حكومة إردوغان وعصابات "إيرغينكون"
23 شعبان 1429
طه عودة
على الرغم من تراجع حالة الإحتقان السياسي في تركيا بعد صدور الحكم المخفف من جانب المحكمة الدستورية بحق حزب العدالة والتنمية والاكتفاء بتقليص الدعم المالي للحزب ومن دون حظر نشاطه ما زالت تركيا تعيش على وقع ملف التحقيقات في فضيحة "إيرغينكون" المتعلق بتورط لبعض كبار العسكريين والسياسيين في مخطط محاولة الانقلاب العسكري على الحكومة التركية.فلم ترضخ حكومة حزب العدالة والتنمية بزعامة رجب طيب إردوغان للضغوط التي تعرضت لها من قبل النخبة العلمانية العسكرية منها والمدنية على الرغم من أن مستقبلها كان معلقا بقرار المحكمة الدستورية إلا أنها بين المناورة والتحرك المضاد جمعت كل الخيوط المتعلقة بتنظيم إيرغينكون وعملت بعد ذلك لجهة تقديمه إلى المحاكمة واستطاع الحزب الحاكم أن يمضى قدما في محاولة إستخدام ملف هذا التنظيم الإرهابي لجهة إدانة خصومه بجريمة ارتكاب الإرهاب.
 
تفاصيل الإنقلاب،،،
كشفت وسائل الإعلام التركية النقاب عن أن مجموعة تحمل اسم "إيرغينكون" باعتباره المسئول عن مخطط محاولة الانقلاب العسكري وعن وجود محاولتي انقلاب ضد حزب العدالة والتنمية كان محددا لهما التنفيذ خلال عام 2004م الماضي ولكن تم تأجيلهما.وبرزت قضية "إيرغينكون" على السطح بشكل واضح بعد اعتقال الجنرال شينير إيرويفور قائد المشاة السابق والجنرال خورشيد طولان قائد الجيش الأول السابق بتهمة تكوين وقيادة تنظيم إرهابي يهدف لتنفيذ انقلاب عسكري ضد حكومة حزب العدالة والتنمية التي فتحت الباب على مصراعيه للكشف عن تفاصيل الإنقلاب على حكومة إردوغان حيث أسفرت حملة التفتيش في منزل الجنرال طولون عن العثور على ملف يتضمن المعلومات التفصيلية عن رئيس الأركان الجنرال يشار بيوكانيت أما في منزل الجنرال أيرويفور فقد تم العثور على عدد من أشرطة الفيديو الخاصة بالعديد من الجنرالات والقيادات العسكرية التركية ثم تم اعتقال رئيس الغرفة التجارية بالعاصمة أنقرة سينان أيغون بسبب تورطه مع المجموعة الانقلابية وقد رفض أيغون الإفصاح عن الاسم الحقيقي للشخص الذي كان يتحدث معه بالتليفون ويطلق تسمية "آبي" كاسم حركي.
 
 انقلاب تدريجي،،،
خطط الإنقلابيون من عصابة "إيرغينكون"للإطاحة بحكومة إردوغان وتحدد لذلك تاريخ السابع من يوليو/تموز الماضي ولكن كان القيام بتلك العملية يستوجب تحضير الأرضية المناسبة لعمل مثل ذلك فقد تم تشكيل فرقة اغتيالات خاصة حيث  كشفت الوثائق الأولية التي وجدتها سلطات الأمن التركية أثناء تفتيش مكتب سري للجنرال شنر أراويغور في بيته بأحد المجمعات السكنية الخاصة بالعسكريين في اسطنبول عن أبعاد هذا المخطط فقد قام الإنقلابيون بإنشاء وحدة اغتيالات خاصة تتكون من 30 شخص بقيادة شخص يدعى عثمان غوربوز وكان يشرف عليها رئيس الاستخبارات العسكرية السابق الجنرال المتقاعد لفنت أرسوز والعقيد المتقاعد أتيلا أوغور رئيس الإدارة التقنية بالاستخبارات سابقا أما الخطوة الثانية في الخطة هي اغتيال القضاة وكان السيناريو قد تحدد حسب تعليمات طبع منها كتيبات لتوزع على أفراد العصابة قبل العملية ويبدأ السيناريو بالقيام بعمليات اغتيالات تطال منسوبي القضاء والقضاء العالي في جميع أنحاء تركيا في الأيام القليلة الماضية ثم يقوم الإنقلابيون من خلال الجمعيات العلمانية بدعوة الناس يوم 6 يوليو إلى الخروج في مظاهرات في 40 محافظة تركية في وقت متزامن معا لتنديد باغتيال القضاة وتدعو الناس للدفاع عن السلطة القضائية التي اغتيلت بدعم من حكومة العدالة حسب السيناريو الموضوع تليها بعد ذلك مصادمات دموية إذ كان من المقرر أن تخرج التظاهرات رغما عن الحكومة وكان مقررا أيضا افتعال مصادمات دموية شرسة وإراقة الكثير من الدماء وبعد إثارة الفوضى يبدأ الجزء الثاني من السيناريو وهو دعوة الجيش للتدخل بعد أن فقدت الحكومة القدرة على التحكم في الموقف وتضطر الحكومة إلى الاستقالة ويقوم الإنقلابيون بتعيين أحدهم وهو سنان أيغون رئيس غرفة تجارة أنقرة كرئيس للوزراء.وتقول الوثائق أن الهدف من اغتيالات منسوبي القضاء هو توسعة الهوة بين الحكومة والسلطة القضائية قبل إنزال الضربة القاضية بها وقد تقرر أن تبدأ التظاهرات الدموية من مدينة "غازي عنتب" في جنوب شرق تركيا – المنطقة المشتعلة أصلا بسبب الحرب المعلنة على حزب العمال الكردستاني وكان من المقرر أن يقوم قائد القوات البرية السابق الجنرال خورشيد طولون والرئيس السابق لقناة "كانال تورك" التركية تونجاي أوزكان ببدء التظاهرة رغما عن والي المدينة للقيام ببعض الأعمال الاستفزازية للشرطة فتقوم الشرطة بقمعهم وتقع المصادمات الدموية المرجوة وتنتشر حملة الاحتجاجات إلى كل أنحاء البلاد.ولا تزال الوحدات الفنية تقوم بفك شفرات العديد من الوثائق ومحتويات الحاسبات الآلية التي تحوي آلاف من الوثائق الخطيرة التي ستزلزل تركيا وتقوم أطقم أخرى بالتحقيق مع المتهمين.
 
"إردوغان" هدف المنظمة،،
كشفت وسائل الإعلام التركية عن أن عصابة "Ergenekon" وضعت سبعة خطط مختلفة لاغتيال رئيس الوزراء رجب طيب إردوغان كما وتبين أيضا صلة هذه العصابة بحوادث "غازي عثمان باشا" التي وقعت في اسطنبول عام 1995 وأدت إلى مقتل 23 وجرح 408 شخصا.التحقيقات كشفت عن أن رجل السوابق عثمان غوربوز المعتقل حاليا على ذمة قضية "Ergenekon" كان قد هاجم وأطلق النار على ثلاثة مقاهي ومكان عمل مع فريق شكله لهذا الغرض في منطقة "غازي" باسطنبول ما أدى إلى وقوع اشتباكات عنيفة راح ضحيتها العشرات بين قتلى وجرحى وقد تلقي غوربوز الأوامر بالقيام بهذه العملية من أحد العسكريين الذين كان يخدمون آنذاك في قيادة الجيش وذلك بهدف إثارة الفوضى والبلبلة في البلد.وكشفت التحقيقات أيضا عن أن هذه العصابة كانت قد وضعت سبعة خطط مختلفة لاغتيال رئيس الوزراء رجب طيب إردوغان أحبطت قوات الأمن أربعة منها، الأولى في أنقرة عندما تدخلت الشرطة في أخر لحظة لتقتل امرأة من منظمة "جبهة الثورة والتحرير الشعبية" حاولت اغتيال رئيس الوزراء. أما المحاولة الثانية فكانت عندما اعتقلت رجلا من المنظمة نفسها في منزله باسطنبول وبحوزته رسومات تفصيلية لمنزل رئيس الوزراء كان يحضر لاغتياله. ودفع إحباط الشرطة لمحاولتين بالمنظمة الثورية إلى جلب رجلين من عناصرها في سوريا ليس لهما سوابق وغير معروفان أمنيا إلا أن الشرطة سرعان ما تقفت أثرهما واعتقلتهما أيضا كما دفع فشل محاولات الاغتيال الثلاث بالمنظمة إلى تغيير الخطة والاستعانة بقناص الذي أطلق الرصاص عن بعد على رئيس الوزراء في منزله لكن الحظ كان حليف إردوغان فلم تصبه
 
فضائح المنظمة،،
كشف موقع تركي عن أن عملية التفتيش التي أجرتها الشرطة في منزل الأدميرال المتقاعد إلكار غوان رصدت وثائق تثبت انتمائه إلى المحفل الماسوني وقال موقع "خبر ترك" على الانترنت أن هذا الخبر فجر صدمة كبيرة إذ ورغم التعليمات العسكرية التي تحظر على العسكريين الانتماء إلى الجمعيات الماسونية إلا أن الوثائق أثبتت أن الأدميرال المتقاعد غوان أنضم إلى المحفل الأكبر للماسون في عام 1994، فيما كانت المفاجأة الأكبر أنه شغل منصب الاستاد الأعظم للمحفل في عام 1998. كما وأنه بعد انضمامه للمحفل الماسوني مباشرة أسس جمعية تحت اسم حركة "المدافعة عن الحقوق"، فيما انضم إلى جمعية "الفكر الاتاتوركي" بعد خروجه إلى التقاعد. يشار إلى أن المؤسسة العسكرية كانت قد عممت تعليمات في عام 2002 تحظر على العسكريين الانضمام إلى جمعيات ماسونية أو ما شابه إلا أنه تم رصد إخلال بعض الضباط بهذه التعليمات بانتمائهم إلى المحفل الماسوني. ولعبت المحافل الماسونية دورا كبيرا في مجريات السياسة بتركيا على فترات مختلفة، وقد انضم إلى الماسونية السلطان العثماني مراد الخامس وعدد من وزراء الدولة العثمانية. ولما تحولت تركيا إلى النظام الجمهوري، انتقلت المحافل الماسونية إلى العمل السري حتى وقت قريب، عندما استقبل المحفل الماسوني الكبير في اسطنبول قبل ثلاث سنوات عددا كبيرا من الصحفيين الأتراك، وسمح لهم المسئولون بالتقاط صور عن أقسام ودوائر المحفل.
وأخيرا،،،
 وضعت تركيا الأزمة التي أثارتها المحكمة الدستورية مؤقتا على الأقل ويبدو أن المعركة بين الإسلاميين والعلمانيين ستعود للظهور من جديد ولكن من غير  المعروف من سيفاجئ من، ومن سيكسب المعركة في الجولة المقبلة ولكن ما هو مؤكد أن تنظيم إيرغينكون والمرتبطين به سيتم تقديمهم للمحاكمة وإدانتهم وهذا بدوره يجعل
حزب العدالة والتنمية يربح بقاءه في السلطة حاليا..