ماذا يراد لباكستان ؟
5 شوال 1428

بعد احتلال أفغانستان في عام 2001م، أقيمت قاعدة دعم استخباراتي ضخمة في جبل السراج الواقع إلى الشمال من العاصمة الأفغانية كابول.<BR> قدمت هذه القاعدة الاستخباراتية المعلومات القيمة التي كانت ولا تزال قوات الاحتلال الغربي بحاجة ماسة لها على ضوء إخفاقها الذريع في تعزيز سيطرتها وتحكمها بالأراضي الأفغانية، فيما عدا تحكمها بالمدن المحصنة كمثل كابول وقندهار والقليل القليل من القواعد الجوية، في حين ظلت مدن الشمال الممتدة من مزار شريف إلى بدخشان خاضعة لسيطرة أمراء الحرب.<BR>أما في جنوب البلاد وخصوصا في الولايات الأفغانية الواقعة بالقرب من الحدود مع باكستان فإن السيطرة الفعلية عليها بيد مقاتلي حركة طالبان بفعل كرهم وفرهم المتواصل.<BR>أفغانستان والوضع كهذا تقدم صورة حزينة لبلد فيه المجتمع ممزق ومفتوح أمام المهربين وقطاع الطرق والمتآمرين ووكالات الاستخبارات الدولية لكي تعمل بدون كلل على المستويات المحلية والإقليمية والدولية.<BR>الولايات المتحدة الأمريكية والهند وقعتا على صفقة شراكة استراتيجية في العام 2003م والتي فيها ما فيها من تبيان الأهداف المعلنة وغير المعلنة، والتي منها ما يقول "احتواء وتحجيم القوة العسكرية والاقتصادية المتنامية باضطراد للصين والتهديد المتزايد (لما وصفته الصفقة) بالتطرف الإسلامي في المنطقة".<BR> وفي هذا الإطار وجد الطرفان تطابقا في وجهات النظر واتحادا تاما في الأهداف والتوجهات والمصالح المشتركة يزيد من تصميمهما على تحقيق ما يرميان إليه من مواجهة لهذين الخطرين اللذين يزعم المراقبون بالمنطقة أن التهديد الأخير هو ما يزيد من تلاحمهما وإصرارهما على تعزيز شركاتهما الاستراتيجية في مقاومته.<BR> أما وبعد أن ساءت الأوضاع العسكرية في أفغانستان، فان تركيز الشريكين قد اتجه نحو هدف أكبر لقوات الاحتلال، وهو تعزيز شبكة الاستخبارات في أفغانستان، بهدف رئيسي وهو زعزعة الاستقرار في باكستان وفي غيرها من دول الجوار الأفغاني مثل دول آسيا الوسطى وإيران وروسيا والصين. وتم ذلك في وقت أعلنت فيه وزارة الخارجية الأمريكية أن " أفغانستان التي كانت جزءاً من آسيا الوسطى من وجهة النظر الجيو - سياسية سوف يتم اعتبارها من الآن فصاعدا جزءا من منطقة جنوب آسيا" – التي تضم باكستان والهند وبقية الدول الصغيرة الأخرى المحيطة بهما، ولهذا انضمت أفغانستان – بدعم من الهند ورغما عن باكستان - إلى عضوية منظمة التعاون الاقتصادي لدول جنوب آسيا.<BR> الهدف الخفي لجعل أفغانستان جزءا من هذه المنطقة هو التقريب العملي بينها وبين الهند وجعل وصول النفوذ الهند إليها سهلا ولتمكين الهند من استخدام شبكات التجسس المنتشرة بأجزاء أفغانستان المختلفة ولاستغلال هذه الشبكة بفعالية ضد دول الجوار الأفغاني وفي مقدمتها باكستان.<BR> ولهذا كله فإن شبكة التجسس التي تم إنشاؤها على نحو فوري في جبل السراج قد أصبحت فعالة وأكثر قدرة على الوصول إلى أهدافها بسبب تشربها للخبرة الهندية في مجال الاستخبارات بالمنطقة.<BR>ويمكن وبكل دقة للخبراء في مجالات التجسس أن يحددوا هذه الشبكة وأن يعرفوا أهدافها الرئيسية ويجعلوها واضحة للجميع من خلال تحديد الجهات التي تستهدفها هذه الشبكة، خصوصا وأنها تتم في إطار ما يوصف اللعبة الكبيرة بالمنطقة والتي تشرف على تحريكها أصابع قادمة مما يوصف بالعالم المتحضر وتدعمه أيد هندية مضرجة بدماء المسلمين بالهند والكل غاض الطرف عنها رغم إدراكه العميق لمستوى هذه الانتهاكات. <BR>المركز العصبي لهذه الشبكة يقبع في جبل السراج ويديره عملاء تابعون لوكالة الاستخبارات الأمريكية والموساد والام اي – 6 وبي ان دي والأخيرة هي وكالة الاستخبارات الألمانية النشطة بأفغانستان، ويضم هؤلاء مبنى اسمنتي ضخم وعليه أجهزة التقاط كبيرة وجميع المتطلبات الالكترونية الحديثة والمتقدمة التي يمكن أن يتوقعها المرء.<BR>وللمركز التجسسي هذا مواقع خارجية ملحقة مثل اللذان يقعان في ساروبي وقندهار بجنوب البلاد وهما يعملان ضد باكستان. وهناك موقع ملحق في فيض آباد بشمال شرق البلاد يعمل ضد الصين، وآخر في مزار شريف بشمال أفغانستان يعمل ضد روسيا وجمهوريات آسيا الوسطى بينما ينشط موقع المركز المقام بمدينة هيرات ضد إيران بحكم موقعه في غرب البلاد.<BR>أهم تفصيلات هذه الأنشطة ومواقعها:<BR>• منطقة ساروبي<BR>يعد هذا الموقع بمثابة العصب الرئيسي الذي يديره ضابط استخبارات هندي والذي يترأس كذلك ما يسمى بمنظمة طريق الحدود. وتتبعه قواعد تجسسية أمامية في غزني وخوست وجارديز وجلال آباد وأسد آباد وواخان وفيض آباد. وقد قامت منظمة طريق الحدود ببناء طريق صالح لجميع أشكال الطقس ويمتد من ساروبي إلى أسد آباد ومنها إلى فيض آباد. وتستهدف شبكة ساروبي الإقليم الشمالي الغربي الحدودي الباكستاني الذي عاصمته بيشاور. ويتم فيها تدريب المنشقين الباكستانيين ليقوموا بعمليات في الإقليم الشمالي الحدودي. في حين انه تم تزويد مركز واخان التجسسي القريب من الحدود الباكستانية والصينية بأجهزة تنصت الكترونية تغطي باكستان والصين وأزبكستان وطاجيكستان.<BR>• منطقة قندهار<BR>يحتفظ موقع قندهار التجسسي بقاعدتين أماميتين بمنطقتي لاشكرجاه ونواه. والمنطقة المستهدفة في هذين الموقعين هي إقليم بلوشستان الباكستاني حيث يتم تدريب المنشقين الباكستانيين في موقع لاشكر جاه للقيام بعمليات في اقليم بلوشستان. ويعمل كذلك على تقديم الدعم المالي وبالمعدات لجيش بلوشستان الاحمر المنشق. ومن بين مهام القاعدتين استهداف الفنيين الصينيين العاملين بمشاريع انمائية في الإقليم وخصوصا في ميناء جوادر المؤهل لكي يكون بوابة الصين على المياه الدافئة مرروا بباكستان، وكذلك استهداف الصينيين العاملين بمشاريع كبيرة مثل تلك المناجم الضخمة في سانداك وهاب. وتعمل السفن الأمريكية الراسية على ساحل بلوشستان في مناطق جيواني وكالامت بالتخطيط المشترك لتنفيذ العمليات مع جيش بلوشستان الأحمر في داخل بلوشستان. كما أن المارينز الأمريكان يستخدمون المواقع العسكرية الباكستانية بمنطقة ماند لشن عمليات تجسس داخل إيران. ويحصل العسكريون الأمريكيون على الدعم المباشر من السفن الحربية الأمريكية في بحر العرب ومن قواعد أمريكية أخرى بالمنطقة. وحكومة باكستان هي التي قدمت المنشآت في جيواني وكالامت للقوات الأمريكية في إطار تعهدات الرئيس مشرف بعد هجمات 11 سبتمبر بتقديم الدعم اللوجستي للقوات الأمريكية في حربها ضد ما يسمى بالإرهاب في أفغانستان وبالمنطقة ولكن القوات الأمريكية تستخدم هذه المنشآت في واقع الأمر لزعزعة استقرار باكستان.<BR>أما ضد الصين فإن المنشأة المقامة في فيض أباد تضم 350 عنصرا معظمهم جنود مسلمون أو مهندسون أو عمال قادمون من الهند. وتخدم المنشاة كموقع لتدريب المنشقين من الصين وخصوصا من مقاطعة ايكسيانج. ويقوم مسلمون هنود بتقديم التعليم لهم وإعطاء الانطباع بأن باكستانيين هم من يدير هذا النشاط.<BR><br>