الموظف الذي نريد
7 جمادى الأول 1429

أمر الله تعالى عباده أن يفوا بالعقود فقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) [المائدة: من الآية1]، وقال عز وجل: (وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ) [النحل: من الآية91]، فالمواثيق والعقود من أهم ما يجب على المسلم العناية به لأن الله تعالى سائله عن ما تعاقد عليه فإن أدى ما عليه دخل في زمرة الذين مدحهم الله تعالى بقوله: (الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ) [الرعد:20]، وقال فيهم: (وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ) [المؤمنون:8].
ومن العقود التي يتهاون كثير من الناس بها عقد الوظيفة الذي يضع على كاهل الموظف واجبات ويرتب عليه مسؤوليات كما يفرض له حقوقاً، والعقد الوظيفي من أهم العقود التي يجب العناية بها لأسباب كثيرة نذكر منها:
1- أن الواجب الوظيفي ينعكس على الأمة، فإن أدى الموظف ما عليه وقام بما يوكل إليه كان ذلك سبباً في رقي الخدمة التي يقدمها، وبهذا فإنه يدفع عجلة التقدم في الأمة عامة، وإن قصَّر في واجبه فإن ذلك يعني تدهور الخدمة التي يقدمها للأمة وبالتالي فإنه يسهم في تأخر الأمة وتخلفها.
2- تقصير الموظف في واجبه فيه إلحاق المشقة بالأمة حيث تتوقف مصالح الأفراد بسبب ذلك الإهمال والتقصير وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "اللهم من ولي من أمر المسلمين شيئا فشق عليهم فاشق عليه"، فليعلم الموظف المهمل أنه بمشقته على المسلمين داخل في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم بالرهق والمشقة على من أتعب أمته جزاء وفاقا.
3- تقصير الموظف في أداء الواجب الذي يتقاضى عليه أجرا يجعل ذلك الأجر الذي يتقاضاه من غير وجه حق سحتاً وكسباً حراماً، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أيما لحم نبت من سحت فالنار أولى به"، فأي وعيد يفوق هذا الوعيد؟
4- الواجب الوظيفي أمانة والأمانة حقها أن تؤدى ومن لم يؤدها فقد أوقع نفسه في براثن الغدر والخيانة والله تعالى لا يحب الخائنين قال النبي صلى الله عليه وسلم لرجل سأله عن الساعة: "إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة قال: وما إضاعتها يا رسول الله؟ قال إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة".
5- كما أن التاجر الصدوق مع الشهداء يوم القيامة وقد أخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن الموظف الصدوق الذي يقبل على الناس بوجه طلق ويتحمل رعونة بعضهم ويعفو عن مسيئهم له الأجر العظيم والجزاء الأوفى لأنه أحسن في أداء وظيفته والله تعالى يقول: (هَلْ جَزَاءُ الْأِحْسَانِ إِلَّا الْأِحْسَانُ) [الرحمن:60].
وحتى يؤدي الموظف الأمانة الموكلة إليه والملقاة على عاتقه يجب التنبيه إلى أمور:
1 – يجب مراعاة حقوق الموظفين من قبل رؤسائهم وأداء الواجب تجاههم من حقوق مالية أو معنوية حتى لا يجد الشيطان إليهم طريقا ليصرفهم عن أداء واجبهم ونبينا صلى الله عليه وسلم يقول: "قال الله: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة رجل أعطى بي ثم غدر ورجل باع حراً فأكل ثمنه ورجل استأجر أجيراً فاستوفى منه ولم يعطه أجره".
2- يجب على كبار المسئولين أن يكونوا قدوة تحتذى، ومثلاً يتبع فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتقدم أصحابه في كل ما يأمرهم به ويسبقهم لكل ما يوجههم إليه.
3- على الموظف أن يعلم أن التعامل مع الجمهور خاصة يحتاج إلى خلق رفيع وأدب جم ولذا يجب توطين النفس على حسن الخلق وحسن الاستقبال والعناية بحاجات الناس قال عليه الصلاة والسلام: "من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته"، وقال عليه الصلاة والسلام: "تبسمك في وجه أخيك صدقة".
4- على الموظف العناية بالوقت المخصص للعمل فلا يشغل نفسه بغيره ولا يخرج قبل تمامه وإلا كان كسبه حراماً وعمله ناقصاً.
5- على الموظف حتى يكون مخلصا العناية بجانب الكيف قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه"، و العناية بالكيف لا يجب أن تكون على حساب العناية بالكم متى أمكن ذلك.
وختاماً لا بد من إعادة التذكير بمراعاة مشاعر العملاء وحسن استقبالهم وقضاء حوائجهم والعمل على توفير خدمة جيدة لهم ففي ذلك فوز الآخرة لأن الله يجازي بالإحسان إحسانا وفيه نجاح الدنيا لأن الناس تقبل على من يحترمها ويحسن إليها.