عباس والدعم الأمريكي-الإسرائيلي المفخخ
7 رجب 1428

القضية الفلسطينية أمام منعطف خطير وحاد, الرئيس المنتخب –من غير منافسة فعلية وبدعم أمريكي – محمود عباس أبو مازن ومن خلال تصرفاته ومراسيمه ومواقفه المتسارعة دونما تبصر ولا تدبر أثبت أنه محدود القدرات تسيطر عليه مجموعة مرتبطة بالمشروع الأمريكي-الصهيوني وتتحكم به وعلى طريقة الريموت كونترول. فالرجل الذي عهدناه لينا سهلا مع "الإسرائيليين" والأمريكيين حتى في المسائل المصيرية والقضايا الجوهرية, اكتشفناه فجأة ومن غير مقدمات حادا وشديدا فيما يتعلق بالحوار مع حماس ,والتي تمثل تيارا كبيرا وثقلا معتبرا في الشارع الفلسطيني ورأينا مواقفه الصلبة والمتصلبة والمتناقضة تماما لصورته وسلوكياته عندما يتعلق الأمر بإسرائيل أو بالمسؤولين الأمريكيين.<BR>لن أناقش هنا في مسألة الشرعية الفلسطينية والتي انضمت هي الأخرى إلى قاموس من مصطلحات سبقتها, وكانت وما تزال أغطية وسواتر لأهداف أخرى مبيتة ومفخخة مثل الشرعية الدولية والحرص على السلام العالمي ونزع أسلحة الدمار الشامل. النقاش المنطقي والحجج الساطعة قانونية كانت أو منطقية والتذكير بمواقف عرفات والشرعية الفلسطينية وقتها حين أجبره الأمريكيون على تنصيب أبي مازن رئيسا للوزراء أو شهادة الخبيرين القانونيين الفلسطينيين والذين صاغا الدستور الفلسطيني الدكتور أنيس القاسم (رئيس اللجنة القانونية في المجلس الوطني الفلسطيني)، والبروفسور القاضي يوجين قطران، والتي تشير إلى انتهاكات أبي مازن للدستور الفلسطيني, النقاش العلمي والمحاججة القانونية بمثابة إضاعة للوقت فنحن في عالم تتحكم فيه قانون القوة ويتسيد مشهده ويسطر قوانينه سياسيون لا أخلاقيون يفتقدون لمقومات الإنسانية في حدها الأدنى من أمثال جورج بوش وبلير. الأخير الذي انصرف من المشهد السياسي بعد مساهماته في إشعال حربا مدمره في العراق ليعود على المسرح الدولي مبعوثا للسلام الموعود أو الموهوم في القضية الفلسطينية، والتي كانت نتاج ظلم وعسف تاريخي بريطاني.<BR>الرئيس أبو مازن وقد أخذته نشوة الرضا "الإسرائيلي" واذهب عقله السياسي المديح والدعم الأمريكي فما عاد يزن تصريحاته والتي غدت نارية وتوالت عددا, كما الحال مع مراسيمه وقراراته الرئاسية, وكأن الرجل زعيم لدولة غربية كبرى تساهم في قيادة العالم "الحر" في الحرب على "الإرهاب". تصريحات ومواقف تفتقد إلى أدنى درجة من المصداقية واتهامات كثيرة لحماس من قبيل تدمير الكنائس والاعتداء على بيت " أبو عمار" والذي أرجح أن أبا مازن يعرف جيدا من قتله وإلا لما وصفه بالشهيد مرارا وتكرارا. ومع ذلك فإن الرجل مثله مثل بوش يعود من جديد غير آبه بأحد ليطلق تصريحات نارية جديدة ويعلن مواقف صارخة في حدتها وغير دبلوماسية في شدتها. أبو مازن ومجموعته يرفضون قرار الجامعة العربية فيما يخص لجنة تقصي الحقائق بل اعتبرها بعض رجاله تدخلا بالشأن الفلسطيني وهو أمر أرادوه حكرا على أولمرت وبوش. الرئيس عباس هاجم دولا عربية واتهمها بدعم "انقلاب" حماس من غير برهان ومن دون أن يتوقف عند الآثار السلبية لتلك التصريحات على الجاليات الفلسطينية الضخمة في تلك البلاد, مما يلقي بظلال من الشك على الحس القيادي للرجل واهتماماته بالشؤون الحياتية للشعب الفلسطيني المصابر.<BR>فليهنأ السيد أبو مازن بالدعم الإسرائيلي والأمريكي وليتقوى بالمساعدات الأمريكية وليرمي العشرات من مقاتلي فتح بسلاحهم وليعلنوا مواقف منددة بمقاومة الاحتلال أو الوقوف في وجهه فالعدو الآن مشترك ولا بد من الاستفادة من الحنو والعطف الإسرائيلي والتفهم الأمريكي لمواجهة التطرف الإسلامي واقتلاع جذوره من غزة ومن غيرها. هكذا يتحول بعض من المطاردين والمقاومين بفعل التيار "الإسرائيلي-الأمريكي" في فتح إلى متسولين يتسولون رضا المحتل وعفوه وقبوله.<BR> الذين يصدقون ويثقون بالوعود الأمريكية ويتناسون دولة بوش والتي كان حدها الزمني 2005 ولم تعد ذاكرتهم تذكر وعود الحماية الأمريكية لفلسطيني مخيمات بيروت والتي انتهت في محنة ومجزرة صبرا وشاتيلا. لم نسمع موقفا أمريكيا ولو إعلاميا خادعا يندد بالاعتداءات شبه اليومية والقاسية بحق الفلسطينيين في العراق والتي كانت واحدة من إفرازات ونتاجات الاحتلال الأمريكي غير الشرعي للعراق. فليس من المنطق أن تكون أمريكا محتلة ومنتهكة للحقوق والدماء في العراق ثم تتحول بين عشية وضحاها إلى حمامة سلام في الشأن الفلسطيني والذي خسر الكثير من أبناءه شهداء وجرحى الأسلحة الأمريكية ومن جراء الغطاء الأمريكي السياسي والدبلوماسي الدولي للجرائم الصهيونية كاستخدام الفيتو في مجلس الأمن لحماية ورعاية انتهاكات وتجاوزات الاحتلال الإسرائيلي. الاستثمار الأمريكي والدعم المالي لأبي مازن هو مشابه للاستثمار الأمريكي مع قوات الأمن الخاصة في العراق من قبيل بلاك ووتر وغيرها, الأهداف واضحة, فالأموال والأهداف أمريكية, والأدوات مستأجرة ولا بأس من نتائج دموية وكارثية في إطار من الفوضى الخلاقة.<BR>المستهدف الحقيقي ليس حماس ولا جناحها العسكري, فلو أعلنت حماس اليوم عن تنازلات في مواقفها بشأن الحقوق الفلسطينية لحظيت بالقبول والمديح ولتم نقل الدعم والتأييد من أبي مازن إلى إسماعيل هنية وبشكل وواضح وسريع وحاسم. المستهدف هو القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني, ومن يتنازل ويركب الموجة الأمريكية-الإسرائيلية فله القبول والرضا والدعم المالي وأنواع المديح والتقريض والتي تتحدث عن شجاعته وحكمته ورجاحة عقله. أبو عباس يشارك بعلم أو بجهل بمشروع كبير وبلعبة خطيرة تستهدف فلسطين قضية وحقوقا وشعبا, وكما الحال في السياسية الدولية المفقتدة للقيم والمفتقرة للأخلاق في حالتها الراهنة فإن ما يعلن هو تماما نقيض ما يراد ويقصد.<BR> أبو مازن ومجموعته يمارسون انتحارا سياسيا مهلكا, ولو كان الأمر يخصهم بشخوصهم لراقبنا ذلك المشهد البائس والمأساوي بعين من الشفقة والاعتبار. غير أن ذلك الانتحار يراد منه أن يشمل القضية الفلسطينية وثوابتها ولاجئيها. فهل يتخيل عاقل إن الإدارة الأمريكية والقيادة الإسرائيلية بعد انتهائهم من تصفية المقاومة الفلسطينية وحماس سيتفرغا لإعطاء الفلسطينيين حقوقهم ودولتهم غير المسبوقة وضعا وضعفا, وستنهال على الشعب الفلسطيني المساعدات والمشاريع؟!<BR> تصفية المقاومة هو التمهيد لتصفية القضية الفلسطينية ولا استبعد أن يتم الأمر بوحشية كبيرة وبقسوة بالغة. ألم تقل كونداليزا رايس من قبل أن ما يحدث في العراق من دمار ونزاعات هي معاناة وآلام مخاض لتشكيل الشرق الأوسط الجديد ؟!!<BR> وهل سيبالي مجرمو الحروب الاستباقية بمخاض جديد مؤلم ومهلك على ارض فلسطين ؟ هذا إذا لم نقل أنهم يخططون له ويسعون لتحقيقه؟؟<BR><br>