بنظير بوتو وكراهية المدارس الدينية
17 ذو الحجه 1428

صعدت (رئيسة الوزراء السابقة ورئيسة حزب الشعب الباكستاني) بينظير بوتو من حملتها الموجهة ضد التيارات الدينية في باكستان واتهمت من وصفتهم ببعض المدارس الدينية في بلادها بأنها تفرخ الإرهابيين وتقوم بتحويل الأطفال إلى قتلة باسم الدين والجهاد والشهادة والاستشهاد – على حد قولها. رئيسة الوزراء السابقة والتي تحاول الحصول على منصب رئيس الوزراء للمرة الثالثة قالت ذلك وهي تخطب في خمسة وعشرين ألفا من مؤيديها بمدينة أسلافها لاركانة الواقعة بأعالي إقليم السند الباكستاني الذي عاصمته كراتشي ميناء باكستان وعصبها الاقتصادي والذي تتقاسم فيه بوتو الولاءات الحزبية مع حركة المهاجرين القومية التي يترأسها ألطاف حسين المنفي ذاتيا في لندن. وكررت بينظير توجيه الاتهام للمؤسسة الباكستانية الحاكمة بأنها لم تفعل شيئا لوقف العنف الذي يديره المسلحون ضد فئات الشعب الباكستاني. واتهمت هذه المؤسسة بأنها "تحاول دائما إيقاف القوى الديموقراطية ولكنها لا تبذل أي جهد يذكر لوضع حد لأنشطة المتطرفين والإرهابيين والمهووسون الدينيون". وجاءت تعليقات بوتو هذه بعد يومين من التفجير الانتحاري الذي وقع بمسجد بقرية "جار صدا" الواقعة بالقرب من مدينة بيشاور واستهدف (وزير الداخلية الباكستاني السابق) أفتاب شيرباو والذي كان عضوا في حزب بينظير بوتو قبل ان ينشق عنها ويكون حزبا لنفسه يحمل اسما مقاربا لاسم حزبها ويدخل في تحالف مع الرئيس الجنرال مشرف في الحكومة الباكستانية السابقة. وقالت بينظير أن الرئيس مشرف تحدث عن إجراء إصلاحات وتغييرات بالمدارس الدينية ولكنه لم يفعل شيئا في هذا المضمار وكأنها تناست مهاجمته في الرابع من يوليو الماضي لمدرسة حفصة الدينية وللمسجد الأحمر. وأضافت بينظير أنها تكن الاحترام للمدارس الدينية الأصيلة – التي لم تعرفها - ولكنها قالت: إن هناك "المدارس الدينية السياسية والتي تعلم تلاميذها كيفية صنع القنابل وكيفية استخدام البنادق وكيف يقتلون النساء والأطفال وكبار السن" – على حد زعمها – حيث لم يعرف بعد بالتأكيد من هم المسؤولون عن الأحداث الإجرامية التي تستهدف الأمنين والمدنيين ولا زالت هناك احتمالات قوية بأن تكون الأجهزة الاستخباراتية لدول الجوار الباكستاني أو حتى أجهزة الاستخبارات الباكستانية ذاتها مسؤولة عنها لكي تثير الفتن في الحالة الأولى ولكي تدعم انضمام باكستان إلى الحرب ضد الإرهاب في الحالة الثانية ولضمان استمرارية تولى المؤسسة العسكرية للسيطرة والتحكم في باكستان. واستمرت بينظير في مهاجمة المدارس الدينية متسائلة عن "من منحهم الحق ليرسلوا الأطفال بالمتفجرات في عيد الأضحى".<BR>مصادر الشرطة تقول: إنها تشك في أن المسلحين المتمركزين في مناطق القبائل المتاخمة لحدود باكستان مع أفغانستان هم المسؤولون عن التخطيط للعملية الانتحارية وتنفيذها وهي الأخيرة في سلسلة ما تعرضت له باكستان من عمليات انتحارية منذ اقتحام قوات الجيش الباكستاني الخاصة والكوماندو للمسجد الأحمر في يوليو الماضي.<BR>قوات الامن الباكستانية تستخدم اجهزة الكشف عن المعادن لتفحص مؤيدي بوتو الراغبين في حضور الاجتماع الذي نظمه حزبها في استاد لعبة الكركت بمدينة لاركانة. وكانت بوتو قد نجت من محاولة انتحارية مزدوجة لاغتيالها وأودت بحياة 150 شخصا لدى عودتها لبلادها من ثمان سنوات من النفي الاختياري. حينها طلبت بينظير جلب محققين أجانب للتحقيق في محاولة اغتيالها والتي لا يستبعد البعض أن يكون حزبها من دبرها لمنحها تعاطفا شعبيا وإلا لماذا ابتعدت عن موقع التفجير قبل لحظات قليلة من وقوعه.<BR>وقالت بينظير في كلمتها: "إن التطرف يصبح أكثر قوة بمناطق القبائل في حين ينعدم الأمن والنظام في بقية أنحاء البلاد". <BR>وتعتبر باكستان حليفا أساسيا لواشنطون في حربها ضد تنظيم القاعدة وضد حركة طالبان النشطة في أفغانستان المجاورة، ولكن في داخل باكستان يقلق الكثير من الباكستانيون من ارتفاع معدلات التضخم والبطالة بصورة لم تعهدها باكستان من قبل منذ تولي الجنرال مشرف للسلطة. <BR>اضطرت بينظير بوتو لترك السلطة مرتين منفصلتين بتهم الفساد المالي والإداري عندما حكمت لفترتين (88- 1990م ) و ( 93 – 1996م ). ورغما عن ذلك فإن أتباعها ومؤيديها يتبعونها بالكامل وينساقون وراءها بشكل قوي دون الاكتراث بسياساتها السابقة التي ساهمت في خروج أموال الدعم والقروض من باكستان وأدت إلى ارتفاع مستويات التضخم والبطالة. ويمتاز أتباع حزب الشعب الباكستاني بأنهم مرتبطون عقائديا وطائفيا مع الحزب منذ أيام مؤسسه الأول ذولفقار على بوتو والد بينظير الذي قضى إعداما ( إبريل 1979م ) على يد حاكم باكستان العسكري الجنرال ضياء الحق الذي قتل أيضا ( 1988م ) في حادث تحطم طائرة عسكرية باكستانية وبرفقته سفير الولايات المتحدة وكبار ضباط الجيش الباكستاني الذين اشرفوا على حرب المجاهدين الأفغان ضد الغزو السوفييتي لبلادهم. لا أحد يفكر من أتباعها بقضايا الفساد ولا تهمهم إطلاقا فهم يحبون بينظير عقائديا ويدافعون عن عائلة بوتو بالغالي والنفيس ولا يلوون على شيء .<BR>السباق على عضوية البرلمان الفيدرالي بإسلام أباد والبرلمانات الإقليمية الأربعة في كراتشي ولاهور وبيشاور وكويته والتي سوف ينتخب منها رئيس الوزراء القادم وأعضاء حكومته يدور بين ثلاثة محاور الآن هي بينظير بوتو ونواز شريف والرئيس مشرف. المحللون السياسيون يتوقعون أن تكون نتيجة الانتخابات برلمانا معلقا وهو ما يعني أن اثنين من الأحزاب الأقوى سيشكلان تحالفا برلمانيا يحكم البلاد ويجلس الثالث في مقاعد المعارضة أو عليها. <BR>شريف الذي عزله مشرف من منصب رئيس الوزراء في أكتوبر 1999م وعاد في الشهر الماضي من منفاه القسري يحاول أن يدير حملة انتخابية محروم هو من الترشيح لها بسبب اتهامات مشرف له بتهم إجرامية يقول شريف: إن دوافعها سياسية، كان مؤخرا يدير حملته من مدينة كراتشي. <BR>أما بالنسبة لقضايا الفساد المشار إليها ضد بينظير بوتو فإن الأصابع تشير فيها إلى زوجها عاصف زرداري الذي لم يظهر بعد بصورة قوية في الحملة الانتخابية التي تديرها زوجته بينظير بوتو استعدادا لانتخابات الثامن من يناير القادم. يروي لي احدهم انه حضر ذات مرة حفل غداء أقيم على شرف احد الضيوف العرب الكبار ممن يأتون للصيد في باكستان وكان الحفل في مقر إقامة رئيسة الوزراء بينظير بوتو في مدة حكمها الثانية. وكان جالسا إلى جواره زوجها عاصف زرداري وهي أمامه وبعض الوزراء على الأجزاء الأخرى من الطاولة ولم يزد الحضور عن خمسة عشر ضيفا. من بين الأحاديث التي دارت بين الزوج وزوجته قولها إنها تخطط لزيارة دول آسيا الوسطى فما كان من الزوج ذو العقلية الإقطاعية وليست التجارية إلا إن طلب منها أن تأخذ معها بضائع باكستانية لتلك الدول وان تعود بالإسمنت إلى باكستان من تلك الدول. فقالت له زوجته مندهشة إلا تخشى أن تتأثر طائرتي من الحمولة فرد عليها أرسليها برا عبر أفغانستان. من هنا انطلقت بينظير تخاطب الحضور قائلة إنها تجلس مساء تفكر في أحوال الشعب وكيفية إدارة شؤونه ولكن زوجها يقطع تفكيرها وهو يحمل آلة حاسبة معه ويطلب منها أن تبحث معه الشؤون المالية بدلاً من القضايا السياسية.<BR><br>