ساركوزي و اللعب بالوجهين..!
26 ذو القعدة 1428

ما كشفته بعض الصحف الأوروبية لم يكن ضربا من الجنون و لا الخيال. كان ببساطة الوجه الثاني مما نعتقده حقيقة لشخصية صارت مثيرة للجدل اسمها: نيكولا ساركوزي. فأن تنشر صحيفة بحجم " بيرن" أن ساركوزي " حرض دول أوروبية لمحاربة الجالية المسلمة المتواجدة على أراضيها" لا يمكن اعتباره " غيرة من صحيفة ألمانية على الجالية المسلمة" طبعا، بل هو كشف الحقيقة إزاء التناقض الذي يحاول ساركوزي إثارته هنا و هناك، و دور "الدانكيشوت" الذي يلعبه أيضا، و دور " زورو" منقذ البسطاء والذي يمكنه أن يرسل زوجته ( المحترمة ) إلى ليبيا فارغة اليدين، لتخرج متأبطة ذراع الممرضات البلغاريات اللائي أسقطت عنهن ليبيا " جريمة التلوث" التي اتهمتهن بها من قبل، و كأن الحكاية ليست مئات الآلاف من الأطفال الأبرياء الليبيين الذين تلوثت دماؤهم بفيروس الإيدز.. ! إشكالية ساركوزي تتلخص في المقولة التي وصفتها به صحيفة لومانيتي بأنه " صاحب المهمات القذرة"..!<BR><font color="#0000FF">حرب ساركوزي/ شيراك الجديدة ! </font><BR>قبل أيام، فتح ساركوزي ملفات الرئيس الأسبق جاك شيراك التي ارتبطت آليا بسنوات حكمه المليئة بالرشوة و الكوطات التي كان يجيدها شيراك من تحت الطاولات إجادة شبه كاملة، و قد فعلها حتى في " صراعه " مع الأمريكان إزاء قضية ضرب العراق. مع أنه كان صديقا حميما للنظام العراقي الأسبق، و كان صديقا شخصيا للرئيس الراحل صدام حسين، و لم يحد ذلك أمام احتمال دخوله الحرب لو أن جورج دابليو بوش تنازل له عن شيء مهم من غنائم الثروات العراقية، و لو لم تنتشر في تلك الفترة العبارة " مراحيض العراق للفرنسيين" التي تخصصت في نشرها صحيفة بحجم الواشنطن بوست للاستهزاء من شيراك بالذات الذي قرر عدم " دخول مغامرة الحرب" و اختار الوقوف ضد بوش " دوليا " لأن الشارع الفرنسي تحرك وقتها ضد الحرب لولا أن صحفيان نشرا فيها بعد كتابا أظهرا فيه بشكل صريح و بالوثائق أن شيراك قد هيأ 12 ألف جندي فرنسي لمساندة الأمريكيين قبل حدوث " الصدام " بين الدولتين بسبب " رفض بوش منح الفرنسيين جزء من المؤسسات النفطية في العراق و التي كانت فرنسا قبل الحرب تستثمر فيها بشكل حر..." ! شيراك المعروف بحبه " للأصدقاء الكرماء، كان صديقا للحكام للعرب، لأنهم كرماء و لأن أموالهم ليست لشعبهم، بل للبنوك السويسرية التي تستثمر منها سويسرا بحكم " حيادها التاريخي" و " عدم تدخلها في الشؤون الداخلية للدول الأخرى" بالخصوص تلك التي تساهم في رفع الاقتصاد السويسري بموجب ما في البنوك من أموال 64% عربية و الباقي تقتسمه بقية دول الأرض من حيث النسب! شيراك فعل هذا. فعل أكثر من ذلك حين مد يده أيضا إلى المال الفرنسي، و هي جريمة يعاقب عليها القانون ليس لأنه مد يده إليها، بل لأنه " لم يكتف بما كان يناله من أصدقائه العرب الكرماء" و أن "ما فعله كان مناهضا للأخلاقيات التي يقرها الدستور الفرنسي...!!" هذه الجملة " السخيفة" قالتها صحف فرنسية وجدت في قضية شيراك الراهنة مادة دسمة لتحاربه بها و قد صار رجلا عاديا، و لتجعل من ساركوزي " نظيفا" يخاف على المال الفرنسي بدليل انه لم يشتري سيارة جديدة منذ توليه الحكم، و بدليل أن صحيفة لوبارزيان نشرت قبل فترة كشفا عن راتبه و الذي يقدر ب7000 يورو في الشهر. إنه راتب يأخذه أي موظف سامي في الدولة مثلما يأخذه مهندس في شركة فرنسية خاصة تقول نفس الصحيفة كأنها توقع له عن شهادة حسن سلوك و سيرة و....... ذمة..! مع أنه ساركوزي نفسه الذي يقايض اليوم الفرنسيين على حرية التعبير عندما نشرت صحيفة لومانيتي ملفا عن التعذيب في السجون الإسرائيلية و اعتبر المعبد اليهودي بباريس ذلك " تشجيعا على تنامي العنصرية في فرنسا. كأن السجون "الإسرائيلية" فنادق خمس نجوم، يدخلها فقط من يريد أن يخفف عن جسمه ببعض الهراوات البسيطة التي ينصح بها أطباء اليوغا في اليابان، لجعل الدورة الدموية تسير بشكل منتظم....! ليس هذا فقط، بل قرر تأسيس لجنة المراقبة، و هي لجنة ستأخذ بلا شك طابعا " أمنيا" بالعودة على الحديث عن الإرهاب الدولي، و عن التفجيرات التي حدثت من قبل في باريس، و تلك التي حدثت في لندن و طبعا من نفذها هم المسلمون الذين يشكلون الأغلبية الأجنبية الساحقة في فرنسا، و الذين يعتبرون خطرا على العلمانية الفرنسية ( يقصد الصهيونية في فرنسا )، بالخصوص بعد فتح ملفات و محاكمات جديدة لمن أسمتهم صحيفة لوفيغارو " الإرهابيون العرب" للحديث عن محاكمة دامت عشرات السنين على شخص يصر الدفاع أن القضية أساسا صارت تسييسا قضائيا أكثر منها قضية أمنية. ساركوزي النظيف، يقرر اليوم معاقبة شيراك صديق العرب الكرماء، و ينشر غسيله على حبال الصحف اليومية الفرنسية، دون أن تنسى كل صحيفة ربط شيراك بسياسي أو حاكم عربي ما، سواء أكان العربي تحت التراب أو فوقه، فالمهم أن مرحلة شيراك التي اعتبرها الفرنسيون " متفاوتة بين المكسب و الخسارة" يجعلها سببا في كل المآسي التي ستعيشها فرنسا من الآن فصاعدا و التي سيدرج فيها عدد المهاجرين الذين قدموا إلى فرنسا في عهد شيراك، بالخصوص المهاجرين الذين لا يملكون أوراق إقامة دائمة و الذين بقوا في فرنسا طوال سنوات، قبل أن يقرر الأمن ـ بإشارة من وزيره السابق ساركوزي ـ أن يمشط العديد من الأحياء التي يسكنها الفقراء و الأفارقة، لأجل " تطهير فرنسا من الأوباش" ! أليس هذا هو الخطاب العادي لساركوزي و الذي أثار عبره سخط المهاجرين المهمشين والذين أغلبهم يملكون الجنسية و الأوراق الرسمية للبقاء..؟<BR><font color="#0000FF">يهودي رغم أنف الجميع! </font><BR>عندما وصل ساركوزي إلى سدة الحكم في فرنسا. أول برقيات التهاني وصلت من بوش و من شيمون بيريز. مع أن بوش ( من المفروض أنه بعيد عما يجري في فرنسا كما ظل يردد) و مع أن شيمون بيريز اعتبر فرنسا قبل اليوم " أرضا عنصرية" لكنهما كانا أول من هنآ الرئيس الفرنسي الجديد. ساركوزي وعد بإصلاحات كثيرة، و بأنه " لن يفعل كما فعل سابقه " أي لن يلتفت إلى الخارج على حساب الداخل، مع ذلك ترك فرنسا و صار يجوب الأرض ذاهبا لإنقاذ البلغاريات تارة و لطرح المشروع الأطلسي تارة أخرى.. أعلن انه سيزور الجزائر في زيارة " مغايرة " قريبا، بعد أن تردد بشكل رسمي اقتراب زيارته إلى الجزائر متأبطا مغني يهودي ( من مواليد الجزائر ) كان قد وقف في وجهه 67% من الجزائريين الرافضيين لحضوره. مغني ظل طوال أكثر من أربعين سنة يتاجر بالجزائر في تصريحاته، بعد أن غادرها مع جنود الاحتلال بعد الاستقلال. أنريكو ماسياس" ـ المغني اليهودي الذي يشكل اليوم قضية ساركوزي الجديدة لأنه صديقه الحميم ـ يحمل الجنسية الفرنسية و له جواز فرنسي و كان السؤال: كان بإمكانه زيارة قبر والديه في مدينة قسنطينة في الشرق الجزائري بشكل عادي، باعتباره فرنسيا، فلماذا يصر على الحضور كيهودي يزور مسقط رأسه؟ سؤال لا يخلو من دهشة، فقط لأن هذا اليهودي قبل سنوات قليلة أثار نفس القضية محاولا الدخول إلى الجزائر كيهودي، برفقة مئات اليهود الآخرين الذين يعتبرون أنفسهم " يهود الجزائر" بمعنى أن " لديهم حقوق في الجزائر" و قد نشر موقعهم قبل فترة القضية التي يحاولون رفعها لدى الأمم المتحدة للمطالبة بحقهم في أموالهم و منازلهم التي تركوها بعد الاستقلال.. و هي قضية لها أبعاد خطيرة للغاية، تتجاوز بكثير قضية مغني بائس اسمه أنريكو ماسياس، الصديق المشترك للرئيس الفرنسي ساركوزي وللرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز.. ساركوزي يراهن على ذلك، وقد ينجح في ظل واقع " مخز" لكننا نشك أن " أنريكو ماسياس" قادر على مجرد التفكير في البقاء أو في إقناع احد من اليهود أتباعه في البقاء حتى لو رحب به " أصدقاؤه" في الجزائر لكن التجربة علمتنا أن النبتة الجيدة هي التي تنشر فروعا مثمرة في الأرض، والنبتة السيئة هي التي تدوسها الأرجل، لأن عدمها أحسن من بقائها.. و الفاهم يفهم...!<BR><br>