الاحتساب (البعبع الكبير)

تم إعلان النفير العام وأطلقت أبواق الحرب وارتفع مؤشر الخطر إلى اللون البنفسجي واستجلبت القوات من المعسكرات وأمر الجنود بإطلاق النار على كل جسم يتحرك وشحذت المدافع بالذخيرة وصدرت التوجيهات للرعايا باستخدام كل ما يمكن للدفاع عن النفس فلقد استعاد الخصم قواه وغير استراتجياته فبعد أن كان داخل حصونه يتلقى الضربة وراء الضربة وسنوات قضاها أسيرا لردود الفعل أصبح هو من يشن الهجوم وهو الذي يختار مكان وزمان المواجهة.
 
هكذا كان الحال في المعسكر الغربي ودعاته إبان الإعلان عن هيئة الفضيلة في اليمن فالحرة الأمريكية لم تنقطع عن بث التقارير التي استنطقت فيها كل حانق على الهيئة دون أن تسمع من أصحابها , والعربية تتهكم بالهيئة في أسلوب هو أقرب لصراع الصبيان بالشوارع ونشرت الشرق الأوسط العديد من المقالات وخصصت ركن لمتابعة الهيئة وتحليل أسباب انطلاقها ، وصفوها بأنها خطوة جديدة من حاكم بدء يفقد شرعيته فهو يبحث عنها في الدين مع علمهم أن الهيئة بها جمع من المعارضين  وبرنامجها فيه معارضة لكثير من المشاريع التي يرعاها ، واتهموها بأنها تبحث عن الحكم وتريد الاستيلاء عليه وعلى افتراض ذلك فهل الحكم في ديمقراطيتهم حلال عليهم محرم على سواهم ، وتساءلوا عن سبب وجودها في مجتمع محافظ كاليمن وكأن المحافظة ولوازمها قيم معتبرة عندهم أو لها مكان في قواميسهم وإذا قامت في مجتمع لا يحتاجها فلماذا هذا الخوف منها فدورها سيكون شكلياً فقط ، ومرة أخرى يرون فيها خطوة من بعض الإرهابيين للعمل تحت ستار جديد هذا، والإرهابيون يلعنون بعض رموز الهيئة، وأيضا ليس من طريقتهم العمل في فضاء رحب ومن العجب أن يدرك هؤلاء الصحفيون أموراً خطيرة عجزت عن معرفتها المؤسسة الأمنية المحترفة وهي تحدث في وضح النهار وعلى رؤوس الإشهاد ثم إذا كان الحاكم يبحث عن شرعيته فيها عند بعضهم كيف يستخدم إرهابيين لذلك عند آخرين  يا لله ...كم يحدث الاحتساب في عقول وتصرفات القوم من خبل وتخبط ، وتنبأ بعضهم أنها ستكون سبب في تأخر المجتمع وعدم تقدمه وكأن الدعوة للعفاف وتحريم الخمور و محاربة الدعارة أسباب مانعة من بناء مشفى متطور أو نظام تعليمي متميز أو إنشاء مفاعل نووي
 
إن أولى الناس بالتهم السابقة هم مطلقوها فمن هم أبواق ودعاة الظلمة وخدامهم ؟ وكثير من الليبراليين أشخاص كانوا يساريين في السابق ركبوا الموجة بعد سقوط السوفيت بحثا عن المناصب أو للمحافظة عليها !! والتأخر سببه الرئيس الفساد الإداري والمالي الذي يشارك فيه هؤلاء المتأمركين وربما نسي القوم بأن كثير من بلدان المسلمين بيدهم منذ سقوط الخلافة ـ ما يقارب قرن من الزمن ـ وهي تشهد تأخر وفساد وظلم وتخلف وإهدار للموارد يزداد يوما بعد يوم وهذا الهجوم الناري الواسع في وسائل الإعلام المتأمركة دون غيرها سببه الحقيقي خوف هذه الوسائل من تعطل مشاريع أسيادها التغريبية في العالم العربي بسبب قيام هذه المشاريع المقاومة والممانعة بحق
 
الجار يتأثر بما يحدث في دار جاره وقيام هذه الهيئة له الكثير من التداعيات على الدول العربية فهو دافع لأن يقدم إسلاميين  في دول أخرى للقيام بمشاريع مماثلة و سيجن جنون القوم ويصابون بحالات نفسية مزمنة إن أعلن عن هكذا مشروع في مصر ،  و سينعكس وجود الهيئة على الاحتساب في السعودية فلن يشعر المحتسبين أنهم في الميدان لوحدهم ، مما يعني أن خطابهم سيرتفع ويعلو ، والضغط الإعلامي عليهم سيخف فهناك من يشاركهم في حمل اعتداءات وأكاذيب الصحافة ، وسيزداد تفاعل وقبول عموم المسلمين للاحتساب وأهله إن رأوا شيء من شرائع الإسلام ماثل للعيان أمامهم في أكثر من مكان ، وعلى ضوء هذه التداعيات نفهم تناول بعض الصحف المحلية السعودية لهذا الشأن الدولي الخاص.
 
هذه الهجمة الإعلامية حملت الكثير من الدلالات ، دلت على خيار استراتيجي ناجع في مواجهة التغريب هو بمثابة غصة في حلوق القوم وبعبع ترتعد أطرافهم بمجرد سماع اسمه ولابد من استنساخه في البلدان العربية ، ودلت على قوله تعالى: ( المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف) بعضهم من بعض فالذين في اليمن هم كمن في الخليج اجتمعوا على محاربة الأمر والنهي ، ودلت على قوله صلى الله عليه وسلم ( نصرت بالرعب مسيرة شهر ). أخرجه البخاري ومسلم