هدف وسط التيه ..!
29 ربيع الثاني 1439
د. خالد رُوشه

مشكلة التيه الذي يشكو منه ابناؤنا لازالت تحتل الصدارة من بين ما يشكو منه الابناء في عمر الشباب .

 

اقصد به ذلك الشعور المشتت في كل اتجاه ، بين تحقيق الآمال والطموحات الكبيرة والكثيرة ، وبين معرفة الطريق الامثل للوصول لتلك الآمال ، وبين معرفة الذات وإمكاناتها ومناسبة تلك الطموحات لها .

 

كذلك الأهداف السليمة التي يجب أن يضعها الشاب أمامه ، ومقام الصواب فيها والخطأ ، وتقييم ذلك .

 

ايضا مدى اعتبار الخبرة والتجربة ، واهمية المعرفة والاستفادة بالمستشارين والخبراء .

 

ثم من قبل ومن بعد مقام الاستقامة القلبية والسلوكية في حياته ، واثر ذلك على نجاحاته في دنياه وفلاحه في آخرته .

 

إننا بحاجة إلى مراقبة ومتابعة تربوية منذ بداية الطريق , يتابع فيها الابوان بعلم وخبرة ودراية , ثم يتابع كذلك مربون ناصحون , ومعلمون نابهون .. يأخذون بأيديهم نحو الصوابية .

 

هذه المراقبة والمتابعة والتوجيه التربوي يحتاج الى خبراء تربويين يعرفون ماذا يفعلون ، بحيث أن تامنهم الاسر على أبنائها وعلى تخطيط مستقبلهم فلا يصيبهم الندم أو الألم في مستقبل ايامهم .

 

الآباء والأمهات عليهم واجب كبير في اكتشاف مواهب الأبناء , وتوجيههم الوجهة الصالحة من البداية , وتشجيعهم على سد ثغرات شخصياتهم , وبناء شخصية جادة , صريحة , تعرف ما تريد وتسعى إليه .

 

 

والمربون دورهم الهام يبتدىء بتذليل العقبات النفسية والاجتماعية أمام الأبناء , لتستقيم شخصياتهم , ويستطيعون علاج ما يشكون منه من أمراض أو آلام أو عادات سيئة .

 

المربون يجب أن يفهموا أن دورهم ليس تعليميا فحسب , بل هو توجيهي نصحي علاجي , وهم في ذلك يعتبرون خط المواجهة المهم أمام المستجدات النفسية والاجتماعية التي تنشأ أمام الشباب .

 

يجب أن يعلم المربي أن النفس الإنسانية مترامية الأطراف عميقة النوازع , كثيرة الحنايا , فلا يجب أن يكتفي منها بظواهر , ولا يجب أن يطمئن منها بسمات , بل عليه أن يسعى للإبحار في عمقها , للاطمئنان عليها من الأمراض والشكاوى .

 

تحديد نوعية الشخصية و والوقوف على مثالبها , وتوصيف أمراضها , والبحث عن علاجها , ثم بلورة أهداف لها , ثم دعمها في سبيلها لهدفها المحدد هو جوهر العملية التربوية المرجوة , والتهاون أو التغاضي عن أي خطوة من تلك الخطوات قد يورث أخطاء لا حصر لها , ربما تبدو بعد فترة في صور سلبية مؤلمة .

 

يجب أن نُعلم ابناءنا كيف يقولون " لا " لبعض المواقف والخيارات , وكيف يصرون على اتخاذ بعض الاختيارات التي يجدونها متلائمة مع سبيلهم وطريقهم وقدراتهم .

 

يجب أن نُعلمهم أن الإيمان يجب أن يمس القلب وينطلق منه و وأن كل سلوك لا ينطلق من القلب فهو أجوف , وأن القلب هو قائد حركة الإنسان , وأن القلب يجب أن يكون سليما من الشبهات والشهوات , وإذا سقطت به زلة أن يسارع إلى التوبة والأوبة منها

 

يجب أن نُعلمهم أن الإيمان هو جالب السكينة والطمأنينة في النفس , وأن التوكل على الله سبحانه هو الباعث على الثقة في الحركة والأداء .

 

وأن الحكمة يلزم أن تكون ضالة المؤمن دوما , وأن مشاورة الخبراء واستخارة الخالق سبحانه اساسية في كل خطوة .

 

وأن الدعاء رابط أصيل وحبل متين يربط أحدنا بربه عز وجل ... وأنه سبحانه قريب مجيب .

 

قال النبي صلى الله عليه وسلم :" " من كانت الآخرة همه جعل الله غناه في قلبه و جمع له شمله و أتته الدنيا و هي راغمة ، و من كانت الدنيا همه جعل الله فقره بين عينيه و فرق عليه شمله و لم يأته من الدنيا إلا ما قدر له " أخرجه الترمذي وابن ماجه