السامرائي والحرب على هيئة علماء المسلمين .. من المستفيد ؟ [1]
12 ذو القعدة 1428

هيئة علماء المسلمين في العراق هيئة شرعية عراقية تضم نخبة من علماء الدين في العراق وتعد أعلى هيئة دينية في العراق، وتشكلت الهيئة في 14إبريل 2003 أي بعد 5 أيام فقط من احتلال العراق في أبريل 2003.<BR><BR>وتأسست الهيئة على يد نخبة كبيرة من علماء العراق المعروفين في العراق أمثال الشيخ عبد السلام الكبيسي والشيخ عبد الستار عبد الجبار- حالياً على مجلس علماء العراق – والشيخ محمد بشار الفيضي والأستاذ محمد عبيد الكبيسي وغيرهم .<BR>وتتكون الهيئة من مجموعة من الأقسام منها قسم الفتوى والإغاثة والقسم الصحي وغيرها من الأقسام وللهيئة فروع في أكثر محافظات العراق.<BR> وبعد احتلال العراق في ابريل 2003 أخذت الهيئة على عاتقها مهام العمل السياسي المضاد لنهج الاحتلال وعملاءه في العراق ؛ وأيضا قامت بمهام اجتماعية حيث ساعدت الهيئة الأشخاص اللذين فقدوا مصدر دخلهم بعد الحرب و برعاية الأشخاص الذين فقدوا ذويهم أبان الحرب بالإضافة إلى العناية بالعوائل الذين زج بأرباب عوائلهم في السجون الأمريكية نتيجة إتباعهم منهاج الهيئة بالوقوف بوجه الاحتلال .<BR>الدكتور حارث سليمان الضاري،أمين عام الهيئة ، جده هو الشيخ ضاري بن محمود قام بقتل المندوب البريطاني أيام الانتداب ويعتبر الشيخ حارث الضاري من الشخصيات العراقية العامة البارزة، ذاع صيته في أرجاء العراق وعمل أستاذا في جامعات بغداد بالعراق ، والرجل اضطر للخروج من العراق عام 1997 نتيجة المضايقات التي كان يعاني منها من قبل النظام في وقتها؛ بسبب مواقفه المعارضة المعروفة في الوسط الديني والجامعي؛ ومن أهمها إعلانه الاعتراض على غزو الكويت وقمع الشيعة ومساندته للطلبة الأكراد في كلية الشريعة، وكذلك لامتلاكه لعلاقات جيدة مع علماء الأكراد وتأثيره الديني في عشيرته الكبيرة والقريبة من بغداد. اختار الإقامة بالعاصمة الأردنية عمان.<BR>وبعد عودته للعراق بعد الاحتلال بشهر تقريباً انضم لهيئة علماء المسلمين ثم اختير كأمين عام للهيئة ومازال الرجل يشغل هذا المنصب إلى الآن .<BR><BR>الهيئة عرفت في العراق والعالم بأنها تقف ضد كل مالا يخدم العراق بغض النظر عن مسمى هذا الشيء سواء كان تحريراً أم ديمقراطية أم غيرها من التسميات الرنانة الخاوية .<BR>الضاري كان يتحدث صراحة منتقدا الاحتلال الأمريكي ونفوذ الإسلاميين المتشددين من كل الأطراف بالحكومة والذين يقيمون علاقات مع إيران.<BR>وكان ديدن الهيئة انتقاد جميع الأعمال الإرهابية التي تستهدف الأبرياء وهذا ما يشهد عليه سجل بيان وتصريحات القسم الإعلامي في الهيئة – وهي موجودة على الموقع الرسمي للهيئة - .<BR>منذ ثلاثة أعوام ومساجد أهل السنة في مختلف مدن ومحافظات العراق وبالأخص الوسطى والجنوبية تتعرض لأبشع حملة تدميرية منظمة تقوم بها جماعات طائفية مسلحة مختلفة الأسماء، وتستهدف الاستيلاء على المساجد السنية وتحويلها إلى حسينيات ومساجد شيعية، ومنع أهل السنة من ارتيادها، وتقدر مصادر في الوقف السني عدد المساجد السنية المغتصبة بنحو 190 مسجداً في مختلف أنحاء العراق. <BR><BR>كما تضمنت الحملة الظالمة قتل أئمة المساجد السنية ومؤذنيها وخدامها وروادها، وزاد عدد أئمة المساجد السنية الذين تعرضوا للاغتيال والتصفيات الجسدية، بعد خطفهم وتعذيبهم على أيدي عناصر طائفية ترتدي أزياء الشرطة على 255 إماماً ومؤذناً وخادم مسجد. <BR><BR>وتعرضت مساجد سنية كثيرة إلى التخريب والهدم والتدمير، وتجاوز عدد المساجد التي تعرضت لمختلف درجات التدمير (مابين التدمير الكامل والجزئي) الـ200 مسجد، فضلاً عن قتل الآلاف من المسلمين السنة من رواد المساجد، سواء داخل المساجد أو قربها. <BR><BR>مقر الهيئة بعد أحداث سامراء هو الآخر لم يسلم من الهجوم حيث قامت عناصر إرهابية تابعة لإحدى المليشيات الطائفية باعتداء مسلح على جامع أم القرى ، مستغلة البنايات غير الكاملة والمهجورة (الهياكل) الموجودة خلف الجامع. <BR>قالت الهيئة أنها 'تحتفظ بحقها في مطالبة الجهات المستفيدة احتلال مساجد أهل بإعادة المساجد المغتصبة جميعها إلى أهلها إذا كانت تريد الوصول إلى المصالحة الوطنية الصادقة، كما تطالبها بالعمل الجاد على منع تكرار مثل هذه الانتهاكات الفاضحة حفاظًا على وحدة البلاد ودرءًا للفتنة عن العباد'.<BR>والهيئة شاركت في جميع المؤتمرات التي تدعو إلى حقن الدم العراقي والوحدة الوطنية إلا انه و نتيجة لمواقف الهيئة المناهضة للاحتلال ولمن سار معه أصدرت حكومة المالكي - من وزير الداخلية جواد البولاني - مذكرة اعتقال بحق أمينها العام حارث الضاري.<BR>وحينها طلبت الهيئة من حكومة المالكي الاستقالة لأن الشعب العراقي لا يحتمل تصرفاتها الطائفية المقيتة .<BR>وقال الناطق باسم الهيئة، محمد بشار الفيضي، قرار التوقيف قائلاً أنه "يمثل إفلاس هذه الحكومة الطائفية التي فقدت توازنها ولا مسوغ لوجودها وتواجه فضيحة تلو الأخرى" نقلاً عن الأسوشيتد برس.<BR><BR>واتهم الفيضي وزير الداخلية العراقي "بدعم الإرهاب والتغطية على المليشيات التي تقوم على قتل الشعب العراقي."<BR><BR>وأضاف قائلاً إن "قرار الحكومة لا قيمة له.. هذا حكومة لا تسيطر سوى على المنطقة الخضراء."<BR><BR>وتأتي مذكرة الاعتقال في أعقاب اتهام الرئيس العراقي جلال طالباني للضاري "بعدم القيام بشيء سوى التحريض على إثارة النعرات الطائفية والعرقية" .<BR>ومازالت الهيئة حتى اليوم ثابتة على مواقفها الوطنية رغم الهجمات الشرسة التي يشنها عليها أعداؤها وآخرها ضجة تصريحات الشيخ الضاري وهنا سأورد فقرات من المقابلة حتى لا نبتعد عن الموضوعية :<BR>استضافت قناة الجزيرة الفضائية الضاري بتاريخ 5/10/2007، وسألته الجزيرة عن تفسيره وتقييمه للوضع الميداني في العراق في ضل هذه المعطيات؟؟ <BR>وأجاب الضاري بان هناك هدوء في بعض المناطق كمناطق محدودة في الأنبار وليس في كل الأنبار ومناطق أخرى لكن أيضا هناك احتدام في المعارك والاستمرار في العمل المعارض للاحتلال قد ازداد في مناطق أخرى لأن المعارضة للاحتلال ليس لها مكان ثابت فإذا طردت من مكان فإنها ستنتقل إلى مكان آخر على كل حال هذا متوقع لأن الاحتلال حينما عجز عن المواجهة العسكرية لجأ إلى أسلوب شراء الضمائر ودفع الأموال لبعض طلاب المال والجاه و العاطلين الذين يعملون مع كل من يدفع لهم أكثر على أية حال هذه الظاهرة في تقديري ظاهرة مؤقتة لا تدوم وهي ليس مؤيدة شعبيا ولأنها لا تمثل كما يذكر الإعلام لا تمثل إرادة العشائر العربية الأصيلة التي عارضت الاحتلال والتي قاومت الاحتلال ولها بطولات واضحة ضد الاحتلال <BR>ثم سألته الجزيرة بأنها نعم حاربت الاحتلال وفي المقابل كان لها دور كبير جدا في محاربة تنظيم القاعدة، هل تقيمون ذلك ايجابيا هل تنظرون إلى ذلك بايجابية؟؟ <BR>فأجاب الشيخ الضاري أبدا هذا العمل ليس إيجابياً لو أنهم قاوموا القاعدة أو أي جهة تؤذيهم من منطلق دفع الأذى لكان ذلك مقبولا، أما أن ينظموا إلى العدو المحتل أساس المشكلة الذي هو (جاء لنا بكل هذه الشرور بالقاعدة وغيرها) فهذا مرفوض وطنيا ومرفوض إسلامياً، الإسلام يدعو إلى أن تدافع عن نفسك إذا تعرضت من أي جهة كانت مسلمة أو غير مسلمة (فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى)، أما نتجيش ونصطف إلى جانب العدو المحتل لنحقق له رغبة لنحقق له أملاً في البقاء في العراق بحجة ضرب القاعدة فهذا ليس مقبول لا شرعا ولا وطنيا ولا عقليا ،(نحن لا نقبل أعمال القاعدة ونحن رفضنا أعمال القاعدة ولكن تبقى القاعدة هي منا ونحن منها، لأن أغلب القاعدة هم عراقيون ولم يأتوا من الخارج هم لم يأتوا من الخارج تسعين بالمئة من القاعدة هم عراقيون، ممكن أن نتحاور معهم، ممكن أن نصلحهم، ممكن أن يثيبهم الله تعالى بالرجوع إلى الصف إلى الحكمة والصواب أما أن نقاتلهم إلى جانب قوات الاحتلال فهذا لا يجوز، نعم إذا هجمت القاعدة على قرية أو مدينة فللقرية أو المدينة أن تقاوم وأن تقتل من يريد قتلها من القاعدة أو من غيرها أما أن تصطف مع الاحتلال فهذا لا يجوز ولا يمكن أن يقبل لا شرعا ولا وطنيا.<BR>انتهت المقابلة الرجل كما هو واضح قال (،(نحن لا نقبل أعمال القاعدة ونحن رفضنا أعمال القاعدة ولكن تبقى القاعدة هي منا ونحن منها ، لأن أغلب القاعدة هم عراقيون)، وهنا استغل أصحاب الأقلام المأجورة الكلام واجتزؤوه وبدأت حملة جديدة ضد الهيئة وضد شخص أمينها العام .<BR>وقبل أسبوع تقريباً أقدم الحرس التابع لأحمد عبد الغفور السامرائي رئيس الوقف في العراق على قلع القطعة الكبيرة في باب جامع أم القرى التي تحمل اسم الهيئة وشعارها، واقتحمت قوة منهم ترتدي ملابس الحرس الحكومي مقر الهيئة، مطالبين موظفي الهيئة بإخلاء المكان.<BR>وقد رفض موظفونا مغادرة مواقعهم، وأصروا على الاعتصام داخل المقر، وهم عزل من السلاح.<BR><BR>ثم تم إخلاء المسجد تحت تهديد السلاح ومازال المسجد لغاية الآن تحت سيطرة المليشيات التابعة لرئيس الوقف .<BR>سنتحدث في الحلقة القادمة عن تاريخ أحمد عبد الغفور السامرائي .<BR><BR><BR>ــــــ<BR>* كاتب عراقي<BR><br>