دليل مبدئي أمام دعوات الإلحاد
28 ربيع الثاني 1439
منذر الأسعد

بالرغم من التضليل الإعلامي الضخم ، فما زال الإلحاد في ديار الإسلام فردياً مهزوماً مأزوماً ، يعيش في تيهه أفراد ذوو مشكلات نفسية غالباً.

 

لا أقول هذا لأصل إلى طمأنينة زائفة ، فهذا القبح الطارئ يستحق الاهتمام لمعالجته بهدوء واتزان، توجبهما ثقتنا بديننا أولاً، ثم قدرة أهل العلم على التصدي الموضوعي له.

 

ما دعاني إلى كتابة هذه السطور ، ضرورة التنبه إلى التزوير المكثف والمدروس في تصوير الإلحاد بين المسلمين على أنه ظاهرة كبرى . والمقصود بذلك توهين نفسية المسلم وهز ثقته بدينه. ويساعد القومَ على هذا التزييف ظهور وسائل التواصل الاجتماعي، التي تتيح التخفي وحجب هوية صاحبها، فيستطيع أن ينشر ما شاء في حرية مطلقة وغير مسؤولة – حتى أخلاقياً-.

 

ولذلك تشيع هذه الأباطيل في الفيسبوك وتويتر وتندر في موقع يوتيوب !

 

لقد دأبتُ على متابعة المواقع والحسابات التي تدعو إلى الإلحاد، من باب الفضول المعرفي، وتحديد طبيعتها وما وراءها. وحرصتُ في الوقت نفسه على الاطلاع على المواقع والحسابات التي تعرض دعاوى الملحدين وتفندها بمنطق علمي سديد.

 

وأكثر ما شد انتباهي أن أكثر الذين يقومون على الصفحات الإلحادية، نصارى متعصبون يتظاهرون بأنهم مسلمون ارتدوا عن دينهم وألحدوا.

 

ويتجلى هذا من ملاحظة الفرق الجوهري بين هذه الحسابات المشبوهة، وبين مواقع الإلحاد الغربية –ولا تنتطح عنزان في أن الملحدين في العالم كله عبء على سادتهم الغربيين-.

 

الملحد الغربي يكابر ويعاند الأدلة العلمية والعقلية، ليجحد أعظم قناعة فطرية لدى البشر وهي وجود الخالق عز وجل؛ولا يشغل نفسه بمناقشة هذه الملة القائلة بوجود الله أو تلك.. بينما تجد مدَّعي الإلحاد من الناطقين بالعربية، مهووساً بمصارعة الإسلام تحديداً.. وأكثر تخاريفه تشويه لقضايا شرعية فرعية وبعضها تاريخي ...

 

ويضاف إلى هذه الملاحظة المهمة،جملة وقائع سقطت فيها الأقنعة، من خلال مناقشة بعض المفكرين والمثقفين المسلمين لزاعمي الإلحاد، فيتبين أن المتنكر باسم مسلم، لا يعرف أبجديات ما يعرفه المسلم العامي عن الإسلام!

 

إن نصيحتي للغيورين على دينهم من شبابنا وشاباتنا تتلخص في ضرورة الاجتناب المطلق والتام لهذه المواقع الكريهة، وعدم الخوض مع العاهات المتخفِّين وراء شاشاتها. فهناك أناس مؤهلون يفضحون إفلاس الملاحدة سواء أكانوا حقيقيين أم مزعومين.

 

وما يهدف إليه رعاة نشر الكفر بين أبنائنا هو استدراجهم من خلال بث الشكوك والشبهات، وهم لا يملكون العدة العلمية لبيان تهافتها؛وأقصى ما لديهم هو عاطفتهم الدينية الصادقة، التي لا تكفي وحدها للثبات أمام خبث هؤلاء الحاقدين على عالم الغيب كله بعامة، وعلى الإسلام بخاصة لأنه الرسالة الوحيدة التي استعصت على جهد عدائي ضخم ومستمر، أهدافه ثابتة لكن وسائله وأساليبه متغيرة بحسب الظروف والمعطيات، بحيث تُوظَّف أحدث التقنيات في خدمة المخطط الكبير، بإشراف دول كبرى ومؤسسات عملاقة لا تعلن عن نفسها في دهاليز المكر المدروس.

 

إن المخطط يقوم على استدراج الشباب استناداً على عاطفتهم الإسلامية الصادقة، واستغلال جهلهم بالرصيد العلمي الدقيق الذي ينسف شبهات الملاحدة والمشككين،وعدم إدراك هؤلاء الشباب بأساليب الاحتيال والمراوغة التي يتقنها الواقفون وراء مواقع بث الإلحاد باسم العلم الحديث زوراً وبهتاناً.

 

اقول : إنه يجب على أهل العلم ورجال الفكر تحصين الشباب بأساسيات المناعة التي تحميهم بإذن الله من الوقوع في براثن المشككين الخبثاء.

 

وأول ركن في هذه الحصانة، تدريب الأجيال الجديدة، على التشبث بالبديهيات الفطرية والعقلية التي يسعى الملاحدة إلى نفيها والتشكيك فيها، لأنها تحيل تخرصاتهم هباء منثوراً..

 

إن جوهر الحصانة في مواجهة الإلحاد المتدثر بعباءة علمية مزورة، يكمن في التمسك بأساسيات العقل السوي التي لا خلاف فيها بين البشر الأسوياء.

 

وقد دأب الملاحدة على إدخال من يحاورهم في تفاصيل علمية معقدة لكي يتسنى لهم الهروب من الحق، وتمييع موضوع البحث والتلاعب بالمصطلحات والمفاهيم. وقد قرأتُ لبعض هؤلاء تضليلاً رخيصاً بادعاء أن المصادفة صحيحة " علمياً" رغم أنها مستحيلة عقلاً وبحسب الأدلة الرياضية والفيزيائية التي يُجمع عليها المختصون في العالم أجمع.

 

ومما يوضح تهافت حججهم، أني في مناقشة مع أحدهم قلت له: حسناً سنتجاوز خرافة المصادفة، فهل تستطيع أن تشرح لي –علمياً-  ما الذي كان موجوداً  قبل (الانفجار العظيم) ؟

أتتوقعون الإجابة؟

لقد رد عليَّ بسيل من الشتم البذيء  ثم حظرني من صفحته!!