تجدد الإساءة الدنماركية بين تهافت المبدأ وأهمية المقاومة
4 ربيع الأول 1429

تجددت الإساءة العدوانية الدنمركية على ذات الرسول صلى الله عليه وسلم بعد فترة من الزمن أعقبت تلك البذاءات، مما يقدم دليلا جديدا على أن العدوان على الرسول صلى الله عليه وسلم، وعلى الأمة تخضع لخطة ممنهجة وراءها قوى مختلفة، وليست عملا فرديا،وليست تعبيرا عن حرية التعبير كما يزعمون. مما يستدعي استمرار الانتصار للنبي صلى الله عليه وسلم عبر العديد من الفعاليات الاقتصادية والإعلامية الجماهيرية في أماكن كثيرة من أصقاع العالم، لتوصيل رسالة واضحة من الأمة إلى الغرب، الذي لم يستوعب بعد، حجم ردود الأفعال الصادرة عن المؤمنين الموحدين. الذين برهنوا على ولائهم للرسول صلى الله عليه وسلم، وأنهم أمة لا تزال فيها قلوب تنبض بالإيمان، وعزيمة قادرة على مواجهة العداون. اضطرت تلك الجهات في الغرب لتظهر في العراء فهي لم تكشف عن مدى تناقضها فحسب، بل حجم بلادتها أيضا. كما بينت أحجام الاعتداءات الجديدة تناقضات الغرب وبلادته، وكراهيته للإسلام التي عبر عنها الرئيس الفرنسي نيكولاساركوزي بالقول إن " المبالغة في الكاريكاتير مطلوبة أكثر من المبالغة في الرقابة " وهو الذي منع تداول كتاب يتحدث عن حياته البائسة، كما مارس ضغوطا لنزع ملصقات من محطات الميترو تتناوله شخصيا.وللمفارقة،فإن القانون الفرنسي يمنع التعرض للحياة الشخصية للأفراد، ولكن عندما يتعلق الأمر بالإسلام، يحول ذلك إلى "حرية التعبير "دون تفريق بين الحرية والعدوان. فمن يحرض على الكراهية،ويدعو لصراع الحضارات ؟. ومع ذلك يستقبل ساركوزي في العواصم العربية بالأحضان وكأن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يعني لتلك الشخصيات حاملة الألقاب الكبيرة شيئا.
حرية التعبير المعكوسة:
لقد تمترس الغرب بحرية التعبير، واعتبر الإساءة للرسول صلى الله وعليه وسلم، تدخل في هذا الإطار، و اختفت بذلك كل الشعارات التي تتحدث عن منع ازدراء الأديان والرموز الدينية، ونشر الكراهية، وتهديد الأمن القومي، والعلاقات الدولية، التي كان يطرد ويهجر على أساسها المسلمون من بريطانيا وفرنسا،وهولندا، و ايطاليا، وألمانيا، ويتجسس على أساسها على المسلمين ومساجدهم ومنازلهم وأماكن عملهم، كما أشار إلى ذلك الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي الدكتور اكمال الدين أحسان أغلو.
حرية التعبير التي لا يمكنها أن تتطرق لما يسمى الهلوكوست، والرقم المقدس لمن يصفونهم بضحايا النازية من اليهود - الستة ملايين - لينسجم مع النجمة ذات الأضلاع الستة، ليتمتع بقداسة في الغرب، لم يحظ بها حتى المسيح عليه السلام، وأمه، فيشكك عليه السلام في أصله، بل في ظهوره كشخصية تاريخية، واتهمت أمه البتول عليها السلام، بما لا يمكن ذكره بالحروف. حرية التعبير التي تباكت عليها الصحيفة الفرنسية "فرانس سوار" ودولتها التي منعت دخول كتاب الدكتور يوسف القرضاوي، الحلال والحرام،إلى فرنسا، على ما فيه من تيسير،بتهم واهية، لا أصل لها. ومنع الحجاب في المدارس بحجة حماية الهوية الفرنسية. وقبل ذلك منعت فرنسا طباعة وبيع كتاب، بروتوكولات حكماء صهيون، وتمت ملاحقة المفكر روجيه غارودي قضائيا بسبب كتابه "الاساطير المؤسسة للصهيونية". وفي بريطانيا وعلى إثر نشر إحدى الصحف، تفاصيل مخطط ضرب قناة الجزيرة القطرية، صدر قرار بمنع النشر، وهددت الصحيفة بالملاحقة القضائية، فأين حرية التعبير. وفي نهاية العام الماضي،تم سحب لوحات فنية من فيينا تصور،كل من الرئيس الأميركي جورج بوش، والملكة اليزابيث، وتوني بليروالرئيس الفرنسي،من معرض كبير، واعتبر ذلك إسفافا وانحطاطا للفن. واختفت حرية التعبير كالعادة. وحوكم مسلم ايطالي بثمانية أشهر سجنا، لأنه اتهم بإلقاء الصليب المعلق فوق سرير أمه بإحدى المستشفيات، واعتبر ذلك ازدراء للأديان، ودعوة للكراهية، فلماذا يستكثر على المسلمين الاحتجاج على السفاهات الدنمركية، ومن سينخرط في هذه الحرب الجاهلية الجديدة ضد الإسلام ونبيه الكريم صلى الله عليه و سلم. كما تم سحب دمية من الأسواق تسخر من بابا الفاتيكان،بعد اتهامه بالنزيه وتقول الدمية "الأب والابن و الرايخ الثالث" بل أن الهالك الذي قام بنشر الصور المسيئة اعترف بأنه يستطيع تصوير موسى وعيسى ولكنه لا يستطيع تصوير شارون.

مقارنات خاطئة:
لقد تساءل الكثير من الغربيين، عما إذا كانت الصور التي يحتج عليها المسلمون، أكثر إيذاءا من مشاهد القتل في العراق،ولا يعلمون أن النبي صلى الله عليه وسلم، أغلى عندهم من العالم بأسره، رغم أن مشاهد القتل في العراق وفلسطين والشيشان وكشمير تدمي قلوبهم. وهم ليسوا مثل النصارى الذين صمتوا صمت القبور على الاهانات التي وجهت عبر السنين الماضية للمسيح عليه السلام، وأمه البتول،وللكنائس في القدس وغيرها، دون أن يحركوا ساكنا،فإذا لم تكن لديهم الغيرة على دينهم، كغيرة الرئيس الفرنسي الأسبق جاك شيراك على علمانيته، عندما رفض القبول بالحجاب، وهو شكل من أشكال التعبير، فلماذا يلوموننا لأننا عبرنا عن غيرتنا على الرسول صلى الله عليه و سلم، و تلك وقاحة و بلاهة منهم، غير مسبوقة.
ويجدر بنا القول، أن الاعتداءات التي تعرض لها السيد المسيح عليه السلام وأمه، وسكوت المسيحيين عليها، وكذلك المسلمين الذين يعتقدون بحق،أنهم أولى بالمسيح عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأزكى التسليم، كانت مقدمة لتمادي الجاهلية الغربية،رغم أن الكثير من المسيحيين وللأسف، وجدوا في التطاول على الرسول صلى الله عليه وسلم،فرصة للتعبير عن أحقادهم،ومن بينهم قساوسة،رددوا ببغائية، السؤال،عما إذا كانت الرسوم المشينة في الصحف الغربية،أكثر ايذاءا من مشاهد القتل.والجواب نعم بالتأكيد، مصداقا لقول الصحابي الجليل خبيب ابن عدي رضي الله عنه للجاهلية الأولى، عندما سألته قبل قتله، أتود أن يكون محمدا مكانك فأجاب "و الله ما وددت أن يصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بشوكة وأنا في بيتي "فقالوا، والله ما رأينا أحدا يحب أحدا كحب أصحاب محمد محمدا، صلى الله عليه وسلم.

لقد تهاوت علة حرية التعبير،والأمثال التي يضربها الذين لا يعقلون، فأتباع محمد صلى الله عليه وسلم، ليسوا من أولئك الذين قالوا لنبيهم، " اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون "ولا من أولئك الذين أنكروا معرفتهم للمسيح عليه السلام،عندما تعرضوا للابتلاء، بل من الذين قالوا، كلنا فداك يا رسول الله. أو كما قال مفتي كرواتيا الشيخ شوقي عمر باشيتش، في خطبة الجمعة بزغرب "حرية التعبير لا تعني العدوان على الآخرين، والسخرية من الإسلام ونبيه، وإذا كان بعض أصحاب الديانات الأخرى استكانوا، واستسلموا لمن يسخر بهم و بدينهم، فإن المسلمين، تهون لديهم الحياة، وكل شئ، ولكن دينهم لا يهون عليهم".
فلول الردة:
لم يخل المشهد من الجرذان الفكرية التي تطل بأقلامها المسمومة،عبر صفحات الجرائد وشاشات التلفزيون،ومواقع الانترنت التي تمول بأموال المسلمين،وكعادتها في تنكرها للأمة وشرفها، ودينها وحضارتها، وكينونتها، ومواصلة أداء دور الطابور الخامس، داخل صفوفها، انهالت نقدا وتجريحا للغيورين على دينهم، ومعتبرة ذلك غوغائية، بل اتهمت المستنكرين لتلك الرسوم، بأنهم " يبرئون شكوكهم المكبوتة ". وهم كبعض الغربيين تماما، مات لديهم الإحساس بمعنى الدين، ومعنى العقيدة، ولا يعظمون شعائر الله، ورسله ودينهم. فالمسلمون لا يعتقدون أن تلك الرسوم "ستلحق دمارا شاملا بالإسلام"، كما ذهب إلى ذلك بعض المنبتين، فالإسلام حفظه الله، ومر بموجات كثيرة من العدوان خرج من جميعها منتصرا، ولكن حتى لا يتمادى السفهاء في غيهم، بعد عملية جس النبض الأخيرة عبر وسائل الإعلام، وحتى يعبروا عن حبهم للنبي صلى الله عليه وسلم، وتجديد البيعة للرسول صلى الله عليه وسلم. وابراءا للذمة و إنكار المنكر و أي منكر ؟!!!.

لقد وصف أحد الهالكين موقف الأمة من جاكرتا إلى المغرب، بأنه " ردود غوغائية تطالب بإعادة بوليس الفكر،ومحاكم التفتيش "وتساءل "أليست المطالبة بمحاكمة الصحافيين إرهابا فكريا"، وكأن حرية التعبير،والسخرية من النبي صلى الله عليه وسلم،سيان، وسنوان لا يفترقان. وهو ومن على شاكلته لم يرتقوا حتى لما قاله بعض الغربيين سياسيين ومثقفين وغيرهم، من الذين عبروا عن استيائهم من الرسوم واعتبروها غير لائقة.
المواقف الايجابية:
لقد عبرت الأمة يوم الجمعة 22 فبراير 2008 م وقبل ذلك، رغم الحاجة للمزيد من الزخم الجماهيري و الإعلامي، عن حبها للرسول صلى الله عليه وسلم،وسرت الحياة في الكثير من الأنفس الغافلة، وشحنت المسيرة الإسلامية في الشرق والغرب، بتيار الولاء والإيمان، وعاد للمساجد الكثير ممن لم يدخلوا في حياتهم، بيتا من بيوت الله، وارتدت الحجاب من كانت تاركة له، وأعلن الانتماء للإسلام وحركاته المناضلة من كان يعيبها ولا يأبه لذلك. بل دخل في الإسلام من الدنمركيين الكثير حتى أن عدد المسلمين ارتفع ثلاث مرات في الدنمرك لوحدها. لقد حقق الإسلام نصرا جديدا، وانقلب الحزن استعلاء على الجاهلية، وتحديا لها. وعقدت في العديد من الفضائيات ندوات عن كيفية مواجهة الهجمة الشرسة التي يتعرض لها الرسول صلى الله عليه وسلم، والمسلمون في الغرب. وتشكيت العديد من اللجان المخصصة للدفاع عن الرسول صلى الله عليه وسلم. وارتفعت أصوات من داخل المنظومة العربية الرسمية، على غير العادة، بمطالبة الأمم المتحدة إصدار قرار بمنع الاعتداء على الرموز الدينية. واستدعت مصر سفير الدانمرك للاحتجاج على إعادة نشر الصور المسيئة.وقدمت مقترحات لإنشاء فضائيات ناطقة باللغات الغربية، للتعريف بالرسول صلى الله عليه وسلم، كما أعلن الشيخ عبد المجيد الزنداني مؤخرا. واعتبرت تلك الاعتداءات فرصة لتجديد البيعة للرسول عليه الصلاة و السلام، والدعوة لإقامة حوارات وندوات حول الإسلام في الغرب. وأظهرت المقاطعة الاقتصادية السابقة، أن الذي (تألم و تأذى) ليس المسلمون، وإنما تجارة الغرب، واقتصاد الغرب،حتى بدأت الشركات الدانمركية تتوسل لحكومة كوبنهاغن، لتقديم اعتذار للمسلمين، بعدما ارتفعت خسائرها إلى مليوني يورو يوميا. وأعلنت شركة ماركلا في 27 فبراير أنها سرحت 30 في المائة من عمالها بسبب المقاطعة الإسلامية. وعبر رئيس تحرير الجريدة سيئة الذكر في الدنمرك، في وقت سابق عن ألمه، وإحساسه بالعار، لأن المسلمين انتصروا على حد تعبيره،مما دفعه لإعادة نشر الصور. وقال مدير تحرير صحيفة، فرانس سوار، إن الغربيين يركعون للإسلام. وتحولت تلك الرسوم التي هدفت الجهات التي تقف وراءها، إلى تأزيم الموقف بين الغرب،ولا سيما أوربا،والعالم الإسلامي، ومنع انتشار الإسلام في العالم، إلى نصر للإسلام والمسلمين، بعد ردود الأفعال من قبل عدد من الشخصيات من بينهم الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون، الذي عبر عن خشيته من تحول ما وصفه بالعداء للسامية، لعداء الإسلام. بينما أظهرت تلك الإساءات عدد من المراكز الغربية على حقيقتها، حيث صمتت صمت القبور،وغيره من المنتديات، والأمم المتحدة، التي نادت في السابق لما يسمى، حوار الحضارات، التي لم يعد ما يبرره الآن، على حد قول اكمال الدين أوغلو الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي.

رد اعتبار واحتقار:
تحدثنا قبل قليل عن تراجع النمسا في وقت سابق عن عرض صور لقادة غربيين تناولهم رسامون بالنقد و التجريح، لكن الفارق في كون حرمة الرسول صلى الله عليه وسلم، لا يمكن أن تقارن بأي بشر آخر على الإطلاق، فضلا عن أشخاص ملوثة أياديهم بالدماء، وألسنتهم بالكذب،مثل بوش وساركوزي. أما ردود الأفعال فكانت مختلفة، حيث استجابت اللجنة النمساوية، المشرفة على أعمال الفنانين الأوروبيين، لطلب الحكومة النمساوية،والداعي لإزالة جميع الملصقات التي وصفتها باللا أخلاقية، والتي تم توزيعها في الأماكن المخصصة للإعلانات في الشوارع الرئيسية،والساحات العامة. وتضم صورا فاضحة لبوش والرئيس الفرنسي. وقد شمل هذا الإجراء إزالة 3 لوحات مثيرة للجدل، وأثارت ما وصف في بعض وسائل الإعلام بـ "حملة من الاستياء والاستنكار في مختلف الأوساط السياسية والحزبية والرأي العام،ليس في النمسا فحسب،بل وفي غالبية عواصم دول الاتحاد الأوروبي" (انظر)، من بينها لوحة تصور ثلاث نساء يحملون أقنعة تمثل ملكة بريطانيا اليزابيث الثانية والرئيس الأميركي جورج بوش والرئيس الفرنسي، وهم " في أوضاع جنسية مشبوهة "ولم توصف تلك اللوحات بأنها تعبير عن الحرية، وحقوق الإنسان، وعدم تقيد الفن بأي قيود أخلاقية، كما قيل في برنامج على الفضائية المصرية مؤخرا، حول علاقة الإبداع بالأخلاق (البرنامج هو، حالة حوار) وإنما وصفت تلك اللوحات في الغرب بأنها "تعبر عن مدى انحطاط فن الرسم الإباحي" (هكذا). و لم تأبه الحكومة النمساوية باتقاد الفنانين الأوروبيين المشاركين في المشروع الفني، لقرارها بإزالة الصور واللوحات من الشوارع والساحات العامة في فيينا، واعتبروا هذا الإجراء "رقابة حكومية مبرمجة"، وتشكل "انتهاكاً للحريات العامة وبينها حرية الفن والتعبير". وقال المسئول النمساوي عن المشروع الفني الذي حمل عنوان، 25 لوحة فنية أوروبية، والذي رفض الكشف عن اسمه، " إن هذه الملصقات هي جزء من سلسلة لوحات فنية أطلق عليها اسم، يورو بارت، وأنجزتها قرائح فنانين مرموقين من جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي"، مشيراً إلى أن "تلك اللوحات تمثل مختلف أوجه الحياة السياسية والاجتماعية والتاريخية وتطوّر مدارس الرسم التعبيري في القارة الأوروبية". ومما ساهم في إحراج الحكومة النمساوية أنها قدمت للمشروع الفني الأوروبي والقائمين عليه مبلغ مليون يورو، خصصت للمساهمة في تمويل عملية رسم الأعمال الفنية الأوروبية، والتي من المقرر أن تظل معروضة في المواقع المخصصة للإعلانات التجارية في معظم أحياء العاصمة النمساوية وشوارعها آنذاك ويضم المشروع الفني 150 لوحة وصورة من بينها ثلاث فقط تتضمن أشكالاً جنسية، "أثارت موجة من الاستياء في مختلف الأوساط السياسية والإعلامية"، حيث "ارتفعت أصوات سياسية وحزبية ودينية وإعلامية تطالب بنزع جميع الصور والملصقات واللوحات الإباحية فوراً من الشوارع والساحات العامة في العاصمة النمساوية فيينا التي تتألف من 23 حياً.

ماذا سيفعل المسلمون:
في الجانب الآخر، لم نر أي انتقاد غربي يرقى لمستوى الجناية،سواء على المستوى السياسي أو الإعلامي لإساءة 17 صحيفة دانمركية الأدب مع الرسول صلى الله عليه وسلم، لأن سب رسول الإسلام والإسلام و المسلمين، كما يبدو، هو فقط من يندرج تحت مسمى حرية التعبير في الشرق والغرب. وأغرب من ذلك موقف الحكومة الدانمركية من تلك الإساءة البالغة لمشاعر مليون و ربع المليون مسلم في العالم. فهي لم تعتذر ولم تطلب من الصحيفة الاعتذار، بل دافعت عن ذلك.وهذه إساءة أخرى،وكانت صحيفة "جيلاندز بوستن" نشرت 12 رسما كاريكاتوريا مسيئا قبل عدة سنوات، ثم أعيد نشرها مؤخرا مما أثار غضب المسلمين في الدنمرك والخارج خصوصا وأن أحد الصور تظهر ما وصفته بالنبي محمد ( صلى الله عليه وسلم ) يبدو في أحدها معتمرا عمامة ووسطها قنبلة. بزعم أن ثلاث شبان مسلمين خططوا لقتل رسام الكاريكاتير، ولذلك أعادوا نشر الرسوم المبتذلة. فكيف يساء لنبي كريم صلى لله عليه وسلم وأمة يبلغ عديدها مليار ونصف المليار نسمة بسبب نوايا لثلاث أفراد لم يتم إثباتها قضائيا حتى الآن. هذه العدالة الغربية، فهل يستمر المسلمون في شراء تلك البضائع، أم يقاطعونها إلى حين، أم يضعون إستراتيجية للتحرك داخل الأمة لإنقاذها مما يتهددها من غزو عسكري وثقافي وديني.ومن محاولات ممنهجة لإبعادها عن دينها وعقيدتها تمهيدا للإجهاز عليها، وهي ميتة.قال تعالى "يأ ايها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم " فالأمة بين الحياة التي يدعو إلى القرآن الكريم،والموت الذي تهئ له الفضائيات والإعلام والسياسات وغير ذلك مما لا يخفى على أحد.وهو ما يحتاج لجهد ناصب، لرد الأمة إلى دينها،ورد العدوان على أعقابه. وذلك فريضة وضرورة، من أجل البقاء.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
* كاتب عربي مقيم في البلقان