كلمة حق في مواجهة طوفان جائر.. دفاع عن الأمويين نغصته المبالغة!!
20 رمضان 1429
منذر الأسعد

الكتاب: دمشق 93للهجرة-الشمس في ضحاها

المؤلف: شوقي أبو خليل

الناشر: دار الفكر بدمشق- ط1-1429(2008م)

224 صفحة/مقاس 25سم×17سم

إذا ذُكِر الباحثون المعاصرون في التاريخ الإسلامي، فإن الكاتب والمفكر السوري شوقي أبو خليل يأتي في موقع الصدارة بين كوكبة قليلة العدد، تمكنت من الإبحار في عصور الأمة الذهبية باقتدار علمي وأمانة مشرفة وشجاعة مشهودة في التصدي لأباطيل المستشرقين وأراجيف أتباعهم من المتغربين، تصديّاً منهجياً بالحجة القاطعة والبيان الحازم والدليل الموثق.

ويكفي الرجل أنه أثرى المكتبة الإسلامية بسلسلة الأطالس غير المسبوقة والتي شملت القرآن الكريم والحديث الشريف والسيرة المطهرة والتاريخ الإسلامي ودول العالم الإسلامي، بالإضافة إلى غزوات النبي صلى الله عليه وسلم والمعارك الكبرى في تاريخ الإسلام، وكتب عدة في دحض مفتريات أعداء الله مثل:الإسلام في قفص الاتهام-الإنسان بين العلم والدين-هارون الرشيد الخليفة المفترى عليه......

وهذا الكتاب الذي ندرسه في هذه اللمحة التعريفية الموجزة، يأتي في هذا السياق، وبخاصة أنه يذود عن دولة بني أمية التي كثر الحاقدون عليها في العصر الحاضر، بتأثير ظهور دولة الصفويين في إيران، وبتواطؤ مع غلاة المنصرين والمتعصبين من المستشرقين الموتورين، وانخراط بعض بني علمان في تشويه صحيفة الدولة الأموية التي كان أبرز إنجازاتها الخالدة، استئناف مسيرة الفتوحات الإسلامية الفريدة، التي انطلقت في عهد الخليفة الراشد الأول، بعد أن عمّ نور الدين الحق أرجاء جزيرة العرب من قبل.

ولذلك يضع أبو خليل إصبعه على الجرح فيقول في مقدمته:( .....لا أدافع عن عصر يتوهمون أنه مدان، بل أقدم ما أراه حقيقة موثقة، علماً أن الذين يقولون مثل هذه الكلمات السوقية غير اللائقة عن الأمويين، لم يفتحوا شبراً واحداً يوسّعون به أرض الإسلام على مدى حُكْم إماراتهم ودولهم كلها.ويبقى عام93هجري عام العزة العربية الإسلامية في فتوحها، وعام نشر الإسلام ، الذي لم ينحسر حتى يومنا هذا عن أرض بَلَغَها ، أو وصل إليها....).

ولعل أجمل استهلال للكتاب يتمثل في عرض المؤلف الآثار المنسوبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم في صورة أحاديث تضع من شأن بني أمية، وأكثرها موضوع وسائرها ضعيف، وقد أوكل أبو خليل مهمة تخريجها لعالم متخصص، أوضح درجتها من الضعف أو النكارة.ثم ناقش المؤلف حقيقة شخصية معاوية رضي الله عنه وصولاً إلى عام الجماعة حيث تنازل له عن الخلافة الحسن رضي الله عنه .

وفي الصفحات التالية قدّم أبو خليل بياناً موثقاً لشخصيات البيت الأموي في الشام فالأندلس، ليدخل بعدها في التعريف بالخلفاء الأمويين وأبرز مآثرهم، ثم يعقب بحديث مسهب عن أهم قادتهم وأعوانهم كالحجاج وقتيبة بن مسلم ومحمد بن القاسم.

وهنالك صفحات مشرقة خاصة بالقضاء ثم بالعلوم في العصر الأموي، من دون نسيان الفترة الذهبية لهم في الأندلس، بما في ذلك معلومات متميزة عن إسهامهم المطموس في اكتشاف أمريكا.

وقد أطال المؤلف وأجاد في تناوله لدور أبي الفرج الأصفهاني صاحب كتاب الأغاني في تشويه بني أمية والافتراء على تأريخهم بأكاذيبه المتهافتة، والتي راجت بالرغم من أن كتابه أدبي وليس كتاب تأريخ.ويعرّي أبو خليل الأصفهاني عبر تعرية رواته، ثم يفاجئ غير المتخصصين بتطاول أبي الفرج على آل البيت النبوي-على عكس الصورة الشائعة!!بسبب تبني الرافضة لكتابه!!-ولا سيما الحسين رضي الله عنه وابنته سُكينة.ولا يفوت المؤلف تقديم نماذج لسقوط الأصفهاني في الكذب المتعمد في رواياته التافهة عن الأمويين ورجالاتهم، وإن كانت المفاجأة الكبرى هي أن الخبيث يستخف بالإسلام نفسه ويهزأ من الصلاة.

غير أن بهاء الكتاب لا يظل على حاله، فنقطة ضعفه الوحيدة هي حدة رد فعل المؤلف في بعض مناقشاته، مثل تبريره جرائم الحجاج بما فيها قتله سعيد بن جبير العالم التابعي الجليل.

وصدق الشاعر في قوله:

            ومن ذا الذي تُرْضى سجاياه كلها            كفى المرء نبلاً أن تُعَدّ معايِبُهْ