21 شعبان 1429

السؤال

السلام عليكم..أنا متزوج و أرغب بالتعدد ، ذهبت للخطبة ، وعندما علمت زوجتي ثارت وحزنت ،و تطلب مني أن أرجعها لأهلها في أسرع وقت..زوجتى الأولى ملتزمة و ذات دين و خلق..أعلم بأن النساء هذا حالهن في موضوع التعدد,,و كل ما أرغب به منكم،ما هي الطريقة المثلى للتعامل مع هذه المشكلة بأسرع وقت،،

أجاب عنها:
تسنيم الريدي

الجواب

أخي الفاضل
أهلاً ومرحباً بكم في موقعنا والله نسأل أن ييسر لك الخير أينما كان.
في الحقيقة أخي رسالتكم مقتضبة جداً، فأنت لم تذكر السبب الذي يدفعك إلى الزواج من أخرى رغم علمك برفض زوجتك للفكرة، بل إنك مقتنع تماماً أنها ملتزمة وذات دين وخلق ... فهل هناك ما ينقصك في علاقتك معها والذي يجعل الأمر مهما ولا يحتمل التأخير؟
كذلك أخي إن كنت تريد البقاء على بيتك الأول دون هدم، لماذا أخفيت عن زوجتك الأولى رغبتك في الزواج، بل الخطوة الذي أخذتها بالذهاب لخطبة أخرى دون علمها؟ فقد كان عليك أن تعرض عليها الأمر منذ البداية بل وقبل أن تأخذ أي خطوة، وأن تتناقش معها بهدوء ... لأن تصرفك بالذهاب للخطبة دون علمها من البداية سيزرع فيها عدم الثقة فيك كزوج لها، بل وأن طبيعة الأنثى الثقافية في عصرنا هذا – وهو حال زوجتك - ترفض أن يتزوج زوجها بأخرى عندما يكون له سبباً كتأخر الإنجاب وتكون في حيرة من أمرها بين طلب الطلاق منه وبين الاستمرار معه تحت سقف حياة زوجيه مهددة بدخول أنثى أخرى في عالمها، فما بالك أخي بزوجتك التي تقر أنت بخلقها ودينها والتي فوجئت بذهابك لخطبة فتاة أخرى وبدون علمها؟؟
عموماً أخي فقد شرع الله عز وجل التعدد، لكن يجب على الرجل أن يدرس حالته جيداً وأن يكون صادقاً مع نفسه في ورغباته ودوافعه للتعدد، فليس كل مشروع نافعا لكل الناس، وخاصة أن التعدد مشروع مشروط ... فعليك أخي أن نتنبه لعدة أمور – بل شروط - قبل اتخاذ أي خطوة في الزواج بثانية، وأهمها الموافقة التامة من قبل زوجتك الأولى ، فعدم رضاها ، أو زواجك بدون علمها هو بمثابة هدم لعلاقتك بها وبالتالي هدم الأسرة، وهذا ما لا ترضاه أنت، وهنا فيجب عليك إقناعها دون ضغط أو إهانة لها – مع ذكر سبب واضح لرغبتك في زوجة ثانية – حتى لا تصر هي من جانبها على الطلاق، فالمناقشة بينكما يجب أن تصل إلى نتيجة ترضى كلا الطرفين.
وهنا أخي فلا تتوقع أن ترضى زوجتك بسهولة، فقد ترفض الفكرة تماماً ، ووقتها ستكون أنت أمام خيارين كلاهما مر، وعليك اتخاذ القرار بينهما، لكن عليك أن تقدر الأمور وتزنها بعقلك جيداً، فأنت بهذا القرار تحدد مصير أسرة كاملة – خاصة إن كان لك أولاد من الزوجة الأولى – عند اختيار طلاقها للزواج من أخرى ... ونصيحتي لك أخي الكريم - خاصة أنك لم تذكر سبباً لرغبتك في الزواج الثاني متعلقاً بنقص أو عيب في زوجتك، أو عدم إيفائها برغباتك في حياتكما الزوجية الخاصة – بأن تحافظ على زوجتك وبيتك ، فأنت لن تضمن إن طلقتها – في حالة رفضها التام لزواجك الثاني - وتزوجت الثانية أن تكون ملتزمة على خلق ودين تؤدي واجباتها نحوك كزوجتك الأولى... حيث أن عدم زواجك الثاني لن يتسبب في مفاسد محققة ، وعموماً فهنا أنت وحدك من سيتخذ القرار.
لكني أخي قد استنتج أنك متزوج منذ فترة، وقد تكون علاقتك بزوجتك – كما هو حال الكثير – قد أصابها الفتور، وهنا فعليك أخي أن تفكر كيف تجدد زواجك، وتعيد أنت وزوجتك لحياتكما النضارة والحيوية، لا أن تعتقد أن التعدد هو العلاج الوحيد.
فمشكلة الملل الزوجي مشكلة عامة كثيرة الحدوث للأزواج، وخاصة بعد أن يطول العهد بالزواج، لذلك يجب عليك أن تتحدث مع زوجتك بشكل صريح وأن تجدوا سوياً سبل لإحداث بعض التغيير في حياتكم الزوجية الخاصة، فليس عيباً أن تسدي نصحاً لزوجتك في فن التغيير في نفسها، كتغيير الملبس وتغيير الشعر والمكياج والعطور وتغيير وضعية مكونات غرفة النوم ، حيث إذ إن التغيير مطلوب في حدّ ذاته، فهو من المهارات اللازمة لتغيير نمط العلاقة الزوجية. بل ويجب أن تحدث رفيقة حياتك صراحة أن الاعتياد والرتابة تقتل الحب والشوق، ويجب أن يعي كلاكما جيداً بأن بذل الجهد باستمرار هو ضمان المحافظة على الحب أمر أساسي، وكم من بيوت تهدمت بعد سنوات طويلة؛ لأن الزوجين فقدا الحب في الطريق دون أن يشعرا، ولم يقوما بري زهور المودة والرحمة؛ فذبلت وماتت، وفي لحظة ما قد يبحثا عنها ولكن بعد فوات الأوان.
وإن هي وافقت أخي الفاضل على زواجك بثانية، فعليك أن تحسن اختيار الزوجة الثانية بحيث لا تتسبب في مشكلات بينك وبين زوجتك الأولى، وعليك من يوم خطبتها أن توضح لها مدى حبك لزوجتك الأولى، ومدى سعيك لرضاها، حتى لا يتدخل الشيطان فيوسوس لها أن تحاول الإيقاع بينكما للفوز بك وحدها وهذه طبيعة الغيرة لدى الزوجات.
كما أنه عليك قبل هذا وذاك أن تحدد قدراتك في تلبية احتياجات أسرتين ليس من الناحية المالية فحسب، إنما الجسمانية والنفسية والوقت المتاح، وتذكر قوله عز وجل في سورة النساء :" وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا" . فالعدل بينهما في كل شيء هام جداً سواء في الإنفاق والسكنى والمبيت وكل ما يمكنك العدل فيه ، فإن الميل إلى إحداهما كبيرة من الكبائر ،فقد قال صلى الله عليه وسلم : ( من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل). أخرجه أبو داوود كتاب النكاح باب في القسم بين النساء (2133) والترمذي كتاب النكاح باب ما جاء في التسوية بين الضرائر (1141) وابن ماجه كتاب النكاح باب القسمة بين النساء ( 1969) وصححه الألباني في صحيح الجامع (6515).
كذلك أخي عليك أن تسير على الهدى النبوي في التعامل مع الزوجات، برعاية كلاهما والمحافظة على استقلاليتها، حيث كان النبي صلى الله عليه وسلم يشعر الواحدة من زوجاته أنها أقرب الناس إلى قلبه، وأنه يحمل لها من حب ومشاعر ما لا يحمل لغيرها، ويعطيها الإحساس بأنها المتفردة، لا أن يظهر لإحداهما الحب والعطف والحنان، ويظهر للأخرى البغض والكره.
وأخيراً ندعو الله أن يهديك لما فيه الخير وأن يشرح صدرك وأن ييسر أمرك، وتمنياتنا بالتوفيق والسعادة، وأرجو منك أن تتابعنا بأخبارك.