22 جمادى الأول 1429

السؤال

تقدم لخطبتي رجل متدين، وأنا موافقة على كل مواصفاته، وأشكر الله أنه رجل متدين، ولكن أكره طول لحيته حيث إنني أحب أن تكون أقصر من هذا الشكل، ولكنني في نفس الوقت أحس بالحياء من طرح هذا الموضوع له أو لأمه، حيث إنني محرجة من أن أقول له احلق لحيتك أو قصرها. فما الحل؟

أجاب عنها:
أسماء عبدالرازق

الجواب

الأخت الكريمة، نشكر لك ثقتك بالموقع ونسأل الله لك التوفيق.
أختي الفاضلة..
للشيخ العلامة محمد الأمين في أضواء البيان كلمة لطيفة يقول فيها: "إذا علمت.. أن هارون من الأنبياء الذين أُمِر نبينا صلى الله عليه وسلم بالاقتداء بهم في سورة الأنعام، وعلمت أن أمره أمر لنا لأن لنا فيه الأسوة الحسنة، وعلمت أن هارون كان موفِّراً شعر لحيته، بدليل قوله لأخيه: (لاَ تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي)، لأنه لو كان حالقاً لما أراد أخوه الأخذ بلحيته، تبين لك من ذلك بإيضاح أن إعفاء اللحية من السمت الذي أمرنا به في القرآن العظيم، وأنه كان سمت الرسل الكرام صلوات الله وسلامه عليهم، والعجب من الذين مضخت ضمائرهم، واضمحل ذوقهم، حتى صاروا يفرون من صفات الذكورية وشرف الرجولة إلى خنوثة الأنوثة، ويمثلون بوجوههم بحلق أذقانهم، ويتشبهون بالنساء، حيث يحاولون القضاء على أعظم الفوارق الحسية بين الذكر والأنثى وهو اللحية، وقد كان صلى الله عليه وسلم كث اللحية وهو أجمل الخلق وأحسنهم صورة، والرجال الذين أخذوا كنوز كسرى وقيصر، ودانت لهم مشارق الأرض ومغاربها ليس فيهم حالق! نرجو الله أن يرينا وإخواننا المؤمنين الحق حقاً ويرزقنا اتباعه والباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه".
وأرجو أن تفهميني أختي الفاضلة فلست أزعم أن اللحية الطويلة مظهر جمالي! فلا يمكن أن يصدر حكم مطرد بجمالها أو قبحها، فهذا يخضع إلى هيأتها ثم تناسبها مع صاحبها، ويظل بعد ذلك الرأي نسبي، وعلى كل حال فذلك خلق الله الذي صورنا فأحسن صورنا، فتبارك ربنا أحسن الخالقين، فإن شذ شيء عن الجبلة البشرية وكان مُثْلة فله حكم آخر، ما جعل الله على صاحبه من حرج في إزالة المثلة عنه.
والقصد أختي الكريمة أنه لا ينبغي أن يكون لك موقف مسبق ضد اللحية الطويلة فلا العقل يملي هذا ولا الشرع يجيزه.
لكن إذا كان المتقدم لك صاحب تكوين خَلْقِي غير متناسب، سواء عينه أو أنفه أو لحيته أو معالم أخرى فيه لا تعجبك لقبحها في ناظريك فذلك شأن آخر، ليس للحية فيه خصوصية، وليس طولها هو السبب مجرداً.
فإن كان الأمر كذلك فلا أنصحك أيضاً أن تتعجلي الرفض لهذه العلة وحدها.
بل نصيحتي لك -أختي الكريمة- عند التفكير في الشخص المتقدم ألا تكون تفاصيل المظهر الدقيقة هي شغلك الشاغل، بل عليك التأكد من دينه وخلقه كما أوصى النبي صلى الله عليه وسلم لأنهما الصفتان اللتان سيكون لهما أثر كبير في حياتكما، وهذا لا يعني عدم الاهتمام بالمظهر، بل لا بد أن يكون الشخص مقبول الهيئة بالنسبة لك، فمن مقاصد الزواج إعفاف النفس وتحصينها، لكن المبالغة في مراعاة تفاصيل المظهر قد تفوت على الفتاة أزواجاً طيبين كان من الممكن أن تعيش معهم في سعادة وهناء.
نعم لو كان أمامك عدة خاطبين استووا في الدين وحسن الخلق، عندها قد يكون المظهر هو معيار التفضيل بينهم، أما وإنه شخص واحد، وأنك موافقة على كل مواصفاته، وأنت كما ذكرت قد بلغت السابعة والعشرين، فلا تترددي لهذا السبب في القبول به، لأن التأخر في الزواج له عواقب غير محمودة، نفسية واجتماعية وصحية، فاخصمي من رصيده 5% مثلاً على هذه الصفة التي لا تروق لك، واعتبريه ناجحاً بنسبة 95%. أليست هذه نسبة كافية لنجاح أي شخص في أي اختبار؟!
إننا في زمان كثرت فيه الفتن، وبعض الفتيات اللائي يبالغن في التدقيق في المظهر ويرفضن الخطاب لأجل ذلك، قد يضطرهن الحال لما يتجاوزن الثلاثين للقبول بأي رجل، بل بنصف رجل، وربع رجل.
وأخيراً لعلك تعلمين أيتها الأخت الكريمة أنه لا يحل للرجال حلق لحاهم أو تقصيرها، لذا لا يحل لك أن تطلبي من زوجك ما ترينه تجملاً بمعصية، مثلما لا يحل له أن يطلب منك التجمل له بنمص أو وشم أو وشر أو غير ذلك مما حرمه الله تعالى. فحاولي ألا تفكري كثيراً في موضوع اللحية هذا ما دمت لا تعيبين عليه شيئاً آخر، ومادامت هيئة إجمالاً مقبولة لك، وما دام أهلك يرونه خياراً مناسباً، فاستخيري الله تعالى، وأقبلي على الزواج منه، ولعل الله يذهب عنك النفور من طول اللحية.
أسأل الله تعالى أن يقدر لك ما فيه الخير، ويوفقك لحياة زوجية هانئة.