أنت هنا

ست وقفات مع حملة الإعلام باسم المسعى على الأعلام
20 جمادى الثانية 1429
إبراهيم الأزرق

الوقفة الأولى:
من المتقرر حسب المرسوم الملكي (أ/137) الصادر في 1391هـ أن هيئة كبار العلماء هي الجهة المخولة بإبداء الرأي فيما يحال إليها من أجل بحثه، وتكوين الرأي المستند إلى الأدلة الشرعية فيه كما تقوم بالتوصية في القضايا الدينية المتعلقة بتقرير أحكام عامة ليسترشد بها ولي الأمر... وهذه الهيئة كما جاء في المرسوم تتكون من عدد من كبار المختصين بالشريعة.
وقد مضى أمر هذه البلاد على اعتبار فتوى هؤلاء الأعلام المختصين ومعرفة قدرهم سواء أخذ بقولهم أم لم يؤخذ وذلك في قضايا أثر فيها خلاف لا يقل عن الخلاف الحاصل اليوم.
واليوم بذريعة الحديث في شأن المسعى يعارض ذلك المرسوم جهاراً، ويسعى لإسقاطه، بل لإسقاط العلماء المختصين، فقد سئلت الهيئة عن توسعة المسعى فأجابت بالمنع، ولم يصادف حكم الهيئة توجه الساسة، فسنحت عندها سانحة لبعض المغرضين من كتاب الصحف والمجلات، فتجرأ بعض أغيلمة الصحافة على الفتوى وعلى أهلها العالمين بسبب ذلك واستطالوا بأقلامهم على العلماء الذين هم مرجع هذه الدولة منذ عقود، وهذه ظاهرة خطيرة، فربما كان للاجتهاد في اتساع عرض المسعى من عدمه مجال لمن ملك الآلة، لكن لا ينبغي أن يكون ثمة مجال أبداً للطعن في العلماء الراسخين وإن كان قولهم مرجوحاً فكيف وهم أسعد بالصواب؟ فإن لم يكن ذلك فقولهم أحوط وأحفظ لنسك المسلمين. إن الطاعن على هؤلاء حري به أن يؤدب، ولاسيما إن كان من أمثال من نرى على صفحات الجرائد والمجلات أنصاف متعلمين فرضهم التقليد وإن تعالموا.
الوقفة الثانية:
دلائل انهزام المخالفين للعلماء الأعلام في فتوى المسعى الواقعين فيهم، بادية للعيان، إذ لم يمكنهم بمجرد الحجة دفع قول أهل العلم، فلجأوا إلى التنقص والإزراء، ثم فزعوا إلى الاستغاثة بكل غريق في لجات البدعة، وتكثر بأقوال من لا يزيدهم التكثر به إلا خبالاً وإيضعاً من مكانة مذهبهم، كما أنهم فزعوا إلى التكثر بأقوال رجال لم يحرروا محال النزاع في المسألة، فكثير من الفضلاء الذين أُقحموا - عن طريق المقابلات الصحفية التي أجريت معهم للتكثر بهم- ما كنت حجتهم إلا أن قالوا: (أظن إن توسعة المسعى عمل جيد)، (بفتكر...)!، (في نظري...)، إلى غير ذلك من الأقوال التي لم تبن على أصل مؤسس أو فرع محقق، وقليل هم أولئك الذين بنوا قولهم على دعوى امتداد الجبلين بما أسموه شهادة الشهود وغيرها من حجج المجوزين، التي طعن المانعون فيها من وجوه كثيرة ليس هذا محلها.
الوقفة الثالثة:
واجب العامة إزاء هذه النازلة، ويدخل في العامة كثير من الإعلاميين، ويلحق بهم من لم يبحث المسألة من أهل العلم الذين لم ينظروا في حجج الفريقين، واجبهم أن لا يتهاونوا في القضية لهم وأن يقلدوا من يُوثق بدينه، لا من يطاوع أهواءهم، وأن يتوقفوا في القول بجواز المسعى الجديد حتى يتبين أنه مسعى، إذ الأصل في العبادة التوقيف وعدم الثبوت.
أما من علم خلاف العلماء في المسألة ثم خالف الراسخين تهاوناً فقال بجواز السعي أو سعى وهو في شك من مسعاه فقد تترتب على مخالفته أحكام كثيرة، وحسبه ذماً تجرؤه على عبادة لم يتثبت عنده أن الله شرعها في ذلك المحل!
الوقفة الرابعة:
كان بعض المصلحين يحارب الإرهاب المذموم ويدعو إلى التعقل بالرجوع إلى العلماء وتقدير اجتهادهم المخالف لمن يرى التفجير والتكفير، لأن الأمر متعلق بأمر أمة لا يسوغ فيه الاجتهاد الفردي، ولا ينبغي أن تتخطى فيه المرجعية الشرعية للبلاد. أما اليوم فإن الإعلام وبعضهم يقول لأولئك بلسان الحال: ليفعل كل منكم ما يراه فقد أسقط رأي المرجعية! وبان ألا كبير اعتبار له ولا خصوصية!!
الوقفة الخامسة:
تطاول أقزام الإعلام من أذيال الغرب ومن تأثر بهم على العلماء عمل غير مبرر لا باعتبار الشرع ولا القانون ولا مبادئ الحريات التي يتشدقون بها، وتأمل كيف سعى القوم إلى التشنيع على العلماء وتحجير الرأي عليهم مع أن ذلك من اختصاصهم هم لا من اختصاص غيرهم! بل تجاوز الأمر ذلك فطال بعضهم العلماء بإعلان التوبة! وتجرأ على تفنيد أهل الرأي، وفي رأيه التفنيد لو كان يعقل!
الوقفة السادسة:
ما قاله الأول، يا حملة الأقلام من أهل (الدعوة)! والإعلام:
إِذا عـيَّر الطائـي بالبخل مادرٌ *** وعـيَّر قـساً بالفـهاهة بـاقلُ
وقال السُّهى للشمس أنت ضئيلةٌ *** وقال الدُّجـى للصبح لونك حائلُ
وطاولت الأرضُ السماءَ سفاهةً *** وفاخرت الشهبَ الحصى والجنادلُ
فيا موتُ زُرْ إن الحـياة ذميمةٌ *** ويا نفـس جدي إِن دهرك هازلُ
واللبيب بالإشارة يفهم!