أخطاء "جوالية" تستحق التغيير!
2 جمادى الثانية 1440
أميمة الجابر

توطدت علاقاتنا بالهواتف حتى أصبح الجوال قرينا لكل فرد , وأصبح في متناول حتى طفل الروضة ..!

 

لا شك أن الجوال من التكنولوجيا التي قربت المسافات , ووفرت الأوقات , وربما وطدت العلاقات , وأنجزت الأعمال الهامة في بضع دقائق , لكنه وعلى قدر فوائده كان لاستعمال البعض له كثير من السلبيات والأضرار التي يجب علينا أن نعالجها ولا نستسلم لها كأمر واقع , بل نقوم بتغييرها ....

 

لقد وصلتني الكثير من الاستشارات التي أثارت قضايا تلك الأخطاء التي كان الجوال سببا رئيسا فيها , منها استخدام الجوال كوسيلة من وسائل المعاكسات التي تسببت بدورها في إفساد كثير من العلاقات الزوجية , إذ يقوم بعض السفهاء بانتهاز فرصة غياب الرجل عن بيته ويبدأ في استدراج ربة البيت بكل أساليبه الشيطانية , فبعض النساء غاب عنهن الإيمان الحقيقي فجارينه في الأحاديث , ومنهن من خافت ربها واتقته في السر والعلن فأغلقت أمامه السبيل وكل سبيل , إذ خشيت اليوم الذي ستلاقي فيه ربها الحي القيوم السميع العليم البصير .

 

وفي بعض الأحيان كانت رغبة المعاكساة مجردة  للعب والسخافة والتسلية , لكنها أدت إلى نشوء المشكلات الأسرية بين الأزواج , وكم حدث من مقدمات للطلاق بين الزوجين بسبب هذه الأفعال السفيهة

 

فعلى هؤلاء السفهاء أن يتقوا الله وليذكروا قول الله تعالي " يوم تبيض وجوه وتسود وجوه " , وعليهم إنقاذ انفسهم قبل فوات الأوان عندما يقفون أمام ربهم فتعرض سقطاتهم أمام الخلائق وعندئذ يتساقط لحم وجوههم حياء عندما تشهد عليهم جوارحهم بما فعلوا .

 

ونوع آخر من الاستشارات والشكاوى وصلتنا , سببها إتباع كل من الزوجين حركة التلصص على الآخر ..

 

 فأعطي الزوج نفسه حق فتح جوال زوجته والبحث فيه عن الصادر والوارد من الرسائل والمكالمات وغيره , وكذا الزوجة تلصصت على جوال زوجها دون علمه وكأنها تتمنى أن تجد شيئا يدينه .

 

ومن تلك التصرفات تسلل انعدام الثقة بينهما , وبدأ الشيطان ينصب شباكه ليزرع داخل كل منهما الشك تجاه الآخر .

 

 فما أسوأ تلك الصورة التي توصلا إليها , وليس على الزوجين إلا أن يلجآ إلى جلسة مصارحة ومعاتبة طيبة لإعادة المودة والثقة بينهما من جديد .

 

وكما ترك الجوال أثره على الزوجين , فقد ترك سما زعافا بين الأبناء وقدم خطرا آخر نتيجة استخدام خاطئ من هؤلاء الفتيات والفتية المراهقين , فجعلت الإبنة أو الإبن يخادعون آباءهم  , فتسللوا في الحديث السيء الناتج عن علاقات مشينة بين الجنسين تسلل اللصوص لتبدأ اول خطوات المهالك , وقد يستهين هؤلاء المراهقون به ويعتبرونه مجرد كلام , لكن هذا الكلام ما أشد عواقبه !

 

وعلى الأبوين ههنا متابعة ذلك ومصاحبه الأبناء , وتوطيد العلاقات بينهما ولا يشغلهما شاغل عن فلذات اكبادهم , وتقديم النصح لهم بطرقه المختلفة , وعلى أوقات مختلفه متباعدة غير متوالية , ومتابعة الأبناء بشكل متتابع , مع استخدام الحزم عند اللزوم فيجتمع العطف والحب والمصاحبة والحزم في آن واحد.

 

استخدام خاطئ أيضا لهذه الهواتف الجوالة قد جعلها سببا في ذنب كبير , اقصد به البعض الذين جعلوه مجالاً للثرثرة والقيل والقال , ونسو قول الله تعالى " ولا يغتب بعضكم بعضا " , كما نسوا نهيه عليه الصلاة والسلام عن النميمة والوقاع بين الناس وما مثله , لذا لابد أن يكون الحديث بالهاتف حديثا إيجابيا له فوائده ونواياه الطيبة كالسؤال عن مريض , أو السؤال عن والدين لبرهما , أو توطيد العلاقة , لصلة الأرحام , أو كل ما يرضي الله , فلنخلص النية ولا تكون نوايانا عن الاتصال المصلحة ليس إلا .

 

ايضا هناك استخدام خاطئ من بعض النساء للجوال , فقد يتحدثن فيه بصوت عال يتصف باللين والترقق , - وربما كان ذلك من غير قصد عند بعضهن إلا إنه يحدث -  ,  فعليهن أن يحذرن من الخضوع بالقول فقد نهى الله تعالى نساء النبي صلى الله عليه وسلم فقال تعالى " فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولا معروفا " الأحزاب 32 , فكيف بمن سواهن ..

 

أيضا قد يسيء البعض استخدام الهاتف فيفتح صوت الميكروفون فيسمع الحديث والحوار من بجانبه فيقع في دائرة المخادعين التي نهى الله عنها ويوقع الناس في بعضهم بعضا ويفشي الأسرار وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم " المجالس بالأمانة "

 

غير ذلك , من يقوم بتسجيل كلام المتحدث في الجوال دون إذنه ثم يقوم بإذاعة ذلك الحديث وتقع الفتن والقطيعة وقطع الأرحام عقب ذلك , وربما ساومه بما سجله له , فقد قال صلى الله عليه وسلم " إذا حدث الرجل الرجل فألتفت فهي أمانة " روه أحمد وابو داوود والترمذي

 

والالتفات إيحاء بأنه لا يريد أن يسمع حديثه أحد , وقد يسيء أيضا من يستخدم جهاز التنصت فينقل المكالمات , وقد يقضي بعض الناس أوقاتهم الطويلة في سماع أسرار تلك الهواتف ..!

 

غير ذلك ما يمكن أن يحدث من تنصت في البيت الواحد ( إذ قد يكون خطا واحدا وله أكثر من وصلة ) , فهنا يدخل الشيطان فيجعل الزوجة تتنصت على أم زوجها , وأم الزوج على زوجة ابنها , والأخ على أخيه,  والزوج على زوجته , وقد ثبت من حديث بن عباس رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال :" من استمع إلى حديث قوم وهم له كارهون صب في أذنيه الآنك يوم القيامة " رواه البخاري .

 

أضف إلى ذلك استعمال جوال الغير بغير إذنه , مما قد يثير غضبه أو حنقه  فالواجب الاستئذان  إذن بعدا عن تضييق نفس الغير أو التسبب في ذلك 

لاشك أنه يضاف إلى كل ما ذكرنا ما يكون من اختيار بعض المتصلين للأوقات المستغربة في الاتصال مثل أوقات دخول الليل , فيظن أصحاب البيت ان هذه رنات نبأ – مصيبة , لأنه لا يدق الهاتف ليلا إلا مبلغ مصيبة أو أزمة , مما يتسبب في ترويع أصحاب البيت , أو يتصل في أوقات علمت عرفا أنها أوقات نوم أو راحة أو طعام , مما يثقل ذلك على صاحب البيت ويهتك خصوصيته ويسبب غضبه ..

 

فإذا كانت الشريعة قد كرهت الزيارة بغير أن يستعد لها أهل البيت , وأمر بطاعة الأمر إذا طلب صاحب البيت الرجوع عنها قوله تعالى " وإذا قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكي لكم " سورة النمل

 

وهذا منطبق مع كل حالة مشابهة لذلك مما يهتك الخصوصية , لذا لابد من تحري الوقت المناسب , فإذا اعتذر صاحب البيت عن الحديث فعلى المتصل أن يحسن الظن مستقبلا اعتذاره بانشراح صدر .

 

غير ذلك أيضا كثير ولامجال لحصره , فقد استخدم بعض الشباب الهاتف استخدامات خاطئة مختلفة وصلت بهم الى تسجيل أفلام الفاحشة , ومقاطع الفيديو الفاجرة , فحملوا الإثم في كل لحظة يحملونها فيه ونشروا الفسوق والعصيان , وساعدوا على ذلك وقد قال سبحانه " إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون "

 

ناهيك عما يمكن أن يتوالد من تلك الاستعمالات الخاطئة مما قد يسبب لهم الأزمات النفسية والإيمانية والمراهقة المتأخرة على المدى البعيد .

 

إن نعم الله تعالى علينا كثيرة والهاتف الجوال من هذه النعم , لكن علينا أن يتعاون بعضنا البعض في مواجهة هذه الأخطاء وأن يتدارك البعض من السفهاء ممن شوهوا صورهم بأفعالهم أنه لابد من إعطاء انفسهم الفرصه  لقبول النصح , وأن يضعوا لأنفسهم فرصة لمحاسبتها عما فعلت , كما نصح الصالحون فقالوا : "حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا " , وأن يخلصوا لله تعالى بالعودة عما يفعلوا والإنابة إليه فهو سبحانه ينتظر عوده عباده وأوبتهم , فإنه سبحانه كريم ودود يفرح بعودة التائب , كما يجب علينا أن نستفيد بكل وقت وفره لنا الهاتف في قضاء حوائجنا فكل دقيقة تمر من عُمر الإنسان تقربه من وقت اللقاء وحينئذٍ يسأل المرء عن عُمره فيما أفناه !