ابتعاث الطلاب السعوديين ... حوار مع د خالد العجيمي
2 محرم 1428

<font color="#0000FF">الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. </br>يسرنا أن نلتقي بالدكتور خالد العجيمي (أستاذ اللغة العربية في كلية اللغة العربية جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية)، وسيكون حديثنا في هذا اللقاء عن قضية الابتعاث والتي نشطت في المملكة العربية السعودية حديثاً ونعلم أن للدكتور خالد جهوداً ورؤية في هذه القضية ستأتي في ثنايا الحوار _إن شاء الله تعالى_. </font> </br> </br><font color="#FF0000">- دكتور خالد، من المفترض أن تعتبر قضية الابتعاث حركة علمية تنموية لها آثارها الإيجابية على المدى الطويل، وسبق أن استفاد منها البلد، فكيف تقيّم تجربة الابتعاث الأخيرة في المملكة، وما هي رؤيتك الخاصة تجاه هذا الموضوع؟ </font><BR>- بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:<BR>فأشكر لكم في موقع (ا لمسلم) النشاط والهمة الذي أراه في ثناياه، هذا الموقع الذي يقفز قفزات مباركة وموفقة بإذن الله تعالى.<BR>أرى أن الابتعاث الذي بدأ في بلادنا منذ سنتين تقريباً, مظهر حضاري، والحقيقة التي لا يختلف حولها أحد هي أن هذه الحركة ضرورية، يتم من خلالها ابتعاث المئات أو الآلاف من الدارسين والمبتعثين لتحصيل المزيد من الخبرة ولزيادة التوثيق العلمي وتنويع التخصصات والحصول على مزيد من المتخرجين الذين ينقلون إلى بلادنا رؤية حضارية من العالم الآخر الغربي أو الشرقي.<BR>إلا أننا ونحن نعيش في زمن الاستلاب والضعف لأمتنا بعامة، فإن هذا القرار يعد قراراً مفاجئاً وسريعاً، إذ فوجئنا بالآلاف من البنين والبنات من المراحل الثانوية يبتعثون إلى الخارج، وغالبيتهم يبتعثون إلى الولايات المتحدة الأمريكية تحديداً، والتي نرى أنها قامت باتهامات ظالمة وخاطئة لحكامنا ولمؤسساتنا ولشعبنا ولمناهجنا، وحصل من بعض السلطات الأمريكية من الأذى لأبنائنا المبتعثين الكثير، لذلك نستغرب ونستهجن أن نجد ابتعاثاً جديداً إلى هذا البلد في هذا الوقت.<BR><BR>هذا فضلاً عن صغر سن الشباب وهم في المرحلة الثانوية أو دون الجامعة ، وكثير منهم لا يزالون مراهقين، فنجدهم يذهبون إلى تلك الدول وهم غير محصنين ضد الأفكار الضالة ، وغير مدربين على العيش هناك. ولو أن المنح والزمالات الدراسية هذه كانت مخصصة للمراحل العليا لأثنينا على الأمر ولم نعارضه، ولكن ما نجده هنا أن المبتعثين هم من الشباب الذين لم يحصلوا على أي توجيهات أو تحصين سابق قبل سفرهم.<BR><BR>الأمر الثالث هو أن التخصصات التي يرسل إليها هؤلاء الطلاب في ظاهرها تخصصات مطلوبة وأساسية، إلا أننا نفاجأ عبر التقارير التي تصلنا، أن كثيراً من هؤلاء الطلبة المبتعثين، بعد أن يكملوا دراسة اللغة الإنكليزية في معاهد الولايات المتحدة، يدرسون دراسات كيفما شاءوا. وذلك يعود برأيي إلى العدد الضخم الذي سافر إلى أمريكا، وعدم قدرة الملحقية هناك على استيعاب تلك الألوف من الطلاب ومتابعتهم بشكل دقيق.<BR><BR>أما الأمر الرابع فهو ضعف تقديرات بعض الطلاب، الذين لم يتم قبولهم في جامعاتنا أو معاهدنا العليا، وإذا بهم يرسلون بالآلاف إلى الدول الغربية والشرقية وهم بذلك يتعرضون لمشكلات دراسية وأكاديمية كبيرة. <BR><BR>الأمر الخامس هو ذهاب عدد من الفتيات والنساء بدون محرم إلى الدول الأجنبية، و لقد فوجئنا بتقارير تأتينا عن حصول حالات فساد وعلاقات محرمة ربما وصل في بعضها الأمر إلى حمل السفاح ولا حول ولا قوة الا بالله ، وتم نشر وتناقل الصور الفاضحة في المواقع الإلكترونية حيث ترى حرائر بناتنا وقد تعرضن للأذى والتشهير والإفساد.<BR><BR>الأمر الأخير هو أن طائفة أهل السنة، وهي الغالبية العظمى في البلاد، لم يأخذوا نصيبهم من المنح، إذ من الملاحظ أن السفارة الأمريكية وبعض السفارات الغربية ركزت على الطوائف والمذاهب الموجودة في المملكة، وهذا يطرح سؤالاً كبيراً "لماذا بعض الطوائف كالطائفة الشيعية مثلاً التي لا تتجاوز أكثر من 6% من البلاد، يحصلون على نسبة 50% من فرص الابتعاث إلى الخارج؟" بل ويتم تقديم هؤلاء الطلبة على الطلبة من أهل السنة في السفارات الغربية وخاصة الأمريكية؟!<BR><BR>فهذه عدة قضايا تثير غيرة الإنسان الحريص على بلده من الاختراق الأمني والاختراق الفكري والاختراق السياسي، ويجعله يفكر بأن ثمة شر _لا قدر الله_ أريد له أن يحدث من خلال هذه البعثات والوفادات العلمية، ويدفعنا للقول إنه آن لنا الأوان أن ندرس الأمر من جديد، ونعيد النظر فيه.. خاصة وأننا نملك مقترحات عديدة يمكن أن يتم طرحها على المسؤولين أو على المتابعين وقراء هذا الموقع المبارك.<BR><BR><font color="#FF0000">- دكتور خالد لو تحدثنا بلغة الأرقام عن عدد أو نسبة الشباب الذين ترى أنهم يتعرضون لمثل هذه التحديات الخطيرة في الخارج؟ </font><BR>- أعتقد أن الأرقام تتفاوت كثيراً، فما نقرأه حالياً في الصحف يخالف الواقع، لكنني أجزم أن العدد الذي ابتعث للولايات المتحدة يفوق العشرين ألف مبتعث. ونحن نسمع البعض يقول إن العدد هو خمسة وعشرة آلاف، وأحياناً يقولون ثمانية آلاف، أو خمسة عشر ألفاً، وهذا رقم غير صحيح، فالحقائق من داخل الملحقية الثقافية في الولايات المتحدة تشير إلى أن عدد المبتعثين إجمالاً يزيد عن هذا العدد، وأن هناك قلة من المبتعثين في بلاد الشرق مثل اليابان وماليزيا والصين والهند، وكذلك في الدول الأوروبية، وكان ينبغي أن ننوع في التخصصات وكذلك في المدارس العلمية، وأيضاً في التوجهات فيما يتعلق بالنواحي الأكاديمية وفيما يتعلق بمهارات وقدرات البحث العلمي الذي يختلف بين المشرق والمغرب وبين بلد وآخر.<BR>الذي أريد أن أذكره أيضاً أنه في مقابل هذه الآلاف، نجد أبناءنا المعيدين والمحاضرين هنا في بعض الجامعات، ينتظرون السنين الطوال لكي يحصلوا على فرصة ابتعاث للخارج، وكثيراً ما يفوتهم ذلك. ونرى أنه عندما يقدم الابتعاث من خلال الجامعة قد ينتظر سنوات طويلة، ولكن لو قدم من خلال برنامج الابتعاث هذا، لقبل خلال فترة وجيزة، وهذا أمر عجيب.<BR> وأنا أؤكد هنا أن أرقام الابتعاث مخيفة، وأرقام الفاقد خلال أقل من سنتين مخيفة أيضاً، والذين يتعرضون لمشاكل كمثل الإدمان والأمراض الجنسية الوبائية كالإيدز، ويتعرضون للأذى والتحرشات من قبل النساء، والتضييق من القطاعات الأمنية في أمريكا، هم بالآلاف. وأرى أن الكثير من الطلاب لديهم رغبة جادة وكبيرة بإكمال الدراسة، ولكنهم وسط مثل هذه الأجواء المتوترة والخانقة خاصة في المدن الكبيرة، يعانون الأمرين ويتعرضون لضغوط نفسية واجتماعية كبيرة ولكنهم يصبرون من أجل إكمال دراستهم. <BR><BR><font color="#FF0000">- قد يقول بعض الناس: إن الوقت لا زال مبكراً للحكم على نجاح هذه التجربة، خاصة وأنه لم يمر إلا سنتين على هذه القضية، كما أن العبرة هي بالمخرجات النهائية، فكيف ترد على مثل هذا القول؟ </font><BR>- إذا قسنا الفاقد بسرعة خلال سنتين، فهذا يعطي إشارة خطر، الأمر الآخر أن هؤلاء الطلبة الصغار أغرار لا يعرفون ماذا يدرسون، فقد يدرسون تخصصات غير مرغوبة بل بعض الجامعات عندنا سعت على إغلاق أقسام متعلقة بتخصصات غير مرغوبة ، فكيف نأتي بألوف مؤلفة وهم يحملون شهادات غير مقبولة أصلاً هنا، كأن يدرس أشياء لا تصلح للمجتمعات العربية والإسلامية فضلاً عن مجتمعنا السعودي.<BR>الأمر الأهم هو أن السنوات الطوال يقضيها الشباب يمنة ويسرة و ما بين رسوب وإخفاق وفشل، ثم فاقد خُلُقي وفاقد ديني أو ضعف في الجوانب المختلفة، نجد أننا في النهاية نخرج من هذه التجربة المرة وقد خسرنا الملايين، بل البلايين التي لو دفعناها لتحسين جامعاتنا ولتحسين مبتعثينا بداخل الجامعات ولابتعاث حقيقي مدروس بعناية يكون متدرجاً وله سياسة صحيحة، فهذا أفضل بكثير. وقد قلنا ذلك مراراً في وزارة التعليم العالي و لدى اللجان التي لها عناية بالأمر بأن هذا المشروع يحتاج إلى تدرج وتأن ، إذ لا يمكن أن يُبعث عدد هائل في خلال سنة واحدة بأرقام تصل الى عشرين ألف أو حتى عشرة آلاف، نحن نحتاج لسياسة متدرجة وسليمة.ولو نظرنا إلى هذه الخسائر المادية والخلقية وغيرها، فقد نقع أمام مفترق طرق، فإما بإقفال هذا الباب ومن ثم إعادة النظر فهي من جديد، أو بتكوين لجان لأجل عمل سريع جداً لحل المشكلات التي عمت وتفاقمت.<BR><BR><font color="#FF0000">- ربما يكون الابتعاث من حيث المبدأ صحيحاً ولا غبار عليه، لكن حدث أن وقعت هذه المخالفات التي تحدثت عنها ، وشاب التجربة ما شابها من سلبيات. برأيك، هل هذا نتاج لانفراط الأمر وغياب الضوابط، أم أن هناك أيد خفية تعبث بهذا المشورع وتوجه الأمور لما يخدم مصالحها؟ </font><BR>- لا أستبعد وجود أياد خفية لها أهداف خاصة تتعارض مع أهدافنا ومصالحنا الوطنية والإسلامية لاسيما ونحن في زمن ضعف واستلاب من أمتنا سواء داخل بلادنا أو خارجها، واستعمار فكري وسياسي غربي. فطبول الحرب التي دقت الآن على بلادنا هي لشن حرب إعلامية وفكرية، وبهدف تعميم العولمة وغيرها، والعقل والرشد يقتضي بأن لا تُقدم أي جهة على أي خطوة إلا بعد أن تدرس من جميع جوانبها وما لها وما عليها، فضلاً عن أن الجامعات في المملكة التي وصلت إلى قرابة 20 جامعة لو دُعمت بهذه البلايين التي نرسل بها طلبتنا إلى أمريكا وغيرها، لاستفادت منها استفادة عظيمة، ويمكن من خلال هذه المبالغ أن نقوم بمشاريع ضخمة جداً. <BR><BR>نحن الآن وبدون مبالغة أعدنا الدورة في الحياة الاقتصادية للجامعات الأمريكية عبر هذه الأموال التي تدفع هناك، فتغذي معاهد اللغة الإنجليزية والجامعات والمراكز الاكاديمية والتي كادت أن تفلس وما يتصل بذلك من الاسكان والاعاشة والسفر وغيرها ، فكأننا نريد أن نعطي للآخرين بدون أي مقابل. فلماذا لا ندفع هذه الأموال لتحسين المستوى العلمي في جامعاتنا، وكذلك لدعم أعضاء هيئة التدريس، ولدعم الوحدات العلمية والتعليم الفني والكليات النظرية والعلمية؟<BR><BR><font color="#FF0000">- لكن قد يقول قائل "إن ما ذكرتموه من أمثلة تبقى حالات فردية ربما لا يمكن تعميمها على بقية المبتعثين" فهل هناك دراسات واقعية وعلمية تؤكد هذه الظاهرة؟ </font><BR>- نعم الأمر ليس مجرد تخمين، وأطلب من كل القيادات في وزارة التعليم العالي أن تستمع لمثل هذه الأصوات المشفقة على البلد والحريصة على أبنائنا، نحن لم نرسل أبناءنا وبناتنا لكي نعرضهم لغسيل أدمغة، أو لنحولهم إلى منحرفين أو مجرمين أو مدمنين، أو مرتكبي فواحش، ولم نرسلهم كي يكون لديهم ولاءات وانتماءات واختراقات لصالح العدو. بلدنا بلد مبارك وأهله لديهم مسئولية عظيمة في أن يكونوا بناة لاهادمين وعلى الجميع أن يعي خطورة الوضع ويسعى بإخلاص وأمانة لتفادي الأزمة قبل وقوعها.<BR>وأرى أن ما حصل إلى الآن هو إشارة وإنذار لنا – جميعا - كي نعيد رسم سياسة الابتعاث، فنحن نطالب بالابتعاث، لكن وفق شروط وضوابط وقيود وعمل راشد عاقل، لأننا نعرف أن في وزارة التعليم العالي من المسئولين العقلاء و من اللجان المختصة التي تعمل وفق رؤية علمية ومسئولية وطنية. كما أن الكوادر الوطنية الأخرى في الجامعات والمعاهد الوطنية يمكن أن تتقدم بمشروع رائع وموفق ومسدد لمصلحة تحسين وتطوير فكرة الابتعاث هذه.<BR><BR>فنحن الآن لا نطالب بإلغاء الابتعاث بمجمله، بل نطالب بإيقاف المشروع إلى أن يتم وضع معايير صحيحة وسياسة سليمة له. ونحن نؤكد هنا على الفاقد الذي حصل، وعلى المشكلات التي وقعت، ويمكن أن ترجعوا إلى الطلاب لتسألوهم حول ذلك، وستجدون صحة ذلك، ولقد قلنا هذا الكلام في وزارة التعليم العالي، وطالبنا أن تقدم هذه الملحقية التقارير الصحيحة عن الطلبة والطالبات والمشكلات التي يعانونها في الولايات المتحدة تحديداً، وبعد ذلك لنر إن كان ما يقال ضد الابتعاث حقيقة أم لا، و لير الجميع إن كانت هناك أية مبالغات فيما نقول . وأنا متأكد أن ما أذكره هنا حقيقة، وهو كلام مشفق و تحذير رائد لا يكذب أهله. نريد أن تكون بلادنا محصنة سليمة من كل أذى. يجب أن نعتبر من تجارب غيرنا ، فنحن لا نريد أن نبدأ من حيث بدأ غيرنا، بل يجب أن نبدأ من حيث انتهى الآخرون. ويجب أن يكون هناك هم لأجل تطوير الجامعات، وأن يكون الابتعاث مبنيا على أسس صحيحة وسليمة، وأن يكون هناك تنويع في اختصاصات الابتعاث، وكذلك حصره على الدراسات العليا. فنحن محتاجون لتخصصات نادرة، ولسنا محتاجين للبكالوريوس، فديوان الخدمة لديه تكديس هائل الآن في شتى التخصصات النظرية وحتى العلمية أيضاً، فكيف نرسل 20 ألفاً؟ أين سيشتغل كل هؤلاء؟<BR>أنا أجزم أن هناك أكثر من 60-70% من طلاب الابتعاث كلهم من حملة الشهادة الثانوية، يدرسون في معاهد اللغة الإنجليزية، ويدرسون تخصصات عجيبة. وهؤلاء تبعثهم السفارة، وتتلقفهم الملحقية قبل أن ترسلهم إلى جامعات اللغة، وبعد ذلك يدخلون كيف شاءوا، إذ لا توجد رقابة عليهم. والسؤال هنا "إن عاد كل هؤلاء الطلبة، فماذا سيفعل بهم؟".<BR>أما الدراسات العليا فهي منضبطة، ومصيرهم إما في جامعات أو في جهات أخرى سيعودون إليها، وتلك الجهات تنتظرهم بعد إكمال دراستهم. بينما يبقى الأغلبية دون حل لمشكلة الوظيفة والمكان الذي سيصيرون إليه.<BR><BR><font color="#FF0000">- انطلاقاً من هذا الكلام، هل هناك جهات تتبنى هذه الرؤية التصحيحية؛ سواء من الجهات الحكومية أو الخيرية وحتى أفراد ينشطون في هذا المجال ويمكن أن يوصلوا هذه النظرة الواعية إلى متخذي القرار؟ </font><BR>- لا أعرف عن توجهات الدوائر الرسمية، وربما تجري مراجعات الآن لا أعلم عنها شيئاً، خاصة وأن هناك قطاعات في الوزارات تعمل بشكل دؤوب، وقد يوجد من هم أكثر مني غيرة على هذا البلد. لكن ما أود قوله هنا هو أن لدي ولدى عدد من أعضاء هيئة التدريس في الجامعات، ولدى عدد من الإخوة المحبين والمشفقين على بلادي خشية حدوث سلبيات بسبب عمليات الابتعاث هذه، أقول لدينا رؤية وكتابات، ونحن مستعدون أن نرفعها إلى كل من يطلبها أو يرغب بها من المسؤولين، ذلك أننا متأكدون بأن الابتعاث مطلوب ويجب أن يتحقق، لكن لا بد أن يتم بمعايير وبسياسات واضحة ولا يكون بهذه الصورة التي شرحتها.<BR><BR><font color="#FF0000">- ربما يكون الجزء الأسهل في معالجة هذه المشكلة هو إيقاف الابتعاث ووضع ضوابط صارمة للمراحل القادمة، لكن بعد أن حصل ما حصل: كيف يمكن أن نعالج المشكلات القائمة الان.. هل هناك رؤية تصحيحية واضحة لديكم؟ </font><BR>- بالنسبة لطلبة الثانوية أرى أن يكملوا مرحلة اللغة الإنجليزية ويعودوا جميعاً – وهذا رأيي الشخصي – أما بالنسبة للبنات في الدراسات العليا فعليهن أن يعدن من الآن، إذ لا يجوز شرعاً ولا عقلاً أن تبتعث امرأة بدون محرم، خاصة إن كان الابتعاث الى أجواء مأفونة مثل الولايات المتحدة أو غيرها من البلاد الغربية، وإلا فإن هذا يعني أننا نلقي ببناتنا في محرقة. <BR>بالنسبة للأبناء أرى أن يكملوا مرحلة اللغة الإنجليزية ويعودوا، ثم يبدأ الفرز بعد ذلك بأن تكون نسبة 80% من الابتعاث مستقبلاً للدراسات العليا فقط، ولتخصصات مطلوبة أيضاً يحتاجها البلد وتحتاجها الجامعات، ولا يبتعث طلاب الثانوية العامة أبداً إلا في دبلومات معينة وبشروط منها أن يكون متزوجاً، و يكون ق تلقى دورات توعية متخصصة ولا تُرسل النساء إلا بمحارم وغير ذلك.<BR>أيضاً إذا أردنا أن نرسل أعدادا كبييرة فلا بد أن نعد لهم محاضن تساعدهم، فالمحاضن الإدارية في الملحقية الآن تئن تحت وطأة هذه الألوف المؤلفة، ونتج عنها مشاكل لا حصر لها، خاصة أن الملحقيات ليس لديها أي استعداد لاستقبال أعداد كبيرة من الطلاب، فكيف وهي تستقبل الآن الآلاف، بواقع أكثر من عشرين ضعفاً؟<BR><BR>الشيء الآخر الذي نحتاجه لإصلاح الوضع، وجود نواد سعودية ومراكز تحتضن هؤلاء الطلاب، فتلك المناشط التي تقوم برعاية الأبناء والبنات غير موجودة وغير متوافرة، وهذا ينتج عنه أن يذهب الطلاب _لا قدر الله_ إلى المواقع المريبة والجهات المشبوهة التي يمكن أن تتلقفهم، وبالتالي يتحولون إلى وسائل إفساد ضد بلادهم بعد عودتهم إما بالفسق وإما بالمجون وإما بالفساد وإما بنقل المشكلات أو يكونون عملاء للعدو.<BR><BR>الأمر الآخر هو إرسال الدعاة والمرشدين والأساتذة الذين يصححون ويساهمون في معاونة هؤلاء الإخوة المبتعثين حتى نطمئن فعلاً إلى أنهم ذهبوا ودرسوا هناك بشكل جيد حسبما نتمناه لهم. وأنا أجزم هنا عبر اطلاعي على التقارير، أن هناك أعداداً غير قليلة من المبتعثين سيغيرون التخصصات التي اتفقوا بشانها مع وزارة التعليم العالي، فعلى الرغم من أن الاتفاق في البداية كان حول دراسة الطب والهندسة والحاسب وغير ذلك، إلا أننا أمام واقع يشير إلى أن هذا المبتعث طالب صغير، وهو بعيد عن الملحقيات، ولديه مشكلات عديدة، في جامعات ليست كالجامعات التي نعرفها، خاصة أنها تستطيع أن تقدم له ما يشاء من التخصصات الكثيرة.<BR><BR>كما أنني أؤكد من منطلق أنني أب، ومن خلال مقابلتي لكثير من الناس والآباء الذين أرسلوا أبناءهم للتعلم في الخارج، أن الكثيرين لديهم تذمر شديد تجاه حركة الابتعاث هذه. لأن هؤلاء الآباء واجهوا ضغطاً كبيراً من أبناءهم الشباب والشابات الذين لم يتم قبولهم في الجامعات، ولم يجدوا وظائف، ما شكّل ضغطاً كبيراً عليهم، و واضطرهم لموافقة أبنائهم على الدراسة والتخصص الذي يريدونه في الخارج. لذلك كثير من الآباء الآن يبكي ألما وهو يرسل ابنه ، إذ وقع الأب بين نارين، فهو إما أن يبقي ابنه هنا من دون دراسة جامعية وبالتالي يقذف به الى مستقبل مظلم ، وإما أن يرسله الى الخارج - بعد أن سدّت الأبواب في وجهه هنا - إلى بيئة فيها مليئة بالمشكلات والموبقات، دون أدنى رقابة أو متابعة.<BR><BR>ولسان حال المواطنين يقول للدولة: افتحوا باب الابتعاث، لكن قبل ذلك ضعوا له ضوابط ومعايير وضعوا له سياسة واضحة بالإضافة إلى متابعة دقيقة (مالية وإدارية وأكاديمية وخلقية ودينية)، إذ لا يمكن أن نرمي أنباءنا في الدول الغربية دون تخطيط أو متابعة. <BR>ولنا أن ننظر إلى بعض الدول الأخرى، وكيف تتعامل مع مبتعثيها في كل البلاد، مثلاً اليابانيون كانوا يرسلون عشرات المشرفين والموجهين ولا يبخلون على أبنائهم وهم أعداد قليلة، كذلك الماليزيون وقد رأينا المسؤولين عنهم يضعون لهم من الروابط ومن الاتحادات والمناشط ما يربطهم بثقافتهم ودينهم _خاصة العادات الإسلامية والماليزية_، وأيضاً الإيرانيون يفعلون الكثير من أجل ذلك عبر جهات عديدة ومتنوعة من المرشدين الدينيين ومن الدعاة الذين يذهبون إليهم ليل نهار. أما نحن فقد أرسلنا هذه الألوف المؤلفة دون أن نقدم لهم أي شيء يحفظهم ويحفظ دينهم وخلقهم وعقيدتهم.<BR><BR><font color="#FF0000">- لعل كل ما سبق يتعلق بالجانب الحكومي، فهل هناك مسؤولية تتحملها عائلات هؤلاء المبتعثين، وهل هناك ما يمكن أن يقدموه للحفاظ على أبنائهم؟ </font><BR>- كثير من الآباء لديه مشكلة الآن أن ابنه فقد غاب عنه دون أن يعرف ماذا حصل له، وبعضهم يعرف، وبعضهم سافر إلى هناك وأعاد ابنه أو بنته معه، وبعضهم لا يزال يتأمل بان يستفيد ابنه هناك، والبعض الآخر يقول "من العار أن يرجع ابني وقد ذهب وضرب أكباد الإبل إلى أمريكا ثم يعود بخفي حنين"!، وهذه الطريقة في التعامل مع المشكلة؛ مشكلة بحد ذاتها، وأرى أن فيها نوعا من النفاق الاجتماعي والمجاملة، ولكني أجزم بأن الكثيرين يشعرون الآن بتوجس وخوف ووجل من هذا الابتعاث بعمومه، وأنا لا أقول إن كل الابتعاث فاشل، فهناك أعداد من الطلاب الذين حصلوا على دراسات عليا، ولكن هذه الأعداد لا تشكل إلا نسبة ضئيلة من حجم الابتعاث.<BR><font color="#FF0000">ختاما نشكر لفضيلة الدكتور خالد العجيمي مشاركته معنا. </font><br>