الدكتور عبدالله بن وكيل الشيخ: 90% من الأكاديميين لا يؤثرون في المجتمع
4 رمضان 1426

<P align=right><FONT color=#3300ff>في حديث متشعب، تناول دقة النقل والمصداقية التي باتت مغيبة في العديد من وسائل الإعلام، ودور العلماء الأكاديميين في المجتمع، وواجب العلماء في مواجهة العولمة؛ التقى موقع (المسلم) مع فضيلة الشيخ الدكتور عبدالله بن وكيل الشيخ (أستاذ الحديث وعلومه في جامعة الإمام محمد بن سعود في الرياض).<BR>وكان هذا اللقاء.</FONT></P><BR><P align=right><FONT color=#cc0000>دكتور عبدالله.. كيف يمكن الإفادة من علم مصطلح الحديث في خلق عقلية إسلامية واعية تعلي من قيم التثبت في الأمور الاجتماعية, والدقة في النقل عن الأشخاص لأقوالهم ؟</FONT><BR>علم مصطلح الحديث القائم على نقد الأخبار من حيث السند والمتن من خصائص المسلمين كما قرره أئمة الإسلام كابن حزم وغيره من علماء المسلمين، وكما شهد به المفكرون الغربيون.<BR>هذا العلم تنقسم قواعده قسمين, الأول: يعالج مسألة رجال الإسناد الذين نقلوا الخبر إلينا, والثاني: ينظر نظرة فاحصة في صدق المتن في ضوء ما ينقله الرواة الآخرون في هذا الخبر، وفي ضوء النصوص الشرعية الآخر من الكتاب والسنة, وفي ضوء حقائق الواقع والتاريخ وحصيلة هذين النظرين تصديق الخبر أو تكذيبه أو التشكك فيه.<BR>في ثورة الاتصالات الحديثة يقف المستمع من المسلمين وغيرهم أمام كم هائل من الأخبار وتوجه تفكيره وترسم مواقفه, بل وتملي عليه ولاءاته, وتدفعه لإصدار الأحكام على الوقائع والأشخاص.</P><BR><P align=right>أمام هذا الكم الهائل يحتاج المستمع إلى قواعد وضوابط يستطيع بها أن يقبل أو أن يرد, وهنا تشكل قواعد مصطلح الحديث عاصماً _بإذن الله_ من الزلل في التصديق أو التكذيب.<BR>صحيح أننا نفتقد سلاسل الإسناد التي نجدها في روايات الأخبار النبوية، لكننا نملك النظر إلى ذات الخبر (فتنة) لنستدل به من خلال النظر إلى سلسلة تتابع الأحداث, ومن خلال وسائل الإثبات الحديثة من الصور والأحداث ما يمكننا من الموقف الصحيح.<BR>كما أن مصطلح الحديث يكون الفضيلة الأشرة التي تحسن النقد الإيجابي، ومن هنا فإن هذه الفضيلة المستنيرة تستحدث من الضوابط والقرائن ما تراه قوياً لها إلى الحقيقة، وهنا يأتي دور الاجتهاد في تحليل أخبار الناس، وخاصة ما ينسب منها إلى شخص بعينه.<BR>وجماع ذلك كله في قول الحق _سبحانه_: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا"(الحجرات: من الآية6), فعلوم مصطلح الحديث هي شرح لقوله _تعالى_: "فَتَبَيَّنُوا".</P><BR><P align=right><FONT color=#cc0000>كيف ترى دور الأكاديميين الشرعيين في المجتمع في الوقت الحالي, وكيف ترى دورهم الواجب في ذلك, وهل ثمة تقصير, وما هي أسباب ذلك ؟<BR></FONT>الذي أفهمه من السؤال أنه يتحدث عن دور الأكاديميين خارج عملهم الرسمي المكلفين به, ومن هنا يتجه الحديث إلى هذه الناحية, والذي يظهر لي أن دور الأكاديميين في المجتمع دون مستوى الطموح بكثير ونسبة المشاركة في المجتمع قليلة أو قليلة جداً وكمثال على ذلك أنك تجد الجامعة التي يدرس فيها ما يزيد على ألف أستاذ لا تجد منهم ذا أثر في المجتمع خارج نطاق عمله بما يزيد على مئة أستاذ على أكبر تقدير, وهذا يعني أن نسبة 90 % من هؤلاء الأكاديميين ليسوا ذا أثر واضح في مجتمعهم.<BR>ليس غائباً عن الذهن واجبات الأكاديميين المنوطة بهم خارج مكان العمل, ولا حاجة إلى التعمق في تخصص والتفرغ لبحوثه, لكن كل هذه الأمور لا تصلح مبرراً لغياب 90 % عن ساحة الفعل الاجتماعي.</P><BR><P align=right>والذي يؤمل _إن شاء الله_ من هذه الشريحة وهي تملك المؤهلات العالمية والتجربة الكافية والإحساس بمسؤولية المجتمع والأمة الملقاة عليهم أن تتضاعف وتكثر المشاركات في ميادين المجتمع المتعددة, خاصة إذا علمنا أن هؤلاء الأكاديميين هم نخبة المجتمع الذي يعلق بهم كثيراً من الآمال.</P><BR><P align=right>ومن الواقعية بمكان أن يعلم أن هذه السلبية قد ساهم في وجودها بعض المعوقات التي تراكمت مع الزمن فشكلت إحباطاً مستمراً للأكاديميين لينطلق في أداء واجبه الاجتماعي فكثرة الاحتياطات, وطول الاستئذانات, والروتين الطويل الذي يصاحب ذلك مع التخوف من المضاعفات السلبية التي قد تطول بحاله العملي الأصلي, وغياب روح التشجيع والإشادة بالمشاركة الاجتماعية كل أولئك وغيرها أوجدت سداً منيعاً أمام المشاركة الفاعلة, قد يتحمل هذه المتاعب ويحتسب طائفة من الناس ولكن يبقى من يؤثر العلاقة ويحمل من عوّقه المسؤولية.</P><BR><P align=right><FONT color=#cc0000>هل ترون أن العلماء والمفكرين في المملكة قد وضعوا ضوابط مناسبة للتعامل مع ضغوط العولمة التي باتت تجتاح أنماط عيش الشعوب الخليجية بصفة خاصة ؟</FONT><BR>هناك جهود متعددة في التعامل مع العولمة من خلال مقالات أو كتابات أو حوارات، ولكنها كما أعلم لم تتبلور في صورة موحدة تتناول جوانب هذه العولمة المتعددة الفكرية والاجتماعية والاقتصادية.<BR>وسبب ذلك في تقديري عدم وجود جهة تتحمل مسؤولية رسم الموقف الصحيح تجاه العولمة وتستقطب طاقات المجتمع المتنوعة لتبلور هذا الموقف, ومن هنا كان واقع الساحة المبادرة الفردية والمساهمة لبعض المؤسسات الرسمية والشعبية, وإذا استذكرنا أن هذه العولمة تتصف بصفتين السرعة التي تماثل العواصف, والضغط الذي يشبه الحروب نجد أنه من المتعين أن ننهض جميعاً لرسم الموقف الصحيح تجاه هذا العولمة للإفادة من إيجابياتها والتلافي لسلبياتها, والمقاومة لانحرافاتها, وهذا الموقف يجب أن يتعاون في رسم دور العلم ومراكز البحث والدراسات وتقام له الندوات والحوارات ويعزز به الوعي الاجتماعي الذي قد يستسلم لكل قادم مصحوب بفيض من التزيين والخداع.<BR>الجامعات, ومراكز البحوث, ودور الإفتاء, والمجامع الفقهية, والهيئات الاستشارية والوزارات معنية برسم هذا الموقف فنحن أمام زلزال عنيف, يجب أن تتعامل معه بكل حكمة وعقل منطلقين من ثوابت الشريعة التي تهيئ المسلم ليعيش حياته بعيداً عن الإفراط والتفريط.</P><BR><P align=right> </P><BR><br>