هل تنجح قمة "اقتصادية" عربية فيما فشلت فيه "السياسية"؟!
15 شعبان 1428

وفقاً لمصادر في الجامعة العربية ومنظمة الوحدة الاقتصادية، من المنتظر أن تعقد أول قمة اقتصادية عربية في غضون أيام قليلة، وتحديداً في شهر سبتمبر المقبل 2007م ( ما لم يتم تأجيلها لظروف شهر رمضان المعظم)، بعدما سبق اتفاق القادة العرب على عقدها، واقترحت الكويت ومصر عقدها في سبتمبر.<BR><BR>وأهمية هذه القمة أنها إما أن تكون فتحاً جديداً في العلاقات العربية – العربية ، ينهي الخلافات السياسية ويفتح أبواب الحدود المغلقة بسلاسل الخلافات السياسية بين الأقطار العربية بالاتفاق على سلسلة من المعاهدات الاقتصادية للوحدة الاقتصادية بسوق عربية موحدة واستثمارات كثيفة بين العرب بدلا من توجيهها نحو الغرب وتعرضها للحجز عليها في بنوك أمريكا كما يحدث في حالات الخلاف بين أي دولة وأمريكا ، أو أن تكون – على العكس تماما قمة تطبيع مع العدو الصهيوني!<BR><BR>كيف ؟ ... القصة باختصار أن هناك مخاوف أن تسعى أطراف غربية لاستغلال فتح هذه القمة الاقتصادية لباب الاستثمارات العربية في الزج بالدولة الصهيونية ضمن هذه المشروعات العربية المشتركة سواء عبر مشروعات الكويز الأمريكية التي يشترط فيها انضمام إسرائيل، أو عبر الضغط على الدول العربية باتفاقيات التجارة الدولية التي تفرض عقوبات على من يرفض التطبيع الاقتصادي مع الدولة الصهيونية!<BR><BR>ومع هذا يجب الترحيب بهذه الخطوة وعدم افتراض فشلها أو سعي أطراف لتوجيهها لصالح التطبيع ، إذ يبدو أن النظم العربية "زهقت" من المناطحات السياسية خلال القمم العربية الـ 19 الماضية على مدار نصف قرن ، وعجزها عن حل مشكلات العرب السياسية ، فقررت التركيز على عقد قمم "اقتصادية " "وبلاها سياسة"، خاصة مع تزايد الدخل السنوي الصافي لغالبية الدول العربية النفطية مع ارتفاع أسعار النفط، وتزايد الاستثمارات التي تسعى لمشاريع.<BR><BR>فقد أعلن د. أحمد جويلي (الأمين العام لمجلس الوحدة الاقتصادية العربية) أمام لجنة الشئون العربية بالبرلمان المصري 8 مايو الماضي 2007 ، أن مصر طالبت رسمياً بعقد قمة عربية تنفرد بمناقشات الاقتصاد وموضوعات الوحدة الاقتصادية ، وذلك كتلبية لتوصية أقرتها القمة العربية الأخيرة رقم 19 في الرياض مارس الماضي 2007 ، صدرت تلميحات أن القمة الاقتصادية ستعقد الشهر المقبل سبتمبر .<BR><BR>وجاء الطلب المصري الرسمي ليعضد طلبا كويتيا سابقا بعقد قمة اقتصادية لا سياسية ، حيث أكد وزير الشؤون الاجتماعية والعمل الكويتي الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح عقب زيارته مصر 5 مايو الجاري أنه بحث مع مسئولين في جامعة الدول العربية سبل تهيئة ظروف مناسبة لعقد قمة اقتصادية عربية في بلاده ، وبرر ذلك بأنه تنفيذ لتوصيات قمة الرياض العربية الأخيرة .<BR><BR>ويقول مراقبون مصريون إن طلب عقد القمة الاقتصادية العربية ربما يحظى باستجابة عربية سريعة عكس مطالب عقد القمم السياسية التي تختلف فيها آراء الزعماء العرب ويصعب حل الكثير من مشاكلها الأزلية العالقة كالقضية الفلسطينية، في حين أصبح عقد مثل هذه القمة الاقتصادية مثال تعليقات سياسية أخرى تقول إن العرب قرروا الانتقال لقمم اقتصادية بعد أن أعيتهم الخلافات السياسية ! <BR><BR>وكانت القمة العربية الأخيرة في دورتها التاسعة عشرة في الرياض، قد طرح خلالها (أمير الكويت) الشيخ صباح الأحمد الصباح‏,‏ وبناء على توصية مصرية - كويتية ، عقد قمة استثنائية لدراسة الوضع الاقتصادي العربي‏,‏ بعدما تحولت القمم العربية لقمم سياسية تطغى عليها المناقشات السياسية دون أن تحظى الملفات الاقتصادية بنصيب هام من المناقشات رغم أهمية تمرير العديد من الاتفاقيات الاقتصادية العربية كمدخل لتحقيق وحدة اقتصادية عربية.<BR><BR>وتقول أوساط في الجامعة العربية إن أول قمة اقتصادية عربية مقترحة من نوعها ربما تعقد في سبتمبر المقبل، وأن سوف تناقش حوالي ‏12‏ بندا اقتصاديا‏,‏ على رأسها قضايا التعريفات الجمركية وإنشاء سوق عربية موحدة والتبادل التجاري والاستثمارات العربية البينية .<BR><BR><font color="#ff0000">القادة يتدخلون لحل المشكلات</font><BR><BR>والملفت هنا أن مجلة "الأهرام العربي" الأسبوعية نقلت في عدد 5 مايو 2007 عن رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة المصري تأكيده أن عقد هذه القمم الاقتصادية جاء "بعدما حالت مشكلات كثيرة دون تحقيق الاندماج الاقتصادي العربي الكامل وإنشاء السوق المشتركة في السابق‏.<BR><BR>حيث حدد "رشيد" أبرز هذه المشكلات في‏ : اختلاف الأنشطة الاقتصادية والإجراءات الحمائية ومشكلات المواصفات والعوائق غير الجمركية التي تعرقل انسياب التجارة‏,‏ إضافة إلى مشكلة النقل وعدم وجود خطوط نقل منتظمة لنقل البضائع والسلع بين الدول والتي تمثل عائقا مهما لانسياب تدفق وانتقال السلع والبضائع .<BR><BR>بيد أن الوزير المصري قال إن التجارة البينية بين الدول العربية زادت بشكل ملحوظ بسبب تطبيق اتفاقية التجارة الحرة تطبيقا كاملا منذ يناير‏ 2005‏ ، واقترح إنشاء شركات عربية إقليمية لتعميق التكامل الاقتصادي وزيادة الاستثمارات العربية‏ خاصة مع وجود فائض كبير في رؤوس الأموال العربية‏ تبحث عن فرص استثمارية في المنطقة‏.<BR><BR> وضرب "رشيد" أمثلة بشركات عربية مشتركة ناجحة مثل شركات "إعمار" و"أوراسكوم "وشركة "المملكة للاستثمار" و"الراجحي" و"الخرافي" ، وهي شركات توسعت في استثماراتها داخل المنطقة العربية‏ .<BR><BR>ويقول خبراء اقتصاديون إنه على رغم ازدياد الإمكانات المالية التي حققتها الدخول النفطية في السنوات الأخيرة فقد اتجهت استثمارات القطاع الخاص نحو أسواق رأس المال والمشاريع العقارية بينما هناك حاجة ملحة لتوجيه الأموال نحو القواعد الإنتاجية من أجل خلق الترابط الحيوي بين قطاعات الصناعة والزراعة والخدمات‏,‏ وفي الوقت نفسه التكامل بين الاقتصاديات العربية ما يسهم في إيجاد فرص عمل جديدة والتخفيف من الاعتماد على الواردات‏ .<BR><BR>‏وينبه الخبراء إلى أن ضعف حجم التجارة البينية بين الدول العربية والذي لا يمثل حاليا سوى ‏8%‏ من إجمالي تجارتها الخارجية ما يشكل أكبر التحديات التي تواجه الاقتصاديات العربية‏، حيث يستورد العالم العربي أكثر من‏90‏ % من احتياجاته‏,‏ وبلغت الصادرات السلعية العربية ‏303.2‏ مليار دولار بما يعادل نحو‏4.1%‏ من الصادرات العالمية في عام ‏2006‏ فيما وصلت الواردات السلعية إلى ‏199‏ مليار دولار بما يعادل ‏2.5%‏ من الواردات العالمية‏ ، ويقدرون حجم الفجوة الغذائية الموجودة في العالم العربي بنحو ‏15‏ مليار دولار‏ .<BR><BR>ويبقى السؤال : هل تعقد هذه القمة أصلا رغم الأماني العربية الطيبة وتأكيد عقدها الشهر المقبل خصوصا أننا لا نسمع عنها أي شيء ، فضلا عن أن الأمين العام لمنظمة الوحدة الاقتصادية اشتكى هذا الأسبوع من عدم دفع الدول العربية مساهماتها السنوية خصوصا مصر صاحبة اقتراح القمة الاقتصادية التي قال إنها لم تدفع مستحقات عامي 2006 و2007 ؟ وهل يكون هناك نصيب لفقراء العالم العربي من خطط الأغنياء ، وهل يكون لغزة وأخواتها نصيب من الاستثمارات العربية ، ولو ببناء محطة كهرباء خاصة مع مصر تغني الفلسطينيين هناك عن كهرباء الصهاينة وأموال الاتحاد الأوروبي ويكون مشروعا مربحا لمستثمريه العرب ? <BR><BR><BR><br>