هل تستطيع الفضائيات الإسلامية مواجهة الهجمات الشرسة علي الإسلام؟!
16 ربيع الثاني 1429
هبة عسكر

توالت ردود الأفعال الغاضبة من المسلمين احتجاجا على الإساءات المتوالية من قبل الوسائل الإعلامية الغربية للرسول محمد صلى الله عليه وسلم عبر مقالات وتعليقات ورسوم كاريكاتيرية وأفلام تسجيلية وقد تراوحت هذه الردود مابين تنظيم المظاهرات أو المطالبة المقاطعة الاقتصادية للمنتجات الدنماركية والهولندية وغيرها
ولكن البعض رأي انه بالإضافة لذلك لابد من الرد بنفس السلاح الذي استخدمه العدو وهو سلاح الإعلام ، مناديا بضرورة قيام الفضائيات الإسلامية بهذا الدور
فقد شهدت القنوات الفضائية الإسلامية انتشارا وإقبالا كبيرا لم يكن متاحا من قبل فنجد الآن الكثير من القنوات الدينية أمثال : المجد , أقرا ، الرسالة , الناس ، الفجر ، الأمة ، الرسالة ، طيبة ، الرحمان الاندونيسية ، وغيرها
وفي الوقت ذاته توجد الآن الكثير من القنوات الفضائية التي تهاجم الإسلام والمسلمين في الداخل .
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هل هذه الفضائيات الإسلامية مؤهلة لرد هذه الإساءات وهل تستطيع القيام بهذا الدور الكبير .

ضرورة حتمية
من الرصد يتضح أن الفضائيات الإسلامية واجهت تعثرا غير مقبول لمجرد الحصول فقط علي التواجد قبل محاولة صد العدوان المتزايد ضد الإسلام .

فقد أعلن الأزهر الشريف في وقت سابق ضرورة إنشاء قناة فضائية لصد الحملة على المسلمين وإبراز المنهج الوسطي للدين الإسلامي وسماحته وإعلان مواقف الأزهر في القضايا المختلفة، تمولها الحكومة المصرية وأموال الزكاة.

وأقرت في حينه لجنة المتابعة بمجمع البحوث الإسلامية الاقتراح الذي تقدم به الدكتور عبد الرحمن العدوي عضو المجمع في مايو 2004 بضرورة أن يتبنى الأزهر إنشاء قناة فضائية للدفاع عن الإسلام.
وقال العدوى وقتئذ :"إن إنشاء القناة يعد واجبا وضرورة شرعية خاصة أن هناك قنوات متخصصة حاليا في محاربة الإسلام والتشكيك في القرآن الكريم".
وأوضح العدوى أن القائمين على تلك القنوات يعلمون أن مصدر قوة الأمة الإسلامية هو كتاب الله وسنة رسوله ولذلك كانت الحرب متجهة للتشكيك في القرآن والسنة والحديث.
وأشار الدكتور العدوي إلى أن لجنة المتابعة بالأزهر استشعرت هذا الخطر فكانت الموافقة على إنشاء قناة فضائية إسلامية تحت إشراف الأزهر للتعريف بالإسلام وبيان عصمة القرآن ورد الأكاذيب التي تنسب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وأكد عضو مجمع البحوث الإسلامية أن القناة الإسلامية لن تتعرض إلى الآخر ولن تشكك في عقائدهم وإنما ستستهدف فقط تحصين المسلمين من الحملة التي تستهدف النيل من عقيدتهم، موضحا أن تبني الأزهر لتلك القناة كان ضروريا خاصة بعد رفض وزارة الإعلام المصرية طلبا تقدمت به اللجنة الدينية باتحاد الإذاعة والتلفزيون المصري إنشاء قناة فضائية إسلامية أو تخصيص عدد ساعات محددة في القنوات الفضائية المصرية للدفاع عن الإسلام ورد الشبهات عنه، والذي تقدمت به اللجنة عند إطلاق القمر الصناعي المصري".

السماوات المفتوحة
إن كثيرا من المراقبين يرون أن السماوات المفتوحة فرصة متميزة للدعوة إلى الإسلام ونشره والذود عن حياضه , وأن إهمال تلك الفرصة يضيع كثيرا مما يمكن استغلاله في نصرة الإسلام ونصرة نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم ..
يقول الدكتور سعد بن تركي الخثلان الأستاذ بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية - أن القنوات الإسلامية يمكن أن تقوم بدور كبير في تغير الصورة النمطية لدي العالم الغربي عن الإسلام والمسلمين .. فالإعلام برايه الآن أصبح اقصر الطرق لتوصيل وجهات النظر والتأثير علي الشعوب خاصة في هذه الأيام التي نعيش فيها فنحن في عصر السماوات المفتوحة فالعالم أصبح الآن قرية صغيرة.

أما الدكتور طارق البكري الأستاذ كلية الشريعة والدراسات الإسلامية جامعة الكويت فيرى أن أهم الوظائف التي لابد أن تقوم بها الفضائيات الإسلامية هي تحقيق الأغراض الإسلامية التي ينبغي أن تصبغ المجتمع كله، كمواجهة الأفكار المنحرفة وتنقية المجتمع من الشوائب ، درء المفاسد التي يمكن أن ترد على الإعلام نفسه، أو من إعلام آخر ، صناعة رأي عام واضح الفكر والاعتقاد ، الابتعاد قدر الإمكان عن المناطقية والحزبية ، شرح الإسلام الصحيح بلغات غير المسلمين والرد على الادعاءات وتفنيدها.

اقتلاع الجذور
هل يستطيع المراقب أن يحكم بتفوق القنوات الإسلامية في مجال الدفاع عن الإسلام أو في نشره؟ البعض قد يرى اثرا إيجابيا بينما البعض الآخر قد يفتقد ذلك الأثر الإيجابي لتلك القنوات ويعتبرها تدور في فلك اللاتأثير وأن كوادرها غير مؤهله للقيام بالدور المأمول منها..
يقول الدكتور محمد ربيع الأستاذ بجامعة الأزهر الشريف أن هناك الكثير من التيارات الجارفة التي تحاول اقتلاع كل ما يمت للإسلام بصلة من جذوره وتعمل على إلصاق مختلف الاتهامات بالإسلام واصفة إياه بالجمود والعنف والإرهاب وعدم التماشي مع التطور الحضاري.
وأوضح الدكتور ربيع انه علي مدار العصور والإسلام يتعرض للتشويه من أعداءه وذلك نابع من عدم فهمهم لطبيعته ، بالإضافة إلي تعمد الكثير إهانته لمجرد انه ديننا .
وقال الأستاذ بجامعة الأزهر أن الفضائيات الإسلامية الموجودة لابد أن يكون لها دور في الرد علي هذه الإساءة ، فالسلاح الذي يوجهون الآن منه هذه الإساءات هو الإعلام ولابد من الرد نفس السلاح ونفس القوة .
وعن دور القنوات الإسلامية في مواجهة الهجمات الشرسة التي يتعرض لها الإسلام قال الدكتور صفوت العالم الاستاذ بجامعة القاهرة :"إن أهم النقاط التي يجب مراعاتها لكي تكون هذا القنوات فعالة وتخرج من حيز الجمود والرتابة التي تعتبر سمة الكثير من البرامج الدينية ، هو ضرورة تنويع المادة الإعلامية المقدمة فالبرامج الحوارية ليست القالب الوحيد الذي يفترض أن تعتمد عليه ولابد من تقديم الأعمال الدرامية المعاصرة والمسابقات وغير ذلك للخروج من حيز الجمود.
وأشار الدكتور العالم إلي ضرورة تخصيص بعض برامج هذه القنوات للتعريف بالإسلام بلغات متعددة، والاهتمام بالمجال الإعلامي في الغرب، ومن ذلك العمل على تطوير البرامج الإعلامية المخصصة للجاليات المسلمة وكذلك لغير المسلمين لتعريفهم بحقيقة الإسلام ، ومواجهة الافتراءات المستمرة ضده وضد النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم .

بينما قال الدكتور حسين الديب أستاذ الشريعة الإسلامية :"إن التحدي الذي ستواجهه القنوات الفضائية الإسلامية يتطلب كادرا مؤهلا يفهم حاجة الجيل المسلم الجديد ممن عاد للالتزام بدينه والبحث عن البديل الإسلامي في الإعلام ، بالإضافة إلي القدرة علي مواجهة التحديات الغربية لتشويه الإسلام والإساءة إليه إلي أنها تقوم بدور مزدوج دور داخلي ودور خارجي .

وأضاف الديب أن الفضائيات الإسلامية تقف عند أهداف محددة مثل العمل على تحقيق منظومة من الأهداف الحضارية، أبرزها الاهتمام بالأسرة المسلمة وتثقيفها بأمور دينها ودنياها، وتثمين دور المرآة المسلمة في المنزل والعمل، ومحاولة تفعيل أدائها في المجتمع لمواكبة النظرة الإسلامية الراقية في الكتاب والسنة، والاهتمام بالطفل وتثقيفه عبر برامج متنوعة تتسم بالحداثة والتشويق وتقديم بدائل عربية تتفق وحاجات الطفل العربي وتتواءم مع قيمه وأعرافه.

أهداف ربحية
محور آخر نود الحديث عنه حول الهدف الربحي للقنوات الإسلامية ومدى تأثيره على برامجها ودورها المراد منها , فقد اتهم البعض كثيرا من تلك القنوات بالرغبة في التربح على حساب موضوعية وجودة برامجها وتميز ضيوفها حتى إن بعضها تستعين بغير المتخصصين وأن كثيرا من البرامج تخرج شاذة وضعيفة وغير منهجية , في حين ينفي القائمون على تلك القنوات ذلك بكل شدة ..
يقول الدكتور صفوت العالم الأستاذ بجامعة القاهرة إن جميع القنوات الفضائية هدفها استثماري بما فيها الفضائيات الإسلامية التي تلجأ عادة إلى مصادر تمويل أو شخصيات لها ثقل اقتصادي ، كما تبحث عن أسماء إعلامية شهيرة دون أن تضع بعين الاعتبار توافق ثقافة الإعلامي مع أهداف القناة ، وهؤلاء بالمفهوم الدارج شخصيات لن تتمكن من الإعداد والتقديم بشكل يخدم المتلقي والقناة فيجب أن يكون هناك انتقاء للقائمين على القناة وبرامجها مع استبعاد أصحاب الاتجاهات الفكرية المنحرفة أو المتطرفة فالاعتدال والوسطية من أهم سمات الإسلام التي يجب أن تتبناها القناة وتدعو لها حتى لا تشوبها الشبهات فيما تقدمه من مواد وبرامج .
من جانبه ، قال عبد الله عبيد رئيس قناة الناس والبركة أن القنوات الإسلامية الآن تحرص بكل جهدها علي مواجهة الهجمات التي يتعرض لها الإسلام عن طريق تثقيف جيل من الشباب بثقافة الإسلام ، مشيرا إلي أن نقص التمويل أهم ما يواجه هذه القنوات .

وعن طغيان الجانب الاجتماعي على الجانب الديني في عرض القنوات الإسلامية لبرامجها، أوضح عبيد أن الجانبان الاجتماعي والديني جزء واحد لا يمكن فصل احدهما عن الآخر.

كما أكد عبيد أن قناة "الناس" مثلا تحرص دائما على أن يكون الجانب الديني مبني على أسس ومن يتكلم عن آراء لابد وأن يكون عالماً، ليس مجرد شخص يدعي علمه ويتحدث عن أي شئ بطريقة ليست علمية، وبخصوص الفتاوى فلا يتحدث فيها إلا متخصصين، ومعظمهم من علماء الأزهر – على حد قوله -

قمر صناعي شامل
تري الدكتورة ماجي الحلواني الأستاذ بكلية الإعلام جامعة القاهرة و صاحبة فكرة إطلاق قمر صناعي إسلامي انه مع تتبع حركة الانفتاح الإعلامي وعصر القنوات المتخصصة فإنه من المهم وجود قنوات فضائية إسلامية تخاطب جموع المسلمين في جميع أنحاء العالم وليس الوطن العربي فحسب ، ومن هنا كانت فكرة إطلاق قمر صناعي إسلامي يوجه إلي مجموعة من فئات الجمهور وهم المسلمين في العالم العربي والإسلامي للتثبت علي مبادئ الدين الإسلامي الصحيح ، وقنوات موجهة إلي العالم الإسلامي الغير ناطق العربية، وقنوات توجه إلي الجاليات الإسلامية في الدول الأجنبية ، وأخيرا قنوات وبرامج توجه إلي الدول الغربية غير الإسلامية للتعريف الإسلام ورد الشبهات عنه.

وقالت الحلواني انه لو قيمنا تجربة القنوات الموجودة حاليا فإنها بمقياس : (العدم ) تعتبر تجربة ناجحة إلى حد ما فهي متمسكة بالطابع الإعلامي الديني وترسيخ القيم والعادات التي جاء الإسلام بها ، وقد استعانت بالوعاظ من جميع أنحاء الوطن العربي لتقريب اللهجات العربية ومخاطبة الجمهور من المحيط للخليج .

وأشارت الحلواني إلي ضرورة وجود قنوات إسلامية موجهة فقط إلي الدول الغربية أمثال الدنمارك خاصة بعد الهجمات الأخيرة علي الرسول صلي الله عليه وسلم وباللغة الناطقة بها هذه الدولة .