شهادة شيخ معتقل
25 ذو القعدة 1427

عضو هيئة علماء المسلمين في العراق<BR><BR>السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.<BR>الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:<BR>جزى الله تعالى كل الخير من كان سبباً في هذا الجمع المبارك وأسأله تبارك وتعالى أن ينادي فيهم يوم القيامة اذهبوا فقد غفرتُ لكم، اللهم آمين.<BR>أيها الأخوة الكرام:<BR>لا أدري أيكفي هذا الوقت أن أوصل لكم الأمانات التي عنقي ... أمانات طوقت عنقي وأثقلت كاهلي .. أمانات قال لي أصحابها بلغها إلى كل مسلم فوق كل أرض وتحت كل سماء.<BR>أيكفي هذا الوقت لأسمعكم صرخة فتاة عراقية كانت في الزنزانة التي كانت بجانبي عندما دخل عليها وحوش الاحتلال، وعندما بدءوا بالاعتداء عليها سمعتها تقول:<BR>"والله أنا مسلمة والله أنا شريفة والله أنا عذراء والله أنا من حافظات القرآن، ثم أخذت تنادي وتصرخ بأعلى صوتها واإخوتاه وامحمداه ..."<BR>بقيت تئن لمدة ثلاثة أيام ثم انقطع أنينها.<BR>إن صرخة هذه الفتاة المسلمة شقت حجب المسافات ووصلت الآن إلى جمعنا هذا لتقول لنا: "أما من معتصم يغيث ..."، يغيث من استغاث به وصاح.<BR>بل هل يكفي هذا الوقت لأصف لكم كيف قطعت أوصال الأطفال العراقيين بالأسلحة المحرَّمة؟<BR>هل يكفي هذا الوقت لأصف لكم كيف يشوى الإنسان ويحرق بحامض الكبريتيك ويعلَّق ويصعق بالكهرباء في سجون الحكومات الصفوية المتعاقبة علينا ؟<BR>لقد رأيت إخواني يموتون في حجري نسأل الله تعالى أن يجعلهم في الشهداء. لقد كنَّا في زنازين ضيِّقة تحت الأرض، وتكدست الأجساد على الأجساد، والله لقد رأيت كيف تقلع الأظافر، وكيف يثقب الإنسان المسلم بالدريل (الثقاب الكهربائي)، بل رأيت كيف تسلخ جلود أبناء شعبنا وهم ينادون: "أما من مغيث، أما من منجد، أما من ينتصر؟".<BR>وحتى لا تقولوا جئتَ لتزرع الخوف والهزيمة النفسية في قلوبنا.. أقول لكم لا بل جئت أبشركم بنصر قريب بإذن الله تعالى...، تقولون لي: كيف عرفت ذلك ؟ أقول لكم: من ثبات أنس الشباب أنس الذي كان معتقلاً معنا ... نادوا عليه: ما اسمك ؟ قال: أنس..، كم عمرك: ستة عشر عاماً، فقال الذي يحقق معه: من أنت؟ ثم قال للذين حوله: ماذا فعل هذا المسخ؟، لماذا تقتلوه ؟ لماذا جئتم به ؟، قالوا له: يا سيدي هذا الذي يسمى أنس ضرب سيارة همر أمريكية وأحرقها ..، فقال له المحقق: هل صحيح أنك ضربت سيارة همر أمريكية ؟، فقال أنس: لا أنا ضربت سيارتين.<BR>قال المحقق إضربوه ..، فضربوه وعذبوه واستمر التعذيب ستة ساعات ثم ألقوه علينا عند الفجر وإذا بي أسمعه يقول لي: يا شيخ أسألك بالله العظيم هل أن الله راضٍ عنَّا الآن؟ هل أرضينا رسول الله صلَّى الله عليه وسلم ... ثم مات، بل ارتفع ... إن شاء الله تعالى.<BR>أيها الإخوة الكرام:<BR>إن عشرات الآلاف من إخوانكم العراقيين أصبح يطلق عليه: خطفه مجهولون. وأن الأطفال يسألون الأمهات عن الآباء.<BR>وأختم كلامي مع حضراتكم ولست بأحسنكم عن نداءٍ من أخت عراقية زوجة شهيد هُجِّرت من بيتها مع آلاف العوائل التي هجِّرت حتى عوائل الشهداء لم تسلم من التهجير والقتل والخطف. أخت من أخواتكم بلغ بها العوز والحصار والجوع أن أخرجت أطفالها فوق سطح بيتها في جوف الليل ... بل عند الفجر وقصَّت شعرها ورفعته إلى الله تعالى وقالت: <BR>يا الله ... يا الله أتقرب إليك بشهادة زوجي في سبيلك أن تغثنا الساعة ... ولم تشرق شمس الغد حتى استجاب الله تعالى لها ...<BR>أيها الأخوة؛ نحمد الله تعالى أن وُجد في أمتنا من يبكي على حمزة يوم عزَّت البواكي على كل حمزة في كل زمانٍ ومكان ...<BR>والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.<BR><br>