الإسلام والمسلمون في فرنسا بين العداء والإصرار على الحرية
8 رمضان 1428

<font color="#ff0000">الإسلام والمسلمون في فرنسا بين العداء الناجم عن عقدة العنصرية والإصرار على العيش في فضاء الحرية </font><BR><BR>صدر مؤخرا في باريس كتاب يحمل عنوانه الكثير من الدلالات التي تحمل بدورها الكثيرمن الأوجه، فهو بعنوان"شبكات الكتاب الإسلامي" لصاحبته ثريا العلوي ، وهو عن منشورات "المركز الفرنسي للأبحاث" ، تتناول فيه كيفية إنتاج الكتب المتعقلة بالإسلام والتراث الإسلامي، وتوزيعها عبر المكتبات المنتشرة بكثرة في العاصمة الفرنسية، باريس. والكتاب هو حصيلة متابعة كما تقول الكاتبة على مدى عدة سنوات، درست فيه تاريخ "ظاهرة الكتاب الإسلامي في باريس". إذ بدأت المكتبات الإسلامية بالانتشار منذ ثمانينات القرن الماضي، وتطورت بشكل ملحوظ في أواخر عقد الثمانينات. وتلاحظ الباحثة أن المكتبات الإسلامية تركزت في بعض الأحياء الشعبية الباريسية، وخاصة في شمال شرق المدينة. وتقسم الباحثة الكتاب إلى ستة فصول، تتناول في الأول منه توزع المكتبات الإسلامية في المدينة، وأسباب تركزها في أحياء دون سواها، بينما تشير في الفصل الثاني إلى توزيع "الكتاب الإسلامي" عبر قنوات غير المكتبات، مثل مراكز البيع في سكن الطلاب والعمال، وبسطات الكتب في الشوارع. وتخصص العلوي الفصل الثالث من مؤلفها لدراسة المنتجات الإسلامية الأخرى غير الكتب التي تبيعها المكتبات الإسلامية، مثل أشرطة الفيديو وأشرطة التجويد والمسابح وقطع السجاد والعطورات. أما الفصل الرابع فهو بعنوان "الكتب"، ويتضمن تحقيقا ميدانيا عن طبيعة الزبائن الذين يرتادون المكتبات الإسلامية، وعناوين الكتب المباعة من "التراث والسيرة والحديث والتفسير". وتتعرض العلوي إلى "مصادر الكتب الإسلامية" في باريس، إذ تلاحظ في الفصل الخامس، أن المنشورات اللبنانية تطغى على الكتب الإسلامية الموزعة في باريس، وتشير في الفصل السادس، إلى مطبوعات محلية فرنسية أنشأها مسلمو فرنسا، لطباعة وتوزيع الكتب الإسلامية. ثم تتناول في آخر الكتاب كيفية تطور "الكتاب الإسلامي الفرنسي" بشكل الكتروني على شبكة الانترنت .<BR><font color="#ff0000">اهتمام متزايد: </font> والاهتمام بالكتاب الإسلامي والإسلام والمسلمين في فرنسا ، ولا سيما التقارير التي يكلف أشخاص من اصول عربية وإسلامية ليست بعيدة عن الدوائر الرسمية الفرنسية بما في ذلك وزارة الداخلية و الجهات المهتمة بالوجود الإسلامي في أوربا عامة و فرنسا خاصة . فقد سبق صدور الكتاب المذكور كتاب آخر بعنوان "نحن والضواحي والشرق الأدنى" من تأليف سفيرة فلسطين السابقة في فرنسا، والسفيرة الحالية لدى الاتحاد الأوروبي، ليلى شهيد، والصحافي الإسرائيلي ميشيل وارسشاوسكي، الذي يقال إنه يعادي الاستيطان ؟! والصحافي والمؤرخ الفرنسي دومونيك فيدال. وقد حاول المؤلفون تحليل ظاهرة ما وصف بالشغب في بعض الأحياء "الحساسة" في فرنسا، والاعتداءات ضد اليهود ؟! ، التي اعتبرها الكثيرون امتدادا للصراع العربي الإسلامي ـ "الإسرائيلي"، ونوعاً من التعاطف بين المهاجرين المسلمين عربا وغيرهم في فرنسا مع الفلسطينيين. وقال المؤلفون إنهم قاموا بجولات استمرت ثلاثة سنوات في مختلف المدن الفرنسية، التقوا خلالها بأكثر من 18 ألف شخص، استطاعوا بعدها نفي العلاقة المباشرة بين الصراع العربي الإسرائيلي وبين عنف الضواحي على حد قولهم، و إن كان له دور في ذلك. وأكد أحد مؤلفي الكتاب، المؤرخ دومينيك فيدال أن الهدف النهائي للكتاب هو فهم الظاهرة لإيجاد أنجع السبل لتعزيز التعايش في فرنسا وفي الشرق الأوسط . وقال "الكتاب يخالف الاعتقاد السائد في فرنسا منذ سنوات بأن أحداث الشغب في بعض الضواحي، والاعتداءات التي تعرضت لها الجالية اليهودية في فرنسا هي نتيجة استيراد الصراع الفلسطيني ـ "الإسرائيلي" إلى الأراضي الفرنسية فحسب، فمن خلال الدراسة أكدنا أن التوتر الموجود في فرنسا هو نتيجة شعور المهاجرين بممارسة نوع من التمييز ضدهم ابتداء ،وعدم مساواتهم بالمواطنين الفرنسيين، ولا علاقة له بالصراع الفلسطيني ـ "الإسرائيلي" بشكل مباشر". واستطرد فيدال، الصحافي في جريدة، لوموند ديبلوماتيك، "الكتاب هو حصيلة ثلاث سنوات من العمل والتفكير، التقينا خلالها 18 ألف شخص في مختلف المدن الفرنسية، وشرحنا لهم طبيعة الصراع في الشرق الأوسط، باعتباره صراع سياسي، وليس اثني أو ديني. وتعرضنا خلال لقاءاتنا إلى مختلف عناصر هذا الصراع كالاستيطان، واللاجئين الفلسطينيين. ولاحظنا أن الصراع يقلق الفرنسيين بكافة فئاتهم وليس فقط ذوي الأصول العربية الإسلامية، ومن خلال حواراتنا مع الشباب في الضواحي الفرنسية وبالاستناد إلى الإحصاءات والوثائق، استنتجنا أن مشاكل الضواحي هي التعبير عن توتر داخلي فرنسي مستقل تماماً عن صراع الشرق الأدنى، لكن في كلا الحالتين ،الضواحي والصراع الفلسطيني ـ "الإسرائيلي"، الحل الوحيد هو العدل وإنصاف الشعب الفلسطيني" وحذر المؤرخ الفرنسي المختص بالشرق الأوسط من تفضيل فصل من تاريخ الإنسانية على آخر، إذ قال "المحرقة ضد اليهود تبقى صفحة سوداء ومرعبة في التاريخ، لكن ثمة حوادث تاريخية أخرى قلما يتحدث الإعلام عنها كالاستعباد، والمجازر التي تعرض الشعب الفلسطيني والبوشناق والألبان في البلقان ، وغيرها، ولابد من تعليم الجيل الجديد مختلف جوانب التاريخ، دون التركيز على العنف الموجه ضد فئة معينة (اليهود) دون غيرها". وأوضح فيدال بأن هذه النظرة التفريقية مازالت مستمرة تجاه الأحداث اليوم. وذكر بأن "الإعلام الفرنسي خلط بين ارتفاع الأعمال المعادية لليهود وبين الصراع في الشرق الأوسط، خاصة وأن هذه الأعمال تزامنت مع إعادة احتلال بعض المدن الفلسطينية من قبل الجيش "الإسرائيلي"، ومنها أحداث جنين، وقصف غزة ،في حين تشير الإحصاءات الرسمية إلى أن واحد من ثلاثة من الاعتداءات ضد اليهود يرتكبه عربي أو إفريقي، بينما ثلثي هذه الأعمال يقوم بها فرنسيون. كما أن معظم الاعتداءات العنصرية التي شهدتها فرنسا في السنوات التالية، منذ العام 2003 كانت ضد العرب وضد الإسلام، لكن الإعلام قلما يتحدث عنها". تجدر الإشارة إلى أن الاهتمام بالإسلام والمسلمين في فرنسا له علاقة بالاستشراق ولكن هذه المرة يعكف الجميع على دراسة انتشار الإسلام في الغرب وفرنسا تحديدا التي يعيش بها أكثر من 5 ملايين مسلم، وهي نقلة نوعية إذ أضاف المستشرقون و المستغربون وما بين، وغيرهم من الأصناف،على دراسة أوضاع المسلمين في الغرب و كان جهدهم في السابق منصب على دراسة أوضاع المسلمين في بلادهم و تحديدا الشرق ، و هذا عنصر جدير بالملاحظة و التدبر <BR><font color="#ff0000">تضييق واعتداءات : </font> وبقطع النظر جدية وصدقيه الدراسات والأبحاث التي يعلن عنها من حين لآخر والتي لها لها علاقة مباشرة بالوجود الإسلامي في أوربا ولا سيما في جانبه العربي ،وبقطع النظر عن المحاولات المستميتة والمقصودة لنفي العلاقة بين ما يجري في فلسطين والتوترات في الغرب ، فإن حالات الاعتداء وتلفيق التهم للمسلمين خاصة وللأجانب عامة مستمرة في أوربا ولا سيما فرنسا ، كما حصل مع قضية الحجاب في المدارس الفرنسية والتي امتدت للشارع والمؤسسات الاقتصادية الأخرى، ثم قضية الإمام ضوء مسكين الذي لفقت له تهمة دعم الإرهاب ثم أطلق سراحه بكفالة في المدة الأخيرة، وليس بعيدا عن فرنسا، فقد تعرض منذ فترة رجل فرنسي أسود يبلغ من العمر 50 عاما، لاعتداء عنصري على يد خمسة من حليقي الرؤوس في مدينة بروج (شمال غرب بلجيكا)، وتم نقله إلى المستشفى في غيبوبة وهو لا يزال بحالة خطرة حسب المصادر الطبية في المدينة. وقد قررت أسرة الرجل الفرنسي وأصدقاؤه الدعوة لتنظيم مظاهرة أمام السفارة البلجيكية بباريس، تضامناً معه، وللاحتجاج على هذا الاعتداء الذي تم على أساس عنصري، "جريمة ارتكبت على أساس لون البشرة"، كما صرح أحد أصدقاء الضحية لإذاعة محلية اليوم. وكانت بلجيكا قد شهدت مؤخرا عدة جرائم قتل واعتداءات في العديد من المدن على خلفيات عنصرية، كان آخرها قيام شاب من حليقي الرؤوس معروف بانتمائه لليمين المتطرف في مدينة أنفرس (شمال البلاد)، بارتكاب جريمة قتل راح ضحيتها طفلة وامرأة افريقية، بالإضافة إلى جرح سيدة من أصل تركي. وعثر في منزله على رسالة تفيد بأنه يريد قتل أكبر عدد ممكن من الأجانب. ومن الجدير بالذكر أن العديد من المنظمات الأهلية المعنية بمناهضة العنصرية والتمييز ضد الأجانب والأقليات في بلجيكا قد حذرت من تصاعد ظاهرة العنصرية ودعت إلى ضرورة معالجتها بشكل أكثر حزما، لأنها أصبحت تهدد المجتمع بشكل يومي. كما قام عدد كبير من المثقفين والأخصائيين الاجتماعيين وأساتذة الجامعات في البلاد، بإطلاق نداء يدعون فيه إلى التعامل بشكل أكثر جدية مع ظاهرة تنامي العداء للأجانب والعنصرية والتمييز على أساس الاسم ولون البشرة والدين في المجتمع وإطلاق حملة نقاش جادة لتلافي هذه "الأمراض الاجتماعية التي طالما أغمضنا أعيننا عنها"، حسب ما جاء في النداء<BR><font color="#ff0000">عمليات ممنهجة : </font> لم تكف التحركات التي تقوم بها منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان والمجتمع المدني، مما اضطر المسلمين في فرنسا إلى مناشدة السلطات الفرنسية الخروج من حالة الصمت المتواطئ، وفي5 يونيو الماضي وقع أكثر من خمسين ألف شخص في فرنسا على "عريضة وطنية" تناشد الرئيس الفرنسي بالتدخل لوضع حد لمعاداة الإسلام في فرنسا. وكانت حملة التواقيع أطلقت في مارس الماضي بمبادرة من مجموعة منظمات إسلامية فرنسية، على رأسها" المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية " و"اتحاد الجمعيات المسلمة في فرنسا". ونددت العريضة، باسم مسلمي فرنسا، بالأعمال والتصريحات المعادية للإسلام التي تكررت في الأشهر الأخيرة، والتي تسهم بـ"تنميط المواطنين الفرنسيين المسلمين وتشويه صورتهم وصورة الإسلام". وأشارت، بشكل خاص، إلى "إعادة نشر بعض الصحف الفرنسية للرسوم الكاريكاتورية المسيئة للنبي صلى الله عليه وسلم ". وتوجهت العريضة، باسم مسلمي فرنسا، إلى الرئيس الفرنسي بالقول "لقد عبرت دائماً عن ( إرادتك الطيبة ) بتعزيز روح الأخوة والاحترام ونناشدكم للتدخل لاتخاذ التدابير القانونية اللازمة لمنع صعود العداء للإسلام أو الإساءة لله وأنبيائه". وأكد الموقعون أنهم لا يريدون "الحد من حرية الرأي وحرية التعبير، إنما يطالبون بإجراءات تضع كل واحد أمام مسؤولياته وتمنع نشر روح العداء الذي قد يهدد النظام العام وقيم العيش المشترك . ولم يكتف المسلمون بمجرد المناشدات بل قاموا بعدة مبادرات . <BR><font color="#ff0000">محاولات مشتركة : </font> وفي 30 مايو الماضي وبدعوة من رئيس المفوضية الأوروبية، خوسيه مانويل باروسّو، وفولفغانغ شوسيل، المستشار النمساوي، الذي ترأس بلاده الدورة الحالية للإتحاد الأوروبي، استضافت بروكسل حوالي 16 من ممثلي الديانات والمعتقدات المختلفة، لعقد جلسة حوار وتبادل رأي بين المؤسسات الأوروبية والممثلين الروحيين حول كيفية تعزيز التعايش في أجواء التنوع.وقبل بدء أعمال الجلسة، أشار رئيس المفوضية الأوروبية إلى أن هذا اللقاء يهدف إلى تفعيل الحوار مع الآخر وليس الكلام عن الآخر، "نريد أن نعمل من أجل ترجمة إيماننا بالقيم المشتركة، الكرامة الإنسانية والحرية، إلى أعمال ضمن إطار من الاحترام المتبادل"، مشيراً إلى أنه يفضل استعمال كلمة احترام متبادل بدلا عن التسامح، " لتجنب النظرة الفوقية "، حسب قوله.ومن جهته، أكد المستشار النمساوي أن هذا الاجتماع هو للتفكير في كيفية العمل مع كمؤسسات أوروبية وممثلين أديان ومعتقدات مختلفة لمواجهة التحديات والمشاكل التي تعصف ليس فقط بالإتحاد الأوروبي، بل بالعالم أجمع.وقال المستشار النمساوي "فكرتنا هي محاولة إدماج وإشراك كافة الأطراف في دفع المشروع الأوروبي إلى الأمام، ضمن إطار الوعي أن لدينا قيم مشتركة كالعدالة والحرية والاحترام، تسير جنباً إلى جنب مع اختلافنا كأشخاص ينتمون إلى أفكار دينية ومدنية مختلفة".وأضاف أن مؤسسات الأوروبي تريد مد الجسور بينها و بين مختلف المجموعات الدينية، "إذا أردنا تجديد أوروبا، فعلينا البدء بالروح أولاً... نحتاج إلى مؤمنين قبل حاجتنا إلى سوق أوروبية موحدة". ومن و أشارت مصادر المفوضية أن تنظيم مثل هذا اللقاء يهدف إلى إثبات أن الحوار ممكن ضمن احترام إيمان كل شخص، وإلى العمل إلى رؤية أوروبا الموحدة من خلال تنوعها.ويشير المراقبون إلى أن الأزمات التي تعصف بالإتحاد الأوروبي ومؤسساته سواء على صعيد الهوية أو على صعيد السياسة تجعل من مثل هذه اللقاءات فرص لحشد المزيد من الدعم للمؤسسات الأوروبية، عبر كل الوسائل المتاحة، بما في ذلك المعتقدات الدينية.وشارك في اللقاء أسقف مدينة لندن، ممثل الكنيسة الإنكليكانية، والدلاي لاما، ممثل البوذية، وكل من أنس الشقفة، ممثل مسلمي النمسا، والإمام عبد الجليل ساجد، رئيس المجلس الإسلامي للتنسيق بين الديانات، وآية الله سيد عباس غائمامي، مدير المركز الإسلامي في هامبورغ، كما شارك فيه ممثلون عن الديانة اليهودية والكنيستين الكاثوليكية والأرثوذكسية في أوروبا .<BR>وكانت محكمة باريسية قد بدأت يوم 18 مايو الماضي بالنظر في شكوى قدمتها جمعية SOS Racisme، ضد التمييز العنصري في التوظيف، داخل المؤسسات الرسمية والخاصة في فرنسا،في وقت صوتت فيه الجمعية الوطنية الفرنسية على قانون " الهجرة المنتقاة "، أي السماح بهجرة الكوادر والأدمغة إلى فرنسا ، دون غيرها . <BR>واستمرار هستيريا الإسلاموفوفيا. ويبدو كما يقول المراقبون أن الجمعية الوطنية غير عابئة بالحملة المتواصلة التي تقودها مجموعة منظمات ضد التمييز في التوظيف، ومنها جمعية ، أفريكا غورا، التي تجوب حالياً المدن الفرنسية على متن عربة متنقلة بغية لقاء الخريجين والشباب المؤهلين من أصول أجنبية وإرشادهم نحو برامج التأهيل المهني وكيفية الحصول على فرص عمل. وقد ازداد هذا النوع من المبادرات منذ مصادقة نحو 330 مؤسسة فرنسية على "ميثاق التنوع" عام 2004 للحد من التمييز لدى التوظيف. ولكن هذا الميثاق لم يخفف من عدد الشكاوى المقدمة ضد التمييز العنصري لدى التوظيف، كما تشير مجموعة من القانونيين. كما لم تحد من حدة العنصرية المقيتة داخل الدوائر الفرنسية المختلفة. <BR><font color="#ff0000">فعاليات اسلامية : </font> وكان قصر المؤتمرات في مدينة ديجون الفرنسية " شرقي البلاد "، قد احتضن في الحادي عشر من يونيو الماضي تظاهرة ثقافية بعنوان "يوم العلم"، تنظمها جمعية " الشباب المسلم في بورغون " حيث عرض نحو 120 شاب وفتاة من طلاب وخريجي الدراسات العليا، أعمالهم البحثية ومشاريع تخرجهم أمام الأهل وبحضور بعض مدراء المؤسسات الصناعية والتجارية الكبرى. وأوضحت ممثلة جمعية الشباب المسلم ، امتنان عتب ، في تصريحات صحافية بأن "هذا النشاط هو تقليد سنوي يقام منذ 12 سنةً، بهدف إبراز نجاح مسلمي فرنسا من الشباب، إذ لا ينحصر اللقاء بمنطقة معينة بل يأتي المشاركون إليه من كل أنحاء فرنسا". وأضافت عتب "يوم العلم من شأنه إبراز صورة أخرى للمسلم، ومحاولة تغيير الصورة النمطية التي تقدم المسلم كإرهابي أو كمشاغب في الضواحي الفرنسية". وقالت "يوم العلم هو نوع من الحافز للشباب الناجحين لتشجيعهم على مواصلة نجاحهم ومساعدتهم على إيجاد فرص عمل، من خلال عرض إنتاجهم أمام مدراء المؤسسات والمهتمين. كما أن هؤلاء الشباب يقدمون المثل الجيد للأصغر منهم سناً، إذ يبرهنون على إمكانية النجاح عبر العلم، وهذا يساعد على الاندماج بشكل أفضل في المجتمع الفرنسي"<BR>و قبل ذلك نظمت جمعية " الانكليزية المبسطة " في باريس ندوة حوارية مع الدكتور حاتم بوزيان، الأستاذ في جامعة بيركلي في كاليفورنيا الأميركية، حول "اندماج المسلمين في المجتمع الأمريكي". بازيان معروف بنشاطاته في حركات الطلاب في الولايات المتحدة منذ الثمانينات من القرن الماضي، وبدفاعه عن حقوق الإنسان ضد التمييز العرقي والديني، وهو مختص في القانون والتاريخ الإسلاميين، ومن أبرز المناصرين للقضية الفلسطينية. وقالت صونيا طالب مديرة جمعية " الانكليزية المبسطة " أن " الندوة هي فرصة لاطلاع الجالية المسلمة على تجربة المسلمين في الولايات المتحدة، والاستفادة منها. حيث يساهم مسلمي أميركا في كل فعاليات المجتمع الأميركي السياسية والاقتصادية والاجتماعية "<BR>وقد أطلق اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا، حملة تبرعات لتغذية صندوق ائتماني للتضامن والتعاون بين المساجد الفرنسية. ويهدف الصندوق إلى تمويل أعمال بناء مساجد جديدة وتوسيع أماكن العبادة الموجودة حالياً، حتى يصبح بإمكان المسلمين، وخاصة في المدن الفقيرة، التزود بالمال، أو اقتراضه من الصندوق للقيام بأعمال بناء وتطوير المساجد. وأكد اتحاد المنظمات الإسلامية في بيان له "ضرورة إنشاء هذا الصندوق لإتاحة الفرصة لمسلمي فرنسا ليمارسوا شعائرهم بكرامة وفي أماكن محترمة، وليس في أقبية الأبنية وفي كراجات السيارات كما يتم في مدن فرنسية كثيرة". وأعرب البيان عن تطلعات الجالية الإسلامية في فرنسا بأن يكون للمساجد "دوراً ثقافيا يتعدى الدور الديني"، من خلال إلحاق المساجد بمكتبات وبقاعات للتدريس وأخرى للمحاضرات والاجتماعات . <BR>وفي 27 يونيو الماضي اختتم في باريس، الملتقى الوطني للأئمة، الذي أقامه قسم، دار الفتوى، التابع لاتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا، بالتعاون مع جمعية، أئمة فرنسا، والمعهد الأوروبي للعلوم الإنسانية. وقد شارك نحو 90 من الأئمة في الملتقى، وفدوا من مناطق فرنسية مختلفة من أجل التنسيق فيما بينهم، ولمناقشة "ظروف عملهم والموضوعات التي يمكن التطرق إليها في الفتاوى ومنهجية الفتوى بحيث لا تتعارض مع القوانين الفرنسية"، وقال أنيس قرقاح رئيس قسم دار الفتوى. "هدف الملتقى هو تأهيل الأئمة المسلمين في فرنسا من الناحية الشرعية، وتعريفهم بالواقع الذي يعيشون ويعملون فيه". وتابع "على الإمام في فرنسا أن يكون ملماً بقوانين البلد وعاداته، وفي نفس الوقت متمكنا من العلوم الشرعية بحيث يستطيع أن يمارس دوره في إيصال الخطاب الإسلامي الصحيح إلى مسلمي فرنسا". وركز قرقاح على ضرورة إلمام الأئمة باللغة الفرنسية وبالثقافة الفرنسية، مشيراً إلى تخريج المعهد الأوروبي للعلوم الإنسانية المتخصص بإعداد الأئمة لعدد كبير من الأئمة ممن ولدوا في فرنسا، وتعلموا فيها. وأكد قرقاح عدم "استقدام" أئمة من الدول الإسلامية للعمل في فرنسا، وهو ما كان أثار مخاوف الحكومة الفرنسية في فترات سابقة. ودعا الحكومة إلى "الاقتناع" بأن مسألة إعداد الأئمة ليست من اختصاصها، وإلى دعم جهود "الجهات الإسلامية" في إعداد الأئمة في فرنسا. وقال "لا يمكن للحكومة أن تشرف على إعداد الأئمة، فالمسلمين لا يثقون بقدرتها على ذلك. لكن بإمكان الحكومة دعمنا من خلال السماح للأئمة بالتسجيل في الجامعات الفرنسية، لتلقي العلوم الإنسانية والقانونية فيها، وأن تساعدهم في الحصول على الضمان الصحي كبقية الطلاب، وهو ما لم يتم حتى الآن . لكن عليها ألا تتدخل في الجانب الشرعي من تأهيل الأئمة". ويشار إلى أن فرنسا تضم أكثر من 1500 مسجد. وكانت الحكومة الفرنسية قد حاولت بمبادرة من الرئيس الحالي ووزير الداخلية الأسبق نيكولا ساركوزي منذ 2003 الحد من عدد الأئمة الذين يأتون إلى فرنسا من الضفة الأخرى للمتوسط، وخاصة من دول المغرب، ووضعت شروطا لقبول الأئمة في فرنسا، أهمها إتقان اللغة الفرنسية. كما بدأت بتمويل عملية "إعداد" الأئمة في فرنسا بما ينسجم وزعمها وقيم وقوانين الجمهورية. وبالفعل أنشأت كل من جامعتي السوربون وباريس الثانية، أساس، اعتبارا من العام الماضي دبلوما خاصا بـ"أئمة المستقبل"، يركز على تاريخ فرنسا وقانون الأحوال الشخصية والدستور والحريات العامة . وبذلك تكون الايدولوجيا وليس الحرية من لها الأولوية في فرنسا. <BR><br>