أمريكا وتطويع العالم الإسلامي باختراقه من الداخل
8 ربيع الثاني 1428

أحداث وأخبار متلاحقة قد لا يربط بينها شئ ولكنها في حقيقة الأمر ترتبط بينها برابط وثيق من المؤكد أنه رابط أمريكي استخباري خبيث يستهدف تطويع العالم الإسلامي واختراقه من الداخل .<BR>فلا يمكن فصل ما كشفه تقرير مركز "راند" التابع للقوات الجوية الأمريكية مؤخرا عن "بناء شبكات مسلمة معتدلة" ، والذي يطرح خطط معدة بالفعل لتشكيل قوافل من العلمانيين "غير الدينيين" من المثقفين والطلاب والكتاب والصحفيين ، مع خطط إطلاق عشرات الفضائيات الأجنبية (الأمريكية والبريطانية والفرنسية والأوروبية وحتي الروسية) التي قيل بوضوح أن هدفها هو دعم "السلام" في المنطقة ونشر الانفتاح والحريات وتعدد الأديان (!).<BR>ولا يمكن فصل خطط استقدام الطلاب والباحثين العرب والمسلمين – وفق برنامج إدارة العلاقات العامة (المسماه تحسين صورة أمريكا) – لغسيل مخهم في أمريكا كي يصبحوا معتدلين وفق المفهوم الأمريكي لاعتدال الذي أكده مركز "راند" بعزله عن الشريعة وعن أنماط العلاقات الاجتماعية المحافظة الإسلامية ، عن تلك الخطط الجارية للتأثير علي برامج التدريس العربية وتغيير المناهج .<BR>وهي الخطط التي بلغت حد احتفال هيئة المعونة الأمريكية في مصر هذا الأسبوع بمرور 10 سنوات علي برنامج الأطفال (عالم سمسم) المدعوم أمريكيا ، والسعي لإضافة شخصية أمريكية جديد أسموها (جوفر) أو (جعفر) علي البرنامج بهدف جذب عقول الأطفال من صغره لأنماط الحياة الأمريكية ، كما بلغ حد صرف هيئة المعونة الأمريكية مبالغ خيالية لإنتاج كتب أطفال تدرس في المدارس الابتدائية في مصر مجانا ، تحث الأطفال الصغار علي التعري أو الكذب أو السرقة ، وحب أمريكا والقناعة أنه بدون معونتها ما عاشت وتطورت الدول العربية !؟.<BR>آخر هذه الخطط الفاضحة المعلنة هي قول وكيلة وزارة الخارجية الأمريكية للدبلوماسية العامة (إدارة تحسين صورة أمريكا) كارين هيوز، أن أمريكا تسعى إلى جلب شباب من دول العالم ممن يحتمل كونهم قادة في المستقبل في بلادهم لدعم سياسة أمريكا الخارجية والعمل على نزع المصداقية عمن أسمتهم بالمتطرفين الإسلاميين المناوئين للسياسات الأمريكية!؟ . <BR>إذ قالت كارين هيوز في شهادة أدلت بها أمام لجنة الاعتمادات الفرعية لعمليات وزارة الخارجية وغيرها من الوزارات في الخارج التابعة لمجس النواب في 19 إبريل الجاري 2007 بوضوح : "نريد أن يأتي قادة المستقبل إلى هنا للدراسة وللتعرف علينا" .<BR>وكانت هيوز تدلي بشهادتها أمام المشرعين الأمريكيين لحثهم على الموافقة على التمويل المطلوب لمشاريع الدبلوماسية العامة في الميزانية المقترحة للسنة المالية 2008. وتتضمن تلك المشاريع برامج لجلب الطلبة العرب والباحثين من الدول الإسلامية وزوار برامج التبادل إلى الولايات المتحدة.<BR>كما قالت إن الولايات المتحدة تبغي إلى نشر خطط جديدة لتعزيز التبادل الثقافي والفني (لاحظ برامجي عالم سمسم وتوزيع كتب الأطفال السابق الإشارة لهما) وأوضحت أنها تحقق من خلال ذلك "تشجيع حرية التعبير التي تشكل شريان حياة الفنون وتذكير جماهير المشاهدين والمستمعين والقراء في جميع أنحاء العالم بأننا نتشارك في إنسانية واحدة رغم الاختلافات في اللغة أو الثقافة أو السياسة" . <BR>وقد أشارت هيوز إلى أنه تم إصدار رقم قياسي من تأشيرات الدخول للطلبة وزوار برامج التبادل في العام 2007 بلغ 591 ألف تأشيرة ، وقالت "إن ظهور ممثلي الولايات المتحدة في وسائل الإعلام العربية قد ازداد بشكل كبير في حين أنه تم "إطلاق العنان" للسفراء والدبلوماسيين المحترفين للتعاطي مباشرة مع الجماهير الأجنبية" <BR>وهنا يجب أن نلاحظ أن الهدف من قناة الحرة وراديو سوا الأمريكيين الذين بلغت مصاريفهما الشهرية 750 مليون دولار – إضافة إلى الفضائيات الأجنبية الناطقة بالعربية التي هاجمت سماء العرب مثل (دويتش فيله وبي وبي سي ويورونيوز وفرانس 24 وروسيا اليوم – هدفها هو تلميع صورة مناصري أمريكا من المعتدلين الجدد وإغداق الأموال عليهم وتلميع صورتهم خاصة أنهم – كما وصفتهم هيوز هم "ممثلي الولايات المتحدة" في وسائل الإعلام الناطقة بالعربية !<BR>أيضا أعلنت هيوز عن برنامج اسمه "حوار المواطنين" الذي يتم بموجبه إرسال مسلمين أمريكيين كمواطنين مبعوثين إلى البلدان الأخرى مثل الأردن وباكستان والهند والدنمارك ومصر، وضمّت المجموعة التي أرسلت إلى ماليزيا أخيرا إماما أمريكيا ظهر في أحد أبرز البرامج الصباحية التلفزيونية في ماليزيا .<BR>ونشير هنا إلى أن أحد توصيات تقرير "راند" الأخيرة الخطيرة هي التركيز علي أطراف العالم الإسلامي وليس القلب حيث المنطقة العربية باعتبار أن هذه الأطراف في أسيا وأوروبا – من وجهة نظر أمريكا – تضم مسلمين معتدلين ، والهدف هو أن تكون هذه الأطراف هي مصدر لهذا الفكر الإسلامي (المعتدل) لداخل الوطن العربي !.<BR>وقالت هيوز كذلك أن أمريكا تركز على ما تسميه "دبلوماسية الأفعال" وهي الوسائل الملموسة التي تعمل أمريكا من خلالها لتوفير مزيد من البرامج التعليمية بكل أنواعها من تعليم النساء القراءة والكتابة، والشباب التحدث بالإنجليزية .<BR>ونشير هنا إلى أن أحد الخطط الأمريكية تركز علي نساء العرب والمسلمين بهدف تطويعهم للخطط الأمريكية تحت شعارات حرية المرأة وغيرها والهدف الحقيقي هو تدمير الأسرة المسلمة التي تعتبر المرأة هي عمادها ، حتى إنهم أنشئوا في العراق محطة راديو اسمها "راديو المحبة" لتغيير فكر النساء في العراق ، كما عقدوا عدة مؤتمرات في أمريكا دعوا إليها عشرات النشاطات العربيات ممن يقدن مسيرة التغريب .<BR>وقد أفصحت هيوز عن الهدف قائله : أن تلك الدبلوماسية يجب أن "تعمل أيضاً على عزل وتهميش" من أسمتهم بالمتطرفين من خلال إسقاط المصداقية عن محاولاتهم تصوير الأمر على أنه نزاع بين الولايات المتحدة والإسلام. وذهبت إلى القول إن التعريف بتجارب الأمريكيين المسلمين الإيجابية ستكون عنصراً أساسياً في ذلك الجهد.<BR>وتعهدت هيوز، رغم القيود التي تفرضها الميزانية، بزيادة التمويل لبرامج محددة أثبتت أنها تثمر النتائج المرجوة للسياسة الخارجية الأمريكية. وقالت إن برامج زيارات المواطنين المتبادلة من بين أنجع أدوات الدبلوماسية العامة، وأنه تمت إضافة وإعادة توزيع الموارد لتيسير نمو هذه البرامج. <BR>وقد ازداد تمويل البرامج التبادلية أخيراً بمبلغ 70 مليون دولار؛ كما طلبت حكومة بوش 38 مليون دولار إضافية.<BR>لقد ركز تقرير راند الأخير علي إستراتيجية التعامل الأمريكي مع العالم الإسلامي ، وحدد بوضوح منذ بدايته أن هناك "حرب أفكار" وصراع بين العالم الإسلامي ككل ، وبين العالم الغربي ، وطرح تصورات بشأن نقل طبيعة المواجهة لداخل العالم الإسلامي ، وإعادة بناء الإسلام نفسه من جديد – باعتباره "فكر" مثل الشيوعية وفق تصورهم – وذلك عبر حرب باردة جديدة ، وبالتعاون مع شبكات تضم مسلمين ليبراليين علمانيين ( غير مؤمنين بأي دور للشريعة الإسلامية) ، ليكونوا عملاء للغرب ويجري دعمهم عبر مؤسسة أمريكية تدير هذه المعركة مستقبلا علي غرار ما حدث مع الشبكات الليبرالية التي هدمت الشيوعية من الداخل !!.<BR>وتحدث التقرير علنا عن مد جسور التفاهم مع الإعلاميين والصحفيين والأكاديميين العرب والمسلمين المعتدلين ، بل وركز كذلك علي ضرورة إيجاد مؤسسات خدمية مسلمة علمانية معتدلة تقدم ذات الخدمات التي يقدمها المسلمين المتطرفين سواء كانت خدمات إغاثية أو طبية أو عيادات أو قوافل مساعدة أو مساعدة أسر وأرامل وأطفال وفتيات يتيمات لتقديم "الاعتدال" في الخدمات المقدمة وسحب البساط من تحت أقدامهم لصالح الفكر العلماني المسلم الجديد ؟! <BR>وفي سبيل ذلك تحدث – غير تغيير المناهج وتغيير العقول – علي أنه ينبغي منح الأولوية لكل من:<BR>1- الأكاديميين والمثقفين المسلمين الليبراليين والعلمانيين.<BR>2- علماء الدين من الشباب المعتدل (الذين يعملون خارج المسجد !).<BR>3- النشطاء الاجتماعيين.<BR>4- الجماعات المعنية بالمرأة المشاركة في حملات تطالب بالمساواة بين الجنسين.<BR>5- الصحفيين والكتاب المعتدلين.<BR>تري هل لا يزال أحدا يشكك في وجود خطط خبيثة أمريكيا لضرب العالم الإسلامي من الداخل ، أو أن هناك أدني شك أنهم يتعاملون مع كل المسلمين – وليس الإسلاميين فقط – علي أنه خطر موحد يجب اعتباره هو العدو الأول للغرب ومحاربته !؟.<BR><BR><br>