د.حبيب: مبادرة الإفراج عن المعتقلين تهدف لفتح صفحة جديدة في مصر
2 ربيع الثاني 1427

<font color="#0000FF"> أجرى الحوار : همام عبد المعبود</font><BR>طالب الدكتور كمال حبيب (المنسق العام للمبادرة الوطنية للإفراج عن المعتقلين السياسيين في مصر)، النظام الحاكم في مصر بفتح صفحة جديدة مع المعتقلين السياسيين، وطي صفحة مؤلمة استمرت نحو ربع قرن من الزمان، مؤكداً أنه "لا يمكن الحديث عن الإصلاح والديمقراطية وهناك أكثر من 15 ألف معتقل سياسي يذوقون الهوان والعذاب خلف جدران المعتقلات!".<BR>وأوضح حبيب، أحد القيادات التاريخية السابقة للتنظيم، في حوار خاص مع "المسلم" أن هذه المبادرة تمتاز بأنها مطروحة من المجتمع الأهلي والمدني، وليست كالمبادرة السابقة التي طرحها بعض أعضاء الجماعة الإسلامية من داخل السجون عام 2000م والتي اتهمت بأن وراءها الأجهزة الأمنية".<BR><font color="#0000FF"> وفيما يلي نص المقابلة.. </font><BR><BR><font color="#ff0000"> * نود أن تعرف قراءنا الكرام بالمبادرة الوطنية للإفراج عن المعتقلين السياسيين في مصر؟</font><BR>** المبادرة باختصار هي صرخة للمجتمع المدني للقيام بواجبه لمحو عار الاعتقال المتكرر من القاموس السياسي المصري، ودعوة مخلصة لنظام الحكم لفتح صفحة جديدة وطي صفحة مؤلمة استمرت لنحو ربع قرن، حيث لا يتسنى الحديث عن الإصلاح والديمقراطية وهناك أكثر من 15 ألف معتقل سياسي يذوقون الهوان والعذاب خلف جدران المعتقلات؟!<BR><BR><font color="#ff0000"> * ما هي في دوافعكم لإطلاق مثل هذه المبادرة ؟</font><BR>** دوافع إطلاق هذه المبادرة كثيرة منها : أن استمرار أوضاع المعتقلين بدون حل يدمر قطاعًا كبيرًا من المجتمع متمثلا في آلاف الأسر والأبناء الذين ربما لا يستطيعون رؤية آبائهم لسنوات طويلة، فضلاً عن مأساة عدم وجود أي مصدر لمعيشتهم، وهذا ما دفعنا إلى التحرك كمجتمع مدني وكمثقفين لتنبيه السلطات بهذه القضية الخطيرة التي تصل إلى حد العار في جبين مصر، وقد حان الوقت لمحوه وطي صفحته تمامًا.<BR>وأيضا الرغبة في إنهاء عذابات وآلام آلاف الأمهات والأطفال والزوجات والأسر التي عانت طويلا ومعظمها يحمل أحكاما قضائية بالإفراج عن ذويها بلا قيمة، مجرد حبر على ورق.<BR><BR><font color="#ff0000"> * ولكن ما دلالة اختياركم هذا التوقيت بالذات لإطلاق المبادرة ؟</font><BR>** الحقيقة أننا انتهزنا فرصة إعلان مجموعات من تنظيمات مختلفة موجودة داخل السجون المصرية، مراجعات فقهيّة وفكرية جديدة، شملت التخلي عن فكرة تكفير المجتمع والحاكم، والاعتذار للمجتمع عن جميع أعمال العنف، والتراجع عن قاعدة "الطائفة الممتنعة". وإبدائهم الرغبة في إنهاء الصراع بينها وبين النظام. فضلاً عن انتهاء العقوبات الصادرة بحق بعضهم، ومع ذلك ترفض وزارة الداخلية الإفراج عنهم رغم أن بعضهم قضى في السجن نحو 20 عامًا.<BR>كما وصلتني رسالة من 200 معتقل سياسي يمثلون 5 مجموعات من تنظيم الجهاد ممن وقّعوا على المراجعات الفقهية، طالبونا فيها بتبني هذه المراجعات، عبر تشكيل لجنة تفاوضية من العلماء، والمثقفين، والكتّاب، ومنظمات المجتمع المدني في مصر، لتفعيل المبادرة، والدخول كوسيط مع الدولة والأجهزة الأمنية لطرحها على الرأي العام وتنفيذها، خاصة أنهم معتقلون منذ سنوات طويلة.<BR>كما تزامنت المبادرة أيضا مع حملة اعتقالات جديدة، شنتها أجهزة الأمن المصرية مؤخرًا على بعض قيادات وأعضاء جماعة الإخوان المسلمين.<BR>كما أن النظم السياسية المحيطة بمصر تتجه الآن إلى تصفية خلافاتها مع مواطنيها بما في ذلك الذين حملوا السلاح كما في حالة الجزائر، وتفرج عن المعتقلين السياسيين المعارضين لها كما في حالة ليبيا وتونس، وفي المغرب تعلن الدولة عن خطئها و تدشن حملة للإنصاف والمصالحة ترد فيها الاعتبار لكل من تعرض للظلم والتعذيب.<BR><BR><font color="#ff0000"> * يعني هذه المبادرة موافق عليها 200 معتقل فقط من إجمالي 15 ألف معتقل كما تقولون؟</font><BR>لا طبعاً .. فالرسالة التي وصلتني موقع عليها من 200 معتقل، لكن هناك 6 آلاف معتقل آخر متفقون على الخطوط العامة للمبادرة، والمشكلة أنهم يشكلون مجموعات بينها خلاف في الرأي . وأنا أقوم بهذا الأمر – التنسيق – بمفردي. وأطالب من حيث المبدأ بفتح السجون ومحاورة هؤلاء المعتقلين. <BR><BR><font color="#ff0000"> * لكن ما الذي يميز هذه المبادرة عن أخواتها السابقات اللاتي لم يكتب لهن النجاح؟</font><BR>** تمتاز هذه المبادرة بأنها مطروحة من المجتمع الأهلي والمدني، وليست كالمبادرة السابقة التي طرحها بعض أعضاء الجماعة الإسلامية من داخل السجون عام 2000م والتي اتهمت بأن وراءها الأجهزة الأمنية.<BR><BR><font color="#ff0000"> * وما هي الخطوات التي يمكن البدء بها لكي تنجح المبادرة ولا تذهب أدراج الرياح؟</font><BR>** أقترح أن تتم الإفراجات على مراحل، بحيث يفرج في المرحلة الأولى مثلا عن ثلث المعتقلين، وهم من أمضوا مدة العقوبة كاملة، ثم تأتي المرحلة الثانية للإفراج عمن أمضوا نصف المدة وهكذا....<BR><BR><font color="#ff0000"> * وما مدى تفاعل المثقفين والناشطين مع فعاليات هذه المبادرة ؟</font><BR>** الحملة بدأت بتوقيع 100 شخصية من مختلف الأطياف الفكرية على البيان التأسيسي ووصلت الآن إلى 1000 شخصية!، وتسعي لجمع مليون توقيع من جموع الشعب المصري للمطالبة بالإفراج. وعدد المنضمين للمبادرة يتجاوز المئة شخص يوميا منذ أن أعلنا عن المبادرة.<BR>وهناك شخصيات دولية ومحلية ذات ثقل سياسي انضمت للمبادرة، أبرزهم الدكتور كمال الهلباوي (القيادي الإخواني بأوروبا)، ود. أسامة رشدي (المتحدث الرسمي لجبهة إنقاذ مصر بلندن)، و د. حنا جرجس المقيم ببريطانيا.<BR><BR><font color="#ff0000"> * ما هو جديد الحملة الإعلامية للمبادرة الوطنية للمصالحة ؟</font><BR>** دشنا موقعاً على الإنترنت للمبادرة، ليتيح متابعة المبادرة من جهة، وجمع التوقيعات علي بيانات المبادرة والانضمام للمطالبين بإنهاء ملف الاعتقال السياسي في مصر. وعنوان الموقع هو : www.mobadra.org . كما نفكر في عقد مؤتمر صحفي لنعلن فيه أمام الصحفيين ووسائل الإعلام العالمية عن الخطوات التي تمت والمراحل التي نفكر فيها .<BR><BR><font color="#ff0000"> * من هم أشهر الموقعين علي البيان التأسيسي </font>للمبادرة ؟<BR>** المشاهير ممن وقعوا على المبادرة كثيرون، أذكر منهم : المستشار طارق البشري، النائب الأول لرئيس مجلس الدولة سابقاً، وجلال عارف نقيب الصحفيين المصريين، والمفكر الإسلامي الدكتور محمد عمارة عضو مجمع البحوث الإسلامية، وجورج إسحق المنسق العام لحركة كفاية، والكاتب الصحفي فهمي هويدي، والمفكر الكبير الدكتور عبد الوهاب المسيري.<BR>وأيضا هناك والدكتور نادر فرجاني (رئيس تحرير تقرير التنمية الإنسانية العربية)، وعبد الله السناوي (رئيس تحرير جريدة العربي الناصري)، ومجدي الجلاد (رئيس تحرير جريدة المصري اليوم)، وإبراهيم عيسي (رئيس تحرير جريدة الدستور)، والدكتور عبدالحليم قنديل (رئيس تحرير جريدة الكرامة)، ومحمود سلطان (رئيس تحرير صحيفة المصريون الالكترونية)، والدكتور محمد مورو (رئيس تحرير مجلة المختار الإسلامي)، والكاتب الصحفي عامر عبد المنعم (رئيس تحرير جريدة الشعب الإليكترونية).<BR>والمجاهد الكبير الشيخ حافظ سلامة (رئيس جمعية الهداية الإسلامية)، والدكتور أحمد المهدي (عضو المكتب السياسي لحزب العمل)، والدكتور محمد السيد حبيب (النائب الأول للمرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين)، و (المفكر اليساري) عبد الغفار شكر، و (القيادي الناصري) اللواء كمال حافظ، والمهندس أبو العلا ماضي (وكيل مؤسسي حزب الوسط).<BR>والدكتور حسن نافعة (رئيس قسم العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية)، والدكتور محمد السيد سعيد (نائب رئيس مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام)، والدكتور عمرو الشوبكي (الخبير بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام)، والدكتور أحمد ثابت (أستاذ العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية)، وضياء رشوان (خبير بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام).<BR>والدكتور إبراهيم البيومي غانم (خبير بمركز البحوث الاجتماعية والجنائية)، والدكتور رفعت سيد أحمد (مدير مركز يافا للدراسات)، وبهي الدين حسن (مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان)، والكاتب الصحفي مجدي أحمد حسين (الأمين العام لحزب العمل)، ويحي قلاش (وكيل نقابة الصحفيين)، ومحمد عبد القدوس (مقرر لجنة الحريات بنقابة الصحفيين)، والدكتور مجدي قرقر (أستاذ جامعي، عضو المكتب السياسي لحزب العمل)، و القيادي الإخواني الدكتور عصام العريان (الأمين العام المساعد لنقابة الأطباء).<BR>والحاج عبد الموجود الزمر (والد المعتقل الدكتور طارق الزمر)، والسيدة وحدة عبد الموجود الزمر (زوجة المعتقل المقدم عبود الزمر)، و(المفكر القبطي) الدكتور رفيق حبيب، و(الإعلامية) كريمان حمزة، والدكتور جمال عبد الهادي (أستاذ التاريخ والداعية الإسلامي)، والدكتور صلاح عبد المتعال (عضو المكتب السياسي لحزب العمل)، و (المفكر) الدكتور حسن حنفي.<BR>و(الكاتبة الإسلامية) صافيناز كاظم، و (القيادي اليساري) المهندس أحمد بهاء الدين شعبان، و(الكاتب الصحفي) جمال سلطان (المدير العام لجريدة المصريون الاليكترونية)، و(المفكر القبطي) سمير مرقس، والمحامي ممدوح إسماعيل (وكيل مؤسسي حزب الشريعة)، والدكتور صلاح صادق (أستاذ القانون الإداري)، والدكتور عاطف البنا (أستاذ القانون الدستوري).<BR>والمفكر الإسلامي الدكتور سيد دسوقي حسن (أستاذ بكلية الهندسة)، والمحامي مختار نوح، والدكتور عبد العظيم المطعني (الأستاذ بجامعة الأزهر)، و(الكاتب الإسلامي) الدكتور صلاح عز، و(الكاتب الصحفي) ممدوح الشيخ، و(القيادي الإخواني) المحامي حازم صلاح أبو إسماعيل، (والقيادي الإخواني) الدكتور جمال حشمت.<BR><BR><font color="#ff0000"> * ما تعليقكم على تصريح (رئيس الوزراء) الدكتور أحمد نظيف، بأن الحكومة بصدد التفكير في إلغاء قوانين الطوارئ ؟ وألا ترى أن هذا التصريح هو خطوة إيجابية من الحكومة ؟!</font><BR>** المشكلة أنهم يخططون لاستبدال قانون الطوارئ بقانون أشد خطورة منه ألا وهو قانون الإرهاب، نحن نريد أن نعود بمصر إلى وضعها الطبيعي، هناك حالة حراك وانفراجة عامة ورياح بصيص من الحريات تعم عدداً من بلدان العالم العربي، فهناك إفراجات ومصالحات مع المعتقلين السياسيين في الجزائر وتونس والمغرب وليبيا.<BR>وكل ما في الأمر أن الرئيس مبارك كان في زيارة للنمسا وعندما سئل عن التعذيب وعدد المعتقلين في مصر قال : لا يوجد في مصر تعذيب وليس لدينا معتقلين سياسيين !!، وكذا (رئيس الحكومة) الدكتور أحمد نظيف كان في بريطانيا، وسئل أيضاً هناك عن التعذيب في مصر وعدد المعتقلين السياسيين فأنكر أن يكون في مصر تعذيب ونفى أن يكون في سجون مصر أي معتقل سياسي !!<BR>وهذه التصريحات كلام جميل لكن المهم التنفيذ، فأنا أخشى أن تكون مجرد خطاب للغرب بينما لا توجد لدى الحكومة نية حقيقية لإلغاء القانون الذي حكمت به مصر بالحديد والنار لمدة ربع قرن .<BR>وإذا كان الدستور المصري، يجيز لرئيس الجمهورية، فرض حالة الطوارئ في البلاد، لمواجهة مخاطر تتطلب اتخاذ تدابير استثنائية، بهدف حماية الأمن القومي، مثل: حالة الحرب، وحالة التهديد بالحرب، وحالات الكوارث الطبيعية، إلا أنه يشترط، أن يكون إعلانها لمدة محددة، ولا يجوز مدها إلا بموافقة مجلس الشعب (البرلمان).<BR><BR><font color="#ff0000"> * هل لديكم إحصاءات رسمية بعدد المعتقلين السياسيين وسنوات اعتقالهم؟، أو بشكل آخر هل تملكون قاعدة معلوماتية للمعتقلين السياسيين في مصر؟</font><BR>** الحقيقة أننا لا نملك الآن إحصاءات دقيقة بعدد المعتقلين السياسيين، لكن لدينا أرقام تقريبية، وكل المؤشرات تقول أن عددهم لا يقل عن 15 ألف معتقل، ونحاول حالياً أن نوثق أوضاع المعتقلين وبياناتهم وأحوالهم، فالأكيد أن هناك معتقلين سياسيين يقبعون خلف السجون منذ عام 1981م، أغلبهم مغيب في ظلمات الزنازين دون أن يقدم لمحاكمة أو يوجه له اتهام.<BR><BR><font color="#ff0000"> * ما هي بالتحديد مطالبكم من القيادة السياسية ؟</font><BR>** الإنهاء الفوري لحالة الطوارئ والكف عن إهدار حقوق الإنسان وكفالة حمايتها لجميع المواطنين بما في ذلك حقهم المشروع في ممارسة العمل السياسي السلمي، والاستجابة لقوي مجتمعها المتطلعة إلى طي صفحة أليمة دامت ما يزيد على ربع قرن من القمع بتدشين مبادرة للإصلاح والإنصاف تعيد لهؤلاء المعتقلين حريتهم وكرامتهم احتراماً لأحكام القضاء وإعلاءً لسيادة القانون، وفتح صفحة جديدة مع كل قوي المجتمع الحية في وقت الجميع فيه بحاجة إلى تكاتف الجهود لمواجهة الأخطار المحدقة بمصر.<BR><BR><font color="#ff0000"> * وما هي في تقديرك الآثار السلبية للعمل بقانون الطوارئ في مصر طوال تلك السنوات؟</font><BR>** في الواقع أن آثار هذا القانون لم تعصِفْ فقط بالعديد من الحقوق والحريات الأساسية، بل لعبت الدور الرئيس في عرقلة سبل التطور الديمقراطي السلمي في المجتمع. كما أبرزت المنظمة في تقاريرها وبياناتها أن حالة الطوارئ قد تجاوزت- بالمعنى التشريعي- حدود قانون الطوارئ، بل أثرت سلبًا على روح البنية التشريعية المصرية، التي مالت بشدة نحو التشدد والإطاحة بالعديد من الحقوق والحريات، التي كفلها الدستور المصري، والمواثيق الدولية المعنية بحقوق الإنسان.<BR>هذا، وقد أفرطت السلطة في استخدام الصلاحيات المخولة لها بموجب قانون الطوارئ، فكثيرًا ما تجاوزت حدود قانون الطوارئ ذاته، وخاصة فيما يتعلق بأوضاع السجناء السياسيين.<BR><BR><font color="#ff0000"> * ولكن ألست معي أنكم تتخوفون من قانون الطوارئ أكثر من اللازم؟!، فما الذي يخيفكم من قانون الطوارئ إلى هذه الدرجة؟</font><BR>نحن نتحفظ كثيرا على هذا القانون ونرفضه ونطالب بوقف العمل به فورا لأنه قانون استثنائي يعطي السلطة التنفيذية سلطات واسعة؛ لوضع القيود على حرية الأفراد وحقوقهم الدستورية؛ منها : سلطة وضع القيود على حرية الأشخاص في الاجتماع، والانتقال، والإقامة، والقبض على المشتبه فيهم أو الخطرين على الأمن، واعتقالهم، وتفتيش الأشخاص والأماكن، دون التقييد بأحكام قانون الإجراءات الجنائية. كما انه بموجب المادة الثالثة من قانون الطوارئ؛ يحق للحاكم العسكري، أو من ينيب عنه، مراقبة الرسائل والصحف والنشرات والمطبوعات والمحررات، وضبطها، ومصادرتها، وتعطيل نشرها.<BR>كما يمنح القانون حرية واسعة للسلطة التنفيذية، في عدم التقييد بالأحوال المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجنائية للقبض على المتهمين، إذ يجوز القبض في الحال على المخالفين للأوامر التي تصدر طبقًا لأحكام قانون الطوارئ، والجرائم المحددة في هذه الأوامر، وذلك بالمخالفة لأحكام الدستور، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. <BR>وبموجب قانون الطوارئ، تنشأ محاكم استثنائية للنظر في الجرائم التي تقع بالمخالفة لأحكام الأوامر التي يصدرها رئيس الجمهورية، أو من يقوم بمهامه، وهي محكمتا أمن الدولة الجزئية والعليا، والترخيص بأن يدخل العنصر العسكري في تشكيل ذاك النوع من المحاكم. <BR>إذ يجوز لرئيس الجمهورية أن يأمر بتشكيل دائرة أمن الدولة الجزئية من قاض واثنين من ضباط القوات المسلحة، وبتشكيل دائرة أمن الدولة العليا من ثلاثة مستشارين ومن ضابطين من الضباط القادة.<BR>كما يجوز لرئيس الجمهورية، وفقًا لنص المادة السادسة من قانون الأحكام العسكرية، أن يحيل إلى المحاكم العسكرية أيًّا من الجرائم، وذلك أثناء فرض حالة الطوارئ، وهي المادة التي تم استخدامها منذ عام 1992م؛ لإحالة المدنيين إلى المحاكم العسكرية، كما يجوز لرئيس الجمهورية، وفقًا للمادة (9) من قانون الطوارئ، أن يحيل إلى محاكم أمن الدولة طوارئ الجرائم التي يعاقب عليه القانون العام. ألا يستحق قانون مثل هذا أن نرفضه ؟!!<BR><BR><font color="#ff0000"> * ولكن منذ متى عرفت مصر أحكام الطوارئ ؟</font><BR>عرفت مصر الأحكام العرفية للمرة الأولى في تاريخها في نوفمبر عام 1914م، إبان الحرب العالمية الأولى، ولم ترفع الطوارئ، إلا بعد سنوات من نهاية الحرب العالمية الأولى، بعد إصدار السلطات المصرية عام 1922م، قانونًا يحمي الحكومة البريطانية وسلطاتها في مصر من أية مسئولية مدنية أو جنائية، يمكن أن تترتب على الأحكام العرفية المذكورة، وقد عاشت البلاد أكثر من 17 سنة، اعتبارًا من عام 1922م، دون أحكام عرفية.<BR>ثم فُرِضت الأحكام العرفية من جديد، للمرة الثانية، بسبب الحرب العالمية الثانية، في أول سبتمبر 1939م، لكنها كانت هذه المرة أحكام عرفية مصرية. إذ أعلنت بمرسوم ملكي مصري، تنفيذًا لمعاهدة الصداقة والتحالف الموقعة بين مصر وبريطانيا، في 26 أغسطس 1936م، وتم تعيين رئيس مجلس الوزراء وقتذاك على ماهر حاكمًا عسكريًّا عامًّا، يمثله في المحافظات والمديريات المحافظون والمديرون. واستمرت هذه الأحكام نافذة طوال مدة الحرب العالمية الثانية، وبعد انتهاء الحرب العالمية في القارة الأوربية، في 9 مايو 1945م، تم رفع الأحكام العرفية في مصر بعد ذلك ببضعة شهور.<BR>وأعلنت الطوارئ، للمرة الثالثة في مايو 1948م، بمناسبة مشاركة الجيش المصري ضمن الجيوش العرب في حرب فلسطين. واستدعى ذلك إضافة حالة ثالثة إلى الحالتين الواردتين في قانون الأحكام العرفية رقم 15 لسنة 1922م، وذلك بالقانون رقم 73 لسنة 1948م المعدل له، ونص هذا التعديل على جواز إعلان حالة الطوارئ "من أجل تأمين سلامة الجيش المصري على أرض فلسطين، وحماية طرق مواصلاته". <BR>وفي إبريل 1950م، بادرت آخر وزارة وفدية ترأسها مصطفى النحاس إلى إعلان إنهاء الأحكام العرفية، مع الإبقاء عليها جزئيًّا ولمدة سنة قابلة للتجديد، في المناطق الحدودية مع فلسطين، وفي محافظتي سيناء والبحر الأحمر.<BR>إلا أن الوزارة نفسها، عادت بعد أقل من عامين، وأعلنت في 26 يناير 1952م الأحكام العرفية للمرة الرابعة، في جميع أنحاء البلاد، ابتداءً من مساء ذلك اليوم، وعُيِّن (رئيس مجلس الوزراء) مصطفى النحاس حاكمًا عسكريًّا عامًّا، لممارسة السلطات الاستثنائية المنصوص عليها في القانون، ولم يلبث أن حل محله في ذلك، رئيس الوزراء التالي نجيب الهلالي، بعد إقالة الوزارة الوفدية.<BR>واندلعت ثورة يوليو 1952م في وقت كانت مصر تخضع للأحكام العرفية، ولم تكن الثورة بحاجة إلى هذه الأحكام لتأمين نفسها وتحقيق أهدافها، بعد أن تركزت جميع السلطات في يد مجلس قيادة الثورة، وحلت الشرعية الثورية محل الشرعية الدستورية، بعد إلغاء الدستور الملكي القائم في العاشر من ديسمبر 1952م.<BR>وقد استمر حكم البلاد بقرارات وإعلانات صادرة من مجلس قيادة الثورة إلى تاريخ العمل بدستور 16 يناير 1956م الدائم في شهر يوليو من ذلك العام، واستصدر الرئيس جمال عبد الناصر بعد ذلك بسنتين، قانون الطوارئ الحالي رقم 162 لسنة 1958م. <BR>وطبق لأول مرة، في الخامس من يونيو 1967م، بسبب دخول مصر في حرب ضد إسرائيل. واستمرت حالة الطوارئ قائمة في البلاد من ذلك التاريخ، إلى أن تقرر إلغاءها اعتبارًا من منتصف ليل 15 مايو 1980م، بعد حوالي 13 سنة من تاريخ إعلانها. <BR>لكن إلغاء حالة الطوارئ في البلاد، لم تستمر سوى عام وخمسة شهور؛ فبعد اغتيال السادات، أثناء حضوره عرضًا عسكريًّا، يوم 6 أكتوبر 1981م، فُرضت حالة الطوارئ بقرار من الرئيس المؤقت في ذلك الوقت، الدكتور صوفي أبو طالب (رئيس مجلس الشعب السابق)، وبعد وصوله لسدة الحكم، مدد الرئيس حسني مبارك، العمل بقانون الطوارئ، وظل ساريًا حتى الآن.<BR><BR><font color="#ff0000"> * ألم تبد في الأفق بوادر إيجابية لإلغاء العمل بقانون الطوارئ طوال هذه المدة ؟</font><BR>* ظهرت بالفعل، بوادر إيجابية، تنبئ بإمكانية إلغاء العمل بالقانون، في ضوء إعلان (رئيس مجلس الشورى والأمين العام للحزب الوطني الحاكم) صفوت الشريف، وقف تطبيقه على العملية الانتخابية أو المرشحين لها لضمان إجراء انتخابات رئاسية نزيهة وحرة، من غير أن يحدد الإجراءات التي سيتم اتخاذها لوقف تنفيذ القانون السيئ الصيت.<BR>وعلى إثر توصية المجلس القومي لحقوق الإنسان في تقريره السنوي الأول في إبريل 2005م، بإنهاء حالة الطوارئ "حتى تتم المشاركة الشعبية في الاستفتاء على نص المادة 76 من الدستور ثم في انتخاب رئيس الجمهورية وانتخاب أعضاء مجلس الشعب في جو من الحيدة والاطمئنان".<BR>غير أن بارقة الأمل التي لاحت في الأفق، بشأن إمكانية إلغاء العمل بهذا القانون، تبددت مع إعلان الرئيس حسني مبارك في ذلك الوقت، رفضه تجميد العمل بالقانون "في الوقت الذي فيه يلجأ العالم كله إلى وضع قانون طوارئ‏".<BR><BR><font color="#ff0000"> * و كيف ترى مستقبل هذه المبادرة؟</font><BR>** هي خطوة نأمل أن تتبناها مؤسسات المجتمع المدني المصري، وتتمسك بها باعتبارها حجر الزاوية لأي تحرك تجاه الإصلاح؛ لأنه لا يجوز أن نتحدث عن أي إصلاح قبل أن نطوي هذا الملف الأسود.<BR>لو كنا في مجتمع ديمقراطي مثل أوروبا لكان المعتقلون السابقون قد نجحوا في تأسيس حركة شعبية للدفاع عن المعتقلين، ومع ذلك سنحاول أن نذكر المجتمع المدني بمسئولياته الأخلاقية تجاه المعتقلين ونأمل أن تستجيب لمبادرتنا باقي القوى السياسية حتى ننجح في إلغاء الاعتقال من حياة المصريين.<BR><BR><font color="#ff0000"> * هل لديك ما تود قوله أخيراً ؟!</font><BR>** أتمنى أن يعيد الرئيس مبارك النظر في هذا الملف الذي أصبح محرجا ومهينا لمصر على المستوى الدولي، وأن يطلب كامل التقارير من الأجهزة المعنية لكي يدرك على وجه الدقة حجم المأساة التي تعيشها مصر الآن.<BR><BR><font color="#ff0000"> * شكراً لك يا دكتور كمال لإتاحتكم هذه الفرصة لإجراء الحوار </font><BR>** بارك الله فيكم، و نحتاج دوماً إلى جهودكم الإعلامية لدعم المبادرة.<BR><BR><br>