ،فالعالم يرفض فرض حظر جوي أو إقامة مناطق آمنة،ويمنع  السوريين  الأحرار من التسلح للدفاع المشروع عن نفسه.فلا بديل إذاً للتسليح الذي تأخر وتأخر وتأخر!!

 

وعلينا التنبه إلى أن السوريين بإمكاناتهم العسكرية المتواضعة،استطاعوا  تغيير موازين القوى  على الأرض فباتوا يذيقون النظام بأسهم الشديد في دمشق وحلب، فما السر وراء هرولة العرب خلف موسكو وبكين اللتين أفحشتا في عداوتهما المطلقة لنا وهما الآن مفلستان بعد تقهقر صبيهما في الشام؟

 

إننا من منطلق النصيحة المفروضة علينا شرعاً،نقول للقادة العرب المتعاطفين مع الثروة السورية صدقاً:إذا انتصر السوريون فلن يغفروا لأشقائهم تخاذلهم عن نصرتهم نصرةً فعليةً تضاهي ربع نصرة الصفويين لوكيلهم في الشام!!
وإذا انتصر الطاغية – لا قدّر الله- فما الذي يتوقعه القادة العرب والمسلمون وبخاصة تركيا؟

 

هل سيحميهم أوباما الذي منعهم من تسليح الجيش السوري الحر من انتقام المجوس الجدد المتاجرين بدم الحسين مع أنهم هم الذين قتلوه بدليل تطبيرهم في عاشوراء؟!
أم أن الاتحاد الأوربي سوف يحشد جيوشه لمواجهة الطغيان الصفوي الوقح؟

 

هل نسي العرب أن الغرب الذي يحمي عدوان الصهاينة علينا هو الذي ضغط عليهم لمنع السلاح المعقول عن الجيش السوري الحر لكي يحمي هذا الغرب المنافق عميله جزار الشام؟ وهل نسوا أن الغرب نفسه هو الذي أجهز على العراق من قبل وسلمه على طبق من ذهب لملالي قم الذين يزعم الغرب أنه عدو لهم؟كما منحهم دوراً مشبوهاً في أفغانستان لم يحلموا به منذ أن أطفأ عمر بن الخطاب نار المجوسية الأولى؟
وهل غفلوا عن تسليم الغرب منطقة الأحواز للفرس منذ قرن تقريباً وما زال يحمي اغتصابهم لها حتى اليوم؟

 

إن التردد العربي مريب فضلاً عن كونه سذاجة حتى بمقاييس السياسة النفعية المحضة التي تضع المصلحة فوق القيم والمبادئ والروابط الشريفة من وحدة الدين والثقافة واللغة والتاريخ والمشاعر بل حتى المصالح لكنها مصالح العليا للأمة وليست مكاسب ذاتية زائلة وسريعة الذوبان كالزبدة في ظهيرة يوم  شديد القيظ في صيف الخليج!!