هل أفلحت السياسة التركية في الملف الكردي؟..
13 جمادى الأول 1428

قبل الإجابة على هذا السؤال.. الأجدر بنا أن نطرح سؤالاً آخر "هل هناك خطة سياسية تركية محكمة ودقيقة إزاء الملف الكردي"؟. طبعا، تركيا لديها سياسة كردية معينة لكنها بعيدة عن طموحات تحقيق أهداف استراتيجية طويلة المدى بل هي سياسة سطحية يومية تستند على مفاهيم الكلام أكثر من الأفعال..<BR>وماذا كانت نتيجتها؟.. تركيا في ملفها الكردي اختارت سياسة محددة لشمال العراق تتمثل بدعم مسعود البرازاني وجلال الطالباني ضد عبد الله أوجلان ومنظمته حزب العمال الكردستاني.. <BR>فتركيا منذ حرب الخليج الثانية عام 1991 وهي تركز على هذا الخيار فعززت من شوكة الطالباني والبرازاني بمنحهما جواز سفر أحمر ظنا منها بأنها ستستفيد منهما في مكافحة المنظمة الانفصالية!!.. <BR>لكن هذا الخيار، قاد بالطالباني إلى رئاسة العراق والبارازاني إلى رئاسة إقليم كردستان.. وبالتالي، فإنهما استغلا الدعم التركي وكانا من أكثر المستفيدين منه. وعليه، فإنها كانت واحدة من نتائج السياسة التركية إزاء الملف الكردي.. <BR>فمسعود البرزاني عزز من نفوذه ووسع من نشاطاته بعد أن تم إزاحة عبد الله أوجلان من طريقه.. <BR>واليوم هو بينما يحاول أن يثبت تأثيره في جنوب شرق تركيا فإنه يضرب على وتر النواب الأكراد المقربين منه في البرلمان التركي لتهديد تركيا .. يعني باختصار إن هدف البارزاني اليوم هو أن يكون زعيما للأكراد كلهم بدليل تصريحات المسئول في حزب المجتمع الديمقراطي "بديار بكر" والذي قال بأن (أي هجوم على كركوك سنعتبره هجوما على ديار بكر) وأيضا ليلى زانا التي اختصرت الرؤية الكردية بالجملة التالية (طالباني البارزاني وأوجلان هم زعماؤنا) والهدف الواحد هو صياغة سياسة كردية مشتركة تبدأ من شمال العراق وتصل إلى جنوب شرق تركيا.. <BR>ولكن هل هذه هي النتيجة التي كانت تركيا تطمح إليها؟ طبعا لا .. هي كانت ترغب بتعزيز شوكة طالباني والبرزاني من أجل القضاء على المنظمة الانفصالية والحصول على دور نشط في تشكيل شمال العراق.. لكن مع شروط اليوم، فإنه يستحيل أن نقول بأن تركيا وصلت إلى هدفها خصوصا أن مشروع القانون المتعلق بالحكم الكردي الذاتي الذي سيرفع إلى برلمان شمال العراق يتعارض تماما مع طموحات وأهداف تركيا.<BR>أولا: أن المواد رقم 62/63/64 من هذا القانون تنص على عدم تسليم اللاجئين السياسيين إلى بلدانهم وهذا يعني بأن إدارة البرزاني سوف تستمر في دعم وحماية الانفصاليين في الوقت الذي تطلب فيه الولايات المتحدة من الفيدرالية الكردية أو الدولة الكردية المستقلة التي سترى النور من خلال هذا القانون تكوين علاقات حسنة مع تركيا بالإضافة إلى فتح المجال السياسي أمام الحركة الانفصالية في شمال العراق. <BR>كل هذا ما هو إلا نتاج السياسة التركية إزاء الملف الكردي.. ولكن ماذا عن الأحزاب التركية وعلى رأسهم حكومة حزب العدالة والتنمية الحالية هل هناك أي سياسة جديدة يتم صياغتها لمواجهة كل هذه التهديدات؟..<BR><BR><font color="#0000FF">تركيا والأكراد</font><BR>ربما لم تواجه تركيا يوما ما صعوبة في تعاملها مع القضية الكردية كما حصل معها في العام الأخير حيث بدأت هذه القضية تتغلل في العمق التركي لتشكل تهديدا خطيرا على الحكومة والدولة نفسها.<BR>فبالنظر إلى كلام القادة السياسيين والعسكريين الأتراك بشأن التصريحات الخطيرة التي أدلى بها رئيس إقليم كردستان مسعود البرزاني وهدد فيها تركيا (بتقويض الاستقرار فيها إذا تجرأت على التدخل في كركوك) يستنتج المراقب الخارجي أن تركيا والأكراد في طريقهم إلى صدام لا مفر منه ناجم عن المصالح التي لا يمكن التوفيق بينها وسط معارضة تركيا القوية للتطلعات الكردية في الاستقلال بجنوب شرق البلاد وشمال العراق والسيطرة على كركوك.بل أن مثل هذه الاهتمامات تبدو وكأنها هي التي تشكل السياسة التركية بالدرجة الأولي.<BR>وتعد المشكلة الكردية من أعقد حلقات الصراع التركي الكردي وبمثابة البؤرة الملتهبة في جنوب شرق تركيا وعلى حدودها مع العراق وسوريا وإيران.<BR>ودخلت هذه المشكلة منعطفا جديدا في عام 1999 مع اعتقال رئيس حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان في 16 من فبراير من نفس العام.<BR>وكان تصريح (رئيس الوزراء التركي آنذاك) بولنت أجاويد أن القضية الكردية قد انتهت تعبيرا عن صراع طويل بين الدولة التركية والأكراد لكنه كان تأكيدا أيضا على أن هذا الصراع مازال مفتوحا وأن النزعتين الكردية والتركية تشكلان علامة فارقة في التاريخ والمجتمع والدولة في تركيا.<BR>فقبل أعوام وبالتحديد بعد اعتقال أوجلان لوحظ بأن منظمة "حزب العمال الكردستاني" بدأت تتجه إلى تغيير استراتيجيتها والانتقال إلى مرحلة التسييس في ظل متغيرات إقليمية ودولية أهمها احتلال أمريكا للعراق وقيام كيان كردى شبه مستقل في شماله وقد ساعدها الحظ في ذلك أن الحكومة التركية الحالية أبدت رغبة أكيدة في إعادة صياغة تنظيماتها الداخلية وأولويات عمل مؤسساتها السياسية والدستورية والإدارية والثقافية والتربوية بما يتلاءم وطبيعة طلبات الاتحاد الأوروبي.<BR><font color="#0000FF">تحديات أمام الحكومة التركية</font><BR>واجهت حكومة حزب العدالة والتنمية تحديات صعبة فيما يتعلق بطريقة تعاملها مع المسألة الكردية فهي بين نارين:الإتحاد الأوروبي الذي يطالب أنقرة بمنح الأكراد حقوقهم الثقافية كاملة من جهة ثانية سكان المناطق الجنوبية الشرقية ذات الأغلبية الكردية.وقد حاول إردوغان العام قبل الماضي أن يضع حجر أساس لحظة التقدم على طريق الحل بإعلانه عن وجود "قضية كردية" والمزيد من الديموقراطية لحلها لكن محاولاته ارتطمت بجدار المعارضين الأتراك الذين اتهموه بتعريض وحدة البلاد للخطر والأكثر من ذلك حمل الجيش التركي حكومة إردوغان بأنها تعيق عملية مكافحة الإرهاب عبر تشريعات تحد من حرية الجيش في الحركة ضد مقاتلي حزب العمال الكردستاني. <BR>خلاصة الحديث يتجه الصراع التركي الكردي إلى رسم إطار جديد للمسألة الكردية في تركيا لاسيما إن القضية الكردية كانت وستبقى الورقة الأكثر ربحا في أسواق البورصة السياسية التي سيحدد أسعارها الآخرون فالمشكلة الكردية صعبة وتواجه حكومة حزب العدالة والتنمية تحديات وعوامل عدة تحول دون حل هذه المشكلة.<BR><br>