
يدلي الناخبون السودانيون الأحد بأصواتهم في انتخابات رئاسية وبرلمانية وولائية تأتي بعد أعوام على حرب أهلية دامية، وفي وقت يواجه فيه تمردا في دارفور، وقبل أشهر من التصويت على انفصال الجنوب. وأنهت اللجنة الانتخابية المستقلة استعداداتها لاستقبال الناخبين، كما أعلنت لجنة مراقبة الانتخابات أنها ستتواجد في مراكز الاقتراع قبل بدء التصويت صباح غد.
ويتضمن اقتراع غد التصويت على اختيار رئيس الجمهورية وحاكم الولاية ونواب البرلمان. وتستوجب تلك العملية المعقدة من الناخب إعطاء إثني عشر صوتا على ثلاث طاولات داخل لجنة الاقتراع.
وينتخب سكان الجنوب بالإضافة إلى الرئيس وأعضاء البرلمان، رئيس حكومة جنوب السودان المتمتع بحكم شبه ذاتي ومجلسهم التشريعي.
وبموجب اتفاق السلام الشامل الموقع في 2005 في نيفاشا، من المقرر أن ينظم مطلع 2011 استفتاء على تقرير مصير جنوب السودان. ولكن يشترط لقبول نتيجة الاستفتاء مشاركة 65% من الناخبين المسجلين في الولايات الجنوبية العشر، بالإضافة إلى السودانيين الجنوبيين المقيمين في الشمال، وينبغي أن تكون نسبة التأييد 50% زائد صوت واحد.
ومن جانبها، أكدت المفوضية القومية للانتخابات إنهاء الاستعداد في مجمل أنحاء البلاد التي تبلغ مساحتها مليونين و500 ألف كلم مربع، ليتمكن نحو 16 مليون ناخب مسجلين من الإدلاء بأصواتهم من الأحد إلى الثلاثاء لاختيار الرئيس والبرلمان الوطني ومجالس الولايات.
ولكن المفوضية كانت لا تزال توزع اليوم السبت بطاقات الاقتراع على مختلف المناطق في البلد المترامي الاطراف، وخصصت 16 طائرة و16 مروحية وأكثر من ألفي سيارة عملت على مدار الساعة خلال الأسبوعين الماضيين لنقل مواد الانتخابات من صناديق وبطاقات إلى مختلف أنحاء البلاد.
وقال عبد الله أحمد عبد الله نائب رئيس مفوضية الانتخابات خلال مؤتمر صحفي في الخرطوم السبت: "نعلم وندرك أنه ليس هناك انتخابات كاملة في كل العالم، وهذه الانتخابات ليست استثناء من هذا". وأضاف: "تجري هذه العملية في ظل سريان قوانين تقيد بعض الحريات ودارفور تحت قانون الطوارئ ولكن المفوضية بذلت جهداً (...) ألا تشكل هذه القوانين أية عوائق لأنشطة الأحزاب".
ويعاني دارفور من تمرد لعدة جماعات على رأسها حركة العدل والمساواة وجيش تحرير السودان. ويعتقد أن الصراع الدائر في الإقليم قد يعرقل وصول الناخبين إلى مراكز الاقتراع.
وأكد عبد الله أن "هذه الانتخابات لن تكون الوسيلة لتحول ديمقراطي كامل في السودان ولكننا نحتاج إلى انتخابات أولى وثانية وثالثة حتى يكتمل البناء الديمقراطي".
وغذت المخاوف بشأن الاستعدادات اللوجستية الجدال في السودان حيال تأجيل الانتخابات، وانتقدت بعض أحزاب المعارضة، قيام مفوضية الانتخابات بطبع بطاقات الاقتراع للانتخابات الرئاسية في مطابع حكومية بدلاً من أن يعهد بها إلى شركة أجنبية.
وكانت الأحزاب السودانية والمرشحون للرئاسة أنهوا أمس الجمعة حملاتهم الانتخابية.
ولا يشارك في الانتخابات حزب الأمة السوداني الذي أعلن قبل أيام انسحابه، كما تقاطع الحركة الشعبية لتحرير السودان (شريك الحكم الجنوبي) الانتخابات في الشمال، لكنها تشارك في الانتخابات بالجنوب، وسحبت الحركة مرشحها للرئاسة ياسر عرمان وسط معارضة أنصارها.
كما تقاطع أحزاب "تحالف المعارضة" وبينها حزب الأمة، والحزب الشيوعي، والوطني الاتحادي الانتخابات وتعلن عدم اعترافها بنتائج الاقتراع.
أما الأحزاب الأربعة الرئيسية الباقية في السباق إضافة إلى المؤتمر الوطني الحاكم، هي حزب المؤتمر الشعبي بزعامة حسن الترابي، والحزب الاتحاد الديمقراطي، والحركة الشعبية لتحرير السودان.
لكن البشير مع ذلك ينافس 7 مرشحين أبرزهم حاتم السر مرشح الحزب الاتحادي الديموقراطي، وإن كانت فرص السر معدومة عمليا.
وإن كانت الانتخابات الرئاسية مضمونة للبشير لضعف منافسيه، إلا أن الانتخابات التشريعية قد تحدث فيها مفاجئات، فقد تستطيع الأحزاب الأربعة التي تنافس المؤتمر الوطني الحاكم أن تضمن السيطرة على نحو 25% من مقاعد المجلس الوطني الذي يسيطر المؤتمر الوطني بزعامة البشير حاليا على 52% من مقاعده.
وعلى الأرض، عززت قوات الأمن السودانية والقوات الدولية والمنظمات الدولية انتشارها الأمني حيث يخشى أن تشكل الانتخابات ذريعة لاندلاع موجة من العنف في بلد لا يزال يعاني من النزاع الدائر في إقليم دارفور غرب البلاد، ومن مواجهات قبلية في الجنوب.
وتنشر الأمم المتحدة نحو عشرة آلاف جندي وشرطي في جنوب السودان والمناطق الحدودية بين الجنوب والشمال.
وبالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي الذي ينشر 130 مراقباً للانتخابات في السودان ومؤسسة كارتر التي تنشر نحو 50 مراقباً، تشارك جهات عدة في مراقبة الانتخابات منها الجامعة العربية واليابان والصين، بينما انسحب المراقبون الأوروبيون الأربعاء الماضي من دارفور لأسباب أمنية.
ومن جانبها، أكدت اللجنة العربية الأوربية المستقلة لمراقبة الانتخابات أن مراقبيها ستبدؤون صباح غدٍ بالتواجد في مراكز الاقتراع قبل بدء التصويت للوقوف على إنطلاقة العملية والتأكد من سلامة الصناديق والإجراءات المتبعة.
ونقل المركز السوداني للخدمات الصحفية عن الدكتورة فيوليت داغر رئيسة اللجنة أن المراقبين لن يشاركوا في أي عمل يخص عملية الاقتراع وسينحصر عملهم في المراقبة، مؤمنة على استقلالية اللجنة في عملها ومشيرة إلى أن التنسيق مع المراقبين الدوليين الآخرين سيتم فقط في حدود تغطية المراكز التي لا تقوم بتغطيتها.