طاهر الجيلي القيادي بالمحاكم الإسلامية: عصرنا هو الذهبي للصومال.. مليون ونصف المليون مشرد بعد حكمها
4 ربيع الأول 1429

أكد طاهر الجيلي، القيادي بالتحالف من أجل تحرير الصومال، وعضو المحاكم الإسلامية أن "أمراء الحرب والحكومة الصومالية الحالية هما وجهان لعملة واحدة، وثمن مواقف الحكومات العربية والإسلامية التي تعتبر "الاحتلال الإثيوبي للأراضي الصومالية جزءا من المشكلة وليس جزءا من الحل"، موضحًا أن "عصر المحاكم الإسلامية هو العصر الذهبي للصومال على مدى تاريخه الطويل".
وقال الجيلي، عضو اللجنة المركزية في تحالف تحرير وإعادة تكوين الصومال، في حوار خاص لموقع "المسلم": "نحن لا نعترف بوجود حكومة صومالية، والعلاقة بيننا وبين الاحتلال الإثيوبي هي علاقة المقاوم المدافع عن أرضه بالمحتل، ولهذا فإننا سندافع عن أرضنا وأنفسنا وديننا"، مشيرًا إلى أن "العالم كله، الغريب قبل القريب، قد شهد بأن عصر المحاكم الإسلامية هو العصر الذهبي للصومال على مدى تاريخه (الحديث)".

وأضاف القيادي بالتحالف من أجل تحرير الصومال أن: "أمراء الحرب والحكومة الصومالية الحالية وجهان لعملة واحدة، فقد كانوا أمراء حرب فأصبحوا حكومة، ثم عادوا أمراء حرب، فأعلنوا الحرب على المحاكم الإسلامية، وعندما هزموا عادوا إلى الحكومة!"، موضحًا أن التحالف من أجل تحرير الصومال يثمن الموقف المصري الجديد، الذي يعتبر الاحتلال الإثيوبي جزءا من المشكلة وليس جزءا من الحل".
وأوضح الجيلي أن "ما سمي بالحكومة أنشأت في نيروبي، ولم تستطع أن تنتقل إلى العاصمة، ولا أن تعيد الأمن أو الاستقرار، ولم تتمتع بروح الفريق، ولم يمتلك رئيسها أي أفق سياسي لحلحلة الحالة الصومالية، سوى استدعاء القوات الأجنبية لقهر الشعب الصومالي"، مبينًا أن "المجتمع الصومالي أحس بنعم الحرية والأمان والهدوء والاستقرار".

حوار: همام عبد المعبود

نص الحوار:
* الهدف من الزيارة لمصر ونتائجها ؟
** الزيارة تمت بناء على طلب من التحالف بهدف الالتقاء بالإخوة المصريين، والتشاور معهم؛ فمصر دولة معنية بالأساس بالقضية الصومالية، والقضية الصومالية تدخل الآن منعطفا لم تدخله منذ استقلال البلاد في عام 1960، فهناك قوات احتلال تقتل وتشرد.
نعم لقد قتل أكثر من 10 آلاف، وجرح أكثر من 50 ألف، وذلك في غضون عام واحد، بالإضافة إلى مليون ونصف مليون مشرد في العاصمة وحدها، فضلا عن المشاكل والمصاعب التي يتعرض لها الشعب الصومالي في جميع الأقاليم.
وعلى هذا الأساس تأتى أهمية هذه الزيارة، بخصوص الدور المصري المطلوب في القضية الصومالية، ورغبة التحالف في التشاور مع المصريين، علهم يقدمون حلولا معينه في هذا الخصوص.

* هل توصلتم لشيء؟

** نعم، بالطبع توصلنا لأشياء، فالجهات المصرية أصبحت بعد اللقاء أكثر اطلاعًا على الأمور، ومن ثم أكثر رغبة في دعم القضية الصومالية، أنا لا أقول دعم التحالف، وإنما دعم القضية الصومالية، الذي قد يكون موجوداً أصلاً من النواحي الدبلوماسية والسياسية والإغاثة، ولكننا نتمنى أن يكون أكثر ايجابية وفاعلية.

* كيف يمكن للدور المصري أن يكون أكثر ايجابية؟، وما هو المطلوب من مصر تحديداً؟
** مصر من الدول التي قالت إنها تعتبر الوجود الإثيوبي في الصومال جزءا من المشكلة وليس جزءا من الحل، على الرغم من أن هناك جهات دولية عديدة كانت تزعم وما زالت أن وجود القوات الإثيوبية في الصومال كقوات احتلال هو جزء من الحل.
فدولة عربية بحجم مصر إذا كانت ترى الوجود الإثيوبي في الصومال جزءا من المشكلة وليس جزءا من الحل فهذا أمر مهم بالنسبة للقضية الصومالية، ويمكن أن تلعب دورا في هذا الخصوص.
فحينما يكون بلدك تحت الاحتلال فأنت تحتاج إلى دعم كل الجهات، من كل الدول؛ شقيقة بعيدة أم قريبة، كل حسب وسعه، فهذا يدعمك دبلوماسيًا، وهذا اقتصاديًا، وهذا إغاثيًا، وهذا إعلاميا، ومصر هي التي تختار ما تراه مناسبا لدعم القضية الصومالية.

* وماذا طلبتم منهم تحديدا؟
** طلبنا منهم القيام بكل ما في وسعهم، لإزالة هذا الاحتلال الغاشم، ولا تنس أن مصر لها ثقل عالمي وإسلامي وعربي وإفريقي، ولديها أوراق كثيرة تستطيع أن تلعب بها لتحريك القضية، والتعامل مع الاحتلال.

* لكن القاهرة في بداية الاحتلال الإثيوبي للصومال أبدت تفهما لهذا الاحتلال ثم تراجعت عن هذا الموقف.. فكيف ترى هذا التغير؟

** ليست مصر وحدها، فكثيرون وقعوا في أخطاء بسبب التشويشات الإثيوبية والأمريكية إبان الاحتلال، حيث تم تصوير الاحتلال لهم على أنه يأتي لمساندة للحكومة الصومالية الشرعية، التي يراد لها أن تتنقل إلى عاصمة بلادها أمام قوات أصولية إرهابية، لكن بعدما اتضحت الصورة أدرك العالم أن عصر المحاكم الإسلامية هو العصر الذهبي للصومال، طوال تاريخه.
إضافة إلى أن المأساة الصومالية أصبحت أشد بكثير مع وصول قوات الاحتلال الإثيوبي لدرجة دفعت الأمم المتحدة إلى القول بأن الوضع في الصومال هو الأسوأ على مستوى القارة الإفريقية وعلى العالم أجمع.

وبالتالي فمن الطبيعي جدًا أن تغير بعض الأطراف مواقفها التي اتخذتها في البداية في فترة لم تتضح فيها الصورة، ونحن نثمن الموقف المصري الجديد الذي يعتبر الاحتلال جزءا من المشكلة وليس جزءا من الحل.

* قلت إن عصر المحاكم هو العصر الذهبي للصومال وقلت أيضًا إن الوضع أصبح أكثر سوءا بعد الاحتلال فكيف تدلل على ذلك؟
** حينما وصلت المحاكم إلى الحكم كانت البلد مقسمة، وكان هناك 11 أمير حرب في منطقة مقديشو فرضوا النفوذ والسيطرة، ولا يمكنك أن تنتقل من منطقة إلى أخرى إلا بصعوبة بالغة، وحينما جاءت المحاكم أزالت العوائق وفتحت المطار والميناء، وأخذ الصوماليون في العودة إلى الصومال وكنت لا تجد مكانا في الطائرة المتوجهة إلى الصومال إلا بعد الانتظار لفترة كبيرة تصل إلى شهور.

كما أن المجتمع الصومالي أحس بنعمة الحرية والأمان والهدوء والاستقرار، وأصبح بوسع أي شخص أن يتحرك من وسط البلاد إلى الحدود الكينية دون أن يتعرض له أحد، ودون أن يخاف على ماله ونفسه، كل ذلك حدث في وقت وجيز جدا، أقل من 6 شهور!!
فذهبية هذا العصر تكمن في تمكن المحاكم من تفجير طاقات الشعب الصومالي، ومعالجة جراحة، وحل مشاكله، ودفعه إلى العمل الطوعي، إضافة إلى دفع المجتمع إلى التصالح داخليًا، فمن كان يستولى على ببيت شخص معين أخذ يرده بصورة طوعية.

وعلى هذا الأساس حينما ينعم المجتمع بالأمن والأمان ويكون مطاره وميناؤه مفتوحين، ويتمتع باستقلالية، ويشعر بأن غده مشرق، فلابد أن يكون ذلك العصر عصرًا ذهبيًا، وهذا ليس كلامنا، أو أقوال مسلمين أو عرب إنما من قبل مؤسسات علمية "مرموقة تتمتع بالمصداقية"، مثل جاتم هاوس البريطانية والتي أصدرت دراسة تتحدث فيه عن هذا العصر الذهبي، وعلى الجانب الآخر لك أن تتخيل شهادة الأمم المتحدة بأن الوضع في الصومال هو الأسوأ!

* ولكن هل أنتم متفقون مع الرأي القائل بأن الولايات المتحدة وراء الاحتلال الإثيوبي للصومال؟
** بالتأكيد؛ فلم يكن بوسع إثيوبيا أن تتحرك لولا المساندة الأمريكية، وهناك اعتراف بذلك, نحن لا نعفى المسئولية عن المرتكب الأصلي للجريمة، وهو "إثيوبيا"، فالقوات الموجودة ليست أمريكية، وإنما إثيوبية، وفى النهاية القيادة الإثيوبية هي التي تتحمل الإثم والجرم، لكن المساعدة والدعم من قبل أمريكا.

* ما هي الدوافع الأمريكية من وراء هذا الدعم لإثيوبيا؟
** ربما بسبب ما ورد لها من معلومات مغلوطة من تحالف مكافحة الإرهاب في الصومال، فقد سوق هو وغيره من جهات عديدة بما فيها الحكومة الإثيوبية لكذبة وجود الإرهاب في الصومال، ومن فجر السفارتين الأمريكيتين في كل من نيروبي ودار السلام، لكن ربما أيضا بعض الجهات الأمريكية هي الأخرى سيئة النية، كان لديها المعلومات الحقيقية فخطت هذه الخطوة.

* لكن هناك من يعتقد في الرؤى القائل بأن الوجود الإثيوبي مطلوب لدعم الحكومة الشرعية التي تحكم في الصومال الآن؟
** ليس هناك في العالم كله حكومة تتنازل عن السيادة طواعية لعدو تاريخي بينا وبينه خصومة تاريخية منذ 500 عام، ليحتل بلدك، ويقتل شعبك، ويشرده وتأتى وتقول إنهم أتوا لدعم الحكومة الشرعية، هذه الكلمة لا تنال من الشعب الصومالي وضميره، وإنما تنال من المصداقية العالمية أجمع.

* لكن قد يكون لديه مبرر لأن يلجأ للخارج بعد أن انقلبتم عليه؟
** لم يكن هناك انقلاب في الأساس لأن ما سمي بالحكومة أنشأت في نيروبي، ولم تستطع أن تنتقل إلى العاصمة ولا أن تعيد الأمن أو الاستقرار، ولم تتمتع بروح الفريق، ولم يمتلك رئيسها أي أفق سياسي لحلحلة الحالة الصومالية سوى استدعاء القوات الأجنبية لقهر الشعب الصومالي.
فلم تكن هناك حكومة فاعلة قادرة انقلبنا عليها، إنما كان هناك أمراء حرب يقتلون الجميع دحرناهم، وحققنا الأمن والاستقرار, فما قمنا به كان عملا جليلا باعتراف خصومنا قبل أعدائنا، وكان الأجدى بمن يريدون حكم الصومال أن يباركوا ما قامت به المحاكم الإسلامية، وشباب الصومال من رعاية الأمن والاستقرار وأن يدعموها بالضباط.

فالذين أعادوا الأمن للصومال كانوا جديرين بأن يحظوا بالنياشين والأوسمة لا أن تأتى لهم الحكومة بقوات غازية مهمتها القتل والتشريد، وما قامت به الحكومة خطأً فادحاً.

* من جاء بهذه الحكومة في الأساس ومن كان يحكم الصومال فعليا هل هذه الحكومة أم أمراء الحرب؟
** الحكومة ملخص لأمراء الحرب ففي مرحلة من المراحل قرر الإثيوبيون أن يدعوا كل من تعاون معهم من أمراء الحرب عدا شمال الصومال، دعوهم إلى مؤتمر عقد في كينيا، وكانت الركيزة الأساسية للمشاركة فيه أن تكون أمير حرب مسيطر على منطقة ما، ويكون عندك سلاح، فهؤلاء المجرمون جمعوا في نيروبي من عام 2002 وحتى عام 2005م، وشكلوا برلمانًا صوماليًا.

* وماذا عن العلاقة بين أمراء الحرب والحكومة؟
** هم وجهان لعملة واحدة.. كانوا أمراء حرب فأصبحوا حكومة، ثم عادوا إلى أمراء حرب، فأعلنوا الحرب على المحاكم، وعندما هزموا عادوا إلى حكومتهم، فهم حاليا أعضاء في الحكومة!

* متى ولدت العلاقة بين الحكومة الصومالية الحالية وإثيوبيا؟
** إثيوبيا منذ البداية دعمت أمراء الحرب قبل أن يصبحوا أمراء حرب، منذ أن كانوا في قتال مع حكومة محمد السيد برهي، وبعد صمود النظام دعمت إثيوبيا كل أمراء الحرب من أجل استمرار القتال فيما بينهم, ظلوا يتقاتلون حتى تشكل ما أسموه بالحكومة الصومالية، وشكلت توليفة شيطانية في كينيا من أمراء حرب، فهم إذن بمثابة ابن للربيبة الإثيوبية.

* وما هي العلاقة الآن بين الحكومة والاحتلال الإثيوبي؟
** طبعا نحن لا نعترف الآن بوجود حكومة صومالية، وإنما نعتبر بوجود احتلال إثيوبي لبلادنا، والعلاقة بيننا وبين الاحتلال هي كالعلاقة بين أي محتل وصاحب أرض، وهى المقاومة فننحن سندافع عن أرضنا وأنفسنا وعن ديننا.
ولدينا قوات تحارب قوات الاحتلال، وما يجرى الآن يتم بمعرفة التحالف، ولا نستهدف ما يسمى بالحكومة الصومالية، وإنما نستهدف الإثيوبيين، وعلى الصومالي الذي يقف في خندق الاحتلال أن يبتعد لأنه سيكون حينها بالنسبة لنا في حكم الاحتلال، ولن يختلف عنه كثيرًا.