أنت هنا

29 جمادى الأول 1432
المسلم- خاص

وجه الشيخ الدكتور ناصر بن سليمان العمر انتقادا شديدا لوزير التربية والتعليم بالمملكة العربية السعودية لإقراره الاختلاط بين الطلاب والطالبات، قائلا إنه بذلك يخالف العهود التي يبايع عليها قادة البلاد، ويخالف قوانين المملكة وسياستها التعليمية، فضلا عن مخالفته لشرع الله وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم.

 

وعلق فضيلته بعد إلقائه درس "منار السبيل" الأسبوعي يوم الأحد في مسجد خالد بن الوليد بالرياض بالقول إنه في الوقت الذي بذلت فيه الدولة جهودا من أجل الحفاظ على الأمن، ووقف العلماء موقفهم فيما سمي جمعة حنين والمظاهرات وكفانا الله شر هذه الفتنة، وفي الوقت الذي تسعى فيه الدولة لأن يستتب الأمن منذ سنوات، نجد أن هناك من يثير الفوضى ويخل بالأمن من المسؤولين بالدولة.

 

وأوضح قائلا: "هذه البلاد قامت باتفاق بين الإمامين محمد بن عبد الوهاب ومحمد بن سعود رحمهما الله وعلى التعاهد على الكتاب والسنة؛ فأي نقض لهذا الاتفاق وهذه البيعة هو نقض لاستتباب الأمن وإحداث الفوضى. هذه البلاد تعلن دائما وأبدا وقادتها يبايعون الناس على تحكيم شريعة الله، وآخر من بايع هو خادم الحرمين الشريفين (الملك عبد الله) بايع الناس على تحكيم شريعة الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم والرجوع للعلماء. وأنظمة المملكة الأربعة تنص على أن دين الدولة هو الإسلام وحاكمها الشريعة ولا مصدر آخر غير هذا".

 

واستطرد: "نفاجأ أن بعض المسؤولين –وحديثي الآن عن وزير التربية والتعليم (الأمير فيصل بن عبد الله)- يخالف كل ذلك.. يخالف كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، ويخالف الاتفاق بين الإمامين محمد بن عبد الوهاب ومحمد بن سعود، ويخالف العهود التي يبايع عليها قادة البلاد، ويخالف سياسة المملكة المعلنة صراحة، ويخالف السياسة التعليمية التي هو مؤتمن على تطبيقها".

 

وتابع: "نفاجأ أن وزير التعليم منذ أن تولى وهو في خروقات لذلك ومخالفة مع كثرة الناصحين، وآخره الاختلاط الذي حدث الأسبوع الماضي".

 

وكان فضيلة الشيخ العمر يشير إلى عقد الوزير ندوة مختلطة بين طلاب وطالبات في مهرجان الجنادرية بالقرب من الرياض.

 

ويواجه وزير التربية والتعليم انتقادات واسعة في المملكة بسبب دخوله مدارس الفتيات ومصافحته للطالبات والتقاط الصور معهن في إطار ما يسمى نشاط الكشافة، إلى جانب استضافتهن في الملاعب لحضور مسابقات الفروسية.

 

وكان الوزير قد ادعى أنه يفعل ذلك في إطار توجيهات من القيادة العليا، بحسب ما أوردته وكالة الصحافة الفرنسية.

 

لكن د. العمر نوه في حديثه إلى أنه يتخذ من ارتباطه بالأسرة الحاكمة تكئة له ليقوم بهذه الممارسات.

 

وأضاف د. العمر في معرض انتقاده لسلوك الوزير: "البلد يمر بأزمة وبحاجة إلى طمأنة الناس والمحافظة على عقيدتهم، وهو يجمع البنات والأبناء في اختلاط مكشوف، وتقوم نائبة وزير التعليم بزيارة مدرسة بنين".
واعتبر أن "هذا هو الذي يؤدي إلى تقويض الأمن بل أخشى أن يؤدي إلى تقويض الدولة".

 

وفند د. العمر مبررات الوزير في حوادث الاختلاط. وقال إن الوزير برر ذلك بأن "آباء الأبناء والبنات راضون"عن ذلك، لكنه اعتبرها "حجة باهتة"، موضحا: "لو رأيتم أحد الشباب يقول أريد أن أخرج للجهاد في أفغانستان والعراق وقال أبي راض، هل يُترك؟ وهو يشتاق للجهاد، انظر كم منهم في السجون الآن".

 

وأوضح فضيلته أنه عندما تخوف آباؤنا قبل 50 سنة وأجدادنا من التعليم -ليس من تعليم المرأة لأن المرآة كانت تُعلّم- ولكن خافوا أن يؤول الأمر من تعليم المرأة إلى الاختلاط، وهذه نظرة بعيدة، فطمأنتهم الدولة بأن قالوا لهم: سيكون الشيخ محمد بن إبراهيم هو المشرف على دراسة البنات، وكان ذلك فعلا".

 

وتابع: "هل تعلمون أنه لم يتول رئاسة تعليم البنات لمدة 30 عاما منذ إنشائها إلا قاض أو رئيس محاكم. وهذا كان لطمئنة للناس؛ فكان الناس يقولون إن رئاسة تعليم البنات هي لقاض كان يحكم بالدماء والأعراض. وعاشت الرئاسة بخير ومر عليها رؤساء ضبطوها".

 

واستطرد: "ثم تخلى أول ما تخليّ عنها، عين غير القضاة، من المشايخ وفيهم خير. ثم أبعدوا وأقيلوا وعين عليها أناس ليسوا من أهل العلم الشرعي إطلاقا، لكن كان تخصصهم في التربية والتعليم. ولكن نفاجأ الآن أن يكون مسؤول عنها لا عُرف بعلمه ولا بتخصصه ، وهذه مأساة الحقيقة. هذا ما يقع الآن هو ما تخوف منه آباؤنا قبل 50 سنة".

 

وأوضح أن الاختلاط الذي يعتمده الوزير يأتي تحت دعوى الإصلاح، "وهي دعوى قالها فرعون، حين قال عن موسى: (إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الأَرْضِ الْفَسَادَ). ويقول المنافقون: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ)".

 

ووجه فضيلة الشيخ العمر نداء إلى خادم الحرمين وفقه الله وسدده، قائلا: "مسؤوليتكم عظيمة تجاه ما يجري في وزارة التربية والتعليم. وننتظر منكم أن يُتخذ موقف قوي ضد هذا العبث الذي يجري في الوزارة"

 

وتابع: "ونقول لخادم الحرمين: أنت أطلقت العهود والوعود.. على ألا يقع الاختلاط، وها هو يقع على يد رجل في أعلى هرم وزارة التربية والتعليم".

 

كما وجه فضيلته رسالة للعلماء وخاصة هيئة كبار العلماء، قائلا: "إن ولي الأمر أعطاكم مكانة ومنزلة وأنتم أهل لذلك، وتستحقون أكثر من ذلك فاتقوا الله في أبنائنا وبناتنا".

 

واختتم برسالة للآباء والأمهات، قائلا: "إذا سكتم على ما يحدث الآن فلا ندري ماذا يحدث غدا"، مشددا على ضرورة "مناصحة ولاة الأمر سرا وعلانية، فهو الآن يرتكب ذلك علانية".

 

وتابع: "فبسكوتكم ستدفعون الثمن غاليا"، مذكرا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: "أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: نعم إذا كثر الخبث".

 

لكنه حذر في الوقت ذاته من "أن تتحول الأمور إلى فوضى، علينا أن ننكر الأمور بهدوء. الكتابة بكل وسيلة من الوسائل.. وأبواب المسؤولين مفتوحة .. حذار أن نقوم بما يعكر الأمن، لكن إحقاق الحق واجب شرعي".
وذكر بقول الله تعالى: "وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا".