د.ياسر برهامي: مظاهرات الكنيسة عفوية.. وساهمنا في تقليل الخسائر
25 رمضان 1426

<font color="#0000FF">اندلعت أحداث كنيسة ماري جرجس بمنطقة محرم بك بالإسكندرية على مدى أسبوعين, قام خلالها بعض القيادات الإسلامية والشعبية بجهود لتهدئة الاحتقان الشعبي المنفلت, الذي رأته غير مفض إلى تحقيق نتائج في حل الأزمة, ومن هذه القيادات التي ساهمت في جهود حث الجماهير على عدم الإقدام على أفعال غير محسوبة . <BR>الدكتور ياسر برهامي (أحد رموز التيار السلفي بالإسكندرية، وأحد الذين حرصوا على مخاطبة قطاع من الغاضبين لبيان حكم الشرع في التوجه التظاهري الاحتجاجي في هذا الظرف).. توجه إليه موقع "المسلم", فكان هذا الحوار.</font><BR><BR>نص الحوار:<BR><BR><font color="#FF0000"> • فضيلة الشيخ, في منظروكم من حرك المظاهرات؟ هل خرجت بصورة عفوية؟ البعض ينسب شرارتها الأولى لجماعة الإخوان، والبعض للتيار السلفي، والبعض للنائب الناصري للحي والبعض لأجهزة ما دفعت صحفاً لتوتير الأجواء؟</font><BR>ـ بالنسبة لمن حرك المظاهرات في تصوري أن الذي أشعل الشرارة الأولى أناس متدينون, لهم غيرة على الإسلام, وإن كانوا لا ينتمون إلى أي من الاتجاهات الإسلامية المعروفة, وإن كانوا قد تأثروا بها جميعاً, ثم بعد ذلك خرجت بصورة عفوية, وإن كنت لم أحضر بداية الأمر إلا أنه قد تحدث بعض الشباب عن المسرحية الـ [C.D] وحدثوا الناس عنها, ثم تجاوب الناس معهم. وفي ظني أن ذلك قد حدث بصورة تلقائية وجاء طبيعياً بسبب انتهاك حرمة هذا الدين. <BR><font color="#FF0000"> • وهل كان هؤلاء الشباب من داخل الإسكندرية أم من خارجها؟ </font><BR>ـ على حد ما سمعت وقرأت هم عناصر من خارج الإسكندرية, أناس لا نعرفهم, ما بلغنا أنهم قد أتوا من خارج الإسكندرية .. من القاهرة والمنصورة وغيرهما, فالاسطوانة لم تكن موجودة مع أحد بالإسكندرية. <BR><BR><font color="#FF0000"> • هل توافقون على صور احتجاجية كهذه؟ وإذا لم تكونوا كذلك, ففي رأيكم أي الطرق الاحتجاجية نجاعة في مثل هذه الظروف؟</font><BR>ـ لاشك أن الغيرة على الدين محمودة, والغضب لحرمات الله إذا انتهكت عبادة, والنبي _صلى الله عليه وسلم_, كان يغضب إذا انتهكت حرمات الله. لكن المشكلة تكمن في وسيلة توجيه هذه العبادات القلبية وهذه المشاعر؛ فالمظاهرات دائماً تعتمد على العنصر الجماهيري وإلا كانت ضعيفة أو عديمة الأثر, والعنصر الجماهيري يمنع من السيطرة عليها, وبالتالي لا يمكن ضبطها بضوابط شرعية, فالانفعال والتوتر يمكن أن يوجه أي توجيه, ويمكن أن يسيطر عليها ربما أناس غير ملتزمين بالكلية أو أصحاب اتجاهات أخرى, فلا يمكن ضبطها شرعاً ولا يمكن التحكم فيها, ولا يدرى إلى أي مدى سوف تتحول, ولذلك دائماً تقع فيها مخالفات, وأتذكر ذات مرة سألت أحد الشباب غير الملتزمين شارك في مظاهرة سابقة : لماذا ترمي الحجارة؟ قال: رأيت الناس يفعلون ذلك. فقلت: على من ترمي الحجارة؟ فقال: لا أدري!!<BR>وحتى قبل سنوات عندما قامت مظاهرة لجماعة الإخوان خارج جامعة الإسكندرية وشارك فيها إلى جوارهم عناصر مختلفة, ولاحظوا أن التعامل معها قد جرى بعنف واضح, انسحب الإخوان وهم منظمون وتركوا بقية الطلاب فظل الصدام محتدماً بين الشرطة والمتظاهرين, وقتل فيها بعض الطلاب وجرح الكثيرون منهم ومن رجال الشرطة. لذا فمثل هذه المشاعر لابد وأن توجه التوجيه الصحيح وتستغل الاستغلال المناسب لتحقيق الالتزام وفهم المسلمين لقضاياهم. وهناك طرق احتجاجية متعددة مثل عقد الندوات في المساجد والتفاعل الإعلامي ولا مانع من المتابعة القضائية والمطالبة بإقامة شرع الله فيمن ارتكب هذه الجريمة وما إلى ذلك.<BR><BR><font color="#FF0000"> • هل ترون أن هذه الآليات كافية لإبداء الاحتجاج في مثل هذه الحادثة؟</font><BR>ـ بالتأكيد أنها قد تحدث شيئاً من التغيير, ونحن لا نكلف إلا ما نقدر عليه. في كثير من واقع العالم الإسلامي نجد أنه من الصعب بل من المستحيل أحياناً إحداث تغيير في أشياء مخالفة للشرع إلى أقصى الدرجات. هل نستطيع أن نغير كل شيء, علينا أن نفعل ما نقدر عليه ونبذل ما نستطيع.<BR><BR><font color="#FF0000"> • هناك من لمز القيادات الإسلامية غير الرسمية من قناة التحرك الموجه من قبل مسؤولين رسميين لاحتواء الموقف, واعتبروه ميلاً باتجاه التهدئة حتى من دون أن تتحقق الأهداف التي من أجلها قامت تلك الاحتجاجات. أين أنتم من هذه الأقوال, فالبعض قال صراحة: إنكم أداة في يد الجهات الأمنية تستخدمكم حيث تريد, في التهدئة وفي غيرها من دون أن تحققوا هدفاً؟</font><BR>ـ في هذا الأمر نقول كما يقول _صلى الله عليه وسلم_:"والله لا يسألوني خطة يعظمون بها حرمات الله إلا أجبتهم إليها", فكل ما يتطلب الإعانة على أمر يرضي الله فإننا لا نتخلف عنه. فمن نظر إلى الأمر وجد كل المعطيات الموجودة والموازنات السياسية والواقعية تؤكد أن هذه المظاهرة ليس لها إلا أحد حلين: إما أن تنفض المظاهرة بدون خسائر, وإما أن يحدث شيء من الصدام يؤدي إلى سقوط ضحايا من المسلمين سواء من المتظاهرين أو من قوى الأمن, ويفلت المجرم من أدنى عقاب. أما أن أحداً يستطيع أن يمس أي شخص ممن ارتكبوا الجريمة فهذه نهاية في الحقيقة غير واردة, وبالتالي لم يكن هناك بديل عن أن نقلل الخسائر ونمنعها, سواء أكان قد طلب منا أو لم يطلب.<BR><BR><font color="#FF0000"> • ألا يمكن أن يكون هناك احتجاجات وتظاهرات مضبوطة وهادئة, مثلما حدث في الثورة البرتقالية بأوكرانيا وغيرها بافتراش الأرض وما إلى ذلك من الاحتجاجات الهادئة؟</font><BR>ـ الواقع عندنا يؤكد غير ذلك, فالمظاهرات عندنا يمكن أن تتسلقها اتجاهات أخرى.. يمكن أن يتسلقها غوغاء .. من الممكن أن يحدث فيها نهب وما إلى ذلك.<BR><BR><font color="#FF0000"> • هل تعدون ما حدث فتنة؟</font><BR>ـ أنا لم أقل ذلك. رد الفعل الطبيعي من الغضب لا يمكن أن ألومه.<BR><BR><font color="#FF0000"> • أسأل عن هذا التحرك.. هذه الآلية؟</font><BR>ـ هذه الآلية يترتب عليها مفسدة, ومعلوم أنه لن يستطيع (المتظاهرون) الوصول إلى مرتكبي الجريمة.<BR><BR><font color="#FF0000"> • إذا كان يترتب عليها مفسدة؛ فإن من يسقط فيها لا يعد شهيداً؟</font><BR>ـ مثل هذه الأمور النيات فيها معتبرة, ولكن ما نقوله للناس هو تجنب التجمعات التي فيها مفسدة للناس ولا يمكن ضبطها شرعاً.<BR><BR><font color="#FF0000"> • معلوم أن التيار السلفي يحجم كثيراً عن لعب أدوار سياسية أو التعاطي مع الواقع كقوة سياسية, فما الذي دعا شيوخاً سلفيين إلى خوض غمار هذه الأزمة والدخول كصمام أمان لضبط الموقف؟</font><BR>ـ السلفية هي فهم الكتاب والسنة وفق سلف الأمة, وهذا الفهم هو الفهم الصحيح.. دعوة إصلاحية شاملة, فالإسلام دين شامل يشمل إصلاح الأمة من جميع الجهات, فكل قضايا الأمة لنا فيها موقف ولابد أن نتفاعل معها, ولكن نحن نحجم عن المشاركة في أمور لا تتحقق فيها شروط نراها ضرورية حتى تكون المشاركة مشروعة. أحجمنا عن المشاركة في كثير من الأمور؛ لأن المتاح من المشاركة لا ينضبط بالشروط الشرعية وبالتالي تكون السلبية هي الإيجابية, وعدم الإقرار بواقع لا يسمح إلا بهذه المشاركة, وبالتالي كان الذي أدى إلى تدخلنا هو للتقليل أو منع أذية المسلمين وسفك دماء المسلمين من الطرفين , مع الجزم بعدم وجود نتائج ملموسة في الوصول لمرتكب الجريمة, كما أننا نعتقد أنه ليس لآحاد الناس دون الرجوع إلى من بيده القدرة والسلطان أن يقيم الحدود والحقوق.<BR><BR><font color="#FF0000"> • شعار التقليل من الخسائر الذي تتخذونه ربما يمتطي جواده بعض التيارات الأخرى في المشاركة السياسية..</font><BR>ـ هل كان مطلوب منا تنازلات؟! هل قلنا كلاماً باطلاً يخالف ما نعتقد حتى يكون مبرراً للآخرين لفعل مثل ذلك؟! وهل كان سيقلل من الخسائر من دون أن يقدم تنازلات؟! فلو قيل مثلاً: ما رأيكم إذا ألغيت المادة الثانية من الدستور.. إذا وافق الشعب على إلغاء النص على (مبادئ الشريعة الإسلامية باعتبارها المصدر الرئيس للتشريع) في الدستور فلابد أن أقبلها!! أهذه تنازلات يمكن أن نقبلها؟! إلى حد قبول ما إذا وافق الشعب على تولية زنديق أو ملحد فنلتزم بها؟! هذا خلاف معتقد من يقول الإسلام هو الحل، ولذلك نحن نقول: إذا كانت المشاركة مشروطة بمثل هذا فنحن لا نقبل بها. نحن نقول للمسلمين أن ينضبطوا بالشرع وأن يلتزموا بضوابط القدرة والعجز ومراعاة ضوابط المصالح والمفاسد, دون أن نتنازل عن عقائد أهل السنة والجماعة.<BR><BR><font color="#FF0000"> • هل تعدون أن المشايخ قد نجحوا في مسعاهم هذا؟ وهل ترى الدعوة قاصرة لحد الآن عن اختراق الحجب الشعبية المتوترة؟ </font><BR>ـ في الحقيقة في المرة الأولى وفقنا في مسعانا _بحمد الله_, لكن في المرة الثانية لم يتح مثل هذا, ولكن على الأقل حصل _بفضل الله عز وجل_ تجنيب قطاع كبير من المتدينين فضلاً عن الإخوة السلفيين الدخول كوقود لهذه المعركة التي يخسر فيها الطرفان, ولو كان الإخوة (السلفيون) دخلوا في هذه المعركة لتضاعفت الخسائر, وكان لها آثارها السلبية الخطيرة على الدعوة لمدى بعيد, وهذا من فضل الله _عز وجل_, وإن كنا بالتأكيد نعبر عن حزننا العميق لمن أصيب في هذه المظاهرات ومن قتل فيها سواء من المتظاهرين أو من رجال الشرطة, نسأل الله أن يرحم الجميع.<BR><br>