من دُعِيَ إلى وليمة وفيها منكرات
17 رجب 1432
فهد بن أحمد السلامه

من دُعِيَ إلى وليمة( 1) وفيها منكر كغناء محرم أو معازف

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه وبعد:
فتكثر الأسئلة في مثل هذه الإجازات عن حكم حضور مناسبات الأعراس ونحوها عند اشتمالها على بعض المنكرات، ويجد الكثير حرجاً في حضورها أو الذهاب بأهله إليها، وسوف أذكر في هذا البحث المختصرالحكم الشرعي في هذه المسألة، مع ذكر الخلاف والأدلة والترجيح، سائلاً المولى عز وجل أن ينفع به.
المراد بهذه المسألة : هو ما إذا دُعي شخص لحضور وليمة نكاح، أو غيره، وكان فيها غناء محرم، أو صوت معازف، أو نحو ذلك من المنكرات.
فما الحكم في مثل ذلك؟.
الجواب: إن إجابة الدعوات وحضورها مأمور بها؛ لما فيه من تأليف قلوب المسلمين؛ ولقوله صلى الله عليه وسلم : ( فُكُّوا العاني ، وأجيبوا الداعي ، وعودوا المريض )( 2).
والدعوات إما أن تكون وليمة نكاح أو غيرها.
فأما وليمة النكاح: فأشهر أقوال العلماء وأرجحها أنها فرض عين، إن لم يكن ثمَّ عذر، وكانت الدعوة خاصة، أما إذا كانت الدعوة عامة من غير تخصيص لشخص بعينه فإن الإجابة هنا غير واجبة( 3).
للأحاديث الصحيحة الواردة في ذلك، ومنها قوله صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين: ( إذا دُعِي أحدُكم إلى الوليمة فليأتها )( 4) ، وقوله  صلى الله عليه وسلم : ( إذا دُعِي أحدُكم إلى وليمة عرس فليجب) (5 ).
فهذان الحديثان فيهما أمر صريح بإجابة وليمة النكاح وحضورها، والأمر يُفيد الوجوب عند تجرده عن القرائن.
 
وأما إجابة الدعوة لغير وليمة النكاح: فإنها مستحبة عند جمهور أهل العلم( 6).
وإجابة الدعوة محلها إن لم يكن ثَمَّ منكر مسموع أو مشاهد، فإن كان ثَمَّ منكر يُسمع أو يُشاهد ففيه حالتان :
الأولى: أن يقدر على إزالة المنكر، ففي هذه الحالة يجب عليه الحضور لأمرين: لإجابة الداعي، وإزالة المنكر( 7).
الثانية: أن لا يقدر على إزالة المنكر، وفي هذه الحالة قد يكون المدعو علم بوجود المنكر قبل حضوره، وقد لا يعلم بوجوده.
فإن عَلِمَ بوجود المنكر قبل حضوره، وعلم من نفسه عدم القدرة على إزالته فاختلف العلماء فيه على قولين:
القول الأول: يحرم عليه الحضور، وهذا ما ذهب إليه جمهور أهل العلم من الحنفية( 8)، والمالكية( 9)، وأظهر الوجهين عند الشافعية( 10)، وبه قال الحنابلة( 11).
وذلك لأن في حضوره معنى الرضا بالمنكر( 12)، وقد قال الله تعالى : (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إنَّكُمْ إذًا مِثْلُهُمْ ) (13 ) .
وجه الاستدلال من الآية : إن الجالس في مكان فيه منكر يُؤمر بترك المجلس، والأولى من ذلك أن يؤمر بعدم حضوره إلى ذلك المجلس ابتداء.
القول الثاني: يجوز له الحضور، ويجب عليه أن ينكر حسب قدرتـه، وهذا أحد الوجهين في المذهب الشافعي(14 ).
وعلَّلُوا: بأنَّ حضوره قد يكون سبباً في رفع المنكر( 15) . 
مناقشة هذا القول:
يقال: إن أرادوا بالإنكار حسب القدرة، الإنكار بالقلب عند عدم القدرة باللسان، ثم يجلس معهم ، فهذا غير مُسلَّم؛ لأن جلوسه لا يُغيِّر شيئاً، بل فيه تكثير لسواد أهل الشر، ولأنه يستطيع مغادرة مكان المنكر.
وإن أرادوا الإنكار باللسان ثم يجلس معهم فغير مُسَلَّم أيضاً ، لأن مقتضى الإنكار ترك مجالسة أهل المنكرات ، لأن في جلوسه معهم الرضا بفعلهم.
وأما قولهم: بأن حضوره ربما يكون سبباً لرفع المنكر، فإن أرادوا بالحضور هنا الجلوس معهم فغير مُسَلَّم ؛ لأن هذا ظن، فلا يُقبل؛ حيث إن حضوره مع اليقين بعدم القدرة على إزالته، فيه تكثير لسواد أهل الفسق، وهو - أي عدم القدرة على إزالة المنكر - أمر محقق والقاعدة تقول ( درء المفاسد مقدم على جلب المصالح )( 16)، فدرء مفسدة سماع المنكر بعدم إجابة الدعوة مقدم على مصلحة إجابة الدعوة.
وإن كان مرادهم الحضور لأجل النهي عن المنكر حسب القدرة، ثم عند عدم القدرة على رفعه يترك المجلس، فهذا مُسَلَّم؛ لأن المسلِم مأمور بالنهي عن المنكر حسب قدرته؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : ( من رأى منكم منكراً فليُغيِّره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان )( 17).
الترجيـح :
الراجح في هذه المسألة - والله تعالى أعلم - أن المدعو يُخيَّر بين عدم الحضور مطلقاً، والحضور لأجل إنكار المنكر حسب قدرته، فإن كَفَّ أصحاب المنكر عن منكرهم وأزالوه، جلس معهم، لإجابة صاحب الدعوة، وإن لم ينته أصحاب المنكر عن فعلهم تركهم.
أما أن يجلس معهم وهم لا ينتهون عن المنكر فلا يجوز للآية السابقة؛ ولما روي عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن أول ما دخل النقص على بني إسرائيل، كان الرجل يلقى الرجل فيقول: يا هذا اتق الله ودع ما تصنع فإنه لا يحل لك، ثم يلقاه من الغد فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله وشريبه وقعيده، فلما فعلوا ذلك ضرب الله قلوب بعضهم ببعض، ثم قال:  ?لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُد وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ? إلى قوله تعالى: ?فَاسِقُونَ?(18 )، ثم قال: كلا والله لتأمُرُنَّ بالمعروف ولَتَنْهَونَّ عن المنكر ولَتأخُذُنَّ على يدي الظالم ولَتَأْطُرُنَّه على الحق أطراً ( 19)، ولَتَقْصُرُنَّه على الحق قصـراً ( 20) ، أو لَيَضْرِبَنَّ الله بقلوب بعضكـم على بعـض ، ثم ليلعنكم كما لعنهم )( 21).
فهذا الحديث نص على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعلى وجوب هجر أهل المعاصي إن لم ينتهوا عن المعصية.
وأما إذا حضر ولم يعلم بوجود المنكر، ثم فوجئ بوجوده، فعليه إنكار المنكر وإزالته حسب القدرة، فإن لم يقدر على إزالته فهل يجوز له البقاء في المجلس أم لا ؟.
اختلف العلماء في ذلك على ثلاثة أقوال هي :
القول الأول: يجب عليه ترك ذلك المجلس متى سمع منكراً. وبه قال المالكية( 22)، والشافعية( 23)، والحنابلة( 24).
واستُدل لذلك بأدلة منها :
1. قوله الله تعالى :?وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إنَّكُمْ إذًا مِثْلُهُمْ ? ( 25) .
قال السعدي – رحمه الله - :" والحاصل أن من حضر مجلساً، يعصى الله به، فإنه يتعين عليه الإنكار عليهم مع القدرة، أو القيام مع عدمها"(26).
2. قوله الله تعالى : ?وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آَيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ القَوْمِ الظَّالِمِينَ?( 27).
قال السعدي – رحمه الله - :" ?فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ? يشمل الخائضين بالباطل، وكل متكلم بمحرم، أو فاعل لمحرم، فإنه يحرم الجلوس والحضور، عند حضور المنكر، الذي لا يقدر على إزالته"( 28).
3. ما روى سفينة رضي الله عنه ( 29) أن رجلاً أضافه علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، فصنع له طعاماً، فقالت فاطمة - رضي الله عنها - : لو دعونا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأكل معنا، فدعوه، فجاء فوضع يده على عِضَادَتَيْ الباب ، فرأى الْقِرَامَ قد ضرب به في ناحية البيت، فرجع فقالت فاطمة لعلي: الحقه فانظر ما أرجعه، فتبعته فقلت يا رسول الله: ما ردك ؟ فقال: ( إنه ليس لي أو لنبي أن يدخل بيتاً مُزَوَّقًا )( 30).
وجه الاستدلال: إن الرسول صلى الله عليه وسلم رجع من محل الدعوة لما فيه من منكر مرئي، فدل على أنه ينبغي للمدعو أن يرجع متى رأى منكراً، ويقاس عليه وجوب الرجوع إذا سمع منكراً( 31). قال الله تعالى : ? إنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا? (32 ) .
4. عن نافع قال: سمع ابن عمر رضي الله عنه مزماراً ، قال فوضع إصبعيه على أذنيه ونأى عن الطريق وقال لي: "يا نافع هل تسمع شيئاً " ؟ قال: فقلت: لا، قال: فرفع إصبعيه من أذنيه وقال: " كنت مع رسول الله  صلى الله عليه وسلم فسمع مثل هذا فصنع مثل هذا "( 33) .
وجه الاستدلال : إنَّ ابن عمر - رضي الله عنهما - عدل عن الطريق الذي سمع منه صوت المزمار ، حتى إذا زال ذلك الصوت رجع إلى الطريق الأول، وأخبر أن ذلك من هدي الرسول صلى الله عليه وسلم ، فدل ذلك على أن من سمع منكراً في مكان فيلزمه ترك ذلك المكان .
5. إنَّ الجالس في مكان الدعوة التي فيها منكر، وهو يشاهد المنكر ويسمعه، من غير حاجة إلى ذلك، فإنه يُمنع منه، كما لو كان قادراً على إزالته(34 ).
القول الثاني : يجوز له البقاء في المجلس إن لم يكن من المُقْتَدَى بهم، ويجب ترك المجلس إن كان من المقتدى بهم. وبه قال أبو حنيفة وأصحابه( 35).
واستدلوا لما ذهبوا إليه : بأن إجابة الدعوة سنة، ولا تُترك لمعصية توجد من الغير؛ كصلاة الجنازة، فإنها واجبة الإقامة، وإن حضرتها نياحة(36 ) .
الاعتراض على استدلالهم:
يُعترض على دليلهم بأن صلاة الجنازة متأكدة ، فيترتب على تركها ضرر، أما البقاء في مجلس فيه منكر فيترتب منه ضرر، ولا يترتب ضرر على تركه، فلا يصح قياسهم؛ إذْ هو قياس مع الفارق .
القول الثالث: يجوز له البقاء مالم يتعمد سماع ذلك المنكر، وبه قال بعض الشافعية، وقيَّده بعضهم في حالة تعذر الخروج، كأن يكون ذلك بليل وخاف، أو خاف من سطوة صاحب الدعوة(37 ).
واستُدل لهذا القول بما يلي :
1. عن نافع قال: سمع ابن عمر رضي الله عنه مزماراً ، قال فوضع إصبعيه على أذنيه ونأى عن الطريق وقال لي: "يا نافع هل تسمع شيئاً " ؟ قال: فقلت: لا، قال: فرفع إصبعيه من أذنيه وقال: " كنت مع رسول الله  صلى الله عليه وسلم فسمع مثل هذا فصنع مثل هذا "( 38).
وجه الاستدلال: إنَّ ابن عمر رضي الله عنه لم ينكر على نافع سماعه للصوت المنكر في الطريق، فدل على أن ذلك لا بأس به إن لم يتعمد سماعه.
ويُعترض عليه: بأن ابن عمر رضي الله عنه عدل بنافع عن الطريق، فدل على أنه ينبغي أن يتحول الرجل عن المكان الذي يسمع فيه المنكر.
2. استدلوا أيضاً بالقياس، فقالوا : لو أن رجلاً وهو في داره سمع صوتاً منكراً من دار جاره، ولا يقدر على إزالته، فإنه لا يجب عليه التحول من داره، وكذلك هنا لا يجب عليه التحول من ذلك المجلس بسماعه للمنكر إذا لم يتعمد السماع( 39) .
ويُعترض عليه: بأنه قياس لا يصح؛ لأنه قياس مع الفارق؛ حيث قاسوا جواز البقاء في مجلس الدعوة الذي يسمع فيه المنكر - وفي هذه الحالة يمكنه التحول عن المجلس من غير ضرر، وفيه سماع صوت المنكر من غير حاجة إلى البقاء - على جواز بقاء الرجل في داره وهو يسمع المنكر من جاره - وفي هذه الحالة لا يمكنه التحول، ولو أمكنه لحصل بذلك ضرر ظاهر، وفيه سماع للمنكر وهو يحتاج إلى البقاء - بينما في مجلس الدعوة يمكنه التحول عنه من غير ضرر( 40).
الترجيـح:
الراجح في هذه المسألة - والله تعالى أعلم - هو القول الأول، القائل بوجوب ترك مجلس الدعوة في حالة عدم انتهاء أصحاب المعصية عن معصيتهم، بعد الإنكار عليهم؛ وذلك لقوة ما استدل به أصحابه، ولوجوب هجر أصحاب المعاصي وتحريم مجالستهم، كما سبق بيانه في ترجيح المسألة السابقة.
هذا ما تيسر جمعه في هذا الموضوع، وأسأل الله أن ينفع به كاتبه وقارئه، وما كان فيه من صواب فمن الله وحده، وما كان فيه من خطأ فمن نفسي والشيطان والله ورسوله منه بريئان، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

من فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (في السعودية) في الموضوع:
(الجزء رقم : 19، الصفحة رقم: 96)
السؤال الثاني من الفتوى رقم ( 13400 )
س2: الزواج في هذه الأزمنة يكون في قصور، ويحصل فيه من المعاصي ما لا يخفى عليكم، وقد كرهته ومنعت نسائي وبناتي، وهم يرغبون الذهاب إلى هذه القصور، وحضور الزواج، فهل أستمر على منعهم أم أسمح لهم ولا يلحقني إثم؟
ج2: إذا كان حفل الزواج يشتمل على محرم، مثل: اختلاط الرجال بالنساء، أو المعازف ونحو ذلك فلا يجوز لك تمكين أهلك من حضوره، وإن كان الحفل لا يشتمل على محرم، فلا حرج في إذنك لأهلك بحضور حفل الزواج، وليس ضرب النساء بالدف في العرس من المعازف المنهي عنها إذا لم يكن معهن رجال. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم

--------------------------------------------
(الجزء رقم : 19، الصفحة رقم: 103)
السؤال الثالث من الفتوى رقم ( 2894 )
س3: تعلمون أن الأعراس هذه الأيام بها نوع من عدم الحكمة والمغالاة في الأكل، فهل يجوز أن أذهب إليها مع علم مسبق أنه سوف يكون هناك إسراف؟ وهل يجوز أن أسمح لزوجتي أن تذهب إلى العرس؟ علما أن العريس وبعض أهله الرجال وقت الزفة -على حد قولهم- يدخلون عند النساء. فما الحكم أثابكم الله وجزاكم خيرا؟

ج3: إذا كانت أحوال العرس كما ذكرت، من المغالاة في الوليمة، ومن اختلاط الرجال الأجانب بالنساء بما يسمى بالزفة، فلا تذهب إلى هذا العرس، ولا تسمح لزوجتك بالذهاب إليه، إلا إذا كان لديك من القوة والوجاهة ما تستطيع أن تغير به المنكر، وترشد من حضر إلى الحق والصواب، فيجوز لك الحضور، بل يجب عليك إقامة للحق، وقضاء على المنكر، وكذلك الحال بالنسبة لزوجتك، والله الهادي إلى سواء السبيل. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
(1)  قال في أسنى المطالب 3/223 :  الوليمة "من الوَلْم وهو الاجتماع ، وهي تقع على كل طعام يتخذ لسرور حادث ، من عرس وإملاك وغيرها ؛ لكن استعمالها مطلقة في العرس أشهر ، وفي غيره تُقيَّد ، فيقال : وليمة ختان أو غيره" . وقال في كشاف القناع 5/183 : "الوليمة اسم لطعام العرس خاصة ، لا تقع على غيره ، حكاه ابن عبد البر عن ثعلب وغيره من أئمة اللغة . وقال بعض أصحابنا وغيرهم : يقع على كل طعام لسرور حادث ، إلا أن استعمالها في طعام العرس أكثر، وقول أهل اللغة أقوى" .      
(2)  أخرجه البخاري في صحيحه ، كتاب النكاح ، باب حق إجابة الوليمة والدعوة برقم : 5174 (فتح الباري) 9/149. 
(3)  اختلف الفقهاء في حكم إجابة وليمة النكاح على ثلاثة مذاهب:
المذهب الأول: ذهب الحنفية وبعض الشافعية إلى أن إجابة دعوة الوليمة سنة ، إلا أن الحنفية يدل  كلامهم على أنهم قالوا بالوجوب وإن صرحوا بأنها سنة ، إذ قالوا إنها سنة في قوة الواجب ، واستدل الشافعية بأن طعام الوليمة تمليك مال ، فلم يجب كغيره ، وإن الخبر محمول على تأكيد الاستحباب .
المذهب الثاني : ذهب جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة إلى وجوبها ، واستدلوا على ذلك بالأدلة الكثيرة ، أقواها قول النبي  صلى الله عليه وسلم : ( شر الطعام طعام الوليمة يدعى لها الأغنياء ويترك الفقراء ، ومن ترك الدعوة فقد عصى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم - الحديث - ) رواه البخاري في صحيحه كتاب النكاح ، باب من ترك الدعوة فقد عصى الله ورسوله ، برقم : 5177 الفتح: 9/152.
 ووجه الاستدلال : أن إطلاق العصيان على تارك الداعي يدل على وجوب إجابته ، إذ لا يطلق هذا اللفظ إلا على ترك الواجب .
المذهب الثالث : ذهب بعض الشافعية إلى أنها فرض على الكفاية ؛ لأن المقصود من الوليمة إظهار النكاح والتمييز عن السفاح ، وهو حاصل بإجابة البعض ، ولأن الإجابة إكرام فهي كرد السلام .
( انظر في تفصيل هذه المسألة : تكملة فتح القدير10/13 ، تبيين الحقائق 6/13 ، بدائع الصنائع 6/513 ، تكملة البحر الرائق 8/ 344 ، القوانين الفقهية ص : 219 ، الشرح الكبير وحاشية الدسوقي عليه 2/337 ، مواهب الجليل ومعه التاج والاكليل  5/241 ، فتح الباري 9/150 ، مغني المحتاج 3/245 ، الحاوي الكبير 9/557- 558 ، أسنى المطالب 3/224 ، المغني 10/193، كشاف القناع 5/186 ) .       
(4)  رواه البخاري، كتاب النكاح، باب حق إجابة الوليمة والدعوة، برقم: 5173 فتح الباري 9/149 ، ومسلم ، كتاب النكاح ، باب الأمر بإجابة الداعي إلى دعوة ص: 566 ، برقم : 1429. 
(5)  أخرجه مسلم ، كتاب النكاح ، باب الأمر بإجابة الداعي إلى دعوة ص :  566 ، برقم : 1429 . 
(6)  اختلف العلماء في حكم إجابة الدعوة في غير الوليمة على مذهبين :
المذهب الأول : ذهب جمهور العلماء إلى أنها سنة ، وعللوا بأن الدعوة لغير الوليمة لا تجب بالإجماع، فلم تجب إجابتها .
المذهب الثاني : ذهب بعض الشافعية وابن حزم والشوكاني إلى أنها واجبة، وزعم ابن حزم بأن هذا قول جمهور الصحابة والتابعين ، وأدلتهم في هذا عموم الأدلة الآمرة بإجابة الدعوة .
( انظر في تفصيل هذه المسألة : تكملة فتح القدير 10/13 ، تبيين الحقائق 6/13 ، القوانين الفقهية ص : 222 ، مواهب الجليل 5/242 ،  مغني المحتاج 3/245 ، أسنى المطالب 3/224 ، كشاف القناع 5/188 ، المغني 10/207 ? 208 ، نيل الأوطار 6/213 ، فتح الباري 9/155).    
(7)  انظر: بدائع الصنائع 6/512 ، مغني المحتاج 3/247 ، الحاوي الكبير 9/562 ، أسنى المطالب 3/225 ، المغني 10/198 ، كشاف القناع 5/190 الإنصاف 8/335 ، نيل الأوطار 6/219 . 
(8)  بدائع الصنائع 6/513 ، تبيين الحقائق 6/13 ، تكملة فتح القدير10/14 ، الفتاوى الهندية 5/343 .
(9)  الشرح الكبير وحاشية الدسوقي عليه 2/337 ، مواهب الجليل 5/243 ، منح الجليل 2/529 .
(10)  الحاوي الكبير 9/536 ، مغني المحتاج 3/247 ، أسنى المطالب 3/226 .
(11 )  المغني 10/198 ، كشاف القناع 5/190 ، الإنصاف 8/335 .
(12)  مغني المحتاج 3/247 .
(3 1)  جزء من الآية رقم : 140 ، من سورة النساء .
(4 1)   الحاوي الكبير 9/536 ، مغني المحتاج 3/247 .
(5 1)  المرجعين السابقين .
(6 1)  انظر: درر الحكام 1/37 .
(7 1)  أخرجه مسلم، كتاب الإيمان، باب كون النهي عن المنكر من الإيمان ص: 51 ، برقم : 78.
(8 1)  سورة المائدة الآيات : 78-81 .
(9 1)  قال الخطابي: " قوله لتأطرنه ، معناه : لتردنه عن الجور ، وأصل الأطر العطف أو الثني " .(معالم السنن 4/324 ) .
(20)  معنى : " ولتقصرنه على الحق قصراً " ، قال في عون المعبود 11/327 : " أي لتحبسنه عليه وتلزمنه إياه " . وانظر : النهاية في غريب الحديث 4/69 .
(21)  أخرجه الترمذي، كتاب تفسير القرآن، باب سورة المائدة ص: 686 ، برقم : 3047 ، 3048 ، وقال: هذا حديث حسن غريب، وأبو داود، كتاب الملاحم، باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ص: 609 ، برقم : 4336 - 4337 ، وابن ماجه، كتاب الفتن، باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، 2/1327، برقم: 4006، والحديث ضعَّفه الألباني ( انظر : ضعيف سنن ابن ماجه ص: 322 ) .
(22)  مواهب الجليل 5/243 ، الشرح الكبير وحاشية الدسوقي عليه 2/337 ، منح الجليل 3/529.
(23)  الحاوي الكبير 9/563 ، مغني المحتاج 3/247 ، أسنى المطالب 3/226.
(24)  المغني 10/198 ، كشاف القناع 4/190 ، الإنصاف 8/335.
(25)  الآية رقم : 140 ، من سورة النساء .
(26) تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان ص: 173.
(27) الآية رقم: 68من سورة الأنعام.
(28)  المرجع السابق ص: 222 .
(29)  هو : مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أبو عبد الرحمن ، كان عبداً لأم سلمة ، فأعتقته وشرَطت عليه خدمة رسول الله صلى الله عليه وسلم ما عاش، و سفينة لقب له، واسمه مهران، وقيل: رومان، وقيل: قيس ، وقيل في اسمه غير ذلك ،  توفي سنة : 71هـ .
راجع في ترجمته : البداية والنهاية 8/308 ، سير أعلام النبلاء 3/172 ، تهذيب التهذيب 4/110.
(30)  أخرجه أحمد في مسنده 7/324، وأبو داود ، كتاب الأطعمة، باب الرجل يدعى فيرى مكروهاً ص: 537 ، برقم: 3755، وابن ماجه، كتاب الأطعمة، باب إذا رأى الضيف منكراً رجع 2/1115، برقم: 3360 ، وابن حبان 14/267( ترتيب ابن بلبان ) وحسنه محققه: شعيب الأرنؤوط، كما حسنه الألباني ( انظر : صحيح سنن ابن ماجه 2/238 ).
معاني غريب الحديث : عِضَادَتَيْ الباب: هما الخشبتان المنصوبتان على جنبتيه. والْقِرَامَ الستر قاله الخطابي، وبعضهم يزيد: وفيه رقم ونقوش، ومعنى مُزَوَّقًا : أي مُزَيَّنَاً بالنقوش ، وأصل التزويق التمويه. ( انظر : معالم السنن 4/223 ، عون المعبود 10/162 ) .
(31)  معالم السنن 4/223 ، عون المعبود 10/163 .
(32)  سورة الإسراء الآية رقم : 36 .
(33)  أخرجه أحمد 1/232، 311، وأبو داود في كتاب الأدب، باب كراهة الغناء والزمر ص: 694 برقم: 4924 واللفظ له، وابن ماجه في كتاب النكاح، باب الغناء والدف 1/613 برقم: 1901، والبيهقي في الكبرى في كتاب الشهادات، باب ما جاء في ذم الملاهي من المعازف والمزامير ونحوها 10/375 برقم: 20997 وما بعده، وأبو نعيم في الحلية 6/129، وابن أبي الدنيا في تحريم الملاهي برقم : 68 ، والآجري في تحريم النرد ص: 205 ، وابن طاهر في السماع ص: 59، وصححه الألباني في ( تحريم آلات الطرب ) ص: 117 ، كما أطال محقق كتاب ( تحريم النرد ) الكلام على هذا الحديث ثم حكم عليه بالصحة ص: 216.
(34)  المغني 10/199 .
(35)  تكملة فتح القدير10/12 ، تبيين الحقائق 6/13 ، بدائع الصنائع 6/513 ، تكملة البحر الرائق 8/344 ، الفتاوى الهندية 5/343 .
(36)  تكملة فتح القدير 10/12 ، تبيين الحقائق 6/13 ، بدائع الصنائع 6/513 .
(37)  الحاوي الكبير 9/563 ، مغني المحتاج 3/247 ، أسنى المطالب 3/226 .
(38)  سبق تخريجه.
(39)  المراجع السابقة .
(40)  انظر : المغني 10/199 ، كشاف القناع 4/190 .