د. محمد الأحمري لموقع (المسلم): الإسلاميون يسيرهم الخوف غالباً
16 ذو الحجه 1425

كثيرة تلك الأزمات التي يعاني منها المجتمع الإسلامي بكافة تصنيفاته السياسية والاجتماعية والفكرية، ومتعددة تلك المخاطر والعثرات أمام طريق مجتمع من المفترض أن يزداد قوة كلما زادت تجربته وتعددت أقطابه. </br> الحديث عن تلك الهموم متشعب وغزير، ولعلنا نحتاج إلى أقطاب فكرية قادرة على توصيف المشكلة لاستنباط حلول ممكنة قدر المستطاع طالما أمكن ذلك. </br> موقع (المسلم) التقى مع (المفكر الإسلامي) الدكتور محمد حامد الأحمري في حوار عميق وشامل حول أبرز هموم الأمة الإسلامية ومشاكلها لتقديم صورة "من غير رتوش" على واقع نعيشه ونعانيه ونأمل بتحسنه.. وإليكم نص الحوار.. </br> </br> <font color="#FF0000"> إلى جوار بعض المفكرين، ترى أن "السلفية الجهادية" الآن آخذة في التمدد على حساب التيارات السلفية التقليدية والإخوانية، فهل تعد ذلك ظاهرة مرَضية؟ </font><BR>لا أدري أين وجدت هذا القول فيما كتبت، ولكن من راقب مواقف الشعوب من مسلمين وغيرهم يجد أنه في أزمان المحن يتجه الناس إلى موقف عقدي عميق وحرفي، تجاه ما يواجهونه، وما موقف أمريكا في استعادة الحرب الدينية "الصليبية" ضد المسلمين، و رواج السلفية الإنجيلية المتعصبة جداً، التي تمارس وتدعو لثقافة الإرهاب، إلا بعد أحداث أيلول، والقهر من عمل القاعدة، ولا موقف اليهود في استعادة أشد المواقف التوراتية تعصباً إلا رداً على الانتفاضة المسلحة، أما في حياة المسلمين فقد كانت موجة السلفية استجابة للمحنة في زمن العباسيين وقت تخاذل السلطة العباسية، والسلفية عند ابن تيمية أيضاً، بعد الغزو التتري والصليبي، والسلفية في الهند إثر الهيمنة البريطانية، وتحويل المسلمين من زعماء وحكام للهند إلى أقلية تابعة مقهورة، والسلفية في نجد وقت تخاذل العثمانيين، والسلفية في المغرب العربي زمن الاستعمار الفرنسي، وسيكون للسلفية صعودها اليوم –خاصة في العراق- لأسباب منها أن الغرب استهدفها على أنها المجموعة التي تواجه احتلاله، والحكومات تواجهها على أنها المجموعات المضادة، وستحاول السلفية المضطهدة أن تجد طرقاً للتلون والخلاص من المحاصرة، عبر نسختين متناقضتين منها نسخة تلبس لباس العقل والليبرالية السلفية وتخلط عقائدها وسلوكها بمواقف خصومها، ونسخة متطرفة تهرب للطقوس والشكليات، لتأمن من المواجهة! فتقترب من الحاكم، وتستسلم لحكمه، وتراه أقل الاختيارين سوءا. ولكن عندما يتجه مشايخها لقصر الحاكم سيستدبرهم شبابها يبحثون عن حل آخر! و سيبذرون تحت الرماد مواقف جذرية مضادة. لاحظ أن جمود السلفية في العقدين الماضيين أنتج ثلاثة اتجاهات اتجاه يسير نحو الليبرالية، وثان باتجاه السلفية الجهادية، وثالث نحو التقرب من الحكومات، وسن مفاهيم جديدة على السلف والخلف، وضعفت أفكار الوسطية بسبب جمودها، وقلة الإبداع فيها، فاضطرت أن تتأرجح بين مواقف هؤلاء غير محمودة من أحدهم.<BR><BR><font color="#FF0000"> دكتور محمد، صف لنا برأيك "الجماعة الإسلامية الفاضلة". </font><BR>الحاجة لهذه الجماعات لم تزل موجودة، على الرغم تقليديتها وضعفها، وركود المعرفة في جنباتها، ولكنها أقامت مؤسسات مفيدة للناس ومضرة بنفسها، إذ تختزل الرسالة في دكان، أو مجلة، أو منبر، و الحركة عندما تصبح مؤسسة تفقد روحها، وتتبختر بلباس مدني بعيد عن ذاتها، إنه ثوب زور، طامس لرسالتها الأولى، يتحقق فيها مأساة الحركي عندما يتزعم أو يحكم أو يتاجر!! إنه ينعطف إلى درب جديد، يترك توحيد همه إلى نواح أخر، وقد تجاوز كثير من الناس فكرة جماعة فاضلة ومفضولة، نحو عهد ما بعد الجماعات، وهو عصر التوجهات، أما الجماعات في طبعاتها القديمة فلم تزل تقدس ذاتها، وتتغزل بجمال قديم، وشباب ذهب، وقد أصبحت مجتمعاً يحافظ على لمّ النطيحة والمتردية وما أكل السبع، وترى في هذا حفظاً للكيان، وتماسكاً، ولم تخل من استغفال للمتحمسين في وجودها خير وفي جمودها شر، والشر جاءها من ركود قياداتها؛ لأنها قلدت الأوضاع السائدة في بلدانها، فأصبحت وسائل تعزيز للمعتاد بلا تجديد. وأتمنى أمنية القدماء: المجتمع الفاضل، فهو خير من جماعة، وهو حر وعادل، أو يحاول جاداً أن يكون كذلك.<BR><BR><font color="#FF0000"> تحقق المقاومة العراقية نتائج عسكرية لافتة؛ لكن البعض يخشى عليها من تكرار التجربة الأفغانية، أين ترى الجرح؟ وأين يلتمس الدواء؟ </font><BR>ليس من المناسب الربط بين التجربة الأفغانية في الحرب الروسية وما يحدث اليوم في العراق، رغم أن النتيجة قد تكون هي نفسها ولو بعد زمن طويل جداً جداً، لأن حرب أفغانستان الأولى كانت ضد روسيا وكانت أمريكا طرفاً فيها وكانت جزءاً من الحرب الباردة، و نوعاً من الحرب بالوكالة لصالح الغرب ضد الروس، كما يرى ذلك الغرب، ومع الأفغان غير الغرب المتحالفين مع الغرب، ومنهم مجاهدون مصرون على تحرير بلادهم، أما أين ترى الجرح فلعلي أراه، وقد نتحدث كلنا عنه مع الناس وعن دواء قد لا نعرفه، أو لا يجرؤ الناس على الاقتناع به. <BR><BR><font color="#FF0000"> قد يرى البعض أن العراق لن يتحرر في الوقت القريب لكن دوره قد يقتصر على استنزاف القوة الأمريكية الهائلة على الصعيد الاقتصادي على الأقل والمساهمة على مدى بعيد في أفول إمبراطوريتها، هل تشاطرهم هذا الرأي؟ </font><BR>أمريكا تدخل مرحلة مجهولة المعالم ولم يسبق لها أن عرفت مثل هذه الحالة، ولم يشهد العالم مثل هذه الحال في تاريخه المعروف للناس، فهي تمد سيطرة شبه كاملة على العالم، وتواجه رفضاً شبه كامل من العالم كله، ولكن قدرتها المالية والعسكرية ومهابتها قوية، غير أن التحديات كبيرة اقتصادياً وسياسياً وتقنياً فالمال يذهب للصين والتقنية للصين وللهند، والرفض للتصرفات الأمريكية يجتاح العالم الخاضع لها من أمريكا الجنوبية إلى أوروبا، فضلاً عن العالم الإسلامي، أما أفول الإمبراطوريات فقد يقاس بالقرون لا بالسنين، وبخاصة أن الحرية والديموقراطية تسمح بجدل حي حول المصير.<BR><BR><font color="#FF0000"> فيما ينظم الأمريكيون و"الإسرائيليون" لأبي مازن خرز التاج الفلسطيني، هل تعتقد أن فلسطين على مشارف حرب أهلية في ظل إصرار الأخير على "وقف عسكرة الانتفاضة"؟ </font><BR>هناك ما يبرر الحديث عن حرب أهلية، ولكن الفلسطينيين تعبوا جداً من مواجهة مستمرة، وخسارة مستمرة، ونهش لأرضهم وقتل لهم ولذرياتهم، ولعلهم يميلون الآن للقبول بالهدوء تحت شعارات أبي مازن أو غيرها؛ لأن شعباً معزولاً يمارس العدو الإرهاب ضده ليلاً ونهاراً، وقد غاب الوافد وندر الرافد يحتاج لاستقرار، وأعداؤهم يدركون ذلك، ويدرك الجميع بأن كل عون قد قطع، وأن العالم القوي يقف مع الإرهاب الصهيوني ضد الضحية.<BR><BR><font color="#FF0000"> تقف 12 دولة عربية في طابور التطبيع مع الكيان الصهيوني بدأت إرهاصاتها مع توقيع اتفاقية الكويز، هل تتوقع أن يأخذ المزاج الشعبي العربي مسلك الارتفاع في حدة حنقه وغضبه، وربما ثورته مع الأيام، أم على النقيض تزداد نجاحات تدجينه؟ </font><BR>التدجين يعمل بنظام واستمرار، والمقاومة للتطبيع لغة مجتمع عشوائي، يعرف ما يجب، ولكنه يدرك أن ممارسة حقه السياسي محرمة عليه، ولكن الهمجية والإرهاب الصهيوني فهي قاعد للشر والقهر والعنصرية وسط بحر متلاطم من العرب والمسلمين، هي من يمنع التطبيع؛ لأن كياناً قام على الكراهية والعنصرية لا يمكنه الحياة في جو طبيعي، فهو يصنع خصومه بطريقة فطرية وطبيعية. والأمة المسلمة لن يطول تدجينها، ولن يستطيع خصمها إخراجها من الحياة ومن العمل لمصالحها، إنه وهم كبير، يعشش في رؤوس الحاقدين والواهنين أن سيبيدوا العرب والمسلمين في فلسطين أو غيرها.<BR><BR><font color="#FF0000"> هل تعتقد أن الولايات المتحدة آخذة في الاستقطاب الديني أو الطبقي بما قد يؤثر على اتحادها على مدى قصير أم بعيد؟ </font><BR>قيم أمريكا التي قامت عليها قديما تتناقض مع القيم المطلوبة للمرحلة الجديدة، فقيم الحرية والديموقراطية كانت تناسب أمريكا التي تحررت أو ساعدت على تحرير غيرها، وهي قيم ضد قيم الاحتلال والهيمنة، التي تحولت لها أمريكا اليوم، وإذا تم التحول الهادئ نحو دولة مستبدة محتلة تعادي الحرية والديموقراطية فإن العالم سوف تبث فيه ثقافة الحرية والديموقراطية ويتحرر من الإمبراطورية الاستعمارية؛ لأن الاحتلال من أهم أسباب الود مع الصهاينة، ولأنه يمارس نفس العمل، ولو تخلت أمريكا عن قيم الاحتلال واتجهت للحرية لاختلفت مع الصهاينة، ولهذا حرص الصهاينة أن يحكموا البيت الأبيض وينشروا من هناك قيمهم! وهي قيم تعادي كرامة الشعوب بما فيها معاداة شخصية أمريكا وتاريخها، فهي من أول من خرق قارب الاستعمار البريطاني بثورتها، وهي من نشر لقاح الحرية، وأول من يخرق قاربها هو من سيرفع راية الحرية للعالم مرة أخرى !!<BR><BR><font color="#FF0000"> إلى أي مدى تعتقد العولمة قد أثرت على طليعة الدعاة والمتدينين والتيارات الإسلامية؟ وما تراه من إيجابيات ذلك وسلبياته؟ وكذلك ما تلمسه من تغيير شعبي يفيد منه المسلمون أو يتضررون منه؟ </font><BR>العولمة حملت جوانب مفيدة كثيرة للمضطهدين في العالم ساعدت مسلوبي الحقوق أن يعرفوا بمآسيهم، ولمن لا يجد صوتاً ليكون له صوت، وللأسواق الصغيرة وللمصنعين الصغار، وللجادين أن يجدوا سبلاً للنهوض وللمشاركة في غنائم العالم حيث كانت، وقد توقعت الدول الكبرى أن العولمة ستكون غنيمة لها هي فقط، ولكنها فتحت للناس مجالاً، وأضرت ببعضهم، وليس هناك من وسيلة خالصة الشر، فكما تعطي خيراً فإنها تضر، ولهذا نجد أن دولاً قوية وغنية بدأت تواجه العولمة الاقتصادية، والثقافية، فمنعت أمريكا الحديد الأوروبي، ومنعت فرنسا وغيرها بعض القنوات التلفازية الإسلامية، وستستمر معارك العولمة لأجيال وقد تتم معارك المستقبل باسمها!! <BR><BR><font color="#FF0000"> ملف الإصلاح في العالم الإسلامي الذي يحمله الإسلاميون تارة والليبراليون تارة والأمريكيون تارة، هل تعتقد أن من المصلحة أن يجرى غلقه في بعض البلدان مخافة قوة التأثير الخارجي والتمسك بالقديم على علاته خشية الانحدار، وفتحه في أخرى؛ لأنها قامت بالفعل بمعظم المطلوب منها قبل أن تطالبها بها الولايات المتحدة؟ </font><BR>ليس من مصلحة صادق ولا مخلص أن يوقف الإصلاح، ولا أن يقف ببابه يتهم أهله، بل الأولى أن يقدم أهل الإصلاح مشروعهم بوضوح وقوة، وأن يقابلوا مشروعهم بالمشاريع التي تعرض كل يوم، ويجبر عليها العالم المغلوب على أمره، والعالم في حركة تقدم وتأخر، وليس في حال قرار، ولن يقف أحد رعاية لآخرين يستوحي موقفهم، أو يعطيهم قدراً إن لم يقوموا بمشروعهم ويعرضوه ويلحوا على تنفيذه، أما الدول الغالبة فهي تسمي احتلالها حرية، وتسمي عبودية الشعوب لها إصلاحاً وتقدماً، وتسمي هدمها إعماراً، وهكذا يحتل المستعمر اللغة قبل أن يحتل البلاد، وبعد ذلك يعمل على احتلال العقل؛ لأن احتلال العقل يحتاج لزمن أطول.. وهو ما يجري اليوم بسرعة فائقة!!<BR><BR><font color="#FF0000"> هل ترى أن ضرب العلمانيين العرب والغربيين على وتر الحديث عن "حرية المرأة" قد خلق عند كثير من الإسلاميين حساسية معينة غلبتهم على أن يحرموها كثيراً من حقوقها الإنسانية المستقرة شرعا، وجعلت بعضهم ينظرون للمرأة نظرة تهمش دورها الإصلاحي في المجتمع المسلم، وتختزل دورها الإصلاحي في الامتناع عن الإغواء؟! وهل من سبيل لاسترجاع دور المرأة الرائد في خلق مجتمع مسلم أساسه الأسرة لاسيما في ظل أوضاع تأخذ في بعض البلدان الإسلامية حالاً قريباً من وضعية "واجعلوا بيوتكم قبلة"؟ </font><BR>الإسلاميون يسيرهم الخوف غالباً وبخاصة في العقود الماضية، وثقافة الخوف ثقافة انطواء، وهلع من الغريب والقادم، ولهذا يتمسكون بما يرثون، وإن كان خطأ وفي غير زمانه، ولا يحدوهم غالباً مصلحة شرعية مدروسة ومفهومة، بل قد تكون عرفاً، وفي الجزيرة العربية يتجلى ضعف دور المرأة في الإصلاح مقارنة بالدور نفسه في بلدان أخرى؛ لأن الخوف عليها ومنها أضعفها، ولو قارنّا بين دور المرأة في مجتمعين مجتمع القرى وشبه القرى في الجزيرة قبل نحو من أربعين عاماًَ واليوم لوجدنا للمرأة دوراً مهماً في الحياة يتجاوز دور ربة البيت، إلى المزرعة والتجارة، ثم مرت بمرحلة ضعف كبير في العقود القريبة الماضية، ومنهن من يتحفز الآن لدور متطرف يتجاوز الدور المشروع إلى غير المشروع، وهو المساهمة في إفساد المجتمع كموقف انتقام، وكان الأولى بأهل الرسالة أن يبادروا لإصلاح الوضع وإن فاق الإصلاح إمكانات عرفهم، أما مسألة العمل في البيت أو خارجة فهناك نساء كان القرار في البيت خيراً لهن وأنسب منذ ما قبل الإسلام إلى أن تقوم الساعة، وهناك نساء عملن منذ ما قبل الإسلام إلى أن تقوم الساعة، فهي حاجات معاشية، وظروف فردية، قدرتها الأديان والشرائع، وفي الإسلام هذا وذاك، وتمت الأنواع المختلفة في عهد الرسالة وبعده، فليس هناك نمط محدد يلزم به الناس، والدليل الذي لا يعتسفه صاحب عرف فإنه سيخدم المصلحة العليا للأمة أو "المصلحة الشرعية".<BR><BR><font color="#FF0000"> تحدثتم في بعض مقالاتكم عن "الجبرية" كحالة معاصرة تغلف سلوك كثير من المتدينين اليوم، وتمثل نوعاً من الرضا بالواقع أو على الأقل الاستسلام له، وتحدثتم أيضاً عن القبلية والوطنية بين طلاب العلم والمعرفة.. أترى أن هاتين الظاهرتين آخذتان في الأفول أو الانتشار؟ </font><BR>الحديث عن هذه الفرق التاريخية يأتي أحياناً في سياق مضحك، فالشيخ الذي قد يكون عالماً بالعقائد والفرق صادقاً في شرح مسألة ما، قد لا يطيق أن يدرك معنى هذه الفرق، ولا هذه المسميات، ولو وصدمته في الطريق لما عرفها، ولو كان من أفراد هذه الفرقة لما فكر فيما هو فيه، فما الفرق بين القصة المشهورة لشيخ جبري يقول: إن كل شيء بقدر الله لا حول للإنسان فيه ولا طول، فصفعه تلميذه، فصرخ الشيخ بتلميذه فرد التلميذ أنه إنما قام بعمله دون اختيار منه! ولهذا فسوف يغير الشيخ فهمه، ما الفرق بين ذاك وبين من يرى الانسحاب من الإصلاح السياسي والاقتصادي والفكري في عصره. ويقنع نفسه ويقنع الناس بأن يقبلوا بما هم فيه؛ لأن البؤس الذي يعانون قدر مجبرون عليه، وكأن قيامهم بالإصلاح لن يكون قدراً أيضاً! والمذهب الجبري كان سلاح المتسلطين منذ بدئه إلى استخدام الاحتلال له سلاحاً في وجه المصلحين والأحرار! وكانت فرنسا أول استعمار استغل عقيدة الجبرية بطريقة مشيخية!! أما القبيلة والوطنية والشعوبية أيضاً فهي أسلحة لمن يستخدمها وهي بأيدي الضعفاء والمرضى سموم تفتك بهم وبأيدي الأقوياء سبيل لمزيد من القوة، ولعل مثال ذلك الأكبر قصة الشيعة والأكراد، فهذه الأقسام خير سلاح للمحتل، وشر حال للمغلوب على أمره، والإسلاميون تفتك بهم هذه السموم أكثر من غيرهم بحكم أن منهم من لم يوفر ثقافة تتغلب على هذه المسلمات!! أما هل تتجه نحو القوة أم الضعف؟ فلا أدري؛ لأنها بحسب العاملين، فحيثما تقوى همة الرسالة والرجولة تتوارى هذه النوازع أو تخف، وحيثما تضعف عند الشخص أو المجموعة فإنها تتعالى، فإذا ضعف أو صغر الرجل صغرت قضاياه.<BR><BR><font color="#FF0000"> أدان معظم العلماء والمفكرون الإسلاميون أفعال "الجماعات الإسلامية المسلحة" في البلدان العربية، لكن أليس من الواجب على هؤلاء أيضاً أن يكافحوا الأسلوب الإقصائي و"الإرهاب الفكري" الذي يمارسه بعض هؤلاء ضد مخالفيهم من المصلحين، وهنا أعني قاعدة "من ليس معنا فهو ضدنا" التي استعارها المسلحون من عدوهم بوش، فصار المخالف لهم عند بعضهم منافقاً؟ </font><BR>الأعمال كالتي جرت في الرياض والمغرب يدينها كل عاقل، وهذه الأفكار جاءت من بلدان عانى المسلمون فيها من الاحتلال والعلمنة الوقحة، وسوف يجد العنف أرضاً خصبة دائمة ما دام هناك احتلال واستهتار بالإسلام، فكيف تطمع ممن احتل بلده أو أهين دينه، أو أعتدي على حرماته في فلسطين والعراق مثلاً أن يتجاوب مع القتلة؟ فأسباب أعمال العنف في العالم الإسلامي هو الاحتلال والعلمنة، فلو لم يشعر هؤلاء الشباب أن بلدانهم محتلة وأن دينهم مهدد بالعبث والتغيير لما كان لهذه التصرفات وجود، ولا لأفكارهم قوة ولا استجابة بين الشباب، فأسباب الرعب تشارك فيها المجموعات الغازية، والفئات الإقصائية الحاقدة على الإسلام، وهي طرف أساس في إشاعة العنف، فهي من تسبب في صنع الرد على تصرفاتها بعنف ربما دون قصد، والذي يخسر هو المجتمع في النهاية، ولهذا فلا بد من إشاعة ثقاة السلم والحوار، وهذه لا تتحقق ببقاء الاحتلال والكراهية للمسلمين، ولم يكن المسلمون كارهين لغيرهم ولا انتحاريين لولا أنه قهرتهم عصابات ودول وأهانتهم، وواجهوا كنائس حاقدة محاربة وصهاينة من أمثال: كاهانا وشارون الذين لا يرون العربي إنساناً فأخرجوهم عن طورهم!! إننا نجد مقالات مهمة ورائعة تتحدث عن الفكر الإرهابي المسيحي في أمريكا، وأنه أشنع من أي فكر عند المسلمين وبعض هذه الكتب تزيد نسخها عن خمسين مليون نسخة، ولكن كتابها لا يجدون مكانهم بجوار عمر عبد الرحمن في السجن بل يفرغون للحملة الإرهابية على المسلمين، وربما مناصب عليا وهم نفس حزب بوش. تحدث عن هذه الكتب كريستوف مؤخراً في عموده في جريدة النيويورك تايمز.<BR><BR><font color="#FF0000"> ألستم مع البعض في أن رفع تيار إسلامي معين لشعار "اتباع الدليل" بشكل جامد قد خلف قدراً من الثيوقراطية، وخلع "حلة العصمة" على بعض العلماء وطلاب العلم بشكل لا نرى له انحساراً داخل الصف الإسلامي؟ </font><BR>هناك فرق دائم بين الشعار ومحتواه، ومن فكر في شعار وطاب له فعليه قبل ذلك أن يفكر في محتواه، وكيف يملأ تلك الكلمات بالمعاني، ويتبع الشعارات بالبرامج، لقد رفعت حجة الرواية حيناً في وجه الرأي، والنقل في وجه العقل، والعلم الشرعي في وجه المعارف الاجتماعية والحياتية الأخرى، فحصدنا شيئاً أشبه بما وصف المعري: والناس ذو عقل بلا دين وآخر دين لا عقل له. وانحسار هذه الظاهرة شرطه المعرفة، فلو كثر العلم قلت الخرافة. لقد رابني كثيراً دخول بعض المشايخ فيما لا يحسنون، وهم ينقمون على غيرهم أنهم يتدخلون فيما ليس من معرفتهم الشرعية، وزيادة المعرفة خير فهي إما أن تجعل المتقحّم يمسك، أو يعرف فيقول حقاً.<BR><BR><font color="#FF0000"> كيف تنظر للتحولات الشورية في السعودية؟ </font><BR>بلا شك وجودها خير من عدمها، ومستقبلها قد يكون مفيداً، وتكون مرحلة لحال إصلاحي أحسن، إذا كان يعرف الناس فائدتها، ويستعدّون لمستقبلها، وقد كانت الانتخابات في بعض البلدان في العالم الثالث وسائل لتلهية الناس عن قضاياهم الأكبر، فتختزل حاجاتهم في صراخ جانبي، وكرسي انتخابي، ووهم ديموقراطي.<BR><BR><font color="#FF0000"> هل تعتقد أن الولايات المتحدة ماضية في وقت قريب إلى "سايكس بيكو" جديدة؟ </font><BR>هي لا تحتاج لاتفاق مثل اتفاق سايكس بيكو؛ لأن ذلك الاتفاق تم بين دول استعمارية متنافسة، أما اليوم فإنه لا وجود لهذا الوضع، وقد خلا الجو من منافس، فهو جو يدعو للجنون والوله بالذات والخروج عن كل قيمة إنسانية.<BR><br>